عودةُ المغول/ د. عدنان الظاهر

     


1ـ أُفُقُ الشرقِ الرازحِ تحتَ القيدِ القسري

جاءتْ راياتُ الغازينَ أكفُّاً ورؤوسا

تحملُها الخيلُ السودُ وحدُّ السيفِ التتريِّ

ضدَّ قلوعِ المدِّ البحري ..

إرفعْ عينيكَ لسمتِ قتيلٍ بالقهرِ

هذي امرأةٌ ثكلى جاءتْ تسعى فزعى

أنْ تمسحَ بالرأسِ المنفوشِ وبالصدرِ أصابعَ أقدامٍ جُرْدِ

كالشوكِ المغسولِ بأعصابِ الصبْرِ الصُفْرِ

إرفعْ عينيكَ فبابُ القدسِ مُشوّشةُ الألوانِ وسيُدنا عيسى

يفترشُ الحيطانَ ويأمرُ موتاها أنْ تمشي

إلى أين ؟

تبقى تمشي

إلى أين ؟

تمشي تمشي حتّى آخرِ مِسمارٍ في النعشِ المبني من قِشِّ 

2ـ إشربْ نَخَبَ النهرينِ أنيسي نوحِ الفُلْكِ

يصبّانِ بخلجانِ العربِ الباقيةِ الأخرى مُذْ ما بعدَ الطُوفانِ

إشربْ نَخَبَ الأحياءِ الموتى

ما زالَ الحلاّجُ يُناجي بغدادَ وراءَ السورِ حسيرَ الرأسِ

يُذيبُ حشاشتَهُ وَجْداً صوفيَّ التوحيدِ حلوليَّ الأيمانِ

يقرأُ في القرآنِ الآياتِ ويختمُها بالإسراءِ

3ـ أُقسِمُ بالنجمِ إذا يهوي

في وجدانِ امرأةٍ زرقاءِ العينينِ

خاضتْ لُجّتَهُ مَلِكاتٌ سبأياتٌ يتقدَّمهنَّ الطيرُ المَلَكيُ الرأسِ

بريدَ شعوبٍ لا تعبدُ إلاّ قُرصَ الشمسِ

بلقيسُ هَوتْ أبراجُكِ في أعلى السدِّ أعدّي ألواحِ البردي

فُلْكاً مشحوناً بالضدِّ

وخذي هارونَ وزيرا

وسُليمانَ مليكَ الجنِّ يقودُ الريحَ تجاهَ القُدْسِ القبرِ !

4ـ أقرأُ في يومِ النَحسِ كتاباً

في النحوِّ العربيِّ أرى شَبَحاً مقلوبَ الرأسِ

أرى ( الشدّادَ العبسيَّ ) ذبيحاً مكسورَ القوسِ هشيمَ التُرسِ

 مفتوحَ العينِ يُحدِّقُ شَزْراً في أسرابِ الغربانِ :

ألا تَبّاً لبني عبسِ !

خفّفْ عنكَ دموعَ الموتى والسوطَ الطاغي بالغدرِ

وتحمّلْ فُرقةَ أحبابٍ ودّعتَ ومن ثُمَّ نسيتَ  

تُضئُ ظلامَ بيوتٍ صامتْ في شهرِ حرامِ 

5ـ أسمعُ طفلاً في الوادي يُنادي أجداداً صيدا

وسيفُ العربِ المسلولُ يُطهِّرُ ما بينَ النهرينِ

أميرَ البرِّ أميرَ البحرِ هناكَ غُلامٌ

يتقلّبُ في اللوعةِ طيراً مجروحاً تحتَ التعذيبِ الوحشي 

أنْ يتبرأَ من أصلٍ في الأهلِ

حتّى مرّتْ ...

عَرَباتُ الشحنِ مُحملةً بالسُكّرِ والملحِ على أنضرِ جسمٍ يتلوّى

والرايةُ يحمِلُها نذلٌ أفعى وجبانُ 

إشربْ شَرِبَ الإسكندرُ حتّى خارتْ بابلُ سكرى 

سكرتْ روما حَرْقا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق