بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ/ زِيَادْ مُحَمَّد السَبعَاوِي


تَرادَفتْ نَبضاتُ القُلوب على وَقع الخُطى المُتَسارعة كأنها سَنابِكُ خيلٍ في مَيدانِ حربٍ تَعالتْ فيهِ صهيلُ الخُيول الصائِلة ، هكذا تَبادَرَ إلى مخيلتي وأنا أعاين حال طالباتنا وقد غَصَّت بِهِنَّ أروِقَةُ الأكاديمية في محاولتهنَّ الوصولُ إلى قَاعاتِ الإمتحانِ المَركزية في الطابِق الثالثْ وما زَاد الطِينَ بِلَّة العِبارةُ القَاتِلة التي كُتِبَتْ أعلى كُلَّ مصعد :

" المَصْعَد مُخَصَصٌ للأساتِذة وللحالاتِ الطارئة الخاَصة "

إذن مَا مِن خَيارٍ سوى اللجوءُ إلى المدرجاتٍ والسلالمٍ من محاور الأكاديمية الثلاثة ، وهكذا كان لِقرعِ الأقدام دَويٌ كَقرِعٍ طبولِ الحَرب في ... تَزامنَ وصولي إلى قاعة الكِندي المركزية مع ذَروة تتابع الأمواج البشرية كُلٌ يبحثُ عن المكانِ المُخصص له وأنا أوجه قسمٌ إلى قاعةِ آشور وقسم آخرَ إلى قاعة كِلكَامش و...... في خِضَمَّ قَعقَةِ أصواتٍ وضوضاءَ كَدَوِّي النحل ، لِيَعم الصمت إثر نِداء سِتْ مَريم وقَد أمسكت بِيُمْناها جهاز المناداة "هوكي توكي" :

إقطعوا الكلام سَنُبَاشِر بِتوزِيعِ الأسئلة ....

لِتُردِفَ سِت عَذراء من زاوية القاعة الأخرى :

أيُ صوت أو إلتفاتة غَش !

تعالى صوت سِت رنا وهي تنصح :

أي شيء يتعلق بالمادة خارج القاعة وإلاّ .....!

شَرعت سِت عَبير وست زَهراء بتوزيع الأسئلة إلى الأساتذة عبدالله و عَمّار و مؤيد للمباشرة بتوزيعها وفقاً لترتيب الجلوس ، كسباً للوقت فالدقيقة في هذا المعترك لها ألف حِساب وحِسابْ .

إنتباه ... إنتباه :

إنه صوتُ ست إسراء وهي تسترعي الإصغَاء لقراءة الأسئلة مُحَذِرةً بعدمِ توجيهِ أيَّ سؤال إثرَ ذلك !

للأمانة أذكر هنا أنني لطالما حَرصتُ أن أرتدي حذاءاً خفيفاً لئلا يُصدِرَ أيَّ صوت يُشَوِشُ على تركيز الطلبة ؛ لكن ماذا عساي أقول إزاء صوتُ كَعبِ سِتْ تُقى وهو يُدَوِّي مُحدِثاً جَلبَةً وسطَ القاعة .... لا ضير فهي الأستاذة الأصغرُ سِناً فهي بمثابة الإبنةُ المُدللة للأساتِذة ...

بِمُجَردِ أن تَرفع الطالبة عَينيها عن ورقة الإمتحان حتى يأتيها صوت ست زينب : عينكِ بورقتك

أو أن ترمقها ست ليلى بإشارة وضع إصبعها السَبّابَة أمام فمها ودلالة ذلك : هدوء إقطعوا الكلام ...

كان الله بعون طالِباتِنا وَهنَّ يبُصِرنَ مَنْ يراقِب أداء الإمتحانات كمن يُحْصِي عليهنَّ عدد الأنفاس مِنْ شهيقٍ وَزَفير ، كأني بكابوس رعبُ يجثمُ على الصدور وليس إمتحانْ .... هُنا ست عائدة وليس عنها بعيد سِت هِبة وهناك سِت عَبير ... وها هو أستاذ مُشتاق وأستاذ حيدر ثم سِتْ سهام وست أسيل .... فهل سينتهي وقت الإمتحان بِسلام ...!! 

أرى إرتجاف أيادِي الطالبات وَهُنَّ يَستَنْجِدَن بي كي أشفعَ لَهنَّ بإعادة قراءةِ بعض الأسئلةِ وتوضيحِ المُبهَمِ ... لأسمعَ على حينِ غَرة صوتٍ نحيبِ إحدى بناتيِ الطالباتِ ممن إلتَبسَ عليهن أحد الأسئلة ، لِتُبَادِرَ سِت زَهراء صادِق بتهدئتها والتخفيف من حِدةِ توترِها ؛ نظرتُ إلى مُقدِمة القاعة لأرى ست زينبْ العاقولي وقد إفترشت نتائج الإجاباتِ لفرزها وِفق الشُعَبِ والتخصصات كمن يَنثُر سهام كِناته بَينَ يديهِ ويعجمَ عيدانها ليعرفَ من أصلبها عوداً وأَمَّرها مَكسَراً ....

فجأة وقعت نواظِرِي على السبورات الكبيرة المتلاصقة في صَدْرِ القاعة ، إزدَحَمتِ السبورات بالكتابات وإكتضت بالحُرُوف فتبادَر إلى ذهني أن أحد زُملائي الأساتذة جمع بعض الشُعب هنا ليختزل الأمر بمحاضِرةٍ واحدة ؛ لكنَّ الفضول إضطرني لأقترب فإذا بي أقرأُ أبيات شعرٍ كُتِبَتْ بحقِ زُملائي الأساتِذة فسألت :

لِمنْ هذه الأبيات ومَنْ الذي نظمها ، ليأتيني الجواب بأنَّ هذه الأبيات من نظم الطالبتين يقين وشقيقتها رِتاج علي صالح الصفراني ؛ هنا نسيت أني أراقب الإمتحانات فأخرجت موبايلي وصورت هذهِ الأبيات التي تِعكسُ عظيم إعتزاز الطالبات بأساتِذَتِهِنَّ ، ومن باب الأمانةِ آثرت أن أُدَوِن هذهِ الأبيات كما نُظِمَت ، بعد أن إستهلت الطالبتين أبيات القصيد بهذه العبارات التي ننقلها كما وردت والذي يعنينا هنا هو عظيم الفخر والإعتزاز من الطالباتِ إلى الأساتِذة : 

أساتِذتي المُحتَرمين أنتم نافورةُ عطاءٍ ولحنٌ يتجَدَدُ على قيثارةِ الزمن ؛ كُنتُم وما زِلتُم كالشمعة التي تحترق لِتُضِيء لنا الطريق... الأندُلس فِكرْ وحضارة وراية ... الأندلس مثل الفُرات وماية "ماؤه" .

أ : أبياتٌ بحقِ صديقي وزميلي الأستاذ مَيثم :

مَيثَم وسِيبَويه نَفس الإتجاه              وإثنينهم نفس القَلَم

ما نرفَع عَلم بالساحة دوم               أستاذ ميثم يوكَف بهيئة عَلَم

ب : أبياتٌ بِحقِ صديقي وزميلي الأستاذ قيس :

قَيس ملاك مِن التُراب                 هُوَّ شايل طيبة و وفة لأولاده

حِيل يشبه نافلةَ بعد العِشاء             ما ينسانا بدعائه كلما يرفع إيده بصلاة

ج : أبياتٌ بحقِ صديقي وزميلي وجاري الأستاذ محمد :

يناقش علوم الفيزياء                    يشرحلنة وبشرحه كُلّش نِـنْـتِـِفعْ

مَرَّة كَال الجاذِبية البطفوف              دَم رَضيع حسين صعد للسما وما رِجع

د : أبياتٌ بِحق صديقي وزميلي الأستاذ "الشاعِر" صَدَّام :

هذا أول شَاعِر بوصف الحساب         والقصيدة بكل سهولة تطيعه 

إنتَ يا كَشخَة وعلم مثل العِراق          حَقها تفخَر بيك كُل الشُعب

هـ : أبياتٌ بِحَقِ صديقي وزميلي الأستاذ عبد الزهرة :

نريد نسأل حِيل تَعَّبنة السؤال            عدنا أستاذ عبد الزهرة يكره بوبنا 

ثاري يذكر محسن على الباب ذاك       ويدري بالمسمار هَد ضلوعنا

وأنا أستشعِرُ زهو هذا الإعتزاز ونشوة النصر نسيتُ الإمتحانَ بل نسيت الزمان والمكان ولو لا كلماتُ نِداء بإسمي : أستاذ ... دكتور ... أستاذ زياد ... أها : عفواً نعم نَعم أنا هنا

فإذا بطالباتي سُكينة علي وملاك غزوان لكن الذي أثار حفيظتي هو رؤيتي للدموع التي تترقرق في عيون سكينة وهي مِن أذكى طالباتي ... رَباه مَا الذي حَدَثْ !

بابا سُكينة قولي مَن ذا الذي أساء إليكِ ؟

إختَـنـَقـَتْ بِعبرتها وغَصَّت بِكلماتها التي أبت أن تغادِر شفاهها ! تكلمي يا ملاك ما بها سُكينة ؟

قالت : أُستاذْ إن إستطعتْ فنحتاجُك في قاعةِ التفوق ؛ غادرتٌ القاعة المركزية دون إستئذان ونَزَلتُ دَرجاتُ السلالِم على عُجالة فإذا بي أبصِرُ بناتي الطالبات وقد أجهشن بِالبُكاء في مراسم توديعهن للعام الدِراسي لتُبادِر إبنتي سُكينة بتقديمِ شهادة إعتزازٍ بأستاذها زِياد الذي تَنظُر إليه بإعتباره الأب الروحي لها والقدوة وقد سطرت كلماتٌ تُكتبُ بماء الذهب ؛ وشهادة الإعتزاز هذه على قلبي أسمى مِن كُلَّ الأوسمة ؛ أسأل الله أن يجعلني أهلٌ لحسن الظن ؛ جاء في كلماتِ هذه الشهادة أنها أُهدِيتْ بفخرٍ إلى زِيَاد مُحَمَّدْ السَبْعَاوِيْ :

( شُكراً لأنكَ كُنتَ الأسُتاذ الذي تَعَلمتُ منهُ الكثير ؛ أسلوبُكَ الجميل ؛ وأخلاقُكَ العَاليةِ كافيةٌ لتَجعلني أتمنى أن أكونَ مِثلُكَ ، ولأني مِنْ طالباتِك هنيئاً لي ؛ شُكراً أستاذِي على كُلِ شيء ؛ يَعْجُزُ الكلامُ عنْ وصفِ أُستَاذِيَ المُمَيَّز ؛ شُكراً لكَ كثيراً )

عَلاَ صوتُ النحيبِ مِن كُلِ حَدَبٍ وصوب ونواظري تَجول في مُقَل بَناتي وهُنَّ يَذرِفنَ الدَمع السَخي  في موقفٍ يُدْمِي القلبَ ويُقَطَّع نياطه ؛ غادَرتُ على عَجلٍ هَرباً مِن دمُوعِ سُكينة وآيات وزينب وملاك ونور و... لِئلا أنْهَارَ تأثراً وأجهشُ باكياً ؛ لكنْ أنّى لي الهروب وقد إستوقنني طالباتُ الإبداعِ والتميز والموهبة ؛ يعتصرُ قلبي لدموع ياسمين وأسينات وفاطمة ورقية وفاطمة و....  قصدتُ مكتبنا الخاص بأساتِذةِ الكِندِي فراراً فلم يَعُد فيِ القَوسِ مَنزَع ؛ رِفقاً يا بناتي بقلوبنا رِفقاً ... أخيراً دَلفتُ المكتب لألتقي بزملائي عبدالله وعَمّار ومؤيد وحالهم لا يختلف عن حالي ... لكن ها هي أصواتُ النحيب والبكاء تَـقْطعُ صَمْتـنا وتَأثُرنا ... رباه إنها حوراءُ ورقية حاكم أمهات الدمعات السخية ؛ فما كان مِنّا إلاّ أن بادرنا بإستذكار بعض المواقف الطريفة وإشاعةِ شيء من الفرح لتغيير هذه الأجواء ... الرسالة التي تلقيتها وتلقيناها جميعاً بفرحٍ غامرٍ إن كان هذا هو الولاءُ والوفاء لأكاديمية الكندي وأساتذتها وهيئتها التدريسية فيقيناً سيكون الولاءُ الأعظم والوفاء الأَجَّلُ والأسمى للعرِاق العظيم ...

أقولُ وبمليء الفم مخاطِباً بناتي الأميرات في الكندي : 

بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ بَنَاتُ الكِنّدِي أيقُوناتُ الوَفَاءْ ... وأَمَلُ الإرتِقَاءِ بالعِراقْ لقد أوصلتُن أبلغ وأنقى رسالة  في الولاء والوفاء فأنتن الأمل وأنتُن الرهانُ على الإرتقاء بالعراق وأهله إلى حيث ينبغي أن يكون في صدارة الأمم وفي طليعة الرَكبْ .... حَفظكُنَّ البارئ بعينِ عنايتهِ ولطفَ رعايته 

حفظ الله العراق وأهله من أدناه إلى أقصاه


هناك 4 تعليقات:

  1. متألق دائما دكتور زياد
    مقال يستحق التقبيل قبل التصفيق والاعجاب
    تحياتي لك
    اخوك ( عبدالله )
    ❤️❤️❤️

    ردحذف
  2. شكد حلو دكتور ، دائما مبدع

    ردحذف
  3. شكرا من القلب للأستاذ الفاضل الزميل العزيز الأستاذ الوقور عبدالله عدنان آل معالي ؛ لكم منا أسمى آيات المحبة والاعتزاز والتقدير والاحترام

    ردحذف
  4. شكرا لأصحاب المداخلات وإن لم يتم نشر الإسم ؛ وفق الله الجميع... زياد

    ردحذف