عكس الكثير ممَّا ذَكَرُوا انطلاقاً مِن عدائهم المترسٍب الواضح على مواقفهم منذ فترة ، أكانُوا من الرِّياض أو المنامة أو تل أبيل أو واشنطن أو القاهرة ، تَبقَى إيران وحيدة ميدان يتسابق داخله العديد لاتخاذ الولايات المتحدة الأمريكية قبلة صلاتهم المنتقلة من المُتَسَتِّرة للظاهِرة ، في موضوعٍ رغمَ قِدمه جدَّدَته ملحمة "طوفان الأقصى" المِفصلية بين مرحلتين أولهما مُظلِمَة وثانيهِما نَيِّرة ، استطاعت إسرائيل تشييد على قاعدته المشي المريح تنفيذاً لما نَصَّ عليه البرتوكول العبري من خططٍ حَسِبَتها مُثمِرة ، حيث تسرّب فريق من الأوصياء على أجزاء أوَّلِية منها للتَّمركز في عقول حكام دول لها إمكانات كمّاً وكيفاً مُعتبَرَة ، كالمملكة السعودية صاحبة التأثير المادي قبل المعنوي على جاراتها الأقل كثافة سكانية والمحدودة كانت من حيث المعاملات الدولية كنفوذ خارج تصدير النفط وما يترتب عن ذلك من منافع كثيرة ، طبعا انساق هؤلاء لما اعتبروها مناعة قوية تحافظ على كراسيهم من التبدُّد أكان من تلقاء ضعف الجالسين عليها أو من طرف أية كثلة ثائرة ، لم تكن صاحبة الفَتْوَةِ / المصيدة سوى المخابرات الإسرائيلية الممهدة لتواجدها كوظائف استشارية من طرف أمريكا بقوة ما كانت تحظي به من تعلُّق وطيد على صعيد حكام ذاك البلد على اختلاف درجات مسؤولياتهم وإن كانت صغيرة . لم تكن الفَتَوَة ببعيدة عن التأسيس لفتنة بين "الوهابيين" والشيعة متَّخذة العداء المتطور أدواته تصل لحرب صامتة كلَّفت السعودية بالخصوص ميزانيات بأرقام مُهوِلة خطيرة ، بلغت الذروة في الانتقال بها للعلانية في اليمن المعروف ما سببته من تحولات في مجملها مدمرة ، طبعا انحازت المملكة السعودية بعد فشلها المشهود في اليمن إلى الابتعاد ما أمكن عن مزاحمة إيران مهما كان الميدان له ارتباط بتوسيع النفوذ الشيعي في المنطقة وما يحصل في مملكة البحرين أبلغ دليل أن التوسع الجغرافي لمثل المذهب العقائدي رغم فروعه المتباينة بعضها عن بعض انعكس على الساحات السياسية الخاضعة للقطب الأمريكي المانح ما تحتاجه إسرائيل من عناية ورعاية وسند عالمي وكل الإمكانات أكانت سلاحا فتاكا أو المشاركة المباشرة في كل ما يجعل هذا الكيان الصهيوني متفوقاً على الجميع وفي المقدمة إيران .
... إسرائيل غرضها الأكيد أن يغرقَ الشرق الأوسط العربي وما جاوره في التطاحن المتواصل لتغتنم الفرصة وتقفز علي رؤوس الجميع وصولا لانفرادها بما تعيش من أجل تحقيقه ، حتى الولايات المتحدة الأمريكية لن تنجو من مكرها ذات مرحلة قادمة إن استطاعت توريطها في حرب تُنقِل فظاعاتها لقلب أمريكا ذاتها ، تفنُّناً في نكران الجميل واستمراراً لشيمتها الممزوجة بفصيلة دم اليهود وذلك بإلحاق الضرر لكل من أحسن إليهم ، وما الضربات القاتلة والمفجعة المتتالية الموجهة من طرف إسرائيل لإيران الدولة والعقيدة الشيعية في بعض الجهات أبرزها جنوب لبنان ، إلا مقدمة لجر ذاك البلد للدخول في حرب شاملة قد تنهي وجودها من فوق خريطة القوى الباحثة عن مكانة متقدمة في المنطقةُ ثم العالم ، بتزاحم الغرب كعديد دول والولايات المتحدة متفقة كلها على تكسير شوكة إيران وإلى الأبد ، فكان لزاما على الأخيرة الاتجاه إلى رد غير عادي تمثل في 300 من الصواريخ والطائرات المسيرة منطلقة صوب إسرائيل في استعراض شد انتباه العالم واقشعرت لهوله جلود اليهود حتى خارج إسرائيل ، فكانت العملية مؤدية مهمتها على النحو الذي حددته لها إيران لتفهم إسرائيل ومن معها أن هذه المرة مكتفية فقط بالتنبيه بعده التوقُّف ، لكن التالية إن تقرّرت ستكوم عظيمة المفاجأة مستمرة حتى آخر هدف الكامن في مسح الكيان الإسرائيلي من الوجود .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق