بصرة ــ بانياس/ د. عدنان الظاهر



B - B

كَثُرَ الكلام في الآونة الأخيرة عن جدوى ومغازي خط النفط العراقي الذي يربط ميناء الفاو بميناء العَقَبة الأردني.. أجلْ ، كثر عنه الكلام حتى نسي العراقيون أنبوب النفط العراقي القديم الذي كان ينتهي في ميناء بانياس السوري على البحر الأبيض المتوسط الذي أوقفه البعثيون العراقيون زمان البكر ــ صدام حسين إثرَ خلافات لهم مع الراحل حافظ الأسد فأضرّوا أيّما ضرر بمصالح الشعب السوري. هذا الخط أقصر بكثير من الخط المُزمع مدّه حتى ينتهي في  ميناء العقبة الأردني في خليج العقبة الذي تشترك إسرائيل فيه مع المملكة الأردنية الهاشمية بميناء ومدينة إيلات أو ( آيلة البحر كما جاء ذكرها في القرآن ).

كما كان هناك الخط القديم لنقل النفط من كركوك إلى ميناء حيفا في إسرائيل على البحر الأبيض المتوسط الذي أوقف بعد حرب عام 1948 بين إسرائيل وسبعة جيوش عربية كان رئيس أركانها جنرال بريطاني هو كلوب باشا ( أبو حنيكْ ) وكان القائد الأعلى للقوات المسلحة العربية هو ملك الأردن ( شرق الأردن ) عبد الله بن الحسين شريف مكة. هذا الملك وملك العراق فيصل الأول نصّبتهما بريطانيا ملكين على الأردن والعراق .. بريطانيا ! فلمن كان ولاء وقلب الملك عبد الله القائد الأعلى للجيوش العربية المقاتلة في فلسطين ؟ الجواب في خبر أُشيع حينذاك بقوة أنَّ الملك عبد الله كان صديقاً حميماً لرئيس وزراء إسرائيل يومذاك ( بن كوريون ) !؟ وكانا يلعبان الشطرنج معاً خلال ليالي تلك الحرب كما سرّب بعض ضباط الجيش العراقي الذين شاركوا في تلك الحرب أنهم كانوا يحررون المزيد من الأراضي المغتصبة في النهارلتأتيهم الأوامر ليلاً بالإنسحاب من تلك الأراضي والقصبات والمدن. وهكذا ضاعت فلسطين. 

لعل من الطريف ذكر أنَّ خط كركوك ـــ حيفا تم تفجيره تضامناً مع مصر في الحرب التي خاضتها مع الأعداء الثلاثة إسرائيل وبريطانيا وفرنسا في خريف عام 1956 المسماة حرب السويس. فُجِّرَ هذا الأنبوب فسال منه النفط الخام وكانت فضيحة مدويّة لأنَّ حكومات العراق الموالية للإنكليز حينذاك دأبت على الإدعاء أنها أغلقت هذا الأنبوب. يعرف العراقيون هذا الأنبوب ولا ينسوه بسبب وجود ثلاث محطات على أرض العراق لمواصلة ضخ ما فيه من نفط إلى ميناء حيفا.. هذه المحطات هي :

H1   H2   H3

المحطة الأخيرة الثالثة القريبة من حدود العراق مع الأردن هي الأكثرها شُهرةً لكثرة المناسبات التي تجمّع فيها الجيش العراقي مرة للدفاع عن الأردن وأخرى للدفاع عن فلسطين والقضية الفلسطينية لكنه لم يفعل شيئاً أبداً ولم يدخل الأراضي الأردنية وما كان ملك الأردن، الحُسين بن طلال، حينذاك ليسمحَ بذلك حتى حين حدثت مجازرأيلول الأسود ضد الفلسطينيين عام 1970 لم يحرّك البعثيون ساكناً تحت شتى الحجج والمبررات.

قصدي من مقالي هذا توضيح ما يلي، مع علمي أنَّ أخوة أكارم غيري سبقوني في الكلام عنه ومن جوانب شتّى وزوايا مختلفة وأبدأ بسؤال يُجيبُ عنه ما يأتي بعده من كلام :

مَن الأولى بنفط وأموال العراق مملكة عبد الله الأردنية أم سوريا المحاصرة الأبية الصامدة؟

هل يعرف العراقيون عامة والساسة العراقيون الحاكمون خاصّةً أنَّ حاكم الأردن المُطلق عبد الله بن الحسين هو رجل ثلاثي الرؤوس والزوايا والأضلاع فإنه عربي بالإنتساب للأجداد وإنه إنكليزي ــ مسيحي بالأم وإنه إسرائيلي بالجوار والتحالف والتطبيع وتشابك المصالح وحماية إسرائيل لعرشه الهاشمي ؟ لا أناقش مسألة هل يذهب جميعُ نفط العراق المار بأراضي المملكة الأردنية إلى إسرائيل أم يمضي نصفه أو ربعه ؟ لا أدري ولا أحدٌ غيري يدري عدا رئيس الوزراء العراقي ووزارة النفط العراقية والمسؤولون الذين خططوا وتفاوضوا ثم نفذّوا أو أنهم في سبيلهم للتنفيذ دون إطلاّع الشعب العراقي على التفاصيل ولا البرلمان العراقي ولا حتى مجلس الوزراء ولا أيٍّ من خبراء النفط العراقيين وممن تمرّس في هذا الشأن منذ عقود وهم كثرة وهم معروفون. ملَّ العراقيون من تكرير السؤال حول مغزى وأسباب بيع النفط العراقي للأردن بأسعار تقل عن سعر السوق وأكثر ... منح الأردن حصة مجانية من نفط العراق !؟ 

يا سيد رئيس الوزراء ويا أيها السادة الوزراء ونواب في البرلمان العراقي ويا قُضاة ورجال قانون أودُ أنْ أُلفِت الأنظار إلى أنَّ هذا المشروع مُعدُّ أصلاً كخطوة أخرى مكشوفة جريئة تتجه نحو التطبيع مع إسرائيل بآليات دفع النفط المدفون بأنابيب تحت الأرض الأردنية حتى ميناء العقبة الأردني ليصل في ختام رحلته الطويلة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي المجاور لميناء ومدينة العقبة أو إلى أراضي وموانئ إسرائيلية أخرى !! ميناء بانياس السوري أقرب للعراق والطريق أقصر بما يساوي النصف تقريباً. ربَّ مًعترض يقول تكتنف هذا الطريق مخاطر تتعلق بالوضع السوري القلق وما أصابه من عقوبات وحصار وأوضاع شماله الشرقي الحرجة وإحتلال بعض الأراضي السورية من قبل مُنشقين سوريين وآخرين أكراد ثم أمريكا وتركيا وأتباع تركيا.. أقول للأخ المُعترَض كلامك صحيح ولكن من يضمن سلامة الطريق الآخر فاو ــ العقبة وإسرائيل تخوض حرباً ضارية على جبهات عدّة والأردن جارٌ مُطبِّع مع إسرائيل وحليف لها ؟ الطريق أطول والمخاطر موجودة والنفط يذهب للأعداء.

أُعيد سؤالي إيّاه : مَن الأولى بنفط وأموال العراق إسرائيل والأردن أم سوريا الصامدة والأبيّة والمعانيّة  الرافعة الرأس رغم الصعاب والمشاكل والعقبات ؟  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق