بحُرقةٍ بكت عَقداً
واختارت أشجارُها العُقمَ
والجبلُ صامتٌ
كأنَّهُ ما كان بالأمسِ
مَرتعاً للمُتعةِ وفُرجةً للنَّاظرين
وللنسائمِ هو الحَاجِبُ والجِفْنُ
شاربُ الغِرِّ
ينمو فوق جِلدٍ مُتَغَضِّنٍ
والأجِنَّةُ تأبى الخروجَ
فما عادت تُغريها المجازِفاتُ
المطرُ ينزفُ دَماً
وسنابلُ الحقلِ صارت غَماماً
مِن جَوى
يبِسَ النَّارنجُ فوق أغصانِ أمِّهِ
والعطرُ غادرَ
زُهورَ الاقحوانِ المُحترقةَ
عَشتار تُغتصبُ والدُّموعُ هُطولٌ
وأهريمان يُعيثُ في الأرضِ فساداً
وهو يَعظُ
صَمتَ تَوَهُّج النَّارِ
وبقيت رائحةُ الشِّواءِ
في فَضاءاتِ البِلادِ تَجولُ
تزدحمُ الدُّروبُ
والعيونُ قَفرٌ
والروضُ ساحات مَقابرٍ
طنينٌ يَسكنُ الرُّوحَ
والدَّمعُ مِلحٌ
ونُسورٌ حولَ الوليمةِ تَحومُ
أوراقٌ تَرقصُ
وصورٌ من عهودٍ تليدةٍ تندثِرُ
أحاديثُ الهَمسِ فَزَعٌ
والذِّكرى أصنامٌ
والبيتُ يفتقدُ المفاتيحَ
والشوارِعُ هَلعٌ
وساهراتُ السَّماءِ مُعتَماتٌ
لا تفتحْ تِلك النَّافذةَ
كي لا يَفِرَّ منها العَصفورُ
فيغدرُ به الصَيَّادُ
أخجلُ أن تَرى يدي مُمتدَّةُ
فَتَظِنُّ أنَّ العالمَ يحتضرُ
أنا بخيرٍ
وما عادَ يختبرُني الألمُ
وما عادَ الجوعُ يفتكُ بعِظامي
ولا الوَسْواسُ بوجداني ينخُرُ
أنا بخيرٍ
لا أشكو سَقماً
ولا يعتريني اِعتلالٌ
ولا تكتمُ أنفاسي رائِحةُ الجِيَفِ
لا بردٌ يَطالُ مفاصِلي
ولا وهجُ تموزَ
يَصلي سِحنةَ وجهي
أنا بِخيرٍ
لا عوزاً أشكو
ولا رغيفاً ساخناً أبتغي
ولا في كُسوةٍ أطمعُ
فالكُتَّانُ يلفُّني بإحكامٍ
ويسترُ عَورةَ هذا العَالَمِ
ستوكهولم ـ السويد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق