مقدمة : الشاعرةُ والكاتبةُ والممرضة " ليلى حجه" تسكن في مدينة الناصرة ، تعمل في خدمات الصحة الشاملة ( כללית )، حاصلة على اللقب الثاني ( m.a ) في موضوع التربية،والآن تحضر للقب الثالث (الدكتوراة ) في موضوع التربية لجيل الطفولة.. وهي كاتبة وشاعرة ومؤرخة أصدرت العديد من الكتب والمؤلفات في الشعر والقصة والتاريخ والدراسات وفي مجال أدب الأطفال .. وكتابها هذا الذي بين أيدينا بعنوان " أغاني وأشعار للأطفال الصغار" يضم مجموعة من القصائد كتبت للأطفال لجميع مراحل الطفولة سأتناوله من خلال الإستعراض والدراسة والتحليل .
مدخل : يقع كتاب : قصائد وأشعار للاطفال الصغار " في 38 صفحة من الحجم الوسط .. وقد أهدته حسب ما جاء على لسان الشاعرة : ( إلى كل الأطفال وعلى مرّ الأجيال لهم أحلى تحية ودلال دوما وفي كل حال ) . وسأختار بعض القصائد منه للدراسة والتحليل وسأبدأ بالقصيدة الأولى بعنوان : ( " أطفال الملاعب " - صفحة 7 ) وتقول فيها :
( نحنُ جندٌ في الملاعِبْ نحنُ فريقٌ همامْ
فوزنا فيهِ مطالِبْ ولنا يبقى المَرامْ
دربُنا دربٌ طويلْ دربُ حُبٍّ وَوِئامْ
قصدُنا قصدٌ نبيلْ فيهِ نمضي للأمامْ
لا تثنينا الصعابْ نحنُ لها بالمِرصادْ
للنصر نحنُ طلابْ دوما على مدى الأيَّامْ
نحنُ أطفالٌ شجعانْ بالصبر ، ثمَّ الإيمانْ
الفوزُ لنا هو العنوانْ وشعارٌ للمحبَّةِ ووَسامْ " ) .
القصيدة تنتهي بنفس القافية.. والأبيات الأربعة الأولى على بحر الرمل والابيات الباقية تفع في عدة أوزان وتفاعيل وفي نفس الشطرة نجد أكثر من تفعيلة ..والقصيدة تتسمُ بالحماسةِ والحيويَّةِ والديناميكيَّة وتدخلُ الطفلَ في جوٍّ من للتفاؤل والمرح وَتُشجِّعُهُ وتحثهُ على النشاط والشجاعة والإقدام على ممارسةِ الرياضة ككرة القدم وغيرها لتحقيق الفوز والنجاح .
تتحدَّثُ القصيدةُ على لسان كلِّ طفل والمقصود بالذات الأطفال الشجعان والنشيطين الذين عندهم الصبر والنفس الطويل والتفاؤل والفكر الثاقب والتصميم لأجل وصول الغاية والمأرب وتحقيق الهدف المنشود والسامي . والقصيدة كما يبدو معانيها واضحة ومفهومة حتى للطفل الصغير رغم كونها يوجد فيها بعضُ المعاني العميقة والكلمات الفصحى والتعابير البلاغيَّة الراقية مثل : ( نحن لهم بالمرصاد ) والتي قد تكون ثقيلة على آذان وعقلية بعض الأطفال الصغار.. ولكن من خلال إدراج هذه الكلمات في الجمل قد يفهم المقصود والمعنى ، واللغة العربية بحدّ ذاتها هي لغة ُ يسر وليست لغة عسر فكلُّ كلمة فيها تفسرُ نفسَها بنفسها من خلال موقعها ومكانها في الجملة.. وهذا مما يميزُ اللغةَ العربيّة عن باقي اللغات الأخرى . والقصيدةُ تدعو إلى السلام والمحبَّة وإلى مارسة الرياضة التي هي بحدِّ ذاتها لغة التقارب والتسامح والتعايش والمحبَّة بين الشعوب والناس كالموسيقى والفن... فالرياضةُ تعلمُ الإنسانَ المحبَّة و التسامح والتواضعَ والإنضباط والمثل والأخلاق السامية والرفيعة ... والإنسانُ الرياضي هو دائما سليمُ الجسم والمعافى ونفسيتهُ وعقليَّتهُ تكونُ سليمة ومحبَّة للغير ونواياه ومقاصدهُ تكون صافية وإيجابية تجاه الآخرين . وهذه القصيدة نستطيعُ أن نقول عنها : تثقيفيَّة تعليميَّة من الدرجة الأولى وتصلح لجميع مراحل الطفولة فتعلَّمُ الطلاب وتحذهم على مواكبة النشاطات والفعاليَّات الرياضيَّة وتعلمهم في نفس الوقت أيضا المحبَّة والتسامح والتواضح وحب الخير والسلام بالإضافة إلى جمالية القصيدة وسلاستها وعذوبتها وموسيقاها الجميلة حيث تصلح للتلحين والغناء .
وإلى قصيدة أخرى من الديوان ( القصيدة الثانية صفحة ( 9 - 10 ) بعنوان : " سيارة الإطفاء ".. وتتحدَّثُ الشاعرة ُ فيها عن رحلة ونزهة قام بها أطفال المدرسة مع معلمته إلى الغابة وعندما همُّوا وأرادوا الرجوع بيوتهم إشتعلَ حريقٌ بشكل مفاجىء في الغابة فأتت بسرعة سيارة الإطفاء وتمكنت من إطفاء الحريق . وهذه القصيدة إجتماعيَّة إنسانيَّة تتحدَّث عن موضوع هام وهو الحريق في الغابات والأحراش والذي يحدثُ كثيرا في فصل الصيف الحار وما هي أسبابه ومسببابته وكيف أنه بالإمكان تفاديها لأنت معظم الحرائق تحدث من خلال إلقاء بقايا سجائر مشتعلة أو إلقاء زجاجات بين الأعشاب في الغابات فتسبب الحريق .. أو إذا قام شخص ما بإشعال النار ولم يطفئها كليًّا أثناء نزهة في الغابة والحرش فتسبب الحريق .. وهنالك حرائق قد حدثت كادت أن تسبب إلى كوارث بيئيَّة محليًّا وخارج البلاد . وقد صورت الشاعرة هنا في قصيدتها مشهد الحريق والنزهة بشكل جميل وكيف حدث الحريق وقدوم سيارة الإطفاء بسرعة وإطفائها للحريق.. وتشكر الشاعرة في النهاية باسمها دور سيارة الإطفاء وتطلب من الجميع والمقصود الأطفال عدم اللعب بالنار لأنها قد تشعلُ كلَّ شيىء ، وتقولُ في القصيدة :
" طلعنا مرَّه بالصيف نلهو ونلعب بكيف
لعبنا بالغابة كثير بفرح ، مرح وكيف
لعبنا بين الأشجار فرحنا كبار وصغار
حتى آن الأوان ومالت الشمس بحنانْ
مالت بلطف وأناة هيَّا هيَّا يا شطارْ
وإلى القصيدة أخرى من الديوان صفحة ( 11 - 12 ) فيها تتحدَّثُ عن بلادنا وأسماء بعض الأماكن والمواقع ، مثل : الجليل الأعلى والأسفل والكرمل .. الخ .
تقولُ فيها :
( " هيَّا هيَّا يا أولاد هيَّا نخرج صوب الوردْ
هيا هيا نسير في البلاد أحلى بلاد بلادنا " ) .
وجاء في القصيدة :
"هيَّا يا إخوان نصعد فوق الجبل
هذا جيل أعلى وهذا جليل أسفل
ولا ننسى الكرمل ملك جبال بلادنا " ) .
البعض من أبيات القصيدة موزون وعلى وزن المتدارك أو الخبب .. وتريد أن تقول في القصيدة :إنَّ أجمل وأحلى بلاد هي بلادنا .. وتريدُ أن تعلمَ الأطفال حبَّ الوطن والأرض والتمسُّك والتشبُّث بتراب الوطن وعدم الرحيل ومغادرة البلاد مستقبلا .
وإلى قصيدة أخرى ( أغنية الفلاح والمطر - صفحة ( 13) وهي أنشودة رائعة وترنيمة لأجل الخير والعطاء والخصب .. تقولُ فيها :
" أمطري أمطري وزيدي بالمَطرْ
يا هديَّةَ السَّماء ويا خيرًا منتظرْ
وفي هذه القصيدة أبعادٌ فلسفيّة وإنسانيَّة .. وتذكرنا بشعراء المهجر وقصائدهم في وصف الطبيعة والمطر التي نظمت على شكل أناشيد مغناة تصلح للصغار وللكبار، مثل قصيدة ( تناثري تناثري يا بهجة النظر ) للشاعرالبناني المهجري ميخائيل نعيمه .
وللشاعرة قصيدة في عيد الأشجار بعنوان : ( هيَّا نغرس شجرة " - صفحة 14 ) تذكرُ فيها أنواع وأسماء بعض الأشجار في بلادنا فتعلِّمُ الطفلَ بشكل تلقائي حبَّ الزراعة والفلاحة والأرض والعمل منذ الصغر .
وإلى قصيدة أخرى بعنوان ( " الرفق بالحيوان " - صفحة 16 ) وفيها تدافع عن الحيوان لأنه مخلوق وله حقوقهُ ويجب على الإنسان أن يشفقَ عليه ولا يتعبه أو ينكل به ويعذبه وتذكر دور الحيوانات الأليفة والمدجنة الهام في خدمة الإنسان كالحراثة وحمل الأثقال والحراسة وغيرها ( الحيوانات الأليفة )
وإلى قصيدة أخرى بعنوان : ( " جدتي "- صفحة 18) تتحدثُ فيها عن الجدَّة ودورها في العائلة وحبَّها وحنانها ورعايتها لأحفادِها أكثر من الأهل ( الأب والأم ) ... وهذه القصيدة قريبة في أسلوبها وطابعها ومعانيها وحتى في قافيتها لقصيدة لأحد الشعراء اللبنانيين وقد كنا نتعلمها في المرحلة الإبتذائية - حسب المنهاج الدراسي - حيث يتحدث الشاعر في قصيدته عن طفل مشاغب أراد والده أن يعاقبه لجنحة ما فهربَ إلى جدتهِ التي حمته من عقاب الأب ( إبنها ) وكانت تحن على حفيدها أكثر من أبيهِ وذكرته الجدة كيف كان شقيًّا ويرتكب الأخطاء والجنح أكثر من إبنه الآن عندما كان صبيًّا .
وسأنتقل إلى قصيدة أخرى بعنوان ("حكاية بذرتي "- صفحة 19) التي تذكرنا بقصَّة التينة التي ورد كرها في الإنجيل . فتحدثُ هذه القصيدة عن بذرتين - واحدة أثمرت وأنتجت والثانية كانت كسولةً ولا تريد الخصب والعطاء .. وفي القصيدة والقصة عبرة ودرس هام للجميع مفاده أنَّ الإنسان أو أي مخلوق لا يفيد الآخرين والمجتمع ولا يعمل الخير إطلاقا فوجوده عبءٌ على المجتمع والإنسانية والطبيعة والحياة .. بل الأفضل أن يتوارى عن الجميع .
وإلى قصيدة أخرى بعنوان : ( " عائلتي " - صفحة 22 ) تقولُ فيها:
( أمَّاهُ يا نورَ القمرْ وشعاع الشمس الهادي
أمَّاه يا نسمةَ السَّحَرْ وتغريد البلبل الشادي
وإلى قصيدة بعدها بعنوان : (" الثعلب المخادع "- صفحة 35 ) وتذكرنا هذه القصيدة بقصيدة للشاعر الكبير أحمد شوقي عن الثعلب وهي للأطفال بعنوان ( الثعلب والديك ) * .. ويقول فيها :
" برزَ الثعلبُ يومًا في ثيابِ الواعضينا
فمشى في الأرض يهدي ويسبُّ الماكرينا
ويقول : إنهم قالوا وخيرُ القولِ قولُ العارفينا
" يخطىءُ مَن ظنَّ يومًا أنَّ للثعلبِ دينا ! " ) .
وتقول ليلى في قصيدتها :
( أسدٌ في الغابة ثعلبٌ يقول بكل لين
يدعو للصلاة بثقة إنَ الحيوانات ستلين ")
وفي هذه القصيدة نجد تقريبا نفس الفكرة والموضوع والمعاني التي ذكرها أحمد شوقي في قصيدته ، مثل قولها :
قد خابَ من ظنَّ أنَ للثعلب دين
يدعو للصلاةِ علنا والشرُ بعينهِ مبينْ " )
وإلى قصيدة أخرى بعنوان :( " طائرة ورق " - صفحة 36 ) فتقولُ فيها :
( " طيري يا طيارة يا ورق وخيطان )
البيت الأول وظفته وأخذته كتضمين وهو مطلع أغنية للمطربة فيروز .. وبعده تتابعُ وتكملُ الشاعرة قصيدتها :
( " طيري فوق الحارة فوق الحيطان
سلمي كثير كثير على كل الخلانْ
طيري يا طيَّارَهْ فوق البساتينْ
طيري فوق البيَّارة وفوق الرياحيِّن" ) ..إلخ .
وجاء في القصيدة :
( " طيري يا طيَّارة بالعالي العالي
طيري واحملي مكتوبي ومرسالي
سلمي كثير كثير على كل الأطفال " ) .
والقصيدة تتسمُ بالبراءة والشفافيَّة والعذوبة وهي سهلة للتلحين وقد تبدو أحلى وأجمل بكثير من القصيدة التي غنتها فيروز لأنها تحمل رسلة وموضاعا هاما وهو تعليم وتثقيف الطفل وتسليته ولأجل إدخال الفرح والسرور والبهجة إلى قلبه وفكره ووجدانه. وممَّا يميِّزُ الكاتبة والاديبة والشاعرة المبدعة ليلى حجة عن الكثيرين والكثيرات من الذين كتبوا قصصا وقصائد للأطفال - على الصعيد المحلي - أنَّ الكتاب المحليين معظمهم يكتفون بالجانب الترفيهي ومنطلقهم من الكتابة هو لتسلية الطفل ولأجل لهوه ومرحة ورفاهته لا اكثر ..هذا عدا أن البعض بل الأغلبية من الذين كتبوا للطفل لم يدرسوا أدب الأطفال ولم يعيشوا جو الأطفال وعالمهم البريء والشفاف ولم يعرفوا متطلباتهم ولم يفهموا ويدركوا نفسية الطفل وضميره ووجدانه وتفكيره وما هي مشاكله وقضاياه وماهي الأشياء التي بحاجة إليها وتنقصه : ثقافيا وتعليميا وسلوكيا وإرشادا .. وبعد ذلك يأتي الجانب الترفيهي والتسلية . فليلى حجة حين تكتب للطفل تكون شاملة في كتاباتها ( قصصها وأشعارها ) جميع الجوانب المذكورة :( الإنسانيَّة والعاطفيَّة والوجدانيَّة والسلوكيَّة والتعلميَّة والتثقيفيَّة والترفيهيَّة والفلسفيَّة والإجتماعيَّة .. إلخ . .. هذا بالإضافة إلى كونها درست وقرأت الكثير في أدب الأطفال وعاشت مع الأطفال وعرفت أجواءهم وقضاياهم وحاجاتهم جميعها عن كثب ، ولهذا فهي أبدعت وتألقت في المجال الأدبي الذي يعنى بالطفل .
وأخيرا : أهنىء الكاتبة والشاعرة المبدعة ليلى حجة على هذا الإصدار الرائع ونحن في انتظار إصدارات أدبية أخرة شعرا ونثرا .
....................................
*1 الشوقيات ( ديوان أحمد شوقي ) الجزء الثاني .
مدخل : يقع كتاب : قصائد وأشعار للاطفال الصغار " في 38 صفحة من الحجم الوسط .. وقد أهدته حسب ما جاء على لسان الشاعرة : ( إلى كل الأطفال وعلى مرّ الأجيال لهم أحلى تحية ودلال دوما وفي كل حال ) . وسأختار بعض القصائد منه للدراسة والتحليل وسأبدأ بالقصيدة الأولى بعنوان : ( " أطفال الملاعب " - صفحة 7 ) وتقول فيها :
( نحنُ جندٌ في الملاعِبْ نحنُ فريقٌ همامْ
فوزنا فيهِ مطالِبْ ولنا يبقى المَرامْ
دربُنا دربٌ طويلْ دربُ حُبٍّ وَوِئامْ
قصدُنا قصدٌ نبيلْ فيهِ نمضي للأمامْ
لا تثنينا الصعابْ نحنُ لها بالمِرصادْ
للنصر نحنُ طلابْ دوما على مدى الأيَّامْ
نحنُ أطفالٌ شجعانْ بالصبر ، ثمَّ الإيمانْ
الفوزُ لنا هو العنوانْ وشعارٌ للمحبَّةِ ووَسامْ " ) .
القصيدة تنتهي بنفس القافية.. والأبيات الأربعة الأولى على بحر الرمل والابيات الباقية تفع في عدة أوزان وتفاعيل وفي نفس الشطرة نجد أكثر من تفعيلة ..والقصيدة تتسمُ بالحماسةِ والحيويَّةِ والديناميكيَّة وتدخلُ الطفلَ في جوٍّ من للتفاؤل والمرح وَتُشجِّعُهُ وتحثهُ على النشاط والشجاعة والإقدام على ممارسةِ الرياضة ككرة القدم وغيرها لتحقيق الفوز والنجاح .
تتحدَّثُ القصيدةُ على لسان كلِّ طفل والمقصود بالذات الأطفال الشجعان والنشيطين الذين عندهم الصبر والنفس الطويل والتفاؤل والفكر الثاقب والتصميم لأجل وصول الغاية والمأرب وتحقيق الهدف المنشود والسامي . والقصيدة كما يبدو معانيها واضحة ومفهومة حتى للطفل الصغير رغم كونها يوجد فيها بعضُ المعاني العميقة والكلمات الفصحى والتعابير البلاغيَّة الراقية مثل : ( نحن لهم بالمرصاد ) والتي قد تكون ثقيلة على آذان وعقلية بعض الأطفال الصغار.. ولكن من خلال إدراج هذه الكلمات في الجمل قد يفهم المقصود والمعنى ، واللغة العربية بحدّ ذاتها هي لغة ُ يسر وليست لغة عسر فكلُّ كلمة فيها تفسرُ نفسَها بنفسها من خلال موقعها ومكانها في الجملة.. وهذا مما يميزُ اللغةَ العربيّة عن باقي اللغات الأخرى . والقصيدةُ تدعو إلى السلام والمحبَّة وإلى مارسة الرياضة التي هي بحدِّ ذاتها لغة التقارب والتسامح والتعايش والمحبَّة بين الشعوب والناس كالموسيقى والفن... فالرياضةُ تعلمُ الإنسانَ المحبَّة و التسامح والتواضعَ والإنضباط والمثل والأخلاق السامية والرفيعة ... والإنسانُ الرياضي هو دائما سليمُ الجسم والمعافى ونفسيتهُ وعقليَّتهُ تكونُ سليمة ومحبَّة للغير ونواياه ومقاصدهُ تكون صافية وإيجابية تجاه الآخرين . وهذه القصيدة نستطيعُ أن نقول عنها : تثقيفيَّة تعليميَّة من الدرجة الأولى وتصلح لجميع مراحل الطفولة فتعلَّمُ الطلاب وتحذهم على مواكبة النشاطات والفعاليَّات الرياضيَّة وتعلمهم في نفس الوقت أيضا المحبَّة والتسامح والتواضح وحب الخير والسلام بالإضافة إلى جمالية القصيدة وسلاستها وعذوبتها وموسيقاها الجميلة حيث تصلح للتلحين والغناء .
وإلى قصيدة أخرى من الديوان ( القصيدة الثانية صفحة ( 9 - 10 ) بعنوان : " سيارة الإطفاء ".. وتتحدَّثُ الشاعرة ُ فيها عن رحلة ونزهة قام بها أطفال المدرسة مع معلمته إلى الغابة وعندما همُّوا وأرادوا الرجوع بيوتهم إشتعلَ حريقٌ بشكل مفاجىء في الغابة فأتت بسرعة سيارة الإطفاء وتمكنت من إطفاء الحريق . وهذه القصيدة إجتماعيَّة إنسانيَّة تتحدَّث عن موضوع هام وهو الحريق في الغابات والأحراش والذي يحدثُ كثيرا في فصل الصيف الحار وما هي أسبابه ومسببابته وكيف أنه بالإمكان تفاديها لأنت معظم الحرائق تحدث من خلال إلقاء بقايا سجائر مشتعلة أو إلقاء زجاجات بين الأعشاب في الغابات فتسبب الحريق .. أو إذا قام شخص ما بإشعال النار ولم يطفئها كليًّا أثناء نزهة في الغابة والحرش فتسبب الحريق .. وهنالك حرائق قد حدثت كادت أن تسبب إلى كوارث بيئيَّة محليًّا وخارج البلاد . وقد صورت الشاعرة هنا في قصيدتها مشهد الحريق والنزهة بشكل جميل وكيف حدث الحريق وقدوم سيارة الإطفاء بسرعة وإطفائها للحريق.. وتشكر الشاعرة في النهاية باسمها دور سيارة الإطفاء وتطلب من الجميع والمقصود الأطفال عدم اللعب بالنار لأنها قد تشعلُ كلَّ شيىء ، وتقولُ في القصيدة :
" طلعنا مرَّه بالصيف نلهو ونلعب بكيف
لعبنا بالغابة كثير بفرح ، مرح وكيف
لعبنا بين الأشجار فرحنا كبار وصغار
حتى آن الأوان ومالت الشمس بحنانْ
مالت بلطف وأناة هيَّا هيَّا يا شطارْ
وإلى القصيدة أخرى من الديوان صفحة ( 11 - 12 ) فيها تتحدَّثُ عن بلادنا وأسماء بعض الأماكن والمواقع ، مثل : الجليل الأعلى والأسفل والكرمل .. الخ .
تقولُ فيها :
( " هيَّا هيَّا يا أولاد هيَّا نخرج صوب الوردْ
هيا هيا نسير في البلاد أحلى بلاد بلادنا " ) .
وجاء في القصيدة :
"هيَّا يا إخوان نصعد فوق الجبل
هذا جيل أعلى وهذا جليل أسفل
ولا ننسى الكرمل ملك جبال بلادنا " ) .
البعض من أبيات القصيدة موزون وعلى وزن المتدارك أو الخبب .. وتريد أن تقول في القصيدة :إنَّ أجمل وأحلى بلاد هي بلادنا .. وتريدُ أن تعلمَ الأطفال حبَّ الوطن والأرض والتمسُّك والتشبُّث بتراب الوطن وعدم الرحيل ومغادرة البلاد مستقبلا .
وإلى قصيدة أخرى ( أغنية الفلاح والمطر - صفحة ( 13) وهي أنشودة رائعة وترنيمة لأجل الخير والعطاء والخصب .. تقولُ فيها :
" أمطري أمطري وزيدي بالمَطرْ
يا هديَّةَ السَّماء ويا خيرًا منتظرْ
وفي هذه القصيدة أبعادٌ فلسفيّة وإنسانيَّة .. وتذكرنا بشعراء المهجر وقصائدهم في وصف الطبيعة والمطر التي نظمت على شكل أناشيد مغناة تصلح للصغار وللكبار، مثل قصيدة ( تناثري تناثري يا بهجة النظر ) للشاعرالبناني المهجري ميخائيل نعيمه .
وللشاعرة قصيدة في عيد الأشجار بعنوان : ( هيَّا نغرس شجرة " - صفحة 14 ) تذكرُ فيها أنواع وأسماء بعض الأشجار في بلادنا فتعلِّمُ الطفلَ بشكل تلقائي حبَّ الزراعة والفلاحة والأرض والعمل منذ الصغر .
وإلى قصيدة أخرى بعنوان ( " الرفق بالحيوان " - صفحة 16 ) وفيها تدافع عن الحيوان لأنه مخلوق وله حقوقهُ ويجب على الإنسان أن يشفقَ عليه ولا يتعبه أو ينكل به ويعذبه وتذكر دور الحيوانات الأليفة والمدجنة الهام في خدمة الإنسان كالحراثة وحمل الأثقال والحراسة وغيرها ( الحيوانات الأليفة )
وإلى قصيدة أخرى بعنوان : ( " جدتي "- صفحة 18) تتحدثُ فيها عن الجدَّة ودورها في العائلة وحبَّها وحنانها ورعايتها لأحفادِها أكثر من الأهل ( الأب والأم ) ... وهذه القصيدة قريبة في أسلوبها وطابعها ومعانيها وحتى في قافيتها لقصيدة لأحد الشعراء اللبنانيين وقد كنا نتعلمها في المرحلة الإبتذائية - حسب المنهاج الدراسي - حيث يتحدث الشاعر في قصيدته عن طفل مشاغب أراد والده أن يعاقبه لجنحة ما فهربَ إلى جدتهِ التي حمته من عقاب الأب ( إبنها ) وكانت تحن على حفيدها أكثر من أبيهِ وذكرته الجدة كيف كان شقيًّا ويرتكب الأخطاء والجنح أكثر من إبنه الآن عندما كان صبيًّا .
وسأنتقل إلى قصيدة أخرى بعنوان ("حكاية بذرتي "- صفحة 19) التي تذكرنا بقصَّة التينة التي ورد كرها في الإنجيل . فتحدثُ هذه القصيدة عن بذرتين - واحدة أثمرت وأنتجت والثانية كانت كسولةً ولا تريد الخصب والعطاء .. وفي القصيدة والقصة عبرة ودرس هام للجميع مفاده أنَّ الإنسان أو أي مخلوق لا يفيد الآخرين والمجتمع ولا يعمل الخير إطلاقا فوجوده عبءٌ على المجتمع والإنسانية والطبيعة والحياة .. بل الأفضل أن يتوارى عن الجميع .
وإلى قصيدة أخرى بعنوان : ( " عائلتي " - صفحة 22 ) تقولُ فيها:
( أمَّاهُ يا نورَ القمرْ وشعاع الشمس الهادي
أمَّاه يا نسمةَ السَّحَرْ وتغريد البلبل الشادي
وإلى قصيدة بعدها بعنوان : (" الثعلب المخادع "- صفحة 35 ) وتذكرنا هذه القصيدة بقصيدة للشاعر الكبير أحمد شوقي عن الثعلب وهي للأطفال بعنوان ( الثعلب والديك ) * .. ويقول فيها :
" برزَ الثعلبُ يومًا في ثيابِ الواعضينا
فمشى في الأرض يهدي ويسبُّ الماكرينا
ويقول : إنهم قالوا وخيرُ القولِ قولُ العارفينا
" يخطىءُ مَن ظنَّ يومًا أنَّ للثعلبِ دينا ! " ) .
وتقول ليلى في قصيدتها :
( أسدٌ في الغابة ثعلبٌ يقول بكل لين
يدعو للصلاة بثقة إنَ الحيوانات ستلين ")
وفي هذه القصيدة نجد تقريبا نفس الفكرة والموضوع والمعاني التي ذكرها أحمد شوقي في قصيدته ، مثل قولها :
قد خابَ من ظنَّ أنَ للثعلب دين
يدعو للصلاةِ علنا والشرُ بعينهِ مبينْ " )
وإلى قصيدة أخرى بعنوان :( " طائرة ورق " - صفحة 36 ) فتقولُ فيها :
( " طيري يا طيارة يا ورق وخيطان )
البيت الأول وظفته وأخذته كتضمين وهو مطلع أغنية للمطربة فيروز .. وبعده تتابعُ وتكملُ الشاعرة قصيدتها :
( " طيري فوق الحارة فوق الحيطان
سلمي كثير كثير على كل الخلانْ
طيري يا طيَّارَهْ فوق البساتينْ
طيري فوق البيَّارة وفوق الرياحيِّن" ) ..إلخ .
وجاء في القصيدة :
( " طيري يا طيَّارة بالعالي العالي
طيري واحملي مكتوبي ومرسالي
سلمي كثير كثير على كل الأطفال " ) .
والقصيدة تتسمُ بالبراءة والشفافيَّة والعذوبة وهي سهلة للتلحين وقد تبدو أحلى وأجمل بكثير من القصيدة التي غنتها فيروز لأنها تحمل رسلة وموضاعا هاما وهو تعليم وتثقيف الطفل وتسليته ولأجل إدخال الفرح والسرور والبهجة إلى قلبه وفكره ووجدانه. وممَّا يميِّزُ الكاتبة والاديبة والشاعرة المبدعة ليلى حجة عن الكثيرين والكثيرات من الذين كتبوا قصصا وقصائد للأطفال - على الصعيد المحلي - أنَّ الكتاب المحليين معظمهم يكتفون بالجانب الترفيهي ومنطلقهم من الكتابة هو لتسلية الطفل ولأجل لهوه ومرحة ورفاهته لا اكثر ..هذا عدا أن البعض بل الأغلبية من الذين كتبوا للطفل لم يدرسوا أدب الأطفال ولم يعيشوا جو الأطفال وعالمهم البريء والشفاف ولم يعرفوا متطلباتهم ولم يفهموا ويدركوا نفسية الطفل وضميره ووجدانه وتفكيره وما هي مشاكله وقضاياه وماهي الأشياء التي بحاجة إليها وتنقصه : ثقافيا وتعليميا وسلوكيا وإرشادا .. وبعد ذلك يأتي الجانب الترفيهي والتسلية . فليلى حجة حين تكتب للطفل تكون شاملة في كتاباتها ( قصصها وأشعارها ) جميع الجوانب المذكورة :( الإنسانيَّة والعاطفيَّة والوجدانيَّة والسلوكيَّة والتعلميَّة والتثقيفيَّة والترفيهيَّة والفلسفيَّة والإجتماعيَّة .. إلخ . .. هذا بالإضافة إلى كونها درست وقرأت الكثير في أدب الأطفال وعاشت مع الأطفال وعرفت أجواءهم وقضاياهم وحاجاتهم جميعها عن كثب ، ولهذا فهي أبدعت وتألقت في المجال الأدبي الذي يعنى بالطفل .
وأخيرا : أهنىء الكاتبة والشاعرة المبدعة ليلى حجة على هذا الإصدار الرائع ونحن في انتظار إصدارات أدبية أخرة شعرا ونثرا .
....................................
*1 الشوقيات ( ديوان أحمد شوقي ) الجزء الثاني .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق