منذ سنين ونحن نسمع عبارة(لا أحد يملك الحقيقة المطلقة) أو (لا أحد يحتكر الحقيقة) والتي ترددها ألسنة وأقلام (نخب) ثقافية واجتماعية عربية، وازداد استخدام هذه العبارات مع بدء الهجوم الأمريكي الشرس على المسلمين والعرب بعد أحداث نيويورك وواشنطن قبل 15 عاما وصارت هذه العبارة أو المقولة أشبه بالفزاعة أو الخط الأحمر الذي يمنع تجاوزه، وصار حتى مخالف من يرددها فكريا أو سياسيا يقرّ بها وكأنها مسلّمة لا نقاش فيها البتة.
وتحت هذا العنوان(عدم امتلاك الحقيقة) صار جائزا ومقبولا تجاوز كل الخطوط الحمراء، وتقبل كل فكر شاذ، وكل عمل مشين، فإذا حاججت أو اعترضت خرجوا لك بهذه العبارة التي صارت ديباجة لتبرير كل جريمة، وتجميل أي قبح، والدفاع عن أي خطيئة، وصارت نقطة انطلاق أي حوار أو نقاش، وكأنها صارت أشبه بمادة أولى وأساسية من دستور مقدس غير قابلة للتعديل أو التبديل.
وزاد بعض من يشهرون سيف هذه المقولة في وجه من يخالف أفكارهم أو يحتج على أخطائهم بأن الحقيقة المطلقة ملك لله تعالى وحده، أي أنهم أيضا يريدون أن يتسلحوا بالدين لتبرير أفعال تتناقض مع ما هو أحيانا معلوم من الدين بالضرورة.
ولا أريد أن أتناول المقولة من وجهة نظر شرعية بحتة، فهذا شأن أهل العلم، ولكن أضع أساسا هو أن الله -سبحانه وتعالى- قد أخبرنا ووضع لنا حقائق ثابتة مطلقة، لا يجوز شرعا ولا عقلا أن نجعلها محل تشكيك بحجة أن الله وحده يملك الحقيقة، وبعض من الأمور جعلها الله له من دون خلقه؛ فمثلا لا يحق لأحد أن يزعم أنه يعلم الغيب، فهذا يعلمه الله، ولكن حين يخبرنا الله بخبر ما في نص محكم فهذه حقيقة مطلقة لا تقبل الجدل.
وبسبب هذه المقولة وما ترتب عليها صرنا نسمع يوميا بفتاوى شاذة تحرّم الحلال وتحل الحرام؛ فتارة هناك من يأتينا بأن الخمر ليس حراما، وتارة هناك من يأتينا بأن الدخان لا يفسد صوم رمضان، وآخر يرى أنه لا ضرورة أن نرفع الأذان، وآخر يفتينا بأن من حقه –وفق هواه- تأويل القرآن، فصارت ساحتنا مليئة بشواذ الرأي الذي يراد له أن يكون قاعدة تتحصن بمقولة عدم امتلاك الحقيقة.
وعلى الصعيد السياسي صار هناك من يدافع عن الاحتلال الصهيوني لفلسطين جهارا نهارا ويعتبر رأيه (محترما) يدخل تحت وجهة النظر...طبعا فلا أحد يملك الحقيقة المطلقة!...وآخرون يدافعون عن الاستبداد، وآخرون يدافعون بل يطالبون بغزو أجنبي للديار دون أن يرف لهم جفن أو تظهر على وجوههم حمرة خجل.
وأرى أن استمرار التسليم لهذا السلاح الخبيث يعني بالضرورة مزيدا من التيه، ووصفة جاهزة لخراب عقيدة أبناء وبنات الأمة، وفساد فكر أبنائها، وجعلها كيانا هلاميا لا مناعة له يحق لأي كان أن يفعل به ما يشاء معنويا أو فيزيائيا؛ وعليه وجب التصدي بكل قوة وحزم لهذه المقولة الخبيثة، هذا لو افترضنا شيئا من حسن الطوية عند من يرددها على أسماعنا.
أنا أملك الحقيقة المطلقة؛ فالله وحده لا شريك له رب الكون وخالقه، فلا تقل لي هناك من يخالفك وعليك احترامه، فلا احترام لمن يريد ان يجعل التوحيد محل أخذ ورد، وهنا سيقفز لك من يقول:من هنا يأتي الإرهاب والقتل والتفجير ضد المخالف، وهذا خبث آخر، فمن قال أن امتلاك الحقيقة والإيمان يقتضي بالضرورة إبادة من لا يؤمن بها؟
أنا أملك الحقيقة المطلقة التي بمقتضاها أن الصهيونية حركة عنصرية مدعومة من قوى شرّ دولية وأنها شردت شعبا وجاءت بآخرين مكانه من أرجاء الأرض، وهذا ليس مجرد رأي يجوز نقاشه والتوقف عنده والأخذ والرد، بل الحقيقة تقتضي ضرورة العمل على استرجاع الحق.
ولا يتسع المجال لذكر أبواب الحقيقة كلها ولكن العبرة بأن المقولة خبيثة خاطئة يراد منها تمييع الفكر وتضييع الحقوق وفتح الباب لفيروسات قاتلة كي تفتك بالأمة...وفي محور النقاش: هل لدى الآخرين من يقول بهذه المقولة أو يعمل بها؟ مثلا، هل يسمح لمن لا يؤمن بأن(القدس عاصمة إسرائيل الأبدية) أن يرأس الحكومة الإسرائيلية؟ وهل يسمح الإعلام الأمريكي (الحر) بأن يبرز شخصا يدافع عن حق الشعب الفلسطيني في المقاومة المسلحة؟ بل ألا يعتبر هذا الشخص إرهابيا يجب محاكمته عندهم؟وهل تتطابق هذه المقولة مع ما جرى لروجيه غارودي عندما حاول بطريقة علمية مناقشة قضية الهولوكوست؟ألا يعتبر الهولوكوست في الفكر والسياسة الغربية حقيقة مطلقة؟
ربما يجب أن نضع معايير تحدد أبواب الحقيقة المطلقة، لأن ترك الباب مفتوحا أو مواربا سيجعلنا نجد أنفسنا ذات يوم نرى جلسة برلمان عربي يناقش التصويت على شرعنة زواج المثليين، أو منهاج دراسي في بلد عربي أو مسلم يجعل من النبي محمد-صلى الله عليه وآله وسلم- مجرد قائد سياسي أو مصلح اجتماعي فقط مع تجاهل وجود الوحي.
قد أبدو متشائما بنظر بعض من يقللون من خطورة الأمر بأنه من المحال أن نصل لهذا الدرك ولكن لو تأملنا حولنا قليلا، وعرفنا ووعينا الاستدراج الشيطاني، لبدا أن الأمر ليس تشاؤما أو توقعا بل هو خطر قائم وكتلة فساد تتدحرج وتنحدر نحونا ونحن في تشاغل أو انشغال عنها، وحصان طروادة الذي دخل الشر منه إلينا هي مقولة(لا أحد يملك الحقيقة المطلقة)، فلنرفع الصوت:إننا نملك الحقيقة المطلقة التي علمنا الله –سبحانه وتعالى- إياها، والتي استنبطناها بالعقل الذي منحنا الله إياه.
وتحت هذا العنوان(عدم امتلاك الحقيقة) صار جائزا ومقبولا تجاوز كل الخطوط الحمراء، وتقبل كل فكر شاذ، وكل عمل مشين، فإذا حاججت أو اعترضت خرجوا لك بهذه العبارة التي صارت ديباجة لتبرير كل جريمة، وتجميل أي قبح، والدفاع عن أي خطيئة، وصارت نقطة انطلاق أي حوار أو نقاش، وكأنها صارت أشبه بمادة أولى وأساسية من دستور مقدس غير قابلة للتعديل أو التبديل.
وزاد بعض من يشهرون سيف هذه المقولة في وجه من يخالف أفكارهم أو يحتج على أخطائهم بأن الحقيقة المطلقة ملك لله تعالى وحده، أي أنهم أيضا يريدون أن يتسلحوا بالدين لتبرير أفعال تتناقض مع ما هو أحيانا معلوم من الدين بالضرورة.
ولا أريد أن أتناول المقولة من وجهة نظر شرعية بحتة، فهذا شأن أهل العلم، ولكن أضع أساسا هو أن الله -سبحانه وتعالى- قد أخبرنا ووضع لنا حقائق ثابتة مطلقة، لا يجوز شرعا ولا عقلا أن نجعلها محل تشكيك بحجة أن الله وحده يملك الحقيقة، وبعض من الأمور جعلها الله له من دون خلقه؛ فمثلا لا يحق لأحد أن يزعم أنه يعلم الغيب، فهذا يعلمه الله، ولكن حين يخبرنا الله بخبر ما في نص محكم فهذه حقيقة مطلقة لا تقبل الجدل.
وبسبب هذه المقولة وما ترتب عليها صرنا نسمع يوميا بفتاوى شاذة تحرّم الحلال وتحل الحرام؛ فتارة هناك من يأتينا بأن الخمر ليس حراما، وتارة هناك من يأتينا بأن الدخان لا يفسد صوم رمضان، وآخر يرى أنه لا ضرورة أن نرفع الأذان، وآخر يفتينا بأن من حقه –وفق هواه- تأويل القرآن، فصارت ساحتنا مليئة بشواذ الرأي الذي يراد له أن يكون قاعدة تتحصن بمقولة عدم امتلاك الحقيقة.
وعلى الصعيد السياسي صار هناك من يدافع عن الاحتلال الصهيوني لفلسطين جهارا نهارا ويعتبر رأيه (محترما) يدخل تحت وجهة النظر...طبعا فلا أحد يملك الحقيقة المطلقة!...وآخرون يدافعون عن الاستبداد، وآخرون يدافعون بل يطالبون بغزو أجنبي للديار دون أن يرف لهم جفن أو تظهر على وجوههم حمرة خجل.
وأرى أن استمرار التسليم لهذا السلاح الخبيث يعني بالضرورة مزيدا من التيه، ووصفة جاهزة لخراب عقيدة أبناء وبنات الأمة، وفساد فكر أبنائها، وجعلها كيانا هلاميا لا مناعة له يحق لأي كان أن يفعل به ما يشاء معنويا أو فيزيائيا؛ وعليه وجب التصدي بكل قوة وحزم لهذه المقولة الخبيثة، هذا لو افترضنا شيئا من حسن الطوية عند من يرددها على أسماعنا.
أنا أملك الحقيقة المطلقة؛ فالله وحده لا شريك له رب الكون وخالقه، فلا تقل لي هناك من يخالفك وعليك احترامه، فلا احترام لمن يريد ان يجعل التوحيد محل أخذ ورد، وهنا سيقفز لك من يقول:من هنا يأتي الإرهاب والقتل والتفجير ضد المخالف، وهذا خبث آخر، فمن قال أن امتلاك الحقيقة والإيمان يقتضي بالضرورة إبادة من لا يؤمن بها؟
أنا أملك الحقيقة المطلقة التي بمقتضاها أن الصهيونية حركة عنصرية مدعومة من قوى شرّ دولية وأنها شردت شعبا وجاءت بآخرين مكانه من أرجاء الأرض، وهذا ليس مجرد رأي يجوز نقاشه والتوقف عنده والأخذ والرد، بل الحقيقة تقتضي ضرورة العمل على استرجاع الحق.
ولا يتسع المجال لذكر أبواب الحقيقة كلها ولكن العبرة بأن المقولة خبيثة خاطئة يراد منها تمييع الفكر وتضييع الحقوق وفتح الباب لفيروسات قاتلة كي تفتك بالأمة...وفي محور النقاش: هل لدى الآخرين من يقول بهذه المقولة أو يعمل بها؟ مثلا، هل يسمح لمن لا يؤمن بأن(القدس عاصمة إسرائيل الأبدية) أن يرأس الحكومة الإسرائيلية؟ وهل يسمح الإعلام الأمريكي (الحر) بأن يبرز شخصا يدافع عن حق الشعب الفلسطيني في المقاومة المسلحة؟ بل ألا يعتبر هذا الشخص إرهابيا يجب محاكمته عندهم؟وهل تتطابق هذه المقولة مع ما جرى لروجيه غارودي عندما حاول بطريقة علمية مناقشة قضية الهولوكوست؟ألا يعتبر الهولوكوست في الفكر والسياسة الغربية حقيقة مطلقة؟
ربما يجب أن نضع معايير تحدد أبواب الحقيقة المطلقة، لأن ترك الباب مفتوحا أو مواربا سيجعلنا نجد أنفسنا ذات يوم نرى جلسة برلمان عربي يناقش التصويت على شرعنة زواج المثليين، أو منهاج دراسي في بلد عربي أو مسلم يجعل من النبي محمد-صلى الله عليه وآله وسلم- مجرد قائد سياسي أو مصلح اجتماعي فقط مع تجاهل وجود الوحي.
قد أبدو متشائما بنظر بعض من يقللون من خطورة الأمر بأنه من المحال أن نصل لهذا الدرك ولكن لو تأملنا حولنا قليلا، وعرفنا ووعينا الاستدراج الشيطاني، لبدا أن الأمر ليس تشاؤما أو توقعا بل هو خطر قائم وكتلة فساد تتدحرج وتنحدر نحونا ونحن في تشاغل أو انشغال عنها، وحصان طروادة الذي دخل الشر منه إلينا هي مقولة(لا أحد يملك الحقيقة المطلقة)، فلنرفع الصوت:إننا نملك الحقيقة المطلقة التي علمنا الله –سبحانه وتعالى- إياها، والتي استنبطناها بالعقل الذي منحنا الله إياه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق