قصيدتان لغسان منجد

الخلود الى السكينه

سكنها قلب اخر
تموج في قلبي  وفراغ
لك الغموض والوضوح
لك البحة  والصوت
لك الوجه والدمع
لي فيك نجمة لا تنطفىء
لي  فيك طفولة شواطيء
لي فيك رءة وأعضاء
ولي فيك أغصان  وأضواء
أغوص في طفولة نجمه حتى  التموج
اسأل  شبابها عن  ضوء  سكبته في عين  عاشق
واسألها
هل رأيت حًوض ماء خرجت  منه سره ورده
ولماذا كلما سلكت طريق الليل
تصبحين  حافة  لذه
أتظن  ان  أفقها  بدون نوافذ
**

التمزق العاري
حمل ربيعي ورحل
عند اول نافذة وضع خريفه
ورحل
كم من وردة سرقت يداه
كم من فراغ صفق له
استعارربيع زماني
يا لظلي الذي رحل.
يا ليديه  التي وضعت عواء عواصفها في  اكياس فراغي
خذ فراغ غبارك وارحل
عما قليل سيحلق دخان فضاءك  حتى الانفجار
قل لجدران الساقطه
هذه نقط  التمزق في سحابة
**

شمسُ المَغاني نائِيَة/ صالح أحمد

أرَقٌ... وجُرحُ الأمسياتِ يعودُنا
ومرارُ قَهوَتِنا يُطاعِنُ غُربَةً

مِن أينَ تُستَسقى الجَسارَةُ يا عُيونًا
ضاقَ عَنكِ الأفقُ، غيضَ الصّوتُ...
باتَ الشّوقُ بابًا للتّأوُّهِ باحتِشام.

أتُرى تَغَيَّرَتِ القَواعِدُ يا لَيالي؟
أم تُرى تَعِبَت قلوبٌ من وَميضِ شُجونِها،
وَغَدَت مَغانيها تَضيقُ بِلا اتِّزان.

أينَ المَفَرُّ؟ وباشِقُ الأحلامِ يجتاحُ الصّحارى،
ثمَّ يصرُخُ:
جِئتُكُم مِن أرضِ قَومٍ ضَيَّعوا روحَ الرّسالَةِ
أيقَظوا الآبادَ نَفخًا بالرّماد.

أرَقٌ... ويصطَخِبُ الهُدوءُ بِلَيلِنا
والرّيحُ ما فَتِئَت تُشاكِسُنا،
فما وَهَنَت، وأعيَت أن يُفارِقَها الجُنون.
وَهَبَت أساطيرَ التّشَرُّدِ طَبعَها،
وَمَضَت تُعيدُ مَلاحِمَ الأنواءِ في عُرفِ السُّدى
عَصفًا.. وساءَ خَريفُ قومٍ مُنذَرين.

تِشرينُ صَبرُ الرّاحِلينَ إلى مَجاهيلِ المَدى
والرّيحُ تَفتَعِلُ المَعاذيرَ انفِجارا..
أبَدًا سَفَحتُ هَوايَ عِندَ جُنونِها
والأفقُ يزدَحِمُ اصطِبارًا في رَبيعِ يَقينِنا
عَجَبًا يُغازِلُ بَسمَةَ الإشراقِ فوقَ رَمادِ أخلاقِ الحِصار.

لا.. ما أضَعتُ الدّربَ!
أحلامي التي رَبَّيتُها راحَت..
وفَجري يَستَفيقُ على هُداي.
سَخِرَ الرّدى مِن بَحرِ أوهامٍ يُحاصِرُني...
مَضى عَبَقي إلى بَحرِ الوَقائِعِ، والشِّراعُ تَمَرَّدا.

لا... ما أضَعتُ الحُبَّ!
أشواقي التي عاقَرتُها لِتَظَلَّ بوصَلَةَ الرُّجوعِ إلى مَعادٍ...
أغمَدَت سَيفَ التَّشَوُّقِ في كَياني..
وارتَجَتني خُطوَةَ النّاجينَ مِن صَمتٍ تَحَطَّمَ كالوَثَن
وغَدا الضِّيا قَبَسًا تَعَمَّدَ دمعَةً
فَرَّت إلى شَمسِ الأغاني النّائِيَة.

لا... ما أضَعتُ الشَّوقَ!
عانَقتُ المَدى.
أفُقي جُذوري..
أمتَطي صَبرًا خُيولَ الوَقتِ تُدميني سَنابِكُها...
ويَرتَشِفُ المِراسُ الصّعبُ منها نَزفَ شِرياني.
لا ضوءَ يَجمَعُني بما يَحتاجُهُ نَبضي
لكي أستَحضِرَ الأشواقَ بي.

يَهذي أمامي كلُّ ما يَبدو أمامي.
كَم كُنتُ في الماضي أؤَمِّلُ أن أكونَ
صَدى زَمانٍ؛ ليسَ يُشبِهُني، ولكن ليسَ يُنكِرُني،
ولا يُلقي ظِلالي في فَراغٍ لَيسَ يَقرَبُهُ الهَديل.
أوّاهُ يا زَمَنَ المَهاوي!
كيفَ يَنتَصِرُ الرّبيعُ على ملامِحِهِ الأسيرَة؟

أَحُـــلُــــمِــــي مُــــعَــــوَّقٌ!/ آمال عوّاد رضوان

مهداة إلى أسرانا البواسل

منذُ احْتِطَابِ وَقْتِيَ الرَّؤُومِ
لَمْ يُنعِشْ صِلْصَالَ كَأْسِي
اخْضِرَارُ حُنْجُرَتِكِ!
وَهَا مُرُوجُ تَمُّوزَ .. هَاجَتْ أَثْدَاؤُهَا
عَلى امْتِدَادِ مَجْهُولٍ .. أَرْضَعْــتِـنِـيهِ!
***
فِي رُؤى مَرَابِطِي .. تَفَشَّى سَيِّدُ الرَّحِيلِ الصَّاهِلِ!
أَيَا مَلَكًا .. نَهِمًا
هَا انْسَابَ لُعَابُ نُورِكِ .. في مَضَائِقِ كِبْريَائِي
يُفَتِّقُنِي.. يُجَرْجِرُنِي.. إِلَى عَاجِ ضَوْئِكِ الْفَاتِكِ!
***
لِمَ فَتَّقْتِ أَسْرَارَ لَيْلِي الْخَزَفِيِّ
حِينَ هَشَّـتْهَا أَنْفَاسُ "أُحُبُّكِ"؟
أَنَّى يَشِينِي مَوْجُكِ الْغَافِي .. عَلَى لَهَبِ غِيَابكِ؟
هَا عَتَمَاتُ نُورِي.. مَدْفُونَةٌ  فِي أَقَانِيمِ هُطُولِكِ
تَنْتَظِرُ مُرُورَ اللَّا مُرُور!
***
بِشَغَفٍ خُزَامِيٍّ
 يَتَقَاطَرُ صَمْتُكِ الرَّخِيمُ .. حِبْرًا نَزِقًا
يَطْبَعُكِ حَرِيقًا .. عَلَى جِبَاهِ أَقْمَارِي!
لِمَ أَذْرُو بِذَارَ دَمِي.. قُبَلًا مِلْحِيَّةً
تزْدَحِمُ .. عَلَى شِفَاهِي الْمَبْتُورَةِ؟
***
أأَنْدَهِشُ وَأَنْذَهِلْ
كَيْفَ غَصَصْتُ بِقُبْلَتِكِ؟
كيْفَ غَصَّتْ .. بفَوْضَى مَرَايَاكِ .. مَحَافِلُ تَرَقُّبِي؟
كَيْفَ فَقَأْتِ عُيُونَ مَزَامِيرِي؟
لِمَ أنْبَتْتِنِي .. زَغَبَ حُلُمٍ كَفِيفٍ
يُنَازِعُ قمْحَكِ
وَمَا أَحْجَمَهُ عنْ رَحَايَ .. انْطِفَاءُ عَينَيْكِ؟!
***
مُنْذُكِ
وَمَوَاكِبُ التَّمَنِّي.. تبَتَّلَتْ تَضَارِيسُهَا
وَمَا لَبِثَتْ .. تُرَمِّمُكِ ذِكْرًى
وَذِكْرَاكِ مُتْرَعَةٌ بتَضَوُّرِي
تَتَرَاشَحُكِ .. تَبْسِطُنِي أَمَامَكِ فُصُولَ تَغرِيبَةٍ
وَأَتَرَقْرَقُ زَخَّ أَرَقٍ .. كَوّرَنِي عَلَى مَسِيلِ دَمْعَةٍ!
***
كَمْ تَسَوَّلْتُكِ وَطَنًا.. يَشْرَئِبُّ لِأَطْيَافِكِ الْقَزَحِيَّةِ
لكِنْ تَقَصَّفَتْ خُيُولِي.. بِطَعَنَاتِ غُرْبَةٍ!
أحُـــلُــــمِــــي مُــــعَــــوَّقٌ!؟
***
بِلَيَالِي عَطْفِكِ الشَّمْعِيِّ
تَضَافَرْتُ.. جَدَائِلَ أَحْلَامٍ مُتَكَسِّرَةٍ
وَبِتُّ أَسْتَجْدِيكِ.. سَخَاءَ وَصْلٍ
يَهُشُّ فُيُوضِي!
***
لكِنَّ تَفَاصِيلَكِ الْمُفَخَّخَة .. تَتَشهَّقُنِي
وَتَرْتَدُّ تَتَسَكَّعُ .. بِمَلَامِحِ طِفْلٍ!
هَا بَرَاءَتُكِ.. تَشُوطُ
تَتَرَامَى .. فِي مَسِيلِ نِيرَانِي
وَتَعْبُرُنِي .. بِرِعْدَةٍ مَحْمُومَةٍ
صَوْبَ عَرْشٍ مَسْبِيٍّ!
***
حِينَ تُوَشْوِشُنِي أَهْوَاءُ أَمْوَاهِكِ
يَلْهَجُ نَبْضُ مَدَاكِ حَيَاةً
فَلَا تَسْتَكِينُ لَوْعَةُ انْتِظَارِي .. وَلَا تَهْدَأُ تَبَارِيحُ تَرَقُّبِي!
صَوْبَ نِعْمَةِ سَمَائِكِ .. كَفَّايَ خَاشِعَتَانِ
تَمْتَدَّانِ .. فِي أَزِقَّةِ نُورِكِ الْمُقَدَّسِ!
***
بُلْبُلٌ أَنَا
أُحَلِّقُ فِي رِحَابِ أَمَانِيكِ .. أَجْنَحُ صَوْبَ رَحْمَتِكِ
أَلْتَقِطُ بِمِنْقَارِي
لُؤْلُؤَتَيْ أُمِّي .. تَنْزِفَانِنِي وَجَعًا
وَأَغْدُو حَسْرَةً .. تَهْذِي بِأَحْضَانِكِ!
***
هَاءَنَذَا أَتْرُكُنِي لَكِ قَلْبًا سَاخِنًا
عَلَى عَتَبَةِ لِقَائِنَا
فَلَا تُمَرِّغِيهِ بِثُلُوجِكِ .. وَلَا تَدُوسِيهِ بِبُرُودِكِ!
من ديواني الرابع: (أُدَمْوِزُكِ وَتتعشْترين)
Xyz_amara@yahoo.com

مشكلة العرب مع الفكر/ الكولونيل شربل بركات

 قرأت مقالة في موقع أيوان 24 بقلم محمد جمال نشرت في 3 شباط 2016 عنوانها: "وثيقة اسرائيلية صدرت 1982 ... معالم استراتيجية "تفتيت" الدول العربية".

يقول الكاتب ان هذه الدراسة نشرت في شباط سنة 1982 في مجلة "كيفونيم" التي تصدر في اورشليم القدس وهي برأيه تشرح كيفية تفتيت الدول العربية لكي تبقى اسرائيل وحدها قادرة على الصمود.

يرتكز البحث المذكور على أن البقاء سيكون للقوي في غابة العالم الجديد الذي سقط معه "المنظور العقلاني الأنسي" وعليه فاسرائيل يجب أن تلغي الدول العربية أو تفتتها إلى كيانات متقاتلة لكي تبقى وحدها قادرة. والكاتب يستند على رأي المفكر المصري "شفيق مقار" الذي اكتشف البحث و"الدكتور نادر فرجاني" الذي أعاد نشره منتقدا المغفور له "محمد حسنين هيكل" المتخصص في "تحليل المصائب بعد وقوعها، ولكنه يلزم الصمت قبلها".

ما يلفت هنا بأن مقالا سياسيا نشر سنة 1982 (أي قبل 34 سنة) يحاول الكاتب أن يجعله نبوءة أو خطة استراتيجية توصل البلاد العربية إلى التفتيت، وقد يكون صحيحا أن تسعى اسرائيل وكل مواطن فيها إلى العمل على حماية مصالحه ولو أدى ذلك إلى الغاء "العدو" المتمثل بالدول العربية المحيطة، أوليس هذا ما تفعله كل الدول والأنظمة العربية منذ أوائل القرن الماضي أقله بالخطابات الرنانة؟ ولكن ماذا يفعل العرب بالمقابل لمنع تفتيت دولهم أو بالأحرى لبناء دول قابلة للحياة لا يمكنها التأثر بخطط "الأعداء"؟ والجواب بسيط أن العرب كلهم يكتشفون متأخرين سبب وقوعهم بالمصائب ودوما هم يلقون باللآئمة على الغير، وهو هنا العدو الصهيوني وقبله الاستعمار والامبريالية وما إلى هنالك من أعداء، ولكن هل هناك أمل بمحاولة النقد الذاتي واعادة الحسابات لمعرفة مكامن الضعف ومراكز الخلل التي تجعل العرب كدول قابلة للانهيار عند أول عاصفة؟

إذا ما قمنا بدراسة حول الثورة الفرنسية مثلا وتنائجها على صعيد المجتمع الفرنسي نجد بأنها كانت كارثة على فرنسا كدولة ولكن الفرنسيين تعلموا من مشاكلم الداخلية وقاموا بمحاولة تصحيح الخلل في نظام الحكم والادارة فأعادوا بناء دولتهم ولو بعد حروب وخسائر. وماذا فعل الروس بعد الثورة البلشفية التي قضت على كل شيء، لقد قاموا ببناء دولتهم من جديد بالرغم من كل المآسي وعادوا إلى خارطة الدول، وما حدث معهم مؤخرا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي جعلهم يمرون أيضا بتجربة خراب الدولة، ولكنهم اليوم ينهضون من جديد ويعودون لتزعم العالم. وماذا فعل الأمريكيون في الحرب الأهلية أواخر القرن التاسع عشر والتي قسمت البلاد وشتت القوى، ولكنهم عادوا أيضا ليضمدوا جراحهم ويبنوا دولتهم على قاعدة ديمقراطية الولايات واتحادها الطوعي في نظام فدرالي أثبت أنه يصلح للتنوع. وماذا عن المانيا واليابان وما إلى هنالك من أمثلة في هذا العالم الذي لم يتم البناء فيه بسهولة وبالتمني وانتظار الفرج من عند الله، عز وجل، بل بالعمل والنقد والتعلم من الاخطاء وقبول الآخر بفكره ومشاكله والتمرس على التعاون معه.

مشكلة العرب المزمنة أنهم يفتشون دوما عن جهة يرمون عليها سبب مشاكلهم فيستريحون من عناء التفتيش عن الحلول وينتظرون أن يقوم أحد ما بفرض حل لكي يبدأوا بمعارضته وأيجاد الاسباب لخربطته. فإذا قامت دولة وتنظمت فانها بالتأكيد وليدة الاستعمار وعميلة للصهيونية، وإذا نجح أحد القادة فهو أيضا عميل للامبريالية. فقد فشل عبد الناصر بالحرب (1967) لأنه حاول ارضاء الشارع الغبي الذي قبل بالخسارة، وربح السادات الحرب (1973) لأنه عمل بصمت واستعمل قدرات مصر الحقيقية بدون تبجح ولا أحلام وتخيلات، ولكنه لم يرضي الشارع بالرغم من انتصاره المدوي وانتهى مغدورا برصاص المتعصبين الذين لا يزالون يغتالون كل فكر جدي وكل عمل ناجح وكل تفاهم بين فئات المجتمع ومركباته. ولا نريد أن نكمل الحديث عن عبقرية القذافي أو انفتاح الأسد وتساهل صدام حسين وطوباوية جزاري الجزائر أو مناضلي داعش...

الاسرائيليون مثل العرب تماما يخافون على دولتهم من التفتت حال انتهاء العداوة مع الجيران ويستندون إلى عدم قبول العرب من حولهم بأي حل يعطي أملا لأجيالهم بالحلم بمستقبل أفضل من التعاون والانفتاح. ورهان العرب يبقى دوما على قيام دولة موحدة قادرة أن تحكم العالم قبل البدء يتنظيم حياتهم اليومية. الاسرائيليون يسقطون كل قائد يقترب من النجاح بالتفاهم مع الجيران لأنهم يعتقدون بأن الانفتاح مضر للعصبية المطلوبة (نظرية أبن خلدون؟) تماما كما يعتقد العرب بأن اي تعاون بين الفئات المختلفة التي تشكل دولهم هو ضعف لقوة الدولة واستمراريتها. وإلى أن يكتشف العرب والعبريون (عرب وعبر) ما يجمع بينهم ويدعوهم إلى التعاون مع كل الآخرين سيبقى الشرق الأوسط لعنة من عند الله على سكانه أولا وعلى العالم بدون شك...

بائعة الاعشاب/ نزار حنا الديراني

مجموعة قصصية
جمعت كل ما يربطها بالماضي من ذكريات مؤلمة وصعدت بها الى قمة البرج لتنصب عدستها الكبيرة وتوجهها الى حيث الشارع لتنتقي ما يناسبها في دائرة مغلقة رسمتها لكي تحصر فيها شخوصها، وتُسقط عليهم ما يمر من امام عينيها من مشاهد سينمائية كانت خلايا ذاكرتها قد سجلتها بأمانة لتمتزج مع الواقع وتصنع منها قصص جميلة كي تدغدغ القارئ وتستفيقه من نومه العميق . .. هذه القصص التي تشبه البانوراما تتحرك مشاهدها وتسحبك الى حيث أعماقها وتعيش معها وتستخلص منها العبرات ... هذا ما فعلته القاصة اللبنانية حنان رحيمي في مجموعتها القصصية ( بائعة الاعشاب ) الصادر من الدار العربية للعلوم ناشرون والذي تجمع بين دفتيها 13 قصة  في 160 صفحة ...
في البداية أثار عنونة المجموعة القصصية (العنوان هو لاحدى قصصها ) حاضنة المنطق الفلسفي لدي لمفهوم العشب الذي يشير دائما في الميثلوجيا العراقية الى فكرة الخلود لفاعلية العلاقة الكونية بين القصص والواقع المرير الذي نعيشه اليوم بحيث اصبحت هذه الاحداث خالدة الى يومنا لانك تراها اليوم وكما خزنتها في ذاكرتك بالامس ... أن هذه العنونة تشير إلى مدى تعلقها، بأشتغالات إشكالية السؤال الفلسفي حول الوجود الانساني وخصوصا حين يتعلق هذا الوجود بمدى ديمومة السلوك الانساني تجاه الاخر لذا اختارت صورها القصصية من تداعيات الرؤيا للاحداث التي لا تزال تمثل دقائق الحياة والوجود فتنبري القاصة من جانبها  لتكفكف دموع شخوصها التي تستمر الى ما لا نهاية في قرائها وكأنها قد تغذت من ذلك العشب لتكون خالدة ، ولان من عناصر القصة القصيرة هي وجود صراع لذا نراها تقيم حواراتها ( التي استقتها من ذكرياتها وهي في نزاع مرير ) من خلال التداعيات التي تشمل في مركباتها الوجود والموجود فيتشظى هذا الصراع الى حيث الداخل ، الا ان هذا الصراع غير مفتعل لانه تراه ونراه يوميا في الشارع ، لذا تثير هذه القصص الترقب والتلهف عند القارئ لمشاهدة نهاية الحدث ...
بمتابعة متأنية لتجربة القاصة حنان رحيمي القصصية، نخرج بانطباع، أن الخامة التي تصوغ منها القصة، هي الهم الأنساني، لترتقي به الى لعبة تبادل الأدوار بين الواقعي المرير والمتخيل القادر على انقاذ القيمة الانسانية من الزوال والنسيان .. وأسلوبها في الكتابة تبدأ من النهاية ، أي خلاصة الحاصل ومن ثم تعيد بك نحو البداية من خلال شريطك الذكرياتي .. وهي تستطرد في تلا فيف قصصها الى أن تصل الى الذروة ( العودة الى النهاية من جديد ) حيث تزاوج بين بنيتي الماضي والحاضر لتثور على كل شئ وتعلن في صراعها الخفي معادلتها الحياتية من روح الحدث لتسجل له موقفا ذاتيا ينبع من احساساتها ومشاعرها التي تتشكل في اقنوم الانسان. هذا الشكل يمنحنا فرصة التشوق اثناء القراءة ويستدرجنا بالأضافة لما نحن فيه من حالة تعاطف مع الصوت المعذب في القصة ، الى تعزيز رغبتنا في التضامن التام مع بطل القصة لذا تجد القص في هذه القصص متدفق وسلس .
ففي قصتها ( سرقوا صوت أمي ، غربة وغريب ، بائعة الاعشاب ، ابو حجر ...) لا يزال المشهد هو هو ، تاريخنا ملىء بالمآسي الى حد سرق منا احلامنا جرّاء ماضي ارهقه الحروب والصراعات وحاضر يسير على وجع الفقراء والبائسين وهي ترى بأم عينيها ، الكثير من الامهات والعذراوات والشباب في بلدها قد قدموا من بلدان اخرى تعمل في بيوتهم ليوفروا لقمة العيش وحيث جشع الاغنياء جعلهم ان ينظروا الى الاخر كونه حشرة ليس الا .. كما الحال لملايين من ابناء شعبها المنتشرين في بلدان المهاجر ...
وفي قصتها (ابنة المطر) لا يزال المشهد يتكرر وحيث ظواهر الطبيعة احيانا تقف عائقا امام الرغبات وحيث اصبح المظهر الخارجي ما يشغلنا كثيرا ... وهل اختفت الاسباب التي تدفعنا دوما للبحث عن الانفصال العائلي وحيث الطلاق يتكاثر بسرعة جنونية في عالمنا لتتناوله في قصتها ( ساستعيد دمي ) او البحث عن الهوية الانسانية للانسان وحيث الصراع اصبح قوتنا اليومي لاثبات الوجود ( قصتها الكف الاسود ، حكاية رماد ) ... اما في قصتها (عنتر زمانة) فالأنسان في هذه القصة يعيش الوجود المزيف حيث ينفصل الشخص عن اختياراته الذاتية وإمكانياته الخاصة، ويصبح تابعاً لإرادات الآخرين، فيسقط في حالة الاغتراب التي ينعزل فيها عن ذاته ويتحول وجوده إلى شيء غريب عنه، كل هذا فلا يزال المشهد نفسه وحيث البشر اصيحوا كدمى تحركهم الايادي الغليضة من وراء الستار .
وهكذا في قصتها ( من الطريق الى الطريق، مقبرة الاحياء ) فالحياة اليومية على سبيل المثال تفرغ الذات من وجودها الحقيقي، وتصبح مهددة من طرف الآخرين . وفي قصتها ( فايسبوك ) اجادت في إيصال الصورة ليراها الآخر من منظوره الخاص ومن خلال التأكيد على حدثها في السابق وانتشارها اليوم فالاحساس هنا هو الشعور بما انقطع من الوعي لايقاظه ...
إن رغبة القاصة تكمن ضمن الاتجاه الواقعي الذي جاء كرد فعل لحركة المجتمع الشاملة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والفكر؛ لذا جاءت قصصها كنبض ، حيث وضعت الإنسان في اعتبارها الأول . الا انها وظفته ليكون قادرا على التعبير بما يعج في دواخلنا .
لقد كانت القاصة أمينة مع فنها لان قصصها كانت تتضمن فكرة واحدة أو حدثاً واحداً، وشخصية أساسية، إضافةً لهدف واحد .. وقصصها مزيج من الحرارة والحيوية والديناميكية وتتمثل في مجموعة من العلاقات الإنسانية والأنماط السلوكية المختلفة فمواضيعها كانت صادقة مع الواقع الذي تقدم اليه القصة .
وفي الختام ما يسعني إلا أن أقدم لها حزمة من العشب والورد لتبقى وقصصها خالدة وجميلة ...

حكم وأمثال وخواطر/ ابراهيم امين مؤمن



وإنى لأرجو أنْ تترجم إلى الأجنبية ليعلم الكاتب الأجنبي أنّ الحكمة عندنا

1-العين لا تكذب , فإذا بكتْ حُجِبتْ .
-------------
2-لا تُعاهد مضّطرّاً , ولا تُحاسب مجنوناً , ولا تلوم مُكْرهاً .
 ---------------
3- قل لظالمِكَ ألآن : غداً يوم اللقاء.. مظلمتى معى أمْ معك ؟.
 --------------
4-أحْيي قلبكَ بالخير ولا تُمته بالشرّ.
 -----------
5-ليس للنجاح منتهى ..فقفْ حيث تجدُ نفْسَك.
-------------
6-الخوف يُذهب العقل والشكُّ يُشعل القلب .
 -------------
7-الحكمة لغة العقلاء , والحمق لغة الجهلاء .والصبرلغة الاقوياء .
------------
8-أكبر محفّز للنجاح هو نفسه النجاح .
--------------
9 -النتائج حاصلُ المعطيات ,فإذا عظُمتْ المعطيات عطُمتْ النتائج .
----------
10-تُولد القوّة من العزيمة ,وتموت من اليأس والهزيمة
----------------
11-الكذّاب ليس له مستقر , فلا تتعب نفسك فى السعى ورائه.
---------------
12- إذا أردتَ أنْ تبْن عرْش ملْكك,فليكنْ أساسه عدلك .
--------------
13-قِفْ حيثُ تجد الأمن دون الناس,فإذا اقترن بالناس ففرّ حتى تقفْ .
 -----------------
14- هناك مَنْ يزرعون وغيرهم يحصدون .
--------------------
15-عليكَ بخُطوات التؤده حيث يتوجب التريث,وسِرّعْ خُطوات الهروله حيث
تتوجب العجلة.
-------------------
16-فى لحظة الموت تبدأ لحظة الخلود.
-----------------
17- إبحثْ عنْ السعادة فى الأحلام ولا تبحثْ عنْ الأحلام فى السعادة
-----------------
18-الخوف واليأس إذا اقترنا أماتا كل حى.
----------------
19- لحظة الإنهيار الحقيقة هى لحظة أنْ تقرر أنْ لا تفعل شيئاً.
----------------
20- النفس ..أدبٌ إذا قيدتها وفسقٌ إذا حرّرتها .
-------------------
  

هل يعود العرب إلى التاريخ?/ نبيــل عــودة

*الحالة السائدة: تكفير بدل التفكير، قصور واستجداء، النقل بدل العقل والإتباع بدل الإبداع* دول مختلفة اندمجت في عصر الحداثة والعلوم دون أن تفقد قيمها التقليدية وفسيفساءها الاجتماعية* متى يقتنع أصحاب الفخامة والجلالة ان التاريخ لا ينتظر القاصرين* الكواكبي: "الاستبداد السياسي ناتج عن الاستبداد الديني"* 

قال ابن المقفع في كتابه "الأدب الكبير"، في فصل عن الدين والرأي: "إن الدين يسلم بالإيمان، وإن الرأي يثبت بالخصومة، فمن جعل الدين خصومة، فقد جعل الدين رأيًا، ومن جعل الرأي دينًا، فقد صار شارعًا ومن كان يشرع الدين لنفسه، فلا دين له".
كنا عقلانيين نحكم عقولنا، مبدعين ننظر نحو التمدن والرقي، فأين نحن اليوم؟!
يشتد الانتقاد في المجتمعات العربية - الإسلامية، لما يعرف بـ "الحداثة الإمبريالية الصليبية"، حسب تعبير منظري الفكر السلفي .
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل كون الحداثة (أو رديفها: التنوير) جاءت ضمن انجازات ما يعرف بالمجتمعات الإمبريالية الرأسمالية المتطورة، هو تبرير كاف لرفضها والتخلي عنها؟.
لا نبرر الإمبريالية كسياسة ونهج حمل معه العنف الدموي والقهر للشعوب، إنما نطرح سؤالاً من زاوية أخرى ترتبط بواقع المجتمعات التي عانت من سياسات الاستعمار وعنفه وقهره ودمويته، هل كون الحداثة، التنوير، العقل العلمي والرقي التكنولوجي، نتاجَ المجتمعات الغربية المتطورة اقتصاديًا وعلميًا، كافٍ لتبرير رفضنا للحداثة مثلاً، أو لما أنجزته من تنوير وعلوم وتكنولوجيا، والتمسك بواقع اجتماعي مغرق بالماضوية والفقر في كل مرافقه بل والتغزل به؟! الم تشكل الحضارة العربية الإسلامية في وقته منارة للتنوير لم يرفضها احد تحت صيغ دينية او غيرها؟.. ألم  يؤثر الفيلسوف الإسلامي ابن رشد بفلسفته على أوروبا أكثر من فلسفة أريسطو، مخرجا أوروبا من ظلمات التقييد والتخلف الفكري إلى نور العقل والتفكير؟
المستهجن انه بدل مواجهة السياسات والدول الاستعمارية المعادية، التي تقف في الصراع العربي الإسرائيلي، بشكل خاص... وبوقاحة نادرة ضد العالم العربي وحقوق الشعب الفلسطيني، نراها تندمج بمشاريعها التي لا تخدم مصالح الشعوب العربية،  والمحزن ان  معظم الدول العربية، أضحت "صديقة" (بمرتبة عميلة) ومتعاونة مع مصالح الإمبرياليين وأطماعهم ودعمهم للاحتلال الإسرائيلي ومختلف اعتداءاته على الشعب الفلسطيني وعلى دول الجوار العربية، صمتهم الصارخ هو موقفهم الرسمي المتماثل ليس مع الرأس في واشنطن فقط، بل مع الذنب الإسرائيلي أيضا ، الذي بالتأكيد له دور كبير في حماية أنظمتهم وعروشهم وفسادهم.  مقابل ذلك توفر الولايات المتحدة لإسرائيل التفوق العسكري، العلمي، التكنولوجي والاقتصادي على جميع الدول العربية منفردة ومجتمعة، وترفض أي إدانة لاحتلاله ورفضه العملي، وليس اللساني... لمبدأ دولتين لشعبين.
 نجد أن الغضب والرفض يتجه فقط ضد ما يسميه الأصوليين ب "الحداثة الصليبية" متغابين عن حقيقة أن الحداثة هي في جذور كل التطور الحضاري الذي تجاوزنا وبتنا نستجدي علومه وتقنياته من الغرب، في واقع لم يعد بالإمكان إدارة دولة ومجتمع بدون منتجات الحداثة وحضارتها. من هنا يمكن وصف حالتنا ب "التكفير بدل التفكير"، "القصور والاستجداء"   "النقل بدل العقل" و "الإتباع بدل الإبداع"، وعمليا دفع الدول العربية وشعوبها إلى خارج التاريخ البشري. والنتيجة، الاستمرار في البقاء على هامش الحضارة العالمية.. ويؤلمني أني لست متفائلا من المستقبل مع ما يجري اليوم في الدول العربية!!
 العالم العربي اليوم بلا آفاق تبشر بالتغيير، بلا رؤية مستقبلية، يخضع لأنظمة لا يقلقها إلا استمرار مصالح القوى (العائلات او القبائل) القابضة على السلطة. حتى الربيع العربي جرى إجهاضه بسبب غياب تنظيمات وطنية ويسارية قادرة على قيادة المواجهة ضد الأنظمة الفاسدة.. القوة المجهزة والمعبأة سياسيا وعسكريا كانت قوى التدمير والقتل، قوى دعمتها الرجعيات العربية بمشاركة الولايات المتحدة.. بدأ الدعم لمواجهة الاتحاد السوفييتي آنذاك في أفغانستان، لكن الوحش الذي جهز بكل الوسائل القتالية يريد فرض سيطرته على العالم العربي.. بالطبع بمباركة أمريكية إسرائيلية، لذلك وفرت له الرجعيات العربية كل التسهيلات، ولا ننسى الموقف الأمريكي المعارض لإسقاط نظام محمد مرسي في مصر!! 
 يملك العالم العربي طاقات وقدرات لتغيير واقعه وتغيير تعامل الدول المختلفة معه حسب معايير تخدم مصالحة ومكانته... وأنا أدعي انه يملك ما يجعل دول العلم برمتها تعيد حساباتها وأساليب تعاملها. إن تجربة جمال عبد الناصر القصيرة والتي قطعت بوقت حرج من التاريخ العربي أكبر برهان على ذلك!!
متى نشهد تحولا في الاتجاه الصحيح...الم يقتنع أصحاب الفخامة والجلالة والسمو ان التاريخ لا ينتظر القاصرين؟!
أفهم أننا ننتقد العصر الإمبريالي، أفهم أننا ندين أساليب الاستبداد ألاحتلالي الإمبريالي، ولكن كيف نقدر أن نلائم بين احتياجاتنا الضرورية لمنجزات عصر التنوير والعلوم والتكنولوجيا، التي نستخدمها ولم نعد نتخيل حياتنا بدونها، ونقدنا لثوبها الإمبريالي؟! مجتمعنا يحتاج لإنتاج العلوم والتكنولوجيا وليس لاستيرادها فقط، يحتاج لإحداث نهضة اجتماعية واقتصادية وفكرية واسعة، إن العلوم والتكنولوجيا والاقتصاد المتطور، والرفاه الاجتماعي لا قومية أو دين لها. لا مبرر لما نشهده من رفض التنوير والتحديث وظاهرة الاغتراب الحادة لمجتمعاتنا عن منجزات عصرها بما في ذلك موجة الاستلاب للهوية القومية... بل والتخلي الإرادي عنها حتى لهوية داعشية بدون أي خلفية ثقافية أو تنويرية إلا إذا اعتبرنا الذبح بالتسجيل المصور هو التنوير الذي تبشرنا به الدواعش!!
دول مختلفة اندمجت في عصر الحداثة والعلوم، دون أن تفقد قيمها التقليدية وفسيفساءها الاجتماعية مثل الصين واليابان والهند والعديد من دول جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.
أحد رموز الإصلاح الفكري في التاريخ العربي الحديث، عبد الرحمن الكواكبي يقول في كتابه "طبائع الاستبداد": "الحركة سنة عاملة في الخليقة دائبة بين شخوص (بروز) وهبوط، فالترقي هو الحركة الحيوية، أي حركة الشخوص، ويقابله الهبوط وهو الحركة إلى الموت".
لم أجد أفضل من هذا التعبير لوصف ما يجري في مجتمعاتنا من حركة إلى الموت... وإذا لم نفهم ان التنوير والعلوم، والتحديث والتكنولوجيا هي حركة نحو الحياة، وإن وصف الحداثة والتنوير بالإمبريالية والصليبية هو نوع من سقوط العقلانية، وهذا الأمر يشكل جريمة بحق تجديد انطلاقة المجتمعات العربية نحو آفاق حضارية وثقافية، وكل محاولات أسلمة الحداثة، تفرغها من مضمونها.
إن طرح شعار "الإسلام هو الحل" في المجتمعات العربية والإسلامية، يعطي بلا شك هويةً وقيماً في دول لم تقدم للمواطن أياً من الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية التي تتلاءم مع عصرنا. كل ما قدمته تلك الدول، أنظمة استبدادية بلا مؤسساتِ دولةٍ قادرة على العمل والرقابة، لذا لا استهجن ان يقودنا "التطور" إلى الداعشية في ظل فشل كل البدائل الوطنية واليسارية.
قد يكون "الإسلام هو الحل" جاء ليعطي البديل لسقوط التيارات القومية واليسارية التي وعدت بالحرية وسلبتها، وبالديمقراطية وقمعت الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وعاقبت المفكرين، وبدل الرفاه الاجتماعي قدمن الفقر والإملاق، شعاراتها الاشتراكية خدمت القطط السمان... بالمقابل نجد أن ما قامت به مؤسسات اجتماعية وصحية وتعليمية إسلامية، حلت مكان مؤسسات الدولة في رعاية الاحتياجات الأساسية للمواطنين...
في واقع تدفق ملايين سكان الأرياف للعمل في المدن، لم يجدوا غير المؤسسات الإسلامية للتوجه إليها ومدَّهم بالرعاية وبهويةٍ هامة افتقدوها في إطار أنظمتهم (القومية!!) الفاسدة والغائبة عن القضايا الملحة لملايين المواطنين...
السؤال الكبير، الذي طرحه أيضًا العديد من الباحثين العرب والغربيين، هو سؤال هام للغاية، هل شعار "الإسلام هو الحل" قادر على حل مشكلات الظلم الاجتماعي والقمع السياسي والتخلف الاقتصادي، وتطوير العلوم والتعليم والتقنيات الحديثة، وحل مشكلة الضعف العسكري في مواجهة إسرائيل مثلاً.... وربما إيران مستقبلاً؟ الأجوبة هنا تكاد تكون واضحة.
لا توجد حلول دينية (إسلامية، مسيحية أو يهودية أو بوذية أو كونفوشية، لا فرق) لمشاكل التطوير والبناء والتقدم.
توجد حلول علمية، خطط مبنية على معطيات العلوم والتكنولوجيا بدون شعارات، مهما صيغت بديباجة لغوية... لن تكون قادرة على حل معضلات المجتمعات فقط باستبدال الهوية الوطنية مثلاً بهوية دينية، ومشاكل ذلك في مجتمعات متعددة الانتماءات، لا ننكر أهمية الهوية الأساسية للإنسان، وهنا سقطت الأنظمة القومية نتيجة ممارستها القمعية وفسادها.
للأسف هذا الواقع بات واضحًا أنه يتجه نحو المزيد من التأزم في المجتمعات العربية والإسلامية.
إلى جانب التضخم السكاني الكبير، هناك عجز كبير في إيجاد عمل للشباب الذين هم في أوائل العشرينات من عمرهم.
بالمقارنة مع التسعينات من القرن الماضي حدثت زيادة بنسب كبيرة جدًا في الدول العربية لعدد الباحثين عن العمل، أبرزها سوريا حيث قدرت ان الزيادة ستكون بمعدل 100% (طبعا قبل الحرب الأهلية المدمرة وبعد انتهاء هذه الحرب سيكون وضع سوريا كارثيا)، أما الزيادة المتوقعة في الجزائر ومصر (قبل الربيع العربي) والمغرب قدرت ب 50%، في تونس 30%. هذه أرقام رهيبة إذا فهمنا أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. تكفي الإشارة أن اقتصاديات هذه الدول تتطور ببطء شديد لا يتلاءم مع الزيادة في عدد طالبي العمل. معنى ذلك ان إضافة نسبة 50% على نسبة البطالة (الرسمية والمخفية) القائمة على أقل تقدير... هو محرك للفوضى الاجتماعية والسياسية ولظواهر الصراع المسلح تحت صيغ مختلفة، بمعنى آخر، فقدان الكرامة الوطنية، والتحول، بخيارهم المطلق... الى أذلاء في تعاملهم مع القوى الطامحة للسيطرة على الشرق الأوسط... وهل ما زالت سرا تفاهماتهم مع إسرائيل؟
اليوم بعد الربيع العربي الذي فجر الدمامل المتقرحة، ولم يقد الى التغيير المرجو، لذا تبرز صورة مخيفة لكل بشاعة ومأساة الواقع العربي الراهن!!
إن قوى التنوير وانطلاق فكر الحداثة في أوروبا، شكلت انتصارًا للعقلانية. من الخطأ الظن أن المثقفين الأوروبيين، من رجال العلم والأبحاث والاقتصاد والإبداع الأدبي والفني يحملون وزر إمبريالية دولهم.
إن استعراض أسماء فلاسفة عصر التنوير والنهضة الأوروبية، وعلى رأسهم جان جاك روسو وفولتير وجون لوك وسبينوزا وكانط، تثبت أنهم كانوا ألدَّ أعداء استبداد الدولة واستبداد الدين في نفس الوقت، وهي المعادلة التي انطلقت منها دول أوروبا الإمبريالية إلى استبداد الشعوب في المستعمرات.
إن رفضنا للحداثة، هو رفض للعقل العلمي والعقل التكنولوجي، ومبادئ التعليم وحقوق المرأة ومساواتها، ومبادئ الديمقراطية، ولكننا نستهلك بدون وعي مستحضرات هذه الحضارة، مثل الإنترنت والتلفزيون ووسائل الاتصالات والنقل الحديثة والتجهيزات المنزلية وغيرها من المواد الاستهلاكية، دون أن نعي حقيقة تحولنا إلى مجتمع استهلاكي ينفي العقل ويحلّ محلّه النقل، يرفض الإبداع ويستبدله بالإتباع، يرفض الديمقراطية ليحل مكانها استبداد سياسي وديني والكواكبي يقول: "الاستبداد السياسي ناتج عن الاستبداد الديني". للأسف، هذا هو واقع المجتمعات العربية.
في مواجهة هذا الواقع نجد مثقفين تبريريين، جبناء يبررون تخلف مجتمعاتهم بخزعبلات "علمية" وإيمان عجائز وتأويلات تفتقد للمنطق العقلي. المثقفون المتنورون يهجرون على الأغلب أوطانهم، أو يُضمن صمتُهم في السجون والقبور!!
هذا الواقع يولد الاغتراب، والمغترب في مجتمعه يفتقد لدوافع التقدم وإحداث التغيير في واقعه وحياته فهل نشهد انتفاضةً للعقل العربي ونحن نحثّ الخطى في القرن الحادي والعشرين... انتفاضة تعيد للعرب مكانتهم في صناعة الحضارة الإنسانية؟؟!
nabiloudeh@gmail.com

اضراب الأسرى يجب ان يوحد لا ان يفرق/ راسم عبيدات

الإضراب المفتوح عن الطعام االذي يخوضه أسرانا الأبطال في سجون الإحتلال  من اجل الدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم،ومن اجل شروط وظروف حياة إنسانية كريمة،يتوفر فيها العلاج للحالات المرضية الصعبة،والتي طالما عانت من إهمال طبي متعمد من قبل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية،مما ادي الى استشهاد العشرات منهم نتيجة لحالة الإهمال تلك،وكذلك الكثير من عائلات الأسرى حرمت من زيارة أبنائها لفترات طويلة،وبالذات من قطاع غزة،بحيث هذه الحالة خلقت حالة من الجفاء وتبلد المشاعر بين الأسرى وعائلاتهم وبالذات اطفال الأسرى،ولا ننسى سياسة العزل بحق قادة وكادرات الحركة الأسيرة،والتي نتج عنها امراض كثيرة ومزمنة فتكت باجساد هؤلاء الأسرى المعزولين،بسبب رطوبة زنازين العزل والضغوطات النفسية المستمرة التي يتعرضون لها من قبل سجانيهم،والأسرى عندما يطالبون بتركيب هواتف عمومية في ساحات السجون تمكنهم من التواصل مع اهلهم وذويهم لا يطلبون المعجزات،فقاتل رابين سمح له بالزواج والإنجاب وهو في المعتقل،ولا ننسى الإعتقال الإداري الذي يتنافى مع كل الإتفاقيات والقوانين الدولية،والذي بسببه يتواجد اكثر من 500 اسير اداري فلسطيني في سجون الإحتلال دون تهمة محددة او محاكمة،بل هي تقارير سرية لمخابرات الإحتلال ذريعتها "هوس" الإحتلال الأمني،تبقي على الأسير في المعتقل (6 أشهر + 6 أشهر + 6 أشهر...)،لتصل في النهاية لثلاثة أعوام او اكثر،حيث القضاء الإسرائيلي يطوع لخدمة الأمن والمستوى السياسي الإسرائيلي.،ويستجيب لطلبات المخابرات الإسرائيلية بالإبقاء على الأسير الفلسطيني في المعتقل.

 المعركة التي يخوضها أسرانا في المعتقلات الصهيونية مع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها ومستواها السياسي،صعبة وقاسية،تتجند فيها دولة الإحتلال بكل اجهزتها ومستوياتها ومؤسساتها،من اجل كسر إرادة ابطالنا الأسرى والتأثير على معنوياتهم،وممارسة كل أشكال الضغوط عليهم،ليس بأساليب القمع والتنكيل والعزل والتفتيشات العارية والمذلة وحفلات الشواء داخل السجون وخارجها فقط،بل هي تستخدم سلاح الإعلام والإشاعة،كجزء من حرب نفسية تربكهم وتضغط عليهم وتشككهم بجدوى اضرابهم،وحتى في انفسهم وفي بعضهم البعض،بالقول مثلاً بأنكم لن تحققوا شيئا بالإضراب،ولن نتفاوض معكم وسنترككم تموتون،وبأن الفصيل الفلاني لا يشارك بالإضراب،او ان هناك من فك إضرابه وهكذا.
 كسب المعركة وهذه الحرب الشرسة،يتوقف بالأساس على صمود أسرانا ووحدتهم وصلابة إرادتهم وعدالة ومشروعية مطالبهم،وبالمقابل طول المعركة او تقصيرها،تعتمد على قوانا وفصائلنا واحزابنا ومؤسساتنا وجماهير شعبنا،داخل الوطن وخارجه،ومدى تضامنها وتفاعلها مع قضية أبنائنا الأسرى،حركة شعبية وجماهيرية على أرض الواقع،خيم اعتصامات،مسيرات وتظاهرات شعبية،إضرابات عن الطعام تضامنية،لقاءات وتقارير ومقابلات اعلامية وسياسية،اتصالات مع مؤسسات حقوقية وانسانية لإطلاعهم على حقيقة جرائم الإحتلال بحق أسرانا وعدالة مطالبهم،تجنيد اوسع حملة عربية ودولية لدعم أسرانا في خطوتهم النضالية،تواصل مستمر مع عائلات الأسرى،إبراز الجوانب الإنسانية،من خلال بث رسائل ولقاءات مع اطفال وامهات اسرى معزولين او ممنوعين من الزيارة او محرومين من حضن أبائهم..الخ.
 هذه النضالات الشعبية والجماهيرية،يجب ان تتكامل وتتقاطع مع جهد رسمي،يُفعل كل سفاراتنا وممثلياتنا في الخارج لدعم مطالب أسرانا،وتجنيد الرأي العام الأوروبي والأمريكي لصالح أسرانا ومطالبهم.
في هذه المعركة يجب ان نكون موحدين خلف مطالب أسرانا،بكل مكوناتنا ومركباتنا والوان طيفنا  السياسية والمجتمعية،الشعارات المرفوعة،هي مطالب أسرانا،وتحميل العدو المسؤولية عن حياتهم ودعوة العالم والمؤسسات الدولية للضغط على حكومة الإحتلال،لوقف مجازرها بحق أسرانا والإستجابة لمطالبهم المشروعة والعادلة،الخطابات والكلمات والمسيرات في خيم الإعتصام والمهرجانات،تركز على الأسرى بشكل عام،مطالبهم،اوضاعهم،ما يتعرضون له من قمع وتنكيل،رفع صورهم وبث معانياتهم ومعانيات عائلاتهم...الخ،الإبتعاد عن الخطاب والشعار والهتاف المفرق والفئوي والإستفزازي،والإبتعاد عن الفئوية في المقابلات واللقاءات الإعلامية والتغطيات للأنشطة،بالتركيز على لون سياسي دون الاخر او أسير دون غيره.

 الإحتلال يبذل كل جهوده وطاقاته،ويوظف كل إمكانياته،من اجل هزيمة حركتنا الأسيرة في معركتها الإستراتيجية والنوعية،معركة الأمعاء الخاوية،تلك المعركة التي لا قدر الله إذا ما انهزمت فيها حركتنا الأسيرة،فسيكون لذلك تداعيات خطيرة على صعيد الحركة الأسيرة،وعلى صعيد شعبنا الفلسطيني،فنجاح الإحتلال في إفشال إضراب حركتنا الأسيرة،يعني تعميق حالة التفكك والإنقسام في الواقع الإعتقالي،وتفريغ الحركة الأسيرة من مضامنيها النضالية والوطنية،و"تغول" و"توحش" ادارة مصلحة السجون على الحركة الأسيرة،ومصادرة الكثير من حقوقها وإمتيازاتها التي عمدت بالدم والتضحيات،ناهيك عن بروز النزعات الفردية والجهوية والعشائرية بدل الحزبية والتنظيمية،وتفكك المنظمات الإعتقالية والوطنية،وتعطل وتغييب الحياة التنظيمية..الخ.

 وفي الخارج ستدفع التنظيمات الثمن الأكبر،حيث سيتاكل رصيدها والثقة بها،وستزداد الفجوة بينها وبين الجماهير.

اضراب حركتنا الأسيرة في يومه الثاني عشر والإضراب الشامل وحد جناحي الوطن،وبذلك ما نحتاجه في دعم معركة أسرانا،ان نبتعد عن المعارك الجانبية والمناكفات والتحريض ونشر الفتن،وتعميق الشرخ والإنقسام،فكلها عوامل مدمرة ولا تساعد في تحقيق إنتصار حركتنا الأسيرة،والواضح بان هذه المعركة ستكون طويلة وصعبة وقاسية،ولا يمكن مواجهتها بفتح معارك جانبية وداخلية،فلا الإنتخابات المحلية المجزوءة ولا الإجراءات العقابية من قبل السلطة الفلسطينية بحق قطاع غزة،ستشكل ادوات ورافع لإنتصارنا،لا في المعارك السياسية ولا الكفاحية ولا في حماية قضيتنا ومشروعنا الوطني من مخاطر التفكك والتبديد ولا حتى الإنتصار في معركة الأسرى.

الان الحرب على الحركة الأسيرة،تتطلب منا الترفع عن ذواتنا ومصالحنا الخاصة،فالقادم على صعيد قضيتنا ومشروعنا الوطني خطير جداً،فهل نعي ذلك ونكون على قدر المسؤوليات،أم نفعل كما فعل نيرون بروما نهدم المعبد على رؤوسنا..؟؟

حروف العلة واللين والمد لغةً، ودورها في الشعر العربي ـ الحلقة الثانية/ كريم مرزة الأسدي

 ج  - الردف  في   القوافي  المطلقة  وهو حرف من أحرف  المد واللين :

القوافي المطلقة التي يسبق رويها حروف الردف  ، وأنواعها ، ونتابع التسلسل نفسه لحروف القوافي المطلقة المردوفة والموصولة بأحد حروف اللين أو الهاء الساكنة ، أو الهاء وحرف خروجها ، وحرف الردف هو أحد حروف العلة الثلاثة  الساكنة  (9) يسبق حرف الروي.

1 - الردف حرفا الياء والواو الساكنان: 
 ففي قصيدة  المتنبي عند مغادرته مصر في عيد الأضحى وهجاءً لكافور الأخشيدي ، فكان  الردف الياء الساكنة ،  ويجوز أن تأتي الواو الساكنة معها كردف في القصيدة نفسها أو المقطوعة دون عيب :

عيدُ بأيةِ حال ٍ عدتَ  يا عِيْدُ ****بما مضى أم لأمر ٍفيكَ تجدِيْدُ
ماذا لقيتُ من الدنيا وأعجبهُ ****نـّي بما أنا شاكٍ منهُ محسُوْدُ (10)

تكتب القوافي عروضياً (عِيْدُوْ) (دِيْدُوْ) (سُوْدُوْ)  ،  الياء الساكنة في قافيتي صدر وعجز البيت الأول ردف ، والواو الساكنة الأولى في قافية البيت الثاني (ردف) ،  والدال المضمومة في القوافي (روي) ، وحركة (المجرى) في الروي الضمة،والواو الساكنة الأخيرة الناتجة عن إشباع حركة الضمة  في القوافي (وصل) ،  وهاك مثال آخر من الجواهري وهو يناغي لبنان :

ورددتُ  بالنغم الجميل لأرزهِ  *** ظلاً أفـــــــاء به عليّ ظلِيلا
أو ما ترى شعري كأنّ خِلاله**** نسي النسيم جناحهُ المبلـُولا (11)

ركز على وصل البيت الأول أصله تنوين (ظليلاً - ظليلن بالكتابة العروضية ) ، ولكن حول التنوين إلى ألف الإطلاق وصلاً ،  أما البيت الثاني الفتحة شبعت إلى ألف  كوصل .
يعلل الدكتور جميل  سلطان  سبب جوازالجمع بين الحركتين السالفتين " لأنّ  الضمة والكسرة اختان "(12) بمعنى - حسب المفهوم الحالي - أنّ الإيقاع الكمي للحركتين بعد إشباعهما متساو ٍ تقريباً ، بينما الفتح بعد الإشباع يتحول إلى الألف ، والإيقاع الكمي للألف أطول كمّاً ،  فلا ينسجم مع الكسر والضم ،  ثم ينتقل الدكتور جميل في الصفحة الأخرى إلى قوله " وهذا الجمع لا يجوز في ردف اللين عند العارفين بالأصول الأساسية " (13) ، والحقيقة كما ذكرنا سابقاً حروف المد يجب أن تكون حركة الحرف الذي يسبقها من جنسها ، أما حروف اللين فأشمل  قد تكون حركة الحرف الذي يسبقها من جنسها  ، أو  ليس من جنسها  ما عدا حرف الألف فهو حرف مد دائماً ، لذلك في حالة مخالفة حركة الحرف الذي يسبق الواو أوالياء لجنسهما - كأن تكون  حركته الفتح -  لا يجوز جمعهما في القصيدة الواحدة أو المقطوعة .

2  - بعد أن انتهينا من ردف حرفي الواو والياء ،  ويجوز اجتماعهما في القصيدة الواحدة في حالة كونهما حرفي مد ،  والآن نأتي إلى القافية المردوفة بالألف ، ونلجأ إلى السيد مصطفى جمال الدين إذ يقول :

بحروفٍ شدّتْ  عيوني للنور*** ِوروتْ من العبير انتظَـَاري
وحوار ٍلو أنّ لليلِ قلبــــــــاً *** لاكتفى عن ترصّدِ الأقمَـــار ِ(14)

الروي حرف  الراء ، والألف التي تسبقه في البيتين ردفه (الردف) ،  وياء المتكلم  الساكنة في البيت الأول وصل، وعموماً  ياء المتكلم لا تكون حرف روي مطلقاً ، وفي البيت الثاني تشبع حركة الكسر إلى ياء ساكنة فتصبح وصلاً .

3  - قافية مطلقة مردوفة بعد رويها هاء ساكنة مثل قول دعبل يهجو الفضل بن العباس الخزاعي،وكان دعبل مؤدبه  ، قائلاً :

ما أن يزالُ - وفيه العيب يجمعهُ -*** جهلاً لأعراض أهل المجد عيّابهْ
إنْ عابني لـــــــم يعبْ إلا مؤدبهُ  ***ونفسهُ عــــــــاب لمّا عاب آدابهْ (15)

الباء الروي والألف الذي قبلها ردفها ، والهاء الساكنة بعدها وصلها.

4  - قافية مطلقة  مردوفة بعد رويها وصل  هاء  تنتهي بخروج حرف لين  عقبى تشبعه من حركته ، إليك قول أبي فراس وهو يصف السحاب :

جاءتْ به مسبلة ً أهدابُهُ *** رائحة ً هبـوبها هِبابُهُ
ولم يؤمن فقدهُ إيــــــابُهُ *** شيخ ٌ كبيرٌ عادهُ شبابُهُ (16)

الباء المضمومة الروي ، الألف الذي قبلها الردف ، الهاء بعد الروي الوصل ، وتشبع حركة الهاء إلى واو ساكنة، فتصبح الخروج ،  أو خروج ألف ضمير المونث الغائبة المتصل ، كقول السيد جعقر الحلي :

بالغلس انســـــلت إلى حبـِيْبـِها ****تخطو وعينــــاها إلى رقِيْبِـِها
ساحبة الأبراد  فـــــي مـــرابع ٍ  ***أرجآوءها تضوّعــــتْ بطِيْبـِها
مرّتْ بها ريحُ الشمال فاغتدتْ  **** تحمل طيب المسك في جيُوْبـِها (17)

لاحظ من خارج القافية المطلقة إلى داخلها ، يطلّ عليك من خارجها حرف (الخروج) ألف ضمير الغائبة المتصل ،  ثم (الهاء) وهي  الوصل , فحرف (الروي) الرئيسي وهو الباء المكسورة ، فالردف ، وفي الأبيات السابقة  حرفا الياء أوالواو الساكنان ،  ولكن دقق في حركة الحرف الذي يسبق الردف تجدها من جنسه  ، الضمة للواو الساكنة ، والكسر للياء الساكنة ، لذلك جاز للشاعر جمعهما (الواو والياء ) في  قافية القصيدة نفسها ، وهذا رأي سيبويه ( 18) ،  ومن الجدير ذكره أفضل شعرياً إن كان حرف الردف نفسه في كل القصيدة دون تصنع أو تكلف ،  ولكن مجيء الياء مع الواو وفق الضوابط لا تعد عيباً مطلقاً.

د  - القوافي المطلقة المؤسسة  بألف التأسيس يعقبه حرف الدخيل :

حرف التأسيس هو حرف الألف ، وهو حرف علّة ولين ومد ،يكون ساكناً ، وقبله حرف حركته الفتحة دائماً ، كما ذكرنا مراراً - يأتي قبل حرف الروي في القاغية المطلقة ، وبين حرف التأسيس ( الألف) ، وحرف الروي ، حرف آخر ، يسمى  الحرف الدخيل، وإليك التوضيح :

1 - إمّا أن  يكون حرف التأسيس من نفس الكلمة التي بها حرف الروي  ، وبينهما حرف واحد يسمى الدخيل ،  مثل أبيات ابن المعتز العباسي الشاعر الشهير في دفاعه عن نفسه ، لما أشاع عليه القرامطة هجوه للإمام علي (ع) قائلاً :

أآكل من لحمي وأشرب من دمي****كذبت لحــــــاك الله يا شرَّ واغل ِ
عليٌّ وعبّــــــــاسٌ يدان كلاهما *** يمين سواء في العلى و الفضائل ِ(19)

كما ترى (واغل) كلمة واحدة تشمل حرفي التأسيس (الألف) والروي (اللام) ، وبينهما حرف الدخيل (الغين) ،  وتشبع كسرة اللام إلى ياء ساكنة (حرف لين ) ،  فتصبح (الوصل) ، ومثلها كلمة (الفضائل) في البيت الثاني ،  ولكن إذا كان بين الألف وحرف الروي حرفان مثل (عقابيل) لا تكون الألف حرف تأسيس .

2 - وقد يكون التأسيس من كلمة ،  والروي من كلمة  أخرى، فكلمة الروي إما أن تكون  متصلة بضمير أو غير متصلة ،  فإن كان فيها ضمير فلا يخلو إما أن يكون ذلك الضمير حرفاً متصلاً بحرف خفض أو غير متصل ،  فإن لم يكن متصلاً بحرف خفض كالكاف في الخطاب المذكر والمؤنث مثل قول طرفة :

قفي قبل وشك البين يا ابنة مالكٍ ***وعوجي علينا من صدور جمالكِ (20)


أمّا إذا كان الضمير متصلاً بحرف خفض (مكسور) , كقول سحيم عبد بني الحسحاس :

ألا نادِ في أثارهنّ الغوانيا      سقين سِماماً ما لهنَّ وما لِيا (21)

صدر  البيت واضح ألف التأسيس من نفس كلمة حرف الروي (الياء) ، ونعني كلمة ( الغوانيا ) ،النون فيها ( الدخيل) . والألف الأخيرة هي فتحة فوق الياء شبعت إلى ألف فيصبح (الوصل) ، أمّا في العجز(ماليا ) كلمتان ، ألف التأسيس في كلمة (ما ) ،  والكلمة الثانية (ليا ) اللام  حرف جر مكسور ،  (ياء ) المتكلم (الروي) ،  والألف الأخيرة (الوصل) .
وما عدا كاف المخاطبة للمذكر و المؤنث والضمير المتصل بحرف خفض (مكسور) ، لا يمكن أن نحسب الألف المفصولة  عن حرف الروي - من كلمة أخرى -  بحرف واحد تأسيساً ،  مثل قول حسان :

إذا لم يسدْ قبل شدّ الإزار ِ*** فذلك فينا الذي لاهُوهْ

(لاهُوهْ) هنا الألف ليس بحرف تأسيس (22) ، لأن حرف الروي الواو قبلها الهاء مضمومة وليس مكسورة (مخفوضة) ، وضمير الهاء الساكن الذي بعدها منفصل عنها ،  بينما لو  (ماهِيا) يحسب الألف الأول حرف تأسيس ، الياء حرف  الروي قبله هاء مكسورة ( الدخيل) ،  والألف الأخيرة حرف الوصل متصل بالروي الياء.
       
3  - قافية مطلقة مؤسسة  وصلها هاء ساكنة  : من قصيدة لكاتب هذه  السطور مؤسسة  رائية مجراها حركة الفتح ووصلها الهاء أو تاء التأنيث المحولة إلى هاء ساكنة :

مرّوا كما مرَّ العجاجُ على الحقول ِالزاهرَة ْ
رسفتْ بقيدِ الذّل أقـــــــــدامُ العبيدِ الخائرَة ْ
صبراْعلى البلوى فكمْ ليل ٍيفلقُ بــــــاكرَهْ (23)

الراء متحركة بالفتح ،  البيت الأول والثاني نهايتهما تاء التأنيث المحولة إلى هاء ساكنة ،  والبيت الثالث نهايته الضمير المذكر المتصل (الهاء) الساكن , وكلها حروف وصل ، ولكن إذا جاءت الهاء بعد حرف   ساكن تعتبر هي الروي ، وذكرنا هذا في الحلقة السابقة.

4  -قافية مطلقة مؤسسة متصلة بهاء محركة أو متصلة بحرف ساكن ، بمعنى الهاء تؤدي لحرف (الخروج ) ،  مما ينسب إلى دعبل الخزاعي :

ما أعجبَ الدهر في تصرّفهِ *** والدّهر لا تنقضي عجائبُهُ
فكم رأينا في الدّهر من أسدٍ *** بالتْ على رأســــهِ ثعالبُهُ (24)

القافية مطلقة مؤسسة بـ (ألف التأسيس ) ، (الروي) الباء ، ما بينهما ( الدخيل ) ،  الهاء بعد الروي( وصل) ، الوصل محرك بالضمة ، تشبع الضمة إلى الواو فتصبح حرف (الخروج)، وإليك قول السيد حيدر الحلي :

جلا على الطرس  من فرائده ***عروسَ فكر ٍ زهتْ فرائدُها
خلوقها من شذا حجــاهُ ومن *** جوهر ٍألفاظـــهُ قلائـــدُها (25 )

أيضاً القافية مطلقة مؤسسة بألف  التأسيس والدال خرف رويها وما بينهما الدخيل ،  والهاء بعد الروي الوصل ،  والألف الأخيرة التابعة لضمير المؤنثة الغائبة هو حرف الخروج.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(9) شرط أن لا يسبق حروف العلة حرف ساكن،لأنه لا يجتمع ساكنان في اللغة العربية ،
فيصبح حرف العلة متحركاً ، وبالتالي لا يمكن أن يكون حرف  ردف .
(10) ديوان المتنبي : ص  م. س.
(11) ذكرياتي : الجواهري ج1  دار الرافدين دمشق .
(12) راجع : كتاب الشعر : د. جميل سلطان  ص منشورات المكتبة العباسية ، بلا .
(13)  ص المصدر نفسه .
(14) الديوان : مصطفى جمال الدين  ص ط2 دار المؤرخ العربي  1995م بيروت.
(15) ديوان دعبل : م ، س.  ص ت الدجيلي .
(16) ديوان أبي فراس الحمداني : ت . د . محمد التنوجي ص م. س.
(17) سحر بابل ...: السيد جعفر الحلي ص   م . س .
(18) القوافي :أبو يعلى التنوخي ص م . س .ينقل  "وذكر سيبويه أن فتح ما قبل الواو والياء لا يجوز"
(19) ابن المعتز العباسي : د. أحمد كمال زكي  ص - المؤسسة المصرية العامة -  أعلام العرب 36 - بلا.
(20) القوافي :  التنوخي ص م . س.
(21) المصدر نفسه
(22) المصدر نفسه
(23 ) ديوان ( وطني ) : كريم مرزة الأسدي ص م. س .
(24) ديوان دعبل ...: الدجيلي ص م . س .
(25) ديوان السيد حيدر احلي  : ج2 م . س .

وتبلّل المــــــــاء/ رجاء محمد زروقي


( الحب و الوطن، هما النمط والسلوك اللّذان يتحكمان في خبرات الحرف وقرارات القصيد .. )
**--**--**
تشتعل مياه البحر
تحترق قناديل الدمع بالعيون
لو  رآك البحر ..
وما تهب رائحة الأحلام بالفضول
......
ولأنك كالشمس
لا تغيب لمجرد الغياب
بل لتشرق بالعصمة البشرى 
قررت أن أرقبك
باللّهفة الأحرى
........،........
.......،.......
....،...
أكلّما أشرقتَ
تشطب الأزمان والفصول
تؤبد تحرّق القرّ
تسترق تفاصيل وجهي
 تقاطيع دمي
لون الحزن بالعيون
………
فإن حدث وعدت
واقتطعت براعم التّلهف
من الجفون ..
فلا تحصد بالله عليك
 عافية القوافي من جمر الحنين

سفينةُ النجاة/ عيسى القنصل

        

بطيبتها  

عبرنا    البحرَ  للبـــــــر ِ  

وكانت   فى  اعالي    البحر ِ  عاصفة ُ  

من   الاهوال  والخطـــر  
ذراعي    لم   تكن   تقوي   مصارعة  ً  

لعنف   الموج   فى   البحــــر  

فكانت   دائما   سندي  

تساعدني  ...  تشجعني   

لبذل   الجهد     في   التجديف   والسير ِ

وان   تعبت ْ  مقاومتي  

تراها   تنحى  حبا  ً  

لتحملني   على   الظهـــــر ِ 

نهادي    يا  عروس   الضوء   اغنيتي  

لقد   جفت ْ   حدائقنا   

من   الالوان   للزهـــــر ِ  

ومات   الخفق    فى  اعماق  خافقنا  

وجف   الحبُ  من   عمري  

جراحي  نزفها   الم  ُ  

وسيل   الحزن    الغى  بذرة  الصبر ِ 

  تهاجمني    ليالي  البرد   مشعلة  ً  

بهذا   العمر ِ   انواعاً  من   الجمر  ِ 

فابكى  طول   ايامي  

فمن  ليل  ٍ   الى  فجــــر ِ 

وفجري  دائما   يمضي   بعاطفتي   

الى  عينيها   بالقبــــــر ِ  

اجالسها  

احادثها  

وأشكو  لوعة  القدر ِ 

نهادي   دائما   عمقي  

كهذا   القلب   في   الصدر ِ

فرح فلسطيني صغير في لندن/ جواد بولس

كانت سفرتي إلى لندن هذه المرة أصعب من سابقاتها، فقضاء خمس ساعات على ارتفاع ثلاثين ألف قدم ومحشورًا في كرسي يشبه القفص، لم تعد مهمة عادية لمن اجتاز عتبة الستين بقلب هرم مسكون بوجع كثير، وبرئتين أعطبت أطرافهما سجائر الشباب وسمنة بغيضة فضاقتا حتى صارتا كرئتي عصفور. 
دعاني "الإتحاد العام للجاليات الفلسطينية في أوروبا" "ولجنة حركة فتح إقليم بريطانيا" للمشاركة بندوة يقيمانها حول الحركة الأسيرة في سجون الإحتلال وليعرض خلالها فيلم "مروان" الذي أنتج مؤخرًا وعرض في فلسطين وغيرها.
وصلت لندن ووجدت بين المنظمين قلقاً، فلقد أعلموني عن تغيير مكان الندوة بعد تراجع  إدارة الفندق عن احتضانها راضخين لضغوطات " اللوبي الصهيوني"  وتهديداته.
في المطار استقبلتنا إبنة غزة والسفارة، ميسون الشرفا، وأخبرتنا أن فندقًا آخر اختير لإقامة النشاط وقد تعاقد المسؤولون فيه مع المنظمين على ذلك.
لندن في هذه الأيام تبدو كسيدة في خمسينياتها،لا تخفي إرباكها ولا تحتفي بأنوثتها الملتبسة، ورغم ذلك قد تحبها لأنها مأوى لوخز التاريخ وإغوائه وتذكار للحكمة وابنها الندم، ولأنها، رغم التجاعيد البارزة في صدرها، لا تخجل من ليلها وتنام على خواصر دامية وعلى دلع.        
"كيف تركت فلسطين؟" كان سؤال كل اللحظات والمحطات؛ هكذا سألت ميسون بعد لحظة لقائنا الأولى، وهكذا سألني الصديق إبن القدس ميشيل عبدالمسيح ، المحامي الشهير، الفلسطيني دومًا والبريطاني إقامة، الذي جاء مساءً ليصطحبنا الى أحد المطاعم القريبة من فندقنا. 
إنه أصعب الأسئلة إذاما تعمدت الإجابة عليه بلغة النساك الذين لا يكذبون، لكنه أهونها إذا  نسلته من "كبكوبة" صوف جدتك؛ ففلسطين سيدة المدى وتنفس ألصبح عبر الأزمان، عند عتباتها تخثر التاريخ وفي أحشائها تكسّر، فكيف تركتها إذًا؟
تركتها جافلة تفتش عن نجاة وعن ثدي يحصّنها ولا يدمي شفاهها الغضة، تمامًا كما جفلت جدتي وجدتك عند أول النباح ولمّا غادرتهن القوافل وتبعت رائحة التوابل والوعود المسكرة، وتركتها غير واثقة من برق السماء وعواء الريح وشحوب القمر، فهي حبلى بفرح البسطاء وسذاجتهم  وبالزكام ، أما قدسها، تلك التي شربْتٓها أنت على مهل صغيرًا وحين كنتٓ تتمرمغ في تراب شوارعها القديمة، لم تعد، كما أخبرْتٓني وحلمُك، فهي اليوم، يا عبد المسيح، ليست غنجة "المجدلية" ترديك كما كانت تفعل في الصباح وتحييك عند أقدام المساء، قدسك رحلت في أعقاب تلك القوافل وتحت عباءات الغيوم، واستوطن في جنبات بيوتها الجريحة الضعف ونما الملح وطغى الرياء وفوق بواباتها تتنازع الأنبياء.
لم أنتبه لردة فعله على كلامي، فلقد انشغلت في متابعة سيل من رسائل زملائي المحامين العاملين معنا في نادي الأسير الفلسطيني وبعضها كان يوجز لي نتائج زياراتهم ، وأخرى تخبرني برفض إعطائهم من مصلحة السجون الإسرائيلية تصاريح لزيارة للأسرى المضربين، وذلك في مسعى  لتضييق الخناق وإحكام عزل الأسرى حتى عن محاميهم، بهدف كسرهم وهزيمتهم في الأيام الأولى "للمعركة". 
نظرت إليه وقد ألقى برأسه على حائط كان وراءه، بدا مهمومًا وفي عينيه حنين للقدس ينافسه تعب واضح، وجهه اكتسى سمرة لم يغيرها ضباب لندن، وشاربه المميز كان يقظًا يخبيء تحته بسمة وشت بأنه، رغم الخسارات التي عاشها وعاشتها مدينته، لم يزل متفائلًا، فهو المحامي العنيد الذي يعرف طعم النصر خاصة ذلك الذي يحرز بعد الهزيمة والكبوات.
بعد لحظات من الصمت اقترح أن نختار ما سنأكل ليستأنف بعدها الكلام، فهذه المرة عليه الدور وإجابة تساؤلي: كيف ينجح اللوبي اليهودي بضغوطه و"نحن" عاجزون عن إفشاله في أبسط المهام حتى في لندن التي كانت ولم تزل عاصمة العرب الأثيرة وموعدهم مع الفجر البسام وحلبتهم للرقص مع العبث ومع لينات الملامس. 
في صباح اليوم التالي أُخبرت أن الفندق الثاني تراجع عن موافقته على عرض الفيلم وإقامة الندوة  في إحدى قاعاته، خاضعًا، بدوره، لضغوطات "اللوبي الصهيوني" وبدعم، هذه المرة، من عناصر رسمية في الشرطة وبلدية لندن. في البداية انتشر الغضب بين المنظمين والحيرة ، لكنهم لم ييأسوا، بل، كما تبين لاحقًا، زادتهم هذه المطاردة إصرارًا وعزمًا، فباشروا بتوجيه الجمهور إلى مركز "البيت الفلسطيني" البعيد نسبيًا، وهناك تم عرض الفيلم وأقيمت الندوة بنجاح، رغم ما سبقها من تداعيات وإلغاءات وعراقيل، وهذا ما دفعهم إلى أعادة العرض والمحاضرة مرة ثانية في مقر الغرفة التجارية العربية البريطانية وبنجاح لا يقل عن سابقتها.
في الليل اجتمعنا، فلسطينيون قادمون من وطن معرض في كل لحظة للإنفجار أو ربما لتيهان جديد في دروب الغيب والسراب، ومنفيون يعيشون هناك على حافة العتمة بلا دلال ولا ترف ولا حتى راحة عادية، فالمنفى مكلف بالبؤس والركض وراء " الخبز الحافي"، ومهاجرون صارت لبعضهم لندن فضاءً يحميهم وبيتًا يأوي أحلامهم التي ما زالت تؤثث لياليهم بذوق فلسطيني رفيع وبنكهة البرتقال وطعم الزيت والزعتر.
سألوني عن الأسرى وإضرابهم وعن القدس وأسوارها وعن غزة ورام الله وعن الأمس والغد والذي بعده. أجبتهم بما أعرف ولم أخفِ ما يوجعني ويقلقني، لأنه، في الواقع، يوجعهم ويقلقهم؛ فعندهم ما عندنا من "فتح " وأفخاذها وحمائلها وبطونها، وعندهم "حماس" التي لا تشارك حتى وهي في المنفى في ندوة عن الأسرى، وعندهم أتباع "دحلان"  الذين يقاطعون نشاطًا عن نضالات الحركة الأسيرة  لأنه من تنظيم  "فتح أبو مازن" ، وعندهم فتحاويون يحسدون "مروان" على سجنه ويخشون من "نجوميته" واضرابه.
 هكذا في لندن وفي جميع أنحاء الشتات الفلسطيني، فهم فلسطينيون مثلنا، وإن كان هنا الصوت فهناك الصدى، وكل ما نجده هناك أوجدناه في البدء هنا: فمعظم الأسرى لم ينضموا  للإضراب لأنهم  أبناء في السجون لأباء طلقاء، وولاءاتهم دومًا لما تخطه  العصي في شوارع الوطن وميادينه وما يمليه الدم وتوثقه العرى، فقبائل "الحماس" لن تسير وراء قبائل "الفتح" ولن ترجو نصرها حتى لو كان على سجان يقمعهم ويقمع جميع الفلسطينيين معهم، وبعض بطون قبيلة "الفتح" لم تشارك في الإضراب لأنها ترفض أن تكون عونًا لفخذ "البرغوثي" وحلفائه من أل يونس وحميد وعويس وغيرهم، وبعيدًا عن السجون نرى في غزة إمارة وفي رام الله سلطة ولا يجمع بينهما سوى ضرائب الكلام وما تخبئه خوابي السياسة والدواهي .فكيف لا ينجح اللوبي الصهيوني بملاحقة عرض فيلم وندوة وحفلة ورقصة وعرس ومأتم في لندن والقدس وبرلين وأوتوا؟
ينجحون لأنهم كلٌ في واحد، وفي كل واحد كل، فالصهيوني في العالم يشعر بأن واجبه القومي يحتم عليه الوقوف في وجه أي نشاط فلسطيني، صغيرًا كان أم كبيرًا، وهو يقوم بدوره بلا علاقة لانتمائه السياسي الحزبي أو الحركي الفئوي الضيق؛ فما نسميه " باللوبي الصهيوني" هو في الواقع عبارة عن جسم متخيّل أو شخصية غازية "هيليومية" منتشرة هنا وهناك، أو كائن له آلاف الأذرع "الهيولية" التي لا ترى ولا تحس حتى تضرب وتخنق وتنسل على مهل.
بالمقابل سنجد في الجالية الواحدة لوبيات فلسطينية ولوبيات عربية وكلها تحارب كلها وتتناكف حتى يتحول مجرد عرض فيلم ومحاضرة إلى مهمة أصعب من رفع صخرة الحق على مسرح يصير عمليًا أعلى من جبل الجرمق.
لقد حللت قبل أربعة أعوام، في ذكرى يوم التضامن مع الأسير الفلسطيني، ضيفًا على الجالية الفلسطينية، وحينها شعرت أن لندن كلها صارت جالية، أما هذه المرة فوجدت الجالية جاليات ولندن تبتعد عنها وتتغير؛ فعدت إلى الوطن حزينًا، لكنني لم أخبر الأسرى عن مئات سيارات الأشقاء العرب وهي تملأ أرصفة الشوارع وواجهات الفنادق الفارهة، سيارات من صنع الجن وخياله تجوب بعنجهية وتكبّر مستفزين، وأصحابها يتكدسون في الغرف الوتيرة ويمارسون رياضات الضياع، ولن أخبرهم عن عذابات جالية صغيرة وصراعاتها، فللحقيقة، يحاول بعض بناتها وأبنائها أن يبقوا الشعلة مضاءةً وصوت الوجع الفلسطيني رنانًا في أرجاء مدينة تتصرف كأنثى في خمسينها.
لقد نجحوا بعرض فيلم "مروان" مرتين ومرتين جعلوا صوت الحرية الفلسطينية يصدح وذلك بعكس ما تمنته أنوف كثيرة، فصنعوا في لندن فرحًا فلسطينيًا صغيرًا.
ألم تكن أفراحنا في فلسطين دومًا صغيرة؟

الذمية/ لطيف شاكر

كلمات مترادفة في المعني ضد الحرية والمواطنة جاءت مع الاختلال العربي ( خير امة اخرجت للناس )وتستخدم حتي تاريخه
الذمية – الموالي – العبودية –الرق – الارتباع - الكفالة – الشريعة الاسلامية 
قسم الاحتلال العربي المصريين الي فئتين الاولي الاقباط الذين تحملوا كل صنواف العذاب ومختلف الاضطهادات لترك ديانتهم المسيحية لكن ثبتوا علي ايمانهم مقابل المال المدفوع للمحتل الذي كان حائلا دون اسلمتهم الجبرية الامر الذي ادي الي صب جام غضبهم عليهم , فلم يكن بد من الاحتلال الا بنعتهم بالذمية اي انهم في ذمة المحتل العربي ,وهل يعقل ان يكون صاحب الارض في ذمة المحتل الغريب وان يكون المتحضر في ذمة الجاهل !!!! اليس هذا اهم رد علي المدعيين ان الاحتلال الاسلامي خلص الاقباط من احتلال افضل كان المصري حرا مادام يسدد الجزية للروماني .
اما القسم الاخر فانتزعوا منهم اصالتهم القبطية فسلبوا جنسيتهم الاصيلة ليتبعوهم للهوية الدينية وليس للوطن القبطي ودعوهم الموالي اي الموالي لهم والتابعين للخليفة العربي وليس حبا في الاسلام ولكن تفاديا من ثقل الاعباء المالية التي تضطرهم الي بيع ابنائهم للغازي العربي , الذي كانت قصورهم ممتلئة بالولدان جنبا الي جنب السبايا وملكات اليمين .
وكان العرب يسخرون من الموالي "المصريون المسلمين" بل وصلت بهم الوقاحة الي ان معاوية السفياني خشي من نسلهم علي دولة العرب , لذلك اتخذ قراره بتقليل أعدادهم بقتلهم أو خصيهم , الا أن "الاحنف قيس " واحد من حاشية معاوية استنكف هذا الرأي لكن تصدي لهذا الآمر "سمرة جندب" فطلب من معاوية أن يقوم هو بتنفيذ الأمر فقتل بعضا منهم وخصي البعض الآخر وترك الباقي حتي تنتظم الخدمات وعمارة الطريق .
يستدل من هذا انه حتي الموالي كانوا في حكم العبيد كالذميين لذلك استحل قتلهم .....فاذاكان هذا هو حال المصري المسلم فكم يكون حال اخيه القبطي أشد قتاما وظلاما .

اما الفئة الثالثة هم الاسياد كما يزعمون ويتوهمون القادمون حفاة من قريش المحتل العربي الغوغاء والغاصب لارضنا ان كانوا امويين او عباسببن وقد انتقم الرب منهما بقتل بعضهما البعض اشر قتله مع انهما علي نفس الدين والمبدأ وهذه سمة العربي الدموي الوحشي وبنهاية الاحتلال العباسي انتهي الاحتلال العربي من مصر لكن ظل الاحتلال العربي في نفوس وفكر ووجدان ومعيشة المسلم المصري وتبعوا اثره , وتماهوا به وعشقوا اسلوبهم وتمنوا الرجوع اليه باعتباره السلف (الصالح) ومافعلوا هؤلاء السلف ببعضهم و بالمسلمين انفسهم يندي له الضمير الانساني ولله في ذلك شئون !!!! . اما الاحتلالات التالية كانت مختلفة الجنسية لكنهم علي دين الاسلام .
ونلاحظ في هذه الايام ظهور بعض النعرات الخادعة تتكلم عن امجاد العروبة وعن عدالة عمروبن العاص وتخليص المصريين من بطش البيزنطيين والتشدق دائما بسماحة العرب, ووجدت اقلاما كثير ومنهم عقلاء تكتب في هذه الامور ليس عن جهل بل فقط لركوب موجة الدين ومايترتب عنه من الاموال والثروات ماكان يستطيعوا الوصول اليه لو كتبوا في موضوعات اخري وطنية او اجتماعية او انسانية , اما اقلام البقية فعن جهل مطبق وعمي البصر والبصيرة يكتبون عن تاريخ الاحتلال العربي بكذب وجهل وتناسوا حماقات العرب وما ارتكبوه من اراقة دماء الاقباط والبطش بهم والظلم البين الذي وقع عليهم ,وكان تاريخا اسودا كظلام دامس في يوم شتاء قارس , ومازال نظرة نظرة العرب في وقتنا الحالي للمصريين اقباطا ومسلمين. بنفس النظرة المتعالية.
يذكر الاستاذ احمد صبحي منصور في مقاله بعنوان اضطهاد الاقباط بعد الفتح الاسلامي 
"قد كان اضطهاد الاقباط فيها سمة بارزة تحتاج الي مجلدات .... وبالتالي تحول الاضطهاد العنصري للاقباط الي اضطهاد ديني يشارك فيه المصري المسلم ضد اخيه المصري القبطي. 
ويستطر قائلا :الخطورة محققة من هذه الصحوة الدينية المزعومة لانها تدعم نفسها بالاستناد الديني مما يجعلها قنابل موقوتة انفجرت وتنفجر في وجوهنا جميعا لانها كعادة الحركات والدعوات المتطرفة تبدأ بتكفير اصحاب الديانات الاخري وتنتهي الي تكفير الناس جميعا , وتبدأ باضطهاد الآخرين وقتلهم وتنتهي الي قتل الأهل والأقارب والزملاء وقد رأينا ان حركات التعصب تبدأ بسيطة ثم تنتشر كالسرطان المدمر وخطورتها انها تستمد مشروعية زائفة من الدين وترفع لواء الجهاد ..نحتاج الي اصلاح ديني للمسلمين , ان لم تقم به الحكومة فلتبادر اليه دوائر الاستنارة في مصر ,فالاصلاح الديني هو الذي ينقذ مصر من التطرف والارهاب.

الشريعة الاسلامية واهل الذمة
يذكرد.جاك تاجر في كتابه اقباط ومسلمون ص 19 :استن المشرع المسلم لاهل الذمة عددا من القوانين استلهمها من تعاليم القرآن والاحاديث ...
يقول الدكتور ا.س.ترتون في كتابه، أهل الذمة في الإسلام، ترجمة الدكتور حسن حبشي، دار المعارف ـ 1967م ـ ص1، تحت عنوان، عهد عمر: "جرت العادة أيام الخلفاء على فرض قيود معينة يلتزمها غير المسلمين في حياتهم العامة والخاصة، ويعرف أتباع هذه النحل بأهل الذمة، والمعتقد أنه ورد في القرآن ما يؤيد هذه القيود .
يقول د.ترتون في كتابه اهل الذمة في الاسلام: من المتفق عليه تاريخيا انه ورد في الحديث النبوي "لايجتمع دينان في بلاد العرب " مما حمل عمربن عبد العزيز علي طرد جميع اليهود والنصاري من شبه الجزيرة العربية باعتبارها دار الاسلام دون سواه من الاديان . وقد خلت بلاد الحجاز من الذميين نتيجة طردهم منها .. علي أنه لم يؤد هذا المفهوم الي اٍخراج الذميين من بلاد اليمن ..علي اية الحالات فنحن نري تضاربا في تطبيق هذا الاتجاه.
"لقد عامل الغزاة العرب القبط بغلظة وشدة أكثر من تعاملاتهم كاقة الملل الاخري رغم حديث القرآن " ولتجدن أقرب الناس مودة للذيت آمنوا الذين قالوا اٍنا نصاري ذلك لان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لايستكبرون " والسبب ان العرب كانوا يتوجسون خبفة من المصريين لتاريخهم الطويل العريق الحافل بالامجد ويخشون من عدم استكانتهم وخضوعهم , لذلك تباري الحكام العرب في اذلالهمواستعبادهم , فلما استتب الامر للعباسيين استعانوا بالقبط لترتيب الدواوين وتقلد بعضهم وظائف عامة وبرعوا في الطب والصيدلة وعلوم الفيزياء , لكن هذا لم يمنع اضطهادهم من بعض الخلفاء العباسيين , فالمتوكل أجبرهم علي طقوس شيطانية تميزهم عن المسلمين في السكن والملبس والشعائر .
واذيال صور هذا الاضطهاد مازالت باقية حتي اليوم فمازالت الدولة تميز بين القبطي والمسلم في الوظائف العامة والجيش والشرطة والقضاء , حتي نادي بعض مهاويس التطرف الاسلامي بحرمان المسيحيين من شرف الخدمة العسكريةطبقا للغازي العربي وفرض الجزية عليهم .فالمسلم الان يعتقد
انه يمثل العربي الغازي الذي يحق له فرض القيود علي حركة الاقباط ." (كتاب الغزو العربي لمصر علاء حامد)

نظرية الذاكرة بين التلاعب والتماسك/ د زهير الخويلدي

"ليست الذاكرة تخزينا للماضي. فالذي مضى قد مضى ولا يسعه أبدا أن يصبح راهنا من جديد. الذاكرة هي أقرب لأن تكون نوعا من اختبار التماسك. مع العلم أنه ليس من الضروري تذكر متى تم تعلم شيء ما أو لم يتم تعلمه"1[1]

تمر المنطقة العربية مثل بقية البلدان في العالم التي شهدت اضطرابا سياسيا بعد اندلاع الحراك الاجتماعي وبذلت محاولات للخروج من نظرة شمولية للعلاقات البشرية إلى نظرة ديمقراطية للفضاء المواطني بفترة صعبة وظروف مضطربة وذلك لبقاء العالم القديم على حاله وعسر ولادة العالم الجديد وقد أثر هذا التوتر على نظرة الذات الجمعية لنفسها وتعاملها مع موروثها الرمزي ومخزونها النضالي وذاكرتها الوطنية.

لقد تحول الصراع حول احتلال المواقع وجلب المنافع وتعزيز مكانة الأحزاب السياسية والهيئات المدنية في المشهد الديمقراطي إلى صراع حول الذاكرة النضالية للشعب واندلع تنافس حول أحقية كتابة التاريخ والإمساك بمطلب العدالة الانتقالية ضمن المسار الثوري وبرزت عدة مواقف حول هذه القضية الحساسة:

-         الرأي الأول ينادي بالمحاسبة الشاملة والمجاهرة بالحقيقة قبل المصالحة المحدودة

-         الرأي الثاني يتبنى خيار المحاسبة الدقيقة والمساءلة العلنية قبل المصالحة المشروطة

-         الرأي الثالث يدعو إلى الصفح بغية المصالحة الاقتصادية عبر آلية هيئة الحقيقة والكرامة

-         الرأي الرابع يؤكد على ضرورة التسريع بالمصالحة الشاملة من أجل الوئام المدني

من البديهي أن يتم تثمين المجهودات المبذولة من الهيئات الدستورية في إنارة الٍرأي العام وإنصاف المظلومين والمطالبة بإرجاع حقوقهم وجبر أضرارهم، كما يمكن الدعوة إلى المزيد من الشافية والعقلنة والإجرائية والتشاور مع هيئات المجتمع المدني في العديد الملفات وخاصة جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان ونقابات العمال ومختلف الجمعيات المدنية والحقوقية التي شاركت في النضال ضد المنظومة الشمولية. كما يجب الحرص على التمييز بين صيانة الذاكرة الوطني من كل تلاعب واستعمال خاطئ وسيء وبين إعادة كتابة تاريخ الحركة النضالية التي شارك في كتابة ملحمتها شريحة واسعة من القوى التائقة إلى الحرية والكرامة والعدالة من الشعب وخاصة من الشباب والنساء والمثقفين. من هذا المنطلق يبدو التلازم بين المسارات الأربع (المحاسبة ، المساءلة، المجاهرة، المصالحة) أمرا ضروريا ومطلبا شعبيا يسمح بالبلد من الخروج من المنحدر الخطر وتتمثل في استكمال أهداف الثورة ضمن جدلية سيادة الدولة واستمرارها من جهة واحترام منظومة المواطنة والحريات من جهة أخرى.

" هناك قراءاتان للظواهر الذاكرية نتركهما تتنافسان. الأولى تميل نحو فكرة النسيان النهائي: وهذا هو النسيان عن طريق محو الآثار، أما الثانية ، فتميل نحو النسيان الذي يستعاد بل حتى فكرة الذي لا ينسى ، أنه نسيان الاحتياط"2[2].

علاوة على ذلك يرى الفكر الملتزم بأن العديد من الأسئلة تنظر أجوبة تفسيرية والعديد من الإشكاليات والقضايا ما زالت عالقة ويمكن ذكر البعض منها على النحو التالي: ما المقصود بالعدالة الانتقالية في الحالة العربية؟ وهل بغلت درجة المأسسة من خلال تركيز هيئات دستورية وانطلاق أشغالها؟ والى أي مدى جسدت الجلسات التي تم تنظيمها حقيقة الانتهاكات التي حدثت في الماضي الشمولي؟ وكيف يمكن فحص بشكل دقيق جراحات الذاكرة الجمعية والإهانات التي تعرضت لها الكرامة الوطنية ؟ وماهو الرهان الذي تسعى إليه المجموعة الوطنية ضمن مناخ تعددي وتشاركي من وجود هذه الهيئة؟ ألم يقم الشعب بالثورة من أجل تحرير الأفراد والمجموعات من الاستبداد والاستغلال والفساد؟ أليس الأجدر أن يعطى كل ذي حق حقه وأن يتم إنصاف الجهات المحرومة والفئات المهمشة والمعطلة والأقل حظا؟ متى يتم تجاوز منطق الثأر والقصاص والتشفي ويقع تبني منطق إيتيقي يكرس الصفح والعفو والتفاهم؟ أليس المطلوب من القوى الفاعلة هو تدبير اختلاف رحيم يجمع بين عدالة النسيان والذاكرة السوية؟

" حين يتعلق الأمر بالنسيان النهائي المنسوب إلى محو الآثار فإنه يعاش كتهديد : ضد مثل هذا النسيان نقوم بعمل الذاكرة كي نؤخر مساره، بل وحتى إفشاله. إن الأعمال الخارقة لفن الذاكرة كانت تهدف إلى رد مصيبة النسيان عن طريق نوع من المبالغة في الاستظهار كي يأتي نجدة إعادة التذكر"3[3].

كما أن الرد على هذه التحديات ومعالجة هذه الإشكاليات المطروحة حول علاقة الذاكرة الوطنية بتحقيق العدالة الديمقراطية يتطلب توزيعها ضمن جملة من الأبعاد والمجالات:

-         محور تشريعي قانوني يتنزل في باب فقه القضاء الدستوري

-         محور بسيكولوجي اجتماعي يرتبط بالضمير المشترك

-         محور سياسي اقتصادي ينصف الأغلبية بتوفير الخير العام

-         محور أنثربولوجي يطرح استعمال علاجي وقائي للذاكرة

" هناك صلة وثيقة دائما بين نظرية الذاكرة من جهة وبين توجه براغماتي نحو المستقبل من جهة أخرى، بحيث يتسنى ربما القول بأن الذاكرة ليست إلا اختبار متواصلا لتماسك المعلومات مختلفة انطلاقا من توقعات معينة، أكانت ما يود المرء التوصل إليه، أو التخوف من شيء ما ، أو أكانت توقع المرء بحدوث شيء ما رغبته بالرد على ما قد يحدث."4[4]

لكن ما الضامن الذي يمنع الفاعل السياسي من جهة الحكم من معاودة انتهاك الكرامة البشرية؟ وماهي الشروط التي يلزم توفيرها قصد الكف عن التلاعب بالذاكرة النضالية ومنح الاعتراف التام للمناضلين المنسيين بالمساهمة الفعلية في الدفاع عن المجتمع وتضحيتهم بالغالي والنفيس من أجل راية الوطن؟ وكيف يشهد المصالحة والصفح تأجيلا بتأخر مسار المحاسبة والمساءلة وتعطل مطلب العدالة الانتقالية ؟

الهوامش:

[1]  لومان ( نيكلاس)، مدخل الى نظرية الأنساق، ترجمة يوسف فهمي حجازي، منشورات الجمل، كولونيا ، ألمانيا، بغداد، العراق، طبعة أولى، 2010، ص127

[2]  ريكور ( بول)،الذاكرة، التاريخ، النسيان، ترجمة جورج زيناتي، دار الكتاب الجديد المتحدة، بنغازي، ليبيا ، طبعة أولى ،2009، ص608

[3]  ريكور ( بول)،الذاكرة، التاريخ، النسيان، مصدر مذكور، ص619.

[4]  لومان ( نيكلاس)، مدخل الى نظرية الأنساق، مصدر مذكور، ص127

المصدر:

لومان ( نيكلاس)، مدخل الى نظرية الأنساق، ترجمة يوسف فهمي حجازي، منشورات الجمل، كولونيا ، ألمانيا، بغداد، العراق، طبعة أولى، 2010.

ريكور ( بول)،الذاكرة، التاريخ، النسيان، ترجمة جورج زيناتي، دار الكتاب الجديد المتحدة، بنغازي، ليبيا ، طبعة اولى،2009.

 [1]  لومان ( نيكلاس)، مدخل الى نظرية الأنساق، ترجمة يوسف فهمي حجازي، منشورات الجمل، كولونيا ، ألمانيا، بغداد، العراق، طبعة أولى، 2010، ص127

[2]  ريكور ( بول)،الذاكرة، التاريخ، النسيان، ترجمة جورج زيناتي، دار الكتاب الجديد المتحدة، بنغازي، ليبيا ، طبعة أولى ،2009، ص608

[3]  ريكور ( بول)،الذاكرة، التاريخ، النسيان، مصدر مذكور، ص619.

[4]  لومان ( نيكلاس)، مدخل الى نظرية الأنساق، مصدر مذكور، ص127


البابا فى الجيش/ أشرف حلمى

ينتظر العالم بوجه عام والمصريين بوجه خاص الزيارة التاريخية التى سيقوم بها بابا روما فرانسيس رجل السلام الاول فى العالم بلا منازع خلال الساعات القليلة القادمة الى الدولة الفرعونية مصر مهد الحضارات والأديان السماوية اذ تعمل جميع مؤسسات الدولة السياسية والدينية كل منها على قدم وساق ليس فقط لأستقبال قداسة البابا المعظم استقبالاً يليق بشخصية دينية عالمية بل لإستغالها لتحقيق أهداف ومصالح خاصة بتلك المؤسسات بعيداً عن الهدف الرئيسى للزيارة وهو إرساء السلام والتعايش السلمى بين أبناء الوطن الواحد والقضاء على الارهاب الفكرى قبل المسلح .
أولاً المؤسسات الأمنية : نقلت تلك المؤسسات موقع القداس الذى سيقيمه قداسة البابا فرنسيس الى إستاد الدفاع الجوى تحت رعاية القوات المسلحة المصرية ومخابراتها الحربية حتى يكون أكثر تأميناً لحياة البابا المهدد من قبل دواعش العصر الحديث والذى رفض التحرك فى القاهرة فى سيارة مصفحة متحدياَ بذلك الإرهاب وداعميه على ارض المحروسة بالتأكيد هذه الخطوة من قبل الدولة الهدف منها هو إظهار الدولة المصرية بصورة مشرفة امام العالم وخلوها من الإرهاب وأنها بلد الامن والامان  بعد ان عجزت قوات الامن المصرية منع وقوع تفجيرات احد السعف الدامى بالرغم من تحذيرات البعض ومن بينهم ضعفى فى بيان نشر تحت عنوان (  تفجير طنطا جرس إنذار لعمليات أخرى بالتزامن مع أعياد القيامة وشم النسيم ) قبل اقل من اسبوع  من تفجير كل من كنيستى طنطا والاسكندرية  وفشلت ايضاً فى تحقيق الامن فى المنيا والعريش وتأمين اقباطها فى ظل قانون الطوارئ وحماية الاقباط .
ثانياً المؤسسات الدينية : ستتصارع جميعها بالاستقبال الحافل للبابا المعظم التى سيتغرق سوى بضع دقائق للتأكيد على روح التعاون المشترك والمحبة فيما بينهما والذى يربتطهما الرباط المقدس المزعوم والملقب ببيت العيلة سبب ضياع حقوق المسيحيين وخراب وتهجير ديارهم معتمدين على الأحضان والقبلات اليهوزية  وإخفاء الحقائق المرة التى يتجرعها مسيحى مصر يومياً والتى تعلمها جميع المنظمات والهيئات الحقوقية فى كافة دول العالم ونشرتها  تليفزيوناتها وفضائياتها بسبب ما يسمى بقانون بناء وترميم الكنائس والبديل لقانون دور العبادة الموحد والذى وقف حائلا امام بناء الكنائس ومنها كنيسة كوم اللوفى باوامر سلفية عليا كما تسبب فى إغلاق بعضها .
ثالثاً المؤسسات الإعلامية والصحفية : لن تتغافل هذة المؤسسات تلك الزيارة التاريخية فلكل منهما دور سيقوم به ويتصارعوا من اجل إغتنام الفرصة لعمل احاديث او مقابلات وبيانات لجذب ورفع اعداد كل المشاهدين والقراء المتابعين على المواقع الإليكترونية إضافة الى تجميل صورة مصر حضارياً وأمنياً وسط إجراءات الامن المشددة .
رابعاً المؤسسات السياحية : اعتقد من الخطاء ان تتصارع هذه المؤسسات من اجل الاستفادة من زيارة قداسة البابا سياحياً كما أشار البعض بسبب قصر الزيارة التى لها جدول محدد قاصر على بعض المقابلات وقداس يوم السبت فقط فالزيارة بهدف يعرفه الجميع وليس من اجل السياحة او دعمها وتنشيطها كما يفعل البعض .
فاهلاً وسهلاً بقداسة البابا ببلادنا كى تبارك شعبها بصلاتك وتتبارك قداستك بترابها الذى باركته العائلة المقدسة فى رحلتها بحثاً عن الامن والامان ولعل زيارتك هذه تكون سبباً مباركاً كى يذهب الشر عن هذا البلد وتسود المحبة مجدداً أبناء الوطن الواحد لتعود لما كانت عليه قبل الغزو الوهابى الذى سيطر على عقول بعض المصريين الذين أصبحوا قنابل داعشية قد تنفجر فى اى لحظة وكم كنت أتمنى ان يكون قداس قداستكم فى احد الكاتدرائيات الكبرى دون ان تتحول الى ثكنات عسكرية كما حدث ليلة عيد القيامة الماضى فمرحباً بيك قداستك مرة اخرى وسط حراسة الجيش العظيم حامى ارض مصر .

أهداف أميركية لا تحتاج إلى تورّط عسكري كبير/ صبحي غندور

تميّزَ انتهاء الحقبة الأوروبية الاستعمارية، التي امتدّت إلى منتصف القرن العشرين، بأنّ الاستعمار الأوروبي كان يُخلي البلدان التي كانت تخضع لهيمنته، في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، بعد أن يوجِد فيها عناصر صراعات تسمح له بالتدخّل مستقبلاً، وتضمن إضعاف هذه البلدان التي قاومت الاستعمار وتحرّرت منه. فقد ظهرت دول وحكومات خلال القرن الماضي إمّا تتصارع فيما بينها على الحدود، أو في داخلها على الحكم بين "أقليّات" و"أكثريّات"، وفي الحالتين، تضطرّ هذه الدول النامية الحديثة للاستعانة مجدّداً بالقوى الغربية لحلّ مشاكلها أو لدعم طرفٍ داخلي ضدّ طرفٍ آخر. وجدنا ذلك يحدث في الهند مثلاً، التي منها خرجت باكستان، ثمّ تصارعت الدولتان على الحدود في كشمير. ووجدنا ذلك يحدث أيضاً في صراعات الحدود بين عدّة دولٍ عربية وإفريقية. كما حصلت عدّة حروب أهلية وأزمات أمنية وسياسية في بلدانٍ أخلاها المستعمر الأوروبي بعد أن فرض فيها أنظمة حكم مضمونة الولاء له، لكنّها لا تُعبّر عن شعوبها، وتُمثّل حالةً طائفية أو إثنية فئوية لا ترضى عنها غالبية الشعب.
متغيّراتٌ دولية كثيرة حدثت بعد الحرب العالمية الثانية، وخلال العقود الماضية التي تبعت انتهاء الحقبة الأوروبية الاستعمارية، ومنها وراثة الولايات المتحدة للإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية وظهور معسكريْ "الشرق الشيوعي" بقيادة روسيا، و"الغرب الرأسمالي" بزعامة أميركا. لكن انتهاء "الحرب الباردة" بين المعسكرين، مع غروب القرن العشرين، لم تكن نهايةً لنهج التنافس الدولي على العالم وثرواته ومواقعه الجغرافية الهامّة، كما هو موقع الأمَّة العربية وثرواتها الهائلة. 
الحرب على أفغانستان في نهاية العام 2001 ثمّ الحرب على العراق في مطلع العام 2003، وما رافق هاتين الحربين من انتشار عسكري أميركي في محيط دول الشرق الأوسط، وإقامة قواعد في بعضها، في إطار التوظيف الكبير لأعمال الإرهاب التي حدثت ضدّ أميركا، من أجل تبرير حروبٍ وسياسات ما كان لها أن تحدث لولا "خدمات" جماعات "القاعدة"، ذلك كلّه كان وما يزال أعمالاً عسكرية من أجل خدمة رؤية سياسية لها مضامين أمنية واقتصادية.
ولأنّ التواجد العسكري الأميركي في المنطقة لا يكفي وحده من أجل ضمان المصالح الأميركية في "الشرق الأوسط الأوسط الكبير"، فإنّ عناصر ثلاثة يتوجّب توفّرها بشكلٍ متلازم مع  الوجودين العسكري والأمني:
1- السعي لجعل منظومة الحكم في معظم دول المنطقة مبنيّةً على مزيج من آليات ديمقراطية وفيدراليات إثنية أو طائفية. فالديمقراطية، لو تحقّقت، دون التركيبة الفيدرالية (التي ستكون حصيلة تعزيز المشاعر الانقسامية في المجتمع الواحد)، يمكن أن توجِد أنظمة وحكومات تختلف مع الرؤية الأميركية.
أيضاً، فإنّ إثارة الانقسامات الإثنية أو الطائفية، دون توافر سياق ديمقراطي ضابط لها في إطار من الصيغة الفيدرالية، يمكن أن يجعلها سبب صراعٍ مستمرّ يمنع الاستقرار السياسي والاقتصادي المنشود بالرؤية الأميركية، ويجعل القوات الأميركية المتواجدة بالمنطقة عرضةً للخطر الأمني المستمرّ في ظلّ حروبٍ أهلية مفتوحة. إضافةً إلى أنّ التركيبة الفيدرالية القائمة على آليات ديمقراطية ستسمح للولايات المتحدة بالتدخّل الدائم مع القطاعات المختلفة في داخل كلّ جزءٍ من ناحية، وبين الأجزاء المتّحدة فيدرالياً من ناحية أخرى.
2- التركيز على هويّة "شرق أوسطية" كإطار جامع للفيدراليات المتعدّدة المنشودة في بلدان المنطقة العربية، إذ أنّ العمل تحت مظلّة "الجامعة العربية" يمكن أن يؤدّي مستقبلاً إلى ما ليس مرغوباً به أميركياً من نشوء تكتّلات كبرى متجانسة ذات مضامين ثقافية متباينة مع الرؤية الأميركية، كما حدث ويحدث في تجربة الاتحاد الأوروبي، رغم وجود القواعد العسكرية الأميركية في أوروبا، ورغم وجود حلف الأطلسي والانتماء المشترك لحضارة غربية واحدة.
لهذا يدخل العامل الإسرائيلي كعنصر مهمّ في الشرق الأوسط الكبير المنشود أميركياً منذ عقدين من الزمن، إذ بحضوره الفاعل، تغيب الهويّتان العربية والإسلامية عن أيِّ تكتّل إقليمي محدود أو شامل.
3- العنصر الثالث المهمّ، في الرؤية الأميركية المستقبلية للشرق الأوسط، يقوم على ضرورة إنهاء الصراع العربي/الإسرائيلي من خلال إعطاء الأولوية لتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل، وقبل تحقيق التسوية الشاملة التي تتطلّب حسب المنظور الأميركي سنواتٍ عديدة. وتجد الإدارة الأميركية الآن فرصةً مهمّة لعقد مؤتمر إقليمي يؤدّي إلى تطبيع العلاقات العربية - الإسرائيلية ممّا سيدفع الأطراف كلّها إلى التسوية والقبول بحدود دنيا من المطالب والشروط، كما أنّه سيسهّل إنهاء الصراعات المسلّحة حتّى من غير تسويات سياسية شاملة، وممّا قد يساعد أيضاً على تحجيم نفوذ خصوم أميركا في المنطقة.
***
بعد احتلال العراق في العام 2003، أطلقت إدارة بوش الابن ثلاثة شعارات، فشل منها اثنان وبقي الشعار الثالث رهناً بما يحدث الآن من صراعات ومتغيّرات عربية. الشعار الأول كان عقب غزو العراق مباشرةً حينما تحدّث أكثر من مسؤول أميركي عن أنّ العراق سيكون "نموذجاً للديمقراطية" في الشرق الأوسط، وأنّ دولاً عديدة في المنطقة ستحذو حذوه. الشعار الثاني، كان عن "الشرق الأوسط الكبير" الجديد الذي سيخرج إلى الوجود بعد تفاعلات الحرب في العراق، وبعد حروب إسرائيل في لبنان وغزّة في عام 2006 والتي دعمتّها بشدّة إدارة بوش الابن. 
سقط حكم "المحافظين الجدد" في أميركا في انتخابات العام 2008، وسقطت معهم أحلام "الإمبراطورية الواحدة في العالم"، وأصبحت التجربة الأميركية في العراق "نموذجاً" للفشل والكذب والخداع في السياسة الأميركية، ولم تتدحرج أنظمة المنطقة خلف "الدومينو العراقي"، كما توهَّم وراهن "المحافظون الجدد"، وكذلك كان مصير شعار "الشرق الأوسط الكبير"، والمراهنات في القضاء على ظواهر المقاومة ضدّ إسرائيل بعد حربيْ صيف عام 2006 في لبنان ونهاية عام 2008 في غزّة.
أمّا الشعار الثالث، الذي أطلقته الوزيرة كونداليزا رايس خلال الفترة الثانية من حكم بوش الابن، فكان عن "الفوضى الخلّاقة" والتي كانت المراهنة على حدوثها في بلدان الشرق الأوسط من خلال تفاعلات الأزمات الداخلية في دول المنطقة. ولعلّ ما حدث ويحدث في السنوات الماضية داخل عدّة بلدانٍ عربية يؤكّد أنّ شعار "الفوضى الخلّاقة" لم ينتهِ مع نهاية حكم "المحافظين الجدد"، وبأنّ المراهنات ما زالت قائمة على هذا الشعار، رغم التغييرات التي حدثت في "البيت الأبيض".
الوقائع والتجارب كلّها تؤكّد وجود أهداف ومصالح ومؤسسات أميركية، محصّنة ضدّ تأثيرات ما يحدث في الحياة السياسية الأميركية من تحوّلات وصراعات انتخابية محلّية.  
ولم يكن ممكناً طبعاً فصل ملف الأزمة الأميركية مع إيران عن ملفّات "الأزمات الأخرى" في المنطقة العربية، وعن حلفاء طهران في سوريا والعراق ولبنان واليمن وفلسطين. فإيران معنيّة بشكلٍ مباشر أو غير مباشر في تداعيات أيّ صراع، حدث أو قد يحدث، فيما هو قائمٌ الآن من أزماتٍ عربية. ومن رحم هذه الأزمات على الأراضي العربية توالدت مخاوف سياسية وأمنية عديدة، أبرزها كان وما يزال من مخاطر الصراعات الطائفية والمذهبية والإثنية، خاصّةً في ظلّ امتداد دور ووجود الجماعات الإرهابية، وما يرافق ذلك الصراع مع الإرهاب من عنفٍ مسلّح وصراعات وتنافس على الحكم وعلى المعارضة.
والمحصّلة من ذلك كلّه، أنّ صُنّاع القرار الأميركي يأملون الآن كثيراً في تحقيق أهداف السياسة الأميركية في "الشرق الأوسط"، من خلال تفاعلات الصراعات المحلّية والإقليمية الدائرة بالمنطقة، ودون حاجةٍ لتورّطٍ عسكريٍّ أميركي كبير في أيٍّ من بلدانها!. 
24-4-2017
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com  

هل الحرب من أجل الاقتصاد أو النفوذ/ موسى مرعي

 العالم منقسم لثلاث : العالم الاول والعالم الثاني والعالم الثالث . ان الدول التي تعتبر انها من العالم الاول  دول ا اوروبا الغربية بقيادة أمريكا , ودول العالم الثاني الاتحاد السوفياتي بقيادة روسيا وجميع الدول الشيوعية                                                         
مع دول حلف وارسو بولندا ورومانيا ودول التشيكسلوفاكية المحور الاشتراكي في اوروبا الشرقية . والعالم الثالث  في الشرق الدول العربية في والصين وافغانستان وباكستان وبورما ومع بعض الدول الافريقية مثل الصومال وزمبابوي وتنزانيا واثيوبيا وغيرهم من الدول الافريقية . العالم الثالث وخاصة العالم العربي وقع فريسة دول العالم الاول  وقد عانى العالم على مر العصور من ظلم واستعمار واستبداد وسرقة الثروات من باطن الأراضي مما أدى الى انهيار هذه الدول انمائيا واقتصاديا وعدم تطورهم وتأخرهم باللحاق بالدول المتقدمة , فدول العالم الاول بنت تقدمها وحضارتها ونموها على حساب دول العالم الثالث وقد ونصبوا على الشعوب أنظمة ذو أدمغة مصطنعة تديرها قادة دول العالم الاول بقيادة امريكا هم من ذوي النفوذ القوية والمتخصصة للعمل على تخلف الدول العربية ومنعهم وحرمانهم من تولي واختيار الشعب للحاكم وتوليهم لادارة شؤون بلادهم بأنفسهم ليكونوا أحرارا كباقي الامم الحرة من العالمين الاول والثاني  , مما ادى ذلك الى وضع دول العالم الثالث بين دول العالم الاول الرأسمالي و الشيوعي الاشتراكي كالمسمار بين المطرقة والسنديان , ان أشد الصراع الذي نواجهه اليوم من الدول العظمى هو الصراع السياسي الاقتصادي باسم النظام الجديد لخارطة الطريق يدير هذ النظام من القادة ذوي النفوذ جماعات خاصة تعمل على الفتن بين شعبنا في العالم العربي , وقادة ذوي النفوذ هم من دول العالم الاول والثاني . انتهت دول اتحاد  السوفياتي وتفكك معها حلف وارسو والمحور الاشتراكي الشرقي وعادت روسيا ومعها الصين الى ساحة الصراع مع دول العالم الاول أمريكا من أجل النفوذ ومن أجل السيطرة على خيرات بلادنا وثرواتنا النفط والغاز وخيرات اخرى تملئ الثروات 70 بالمئة من اراضي وسواحل  دول العالم العربي , وبالرغم من الحالة  الاجتماعية والقومية السياسية والاقتصادية التي يعاني منها العالم العربي حصل انقسام بينهما قسم تحالف مع أمريكا وقسم مع روسيا ولكن يبقى التحالف مع روسيا في مرمى الأمان أكثر من أمريكا ولكن الاول والثاني هم قادة ذوي النفوذ الذين يوجدون تحت امرتهم من نصبوهم لحكم البلاد والأوطان  ويحملون دلوين واحدا مملوء زيتا , والآخر مملوء ماء فكلما شبت بين شعبنا نار نزاع من مكائدهم السوداء , يكون هؤلاء القادة اول من يعرف بذلك وحين يصلون الى مكان النزاع يقررون اما صب الزيت على النار والتسبب في خلاف واشتباك دموي حقيقي , أو صب الماء واطفاء المشكل , والدلوين بيد الأنظمة الحاكمة في العالم الثالث العربي المكلفين بالحكم بامر من قادة ذوي النفوذ من العالم الاول . وان لم يطيعوا الأوامر يعتبروا ديكتاتوريين وان أطاعوا الأوامر يتهموا الشعب بالارهاب  ويعملون على تحريض الحاكم ضد شعبه بحجة  أنهم اكتشفوا ان الشعب يريد قلب النظام  .            
الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما كانت مهمته بموجب الأجندة دعم التنظيمات الاصولية الاسلامية المتطرفة باسم الربيع العربي لتفكيك العالم العربي الى دويلات  ودخولهم الى سورية لتقسيمها وتفكيك جيشها وتدمير تاريخها وضرب من يقف لمساندتها بحجة ان نظام الرئيس بشار الأسد نظام ديكتاتوري وتهمة مزيفة انه مجرم قاتل شعبه . ودول تحالف الجزيرة العربية  مكلفة بشراء الأسلحة من المصانع الامريكية لدعم المنظمات والحركات الارهابية في سورية والعراق وليبيا وبالمقابل أيضا اعطاء قرار للتحالف ما يسمى بالعربي   بشن الحرب على اليمن وأيضا مع شراء الأسلحة الأمريكية بمختلف أنواعها . انتهت المدة الثانية لباراك اوباما وجاء قادة اللوبي الصهيوني ذوي النفوذ بدونالد ترامب الى رئاسة الجمهورية مزودا بأجندة عمل كالعادة فيها مهمة الرئيس قبل وصوله لسدة الحكم , مع اختلاف أحاديثه ووعوده منها الانفلاشية ومنها الواقعية أيد الرئيس السوري ثم انقلب ثم تراجع ثم قام بعملية قصف صاروخي 59 صاروخا على القاعدة العسكرية السورية في مطارالشعيرات . كانت هذه الضربة هي محطة للوقوف بعد ارضاء دول التحالف العربي وأعتقد انها ضربة لا تتكرر ومحطتها ألأخيرة في الشعيرات , وأيضا ممكن نقول ان الهجوم الصاروخي أيضا جاء تحدي ولعرض العضلات الامريكية أمام روسيا والصين لشن هجوم عسكري تدميري على كوريا الشمالية بحكم أن كوريا بالوصاية الصينية ومتحالفان مع روسيا . أمريكا دائما على حق والدول الاخرى على باطل , كوريا الشمالية دولة شيوعية تتخوف من جارتها كوريا الجنوبية الديمقراطية مدعومة من أمريكا وهما ضد محور الشيوعي , في عهد الاتحاد السوفياتي كانت أمريكا دائما تستفز السوفييت وتهدد بضربة نووية استباقية , وكما فعلت مع العراق وقبلها مع اليابان والفيتنام وكمبوديا وسوريا واليمن كل هذه الدول على غلط وأمريكا هي الصح وليست بلطجية , من حق كوريا الشمالية وجميع دول العالم الثالث امتلاك السلاح النووي لردع تسلط العالم الاول الاوروبي والأمريكي من حق سيول أن تمتلك قوة ردع لتحمي حدودها من اي هجوم من جارتها بدعم أمريكا كما حصل في العام 1950
 كوريا الجنوبية هاجمت الشمالية بمساندة الجيش الأمريكي ولكن بخلال يومين استطاع جيش كوريا الشمالية احتلال سيول ( العاصمة وفر الجيشين الجنوبي والامريكي عبر النهر وغرق نصف الفارين في النهر , ان الدول الذين يمتلكون السلاح النووي هم بسبب أمريكا لأنها اول دول العالم  من صنعته وامتلكته واستعملته وارهبت العالم به ودائما تهدد به كل دولة لا تمتثل لها , ان امريكا دولة مخيفة ومرعبة ألا آن الأوان لدول العالم ان يتحدوا ويضعوا حدا لأمريكا وارهابها . من حق كل دول العالم امتلاك نفس السلاح الذي تمتلكه أمريكا وروسيا . أمريكا تتحجج بالدفاع عن حلفائها الدول الاوروبية من الخطر السوفياتي , انتهى الاتحاد السوفياتي , ومعظم دول اوروبا يمتلكون  السلاح النووي مثل فرنسا وبريطانيا والمانيا . وأمريكا تهدد بحجة انها لا تتخلى عن حلفائها في اوروبا وعلما أن امريكا دائما تخسر الحرب بمفردها ونرى من خلال حروبها او غزواتها لا تحقق انتصارات الا بمساندة من الدول الاوروبية باسم حلف الناتو . لماذا امريكا دائما تشعرنا بأنها تخاف من الدولة الفلانية تهاجمها وتهدد بضربة استباقية , توقف امريكا تهديداتها وهيمنتها وارهابها على العالم الثاني والثالث لا احد يهددها او يستفزها . فوجود الترسانة النووية في كوريا الشمالية يجعل توازنا قويا بمواجهة التدخل الامريكي . فمن خلال صواريخ كوريا البعيدة المدى ومعرفة أمريكا بامكانية القوة التي تمتلكها كوريا الشمالية فجعلتها قلقة لأن هذه الصواريخ عابرة للقارات قد تطال عدة ولايات امريكية ومنها لوس انجلس مقابل سيول . بدأت أمريكا ترسل ممثيليها الى دول الصديقة لتحرضهم على كوريا وانها دولة ديكتاتورية تشكل خطرا عليكم وعلى امريكا ونحن نعمل على حمايتكم فيجب ان تساعدوننا عسكريا في حال بدأت الحرب ويجب ان نبدأ بالضربة الاستباقية ونرسل المدمرات وحاملات الطائرات الى سواحلكم , هذه هي سياسة أمريكا وجولاتها عندما تنوي غزو دولة . طالما انها تعتبر هي الأقوى في العالم فلماذا لا تتقرب من جميع الدول العالمين الثاني والثالث وتوحدهم وتجعلهم عالما واحدا لا اول ولا ثاني ولا ثالث ويعم السلام على امم العالم . لكن سلاحها الذي تبيعه لبعض الدول العربية ليقدمونه للجماعات الارهابية لقتل شعبنا في العراق وسورية واليمن اليس هذا ارهاب , أمريكا لوحدها استفادت من دول التحالف العربي أكثر من 190 مليار دولار دخل الخزية ثمن بيع الأسلحة  بخلال خمس او ست سنوات اليس هذا خطرا على شعبنا وبلادنا وهل يحق لأمريكا أن تعطي لنفسها الحق بقتل شعبنا من خلال تسويق اسلحتها المدمرة وتهديداتها للعالم بضرب النووي ومجلس الامن الدولي يعطيها كل الصلاحيات لقتل شعوب العالم وتدمير الأوطان , لكن لو حصل سلام  سوف يتوقف بيع الأسلحة لدى دول المصنعة المعتمدون على تصنيع وبيع الأسلحة وقتل الشعوب من أجل دعم اقتصاد بلادهم , والغريب ان مجلس الامن الدولي بيد أمريكا وحلفائها الاوروبيين , وبدأت جميع دول الاوروبية ومعهم للأسف بعض الدول العربية يحملون تدهور الوضع ونشوب الحرب لكوريا الشمالية , من حق أمريكا أن تهدد بضربة استباقية بالسلاح النووي وممنوع على كوريا الرد او الدفاع حتى ولو بالكلام يجب أن تخرس لأن أمريكا هي ربكم الأعلى فاعبدوها . امنيتي لو هذه الدول تعمل على انهاء هذا النزاع الهائل والقائم بين الدولتين قبل تدخل الصين وروسيا الى جانب سيول لو قرعت طبول الحرب , ودول اوروبية ستتدخل لجانب امريكا . والحرب دائما تكون بسبب انهيارالاقتصاد , والنفوذ هو محور الخلاف بين الدول العظمى وطالما هذه الدول هم أقوياء ويقودون العالم كله كما انهم قادرون  على قرع طبول الحرب  , يعني ايضا قادرون على اقامة واحلال السلام  لجميع دول وشعوب العالم بدلا من الدمار والقتل والتشتت وهذه الحرب التي توعدنا بها امريكا ستكون حربا شرسة سيذهب ضحيتها نصف سكان الكرة الأرضية . لكن لو حصل ووقعت الحرب  لا قدر الله هل يهدأ العالم العربي ؟ وهل الدول العظمى ستنشغل عنا وسيلتهون ببعضهم البعض  ؟.                                                                 
الحزب السوري القومي الاجتماعي ( مفوضية سيدني المستقلة )