لعل القائلين بمذهب المحدثين والحداثيين ورواة القول والقادمين منه والسير بين أدغاله وجنباته يذهبون إلى الإعتقاد بأن هذا الصوت المركزي المحوري قادم بلا شك
من ميلاف بالشمال القسنطيني، وقد يذهبون أيضا إلى الاعتتقاد أيضا أنه قد يكون قد خرج من شرنقته متأخرا أو من حقول " شقائق النعمان"
ولا أقول قد يعدو صحيحا أو عكس ذلك، هذا القول لاعتبارات عديدة، هذا الصوت متجذر في المشهد السردي منذ أمد، ولكن بقدر ما يكتنفه الارتداد في صياغتهم لسبر تضاريس هذا التبنؤ أو بعباردة أخرى، أي هذا المنحي الاستدلالي، فإنهم لم يقفزوا خارج الاسوار السردية للقاصة نسيمة بن عبد الله، التلويح كان إيجابيا، لكنه اختلف في فقط في رؤية المفاهيم .وفقط لكونه يجتر أو يختزن احتمالين:
الاحتمال الأول
قد يدخل في بوتقة أخرى جملة وتفصيلا، بتعبير آخر يكون "إصابة" عن طريق الخطأ من رمية في غير وجهتها أو باتجاه الملموس ,
والاحتمال الثاني
يقد يكون التأويل نصا صرفا لذات المعتقد الاستهلالي بحكم أن الاديبة نسيمة بن عبد الله ما كان لتكون طريدة . كانت هي بالعكس معولا للتغيير في نمط السرد
وأن أحراش ميلاف أنجبت فعلا حريرا من هذه الزنابق الوردية الحمراء التي تفتقت قولا وبيانا ودموعا وصدقا في المشاعر والأحاسيس لتصفد على صفيح ملائكي، إنساني: الاصابة في عمق المنجز "الزمن الاخير"
تكون قد أصابت الطريدة إن كانت كذلك والمنجز في ذات الأوان في احتفالية السرد لا في بهرجتها الغوغائية،
احتفالية السرد عند الاديبة نسيمة بن عبد الله هي التي تصنع فرجة المدلول والمأمول من خلال اقتناصها لذات الدلالة سواء في " الزمن الاخير "أو غيرها
القصة التي أوقدت كانون قاعة قصر الثقافة عبد الكريم دالي بتلمسان كما في مشارف سيناء، أوقدتها سلاما ورأفة في " الزمن الاخير " وفي القاعة وأسالت الدموع من المآقي .
إذن - قطعا - لم تكن الاديبة نسيمة بن عبد الله الطريدة، بل كانت من يحمل للطريدة قوت وقوة البقاء في محاولة إنجاز جسر بينها وبين ما يعتلج بطلتها
ليس فقط في "الزمن الاخير" بل في سائر منجزاتها السردية في مجموعتها
"حب في الكف" أو وغيرها من مجموعتيها الاخريين
وقد أخرجت الدلالة بوعي قاصة نحكمت أيما تحكم في لولبة قوالبها الفنية المعمارية
وقد ارتج ويرتج فيها ومنها صوت الشرنقة لتعطي حريرا في البيان والقول والدلالة
إن وقفتُ موقف نمطيا إزاء ما استمعت اليه من الاديبة نسيمة بن عبد الله بقاعة
قصر الثقافة عبد الكريم دالي كسائر الحضور
الوقفة تلك أحالتي على مدارج ومواظبتي الدائمة على مجلة الهدف
الفلسطينية التي كانت تصدر يقبرص وأنا بالصفوف الامامية بالقاعة
كان عنقي كسائر الاعناق مشرئبا نحو المنصة، حيث كانت الاديبة القاصة
تكتب بحبر المأقي وتلقي بحبر المأقي وتزفر بحبر الأماقي وتتنفس
بحبر المأقي من خلال رئة هشة وتوهج هش أيضا لصيرورة بطللتها المشرفة على الزوال، وهي تحتضر وتلفظ أنفاس حسرتها،وكذا الومضة الاخيرة في هولامية كونية إبداعية أذهلت الحضور
لحظة ذهولي أنا ايضا أنتصب أمامي الكاتب الفرنسي الشهير إميل زولا
وهو يتحاشى الإضرار ببطلته التي تحاشى وأدها
كان وجه الشبه كبيرا بين القاصة نسيمة بن عبد الله وإميل زولا، في ذات المأساة، كما بدا لي - لحظتئذ - أن القاصة نسيمة بن عبد الله هي غساني كنفاني في المباني السردية ومن نفس النسيج العمراني السردي .
نسيمة بن عبد الله وهي تصدح دموعها
التي ملأت القاعة وكأني بها كانت تقول من أغوار مشاعرها :
لتقول في "الزمن الاخير":
لا حول ولا وقوة لي قد يحتضنها الباري، وهي تتحدث وتخص بصدق مجريات" " "الزمن الاخير" ,
القاصة نسيمة بن عبد الله نسجت هذا النسج وهي تغمس آهاتها في محبرة دموع مأقيها ومآقينا بصدق وإخلاص لبطلتها المصابة بالسرطان عفانا الله وإياكم منه
الاستهلالي والممكن في المآقي كان ممكنا بأمتياز فكان دمع المآقي يخضب بالحناء أرجاء القاعة وتوابل القول والسرد من خلال مجمّع تراجيدي منتج لشمولية الطرح كالمصنع والمعمل تماما و الشرنقة التي تلد الحرير
هذا ما أفرزته الشرنقة
ولعل المحدثون والحداثيون ومن سبر رأي ماقبل أن يلتقي بالاديبة
نسيمة بن عبد الله قد منح تأشيرة " الطوق " لزنبقتها ولشرنقتها في ذات الوقت وقد منحتنا إياها - قاعة وحضورا وتجاوبا -
منحناها شمولية الصمت والإصغاء وفقط ,كنا نصغي "للزمن الأخير"
من خلال وظيفة الدلالة، حيث تستفحل الدلالة لتدحض مجاري مياه وسيول ما قبل الاكتشاف والاستكشاف والإستقراء
الحديث في هذا الشأن يطول ويجرنا إلى منعطفات أخرى، لكن ونحن نستشف من الاديبة -حضورا وقاعة -أن القاصة نسيمة بن عبد الله لا تستبد ولا تقهر أو تقمع شخوصها ولم يحدث ذلك لا في " الزمن الاخير" ولا في أعمال أخرى، كان الحبر مآقي ثكلى فيما لمسانه هو ذا الملموس في تجلياتنا من خلال " الزمن الاخير" القصة التي أبكت القاعة تمكنت فيها سردا من لمّ وجمع كل أصناف الرأفة في نسج محكم آخر، تراجيدي يحمل الوحدة العضوية والمبنى الهندسي المعماري فيها على محمل الجد على الصعيدين : الاخلاص في التعاطي مع شخوصها والتعاطي بصدق أيضا من منحنيات المسعى كمسعى دلالي
هي ذي نسيمة بن عبد الله " بنت الريف " أقتطفها زهرة من زهور وقوارير الملتقى الوطني للقصة بتلمسان أيقونة للسرد، أقتطفها من قطوف تلمسان
ومن معابر القول فيها وعليها وهي التي أبهرتنا، بسمو أخلاقها ورفعة نبلها كسيدة وكإنسانة خلوقة إلى ابعد الدرجات بشهادة الجميع، قلبت كل الموازين في الاخلاق الرفيعة
إكتشاف مبهر منحتنا إياه أيتها الافضلة،أقول هذا - تأكيدا وتثمينا فقط - فأنت من الاصوات القصصية الفاعلة في المشهد السردي الجزائري والعربي
هذه هي القاصة نسيمة بن عبد الله إن قلت هذا فهذا تأكيد ايضا أنني لن أتطاول على من تناولوك وتناولوا أعمالك بالدراسة من صفوة نقادنا وأكداميينا أذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر : الناقد السعيد بوطاجين، جروة علاوة وهبي،، الدكتور سليم قلالة، الاديب بشير خلف، الاديب عبد القادر زيتوني والناقد الكبير عز الدين جلاوجي في دراسة مستفيضة بالجمهورية وغيرها، ولن أضيف شيئا أمام هؤلاء الادباء من صفوة أقلامنا .
وما عساني أنبش أو أنقش أمام نقوش هؤلاء، لكن فقط من وجهة أخرى أقر أنك تركت فينا أثرا طيبا من خلال مروءتك واتزانك وعلاقنيتك، أقول بلا مغالاة أنني حظيت بمعدن ثمين يختزن أخلاقا رفيعة جدا وقد حصل لي شرف التعرف إليك أديبة / إنسانة وشريكة في الحرف هي ذي أنت أيتها القاصة نسيمة بن عبد الله
لوحت بمنديل ملائكي مفعم بالطهارة ليحتضنه الجميع ويحتضن أخلاقك الرفيعة جدا جدا
تحية إكبار أيتها الفاضلة لشمائلك ومروءتك وصفاتك الحميدة في هذا الشهر الفضيل وفي سائر الشهور
كنت مثالا للخلق وتسامي الرؤى والاتزان وحسن المعاملة مع الجميع، وقد استحسنك الجميع فتركت صورة مشرقة في ذوات الجميع
هذا نزر قليل مما يجب قوله في حق شخصك الكريم
كل التقدير أيتها الفاضلة، يا صاحبة "الزمن الاخير" ولألأة الدمع في المآق وما دبجه قلمك ومخيالك في نظرتك الشمولية لمجريات الملقى، ولتلمسان ومأثرها قاطبة كأديبة / رحالة وإعلامية بإمتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق