استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية كانت مفاجئة في حدها الأدنى ، واثارت حالة من الصدمة والارتباك السياسي بين الاوساط السياسية والشعبية اللبنانية ، ووصف وزير العدل اللبناني المحسوب على التيار الوطني الحر سليم جريصاتي هذه الاستقالة بأنها " ملتبسة مرتبكة ومشبوهة في الزمان والمكان والوسيلة والمضمون " .
ويرى المراقبون والمحللون السياسيون أن استقالة الحريري تهدف اما الضغط على ايران لدفعها للتنازل في ملفات مهمة بالنسبة للسعودية ، وتحديداً الملفين اليمني والبحريني ، بعد تزايد خسائر السعودية في حربها على اليمن عسكرياً وسياسياً ، وتصخم فاتورة الحرب من الناحية الانسانية ، وتزايد الضغوط عليها من هيئات ومنظمات حقوقية عالمية لوقفها ووضع حد لها ، واما الاحتمال الثاني فهو يتعلق بالتحضيرات لحرب قادمة " وعاصفة حزم " جديدة تستهدف حزب الله .
واذا استعرضنا واستعدنا في اذهاننا ما قدمه سعد الحريري من تنازلات ابداها في اطار التسوية لاختيار رئيساً للحكومة مقابل ميشال عون حليف حزب الله رئيساً للدولة اللبنانية بعد سنوات من الرفض والامتناع ، ندرك تماماً أن استقالته الصادمة المفاجئة ، وبعد زيارتين متتاليتين للسعودية خلال اسبوع واحد ، هي بدوافع قاهرة ارغم واجبر عليها من قبل السعودية ، خصوصاً ان ما قاله ازاء ايران وحزب الله ليس جديداً من قبله .
ورغم تزايد المؤشرات المدعومة بالتصريحات الاسرائيلية والامريكية حول المواجهة المقبلة مع حزب الله وايران ، الا ان الكثير لا يتوقعون حربا
واسعة النطاق ووشيكة بين اسرائيل وحزب الله ، ولكن في الوقت نفسه لا يستبعدون هذا الخيار الوارد بالحسبان .
ما من شك أن استقالة الحريري بشكلها ومضمونها وتوقيتها وما أتت به من خطوة مجنونة ومتسرعة ، هو تفريط بحالة الاستقرار والسلم الاهلي الداخلي في لبنان ، واطاحة بالمناخ السياسي الايجابي الذي ساد لبنان منذ عملية التسوية بخصوص الرئاسة اللبنانية .
لبنان الان بعد استقالة الحريري أمام أزمة سياسية جديدة ، تلقي بظلالها على اوضاعه السياسية والاقتصادية ، في ضوء العقوبات المفروضة على حزب الله والحصار الدولي الخانق ، ضمن الجهود الامريكية الرامية للضغط على حزب الله وايران .
ومن الواضح أن المستهدف الاساس الرئيس من وراء استقالة الحريري هو حزب الله وامينه العام السيد حسن نصر الله ، الذي ظهر معقباً ، هادئا كعادته ، غير قلقاً ولا مضطرباً ولا مستفزاً ، وانما مرتاحاً لوضع الحزب ودوره وموقعه على الخريطة السياسية الحزبية ، وامساكه بدفة المعادلات والجبهات التي يتولى ادارتها ومهتم لمستقبلها .
أخيراً ،الاستقالة يجب أن تزيد التماسك اللبناني لمواجهة التحديات والاخطار المحدقة بهذا البلد الذي تنهشه الصراعات الطائفية والسياسية والحزبية ، ويحتاج للهدوء السياسي .
**
قصيدة " انتظار " للشاعرة السورية سنا هايل الصباغ
آهٍ منكَ يا زمان
هل عِفتَ كلَّ الناسِ
إلّاني؟!
غرزتَ أظافركَ
في نحرِ سعادتي
مزّقتَ ضحكاتي
تركتَني أستجدي الفرحَ
على رصيف الانتظارِ
كسنبلةٍ ظمأى ...
تحاكي غيمَ صيف..!
كأنَّ نوائبَ الدهرِ
سكنتْ عظامي..
والرزايا تآختْ
مع كريات دمي
والحزنُ زرعَ قُضبانَه
حولي...
والمفتاحُ بيدِ الشيطانِ!
كفـــــاني...
كفاني مرَّ الكؤوسِ
قد ثملتُ حدَّ الاختناقِ
أنامُ على جمر الدموعِ
وأستيقظُ...
على شوكِ الانتظارِ
أحاولُ قتلَ الزمنِ
أمسِّدُ شعرَ الثواني
لتنامَ ...
فأراني أهربُ منكَ...
إليــــكَ...!
أحتضنُ طيفكَ
وأغفو...
أراكَ تمسِّدُ شعري
عندَ المساءِ..
أشربُ كأسكَ الدافئ
المعطّرِ بزهرِ الليمون
عند الصباحِ..
وأغتسلُ بأمطارك..
فأراني ...
أحتضنُ الخواءَ
وأتجرّعُ كؤوسَ الانتظارِ!
انتظرتُك ثلاثينَ شمعة
من فصولِ الروحِ..
أوقدتُ عمري
قرباناً لشِعركَ..
فلِمَ لمْ تُكملْ
حروفَ السَّنة؟!!
أطفأتَني بثلاث دمعاتٍ
ومحوتَ حروفي
بكمشة شخابيط..!
تعالَ قبل أن يخبوَ
بريقُ عشتاري
تعالَ قبلَ أن أذويَ
في شمعدان المِحَنِ..
تعال قبل أن أكفرَ بزماني
وأصدِّقَ ...
أنَّهُ عافَ كلَّ الناسِ
إلّاني...!!
تعـــــــالَ ....
كفاني انتظاراً..
كفـــــــاني ....
هذه القصيدة للشاعرة السورية السماوية المبدعة سنا هايل الصباغ ، التي تكتب بقلبها وعواطفها وأحاسيسها الجياشة ، وتحلق في فضاء عالية جميلة ، وتسافر بنا الى القمر والنجوم والغيوم ، حيث الحب والجمال وصفاء الذهن والدفء الانساني ، فنحس بنصها كأنه عقد ماس أو ورد يعبق بشذى ياسمين الصباح الدمشقي .
سنا الصباغ تتوجه بشعرها الى الجمهور ، فتعتمد الصورة البسيطة غير المعقدة ، التي تمس شغاف القلب وتلامس الوجدان . وما يميز كنابتها هو الصدق والعاطفة .
قصيدتها رومانسية وحديثة في شكلها وتموجاتها ، وقريبة في طابعها واسلوبها الى الرومانسية والرومانتيكية ، وتجتمع فيها الصور والايحاءات الشعرية الخلابة والاستعارات الجديدة .
وهي بشكل عام قصيدة جميلة عذبة شجية وموسيقية ، اسلوبها رشيق وجذاب ، وهي رنانة وساحرة وسلسة في تعابيرها واسلوبها الممتنع ، وانسيابها اللفظي الايقاعي ، وتصل بسرعة الى أعماق الروح ، تسكر القلب ، وتدخل الدفء اليه بمعانيها والفاظها الرقيقة وموسيقاها الاخاذة .
انها قصيدة وجدانية واضحة وصادقة مترعة بالاحاسيس والمشاعر ، نابعة من أعماق الفؤاد بشكل عفوي وتلقائي ، وهذا هو الشعر الحقيقي الصادق الخارج من سويداء القلب الى القلب وأعماق القارىء والمتلقي ، يؤثر فيه ، ويترك انطباعاً خاصاً ، وهكذا هي سنا في كل قصائدها الوجدانية الانسانية الرومانسية الحالمة المموسقة الطافحة بالعذوبة والرقة والسحر والجمال اللفظي .
سنا الصباغ شاعرة هادئة متميزة ، استطاعت أن تغزو عالم الشعر من أوسع أبوابه ، مشاعر عالية ، وخواطر وجدانية ، ونصوص نثرية تستحق الاشادة والقراءة المتكررة ، والتفحص الدقيق لما وراء الكلمات والجمل والجماليات المبثوثة في قلب هذا الشعر الوجداني التأملي الناعم ، الذي يتجاوز الصنعة الشعرية ليصل الى ذروة الصدق العاطفي ، لولا أنها عاشقة فريدة ، وشاعرة جديرة بالشعر .
قصيدة سنا الصباغ "انتظار" هي حالة فريدة في العشق والانتماء والشوق والحزن ، حالة شعرية انسانية تبلغ أقصى درجات الجمال والروعة ، وتظل علامة فارقة في الشعر السنائي من حيث الجودة والسبك وقوة الالفاظ وما تحويه من حب وعشق وشجن ودفء احساس ، وبراعة وصف وتصوير ، وصور بلاغية ، وهي تعرف كيف ترص الكلمات الى بعضها بتناسق أخاذ والتئام مرهف .
ولعل قصيدة الشاعرة الفلسطينية الراحلة فدوى طوقان " الشاعرة والفراشة " كتبت وكأنها عن سنا الصباغ ولها ، كيف لا وهي التي قالت :
هناك فوق الربوة العالية
هناك في الاصايل الساجية
فتاة احلام خالية
تسبح في اجوائها النائية
الصمت والظل وأفكارها
رفاقها ، والسرحة الحانية
حياتها قصيدة فذة
منبعها الحس ونيرانه
وحلم محير تائه
من قلق اللهجة ألوانه ..
حياتها بحر نأى غوره
وان بدت للعين شطآنه
رنت فتاة الشعر مأخوذة
بصور الطبيعة الخالية
والأفق الغربي تطفو به
ألوانه الوردية اللاهبة
كأنه أرض خرافية
هوت اليها شمسه الغاربة
ودت وفيها لهف كاسح
لو تأخذ الكون الى صدرها
تحضنه وتشبع الروح من
آياته الكبرى ومن سحرها
تعانق الأرض .. تضم السنا
تقبل الغيوم في سيرها
اليست الشاعرة الفراشة هي سنا الصباغ ..!!!
أخيراً ، تحية اليك شاعرتنا السورية المحلقة في سماء القصيدة ، من ربى فلسطين ، ودمت بعطائك ورقيك والقك الشعري .
**
وعاظ السلاطين
ابتليت امتنا العربية الاسلامية بعلماء التشتيت والتفرقة ، وبمشايخ الفتن ، ووعاظ السلاطين ، الذين باتوا يصدرون فتاوى شيطانية خطيرة ذات طابع سياسي ، مخالفة لروح العصر ، ومعادية للحضارة ، وبعيدة عن تعاليم ديننا الاسلامي السمح ، وصاروا يحرضون على القتل ، ويزرعون ويؤججون الفتنة الطائفية المقيتة والبغيضة بين أبناء الوطن والأمة والشعب الواحد ، وهذا لم يشهده أي عصر من عصور الانحطاط في التاريخ العربي الاسلامي .
كذلك كثرت في المكتبات الكتب والمطبوعات السلفية التي تروج لثقافة الكراهية وتحط من انسانية المرأة .
وهم وعاظ السلاطين هو خدمة الموقف الرسمي وتأييد ممارسات وسلوكيات أنظمة الفساد والاستبداد السياسي وحكام العمالة والنذالة .
وكما يبين عالم الاجتماع العراقي الكبير علي الوردي في كتابه الشهير " وعاظ السلاطين " فان اعتماد الوعظ هو الهاء المسلمين وافساد شخصيتهم بحيث ينشغلون بمشاكل وهمية يخدعهم بها الوعظ خدمة للسلطان كي لا يلتفت اليه احد .
ودور وعاظ السلاطين هو تمجيد الحكام والمستبدين والجبابرة ، وتسليط سيوف وعظهم على عامة الناس وبسطاء الشعب والفقراء ممن تضطرهم ظروف العوز والفقر والجوع لبعض التجاوزات .
وهؤلاء الوعاظ يستغلون منابر المساجد في المهاترات والسجالات السياسية وتسجيل المواقف ، متناسين أن المساجد هي مكان للعبادة ، وليس للقضايا السياسية ، وهي للجميع بلا انتماءات حزبية وعقائدية وآراء سياسية ، وانه يجب استغلالها في تكريس الاعتدال والوسطية ونشر ثقافة المحبة ، ونبذ العنف والتطرف والفتنة والشقاق واثارة البلبلة .
واليوم حيث تستشري الفوضى الخلاقة والعنف والارهاب التكفيري في الاوطان العربية ، فعلى جميع العرب والمسلمين أن يتوحدوا في خطاب واحد ، وخاصة أئمة وخطباء المساجد ، الذين يتخذون من المنابر وسيلة للدخول الى عالم السياسة ، وأن يكونوا على قدر المسؤولية الاجتماعية والاخلاقية والدينية المنوطة بهم ، وعليهم أن لا يكونوا وعاظاً للسلاطين ، ولا أبواقاً لاثارة الفتن واشعال الطائفية والقبلية والمذهبية ، وانما توجيه الناس نحو القيم والاخلاق الاسلامية الرفيعة السامية ، ودعوتهم الى الخير والمحبة والتسامح والسلم بين جميع الاديان والمذاهب والطوائف والأقليات الدينية ، ومداواة الجراح وتجاوزها ومسح الدموع ووحدة كلمة سواء تحت خيمة وطنية واحدة هي الهوية العربية الاسلامية متعددة الثقافات ، وتقوية خطاب وعناصر الوحدة التي امر الله بها في كتابه العزيز : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ، ولا تفرقوا ، ال عمران الآية ١٠٣" .
**
قصيدة " انتظار " للشاعرة السورية سنا هايل الصباغ
آهٍ منكَ يا زمان
هل عِفتَ كلَّ الناسِ
إلّاني؟!
غرزتَ أظافركَ
في نحرِ سعادتي
مزّقتَ ضحكاتي
تركتَني أستجدي الفرحَ
على رصيف الانتظارِ
كسنبلةٍ ظمأى ...
تحاكي غيمَ صيف..!
كأنَّ نوائبَ الدهرِ
سكنتْ عظامي..
والرزايا تآختْ
مع كريات دمي
والحزنُ زرعَ قُضبانَه
حولي...
والمفتاحُ بيدِ الشيطانِ!
كفـــــاني...
كفاني مرَّ الكؤوسِ
قد ثملتُ حدَّ الاختناقِ
أنامُ على جمر الدموعِ
وأستيقظُ...
على شوكِ الانتظارِ
أحاولُ قتلَ الزمنِ
أمسِّدُ شعرَ الثواني
لتنامَ ...
فأراني أهربُ منكَ...
إليــــكَ...!
أحتضنُ طيفكَ
وأغفو...
أراكَ تمسِّدُ شعري
عندَ المساءِ..
أشربُ كأسكَ الدافئ
المعطّرِ بزهرِ الليمون
عند الصباحِ..
وأغتسلُ بأمطارك..
فأراني ...
أحتضنُ الخواءَ
وأتجرّعُ كؤوسَ الانتظارِ!
انتظرتُك ثلاثينَ شمعة
من فصولِ الروحِ..
أوقدتُ عمري
قرباناً لشِعركَ..
فلِمَ لمْ تُكملْ
حروفَ السَّنة؟!!
أطفأتَني بثلاث دمعاتٍ
ومحوتَ حروفي
بكمشة شخابيط..!
تعالَ قبل أن يخبوَ
بريقُ عشتاري
تعالَ قبلَ أن أذويَ
في شمعدان المِحَنِ..
تعال قبل أن أكفرَ بزماني
وأصدِّقَ ...
أنَّهُ عافَ كلَّ الناسِ
إلّاني...!!
تعـــــــالَ ....
كفاني انتظاراً..
كفـــــــاني ....
هذه القصيدة للشاعرة السورية السماوية المبدعة سنا هايل الصباغ ، التي تكتب بقلبها وعواطفها وأحاسيسها الجياشة ، وتحلق في فضاء عالية جميلة ، وتسافر بنا الى القمر والنجوم والغيوم ، حيث الحب والجمال وصفاء الذهن والدفء الانساني ، فنحس بنصها كأنه عقد ماس أو ورد يعبق بشذى ياسمين الصباح الدمشقي .
سنا الصباغ تتوجه بشعرها الى الجمهور ، فتعتمد الصورة البسيطة غير المعقدة ، التي تمس شغاف القلب وتلامس الوجدان . وما يميز كنابتها هو الصدق والعاطفة .
قصيدتها رومانسية وحديثة في شكلها وتموجاتها ، وقريبة في طابعها واسلوبها الى الرومانسية والرومانتيكية ، وتجتمع فيها الصور والايحاءات الشعرية الخلابة والاستعارات الجديدة .
وهي بشكل عام قصيدة جميلة عذبة شجية وموسيقية ، اسلوبها رشيق وجذاب ، وهي رنانة وساحرة وسلسة في تعابيرها واسلوبها الممتنع ، وانسيابها اللفظي الايقاعي ، وتصل بسرعة الى أعماق الروح ، تسكر القلب ، وتدخل الدفء اليه بمعانيها والفاظها الرقيقة وموسيقاها الاخاذة .
انها قصيدة وجدانية واضحة وصادقة مترعة بالاحاسيس والمشاعر ، نابعة من أعماق الفؤاد بشكل عفوي وتلقائي ، وهذا هو الشعر الحقيقي الصادق الخارج من سويداء القلب الى القلب وأعماق القارىء والمتلقي ، يؤثر فيه ، ويترك انطباعاً خاصاً ، وهكذا هي سنا في كل قصائدها الوجدانية الانسانية الرومانسية الحالمة المموسقة الطافحة بالعذوبة والرقة والسحر والجمال اللفظي .
سنا الصباغ شاعرة هادئة متميزة ، استطاعت أن تغزو عالم الشعر من أوسع أبوابه ، مشاعر عالية ، وخواطر وجدانية ، ونصوص نثرية تستحق الاشادة والقراءة المتكررة ، والتفحص الدقيق لما وراء الكلمات والجمل والجماليات المبثوثة في قلب هذا الشعر الوجداني التأملي الناعم ، الذي يتجاوز الصنعة الشعرية ليصل الى ذروة الصدق العاطفي ، لولا أنها عاشقة فريدة ، وشاعرة جديرة بالشعر .
قصيدة سنا الصباغ "انتظار" هي حالة فريدة في العشق والانتماء والشوق والحزن ، حالة شعرية انسانية تبلغ أقصى درجات الجمال والروعة ، وتظل علامة فارقة في الشعر السنائي من حيث الجودة والسبك وقوة الالفاظ وما تحويه من حب وعشق وشجن ودفء احساس ، وبراعة وصف وتصوير ، وصور بلاغية ، وهي تعرف كيف ترص الكلمات الى بعضها بتناسق أخاذ والتئام مرهف .
ولعل قصيدة الشاعرة الفلسطينية الراحلة فدوى طوقان " الشاعرة والفراشة " كتبت وكأنها عن سنا الصباغ ولها ، كيف لا وهي التي قالت :
هناك فوق الربوة العالية
هناك في الاصايل الساجية
فتاة احلام خالية
تسبح في اجوائها النائية
الصمت والظل وأفكارها
رفاقها ، والسرحة الحانية
حياتها قصيدة فذة
منبعها الحس ونيرانه
وحلم محير تائه
من قلق اللهجة ألوانه ..
حياتها بحر نأى غوره
وان بدت للعين شطآنه
رنت فتاة الشعر مأخوذة
بصور الطبيعة الخالية
والأفق الغربي تطفو به
ألوانه الوردية اللاهبة
كأنه أرض خرافية
هوت اليها شمسه الغاربة
ودت وفيها لهف كاسح
لو تأخذ الكون الى صدرها
تحضنه وتشبع الروح من
آياته الكبرى ومن سحرها
تعانق الأرض .. تضم السنا
تقبل الغيوم في سيرها
اليست الشاعرة الفراشة هي سنا الصباغ ..!!!
أخيراً ، تحية اليك شاعرتنا السورية المحلقة في سماء القصيدة ، من ربى فلسطين ، ودمت بعطائك ورقيك والقك الشعري .
**
وعاظ السلاطين
ابتليت امتنا العربية الاسلامية بعلماء التشتيت والتفرقة ، وبمشايخ الفتن ، ووعاظ السلاطين ، الذين باتوا يصدرون فتاوى شيطانية خطيرة ذات طابع سياسي ، مخالفة لروح العصر ، ومعادية للحضارة ، وبعيدة عن تعاليم ديننا الاسلامي السمح ، وصاروا يحرضون على القتل ، ويزرعون ويؤججون الفتنة الطائفية المقيتة والبغيضة بين أبناء الوطن والأمة والشعب الواحد ، وهذا لم يشهده أي عصر من عصور الانحطاط في التاريخ العربي الاسلامي .
كذلك كثرت في المكتبات الكتب والمطبوعات السلفية التي تروج لثقافة الكراهية وتحط من انسانية المرأة .
وهم وعاظ السلاطين هو خدمة الموقف الرسمي وتأييد ممارسات وسلوكيات أنظمة الفساد والاستبداد السياسي وحكام العمالة والنذالة .
وكما يبين عالم الاجتماع العراقي الكبير علي الوردي في كتابه الشهير " وعاظ السلاطين " فان اعتماد الوعظ هو الهاء المسلمين وافساد شخصيتهم بحيث ينشغلون بمشاكل وهمية يخدعهم بها الوعظ خدمة للسلطان كي لا يلتفت اليه احد .
ودور وعاظ السلاطين هو تمجيد الحكام والمستبدين والجبابرة ، وتسليط سيوف وعظهم على عامة الناس وبسطاء الشعب والفقراء ممن تضطرهم ظروف العوز والفقر والجوع لبعض التجاوزات .
وهؤلاء الوعاظ يستغلون منابر المساجد في المهاترات والسجالات السياسية وتسجيل المواقف ، متناسين أن المساجد هي مكان للعبادة ، وليس للقضايا السياسية ، وهي للجميع بلا انتماءات حزبية وعقائدية وآراء سياسية ، وانه يجب استغلالها في تكريس الاعتدال والوسطية ونشر ثقافة المحبة ، ونبذ العنف والتطرف والفتنة والشقاق واثارة البلبلة .
واليوم حيث تستشري الفوضى الخلاقة والعنف والارهاب التكفيري في الاوطان العربية ، فعلى جميع العرب والمسلمين أن يتوحدوا في خطاب واحد ، وخاصة أئمة وخطباء المساجد ، الذين يتخذون من المنابر وسيلة للدخول الى عالم السياسة ، وأن يكونوا على قدر المسؤولية الاجتماعية والاخلاقية والدينية المنوطة بهم ، وعليهم أن لا يكونوا وعاظاً للسلاطين ، ولا أبواقاً لاثارة الفتن واشعال الطائفية والقبلية والمذهبية ، وانما توجيه الناس نحو القيم والاخلاق الاسلامية الرفيعة السامية ، ودعوتهم الى الخير والمحبة والتسامح والسلم بين جميع الاديان والمذاهب والطوائف والأقليات الدينية ، ومداواة الجراح وتجاوزها ومسح الدموع ووحدة كلمة سواء تحت خيمة وطنية واحدة هي الهوية العربية الاسلامية متعددة الثقافات ، وتقوية خطاب وعناصر الوحدة التي امر الله بها في كتابه العزيز : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ، ولا تفرقوا ، ال عمران الآية ١٠٣" .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق