ما للكريم بأرضِنا لا يغضَبُ/ صالح أحمد


ما للكريم بأرضِنا لا يغضَبُ = ومعارج الأمجادِ عنّا تُحجَبُ
الأرضُ ثكلى والمواسِمُ غَصّةٌ = والحقُّ والميراثُ منّا يُسلَبُ
هَبَّت شُعوبُ الأرضِ تَجمَعُ شَملَها = وَيَظَلُّ شَعبي شَملُهُ يَتَشَعَّبُ
ويظلُّ شوقي أن أرى لِوُجودِهِم = أثرًا.. لِلَهجَتِهِم حسابًا يُحسَبُ
هو حاضِرٌ يُبكي اللّبيبَ وذا النُّهى = وغَدٌ على ضوءِ الوقائِعِ غَيهَبُ
ويطلُّ ماضينا شَموخًا زاهرًا = بهوانِنا يُنسى يُساءُ يُغَيَّبُ
أقصى حدودِ عقولِنا أن تَذكُرُ = والذكرُ لا يُغني.. وليسَ يُطيِّبُ
إنّ التّذَكُّرَ لا يُعيدُ كَرامَةً = طُعِنَت.. وأوطانًا تُهانُ وتُنهَبُ 
يا أيُّها الشّعبُ الذي نَكَباتُهُ = فوقَ الذي يُحصى وما قَد يُكتَبُ 
كم عُروَةً نَقضَت يَداكَ ولم تَنَل = إلا التّقَهقُرَ يَعتَريكَ ويَضرِبُ
كم رُحْتَ ترجو من سواكَ تضامُنًا = لم تَلقَ إلا ما رَجاكَ يُخَيِّبُ
لن يمنحوكَ حصانَةً ومناعةً = لن يُرجعوا أرضا ودارًا تُغصَبُ
لم يردعوا ظُلمًا أحاقَ بأهلنا = لم يمنحوكَ سوى الكلامِ وأطنَبوا
زمنًا رأيتَ شعاعَ مجدِك يَنطَفي = وربيعُ روحِكَ يا صديقي يَغرُبُ
ما فازَ باللّذاتِ غيرُ مُغامِرٍ = أقدِم بِنِفسِكَ يَدنُ منكَ المطلَبُ
ضاقَت وما رَحُبَت أخي بِوُعودِهم = فاعلَم بجهدِكَ أنتَ وحدَكَ تَرحُبُ 
للغربِ قصدٌ واحدٌ يا أمّتي = أن يجعلونا بأسَهُم نَتَهَيَّبُ
أن يجعلونا أمةً مقموعَةً = لا يُرتَجى منها مَواقفُ تُعجِبُ
تَبَعًا لإحدى الكُتلتينِ وكلّهم = يتسابقون كُنوزَنا أن يَنهبوا
لا فرقَ بين الكتلتين كِليهِما = يرجوننا لهُمُو ظلالًا تُسحَبُ
ميثاقُهُم ما بينهم إذلالُنا = حتى نظلَّ بفكرهِم نتمَذهَبُ
يتقاسمون بلادَنا لنُفوذِهِم = قُطبَين بينَهما دَمي يُستَنهَبُ
كلُّ الشُّعوبِ قرارُها بِيَمينِها = ويسودُ فيهم من بجَمعٍ ينخَبُ
أما قراري يرفضونَ بجمعِهم = فالعدلُ فينا لا يُرادُ، ويُشجَبُ
غّدَت الشّعوبُ بشرقِنا مَقهورَةً = الكلُّ يقضي خائِفًا يَتَرَقَّبُ
نارُ العدوَّ على المدى تجتاحُنا = في القلبِ نارُ القهرِ منّا تَنشُبُ  
مزقٌ نعيشُ، الكلُّ يطلُبُ قَهرَنا = تجويعَنا تَرويعَنا كي يَكسبوا
حتى العقولُ؛ عقولنا دانَت لهم = ذو الفكرِ من بطشِ المُناصِبِ يَهرُبُ
حِرنا فَرُحنا للمَهاجِرِ نَلتَجي = حِفظًا لأرواحٍ فعزَّت يَثرِبُ
لا عهدَ في هذي الدّنا لا بيعةً = تُرجى وقد ذَلَّت وهانَت يَعرُبُ
ليقودَها أنذالُها وعَبيدُها = ورَصيدُهُم نسَبٌ وأصلٌ يُكذَبُ
القَهرُ عُدّتُهم ويَرضى عَنهُمُ = غربٌ يُحابي مَن غِناهُم يُكسِبُ
ويديرُ ظهرًا للشّعوبِ وحقِّها = ويُمالِئُ الطّاغوتَ أو يتذبذّبُ
لا يُرتَجى عونُ المذبذَبِ أمّتي = دهرًا خبرتِ مزاجَهُ يتقَلَّبُ
ما ثورُ أمريكا يريدُ خَيارَنا = ولكم أتانا بالعداوةِ يضرِبُ
ونظيرُهُ الرّوسيُّ دبٌّ حاقِدٌ = للمسلمينَ الشّرُّ منهُ المأرَبُ
الحربُ بارِدَةٌ أخي ما بينهم = لكن علينا نارُها تتلَهَّبُ
كم أيّدوا جلّادنا في غيّهِ = ولقهرنا كم أرشدوهُ ودَرّبوا
لكننا شعبٌ أبى أن ينحني = من ينحَني لا بُدَّ يومًا يُركَبُ
ثُرنا ليعلَمَ من يريدُ هَوانَنا = بدمائِنا سَنقولُ ما يَتَوَجّبُ
:::::::::::: صالح أحمد (كناعنة) ::::::::::::::

احد السعف (عيد الشعانين)/ لطيف شاكر

  استخدم الفراعنة «جريد النخيل» ليكون ديكورات أسقف المعابد، وكان للنخيل أهمية خاصة عند قدماء المصريين، فكانوا يستخدمون البلح فى التحلية، أما من حيث الصناعة فكان يزين غالبية أعمدة المعابد، وفى بعض الأدوات أيضا. وقد وجدت بعضها ضمن مقتنيات توت عنخ آمون الموجودة بالمتحف المصرى مزينة بأشكال السعف، كما استخدموه فى الاحتفالات والأعياد كدليل للفرح والابتهاج. ففى الاحتفالات كان الأطفال والرجال والسيدات يمسكون بجريد النخل، وهو السعف وبالزهور تعبيرًا عن سعادتهم، وكان النخيل حاضرًا بقوة فى مدينة هابو فى عيد الوادى، فهو كان مخصصا ليتبارى فيه المزارعون فى عرض أنواع الزهور ومنتجاتهم.

وكان سعف النخيل الأخضر يرمز لبداية العام لأنه يعبر عن الحياة المتجددة، كما أنه يخرج من قلب الشجرة وكانوا يتبركون به ويصنعون منه ضفائر الزينة التى يعلقونها على أبواب المنازل، ويحملونها كذلك لتوضع فى المقابر ويوزعون ثماره الجافة صدقة على أرواح موتاهم، وما زالت هذه العادة حتى الآن خاصة فى صعيد مصر، كما كانوا يصنعون من السعف أنواعا مختلفة من التمائم والمعلقات التى يحملها الناس لتجديد الحياة فى العام الجديد  

قال البابا شنودة الثالث فى كتابه «أحد الشعانين»، إن كلمة شعانين عبرانية من «هو شيعه نان»، ومعناها «يا رب خلص»، ومنها الكلمة اليونانية «أوصنا» التى استخدمها البشيرون فى الأناجيل، وهى الكلمة التى كانت تصرخ بها الجموع فى خروجهم لاستقبال موكب المسيح وهو فى الطريق إلى أورشليم.  وأضاف: ويسمى أيضًا بأحد السعف وعيد الزيتونة؛ لأن الجموع التى لاقته كانت تحمل سعف النخل وغصون الزيتون المزينة، فلذلك تعيد الكنيسة وهى تحمل سعف النخل وغصون الزيتون المزينة وهى تستقبل موكب الملك المسيح.  ومن طقس هذا اليوم أن تقرأ فصول الأناجيل الأربعة فى زوايا الكنيسة الأربعة وأرجائها فى رفع بخور باكر وهى بهذا العمل تعلن انتشار الأناجيل، ومن طقس الصلاة فى هذا العيد أن تسوده نغمة الفرح فتردد الألحان بطريقة الشعانين المعروفة وهى التى تستخدم فى هذا اليوم وعيد الصليب. وفى كتاب «اللآلئ النفيسة فى شرح طقوس ومعتقدات الكنيسة» يقول: إن الكاهن يبارك أغصان الشجر من الزيتون وسعف النخل ويجرى الطواف الرمزى لتذكار دخول المسيح الاحتفالى إلى أورشليم، وسعف النخل يشير إلى الظفر وإلى الإكليل الذى يهبه الله للمجاهدين المنتصرين، أما أغصان الزيتون فتشير إلى السلام وعصيره يشير إلى القداسة، لهذا لما أرسل نوح الحمامة عادت وفى فمها غصن زيتون أخضر البوابة نيوز

يبدأ الاحتفال بأحد السعف مساء السبت الذى تطلق عليه الكنيسة «سبت لعازر» بشراء سعف النخل وأغصان من الزيتون، ويزينوها على شكل صليب، وإن كان الأب البطريرك أو المطران أو الأُسقف حاضرًا، يتقدّمه الشمامسة والكهنة وهم يحملون الشموع فى أيديهم مع سعف النخل وأغصان الزيتون.

 ورتبت الكنيسة عدة صلوات لها طابع خاص بأحد الشعانين؛ حيث نظمت تسبحة نصف الليل لعيد أحد الشعانين، ورفع بخور باكر عيد أحد الشعانين، والطواف داخل الهيكل وبعد انتهاء الدورة يقول الكاهن أوشية الإنجيل ويطرح المزمور قبطيًا ثم يقرأ الإنجيل قبطيًا وعربيًا. وتختتم الكنيسة بصلاة التجنيز العام، والغرض من عمل التجنيز العام فى هذا اليوم هو خشية أن يموت أحد من الشعب فى أسبوع الآلام فلا يجب رفع بخور إلا فى يومى الخميس والسبت، فهذا التجنيز فى الأربعة أيام التى لا يجب رفع بخور فيها، بل إذا انتقل أحد من الشعب يحضرون به إلى البيعة وتقرأ عليه الفصول التى تناسب التجنيز دون رفع بخور. وأمرت الكنيسة أن تصلى صلاة التجنيز على إناء عادى به ماء ويرش منه على المصلين،

تهتم الكنيسة بوضع أيقونة الشعانين امام المذبح و تتميّز أيقونة الشعانين بطابع الاحتفال والانتصار، فمنظر أورشليم البهيّ غالبًا ما يكون باللون الأحمر أو الأبيض، وألوان الثياب المنثورة على الطريق يضفى على الأيقونة طابع البهجة. وفى الأيقونة يبدو المسيح جالسًا على جحش يحنى رأسه إلى الأرض، ورجليه فى اتجاه واحد، وتهدف إلى توضيح تواضع المسيح ووداعته وهو يُبارك شعبه، ورأسه ملتفت إلى خلف باتّجاه تلاميذه الذين يتبعونه. وأيضًا يرمز الحيوان إلى بهيمية الأمم التى رفعها السيد وجعلها تسمو، بينما فى أكثر الأيقونات الغربية يركب مثل الفارس على حصانه، وهذا يبدو واضحًا فى الكثير من الأيقونات الروسيّة؛ حيث يُستعاض عن الجحش بالحصان، لأنّ الجحش لم يكن حيوانًا معروفًا فى تلك البلاد.

 أمَّا الأطفال فتبدو عليهم علامات الفرح، وعيونهم مع حضور الرب تدعو للتمثّلْ بطُهرهم البريء وفى أيديهم يحملون سعف النخل وأغصان الزيتون، فقديمًا كانوا يستقبلون الملوك عند عودتهم من الحرب ظافرين، ولذلك استقبل الشعبُ المسيحَ الراكب على جحش على أبواب أورشليم كغالب للموت، وساحق للخطية ومُحطم للشيطان.

والاطفال مع والديهم   يهتمون بعمل اشكال متعددة باغصان السعف بجدلها  مثل الحيوانات والورود والاكاليل والصلبان وشكل الحلي والملابس ويستغرق هذا طول ليلة احد السعف , وكان الاباء يقدمون السعف بعد جدله الي الاطفال الذين فقدوا احد والديهم ليجليبوا لهم الفرح

القبض علي من يحمل سعفا

يقول المقريزى (1365-1442)فى كتابه «المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار» عن احد الشعانين ويسميه عيد الزيتونة ربما يرجع الاسم لاستقبال السيد المسيح بالزعف واغصان الزيتون

"عيد الزيتونة:ويعرف عندهم بعيد الشعانين، ومعناه التسبيح. ويكون في سابع أحد، من صومهم. وسنتهم في عيد الشعانين أن يخرجوا سعف النخل من الكنيسة. ويرون أنه يوم ركوب المسيح العنو،(وهو الحمار) في القدس، ودخوله إلى صهيون وهو راكب،

والناس بين يديه يسبحون، وهو يأمر بالمعروف، ويحث على عمل الخير، وينهي عن المنكر، ويباعد عنه. وكان عيد الشعانين من مواسم النصارى بمصر، في كنائسهم. فلما كان لعشر خلوان من شهر رجب، سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، كان عيد الشعانين، فمنع الحاكم بأمر الله أبو عليّ منصور بن العزيز بالله النصارى من تزيين كنائسهم، وحملهم الخوص على ما كانت عادتهم، وقبض على عدة ممن وُجد معه شيئًا من ذلك، وأمر ما هو محبَّسٌ على الكنائس من الأملاك، وأدخلها في الديوان، وكتب لسائر الأعمال بذلك، وأُحرقت عدة من صلبانهم على باب الجامع العتيق"

كل عام والعالم كله بخير وسلام 

كان لي قلب/ ابراهيم مشارة

كان لي قلب في مثل براعم الثمار في آذار تتعانق الأكمام الفتية كأصابع الرضيع المخضلة وتغلق نفسها على سر الوجود ،الميلاد ،الإثمار، كان في مثل الساقية الصغيرة تخر خريرا عذبا شجيا إلى العشب ،إلى الغلات ، كان أوتارا طفولية نسجت منها شرايين ذلك القلب نسجتها أمي بمغزلها بيد مخضبة بالحناء وساق جرداء عجفاء إلا من الكدح والتعب، كان لي قلب لا يضخ الدم ولكن يضخ وجوه أصحابي ،بسماتهم ،مرحهم، شقاوتهم ، يضخ صور جباه الشيوخ المغضنة السمراء العالقة بها تربة السجود أثناء نوبة الساقية ، يضخ القهوة العتيقة التي تعدها أمي لنوية الساقية في إبريق بسيط ومسحوق قليل- للاقتصاد- ولكن لها شذا خاصا ومذاقا أعطر، كان قلبي يضخ ظفائر بنات القرية المدهونة بزيت الزيتون والتثاؤب الذي ينم عن رغبة في الاستزادة من النوم ، والكلام الصبباني المحتشم الذي يعبر عن الشوق عن الرغبة عن الحب الطفولي ، كان لي قلب وتينه عقرب ساعة يتحرك على ميناء الحنين ،الشغف تستثيره رائحة أشجار السرو، رائحة البعر، رائحة التربة المبتلة بالمطرأو بالندى ،كان قلبي مجرة شموسها ونجومها هم وهن بالتصريحات والتلميحات وبلغة العيون.
قلبي اليوم ورم لا يضخ إلا الدم المؤكسد دماء الإحباطات والهزائم والملل، دما روتينيا، نمطيا يملأ تجاويف قلب ورم وشاخ وتآكل صار كصندوق أمي الذي تحفظ فيه أشياء الزينة القديمة الخاصة بها لما زفت عروسا أين تلك الظفائر الممسوحة بزيت الزيتون وتلك التثاؤبات الصباينية والمرح الطفولي؟ في دنيا ظنناها نحن الصغار ملوكها لا نتعب لا نمرض لا نموت يومنا منذور للعبث للضحك للمسرة للشقاوة ، حتى عقارب الساعات كانت تعاندنا تعربد تجري تقهقه تحلف باليمين الكاذبة مثلنا تماما يتماهى فرحها مع فرحنا.
وحتى القهوة التي نشربها نحتسيها اليوم على عجل كأننا نحتسي قطرانا و حتى الوجوه التي نصادفها نهرب منها كأن بها البرص والجذام، نفر منها فرارنا من الأسد!
سقط القناع على القناع لا يصلح القلب الورم إلا لحب عابر ونزوة ظرفية لأن البراعم قتلها الصقيع صقيع الاقتصاد السياسة والساقية جفت بفعل الجفاف الروحي وذوات الظفائر المجدولة صرن جدات يبحثن عن راتب التقاعد وضرورات الحياة والوجوه الصباينية العابثة مات فيها آخيل الحالم الشجاع الفارس ، انتحر أبو زيد الهلالي لأن الزمن ليس زمنهما.
من حكم أمي التي حفظتها :الدنيا العوجة بوبزيز- حيوان منحط- ولى خوجة، تماما كما يقول متعلم هذا زمن الرداءة ، تهرب إلى هناك تجد الجرح في نفسك ، ورم القلب لا رفاهية الشمال ولا رقيه يرجع ذلك القلب برعما، عصفورا، وترا، جرعة نبيذ، وتبقى تكابد الغربة، ولكنها غربة أهون من غربة تعيشها بين ناسك وفي وطنك إنها أقسى غربة جهنمها تلفحك في كل حين وزقومها تأكله في كل إبان !هذا العصر اليهودي جعل من كان أسفل عال :الحب دعارة والأصالة رجعية، والخصوصية انغلاق والدنيا كلها فلوس ،المرأة سلعة والقلب جيب يقبض والوطن مستودع، والخريطة لعبة بازل ، والسياسة مآرب شخصية والثقافة شطارة في اعتلاء المناصب وووو
ولدنا بأحلام أبي زيد وها نحن كنعود كأوديب ، ولدنا كأبطال الأساطير الشعبية وها نحن سننتهي كأبطال التراجيديا الإغريقية.
الوعي بقدر ما هو نعمة هو مأساة ألم يصدق ذلك المتنبي حين قال:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
ماأتعسنا نولد صغارا فرحين مبتهجين لا مبالين وننتهي كبارا حزينين كالحي الوجوه منكسري النظرات لكأن الميلاد والموت من رحم واحدة كلاهما يصاحبهما البكاء!

يا ربِّ: إن لكل جرحٍ ساحلاً..

وأنا جراحاتي بغير سواحل..

كل المنافي لا تبدّد وحشتي

ما دام منفاي الكبير...بداخلي

يا نصير المظلومين/ محمد محمد علي جنيدي


يا نصير المظلومين ارحم دموعي
دمعي فاض بي والحنين هاج بين ضلوعي
أسهر الليل في سؤالي ومين داريبي
غيرك انت يا سند قلبي وحبيبي
الأحبة غابوا عني وعن مكاني
والزمان أصبح كأنه مش زماني
وإن يمر الليل عليه في سكاتي
أدعو يا ربي ويا محي مماتي
انصر المظلوم ونوَّر عين رجاها
فيك لوحدك وانت عالم مين أذاها
عدلك الساري مطمن نبض قلبي
عمره ما يضيع حق فوضته لربي
مهما ياليلي تطول الفجر راجع
والفرج بيطل من بطن المواجع
يا نصير المظلومين يكفيني إني
برفع الشكوى إليك في حسن ظني
 – مصر

يَسُوعُ الفِدَاء/ حاتم جوعيه

   
(   قصيدة ٌ نظمتها  بمناسبة  عيد  الفصح  المجيد )  
        
يا   إلهَ   الِفدَا   وحُلمَ   الوجُودِ        جئتَ  بالحُبِّ  والسَّلام ِ  الوطيدِ  
جئتَ نورًاعلى الخلائق ِ تزهُو        أنتَ   فردوسُ  حُلمِنا   المَنشودِ 
يا   يَسُوعي  الحَبيبَ  أنتَ رجائي       وعزائي  في  كلِّ  خطبٍ  شديدِ 
يا  يسوعَ الخلاص ِ أنتَ انطلاقي         وانبعاثي  ومن   رُكام ِ  الجُمودِ 
يا  يسُوعَ الفداءِ  فيكَ  انعتاقي        من  جحيم ِ الدُّنى   ونير ِ  القيُودِ  
قد   رأيناكَ   مَنبَعًا   لخَلاص ٍ        ومَنارًا   على    مُحَيَّا    الوجُودِ 
أنتَ فجري ومَبْعَثِي وانطلاقي        وَمُنى الرّوح ِ بعدَ طول ِ الهُجُودِ  
يومَ   ميلادِكَ  المَلائِكُ   َغنتْ         بترانيم       عذبةِ        التغريدِ  
ترسِلُ الشَّدْوَ كلَّ  لون ٍ ولحن ٍ        يتهادَى  فوقَ   الذُّرَى   والنجُودِ       
تتغنى:" قدُّوسُ .. قدُّوسُ .. قدُّو      سُ " ... إلهُ الوَرى وربُّ الجنودِ  
ثمَّ  جاءَ الرُّعاة ُ من كلِّ صوبٍ       سمعُوا البُشْرَى من ملاكٍ  مجيدِ  
كانَ  في مذوَدٍ  وفي  بيتِ لحم ٍ      حَمَلُ الرَّبِّ… مُدْرَجًا في المُهُودِ 
كانَ عيدًا لهُم  وَبُشرى خلاص ٍ      وغدا    للأكوانِ   أرْوَع     عيدِ   
وَمَجُوس ٍ  أتوا  بأغلى  الهدايا        إنَّهم  جاؤوا  من   مكان ٍ   بعيدِ  
فاستدَلُّوا   على   الإلهِ    بنجم ٍ       شعَّ  كالشَّمس ِ في سماءِ الوجُودِ   
فبميلادِكَ    العِبَادُ    استنارَتْ        وَمَشَتُ ، في الهُدَى ، ِبعَهْدٍ جديدِ  
فسلامٌ   عَليكَ   يا   حَمَلَ  الله         ويا     مَنْ     كلَّلتنا     بالسُّعُودِ   
وسَلامٌ   عليكِ    أيَّتُها   العَذرَ        اءُ ... ما  زلتِ  َخيرَ  أمٍّ    َولوُدِ 
يا  إلهَ  الأمجاد ..ربَّ المعالي        وَمَنارَ   الدُّنى     لكلِّ     العُهودِ  
قد َقسَمْتَ التاريخَ شطرين ِ، والكوْ   نُ  تسامَى  في  ظِلِّ  عهدٍ  جديدِ   
إنَّ   تقويمَكَ  المُباركَ  قد  صَا         رَ   مَنارًا  ودربَ   كلِّ   رشيدِ  
وخلاصُ  النفوس  ِ فيكَ   يقينٌ        وانعتاقُ  الأسرى  وكلِّ   العبيدِ   
لا  سُجُودًا  لغير ِ شخصِكَ  يبقى     لكَ طابَ الفدَاءُ .. طابَ سُجودي 
يا   إلهً   فيهِ   لقد  لخِّصَتْ   كلُّ      الرِّسالاتِ     للطريق ِ   الحميدِ 
جئتَ للأرض ِ كي  تُقيمَ  سَلامًا       وخَلاصًا  فاجتزتَ  كلَّ السُّدودِ   
فرسالاتُ    الأنبياءِ    لقد    أكْ       مَلتهَا ... قد أتممتَ  كلَّ الوعُودِ  
قد نشرتَ  الوئامَ  في كلِّ أرض ٍ      وكسَوتَ العُراة َ  أسمَى  البُرُودِ  
وَسَقيتَ   العِطاشَ    ماءَ   حيَاةٍ       وَهَدَيْتَ   الجميعَ   نحوَ  الوُرُودِ  
أنتَ    عَلَّمتنا    المَحَبَّة َ    بذلٌ        دونَ  أخذٍ  تبقى  َودُونَ   حُدُودِ  
والذي   جئتهُ   صادقٌ   وقويمٌ         وسيبقى  مدَى  الزَّمان ِ  الكنودِ  
وتحَدَّيتَ طغمة َ البَغي ِ مع  إبْ       ليسَ .. لم تحفلْ للرَّدَى والوَعيدِ 
واحتضنتَ الصَّليبَ دونَ انحناءٍ      دمكَ   الغالي  قد  بَذلتَ   بجُودِ   
لم  تقاومْ   وأنتَ   َربُّ  البرايا        كي  يَتِمَّ المَكتوبُ  منذ ُ  الجُدُودِ  
ولقد  قُمْتَ  من  ضريحِكَ  رَبًّا        لخلاص ِ النفوس ِ  بعدَ   الرُّقودِ 
فغسَلتَ النفوسَ من  دمِكَ  الطا     هِر ِ، نبعَ الخلاص ، بعدَ الصُّعُودِ  
يا  شهيدًا  نجيعُهُ  خضَّبَ الأكْ       وَانَ ... مُنذ ُ الوجودِ  خيرُ  شهيدِ  
وَصَليبُ الفداءِ  ما  زالَ  رمزًا       لعذابِ  الشُّعُوبِ ... بل  للصُّمُودِ   

"يا صليبَ المَسيح ِ ألقاكَ  ظِلا ًّ "     فوقَ    شعبٍ    مُكبَّل ٍ   بالقيودِ    
منكَ يرجُوالخلاصَ ..هلْ مِنْ مُجيبٍ      والصَّدَى تاهَ  في الفضاءِ المَديدِ 
كم     بلادٍ    دَاهَمتهَا   خطوبٌ      وشعوبٍ    تحيا    بذ ُلٍّ    شديدِ  
ونفوس ٍعطشى إلى الحَقِّ  ترنو      وجياع ٍ    لنيل ِ   عيش ٍ   رغيدِ  
ألفُ  طوبَى  لهم ... لكلِّ   ذليل ٍ      ينشدُ الرَّبَّ  في  دُموع ِ السُّجودِ  
يا  إلهً  صُلِبتَ  من  دون ِ ذنبٍ       كيْ  تعيدَ  الحياة َ  بعدَ   الهُجُودِ 
كي يكونَ الخلاصُ للناس ِ طرًّا       دونَ  تمييز ٍ  فوقَ   كلِّ  صعيدِ  
وتعودُ   الآمالُ    بعدَ    ضياع ٍ      والمفاهيم ُ     للنطاق ِ     السَّديدِ  
أنتَ   قُمتَ  من  ضريحِكَ  رَبًّا       لخلاص ِ النفوس ِ رُغمَ الجحُودِ 
دمُكَ    الطاهرُ    النقيُّ    لنورٌ       حَرَّرَ  الخلقَ  من  جحيم ِ الوقيدِ  
سَتدينُ   الأكوانَ   يومَ   نشور ٍ       يومَ بعثِ الأمواتِ..  مَنْ في اللحودِ  
يومَ  تجثوُ  لكَ  المُلوكُ  جميعًا        ينحني  الخلقُ  من عبيدٍ  وصِيدِ  
لا خلاصًا  سوى صليبكَ  يبقى        يا  رجاءً    لنيل ِ  كلِّ   الوعُودِ  

نجوى الغيّاب/ د. عدنان الظاهر

1ـ الحل
أبحثُ عن حلٍّ
أين الحلُّ ؟
" جِدْ لي حَلاّ "
أينَ وسائلُ إيجادي في هذا الحلِّ
أينَ مكانُ الصبرِ المُرِّ وأين مفاتيحُ الحلِّ الكُلّي
أين الظلُّ الغائبُ عنّي في أقصى ظِلّي
أينَ مكانيَ في أشباهِ حلولِ  الظنِّ المُنحلِّ
لا صورةَ لي في لوحةِ كونٍ مهووسِ
في بقيا كأسٍ مدسوسٍ مكسورِ
سُؤلكَ يُشغلني
يستسلمُ يستسقي شؤبوبا
يمشي في نعشٍ مغشوشِ
غيّرْ خطَّ السيرِ فنجمُكَ حظٌّ مقلوبُ
لا مِنْ أملٍ بَتّاً بَتّا
أَخرِجْ نفسكَ فورا
أخرجها منها
أخرجها من درعِ الدبّابةِ في ظهرِ الدنصورِ
لا كانتْ منكَ ولا كُنتَ الكائنَ فيها
جاءتْ عَفْوا
أرفضْ خطَّ مسارِ الدينونةِ شَمْسا
ها أنتَ العبدُ العابدُ منذورا
تتعلّقُ بالرفِّ العالي مِنطاداً مثقوبا
 لا تدري ما يجري
إقفلْ بابَ النجوى
البابُ ودربُ البشرى ملجومُ
جُدرانُ البيتِ عباءاتٌ سودُ
راياتٌ فوق سطوحِ الدورِ تُرفرفُ إحباطا
2ـ الفضيلة
يرقصُ مذبوحا
مَنْ فقدَ الصبرَ فضيلةَ مهزومِ
ينزفُ مُنتظراً
أنْ يسقطَ مِنْ عالٍ كِسفٌ أو قَمرٌ مخسوفُ
يجهرُ لا يخشى جَهْرا
يفتحُ للقوّةِ رُمحاً مسنونا
ما أكبرَهُ إنسانا
هلْ أركبُ ساحلَ عُمري قُبطانا
وأهيمُ إلى حيثُ أُجدّدُ أخشابَ المجدافِ
أسألُ عن بابٍ يُفضي بي
لمحطّةِ أنواءِ الأقدارِ
علّي أجدُ الراحلَ قبلي مُشتاقا
يرفعُني للأعلى طفلا
يقلعُ منخوبَ الأسنانِ طبيباً ـ حلاّقا
أسألُ أهلي :
هل أبقى جَسَداً يأكلُ بعضٌ بعْضا
أمْ أمضي في دربي عجلانا ؟
غابوا ..
ظلّوا تحتَ القبّةِ في جُبِّ الغيبةِ أحياءَ
أأزورُ مضاربَهمْ حتّى لو غِبّا
أحملُ ما يُحْمَلُ للظمأى والجوعى
للساهرِ والكاتمِ في صدرٍ صوتا
زاروني في الشامِ وبيروتا
تركوني في البحرِ الأبيضِ تابوتا
من ملحٍ صخريٍّ منحوتا
لا القاربُ يُدنيهِ
لا شَجَنُ النورسِ يُشفيهِ
هلْ مِنْ لُقيا أخرى ؟

في يوم الأرض....صراعٌ مستمرٌ ومتواصل على الأرض/ راسم عبيدات

الصراع على الأرض مع المحتل الصهيوني،ليس وليد نكبة شعبنا في عام 1948،بل هذا الصراع بدأ مع الغزوة الصهيونية الأولى لفلسطين وحتى اليوم،والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي محتدم ومستمر بكافة الأشكال وعلى كل الصعد والمستويات وعنوانه الرئيس وجوهره الأرض،تلك الأرض التي سعت الحركة الصهيونية الى إبتلاعها والإستيلاء عليها وطرد أهلها وسكانها الأصليين بالقوة،من اجل إحلال المستوطنين مكانهم،في محاولة لإقتلاعهم ونفي وجودهم وحقهم في أرضهم وضمن هذه الحرب هدمت اكثر من 531 بلدة وقرية فلسطينية،وارتكبت العصابات الصهيونية الهاغانا،شتيرن،البالماخ والأرجون بحق شعبنا منها مذابح دير ياسين والطنطورة والدوايمة وكفر قاسم وغيرها الكثير من المذابح الأخرى.
نصف الشعب الفلسطيني طرد وهجر الى خارج أرضه ووطنه،ليعيش حياة بؤس وشقاء مفتقرة لأدنى شروط الحياة الإنسانية في الدول العربية المجاورة، في جريمة مستمرة حتى اليوم، لم ينصف فيها هذا العالم الظالم شعبنا، بل ناصر جلاده عليه، ويريد منه أن يرفع راية الإستسلام، وان يتخلى عن حقوقه وفي المقدمة منها حقه في العودة الى دياره التي طرد وشرد منها، وفق القرار الأممي (194)،حيث تعمل الولايات المتحدة على تجفيف المصادر المالية لوكالة الغوث واللاجئين " الأونروا" وتخفيض مساهمتها المالية فيها للنصف،والعمل على منع توريث اللاجىء.

الاحتلال في سبيل تحقيق أهدافه وغاياته،إستخدم ويستخدم كل الطرق والأساليب المشروعة وغير المشروعة من البلطجة والزعرنة وقوانين الطوارئ وأملاك الغائبين وتجنيد القضاء والقانون وتطويعه لهذا الهدف، هدف الاستيلاء على الأرض، وقوننة سلب الأراضي الفلسطينية كانت وما زالت تمر بواسطة قانونين أساسيين قانون أملاك الغائبين عام 1953 وبموجبه حولت إسرائيل لحوزتها بشكل رسمي وقانوني جميع أملاك اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا إلى الدول العربية المجاورة، وقانون استملاك الأراضي 1953 ( قانون الحرام) بموجبه صودرت غالبية أراضي القرى المهجرة من مالكها الفلسطينيين بما فيهم المهجرين الداخليين.
والإحتلال ذهب الى أبعد من ذلك في إطار التصفية لقضية اللاجئين والإستيلاء على أراضي أبناء شعبنا المهجرين، حيث شرعت ما يسمى دائرة أراضي إسرائيل في عام /2007 بنشر مناقصات لبيع أملاك اللاجئين في المدن، واستتبع ذلك في شهر آب/2009 سن البرلمان الإسرائيلي قانون الإصلاحات في دائرة أراضي إسرائيل، القانون يسمح بخصخصة أراضي بملكية الدولة تقدر ب800000 دونم ( أراضي مبنية ومعدة للتطوير بناءً على المخططات الهيكلية) وذلك يشمل أملاك لاجئين فلسطينيين، وهذا القانون يسري مفعوله في المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية والجولان المحتل، وبيع الأملاك يشكل، فعلياً، مصادرة نهائية لحقوق الملكية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين على أملاكهم.

هم شعبنا واحد، ومصير شعبنا واحد، وتطلعات وأهداف شعبنا واحدة، وإن اختلفت الأولويات، وكذلك الاستهداف واحد فبالقدر الذي تستهدف فيه حيفا ويافا واللد والرملة والمثلث وعرابة وسخنين والعراقيب وام الحيران،بالقدر الذي تستهدف فيه القدس ونابلس والخليل وغزة والشيخ جراح وسلوان وجبل المكبر وكل بقعة من بقاع أرضنا الفلسطينية،فهذا عدو يبني وجوده ومشروعه على استباحة ومصادرة أرض الغير ونفي وجوده، ولكن شعبنا يعي جيداً حقيقة أهداف المشروع الصهيوني وهو مصمم على البقاء والإنغراس والتجذر والصمود في وعلى أرضه والدفاع عنها باستماتة، فجذوره ضاربة وراسخة في أعماق هذه الأرض كامتدادات ورسوخ أشجار الزيتون، وهي ممتدة لأكثر من خمسة ألاف عام،ولن تجدي معه لا أساليب الترهيب ولا التخويف ولا البطش ولا البلطجة ولا الزعرنة ولا المقولات والأساطير التوراتية والتلمودية من طراز “شعب بلا أرض وأرض بلا شعب” و"الأرض التوراتية"،وسيبقى يدق ويقلق مضاجع الإسرائيليين في منامهم وأحلامهم، وكوابيساً تلاحقهم في الصحو والنوم.
شعبنا الفلسطيني هب في يوم الأرض الخالد في الثلاثين من اذار للدفاع عن أرضه، وكل مكونات بقاءه ووجوده، في مواجهة مخططات المتطرف العنصري "أرييه كنج" لتهويد الجليل، حيث سعى الى مصادرة (21) ألف دونم من أراضي عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد،وليكن رد شعبنا بهبة شعبية شاملة على طول جغرافيا فلسطين المحتلة عام 48،هبة عمد فيها شعبنا دفاعه عن أرضة بالدماء والتضحيات،حيث سقط ستة شهداء من أبناء شعبنا في هذا اليوم الخالد، وجرح واعتقل المئات، وكان يوم الأرض الخالد رسالة للمحتل، بأنه لن ينجح في تطويع شعبنا وحمله على التخلي عن أرضه، او التشرد في نكبة جديدة.

وفي الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض الخالد تستعد جماهير شعبنا عبر مسيرة مليونية سلمية تنطلق من قطاع غزة تجاه أرضهم المحتلة عام 48 ،لتجسيد حق العودة الى أرضهم وديارهم التي هجروا وطردوا منها.
منذ يوم الأرض الخالد وحتى هذا اليوم والمحتل يعاند حقائق التاريخ والصراع،وهو يعمل ليل نهار من اجل تثبيت مشروعه الصهيوني ويرفض أي مصالحة تاريخية، بل ما يريده النفي والإقصاء لهذا الشعب،فنحن نشهد حالة من "التغول" و"التوحش" غير المسبوقة على أرض وحقوق ووجود شعبنا الفلسطيني، فمخططات التهويد في الجليل مستمرة، ومحاولات الترحيل القسري كذلك مستمرة،حيث الحديث عن التبادل السكاني والجغرافي، في أي تسوية قد تطرح، من أجل المحافظة على نقاء الدولة العبرية، ومشروع تهويد النقب، مشروع المتطرف "برافر"، يطل برأسه من جديد، بعد أن تصدى شعبنا لهذا المخطط التهويدي ولجم تنفيذه، فنحن نشهد عمليات طرد وتهجير هناك، وإقتلاع لقرى فلسطينية وجودها سابق لوجود دولة الاحتلال، فقرية "العراقيب" هدمت للمرة الخامسة والعشرين بعد المائة، وكذلك قرية "ام الحيران"، وهذا الخطر يتهدد أكثر من أربعين قرية فلسطينية هناك.

أما في القدس والضفة الغربية، فنشهد أيضاً "تسونامي" استيطاني، يبتلع القدس، ويريد الإجهاز عليها بشكل نهائي، مشاريع استيطانية في كل بقعة من بقاعها، وحتى في قلب أحيائها العربية، من أجل تحويل سكانها العرب المقدسيين الى جزر متناثرة في محيط إسرائيلي واسع،وفي الضفة الغربية، يتم إقامة دولة للمستوطنين،تمنع أي انسحاب او هدم لمستوطناتهم في المستقبل،ضمن مشروع قبر حل الدولتين،ودفع الفلسطينيين لتقديم تنازلات جديدة، ضمن مسار سياسي جديد يفرض عليهم الموافقة على الحلول المؤقتة،والتخلي عن مرتكزات برنامجهم الوطني القدس واللاجئين، والحال في القطاع المحاصر،لا يختلف كثيراً عن حال بقية الوطن، فالحصار مستمر ومتواصل والمعابر رهينة بيد المحتل، وعجلة الإعمار لم تدر بشكل جدي وحقيقي، ومعظم الشعب هناك في ظل بطالة وفقر مدقعين، يعتاش على الإعانات والمساعدات الخارجية،يضاف لذلك العقوبات المالية والإدارية التي فرضتها السلطة على شعبنا هناك.

نعم في ذكرى يوم الأرض الخالد، والذي تستباح فيه الأرض الفلسطينية، ويجري نهبها ومصادرتها والاستيلاء عليها من قبل الحكومة الإسرائيلية ومستوطنيها، فلا بد من وضع استراتيجيات وخطط وبرامج وآليات تنفيذية تمكن من الدفاع عن الأرض وحمايتها، واستخدام كل وسائل المقاومة بكل أشكالها ومسمياتها بدءاً من رفض استئناف المفاوضات العبثية، وربط أي عودة إليها بالوقف الكامل والشامل للاستيطان في القدس والضفة الغربية، وتطبيق القرار الأممي (2334)،وكذلك تصعيد النضال الجماهيري والشعبي، كما هو الحال في مقاومة جدار الفصل العنصري، حيث بلعين ونعلين والمعصرة وام سلمة والولجة وبيت امر وغيرها ضربت أروع الأمثلة في المقاومة الشعبية، والتي يجب أن تتطور وتتوسع لتشمل كل قرى ومدن فلسطين،فما عاد الشجب والاستنكار والبيان والمهرجان والاحتفال من الوسائل الفعالة في مقاومة وردع ووقف "غول" الاستيطان،هذا "الغول" الذي يبتلع كل شيء له علاقة بالوطن،لا استجداء بالمفاوضات يوقفه ولا الاستجداء على أبواب هيئة الأمم والبيت البيض وعواصم أوروبا الغربية أيضاً، وكذلك ليس بالخطب العصماء والشعارات الرنانة و”الهوبرات” الإعلامية والتصوير أمام الكاميرات وفي الفضائيات، بل ما يوقفه هو وحدتنا وإنهاء انقسامنا ونضال جاد وحقيقي،وخطوة عملية قي هذا الجانب أفضل من مليون شعار.

في ذكرى مآثرة يوم الارض الخالد/ شاكر فريد حسن

في الثلاثين من آذار كل عام تحيي جماهير شعبنا الفلسطيني بمختلف الأطياف السياسية والمشارب الفكرية والايديولوجية ، في الداخل والخارج ، ذكرى يوم الأرض ، وذلك تخليداً لذكرى الشهداء الأبرار ، الذين جادوا بدمائهم ورووا التراب الفلسطيني، دفاعاً عن الارض والوطن والهوية والبقاء والتطور والمستقبل.
ان يوم الارض هو يوم انتفاضة الغضب الفلسطيني، التي تفجرت بين اوساط الاقلية القومية الفلسطينية الصامدة والمتجذرة في وطنها الابدي ، التي هبت كرجل واحد قبل 42 عاماً في وجه غول المصادرة والتهويد ، وضد وثيقة كينيغ العنصرية سيئة الصيت ، وضد سياسة الظلم والقهر والاضطهاد القومي وهدم البيوت العربية غير المرخصة ، محطمة بذلك حاجز الخوف والعجز ، وهاتفة بصوت عال ومسموع قائلة لصناع ومهندسي وراسمي مشاريع الاقتلاع والتهجير والتهويد العنصرية : اننا هنا راسخون كالصبار والسنديان والزعرور والزيتون ، وصامدون كالجبال والصخور ، وباقون في حيقا ويافا واللد والرملة وزهرة المدائن ، وفي كل موقع ومكان في ارض فلسطين التاريخية . وقد تجسدت هذه الصرخة الفلسطينية الجماهيرية في قصيدة الشاعر الجليلي البقيعي الراحل منيب مخول "منزرعون" ، الذي قال :
جذوري تغور تغور ببطن الازل 
مع السنديان ولدت قديماً بارض الجليل ولما ازل
خلاياي من نبت هذا الحمى غدا جسدي خيره  فاآتمل 
وروحي تعطرها ريحة تفوح بغصن رطيب خضل 
دمي من عناصر هذا الثرى اذا ما تحلل ترباً يحل 
بلادي بلادي فداك دمي جراحي لعينيك احلى قبل 
ويوم الارض ليس مجرد ذكرى وطنية احتفالية ، بل هو رمز ومآثرة كفاحية خالدة ، ومعلم سياسي بارز ، وحدث تاريخي في سفر وسجل النضال الوطني والسياسي ، الذي تخوضه جماهيرنا الفلسطينية وقواها الحية . وقد شكل انعطافة مفصلية ونقلة نوعية هامة في حياة وتاريخ شعبنا في معاركه البطولية دفاعاً عن الوجود والحياة والكرامة والمستقبل في هذا الوطن ، الذي لا وطن لنا سواه ،ولن نرضى بديلاً له . وهو يحمل بين طياته كل معاني الصمود والتحدي والعنفوان والشموخ والمقاومة الشعبية الصلبة لكل المشاريع والمخططات الترانسفيرية والتهويدية والتهجيرية ، ولاجل صيانة الهوية الوطنية الفلسطينية . انه يوم فلسطني شامل وجامع لكل القوى والشرائح الاجتماعية والسياسية لشعبنا الصابر الصامد المناضل والمقاوم للقهر والظلم والتمييز العنصري الابرتهايدي .
ان احتفالات ذكرى يوم الارض يجب ان تتغير وتنحى منحى آخر ، فالمسيرات والمهرجانات الهشة والخلافات الفئوية الهامشية والنقاشات حول الاعلام الحزبية ورفعها في المسيرات القطرية ، افرغت كلياً يوم الارض من مضمونه النضالي وبعده الوطني والسياسي والوجودي كاقلية فلسطينية تعاني الحصار والخنق الاقتصادي والحرمان السلطوي وتتهددها سياسة المصادرة ونهب الارض في الجليل والمثلث والنقب ، وسياسة التهويد والتهجير والاقتلاع من الوطن . ومنذ الذكرى الاولى ليوم الارض ونحن نرى المهرجانات نفسها ، ونسمع الخطابات والكلمات الممجوجة ذاتها ،وقد غدت هذه الاحتفالات روتينية قاتلة وليست بمستوى الحدث ، وبدلاً من ان تتوحد  الصفوف في مواجهة التحديات الراهنة ، فانها تتفرق وتتشرذم . فلنجدد ولنبدع اساليب وتقاليد كفاحية اخرى غير الخطابات والتنافس على الظهور امام كاميرات الصحافة والمواقع الالكترونية والفضائيات ، التي لا تحصى ولا تعد. 
ولتكن ذكرى يوم الارض انطلاقة تجديدية ونهضوية، وتصعيداً للكفاح والنضال السياسي والوطني الموحد في سبيل البقاء والحياة والانزراع عميقاً في ثرى الوطن ، والدفاع عن البيت والارض والانسان الفلسطيني . 
ان المطلوب هو اعادة الوهج والهيبة ليوم الارض الخالد ، وآن الأوان لكي نحيي ونبعث ونعيد بناء وتشكيل لجنة الدفاع عن الاراضي ، قائدة نضالات واضرابات يوم الارض . وعاشت ذكرى هذا اليوم الأغر ، وتحية اجلال واكبار لشهدائنا الابرار خير ياسين وخديجة شواهنة ورأفت الزهيري وخضر خلايلة ورجا ابو ريا ، وسلاماً لهم .

الرئيس الفلسطيني بين صفقة العصر وصفعة التاريخ/ رائف حسين

تصريحات السفير الامريكي لدى اسرائيل فريدمان حول إمكانية تغيير الرئيس الفلسطيني ان لم ينصاع الى أوامر الولايات المتحده ويقبل بالدخول بمحادثات مع دولة الاحتلال حول ما تم تسميته باسم هولودي بامتياز "صفقة العصر" هي تجسيد لسياسة الكاوبوي الامريكي ونتيجة حتمية للسياسة الرسمية الفلسطينية في العقدين الاخيرين وخصوصاً منذ ان اعتلى الرئيس محمود عباس كرسي الرئاسة في المقاطعة برام الله. 
التصريح ذاته ومحاولة سحب التصريح لاحقاً أو التوضيح بانه تم اقتباس التصريح بطريقة خاطئة، كلها سيناريو واحد مُحكم للوصول الى هدف واحد واضح: زيادة الضغط على الرئيس محمود عباس والتلميح له بان "كعبة سياسته" هي البيت الأبيض …هناك يقرر المسار والهدف وهناك ايضاً توضع الأهداف التي على الآخرين الوصول اليها وفق ما تم رسمه لهم…والانصياع للأوامر الامريكية يعني البقاء بالحكم والتعند يعني التنحي… ولكم الاختيار! 
أتى تصريح فريدمان متزامن مع تصريح ترامب حول الخروج القريب للقوات الامريكية من سوريا…هذا لم يكن من محض الصدفه بل يحتوي بضمنه رسالة هامة لكل من روسيا وإيران والانظمة العربية وعلى الجميع الانتباه لهذه الرساله وتداعياتها بعد ان اصبح واضحاً ان مشروع المقاومة في سوريا اصبح قاب قوسين أو أدنى من الانتصار الكامل وتثبيت حلف المقاومة طرفاً له ثقله السياسي والعسكري امام حلف التخاذل العربي بقيادة السعودية في رسم مستقبل الإقليم. 
الولايات المتحده ارادت بتصريح فريدمان ان تؤكد بانها تمسك بيدها الورقه الاقوى والاهم عربياً واسلامية لترتيب الإقليم…الورقه الفلسطينيه…وان انتصار ايران بتثبيت نفسها كقوه اقليميه أساسية وعودة روسيا لاعبا مهماً ومركزياً على مستوى العالم وعلى مستوى الإقليم لا يعني ان امريكا ستترك لهم الساحه كاملةً وتنسحب. كما وأنها تقول ان ما زال بيدها أوراق رابحه ستوظفها في المستقبل لتضمن لها ولحلفائها موقعاً مركزياً بالإقليم وتضمن به أمن اسرائيل ومكانتها العسكريه. 
الرساله الامريكيه بشقيها الفلسطيني والسوري أتت من موقع ضعف وليس من موقع قوه. الرسالة أتت الىى طمأنت الحلفاء الهزل. الولايات المتحدة خسرت في انقلاباتها في العالم العربي وخسرت الحرب مع حلفاءها بسوريا وخسرت معركتها مع ايران وظهر للعيان عجز حلفاءها السعوديون في اليمن والاتراك في سوريا والعراق والأكراد في سوريا والعراق أيضاً وهم يدركون ان المعركة القادمة بالإقليم ستكون اسرائيل الطرف الخاسر بها...هذا السيناريو يبرر لنا التصرف الانتحاري للسياسة الخارجية الامريكيه بالمنطقه. 
حاول ترامب بمشروع "صفقة العصر" ان يستدرج الرئيس محمود عباس لحل للقضية الفلسطينية ويضمن من خلالهلامريكا وإسرائيل وحلفاءهم العرب موضع قدم في تركيبة الإقليم الشرق أوسطي المتجدد مستغلاً ضعف الرئيس الفلسطيني جراء الانقسام وضعف حماس بعد سياسة الرقص على الحبل خلال وبعد ما سمي بالربيع العربي وشبه اندثار للمعارضة الوطنية في فلسطين. 
أتى تحفظ الرئيس محمود عباس على صفقة ترامب كفرملة للمشروع الأخير للولايات المتحدة في الإقليم فاضطر ترامب الى اللجوء الى التكتيك الكاوبويي لإنقاذ استراتيجيته. 
وقوف الشعب الفلسطيني بكل فصائله السياسية وشرائحه الاجتماعية خلف الرئيس محمود عباس منددون بابتزاز المرجعيه الفلسطينيه وواضعون إستقلالية القرار الفلسطيني وكرامة الشعب الفلسطيني خطاً احمر امام كل التهديدات هو بصيص امل يجب ان لا يستهان به واشارة واضحة للرئيس عباس ولكل اللاعبين ان الكلمة الاخيرة لشعب فلسطين. 
مسيرات يوم الارض، ايّام بعد تهديد فيردمان للرئيس عباس أتت لتؤكد مرة اخرى ان شعب فلسطين شعب معطاء وشعب يلبي نداءات قياداته السياسية ان أخذت هذه أمره على محمل الجد ووضعت له برنامج سياسي واضح واشتقت منه برنامج نضالي ملائم... الأيام الاخيرة أظهرت ان النخبة السياسية الفلسطينيه وفِي مقدمتها الرئيس محمود عباس عليهم مراجعة استراتيجياتهم وعطاءهم السياسي في الحقبة الاخيرة واستنتاج العبر الصحيحه لتستطيع القياده ومن خلفها الشعب التصدي لمشاريع الإجهاض على القضيه الفلسطينيه من قبل أمريكا وإسرائيل وحلفاءهم العرب... على الجميع ان يدقق بالاتي:
اولا ان أياً من كان فلسطينياً، فتح أو حماس أو المعارضه أو الرئيس محمود عباس، لن يستطيع احدا ان يقف لوحده امام مشاريع تصفية القضية الفلسطينيه… الانقسام الفلسطيني فتح الباب على مصراعيه لتكتيكات الابتزاز الخارجية وفقط السير قدماً في مسار تخطي الانقسام يغلق هذا الباب… الكل فصائل وقيادات والشعب بشرائحه المختلفة تكتوي ليلاً نهاراً بنار الانقسام والكل اصبح في مربع الخاسر من جراء هذا الفعل المشين…

ثانياً ان الاوان لبناء النظام السياسي الفلسطيني على أعمدة مختلفه عن تلك التي ارتكز عليها في ربع القرن الماضي… محاولات قلب معادلة النظام السياسي الفلسطيني التي بدأ بها الراحل الرئيس عرفات والتي أصبحت به السلطة الفلسطينيه ليس فقط المرجعيه الوحيدة بل أصبحت في ظل التغييب المعتمد ل م ت ف هي الجهة الطاغيه على النظام السياسي رغم انها تمثل، بحسب القانون والاتفاقات التي خلقتها، فقط ثلث الشعب الفلسطيني… يجب تجاوز هذا الخلل، الذي اصبح عبءاً على القضية والشعب، بتقاسم الوظائف بين السلطة و م ت ف…الاخيرة هي المسؤوله الوحيده عن الملف السياسي كونه شأن يخص عموم الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده ومنظمة التحرير هي الهوية الوطنية الجامعة لهذا العموم وليس السلطة. السلطة الفلسطينيه تحتفظ بإدارة الشؤون اليومية الإدارية والحياتية للشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة عام 67 … فقط هكذا نستطيع اعادة الاعتبار للقضية الفلسطينيه باعتبارها قضية شعب من 12 مليون إنسان ونخرج من عنق الزجاجة والتقزيم الذي فرضته اتفاقات أوسلو علينا…

ثالثاً على القياده الفلسطينيه ببنياتها السياسية المختلفة ان تعي اننا نعيش الْيَوْمَ في شرق اوسط متجدد لم تكتمل بعد ملامحه النهائية لكن اصبح واضح للجميع ان زمن الحل والربط الامريكي في المنطقة قد انتهى ونحن الان امام اقليم به حليفين مختلفين بالأجندة السياسيه المصيرية لشعوب المنطقة وعلى رأسها قضية فلسطين ومختلفين بتصور مستقبل الإقليم وعلاقات دوله وشعوبه…هذا الواقع يتطلب تموضع جديد للقياده الفلسطينيه…تموضع يضع المصلحة الوطنيه فوق المصالح الفئوية والشخصية الضيقة …باختصار على القيادة الفلسطينية ان تعمل بالمثل الشعبي الفلسطيني " ان عاشرت عاشر أمير، وان لبست البس حرير ، وان عيروك بشي يكون يحرز التعيير " … ان أوان تحديد من هو الصديق الأمين لشعب فلسطين وقضية فلسطين ومن هو عدو القضية والشعب.

رابعاً نعم هنالك خيارات للرئيس محمود عباس من داخل فتح وعلى القيادة الفلسطينية وخصوصاً الإخوة في حركة فتح ان لا يستهينوا بهذا التهديد وخصوصاً ان الوفاء للحركة اصبح منذ سنوات هو وفاء للمعاش الشهري فقط وفقط قلة قليلة ما زالت تؤمن باجندة الحركة الوطنية …من يلوح به الطرف الامريكي هو من حركة فتح وذراعه في الحركة طويل جداً وهو يلبي طلبات الطرف الذي عَوَّلَ عليه الرئيس محمود عباس منذ توليه منصبه …لا بل اكثر من ذلك هذا الشخص تثق به الولايات المتحدة اكثر من ثقتها بالرئاسة الفلسطينيه وعلاقته بحلف امريكاً في اوروبا وفِي الإقليم أقوم من علاقات الرئيس وهو يمسك بين يديه مفاتيح حل أزمات مختلفة لم تستطيع السلطة الفلسطينيه ولا حماس حلها على مدار العشر سنوات الماضية كمفتاح معبر رفح والكهرباء وإعادة البناء والازمة المالية المزمنة للسلطة …فحذاري ان تهاونوا بهذا الطرح …المخرج من هذا المأزق ليس موجود بامريكا ولا بالسعودية… مفتاح باب المخرج موجود بيد الشعب الفلسطيني …من أراد ان يستقوي على أعداءه، واعداء القضية الفلسطينيه ليس له الا سلاح واحد…شعب فلسطين. 

سبعون عام من الصراع ما بين مسيرة الخداع ومسيرة العودة/ د.عبير عبد الرحمن ثابت

بعد أسابيع قليلة وتحديداً فى 15 من مايو/أيار القادم تحتفل إسرائيل بعيد ميلادها السبعين، وقد استطاعت إسرائيل فى السبعين عام من الصراع؛ ومن خلال استخدامها للقوة فرض نفسها كحقيقة ماثلة على خارطة المنطقة والعالم. لكنها وبعد سبع عقود دموية من مسيرة خداعها  لم تستطع إقناع أحد بروايتها التاريخية التى تفتقد للمنطق والعقل، والتى تفندها الحقائق التاريخية الأثرية والعلمية، فعلى مر العقود السبع الماضية لم تفلح إسرائيل فى إيجاد أى تاريخ أثرى يهودى فى فلسطين من شأنه دعم روايتها الأسطورية الملفقة؛ بل على العكس أظهرت كل حفريات الآثار التاريخ الحقيقى لفلسطين، والذى يعود لحضارات أصيلة كنعانية ورومانية وإسلامية لا علاقة لها ببنى إسرائيل، وتلك حقيقة مدعمة باعترافات خبراء الآثار اليهود أنفسهم، فلم يكن وجود العبرانيين هنا إلا عابري سبيل على هامش حضارات متجذرة ما بين النهر والبحر.

وفى المقابل يظهر علم الجينوم(وهو من العلوم الطبية الحديثة التى تطورت نهاية القرن الماضى باكتمال نموذج الخارطة الوراثية للجنس البشرى) مدى التحايل والأسطورية فى الرواية التاريخية لإسرائيل، ويظهر حقيقة أن اليهود الأشكناز والذين يمثلون اليوم ما نسبته 95 % من يهود العالم لا علاقة لهم من قريب أو من بعيد ببني إسرائيل أو بما يعرف بالقبيلة الثالثة عشر، وهذه حقيقة علمية مسجلة فى جامعة شيفلذ البريطانية عبر بحث علمى مسجل باسم البروفسور الاسرائيلى اليهودى إيرن هايك، والذى أثبث عن طريق فحص الحامض النووى لعينة عشوائية تقدر بقرابة 400 شخص من سكان إسرائيل من اليهود الأشكناز أن خارطة الحمض النووى لهم تتطابق من خارطة الحمض النووى لسكان القوقاز من غير اليهود، والذين تعود أصولهم لشعب الخزر، وهم السكان الأصليين للمنطقة الممتدة من شمال غرب أسيا وشرق أوروبا، وهو ما يؤكد حقيقة تاريخية أن يهود اليوم لا علاقة لهم بالشعوب السامية، وهو ما يفند بشكل علمى كذب الإدعاءات الإسرائيلية بما يعرف بمعاداة السامية،  وإضافة لذلك فإن الكتاب المقدس(العهد القديم) يحرم على اليهود الأصليين وهم نسل إسرائيل الحقيقيين، والذى لا يتعدى تعدادهم نصف مليون اليوم أن يدخلوا الأرض المقدسة إلا بعد نزول المسيح اليهودى، كذلك الأماكن المقدسة لليهود فى الأرض المقدسة لم تسمى فى الكتاب المقدس (العهد القديم)، لكن الحركة الصهيونية لوت عنق اليهودية وتعاليمها وأَوَلت تسمية لتلك الأماكن بالقدس لتحولها لمدينة مقدسة رغم أنف الكتاب المقدس(العهد القديم) لخدمة أهدافها السياسية الاستعمارية ولخلق عاصمة عقائدية وهمية لدولة إسرائيل فى قلب أقدس مكان لدى العرب مسيحيين ومسلمين . وكل الحقائق التاريخية والعلمية والعقائدية تنزع أى نوع من الشرعية عن مسيرة الخداع الاسرائيلية، لتدخل إسرائيل عامها السبعين بدون أى شرعية غير شرعية القوة الغاشمة التى تدوس على كل قرارات الشرعية الدولية، على الرغم أن تلك الشرعية هى ما تبقى لإسرائيل لتستر به عورتها أمام انهيار روايتها التاريخية عن الأرض ما بين النهر والبحر .

واليوم إسرائيل أمام مأزق تاريخى حقيقى؛ فبعد سبع عقود من الصراع ورغم قوتها العسكرية الضاربة؛ تبدو إسرائيل كيان غير شرعى ودولة غير طبيعية يقض مضجعها ويهدد وجودها النمو الديمغرافى الفلسطينى، والذى ترى فيه كارثة مستقبلية محققة، فاليوم وبعد سبعين عام أصبح عدد العرب الفلسطينيين بين النهر والبحر يفوق عدد اليهود باعتراف نائب رئيس الإدارة المدنية فى جيش الاحتلال العقيد أورى مندز الذى صعق إسرائيل بتصريحاته أمام لجنة الخارجية والأمن فى الكنيست باعترافه بتلك الحقيقة، والتى لم يعد بمقدور أحد إخفاءها أو التستر عليها.

وعلينا أن ننتبه جيدا لأحد سمات الدولة الفاشية التى بدأت تتضح معالمها فى إسرائيل، والمتمثلة فى إخفاء الحقائق عن الجمهور الإسرائيلى لصالح الاثنية اليهودية، فإسرائيل الباقية بقوة السلاح ستكون فى قادم الأيام على عجلة من أمرها نحو حسم هذا الخطر والتقليل منه، وإبعاد اليوم الذى يصبح فيه اليهود أقلية بين النهر والبحر وبلا شرعية، وأول تلك الخطوات حتما تتمثل فى فصل قطاع غزة نهائيا عن إسرائيل، وهو ما يمثل ضربة قوية للديمغرافية الفلسطينية المتفوقة؛ وذلك بخروج ثلث الديمغرافية الفلسطينية من حلبة الصراع، وهو ما يعنى أن دولة غزة هى أمر حيوي بالنسبة لبقاء إسرائيل كدولة بغالبية يهودية .

وهنا علينا أن نحيي أولئك الذين فكروا فى مسيرة العودة، ويستعدون لتدشينها فى يوم الأرض 30 مارس، لأنها صرخة حقيقية وشعبية ستكون مدوية لرفض دولة غزة، وتأكيدا على ترابطها الحيوى مع فلسطين التاريخية  وإسقاط شعبى جماهيرى لكل الحلول التلفيقية التى يراد منها إنقاذ إسرائيل من كابوسها الديمغرافى، ومنحها شرعية إقليمية لروايتها التاريخية المزورة للتاريخ، وهى بمثابة منازلة لإسرائيل فى معركة لا تمتلك أى أدوات للانتصار فيها لأنها تفتقد لكل الشرعيات وتتنكر للشرعية الدولية التى أنشأتها بقرار التقسيم، والذى اشترط اعتراف إسرائيل به وتنفيذه لمنحها الاعتراف بها كدولة . والتى لم تنفذه، ولم تلتزم بمقرراته ولم تلتزم بقرارات الشرعية الدولية، ومن ضمنها القرار 194 الذى كفل للاجئين حق العودة لديارهم، ويحق لهم العودة لمن أراد أو التعويض من حكومة الدولة الاسرائيلية لمن لا يريد العودة.

وبمسيرة العودة اليوم سينفذ اللاجئين الفلسطينيين فى قطاع غزة بشكل جماعى وبكل سلمية حق كفلته لهم الشرعية الدولية فى العودة لوطنهم، وهم راغبين أن يكونوا موطنين فى وطنهم الأصلى، وهذا أمر منطقى وطبيعى، والغير منطقى أن يأتى الملايين من الخزر ويهجروا موطنهم الأصلى فى القوقاز ليستوطنوا أرض أولئك الفلسطينيين ويضعوهم فى سجن كبير يفتقر للحد الأدنى من مقومات الحياة الانسانية.

سيمضى التاريخ لا محاولة؛ وسيتحول هذا الواقع بعودة الحقوق لأصحابها مهما حاولت إسرائيل بالدفع فى مسيرة الخداع التى ما زالت تسير بها منذ سبعين عام .. وسيبقوا هم كما كانوا دوما على هامش التاريخ .

خمسة رسائل في مسيرة العودة الكبرى/ علي هويدي

يستمر الشعب الفلسطيني في مخيمات اللجوء وفي مختلف أماكن تواجده في إحياء سبعينية النكبة الفلسطينية التي توافق في الخامس عشر من شهر أيار/مايو 2018، وما مسيرة العودة الكبرى التي يجري التحضير لانطلاقتها باتجاه الحدود مع فلسطين المحتلة في الثلاثين من آذار/مارس ذكرى مرور 42 سنة على يوم الأرض إلا أبرز الفعاليات التي ستشكل البداية للوصول ذروة منتصف شهر أيار/مايو تزامناً مع ما أعلنته الإدارة الأمريكة عن موعد لإفتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلة.
الأنظار شاخصة باتجاه قطاع غزة المحتل والمحاصر حيث الإلتفاف الوطني الفلسطيني السياسي والشعبي حول المسيرة والإعتصام السلمي للأهالي ونصبهم للخيم التي ترمز الى جريمة اقتلاعهم من فلسطين سنة 1948 ومطالبتهم بالعودة الى أرض الآباء والأجداد بحيث سيبعد الإعتصام السلمي فقط 700 متر من الحدود مع فلسطين المحتلة.
مسيرة العودة الكبرى تحمل في طياتها العديد من الرسائل بالغة الدلالة، سنتوقف عند 5 منها أولها وأهمها للكيان الصهيوني المحتل بأن الشعب الفلسطيني وعلى الرغم من مرور 7 عقود على نكبته إلا أنه لا يزال يحافظ على حيوية قضيته كلاجئين، وبأن اللاجئ لا يزال يتمسك بحق عودته إلى دياره التي طرد منها إبان النكبة في العام 48 وليس إلى أي مكان آخر، وبأنه مستعد لأن يضحي بالغالي والنفيس في سبيل إسترجاع أرضه ومقدساته، وبأن هذا الإحتلال إلى زوال ولو بعد حين، ومعها سقطت مقولة نسيان الصغار بعد موت الكبار، وبأن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب استحقها "شعب" بلا أرض. 
الرسالة الثانية موجهة إلى المجتمع الدولي الذي فشل بعد مرور هذه العقود الطويلة من أن يُنصف الشعب الفلسطيني، ولا يزال يمارس سياسية المعايير المزدوجة والكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بالحقوق الفلسطينية، ومنها تطبيق حق اللاجئ الفلسطيني بالعودة إلى فلسطين وفقاً للقرار الأممي 194 الذي أكد على حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات، وبأن المجتمع الدولي يجب أن يبقى ملتزماً تجاه قضية اللاجئين من خلال دعم ومساندة استمرارية عمل "الأونروا" إلى حين العودة، والعمل على أن تكون ميزانيتها ثابتة من الأمم المتحدة، وبأن القانون الدولي يعطي الحق للشعب الفلسطيني بالتعبير عن رفضه ومقاومته للإحتلال بكل الوسائل الممكنة، وإن كان الظرف يحتم أن يكون الإعتصام الحالي على الحدود مع فلسطين المحتلة سلمياً، إلا أن هذا لا يلغي أبداً الحق في المقاومة المسلحة ضد الإحتلال، وبأن على المجتمع الدولي التحرك لتوفير الحماية للمدنيين المشاركين في مسيرة العودة.
الرسالة الثالثة إلى الداخل الفلسطيني بأن حق العودة لا يسقط بتقادم الزمن وبأنه حق فردي وجماعي وبأنه من الحقوق غير القابلة للتصرف أي لا يحق لأي كان التنازل أو التفاوض على هذا الحق وبأن شعبنا الفلسطيني يرفض أي بديل عن العودة إلى فلسطين سواءً بالتوطين أو التهجير، وأن فلسطين بالنسبة إليه هي من البحر إلى النهر، وبأن أي إتفاق سياسي في المستقبل إن لم يعط اللاجئ الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة فلن يساوي الحبر الذي كتب فيه. 
الرسالة الرابعة الى القمة العربية التي ستنعقد في الخامس عشر من شهر نيسان/إبريل القادم في الرياض بأن تتحمل الدول العربية مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية لا سيما قضية اللاجئين وحق العودة واستخدام ما لديها من أوراق قوة سياسية ودبلوماسية وشعبية وإمكانات لإنهاء الإحتلال للأراضي الفلسطينية وتوفير كل الدعم لتصعيد الإنتفاضة الشعبية في وجه الإحتلال الصهيوني في الضفة والقدس كواحدة من أهم أوراق القوة لإعادة خلط الأوراق السياسية وتدوير الزوايا ورفع كلفة الإحتلال وتشكيل سد منيع أمام تحقيق أهدافه وصولاً إلى الإنسحاب غير المشروط من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا سينعكس إيجاباً على جميع ملفات القضية الفلسطينية ومنها قضية القدس واللاجئين وبقية الملفات الفلسطينية.
الرسالة الخامسة الى إدارة الرئيس الأمريكي ترامب التي تحاول تصفية القضية الفلسطينية باستهدافها قضية اللاجئين وحق العودة من خلال استهدافها لوكالة "الأونروا" بقطع مساهمتها المالية وقبلها إستهداف القدس كاستكمال لتكريس مخطط "صفقة القرن" وبأن هذه الصفقة لن تمر.   
يحاول الإحتلال أن يبث الرعب والخوف في نفوس المشاركين في الإعتصام على الحدود بين غزة وفلسطين المحتلة والإعلان عن خطوات إستباقية..، لكن هذا لن يثني الشعب الفلسطيني عن المشاركة وهو الذي لا يزال يتحمل نتائج أربعة حروب في أقل من 10 سنوات في غزة بعد أن تمكنت المقاومة من هزيمة جيش الإحتلال الصهيوني الذي كان يحمل أكذوبة الجيش الذي لا يقهر، فمطلب المسيرة والإعتصام عادل والوسيلة قانونية.

ملحة الارض الفلسطينية وحكاية عشق ابدية/ سري القدوة

تلك هي ملحة الارض الفلسطينية وحكاية عشق ابدية .. ولعل فلسفة الوجود الفلسطيني يرتبط بالأرض الاسطورة الخالدة ولا يمكن لمن يزورون التاريخ ويدمرون تلك الاشياء الجميلة سرقة ارضنا فهذا الصراع هو صراع وجود او لا وجود صراع الارض الفلسطينية ...

الارض الفلسطينية ارتبطت بالشعب الفلسطيني فكانت حكاية عشق مع اللا منتهى .. عشق الفلسطيني ارضه الطيبة فكان حديث الروح للروح عن تلك الجبال والوديان والسهول .. علاقة جدلية مع حكاية العشق الفلسطيني .. ليتشكل الانسان الفلسطيني من تركيبة استثنائية كانت اسمها ( كنعان الفلسطيني) ..

انها حكاية الروح التي تحلق في السماء وهذا الاحتلال الجاسم علي صدورنا .. تبقي فلسطين هي الحاضرة دوما وهي لحظة الحقيقة وحكاية عشقينا ... عشقنا بيسان دون أن نراها .. عشقنا يالو دون أن نراها .. عشقنا صفد دون أن نراها .. عشقنا طبريا دون أن نراها .. هنا نقصد جيل ارادوا له النسيان وجيل ارادو له الفناء فكان معني الوجود الفلسفي للفلسطيني .. هذا الفلسطيني العنيد الذي عشق ارضا دون أن يلعب يوما علي ترابها .. هذه الكيمياء الفلسطينية التي تشكل بندقية وخيمة وسماء وارض كانت تساوي العرض والشرف عند الفلسطيني ..

كم هو الجيل الذي عشق الارض دون أن يراها .. وكم هي فلسطين لها رائحة البرتقال في حيفا .. كم عشقناها احببناها كانت كرامتنا وشوقنا الابدي .. لأنها فلسطين تكبر فينا مع طفولتنا .. تكون دمنا .. لحمنا .. عقلنا .. لحظة الغضب القادم فينا ..

فلسطين جيل وراء جيل .. ارض تكبر حلما جميلا .. تتمدد من راس الناقورة حتى رفح .. لن ننساها او نتناساها او نفقدها يوما فلسطين هي الحاضر الاول في حياة الفلسطيني .. تعيش فينا تتشكل في قراءتنا وطعام اطفالنا .. تكبر فينا لحظة الطفولة عشقا اسمه فلسطين ..

هي امتداد الروح والعشق .. هي ثورة الاجيال القادمة .. هي انتفاضة التكوين والدولة .. هي حلمنا القادم أن نكون في عكا .. هي تلك المرأة الربيعية التي تحلم أن ترى نابلس وتسكن في ترقوميا .. هي قصة مدرس اللغة العربية الذي تحدث لتلاميذه عن قرية ( ترمس عيا ) وسكنت ( جفنا ) في خيال التلاميذ وعرفوا أن التاريخ يتشكل في روح من لا ينسون الارض الطيبة ..

الارض الفلسطينية لها تركيبة غريبة .. هي ليس كباقي اصقاع العالم .. الارض الفلسطينية يحبها الفلسطيني لأنها لحظة عشقه القادم ولأنها حبيبته التي احبها دون أن يراها .. فكانت فلسطين هي الهواء الذي يتنفسه الفلسطيني عشقا ..

فلسطين هي ملك الشعب الفلسطيني .. فلسطين وطن الشعب العربي الفلسطيني وهي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير والشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية .. هذه هي الحضارة والتاريخ التي يتعلمها ابناء الشعب الفلسطيني حيث تكبر فلسطين شوقا وحبا وروحا في وجدان الاجيال تلو الاجيال ..

فلسطين دولة تحت الاحتلال .. وإسرائيل هي الكيان الذي يحتل فلسطين .. اسرائيل اغتصبت الارض وسرقتها وشردت الشعب الفلسطيني من ارضه سرقت كل شيء يملكه الفلسطيني .. هذه الارض الفلسطينية لم تكن احياء ذكراها في يوم الارض بمجرد يوم عادي في الذاكرة الفلسطينية او حياة الفلسطيني في هذا اليوم .. ارتوت الارض الفلسطينية في دماء الشهداء الابطال وكانت المواجهة الحقيقية مع الاحتلال الاسرائيلي الذي كان يعتقد انه ( هود ) الارض الفلسطينية وسرقها وان شعب فلسطين ينسي أن هذه الارض ملكه فتصدي ابطال ام الفحم وعرابة لجنود الاحتلال الاسرائيلي لتتشكل لغة جديدة في التاريخ الفلسطيني اسمها لغة يوم الارض .. وليعرف العالم الوان العلم الفلسطيني الذي يرفرف في سماء الوطن ويلتحم مع الارض ..

يوما بعد يوم يزداد شعبتا الفلسطيني تمسكا بالارض الفلسطينية وجيلا بعد جيل يكبر فينا حلم العودة الى ارضنا الفلسطينية الخالدة فلا سرقة التاريخ ولا تزوير الحقائق ممكن ان يثمر عن نتائج لصالح العدو الصهيوني .. 

ان شعب فلسطين بات اليوم اكثر صمودا وتمسكا بحقوقه متحديا لكل السياسات والتشريعات الإسرائيلية الاستيطانية الرامية لتغير الواقع ونهب الارض الفلسطينية وإن شعبنا متمسك بحقوقه الوطنية وبوجوده الطبيعي والتاريخي في أرضه وان كل ممارسات الاحتلال الصهيوني لن تثني شعب فلسطين عن التصدي للممارسات الاحتلال الاسرائيلي القمعية الرامية الي تغير الحقائق علي الارض الفلسطينية  وتزوير الواقع في القدس وسرقة تراث شعب فلسطين الذي عمد بدماء الشهداء عبر مسيرة طويلة من التضحية والعطاء والوفاء والإيمان بحتمية الانتصار ..
لم تكن تلك المعاني الخالدة الجميلة مجرد سطور كتبت في مرحلة معينة في ذاكرة الفلسطيني بل امتدت لتتوارثها الاجيال التي تؤمن بالثورة .. فكل جيل يكون اكثر تصميما علي نيل حقوقه من الجيل الذي خلفه .. انها معركة الاجيال التي تكبر مع الفلسطيني انها فلسطين التي احبها الفلسطيني وعشق ارضها وشمسها دون أن يراها .. انها تركيبة الكيمياء وفيزياء المستقبل التي تتشكل فينا روحا وعشقا وحبا للوطن ..

ما اروعك فلسطين وأنت تقدمي الشهداء جيلا وراء جيل .. ما اروعك فلسطين في يوم ارضك .. وأنت ترتسمي علي شفاه اطفال لم يروك بعد .. ولكنهم عشقوا شمسك .. ويستعدون للرحيل الي ارضك .. ما اروعك ايها الفلسطيني وانت تمضي نحو الارض الطيبة .. في مسيرة العودة .. مسيرة القدس في يوم الارض ..

فلسطين التاريخ والحضارة تتشكل فينا .. وتكبر حلما .. ويحمل الجيل القادم امانه التحرير والعودة .. فلسطين الارض التي احببناها وعشقناها اليك الرحيل واليك العودة .. اليك ماضون ولا حياة بدونك .. وطنا وثورة وعشقا وحياة ..

ما أروع ان نكتب اسماء الشهداء وان نكون شهداء من اجل فلسطين .. نستشهد علي ارضها .. ندفن في ترابها .. تمتزج الروح مع الارض الطيبة .. لنكون شهداء من اجل اروع ما نحب .. شهداء دوما مع وقف التنفيذ .. الشهداء الاحياء منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر ..

انها فلسطين الارض والهوية والعنوان .. فلسطين الارض التي نحبها ونعيش من اجلها ونحلم فيها وتكبر حكايتها معنا .. انها حيفا ويافا وعكا والرملة والمجدل .. انها صفد واللد وام الرشراش والقدس وغزة واريحا وتل الربيع ..انها بيسان ويالو والدهيشة ورام الله والخليل .. انها فلسطين التي تكبر فينا والتي نعشق سمائها .. انها فلسطين التي نعطيها عمرنا وحياتنا والتي نعيش من اجلها ونحلم في ذلك اليوم حيث نكون علي ارضها ..

تمر علينا الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض الخالد في هذه المرحلة الصعبة التي يعيش فيها الشعب الفلسطيني أخطر التحديات بعد قرار المدعو  ترامب المشؤوم الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي  وما تلاه من إجراءات قمعية تهويدية أقدمت عليها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة لضم أراضي الضفة والسيطرة الكاملة علي القدس وتهويدها في محاولة منها لسلخ القدس عن محيطها الفلسطيني ومحاولات تغيير طابعها العربي الفلسطيني الإسلامي – المسيحي والسعي لفرض سيطرتها اليهودية عليها ..

 اننا اليوم وفي ذكرى يوم الارض نؤكد  على الهوية وتقرير المصير والاستقلال والعودة مما يتطلب توحيد كل الجهود الرسمية والشعبية للدفاع عن الأرض وحمايتها، ومواجهة الاستيطان وعمليات نهب المياه والموارد  والدفاع عن الأرض وهويتها ومستقبلها.

في ذكري يوم الارض نؤكد على وقالت إن تفعيل النضال الشعبي والعمل الجماهيري ضد قوات الاحتلال في كافة المناطق، يشكل تحديا شعبيا، ونضالا سياسيا، يعطي قضيتنا زخمها، ويكشف للعالم إرهاب حكومة الاحتلال المنظم، وعنصريتها وإرهابها، ومن هنا فلنجعل المقاومة الشعبية اليومية فعلا حقيقيا ملموسا يعيد الصدارة للفعل الشعبي الميداني في مواجهة الاحتلال والاستيطان.

نحـــن باقـــون ... هنا باقـــون ... مـــا بقـــي الزعتـــر و الزيتـــون .... يوم الارض ... يوم للتشبث بالأرض والهوية والوطن، وعنوانا لرفض كل سياسات الكيان الصهيوني الساعية إلى سلخ الشعب الفلسطيني من هويته الوطنية والقومية .. يوم الارض ... معركة لم تنتهي في الثلاثين من آذار، بل هي مستمرة حتى تحرير الارض .....

طوبى للشهداء ولذوي الشهداء ولشعب الشهداء ... طوبى للشهداء وهم وقود الانتصارات والفتوحات ... طوبى للشهداء ودماؤهم الزكية تعطر ترب فلسطين ...
المجد للشهداء والنصر للثورة
ومن نصر الي نصر وانها لثورة حتى النصر

علم البلاغة : المعاني ـ البيان ـ البديع - تطور علم البديع إلى البلاغة ـ الحلقة الأولى/ كريم مرزة الأسدي

1 - مقدمة تاريخية :
عندما اضمحلت اللغة اليمانية بما فيها من شعر ونثر ، وقامت مقامها اللغة الحجازية بآدابها بعد سيطرة قريش بفصاحتها - ولا أقول سلامة لغتها -على  ملتقى تجار العرب وساداتهم وصفوة رجالاتهم ، ولما نزل القرآن الكريم سحَرَهم إعجازه ، وعذوبة ألفاظه ، وما أن طلّ العصر الأموي حتى تعصبوا لأحزابه ، وأصبح الشعراء لسان أحواله ، وتقدم العصر العباسي بعد الفتوحات يهلهل بأعجامه من فرس وأهل هند وسند وأحباش وروم وأغريق وصقالبة ، ويغنّي بجواريه وقيناته ، وتـُترجم له اللغات الأجنبية ، لسان أعرق الأقوام السابقة ،لإثرائه بالفلسفة والطب والحكمة والحكايات والعلوم والفنون ، عقبى هذا الأختلاط ، تفنن الشعراء بأساليبهم ومعانيهم وصورهم وإيحاءاتهم ، وحاولوا زخرفة كلامهم  - كعصرهم المزخرف - ذاتياً دون الاعتماد على منهجية الشعوب الأخرى بادئاً ، وإنما أفكار لشتات ، وأساليب لحياة وحياة ،  أقول زخرفة العارف بعمق المعاني ، وجذور الإبداع اللغوي العربي سلامة وفصاحة ،  وممن أبدع بالمجال الأخير حتى بدايات العصر العباسي الثاني ، بشار بن برد ، وابراهيم بن هرثمة ،  وكلثوم بن عمرو العتابي  ، ومسلم بن الوليد ، وأبي نؤاس ، وأبي العتاهية ، ودعبل الخزاعي ، و أبي تمام ، والبحتري ، وابن الرومي ، وابن المعتز .

 الدكتور طه حسين (1889 م - 1973 م) يقول في مقالة باللغة الفرنسية قبل نيف وثمانين عاماً : إن كتاب (البديع )  لابن المعتز ( قتل وخلع من الخلافة في أول ليلته 297 هـ) العربي العريق  به أثر بيّن للقسم الأول من الفصل الثالث لكتاب (خطابة) أرسطو الهيلينية  ، فيما يخصّ بحثه في العبارة (1) .
 ومن سخرية الأقدار  أن ابن المعتز استشهد بأشعار شعراء العرب الذين تقدموه ، وغلبهم أبو  تمام إلى ذهنه وعقله ، ولم ينسَ البحتري ودعبلاً ، ولم يكن يعرف الهيلينية ، ولا يناهضها     
 ، وإنما وضع كتابه ليقيم الحجة على أن القدماء قبل المحدثين عرفوا البديع (البلاغة في عصرنا) ، فالدافع عربي بحت ، ولعل أول من نقل كتاب  (خطابة ) أرسطو إلى العربية بشكل يعتمد عليه نوعما ، معاصره إسحاق بن حنين المتوفي بعده بسنتين أو ثلاث (298 ، 299 هـ) ،قد ظهر بعد تأليفه لـ (البديع) ، إذ انتهى منه معتزنا  (274 هـ) ، والظاهرمن أوائل مؤلفاته، وأنه ألفه قبل أن يلم بثقافة أخرى سوى الثقافة العربية  (2) ، إذ لم يبلغ عمره سبعة وعشرين عاماً ، وقد تأثرصاحب (البديع) بـ (قواعد شعر) أستاذه  أبي العباس ثعلب (ت 291 هـ ) ، وأخذ من نثر (بيان وتبيين) الجاحظ، الذي توفي (255 هـ ) ،  وصاحبنا  لم يتجاوز ثماني سنوات من عمره  ، ونقل عن (حماسة) أبي تمام  ، وقد توفي 228 هـ ) قبل ولادته بعشرين عاماً تقريباً - نعم تأثر  معاصره   قدامة بن جعفر (ت 337 هـ / 948 م)  كثيراً في أحد فصول  نقده  بـ (خطابة) أرسطو  .

 مهما يكن دحض رأي الدكتور طه عن مظاهر التأثر كل من الدكتور شوقي ضيف قائلاً : لم يبين أي دليل على هذا التأثر (3) ، ويؤكد ما ذهبنا إليه الدكتور محمد عابد الجابري موجزاً : إذا كانت الفلسفة هي معجزة اليونان فإن علوم العربية معجزة العرب (4) ، والحق معه ، القرآن الكريم قبل الترجمة والمترجمين ، والروم واليونانيين ، معجزة الأولين والآخرين "  وقد رفض د. على الجندي : أن يكون الكتـاب متأثراً بالبيان اليوناني ( لو أن الجناس كان منقولاً عن اليونان، لعثرنا على أثر هذا النقل، ولو في مثال واحد على الأقل ) ، وأكـد ذلك قول د. حمادي حمود : أن الكتاب كان على أسس عربية صريحة وصحيحة في محاولة لإرساء علم البلاغة والنقد، وبهذا كان أول كتاب يتناول الأدب تناولاً فنياً. " (5)
  ومن الجدير ذكره أن الدكتور محمود الربداوي في (متخيره) ينوّه قد تناول أرسطو في (خطابته ) أربعة فنون بديعية ، وهي الآستعارة والجناس (يسميها أرسطو المشابهة ) والطباق ، ثم ردّ الإعجاز على الصدور ، أما الفن الخامس المذهب الكلامي ، أخذه عن الجاحظ، فهو فن عربي الأصل ، ويواصل الدكتور الربداوي قوله " لا ينقص ابن المعتز فضله ، ذلك لأنه لم يأخذ عن أرسطو إلا التوجيه العام ..." (6) .


2 - لقب البديع : تاريخاً ..لغةً ..اصطلاحاً: 

لقب البديع ليس لقبًا مستحدثًا في عهد ابن المعتز - كما ذكرنا -  ولكنه اسم لهذه الألوان الساحرة في الأسلوب، ولهذا الترف البياني في الأداة، من تشبيه واستعارة وتجنيس وتطبيق وسوى ذلك، سماه به مسلم بن الوليد ، وكان يُعرف قبل ذلك بـ (اللطيف)  (7) ، ودرج على هذا اللقب من بعده من العلماء والأدباء ، هذا من حيث المصطلح البلاغي ، أمّا من الناحية اللغوية ، فأحيلك إلى (لسان) ابن منظور،  فنقتطف ما يلائم موضوعنا راوياً :
المبتدع الذي يأتي أمرا على شبه لم يكن ابتدأه إياه . وفلان بدع في هذا الأمر أي أول لم يسبقه أحد . ويقال : ما هو مني ببدع وبديع ، قال الأحوص :
فخرت فانتمت فقلت : انظريني  *** ليس جهل أتيته ببديع
وأبدع وابتدع وتبدع : أتى ببدعة ، قال الله - تعالى : ورهبانية ابتدعوها ، و قال رؤبة :
إن كنت لله التقي الأطوعا ***  فليس وجه الحق أن تبدعا

والبديع من أسماء الله ، وقد ورد مرتين في القرآن الكريم  بتمام لفظه :
  
 " بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأْرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "  ( البقرة 117) ، وقوله تعالى : " بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأْرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "  (الأنعام 101) . 

والحق الكلام البديع ليس بجناسه وطباقه وتوريته ومقابلته ، يطوّعه الشاعر كيفما شاء للتماهي ، والتلاعب بالألفاظ لإبراز الذات ، ومقدرته اللغوية ، ولا كما قال الجواهري " وخلّها حرّة تأتي بما تلدُ "  تماماً ، بمعنى أنَّ الشعر بمعانيه وصوره  وتشكيله  ، و  للذات الشاعرة الملهمة النصيب الأكبر ، وللعقل الذكي النبه إتمام الآخر ، دون تعرج ملفت ، ولا نشاز مُفتـِّت ، لنرى ما ذهب إليه النقاد قديماً  ، يقول قدامة بن جعفر  عنه : " وأكثر الشعراء المصيبين من القدماء والمحدثين قد غزوا هذا المغزى ورموا هذا المرمى، وإنما يحسن إذا اتفق له في البيت موضع يليق به، فإنه ليس في كل موضع يحسن، ولا على كل حال يصلح، ولا هو أيضاً إذا تواتر واتصل في الأبيات كلها بمحمود، فإن ذلك إذا كان، دل على تعمل وأبان عن تكلف  ..." (8) ، والآمدي في (موازنته) بين الطائيين  - أبي تمام وتلميذه البحتري - فصل الأمر ، بادئاً بمسلم ، وأطال مع أبي تمام  راوياً : ...أن أول من أفسد الشعر مسلم بن الوليد، وأن أبا تمام تبعه فسلك في البديع مذهبه فتحير فيه،كأنهم يريدون إسرافه في طلب الطباق والتجنيس والاستعارات، وإسرافه في التماس هذه الأبواب وتوشيح شعره بها، حتى صار كثيرٌ مما أتى به من المعاني لا يعرف ولا يعلم غرضه فيها إلا مع الكد والفكر وطول التأمل، ومنه ما لا يعرف معناه إلا بالظن والحدس، ولو كان أخذ عفو هذه الأشياء ولم يوغل فيها، ولم يجاذب الألفاظ والمعاني مجاذبة ويقتسرها مكارهة، وتناول ما يسمح به خاطره وهو بجمامه غير متعب ولا مكدود.... لظننته كان يتقدم عند أهل العلم بالشعر أكثر الشعراء المتأخرين، وكان قليله حينئذٍ يقوم مقام كثير غيره؛ لما فيه من لطيف المعاني ومستغرب الألفاظ..." (9) .

3 -  الاستطراد :
وعلينا بالمسلم ، فمن بديعه القديم ،الاستطراد - والآن هوأيضاً من أنواع علم البديع ،الذي هو فرع من علم البلاغة المتضمن علوم البيان والمعاني والبديع، والأستطراد : هو خروج المرسل أو المتكلم عن الموضوع الذي هو فيه إلى غرض آخر لسبب ما ، ثم يرجع لإتمام الكلام الأول ، قال العسكريّ : " وهو أن يأخذ المتكلّم في معنى، فبينا يمرُّ فيه يأخذ في معنى آخر، وقد جعل الأوّل سببًا إليه." (10)، وقال القزويني : " وهو الانتقال من معنى إلى آخر متّصل به، لم يقصد بذكر الأوّل التوصلُ إلى ذكر الثاني ...وقد يكون الثاني هو المقصود، فيذكر الأوّل قبله ليتوصّل إليه " (11) ، وإليك استطراد مسلم بن الوليد ، وخروجه من الغزل إلى مدح يحيى بن جعفر :
أَجِدَّكِ ما تدرين أن ربّ ليلةٍ ***  كأنّ دجاها من قرونك تُنْشرُ
لهوت بها حتّى تجلّت بغُرَّة *** كغُرّة يحيى حيــــن يُذكر جعفرُ 
ولا ريب أنّ الاستطراد كان معروفاً منذ العصر الجاهلي ، فورد في شعر السموأل وزهير ، وفي صدر الإسلام جاء على لسان كعب ، وغيرهم من الشعراء ، ولكن الصريع أكثر منه وقصده بمهارة فنية ، ملفته في حسن التخلص من غرض إلى آخر ، بمعنى نقل الاستطراد من العفوية الجزلة إلى الصنعة السلسة  ، وإليك :
إذا شئتما أن تسقياني مدامةً *****  فلا تقتلاها، كــــل ميتٍ محرمُ
خلطنا دماً من كرمةٍ بدمائنا ***** فأثر فــــي الألوان منا الدم الدمُ
ويقظى ثنيت النوم فيها بسكرةٍ ** لصهباء صرعاها من السكر نُوّمُ
فمن لامني في اللهو أو لام في الندى**أبا حسنٍ زيد الندى فهو ألومُ
دقق في البيت الأول كيف استعار القتل للمزاج ، والدم للكرمة، وأردفه بالدم الحقيقي ، فتولد الجناس التام ، ولا يفوت القارئ الكريم الجناس في البيت الثالث ، حتى ختم البيت الرابع بالاستطراد ، والانتقال من وصف الخمرة إلى المدح ، وإن كان لا تُخفى عليك خافية ، تستطيع من مفردات صدر البيت الأخير أن تكرر مع الشاعر قافيته ( ألومُ)  ، وهذا هو (الإرصاد) الذي سماه علي بن هارون المنجم (تسهيمًا) ، وسماه ابن وكيع (المطمع ) .
 ما كانت هذه الصنعة اللفظية ، والبديعية ، وإن شئت البلاغية في العصور التي سبقت المسلم الصريع .

4 - تقسيم وترصبع:  

وبعد أنْ جاء بشار بالبحور القصيرة الراقصة ، وجد مسلم فيها فسحة للولوج إلى إبدعات مشابهة لها ، أو مدخلاً لتوليد تقسيمات مسجعة راقصة من البحور الطويلة ، معتمداً على محسنات بديعية كالترصيع :
كأنه قمرٌ أو ضيغمٌ عصر*** أو حيّةٌ ذكر أو عارضٌ هطلُ
وقد أخذ المتنبي هذا المعنى ، والأسلوب ، فقال :
يا بدر يا بحر يا غمامة يا *** ليث الثرى يا حمام يا رجل (12)
وقال مسلم مرصعاً :
يورى بزندكَ أو يسعى بجدكَ ***  أويفرى بحدك.. كل غير محدودِ
وسار أبو   تمام على هذا النهج من التصنيع البديعي ، وأجاد قائلاً :
تجلى به رشدي، وأثرت به يدي، *** وفاض به ثمدي، وأروى به زندي
وقال أيضاً وأحسن ما شاء - على حد تعبير ابن رشيق - :
تدبير معتصم، بالله منتقم، *** لله مرتقب، في الله مرتغب (13)
فذلكة الأقوال : مسلم بن الوليد جدّد المحسنات البديعية مجازاً وإيقاعاً بدقة متناهية ، لا يجعلك تشعر بصناعته للطفه ، ونباهته ، وكان أكثر سعياً وجدّاً من أستاذه بشار ، وأطلق البديع على اللطيف ، وسلم الراية لأبي تمام الذي كان تلميذاً نجيباً ماهراً.

5 - ابن المعتز وكتاب (البديع ) وما تضمن:

ابن المعتز (ت 296 هـ / 908 م)  ، وضع كتابه (البديع)  ، وصدّره بقوله:
 "...وقد قدمنا في أبواب كتابنا هذا بعض ما وجدناه في القرآن واللغة وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة والأعراب وغيرهم وأشعار المتقدمين من الكلام الذي سماه المحدثون البديع ليعلم أن بشارا ومسلما وأبا نواس ومن تقيلهم وسلك سبيلهم لم يسبقوا إلى هذا الفن ولكنه كثر في أشعارهم فعرف في زمانهم حتى سمي بهذا الاسم فأعرب عنه ودل عليه " (14) ،  ثم عدد  أبوابه الخمسة المتعارف عليها في العصر الذي سبقه ، أي عصر روّاده ، وهي :
 الاستعارة، والمطابقة، والتجنيس ، ورد أعجاز الكلام على ما تقدمها، والمذهب الكلامي، الذي أخده عن الجاحظ  ( ت 255 هـ) ، وقد عرّف وقسّم ومثـّل لكل باب ، ولكنه خلط بين العلوم حسب مفهومنا المعاصر للبلاغة ، فذكربـ (بديعه) التشبيه والاستعارة وهما من علم البيان العربي، وجاء بالكناية ، وأراد  معناها اللغوي، لا المعنى الاصطلاحي الضيق في يومنا  ، فبديعه الماضي ، بلاغتنا الحاضرة ببيانها الرفيع من استعارة ومجاز وتشبيه و كنايه ... إضافة لبديعه من (بديع ) معاصر تضمن الجناس  والطباق والمقابلة...، وتقلب هذا الاسم (البديع) إلى ( نقد الشعر) في عرف قدامة بن جعفر ( ت 337 هـ )  ، وإلى  (صنعتي الشعر والنثر) في (كتاب الصناعتين ) لأبي هلال العسكري ( ت 395 هـ)  ، وأطلق عليه ابن وهب في كتابه (البرهان في وجوه البيان) ، وضياء الدين ابن الأثير ( ت 637 هـ)  في كتابه ( المثل السائر ...) اسم البيان ، كما يذكر بدوي طبانة في (علم بيانه) (15 ) ، لأنهم يرون  البيان هو المعبر عن فصيح الكلام ، والحديث الشريف " إنّ من البيان لسحرا" قد يشفع لهم.        
وأردف عبد الله ابن المعتز بعد الأبواب الخمسة ثلاثة  عشر فناً من فنون البلاغة ، دعاها محاسن الكلام وهي : (الالتفات، الاعتراض، الرجوع، حسن الخروج، تأكيد المدح بما يشبه الذم، تجاهل العارف ، الهزل الذي يراد به الجد، حسن التضمين، التعريض والكناية، الإفراط في الصفة، حسن التشبيه، لزوم ما لا يلزم، حسن الابتداء.) (16) ، وأضاف إليها قدامة بن جعفر  ثلاثة عشر نوعا هي : التصريع، المقابلة ، المساواة، الإيغال، الاستطراف، صحة التقسيم، صحة التفسير، المبالغة -وهي غير اللغو عند قدامة- الإشارة " الإيجاز"، التمثيل، التتميم، الترصيع - وهو أن تكون أجزاء البيت مسجوعة - التوشيح . 
فوصل البديع في عهد قدامة (ت 337 هـ ) إلى ثلاثين نوعا، ثم تتبع الناس هذه الألوان، فجمع أبو هلال منها في الصناعتين سبعة وثلاثين نوعًا، منها 29 نوعً ذكرها أبو هلال في باب أنواع البديع، ومنها التشبيه الذي ذكره في باب مستقل غير الباب الذي عقده للبديع وإن كان لا يشير إلى أنه من البديع، فيكون الجميع ثلاثين نوعا يضاف إليها سبعة من زياداته ؛ وهي: التشطير، المحاورة، الاستشهاد، المضاعفة "التورية"، التطريز، التلطف، المشتق .
ثم جمع ابن رشيق ( ت 463 هـ)  من ألوان البديع مثلما جمع أبو هلال وأضاف إليها في (عمدته)  خمسة وستين بابًا في بحث الشعر، ) ،   و الحقيقة تلاهما  شرف الدين الشاشي فبلغ بها أكثر من ذلك، ثم تكلم فيها ابن أبي الأصبع المصري ( م 654 هـ" فأوصلها إلى التسعين في كتابه الجيد "تحرير التحبير في علم البديع"، ثم صنف ابن منقذ كتابه "التفريع في البديع" جمع فيه خمسة وتسعين نوعا، ثم جاء صفي الدين الحلي ( م750هـ)  فجمع 140 نوعًا في بديعيته في مدح الرسول التي سماها "الكافية البديعية" وشرحها بنفسه ثم حذا الناس حذوه ونظموا كثيرًا من البديعيات. وأما السكاكي فذكر تسعة وعشرين نوعًا من البديع، وقد ذكر صاحب التلخيص من البديع المعنوي  ثلاثين نوعا ومن اللفظي سبعة، وقد أَلَمَّ بتطور البديع في اختصار كثير من الباحثين .(17)
  وقد ظل مفهوم البديع مفهوما شاملا متسعا لجميع فنون البلاغة المختلفة، شأنه شأن مفهوم البيان، حتى نهاية القرن الخامس الهجري، فصاحبنا ابن المعتز وقدامة بن جعفر وأبو هلال العسكري والباقلاني وابن رشيق كلهم يستعملون مصطلح البديع للدلالة في الغالب على فنون البلاغة .
 ولكن من الجدير ذكره  أنّ عبد القاهر الجرجاني ( ت 471 هـ) ، قد حدد علمي ( المعاني ) و( البيان) في ( دلائل الإعجاز ) و ( أسرار بلاغته)  ، وأردفه الزمخشري ( ت 538 هـ ) ، فميز بين العلمين بوضوح في (  كشافه عن حقائق  التنزيل  ...) ، ومن هنا يعدّهما  الدكتور شوقي ضيف في   ( تطور وتاريخ بلاغته) ، أنهما نهاية عصر الإبداع البلاغي ، وبعدهما جاء عصر الجمود البلاغي  . (18) ، والحق أن الجرجاني أبدع أيما إبداع في ( أسرار بلاغته) ، و( بدائل الإعجاز)  ،  فوصل القمة  فيهما !       
ولم تتضح معالم البديع كما نعرفه اليوم أي كمصطلح يدل على مجموعة من الظواهر البلاغية المحددة والتى تفيد تحسين الكلام، إلا مع الخطيب القزويني الذي صاغ تعريفا لعلم البديع في كتاب الإيضاح بناء على ما سطره السكاكي في مفتاح العلوم حينما فرغ من علمي المعاني والبيان فأورد ما سماه (وجوه تحسين الكلام" التي ترجع إلى محسنات لفظية وأخرى معنوية، يقول الخطيب القزويني: " علم البديع وهو علم يعرف به وجوه تحسين الكلام، بعد رعاية تطبيقه على مقتضى الحال ووضوح الدلالة، وهذه الوجوه ضربان : ضرب يرجع إلى المعنى ، وضرب يرجع إلى اللفظ. "(19)
إذاً  علم البديع بتسميته السابقة لا بشموليته الواسعة ، أصبح فرعاً من علم البلاغة  المعاصرالذي  يعني  بحسن البيان و قوة تأثيره  - كما في المعجم الوسيط - ، و تعني الوصول الى المعنى بكلام بليغ ، و يجب فيها مطابقة و مشابهة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته ،ومقتضى الحال هو أن يكون الكلام مطابقاً للحالة أو الموقف التي يتحدث فيه . قال الحطيئة :
تحنّنْ عليّ هداك المليك *** فان لكل مقام ٍ مقالا  
وقال الجاحظ في ( حيوانه)  ، والعسكري في ( صناعتيه) :  إن خير الكلام ما كان مطابقاً لمقتضى الحال ، و إن لكل مقام ٍ مقالا .(20) 
وقديماً عرف البلاغة  كلّ من العسكري والرماني  والآمدي والقزويني والسكاكي  ،و الجرجاني والزمخشري وغيرهم ، ونأخذ قول أبي هلال العسكري : " البلاغة كلّ ما تبلغ به المعنى قلب السامع ، فتمكنه في نفسه ، كتمكنه في نفسك ، مع صورة مقبوله ، ومعرض حسن ." (21)
وينقل الثعالبي في ( منتحله) أبيات البحتري ( ت 284 هـ)  عن البلاغة :
           
في نظامٍ من البلاغة مـ ***ا شكَّ امرؤٌ أنه نظام فريدِ
ومعانٍ لو فصلتها القوافي **هجَّنت شعر جروَلٍ ولبيدِ
حزن مستعمل الكلام اختياراً *** وتجنبنَ ظلمة التعقيدِ
وركبنَ اللفظ القريب فأدركـ ***نَ به غاية المراد البعيدِ (22)

 ويذهب الشيخ بهاء الدين العاملي ( ت 1031 هـ ) في ( أسرار بلاغته) إلى البلاغة تختص بالمعاني، والفصاحة تختص بالألفاظ ، والإيجاز يختص بهما  ثم يورد تعريفا لعبد الحميد الكاتب  - كاتب مروان الحمار ، آخر خلفاء الأمويين -  وقوله ( البلاغة ما فهمته العامة ، ورضيته الخاصة) ، وقول صحار العبدي - خطيب مفوه  ، ت 40 هـ  - ،إنّ  البلاغة : (أنْ لا تُبطيء ، ولا تخطيء) ، أمّا ابن المقفع ، فيراها هي : (التي إذا سمعها الجاهل ، ظنّ أنه يحسن مثلها ، وسميت بلاغة لأن المتكلم يبلغ بها الكثير من الغرض في القليل من المعاني) 
والفصاحة حدّها : التخلص من التعقيد والتنافر ، وضعف التأليف ، لأنه يقال : تفظ فصيح ، ومعنى بليغ) .
كما  ترى كل التعاريف التي أوردها الشيخ البهائي قديمة ، لا تنسجم وتطور علم البلاغة ،
بل يولي اهتماما خاصاً بالإيجاز  ، وما هو إلا جزء من فرع لعلم المعاني ، فيقول عنه : ( والإيجاز هو تقليل  اللفظ وتكثير المعنى ، وهو على قسمين ، إيجاز قصر ، وإيجاز حذف .) (23) 
 و يتضمن (علم البلاغة) في عصرنا الحاضر:

  1 - (علم المعاني) :  وهو العلم بما يحترز به عن الخطأ في تأدية المعنى الذي يريده المتكلم كي يفهمه السامع بلا خلل وانحراف . 
 2 - (علم البيان) : وهو العلم بما يحترز به عن التعقيد المعنوي، كي لا يكون الكلام غير واضح الدلالة على المعنى المراد .    
   3 - ( علم البديع) وهو العلم بجهات تحسين الكلام. 
ونتوقف في هذه الحلقة عند هذا الحد ّالممتد ، وإنّ غداً لناظره قريبُ.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) راجع ترجمة هذه المقالة في مقدمة نقد النثر لقادمة بن جعفر تح الدكتور طه حسين وعبد الحميد العبادي، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر (1940) .
(2) (البديع) : ابن المعتز - تقديم هاني الطنبور - ص 57 - 58 - الفصل الثالث .
 (3) ( البلاغة : تطور وتاريخ ) : د . شوقي ضيف - ص 70 - دار المعارف - 1965 م -  القاهرة .
(4) (تكوين العقل العربي ) :  د . محمد عابد  الجابري - ص 80 - 2002 م - ط 8 - مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت .
(5)  (البديع ) : ابن المعتز - الموسوعة الحرة .
http://ar.wikipedia.org/wiki/
 (التفكير البلاغي عند العرب أسسه وتطوره للقرن السادس) : حمادي حمادي  -  منشورات الجامعة التونسية -  تونس، الطبعة الأولى، 1982م .
(6) (المتخير من كتب النقد العربي): د . محمود الربداوي- ص 130 - ط 1 - 1981 م - مؤسسة الرسالة - بيروت .
(7) (البديع في البديع ) : ابن المعتز ص - 1 / 19 -  1 / 51    - دار الجيل - ط1 - 1990 م .
   - عن معاهد التنصيص ( 2 / 10)
(8 ) ( نقد الشعر ) : قدامة بن جعفر - 1 / 6 - الوراق - الموسوعة الشاملة .
(9) ( الموازنة ....) : الآمدي  - 1 /33 - الوراق - الموسوعة الشاملة .
(11) (كتاب الصناعتين) : أبو هلال العسكري - ا / 121 - الوراق - الموسوعة الشاملة .    
(12) (المنصف للسارق والمسروق منه) : ابن وكيع التنيسي - 1 / 110 - الوراق - الموسوعة الشاملة .
(13) ( العمدة ...) : ابن رشيق - 1 / 119 - الوراق - الموسوعة الشاملة .

(14) البديع في البديع : ابن المعتز - 1/ 1 - الوراق - الموسوعة الشاملة . وراجع  الفن ومذاهبه في الشعر العربي :  د. شوقي ضيف - ص 179 -  ط 11 - دار المعارف .  
(15 ) البيان العربي : د. بدوي طبانة د.بدوي طبانه -  ط 2 1377 هـ / 1958 م - مكتبة الأنجلو المصرية - مصر.
(16) البديع في البديع : عبد الله ابن المعتز - ج 1 ص 22 - م. س . .
(17) ج 1 ص 45 م . ن . وراجع : علوم البلاغة البيان ، المعاني، البديع : أحمد بن مصطفى المراغي المتوفي 1371 هـ  ص 381 - المكتبة الشاملة .
(18) البلاغة تطور وتاريخ : شوقي ضيف - ط 9 - دار المعارف - القاهرة .
(19) الإيضاح في علوم البلاغة : جلال الدين أبو عبدالله محمد بن سعدالدين بن عمر  القزويني - ص 317 - دار إحياء العلوم - ط 4 1998م - بيروت .
(20) ينظر للجاحظ ( البيان ج1 ص 93 ) ، (الحيوان ج  3 ص 369 ) ، وراجع لأبي هلال العسكري ( كتاب الصناعتين ص 21 ، 27).
(21 ) كتاب الصناعتين :  أبو الهلال العسكري - 1 / 4 - الوراق - الموسوعة الشاملة .
(22) المنتحل : أبو منصور الثعالبي الثعالبي  - 1  / 1 -الباب الأول في الخط والكتابة والبلاغة نظماً - الوراق - الموسوعة الشاملة .
(23) أسرار البلاغة : بهاء الدين العاملي - تحقيق د. محمود التونجي - ص 19 ، 23 - دمشق - بلا .