مؤتمر الطاقة الاغترابية الاوّل في سيدني "بين المطرقة والسندان"/ شادية الحاج

يبدو انّه أصبح ضرباً من المستحيل  أَنْ يكون لنا وَلَوْ لبرهة ٍ فسحةً من الحلُم  في وطن ما!
فنحن ُ ورثنا بإمتياز مقدرة تشويه الفرح عفوياً وتلقائياً وذلك بدافع وراثي وفطري ألا هو الافصاح عمّا هو بديهي ومكشوف. هذه الحالة تعود الى عصور غابرة من الشعور بالحاجة القصوى الى البحث والتنقيب عن الشوائب  بدافع بسيط وهو عجزنا التاريخ عن  تخطي الأنا الصغيرة التي لا تستكين ولا ترتاح إلاّ اذا  أظهرت الشوائب كي تروي غليل سنوات من اليأس والفشل!
لكل ظرف ٍ رونقه وحدّه .
ولكل مناسبة جمالها وهفواتها.
نرى الجميل متى كنّا جزءا ً من صنع جماله.
ونكشف عن القبح والقبيح متى كنّا خارج الحساب والمحسوب !
لذلك ، لا يسعني اليوم بعد الحضور المميّز لبعض المشاركين في الندوات / ورشات العمل/  إلاّ ان ارفع القبعة اولاً لعاملي السفارة اللبنانية في كانبيرا وفي قنصلية لبنان العامة - فرداً فرداً - للمجهود الكبير الذي بذلوه لانجاح المؤتمر وللعناية التامة التي أظهروها بالمشاركين رغم الضغوطات الهائلة التي فرضتها  ظروف المناسبة من حيث التنظيم،  ترتيب الدعوات وإعداد ورشات العمل مع اسماء المحاورين!

قال احدهم :" لا يخطئ ، إلا ّ من يبقى مكتوف اليدين"! وجلّ من لا يخطئ!

فنحن ُ اعتدنا بإحتراف ملحوظ على أصوات الناقمين، والمنتقدين،والفصحين، والمتفاصحين،وأصوات اللاهثين خلف المناسبات لالتقاط الصور وقطف اللحظات " السكوبية"  كما تفجرّ  بِنَا القرف حتى الصميم من الانقسامات بإسم المبادئ  الحزبية - والمعاهدات الإقليمية ، والمصالح  الآنية، كما لَمْ  ننجو بعد من لوثة التفرقة العنصرية،  واختلاق الإشاعات بهدف التضليل والتشويش، وإتقان مسلسل الطعن بما كل ما هو واعدٌ وبديل.
وسط كل هذه المعمعة  والفوضى العشائرية - الانقسامية العارمة،  ورغم بعض الهفوات في  ادارة بعض الندوات التي لم ْ يكنْ للأسف للجميع حظ المشاركة بها،  لا يسعني إلا أن ْ اعيدُ وأكرر وأشدّ على يد منْ شاركوا ومَنْ كان لنا الحظ بالتمتع بالاستماع اليهم  (وَلَوْ للمرة ما بعد الألف) خصوصاً وحصرياً في  كنف مؤتمر ضمّ اكبر عدد من الصحافيين والاعلاميين ورجال اعمال لهم الباع الطويل في خدمة جاليتنا المنقسمة والمسرطنة والمشرذمة والتي تحاول لملمة أوصالها.
اهنّئ  دون تردد منْ أداروا الندوات وبرهنوا على مهنية عالية واحتراف، فإذا كان المؤتمر برأي البعض أو كثيرين فشل في بعض المستويات، فهو على الاقلّ أتاح لمن يستحقون من العاملين بيننا، - أعني بهم هؤلاء المواطنين العاديين كأمثالنا في بلاد الانتشار - أَنْ  يتمتعوا بأجواء راقية ورفيعة المستوى  وان يكون لهم مشاركة صوتاً وصورةً وفعلاً وفكراً وَلَوْ لبرهة وجيزة مرّت ْ كالحلم لكنها حفرت في الصميم قلباً وقالباً وشكلت قفزةً نوعيةً نسبةً لما عهدناه من أصوات تصدح على المنابر وتنادي بالعدالة الانسانية وحقوق المواطن .
كان شعورنا ونحن في قاعة المحاضرات الكبرى جميل ٌ وشريفٌ رغم غرابة بعض المواقف الجانبية التي لم ْ تلغ ِ من قيمة المتحدثين الذين افرحنا حضورهم وزادنا كِبراً وقيمةً مشاركتهم تحت شعار لبنانيتهم ومواطنيتهم وعلى اختلاف اصواتهم وألوانهم! وإنْ سلمّنا فرضياً أنّ هذا المؤتمر " البنورامي " "والببارازي"الاستعراضي " الانتخابي "- برأي الناقمين والغيورين على  مصلحة الوطن - لم يحقق اهدافاً سامية، علمية- عملية كما هو مطلوب  فإنه على اقل تعديل إن لم ْ يحقق شيئاً خيّراً ونافعا ً ومستحدثاً انه فتح  المجال  واسعاً وتحت سقف واحدٍ لجميع الأطراف المتناحرة والمتصالحة مع نفسها ومع الآخرين ان تتحاور وتقول ما لديها وجهاً لوجه  وَلَوْ بالقدر القليل في حماية الدولة التي تظلّلنا  فكنّا نحن الهدف ونقطة التركيز وحجر الزاوية التي رذله رعيلٌ سياسي على مدّ أجيال وأجيال.
اختم كلمتي بمسكها،  لنسرين خضرا  منسقة العلاقات بين مصرف سيدني والجالية العربية تحية تقدير من القلب  للباقتها وليونتها ولحسن ادارتها لأجواء الاحتفال التي رغم حالات  " السهل الممتنع "التي  سادت طيلة يومي المؤتمر، استطاعت أن تحافظ على هدوئها وإشراقة طلّتها.
لَمْ يستطع قلبي اللبناني إلاّ أَنْ يصفق اطراءً لكل ما شاهدته فارتقى وارتوى الى مصاف قلب ما زال يعشق وطناً ولا يتوّقف عند حدود بلدٍ يتناساه ويتنازع على مقدساته بائعة هياكلنا المشبّعة ترحالاً وغربة وتشتتاً ... وإنتظاراً.


شادية الحاج

سيدني .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق