في طـفـولتي رافـقـتُ أطفالاً في مظاهـرات شعـبـية ، وبتـلـقـين من الكـبار هـتـفـنا سوية ، بأهازيج متـناقـضة دون أن نـميز من بـينها المَلـوية ... مثل : ( لا دوام يوم الأحـد ، من الآن إلى الأبـد ) إعـتـزازاً بـيـوم قـيامة الرب يسوع كـعـطلة أسبوعـية .... ومعها : ... ( عاش المنجـل والـﭼاكـوݘ شعار الجـمهـورية ) ..... ( عاش الزعـيمي عـبـد الكـريمي ، حـزب الشيوعي بالحـكم مطلب عـظيمي ) نعـبّـر فـيها عـن نـفاقـنا للـزعـيم الكـريم ونحـن أطفال مطلـبنا عـظيم .
وعـنـدما تـقـدّمتْ بنا الأيام ووَعـيـنا الحـياة إلى حـين ، لم أحـبّـذ هـكـذا أفكار ونـشاطات فإبتعـدتُ عـنها بالـيـقـين .... أما في فـترة الوظيفة كان لـزاماً عـلينا مشاركة المسيرات في الشارع ثم أخـرج منها عـنـد تـوفـر أقـرب فـرصة .... وعـليه لم أكـن من هـواة السياسة التي تـوصف بأنها مُـفـسِـدة لكـل شيء ( والحـياة عـلـّـمتـنا أنّ السياسة فعلاً تـُـفـسِـد صداقة الحـميمين وتهـدم علاقة الطيـبـين ) كل ذلك بسبـب شـلة ــ بعـض ــ الإنـتهازيّـيـن ، ولكـن نرجع ونـقـول أن العـتـب هـو عـلى القادة الرئيسـيّـيـن حـين يحـيطـون أنـفـسهم بزمرة الفاسـدين اللـوﮔـيـيـن حـتى تـطول فـتـرة حـكمهم إلى يوم الـدين ، وهـذا الكلام ليس فـقـط للسياسيـيـن وإنما أيضاً للـدينـيّـيـن !.
ولهـذا لم أرغـب أثـناء وظيفـتي البسيطة أن تكـون لي كـلمة في السياسة ، كالتي يـدّعـيها صاحـبنا ﭼـبـيـر الـﮔـوم أبـو اليَعـني الـﭘـطرك لـويس الموقـر ، أسعـد الله بُـطـين قـلبه الأيسر (( بسعادة )) المعـبـود ، صَفـّى نيّاته بمنخـل معهـود ، شاء أم أبى فإنه مرصود ، سـواء كان في حالة وقـوف أم قعـود ، إنّ كـلمته في السياسة هي بعـينها فـساد مشهـود .
فـيما يلي ، مصطلحات لا تخـصني محـتـوياتها الآيـديولـوجـية ، سوى عـمومياتها الـتـنـظيمية المستقاة من هـذه أو تلك الـزوايا المخـفـية ...
الشيوعـية :
تـنـظيمها شبكي . تـخـطط للإنقـضاض عـلى السلطة بالسرعة الـثـورية الممكـنة مستخـدمة قـوتها الضاربة الرئيسية ( الطبقة الكادحة والجـنـدي البسيط ) للـوصول إلى أهـدافها بأسـلـوب الإنقلاب المفاجىء تصاحـبه إغـتيالات حـمقاء تـسفـك فـيها الـدماء وتـتـناثـر أجـساد الأبرياء ، ثم تـبـدأ بتغـيـيـر المؤسسات دون إستبطاء ، لـذا فإن المحـور المعـلن في تـنـظيماتها ، وأدبـياتها وشعاراتها وهـتافاتها هـو ــ العامل والفلاح ــ وليس مثـقـفها ومفـكـرها .
الماسونية :
تـنـظيمها خـطـّي . سرية للغاية ذات نـفـَـس طويل تمشي الهُـوَينا مع الـدليل ، وما يُـعـرض عـنها هـو رماد يُـذرّ في العـيـون بالقـليل ، أهـدافها بعـيـدة المدى تخـطط لهـدم الفـكـر الجـليل !! مبتـدئة بالـدين الرصين المتمثـل في المسيحـية وعـمودها الفـقـري ــ الكاثـوليكـية الأبـية ــ وبهـذا الشأن قال ثـيـودور هـرتـزل أحـد مؤسسي الصهـيونية السياسية : (( لـقـد إنـتـشرت المسيحـية ولا يمكـن إيقافها ، فـما عـلينا سوى تجـزئـتها إلى فـصائل مبعـثرة عـن طريق إنـشاء كـنائس متعـددة مخـتـلـفة الأسماء والتـوجّهات ! )) .... والسبب حـسب تحـليلـنا الشخـصي هـو ردّ فـعـلٍ تأريخي منطقي من جانب اليهـود عـن شعـورهم بالـذنب لصلـبهم المسيح ، والأقـوى من ذلك قـول أجـدادهم ــ دمه عـلـينا وعـلى أولادنا ــ فأولاد الـيـوم يخجـلـون مِن الفعـل المشين لآباء البارحة ! إنّ الماسونية والصهـيونية تهـتـزان عـلى مرجـوحة واحـدة مهما تـفـنـن الإعلام في التمـيـيـز بـينهما .
إن ستراتيجـية الماسونية هي نـبـذ كـل ما له صِلة بالفـكـر الأصيل ، من تراث راقي جـميل وتـقـلـيـد رفـيع من منابع الشرف سـلـيل ، وقِـيَم رصينة تستحـق الـتهـلـيل ، وذلك بهـدف تحـطيم كـيان الإنـسان من داخـله ــ وليس جـسـده ــ لتأتي بـهجـين بـديل ، قـذر ركـيـك طـفـيل ، يمحـوها من الـوجـود عاجلاً أم آجلاً إلى زمن طـويل .
إنّ الماسونية لا تعـتمد عـلى العامل البسيط ولا الفلاح المسكـين ( فلا ثـورة ولا بنـدقـية ! ) وإنما أداتها أناس ــ عـملاء ! يمكـنهم إتخاذ قـرارات نافـذة بعـد تـلـَـقــّـيهم تـوجـيهاً منها ــ إنهم الطبقة المفكـرة المثـقـفة والـواعـية تـتـبـوّأ مراكـز الـنـفـوذ والسلطة في المجالات السياسية والـدينية والأدبـية والإجـتماعـية والتعـليمية ، إنهم قادة المجـتمع ، يوجّهـون فـكـر أبناء الشعـب بعكس إتجاهه الموروث كي تـفـقـد أجـياله اللاحـقة إفـتخارَها بأصالة الأجـداد السابقة ! وتـُـميت عـنـد أبنائه روح الإعـتـزاز بعـطور الحـضارة العابقة ، إنها تـقـتـل روح الإنـسان لا الجـسـد !!!!! كل ذلك للـوصول إلى أهـدافها بلا عـنـف ولا شـرد ، وبالتالي تهـيمن عـلى الشعـوب من حـيث تـدري ولا تـدري بلا زهَـد .
لـقـد نـبّـهَـنا يسوع المسيح إلى هـؤلاء المخـربـين الهـدامين السـفـلة حـين قال : ((( لا تخافـوا الـذي يقـتـل الجـسـد ، بل الـذي يمكـنه قـتل الروح ))) ..........
وإذا سألـنا ، مَن يكـون مؤهلاً لعـضوية الماسونية ؟
الجـواب : إنه كـل مَن له سلطة التأثير الفـكـري عـلى المجاميع الـبشرية مثـل : ... الوزيـر ، الملك ، الشاعـر ، الكاهـن ، المحافـظ ، الإمام ، الأديب ، البطرك ، المترجـم ، المؤلـف ، الـفـنان ، مدير مؤسسة ، الـفـقـيه ، الكاردينال ، رئيس الحـزب ، المطران ، المرشـد الإجـتماعي ، الأستاذ الجامعي ، الرئيس ، المعـلم في رياض الأطفال ......
وقـد قـرأتُ منـذ زمن أن كاتباً كـُـلـّـفَ بإضافة جـملة واحـدة فـقـط إلى روايته ! وأنّ تلك الجـملة تكـفي (( لـتـشـويه الفـكـر الإنـساني )) ، فـتـترك أثـرها الهـدام في أدمغة الـقـراء ، لتـواصل مع الأجـيال اللاحـقة تحـطيم فـكـر النبلاء .
ولكي لا نظلم الكـثيرين ، قـد نـرى أحـدهم يُـنـفــّـذ أجـنـدات ماسونية بعـفـوية أو بتكـلـيف من رئيس دائرته الرسمية !! دون عِـلم أو رَويّة .... إن الله يغـفـر العـفـويّـين ويرحم الطائـشين .
وإستـناداً إلى تلك الأسس ، يمكـن للقارىء الـنبه رغـم عـدم تـوفـر دليل الإنـتـساب !!!!! أن يلاحـظ المعـطيات المتـوفـرة اليوم ويحـللها منـطـقـياً ، ثم يخـمّن ، مَن يمكـن أن يكـون ماسونياً ؟؟ ...... وكان الله يحـب المُخـمّـنين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق