وقور، كبير القلب، عفيف النفس، سخيّ العطاء، وقائد مقدام وشجاع. صاحب مواقف حازمة وصلبة تسندها عقيدة وطنية راسخة وإيمان روحي متوقّد وضمير مرهف الإحساس متجذّر في القيم والمبادئ السامية. نظره الحادّ والدائم الرصد والكاشف والفاحص والمنقّب والثاقب والدقيق يزوّد بصيرة تحلّل المعطيات وتتحرّى الحقيقة وتستقرئ العقول والنوايا وتستشرف الأحداث.
هو ضمير لبنان العفيف المنبثق من مخزون تراث بكركي المجبول بالتقوى والإيمان والجرأة والعنفوان والطافح بالمآثر المجيدة والمبادئ السامية والمواقف الوطنية الخافرة لسيادة لبنان والأمينة لرسالته وكرامة شعبه. حكمته وقوة حجّته وصدقه وثباته وطهارته أضفت وقاراً ومهابة على مكانته واستقطبت إحتراماً وإنصاتاً واستيعاباً وتأييداً لمواقفه. موجات نبضات قلبه صدمات زجرت وردعت المتهافتين على اغتصاب الكيان لكنها سرعان ما كانت تتحول موسيقى مهيبة تعزف نشيد تمجيد لبلاد الأرز.
البطريرك مار نصرالله بطرس صفير الكلّي الطوبى قائد ألمعيّ ثبّت دور سدّة البطريركية المارونية الوطني في حماية النظام اللببناني النموذجي المترسّخ في القيم الحضارية الإنسانية. إضطرام وهج تقواه وتفانيه ووقاره وفطنته صهر ذاته إكسيراً ينهل منه اللبنانيون الأبرار والأقحاح. لم تكن بكركي منصّته الوحيدة للإفصاح عمّا يعتمل في ضميره بل ولج المحافل العالمية مُبرزاً الكيان اللبناني كحصّة من الحضارة البشرية يستوجب صونه، فكانت الأنظار شاخصة والأسماع منصتة. أبرز ضخامة مجد لبنان لردع الأقزام المتطاولين عليه وضخّ الصلابة في عروقه وداخل وجدان كل لبناني أصيل وأوقد فيه شعلة العزّة، فانتظم الأحرار على إيقاع نبضه وأسلسوا لدقات قلبه كما يسلس الجنين والطفل لنبضات قلب أمه. ثقلت وطاة السنين على جسده فغادره إلى جوار الربّ لكنه تغلغل في أفئدتنا حيث تصدح في قرارتها أصداء خطبه التي ساهمت أمواجها في إجلاء احتلال جثم على صدر الوطن طويلاً. بطريركنا الجليل صقلت وجه لبنان لإبراز بهائه وجعلت كلامك بلسماً للمجروحين وسيفاً حادّاً يصدّ المعتدين. نبراس فضائلك دائم التوقّد يزخّم فينا التَّوق إلى حفظ لبنان ذخراً نفيساً ويبثّ فينا القوّة للإرتقاء به إلى أوج المجد والإزدهار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق