الأونروا ليست خصماً للاجئين/ علي هويدي

ارتبط تشكيل وكالة "الأونروا" وفقاً للقرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون أول/ديسمبر 1949 بعملية اقتلاع وطرد ثلثيْ الشعب الفلسطيني من أرضه وممتلكاته في العام 1948، ومن ثم ضرورة تأمين احتياجاته الإنسانية من الغذاء والدواء والكساء والإيواء والتعليم لبينما تتم عودة اللاجئين إلى ديارهم وفقاً لما نص عليه دور ومهام لجنة التوفيق الدولية حول فلسطين (UNCCP) التي تشكلت كجزء من القرار 194 لتاريخ كانون أول/ديسمبر 1948 الذي أكد على حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات.

وبهذا لا ينبغي للشاهد على جريمة التهجير التي تحولت إليه "الأونروا" أن يتوقف عن القيام بمهامه حتى يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى بيوتهم، وهذا يشمل الحاضرون المغيبون في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 وعددهم ما يقارب من نصف مليون فلسطيني مهجر.

استهداف وكالة "الأونروا" المنظم والممنهج الذي تقوده الإدارة الأمريكية والكيان الإسرائيلي المحتل لا يقل أهمية عن إستهداف أي من ملفات القضية الفلسطينية الأخرى، سواء الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، أو انتقال السفارة الأمريكية إلى القدس، أو قانون القومية اليهودي الإحلالي والعنصري، أو تهويد القدس أو محاولات ضم الضفة الغربية والأغوار.. وبالتالي عملية مواجهة استهداف الوكالة يجب ألا تقل عن مواجهة أي من الملفات الأخرى.

منذ إطلاق ما يسمى بعملية التسوية في مؤتمر مدريد عام 1991، ولم تتوقف حكومات العدو الإسرائيلي المتعاقبة والإدارة الأمريكية عن السعي لإنهاء عمل "الأونروا"، وتحويل قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى ملف حالات اللجوء التي حدثت وتحدث بسبب الكوارث الإنسانية والعوامل الطبيعية.. ووصلت ذروتها مع مجيئ ترامب إلى الرئاسة الأمريكية وتخصيص الجزء رقم 16 من ما تسمى بـ "صفقة القرن" لتقديم "حلول" التفتيت والتجزئة لقضية اللاجئين الفلسطينيين وداعياً لإنهاء عمل الوكالة.

يُخطئ استراتيجياً من يعتقد بأن وكالة "الأونروا" هي خصم للاجئين الفلسطينيين، وهي التي يوضع الخطط ليل نهار لاجتثاثها والقضاء عليها. قرار إنهاء عمل وكالة "الأونروا" كما فسره نتنياهو، يعني إنهاء لحق عودة على الأقل لأكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في سجلات الوكالة لهم الحق في العودة إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم، وهو الحق الثابت الذي لا يسقط بتقادم الزمن، كما الحق في القدس وكامل فلسطين.

بهذا المعنى لا يمكن اعتبار وكالة "الأونروا" خصماً للاجئين، إذ يكفي عملية الاستهداف بان يترأسها نتنياهو شخصياً والرئيس الأمريكي ترامب ومجموعة الطاقم الرئيسي الذي يعمل معه سواء من كان أو من هو موجود حالياً (نيكي هيلي، جون بولتون، جيمس غريمبلانت، كوشنير وغيرهم).  

هجمة نتنياهو - ترامب على الوكالة تأتي ضمن استراتيجية متعددة الوسائل والأدوات والتي يجب أن نعيها وأن تبقى حاضرة دائما وهي تشمل،:

أولاً: الدفع الدائم باتجاه تقليص الدعم للموازنة العامة للوكالة وهو ما يحدث حالياً مع وصول العجز المالي للأونروا لسنة 2020 إلى ما يقارب من مليار دولار وهو ما لم يحصل منذ إنشاء الوكالة في العام 1949.

 ثانياً: فرض شروط على أوجه صرف المساهمات المالية المقدمة من المانحين.

ثالثاً: ضغط على "الأونروا" لتقليص الخدمات كماً ونوعاً وهو الملحوظ وبشكل لافت، وتحديداً منذ مطلع العام 2017 (وصول ترامب إلى الرئاسة)، وصلت إلى مرحلة فصل موظفين، وتراجع في تقديمات خدمات الصحة والتعليم والإغاثة والبنى التحتية للمخيمات، وصولاً للحصول على قرض بقيمة 30 مليون دولار في تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2019 من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) لدفع رواتب للموظفين، وحالياً لا رواتب لـ 33 ألف موظف لشهر تموز/يوليو 2020 في مناطق عملياتها الخمسة إن لم يتم توفير المبالغ المطلوبة.

رابعاً: ضغط وإغراءات مالية لنقل مسؤوليات "الأونروا" الى الدول المضيفة للاجئين، وتحديداً الأردن ولبنان والدفع باتجاه التوطين وإنهاء حق العودة.

خامساً: تحميل الدول العربية وخصوصاً الخليجية مسؤولية تمويل "الأونروا"، وبالتالي "التحلل" من المسؤولية الدولية تجاه اللاجئين من خلال الوكالة وإلقاء تبعاتها على الدول العربية، وعملياً رفع مسؤولية تهجير واقتلاع اللاجئين عن الكيان المحتل.

سادساً: تشجيع ودعم مؤسسات محلية وإقليمية ودولية غير حكومية، للقيام بمهمات من اختصاص "الأونروا" أصلاً، تعليمية أو صحية أو إغاثية كما جرى ويجري وعلى سبيل المثال لا الحصر في مكافحة جائحة كورونا في مخيمات وتجمعات اللاجئين، والتي تعتبر من المهام الأساسية لعمل الوكالة لا سيما فيما يتعلق ببرنامج الصحة والإغاثة وهو ما تتصدره مؤسسات مجتمع مدني بالإضافة إلى فصائل فلسطينية، وتدخّل الوكالة لا يرقى إلى المستوى المطلوب وفقاً للإحتياجات.  

سابعاً: وهو محور عنوان مقالنا، بالترويج لفكرة أن وكالة "الأونروا" هي خصم للاجئين نتيجة بعض المواقف غير المقبولة والمرفوضة التي تصدر نتيجة خلل ما في الأداء، سواء على مستوى الإدارة والتخطيط أو تنفيذ بعض البرامج..، وبأن الوكالة لا تتمتع بالكفاءة اللازمة، وزعزعة الثقة فيها، وتسخير أدوات للعبث فيها سواء من داخلها أو من خارجها.

ولهذا نتيجة ما تتعرض له الوكالة من ضغوط، تحتاج منا على مستوى القوى والفصائل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني واللجان الشعبية والأهلية والمتضامنين عموماً..، إلى التوعية حولها وحمايتها والحفاظ عليها من خلال المتابعة الدائمة والتقويم والتصويب وتقديم النصح والإرشاد سواء على المستوى الإداري، أو الصرف المالي والمواجهة السلمية إذا اقتضت الضرورة في سبيل الإصلاح..، وأن توضع عملية الإستهداف المنظم والمنهجي للوكالة بمستوى خطورة استهداف باقي ملفات القضية الفلسطينية والحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، والذي يجب أن يُواجه بالقوة نفسها التي يواجه فيها قرارات إستهداف القضية الفلسطينية الأخرى.

مواجهة قرار تصفية الوكالة لا شك يساعد على إفشال ما يجري التخطيط والترتيب له من تصفية للقضية الفلسطينية وفي مقدمته تهويد القدس وشطب حق العودة وتوطين اللاجئين، لذلك الخصومة يجب أن تُوجه لمن يروج لفكرة أن وكالة "الأونروا" هي خصم للاجئين، وتوجيه الخطاب لمن يحاول أن يُفرغ الوكالة من مضمونها كتعبير للمسؤولية السياسية للمجتمع الدولي تجاه قضية اللاجئين.

*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

التّعليم بين رسوليّة المعلّم وتفكيريّة الطّالب/ مادونا عسكر

يقول جبران خليل جبران: "من علّمني حرفاً كنت له عبداً". ولعلّ الصّحيح أن يقال: "من علّمني كيف أفكّر". فبناء الإنسان بالدّرجة الأولى يفترض تعليمه كيفيّة التّفكير المرافقة بشكل أساسيّ لتعليم الحرف. ولكي يتمكّن الإنسان من سبر أغوار الحرف فلا بدّ من أن يتعلّم كيف يفكّر. ما لا نراه غالباً في مجال التّعليم. فالمعلّم يلقّن الدّرس وحسب دون أن يعلّم الطّالب كيف يفكّر. وكأنّ الطّالب وعاء يسكب فيه المعلّم معلومات ثمّ يطلب من التّلميذ أن يحفظها ثمّ يردّدها في امتحان ما، ليبدأ التعليم وينتهي بين هذين الطّرفين، التلقين والامتحان. ما يسبّب خمولاً للعقل على مستوى إنسانيّة الطّالب، فيتدرّب على التّلقّي بمعزل عن الجدل الذّهني واستفزاز السّؤال لدى الطّالب.
إنّ عمليّة بناء الفكر أشدّ صعوبة من تعليم الحرف، ودور المعلّم بناء الفكر، ولا يقتصر عمله على التّلقين وإلّا لما قلنا إنّ التّعليم رسالة. ولكلّ إنسان فكره، ومن المهمّ الاهتمام بتعليمه كيف يفكّر، وكيف يتلقّى، وكيف يطبّق ما تلقّاه وكيف يستعيده ذهنيّاً. لذلك فأوّل خطوة في التّعليم هي بناء الفكر وتدريبه على منهجيّة التّفكير. 
والخطوة الأولى في هذا البناء تبدأ في الفصول حيث ينبغي على المعلّم أن يشرح للطّالب ماهيّة المادة الّتي يتلقّاها ولماذا وجب أن يدرسها مع شرح ولو باختصار عن أهمّيّة هذه المادّة أيّاً كانت. غالباً ما يسأل الطّلاب لماذا نتعلّم هذه المادّة أو تلك؟ وما فائدتها؟ فهو يجتهد في درس هذه المواد بغض النّظر عن أهمّيّتها، ومطلوب منه أن يحصّل أعلى الدّرجات وإلّا كان فاشلاً أو كسولاً. وبالتّالي فأهمّيّة أن يعرف التّلميذ أو الطّالب أهمّيّة المواد الّتي يدرسها وسبب دراستها وهدفها منوط بالمعلّم. فلا يكفي أن ندرّس المادّة بل ينبغي أن نشرح أهمّيتها بمقدّمة بسيطة تساعد التّلميذ على محبّتها ورؤية أهمّيتها على المدى البعيد. يجب أن يعرف التّلميذ لماذا يدرس اللّغة الرّسميّة واللّغة الثّانية والحساب والتّاريخ والجغرافيا والعلوم والرّياضيّات والفلسفة والأدب... وإلّا كيف نحفّز في داخله الرّغبة في التّعلّم، وكيف نطلب منه أن يحبّ مادّة لا يعرف لماذا يدرسها؟ لا ضير في أن يشرح المعلّم للطّالب أهمّيّة التّاريخ ولماذا تجب معرفته ولا بأس بالخروج الذّكيّ عن بعض أكاذيبه ولا بأس بشيء من الخروج عن مضمون المادّة وتعليمه من خلال التّاريخ بناء المستقبل. ولا ضير في أن يعرّف المعلّم أهمّيّة الجغرافيا الّتي صارت في أغلب مناهجنا تاريخاً قديماً وتسليط الضّوء على أهمّيّتها من حيث بناء الحضارة. وبهذه العمليّة نستفزّ ملكات الطّالب من جهة ومن جهة أخرى نوجّهه نحو بناء مستقبله من خلال اختيار المادّة الّتي يريد أن يتخصّص بها. 
قد يقول قائل إنّ المناهج المدرسيّة لا تسمح بذلك، والوقت المخصّص لكلّ مادّة لا يتّسع لهذا الشّرح. وأقول إنّ المعلّم الرّسول سيّد الفصل وعليه أن يكون سيّد الوقت وسيّد المنهج. وإذا كانت مناهجنا لا ترتقي إلى مستوى التّعليم المطلوب فمهمّة المعلّم الرّسول أن يجدّد المنهج بما يتاح بدل الشّكوى والخمول والانتظار. فبانتظار تغيير المناهج أو تعديلها ثمّة إنسان يُبنى وسيخرج إلى المجتمع فارغاً فلا نسألنّ بعدُ عن سبب تدهورنا وجهلنا المقيت. وقد يقول قائل إنّ هذه الأمور ترهق المعلّم، وكأنّ المطلوب ما فوق طاقته، إلّا إنّ التّعليم الرّسالة بناء ضخم أساسه معلّم مثقّف يتطلّع إلى أشخاص لا إلى آلات تجترّ الموادّ. 

تجلّيات اللغة في القصيدة السرديّة التعبيريّة: لغة المرآيا والنصّ الفسيفسائي/ كريم عبدالله

شمس العيد – للشاعر : محمد محجوبي/الجزائر .

يقول سركون بولص : ونحن حين نقول قصيدة النثر فهذا تعبير خاطىء , لأنّ قصيدة النثر في الشعر الأوربي هي شيء آخر , وفي الشعر العربي عندما نقول نتحدث عن قصيدة مقطّعة وهي مجرّد تسمية خاطئة , وأنا أسمّي هذا الشعر الذي أكتبه بالشعر الحرّ , كما كان يكتبه إليوت و أودن وكما كان يكتبه شعراء كثيرون في العالم . واذا كانت تسميتها قصيدة النثر , فأنت تبدي جهلك , لأنّ قصيدة النثر هي التي كان يكتبها بودلير ورامبو ومالارميه , أي قصيدة غير مقطّعة . من هنا بدأنا نحن وأستلهمنا فكرة القصيدة / السرديّة التعبيريّة / بالأتكاء على مفهوم هندسة قصيدة النثر ومن ثمّ التمرّد والشروع في كتابة قصيدة مغايرة لما يُكتب من ضجيج كثير بدعوى قصيدة نثر وهي بريئة كل البراءة من هذا الاّ القليل ممن أوفى لها حسبما يعتقد / وهي غير قصيدة نثر / وأبدع فيها ايما ابداع وتميّز , ونقصد انّ ما يُكتب اليوم انما هو نصّ حرّ بعيد كل البُعد عن قصيدة النثر . انّ القصيدة السرديّة التعبيريّة تتكون من مفردتي / السرد – التعبير / ويخطيء كثيرا مَن يتصور أنّ السرد الذي نقصده هو السرد الحكائي – القصصي , وأنّ التعبير نقصد به الأنشاء والتعبير عن الأشياء . انّ السرد الذي نقصده انما هو السرد الممانع للسرد أي انّه السرد بقصد الأيحاء والرمز والخيال الطاغي واللغة العذبة والأنزياحات اللغويّة العظيمة وتعمّد الأبهار ولا نقصد منها الحكاية أو الوصف, أما مفهوم التعبيريّة فأنّه مأخوذ من المدرسة التعبيريّة والتي تتحدث عن العواطف والمشاعر المتأججة والأحاسيس المرهفة , اي التي تتحدث عن الآلآم العظيمة والمشاعر العميقة وما تثيره الأحداث والأشياء في الذات الأنسانيّة . انّ ما تشترك به القصيدة السرديّة التعبيريّة وقصيدة النثر هو جعلهما النثر الغاية والوسيلة للوصول الى شعرية عالية وجديدة . انّ القصيدة السرديّة التعبيريّة هي قصيدة لا تعتمد على العروض والأوزان والقافية الموحّدة ولا التشطير ووضع الفواصل والنقاط الكثيرة او وضع الفراغات بين الفقرات النصيّة وانّما تسترسل في فقراتها النصيّة المتلاحقة والمتراصة مع بعضها وكأنّها قطعة نثريّة . أنّ القصيدة السرديّة التعبيريّة هي غيمة حبلى مثقلة بالمشاعر المتأججة والأحاسيس المرهفة ترمي حملها على الأرض الجرّداء فتخضّر الروح دون عناء أو مشقّة .

وسعياً منّا الى ترسيخ مفهوم القصيدة السرديّة التعبيريّة قمنا بأنشاء موقع الكترونيّ على ( الفيس بوك ) العام 2015 ,اعلنا فيه عن ولادة هذه القصيدة والتي سرعان ما أنتشرت على مساحة واسعة من أرضنا العربية ثم ما لبثت أنّ انشرت عالمياً في القارات الأخرى وأنبرى لها كتّاب كانوا أوفياء لها وأثبتوا جدارتهم في كتابة هذه القصيدة وأكّدوا على أحقيتها في الأنتشار وأنطلاقها الى آفاق بعيدة وعالية . فصدرت مجاميع شعرية تحمل سمات هذه القصيدة الجديدة في أكثر من بلد عربي وكذلك مجاميع شعرية في أميركا والهند وافريقيا واميركا اللاتينية وأوربا وصار لها روّاد وعشّاق يدافعون عنها ويتمسّكون بجماليتها ويحافظون على تطويرها .

سنتحدث تباعاً عن تجلّيات هذه اللغة حسبما يُنشر في مجموعة السرد التعبيري – مؤسسة تجديد الأدبيّة – الفرع العربي , ولتكن هذه المقالات ضياء يهتدي به كل مَنْ يريد التحليق بعيدا في سماوات السردية التعبيرية .

لغة المرآيا والنصّ الفسيفسائي

هنا نجد قاسما مشتركا تدور وتتمحور حوله فقرات نصّية مختلفة التعابير والرؤى , فمن خلال هذه التعابير نجدها جميعا أخذت دور المرآة الواحدة التي تعكس لنا مظاهر هذه الثيمة ألا وهو ( العيد ) , فكأنّ هذا الربيع صار شمساً ومن حوله تدور هذه الفقرات النصيّة , وهذا يعني بأنّ الشاعر طرح فكرة ( العيد ) بتراكيب لفظية مختلفة , فكان بأستطاعتنا أن ننظر من خلال هذه التراكيب اللفظية الى ( العيد ) من زويا مختلفة , وهذا يعني بأنّ هناك زوايا متعددة يمتلكها هذا النصّ , وأنّ النظر الى كل هذه الزوايا سيجعلنا نراها وقد أصبحت تراكيب ملوّنة تشبه الفسيفساء , وكلّ تركيب أو فقرة نصّية صارت وكأنّها مرآة تعكس لنا هذه الثيمة ( العيد ) بطرق مختلفة ومتعددة , لذا يمكننا هنا أن نصف هذه اللغة بلغة المرآيا والنصّ بالفسيفسائي . فالفسيفسائية هي أن تتلوّن العبارة في جانب منها متقارب , ويكون بينها قاسم مشترك واحد واضح وجليّ , فتكون كل عبارة هي مرآة لعبارة أخرى في النصّ .

لقد أختار الشاعر عنواناً توصيليّاً موحياً من خلاله الى طريقة معالجته لفكرة ( العيد ) , فجعل لهذا ( العيد ) شمساً تدور في سماء الجمال والابداع والشعر , شمساً مشرقة من خلال لغته السرديّة التعبيرية , وأنزياحاتها المدهشة , وتدفق اللغة العذبة , والصور الشعرية الزاخرة بالجمال والغرابة , والخيال المنتج . لقد جاء النصّ عبارة عن ثلاثة مقاطع نصّية , كلّ مقطع فيه يعكس صورة معينة لهذا ( العيد ) , اي انّ النصّ أصبح كمرآة تعكس لنا صوراً متعددة عن فكرة وموضوع ( العيد ) , فلو نظرنا الى هذا النصّ فسنجده متعدد الزويا , وأن تراكيبه النصّية أصبحت كأنّها تراكيب فسيفسائيّة , كلّ تركيب أصبح وكأنّه مرآة . في هذا النصّ نجد أنظمة لغوية متعددة متناسقة متناغمة فيما بينها , ولغة تعبيرية عميقة مشتركة في هذه المقاطع النصّية , وتعدد في الرؤى والأفكار والمعنى . أننا أذاً أمام ثلاث مرايا نستطيع من خلالها رؤية وتلمّس هذا ( العيد ) .

الفسيفسائيّة المعنويّة : لقد تحققت المرآتيّة المعنوية من خلال هذا المقطع النصّ/ تستشعر الأرض وهجها الدفاق تسابيح الضياء . تتلاقح الأرواح فيضها المكبوت صبيب الحب . يمتع شلال الإيمان . العيد مشكاة الفرح غفران . هو الينبوع من صفائنا المشاع لو تسامى بنا خيط الوصال عفوية عناقنا الحار فنستمتع اللحن صبابات تتغنى بها طيور نمقت أسرابها مروج التسامح هو العيد شحنة بديعة يكنها نخيل الأجيال ما يربو عن عطر وطلع يجلجل تكبيرا .

2 - الفسيفسائيّة التعبيريّة : وتحققت من خلال هذا المقطع النصّي /
سنبقي فينا متعة الصفوف ذكرا وقرآنا . سنصبو عنفوان ربيعنا الفاره إشراقا بيننا لغة التخافت محمدا مصباح الليالي . كما تتعاظم أفراحنا المتخمة الهلال . كما تزهو بنا المرايا الخفية الابتهال على وجوهنا نعمة الله المضيئة .

3-  الفسيفسائيّة الأسلوبيّة : وتحققت من خلال هذا المقطع / فهل تحين الملاحم من كهوف سباتنا مزدهرة البساتين ؟؟
وهل ننبت من رماد وركام أمة ركازها من زخم التوحيد فرادى وزرافات ننشد الشمس راية لخير العالمين .

لقد حقق هذا النصذ تجلّي واضح وعميق للفكرة التي طرحها الشاعر هنا , من خلال تعدد تراكيبه النصّية وتعدد الصور في نسيجه الشعري , وهذا ما جعل من النصّ عبارة عن قطعة فسيفساء متوهّجة , جميع فقراته النصّية تتجه نحو بؤرة واحدة وهي ( العيد ) . لقد أنطلقت لغة المرآيا في هذا النصّ من معنى واحد وبوحدات نصّية متعددية , وبمعنى آخر وحدة المعنى وتعدد الألفاظ . لقد أصبح لدينا داخل هذا النسيج الشعري تناصات متكررة , غايتها أبراز وتجلّي لفكرة واحدة وهي (  العيد ) .

لقد كات الشاعر بارعاً في لغته السرديّة التعبيريّة , واستطاع من خلالها أن يرسم لنا صورة معبّرة عن لغة المرآيا والنصّ الفسيفسائي , وان يضيف اضافة جديدة الى جمالية اللغة السرديّة التعبيرية , اضافة تستحق كلّ التقدير والأعجاب .

شمس العيد

تستشعر الأرض وهجها الدفاق تسابيح الضياء . تتلاقح الأرواح فيضها المكبوت صبيب الحب . يمتع شلال الإيمان . العيد مشكاة الفرح غفران . هو الينبوع من صفائنا المشاع لو تسامى بنا خيط الوصال عفوية عناقنا الحار فنستمتع اللحن صبابات تتغنى بها طيور نمقت أسرابها مروج التسامح هو العيد شحنة بديعة يكنها نخيل الأجيال ما يربو عن عطر وطلع يجلجل تكبيرا .

سنبقي فينا متعة الصفوف ذكرا وقرآنا . سنصبو عنفوان ربيعنا الفاره إشراقا بيننا لغة التخافت محمدا مصباح الليالي . كما تتعاظم أفراحنا المتخمة الهلال . كما تزهو بنا المرايا الخفية الابتهال على وجوهنا نعمة الله المضيئة .

فهل تحين الملاحم من كهوف سباتنا مزدهرة البساتين ؟؟
وهل ننبت من رماد وركام أمة ركازها من زخم التوحيد فرادى وزرافات ننشد الشمس راية لخير العالمين .

محمد محجوبي/الجزائر


حادي الوطن والحرية راجح السلفيتي في ذكراه الثلاثين/ شاكر فريد حسن

مضى ثلاثون عامًا منذ أن احتضن الثرى الفلسطيني جثمان الشاعر والزجال الشعبي، حادي الوطن والحرية، راجح السلفيتي(أبو احمد).

 وللسلفيتي الباع الطويل في ميادين الزجل والشعر الشعبي المحكي والقصيدة العامية، منذ عهد الانتداب البريطاني وحتى الاحتلال، شريكًا للناس في أفراحهم وأتراحهم وهمومهم اليومية ونضالاتهم. عرفته ساحات وميادين وبيادر القرى الفلسطينية في حفلات زفاف خيرة أبنائها، وعرفته ليالي السجون والزنازين المعتمة الطويلة والمملة، وعرفته مخيمات واعراس العمل التطوعي في الناصرة، ومهرجانات الثقافة والفن واحتفالات العمال في أول أيار وأروقة الجامعات. فهو صوت الشعب الفلسطيني وروحه الوطنية الأصيلة الوثابة على امتداد مسيرته الكفاحية منذ ثورة العام 1936، وحامل هموم الناس البسطاء والفقراء، وأبداعه مرتبط بالانخراط في قضايا الشعب الوطنية التحررية.

راجح السلفيتي من مواليد بلدة سلفيت العام 1921، كانت اهتماماته الاولى بالغناء مستمدة من المرحومة والدته، منذ طفولته المبكرة، عندما كان يرخي أذنه لها وهي تغني لأخوته الصغار وتهدهدهم، ومن بين ما كانت تغنيه لهم " عذب الجمال قلبي يوم نوى ع الرحيل ".

وفي العام 1929 كان عمر الراجح يقارب الثامنة فأرسله أبواه لمدرسة القرية عند الشيخ نافع مسمار، الذي كان له الفضل في تحفيظ الأطفال الأغاني الوطنية وتاريخ فلسطين والأخطار المحيطة بها، مما أسهم في تعميق ملكة الشعر وحبه لدى راجح الطفل في حينه.

أما أول ممارسات وتجارب الراجح لهذه الهوايات فتعود إلى الثلاثينات من القرن الماضي، وكانت أولى القصائد التي حفظها تلك التي قيلت في رثاء الشهداء محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير، الذين اعدمتهم سلطات الانتداب في السابع عشر من حزيران العام 1936. وقد قيل الكثير في رثائهم من قصائد، أشهرها " الثلاثاء الحمراء " للشاعر إبراهيم طوقان.

حفظ راجح الكثير من الأشعار وكان يرددها أمام نساء الحي بحضور والدته ويلقى تشجيعهن، لكن هذا النبوغ المبكر أصيب بنكسة عرقلت تطوره ونموه. ففي العام 1933 توفي والده فاضطر راجح ترك المدرسة ليجد نفسه أبًا لأخوته الستة، وبعد أحد عشر شهرًا اكتملت فجيعته بوفاة والدته لتكبر همومه ليدخل سوق العمل. وفي العام 1937 تزوج، وبعد أشهر من زواجه التحق في صفوف الثورة ضمن فصيل عارف عبد الرزاق وحمد زواتا، ليعود بعد فترة لبلده سلفيت. وفي أيام الثورة كان يشارك في الغناء والدبكة في القرى والبلدات التي كان يدخلها فصيله.

وراح راجح السلفيتي بعد ذلك يغني في الأعراس والأفراح في سلفيت وجوارها، وبزغ نجمه وذاع صيته حتى ان أهل بلده كانوا يقولون : " العرس ما بيعمر في سلفيت إذا بكنش راجح فيه ".

شارك راجح في حرب 48 وجرح في سلمة، وكان وقتها ينشد للأرض والبيارات وللحاج أمين الحسيني. وفي العام 1949 تعرف بالشيوعيين والتزم معهم وكان واحدًا منهم.

وفي العام 1957 اضطر راجح للتخفي والهرب والعيش في المنفى حفاظًا على حياته، وخلال ذلك توفيت زوجته، ثم عاد للوطن بعد نكسة حزيران، رافضًا مرارة الهزيمة والمنفى قائلًا :

اللي على شعبه لبس جلد الهصور

              مثل الحصيني انسل على الباذان

وفي العام 1974 طالته وشملته الاعتقالات الإدارية من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي، وغمد في سجن نابلس حتى أفرج عنه بعد انتخابه عضوًا في بلدية سلفيت، وكان ذلك بمثابة تكريم له واعترافًا بدوره فيها، وشكلت قصائده في السجن روائع حقيقية في الادب الشعبي.

وفي السابع والعشرين من أيار العام 1990 وافته المنية تاركًا وراءه سيرة كفاحية ونضالية مضيئة ومشرفة، وإرثًا شعريًا وطنيًا وطبقيًا ملتزمًا بالهم الجماعي الفلسطيني والإنساني، والقضايا الوطنية المصيرية.

ويعتبر سجل السلفيتي الزجلي سواء في المناسبات الخاصة أو العامة، سجلًا تاريخيًا لمعاناة شعبه وآلامهم وعلامات في طريق نضالاتهم، وأزجاله وأهازيجه الشعبية كانت هتافات في المظاهرات، وشعارات سياسية، وفي بعضها تحس أن نبض القصيدة هو تحليل سياسي وبوصلة لنضال وكفاح ومقاومة الشعب في سبيل الحرية والاستقلال.

ولراجح السلفيتي ديوان " زجليات " كان قد صدر عن دار الأسوار في عكا لصاحبها ومؤسسها الناشر الصديق يعقوب حجازي، وقدم له الشاعر الراحل سميح القاسم، وضم بين دفتيه باقة من أشعاره بمختلف الموضوعات والأغراض الشعرية، ومضامينه تقدمية، واضحة المعالم والأفكار، وذات طموحات وتطلعات إنسانية على الصعيد الشخصي والجماعي، تؤكد التصاقه والتحامه بالكل الفلسطيني، وطنًا وشعبًا، ولا يمكن لأي قوة مسلحة ثنيه عن حبه لوطنه وشعبه ومجتمعه. والوضوح من أبرز سمات شعره، ليس وضوح الكلمات والمعاني فحسب، وإنما وضوح المواقف الوطنية والرؤى الطبقية. فراجح ينتمي لطبقة العمال والفلاحين، ويعبر عن انتمائه بالغناء والانتصار للفئات المسحوقة الغلبانة، ويعلن تمسكه بهويته الوطنية الفلسطينية، وحرصه عليها أكثر من حرصه على روحه، ويدعو للوحدة الوطنية والوحدة العربية والحرية ومقاومة المحتل، ويشيد بالمرأة الفلسطينية ومواقفها ونضالاتها، ويصور حبه لبلاده وأرضه وداره، وذلك بقوله :

بلدي بجمالها وسحرها      حلوة   بشمسها  وقمرها

من دمّي رويت شجرها    وخضبت ترابها وحجرها

جنة اللـه بعلاليها          مع     ثمرها    وجوارها

لو فتحت لي مصراعيها   وقال لي الخالق أخلد فيها

إن ما لقيتش وطني فيها   لقول لو   عالنار  ارميني

ما في جنة بتلهيني        عن  غرامي     بفلسطيني 

راجح السلفيتي بكل ما كتبه وقاله من أشعار وازجال شعبية كان شاعرًا صادقًا، وفي شعره حرارة وهو يقاوم ويرفض الهزيمة والموت والاحتلال، وكتاباته مرآة تنعكس عليها الهموم والآلام والعذابات والأوجاع التي يعانيها شعبه تحت نير الاحتلال.

وسيظل راجح السلفيتي (أبو احمد)، رغم غيابه ورحيله جسدًا، خالدًا مخلدًا في ذاكرتنا وثقافتنا الوطنية الشعبية الفلسطينية.


مقابلة مع جان بول سارتر حول الأدب والفلسفة/ ترجمة وتمهيد د زهير الخويلدي


"لم أفهم أبداً الأدب إلا من حيث هو مشاركة في العالم... إذا لم يكن كل شيء، فإن الأدب ليس شيئًا... لذا لا يوجد أدب واضح ، ولكنه في عمق العالم"

تمهيد:

اذا كانت الفلسفة نخبوية بالأساس وتتكلم بلغة مفهومية مجردة صعبة القراءة والتقبل وتتحرك ضمن فضاء أكاديمي وتعيش في برجع عاجي منغلق على ذاته فإن الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر وجد لها الحلول والوسائط البيداغوجية الضرورية لكي تتجاوز أسوار الجامعات وتصل الى الجمهور وتكسب الكثير من القراء والمتابعين من خلال تكلمها لغة الأدب والمسرح وتخترق الثقافة الشعبية عن طرق النقد والالتزام والتطرق الى قضايا الناس والتفكير في شؤونهم اليومية وتقدم حلولا ملموسة لمشاكلهم الفعلية.

الترجمة:

يتحدث جان بول سارتر عن عمله الدرامي والأدب الملتزم والانقسام بين الأفعال والإيماءات. "باسم ماذا تقاتلون من أجل أي أهداف محددة؟" جان بول سارتر يستجيب للشباب. لقد تجاوزت احتباسات دالتونا Sequestrés d'Altona مائة عرض في مسرح عصر النهضة. إن نشر المسرحية  هو أيضًا نجاح نادر لعمل مسرحي. تحتوي مجلة كراسات حرة للشبيبة ، وهي مجلة جديدة ومتعاطفة ، ينشرها الطلاب وتلاميذ المدارس الثانوية ، وهم أعضاء حقيقيون في جيل "الموجة الجديدة" ، في عددها الأول على مقابلة طويلة مع جان بول سارتر حول الدراما والفلسفية و السياسات التي تواجه الكاتب المعاصر. بإذن من هذه المجلة ، نقدم هنا مقتطفات كبيرة جدًا.

جاك آلان ميللر: مسرحك بأكمله يطرح مشكلة الممثل ، أي أنه يجعلك تدرك أن كل انسان ممثل ، وكل ممثل انسان. برأيك ، ما هي عواقب هذا الموقف على المترجمين الشفويين لديك؟ وهل تسمح لهم بالتزامن مع شخصياتهم أم تجبرهم على الابتعاد عنها؟

جان بول سارتر: يعتمد الأمر قليلاً. في رأيي ، يجب أن يتراجعوا عن شخصياتهم ، ويجب أن يكونوا انعكاسيين ، ولا يتطابقوا أبدًا ، ولا يتم الخلط بينهم وبين البطل. من الجيد أن يشعر الممثل الفاعل. لكن بعض الممثلين ، حتى الجيدين جدًا ، يبذلون كل ما لديهم ، وعندما يلعبون ، فإنهم يعتقدون ما يلعبونه. إنهم يعيشون أدوارهم. ينسون أن المسرح ليس أبداً حياة. يشعر الآخرون ، على العكس من ذلك ، أنهم يلعبون شخصية مختلفة عن أنفسهم ، ويشعرون أنهم ممثلون. فيما يتعلق بقطعتي ، هناك فنانان يتطابقان تمامًا مع ما أريده ، وقد أعطيا دائمًا هذا البعد: أحدهما هو فيتولد Vitold ، والآخر روجياني Reggiani.

جاك آلان ميللر: هذا المفهوم للممثل يؤدي إلى فلسفتك.

جان بول سارتر: لطالما جادلت بأنه من الصعب للغاية التمييز بين دور الوظيفة والجودة. في الوجود والعدم ، أوضحت أنه من أجل أن أكون نادلًا نلعب الوجود ، وأن الاثنين لم يتم تمييزهما. لا يوجد أي سلوك ليس في نفس الوقت لعبة لا تحتوي على عناصر مرحة. حتى بالنسبة لأخطر الرسامين، إلى الحد الذي يختارون فيه ألوانهم ، وتجار الألوان ، إلى الحد الذي لديهم عادات في الرسم ، يلعبون ، يحاولون تحقيق ما لن يكونوا أبدًا ، الرسامين.

جاك آلان ميللر: هذه المشكلة في مركز كين. لكنه يظهر أيضًا في مبيعات الذباب والشيطان والاله الطيب وهيجو، وغويتز. أما فرانتز فهل متفرجوها هم السلطعون؟

جان بول سارتر: بطبيعة الحال. السلطعون هو جمهوره الأول. وفرانتز دائما في سوء نية تجاههم. لا يقول لهم الحقيقة أبداً. عندما يعترف لنفسه بماضيه ، وعندما يعترف بأنه عذب فعلاً ، فإن السلطعون لا يوجد هناك أبداً. يخفي عنهم ، يحاول أن يظهر لهم بخلاف ما هو عليه حقًا. إنه ماكر ، يتظاهر بهم.

جاك آلان ميللر: عنصر آخر في مسرحك هو نغمة شكسبير ، خاصة في والشيطان والإله الطيب والاحتباسات. ألا تعتقد أن الفشل في انتقاد مورتس بلا قبور ونيكراسوف يرجع إلى حقيقة أنك أهملت المزج بين الدرامي والكوميدي؟

جان بول سارتر: سأخبرك بصراحة: حتى الموتى بدون دفن ، أعتقد أنها قطعة مفقودة. في الأساس ، تعاملت مع موضوع لم يكن هناك إمكانية للتنفس فيه: تم تحديد مصير الضحايا مقدمًا بشكل مطلق ، ولا يمكن لأحد أن يفترض أنهم سيتكلمون ، لذلك ، لا تشويق ، كما نقول اليوم. كنت أقوم بتنظيم الناس بمصائر واضحة المعالم. هناك احتمالان في المسرح: احتمال المرور والهروب. كانت البطاقات على الطاولة بالفعل. إنها غرفة مظلمة للغاية ، وليس من المستغرب. كان من الأفضل أن نجعلها رواية أو فيلم. النقاد لم يرحبوا بهذه القطعة ، كنت على حق.

جاك آلان ميللر: ونكراسوف؟

جان بول سارتر: قطعة نصف مفقودة. كان ينبغي أن نركز على الصحيفة ، وليس على المحتال الذي لا يهمه في حد ذاته. كان من الأفضل أن تظهر أنها عالقة في معدات الصحيفة. ولكن لم يكن هذا فقط ما اعتبره النقاد المسرحية سيئة. هاجمت الصحافة ، هاجمت الصحافة. رد فعل طبيعي تماما. لا أعرف ماذا كان سيحدث لو كان الفعل الثاني مثل الأول. لم يتم استنساخها لأن أحدهم ، نكراسوف ، لديه نوع درامي فريد ، والآخر ، ميت بدون دفن ، وهو نوع كوميدي فريد ، لم يرحب به النقاد المسرحية.

جاك آلان ميللر: كان مسرحك تخطيطيًا جدًا في البداية. في الذباب، يمثل أورست الحق ، العقل ، لا شيء ، مما يزعج النظام القائم. في حين أن فرانتز أكثر نعومة ، وأكثر صلابة ، وأكثر إنسانية ، وأكثر تعقيدًا أيضًا. ماذا يمثل؟

جان بول سارتر: ما تقوله عن أورست صحيح. بالنسبة لفرانتز ، يجب أن يفهم من حقيقة أنه عذب أثناء الحرب ، على الجبهة الروسية. لديه شخصية البروتستانت ، مع ضمير مطالب ، الذي يتفاعل ضد الأفعال التي ارتكبها في وقت معين والتي لم يعد بإمكانه تحملها. وهكذا ، هناك تناقض بين ماضيه وضميره المتشدد. أخشى بشدة أن كل واحد منا على هذا النحو. أخيرًا ، عاش كل منا تاريخًا عنيفًا ، أي نحن أشخاص من عمري. عشت حربين ، الاحتلال ، كل الصراعات التي انجذبت فيها فرنسا ، معاداة الكتلتين. لكل هذا التاريخ العنيف ، يجب أن نعتبر أننا جميعًا مسؤولون. كل واحد منا ، حتى ولو بدرجة طفيفة للغاية ، لأننا نلوم هذا العنف ، كل واحد منا مسؤول عن هذا العنف. حدث ذلك على الرغم من أننا تم تدريبنا. نحن مؤهلون به. بهذا المعنى ، يمثل فرانز رجلاً عمره خمسة وأربعون عامًا. لقد ولدت عام 1905.

جاك آلان ميللر: ولكن بالنسبة لنا ، من ولدوا أثناء الحرب أو بعدها؟ ...

جان بول سارتر: من المحتمل أن يكون فرانتز  أقل فهمًا من وجهة النظر هذه من قبل الشباب ، لأنك لم تعش بالفعل هذا الماضي. حصل والديك على ذلك. هذا هو الاختلاف الكبير مع أورست: هنا ، لا يوجد استنتاج. إن المتسللين ليسوا قطعة إيجابية ، بل قطعة سلبية.

جاك آلان ميللر: أعتقد أننا يمكن أن نتخيل مسرحك ، على الأقل الذباب و الشيطان والاله الطيب والاحتباسات كتوضيح لكهف أفلاطون. أورست ، غويتز، فرانتز ، جميع الثلاثة يختبرون العالم. بعد محاكمات صعبة ، يأتون إلى حريتهم. في هذا الوقت ، يختلف سلوكهم. يلعب أورست الروح الجميلة ولا يدخل الكهف ، يختار غويتز القتال من أجل الرجال ومعهم ، بينما يقتل فرانتز نفسه.

جان بول سارتر: أنا لا أقول بالطبع أن عليك أن تقتل نفسك! البطل الإيجابي الوحيد هو غويتز (الشيطان والإله الطيب) لأنه يعود إلى العالم للمساعدة في تجربته الخاصة ، مما فهمه. لكنه يرفض دخولها كشخص ينير الآخرين ، الذين سيكون لديهم طبيعة النخبة ، والذين سيستفيدون من تجربة النخبة.

كان أفلاطون أرستقراطيًا. التجربة الحقيقية لعالم الحرية هي أن تعرف أنه لا توجد أرستقراطية ، وأن هناك حالات مختلفة وأشخاص يستخدمون حريتهم بشكل أو بآخر بشكل جيد! قبل اندلاع الحرب ، أراد جويتز ألا يحدث ذلك. عندما يفهم أن الحرب مطلوبة من قبل غالبية الرجال ، فإنه يقبل أن يكون رئيسًا ، وهو خارج التواضع. بالنسبة له إنها مجرد وظيفة ، وظيفة عامة. إنها بالنسبة لي فكرة ما يجب أن يكون عليه القائد السياسي والاجتماعي ، رجل قوي من الكتلة ، يجسد الكتلة ، يخرج من القداس. لا توجد أرستقراطية ، هناك وظائف فقط. أما بالنسبة لفرانتز ، فالأمر مختلف. لا ينبغي أن يؤخذ كمثال ، فهو وصفي ، سلبي. أردت أن أبين أنه في كل واحد منا تناقض بين أعمال العنف والتطلعات الأخلاقية المعينة لنا في نفس الوقت.

جاك آلان ميللر: هل الأدب طريقة لك لتحرر نفسك من الظروف المادية ، أو طريقة لدخول العالم؟

جان بول سارتر: لم أفهم أبداً الأدب إلا من حيث هو مشاركة في العالم. إذا هربت ، ليس لديها مصلحة. لقد تم انتقادي كثيرًا بسبب تقييد نفسي من خلال إشراك الأدب. إذا لم يكن كل شيء ، فإن الأدب ليس شيئًا. يجب أن تكون قادرا في جميع المناسبات ، ووفقًا لظروفك الخاصة المتميزة ، أن تشهد على كل شيء. لذا لا يوجد أدب واضح ، ولكنه في عمق العالم.

جاك آلان ميللر: ومع ذلك ، فإن بعض هذه الأيام من الغثيان تشبه إلى حد كبير عبارة فينتوي Vinteuil الصغيرة ، في بروست .

جان بول سارتر: كان ذلك في وقت مبكر جداً ، قبل الحرب. لقد تطورت كثيرا منذ ذلك الحين. أصبحت خبراتي أكثر وأكثر اجتماعية من التعبئة.

جاك آلان ميللر: هل يمكنك توضيح تأثير كافكا عليك؟

جان بول سارتر: كان كبيرا ، لا أستطيع أن أقول إلى أي مدى ، وخاصة في البداية. ما يفصلنا هو جانبه الديني والصوفي. يندمج كافكا في مجتمع يهودي ، وفي الوقت نفسه يتعارض معها. إن وضعنا في فرنسا ليس هو نفسه: الاندماج أكثر مرونة. عليك أن تعرف ما هي علاقات كافكا مع المجتمع ، والصوفي ، مع والده. لا يمكن أن يكون تناقض الفرد المتكامل تمامًا هو مجتمعنا: فالمجتمع الفرنسي أقل بكثير من مجتمع اليهود التشيك.

جاك آلان ميللر: لقد كتبت ، قبل عشر سنوات ، مقالًا هدم مورياك باسم الرواية الأمريكية وخلص إلى أن "السيد مورياك ليس روائيًا". هل تؤيد هذا البيان؟

جان بول سارتر: أعتقد أنني سأكون أكثر مرونة اليوم ، معتقدة أن الجودة الأساسية للرواية يجب أن تكون في الحماسة والاهتمام ، وسأكون أقل تعقيدًا بشأن الأساليب. هذا لأنني أدركت أن جميع الأساليب تزوير ، بما في ذلك الأساليب الأمريكية. نتمكن دائمًا من قول ما نفكر به للقارئ والمؤلف دائمًا. تزوير أمريكي أكثر دقة ، لكنه موجود. بعد قولي هذا ، لا أعتقد أنها أفضل طريقة لصنع رواية جيدة من إظهار نفسك بشكل واضح. إذا قمت بإعادة كتابة مسارات الحرية ، فسأحاول تقديم كل شخصية دون تعليقات ، دون إظهار مشاعري.

جاك آلان ميللر: هذا غير صالح من حيث القيمة المطلقة ، منذ السيدة دي لافييت Mme de La Fayette ...

جان بول سارتر: طبعا. تترجم المناهج بطريقة أو بأخرى مبادئ العصر. من المؤكد أنه في الوقت الذي جسّد فيه الملك الله بنفسه وكان لديه رؤية مطلقة لرعاياه ، يجب التعبير عن فكرة الحقيقة في الرواية. تكتب السيدة دي لافييت من وجهة نظر الله والملك. تحت نفس الظروف ، كانت العمارة مشروطة بهذا. في فرساي ، جميع الغرف متتالية ، بحيث يمكن للمالك أن ينظر إلى كل شيء. إنه مجرد اعتقاد مثل أي دين آخر مطلق. لا توجد حقيقة مطلقة. التاريخ مشوش لدرجة أنه لا توجد مراجع مطلقة ، إلا إذا كنت شيوعيًا أو مؤمنًا. ما كان صالحًا في فرساي ليس هنا. إن وجود الله لموريك هو ما يعني أنه يمكن أن يأخذ وجهة نظر مطلقة. بالنسبة لي ، الله غير موجود. أيضا...

جاك آلان ميللر: ما هي العدالة بالنسبة لك؟ لا يعترف أورست لا بالناس ولا بالآلهة. اذن ؟

جان بول سارتر:

لا يمكنك الهروب من مجتمع مثل مجتمعنا. لا توجد علامة مطلقة تجعل من الممكن الحكم على أن القضاء يمثل العدالة ، والمتهم ظالم. وهكذا ، فإن العدالة ليست سوى شكل وقائي من أشكال المجتمع. لا يمكن تحديد العدالة الحقيقية اليوم. لتعريفه هو الوقوع في الظلم. ولكن من ناحية أخرى ، لست متأكدًا من أن مفهوم العدالة أمر أساسي للمجتمع. أعتقد أنها تأتي من طبقة لاهوتية قديمة بحد ذاتها. إذا لم يكن لديك إله ، فلا معنى له إلا كحماية ضد فئة معينة من الأفراد. إن مفهوم العدالة لا طائل منه حقا.

جاك آلان ميللر: لذلك دعونا نتحدث عن العمل. لمن ، ولماذا يصبح الفعل لفتة؟

جان بول سارتر: يصبح الفعل لفتة عندما يتم ضربه في حد ذاته مع عدم الفعالية. على سبيل المثال ، إذا كنت محبوسًا في السجن وإذا طرقت الباب للخروج ، فهذه لفتة. إذا اتصلت بأمين السجن في نوع من الأزمات ، فإن الأمر يكون بمثابة لفتة. الإيماءات هي أعمال غير مكتملة. يجب أن يكون للفعل نهاية. إذا تم تعريفه فقط على أنه تمثيل ، نوع من الرقص ، رقص الباليه ، فهو مجرد لفتة. هذا شيء يحدث باستمرار للأفعال. على سبيل المثال ، في المصارعة الرياضية: هدف كل خصم هو تقليل فعل الآخر إلى لفتة ، أي جعل الخصم يقوم بمجموعة من الأعمال التي تؤدي ليس لها معنى. لم يفعل هوغو أي شيء سوى القتل. لكنه لم يقتل لأسباب سياسية ، أو لأن حزبه اتهمه بذلك. لقد قتل في الواقع لأنه كان يشعر بالغيرة ، لأنه كان هناك انفجار. لذلك لم يكن عملا. عندما تتحدث نجمة سينمائية وتبتسم وتتحرك ، فإن مواقفها ليست فقط للمصورين. لقد فقدوا معانيهم.

في الفعل ، هناك حقيقة غير موجودة في الإيماءة. يحكي جينيه قصة الشاب الوسيم الذي يرتدي ملابسه. عندما رأى أنهم ينظرون إليه ، استمر وأصبح فعله لفتة. هناك أدب في العمل وأدب في العمل. الأدب في العمل لا يؤذي أحدا ، ولا يزعج ، ولا يؤذي أحدا. لفتة هي صورة كاريكاتورية للفعل.

جاك آلان ميللر: لذا فالعقل هو الذي يقوم بالفعل؟

جان بول سارتر:نعم

جاك آلان ميللر: تقول في الشيوعيين والسلام أنك تبرر الشيوعيين على أساس مبادئك وليس مبادئهم. هل هذا يعني أنك تبرر سلوكهم المباشراتي ، كإجراء مباشر وفعال؟

جان بول سارتر: فالمباشراتية ليست على المحك عندما تبرر السلوك الشيوعي. لا يمكن للمرء أن يقول: "أنا معادٍ للشيوعية ، لكن الشيوعيين محقون في اتخاذ مثل هذا الإجراء". لكن ما يمكننا قوله هو أنه باسم عقيدة مبتورة نسبيًا ، يقوم الشيوعيون بعمل له هدف يمكن الموافقة عليه باسم عمل يأخذ كل أوجه القصور الموجودة في القاعدة والتي تملأها. هناك ثغرات داخل الماركسية. أعتقد أن فلسفة الوجود يجب أن تتغلب عليها شريطة أخذ أولوية المادة في الاعتبار

جاك آلان ميللر: وفقًا لموريس ميرلو بونتي ، فأنت لست خبيرًا في الديالكتيك لأن جدالك هو الوجود والعدم وليس الوجود والكائن الآخر ، وأن عمل الشيوعيين بالنسبة لك يتألف من "أن تكون ما هو ليس".

جان بول سارتر: وغني عن القول أنني لا أتفق مع تأويل ميرلو بونتي. من الواضح أن دور الحزب الشيوعي هو إعطاء شكل جماعي نشط للبروليتاريا. وهذا لا يعني أنه يفعل ذلك دائمًا وبصورة جيدة ، ولكن هذا هو هدفه. حقيقة الانتماء إلى البروليتاريا لشخصين مختلفين ، أحدهما يعيش في باريس والآخر مرسيليا ، لا يعني أن لديهم علاقات ، لكنهم هم نفس نتاج المجتمع ، على حد سواء. ويمكن ربط هذين المنتجين بمرور الوقت. يتمثل دور جهاز الكمبيوتر في التأكد من أن هذين الرجلين مترابطان في كائن حي ، وهو تحويل كتلة الفصل إلى عضو فئة.

جاك آلان ميللر: بما أنك ترفض تأويل ميرلو-بونتي ، فما هي "المشكلة الحقيقية" للديالكتيك ، المشكلة التي ستتعامل معها في نقد العقل الجدلي؟

جان بول سارتر: مشكلة الديالكتيك بالنسبة لي هي مشكلة التجميع. هل هناك حقائق في التاريخ أم حقيقة؟ إذا كان يجب أن يكون للتاريخ حقيقة واحدة ، إذا كان علينا أن نضع كل شيء في اتصال اصطناعي ، إذا فهمت أي حقيقة ، يمكننا التحدث عن حقيقة تاريخية. هناك جدلية إذا كان التاريخ عبارة عن تجميع ، إذا تم ربط الحقائق الإنسانية في كل لحظة ، بحيث تكون كل واحدة منها ، بطريقتها الخاصة ، كل الأشياء. في رأيي ، فإن جميع الحقائق العرضية ، مثل اجتماعنا ، تعبر عن مجملها. كما ترى ذلك من خلال أسئلتنا المختلفة التي تشكك في الطبقة العاملة والرأسمالية. لذلك هناك شيء في هذا الاجتماع أكثر من طالب جاء لزيارة الكاتب.

جاك آلان ميللر: باسم ماذا ستقاتلون من أجل أهداف محددة؟

جان بول سارتر: باسم مبدأين يتماشيان: أولاً ، لا يمكن لأحد أن يكون حراً إذا لم يكن الجميع كذلك ؛ ثانيًا ، سأناضل من أجل تحسين مستوى المعيشة وظروف العمل. الحرية ، ليست ميتافيزيقية ، ولكنها عملية ، مشروطة بالبروتينات. ستصبح الحياة إنسانًا من اليوم الذي يمكن فيه لكل شخص أن يأكل حشوه ويمكن لكل رجل ممارسة مهنته في ظل الظروف التي تناسبه. سأناضل ليس فقط من أجل تحسين مستوى المعيشة ، ولكن أيضا من أجل ظروف معيشية ديمقراطية للجميع ، من أجل تحرير جميع المستغلين ، من جميع المضطهدين.

جاك آلان ميللر: هل تؤمن بأن فاعلية هذه الأفعال والفاعلية التي تمنعها تتدحرج الى إيماءات؟

جان بول سارتر: حول هذه النقطة ، سأكون متشائما جدا. أعتقد في الواقع أن هذه الكفاءة يمكن أن تكون فقط لمنع الأسوأ. أعني أنه في مجتمع الاستغلال والاضطهاد ، في شكله السياسي ، الديكتاتورية ، يبدو أن الجميع موافقون ، يجب أن يكون هناك كتاب ليشهدوا على حياة أولئك الذين ليسوا موافقين: هذا عندما يتم تجنب الأسوأ."

مقابلة مع سارتر: من "الغثيان" إلى "الاحتباسات"، مجلة ليكسبريس ، رقم 455، 3 مارس 1960. أجراها جاك ألان ميللر (عام 1960) ، تم نشره في 9/20/2019

 الرابط:



تطعيمات/ بن يونس ماجن

1
من كثرة النياشين 
والاوسمة
احدودب ظهر الجلاد
2
اشارات المرور
تنحني امام
الكراسي المتحركة
3
عاريات فوق المنصة
يتبخترن
مع عارضات الازياء
4
في هذا الزمن الوبائي
في بصيص العتمة  يستحم
الخفاش الصيني
5
ثمة غراب
يتامل وجهه في مراة 
تحت جنح الظلام 
6
وهكذا دواليك
دون سابق انذار
تطل علينا  الجائحة بعد غياب طويل  
7
في زمن الكورونا
الكل مكمم
حتى المنقبات
8
في اوج الصيف
تمر غمامة حبلى
يتضور السراب عطشا
9
مخطئ من يعتقد
ان اللون الاسود
ليس له ظل
10
ومخطئ ايضا من يعتقد
ان قوس قزح
يغار من الحرباء
11
في زمن كبت الحريات
الطغاة يخرجوننا كرها من بيوتنا
وفيروس الكورونا يزج بنا طوعا في منازلنا
12
الساعات الذائبة
لسالفادور دالي
هي مسالة وقت ليس الا
13
ملثمين بالكمامات
لا يتقنون لغة الاشارات
صم بكم بصرخة واحدة
14
العزل الصحي
او الحبس الطوعي
اين اقضي الليلة؟
15
ممتطيا ساعة المستقبل
اختلس بعض الوقت الضائع
من ذاكرتي الضالة
16
تحت جلودنا
يتناسل الانسان الالي
لقاحات وشرائح الكترونية
17
ايها الفيروس الجائح
تنح جانبا
لقد تفشى الصهاينة العرب
18
احتفالية ازاحة الستار
عن تمثال الزعيم المقبور
لماذا يختفي الراهب في صومعته؟
19
طفلان يتعاركان
تحت أنظار فراشة ونحلة
لعبة الغميضة
20
هل سمع فيروس كورونا
عن جبروت امريكا وغطرسة امريكا
فثار حانقا منتقما؟

غنطوس/ روميو عويس

عندما قرأ الصديق غبريال فرنجية قصيدتي لابو شيبان والتي اتيت فيها على ذكر غنطوس ومشاركته الطريفة في مجالس ابو شيبان طلب مني ان اخص صديقه غنطوس بقصيدة، واليوم ومن ضمن نوادر وذكريات من بلدتي اكتب عن ابن عمتي العزيز غنطوس بطرس البايع ومن لا يعرف غنطوس ومن لا يستهضم غنطوس ومن لا يتأبى لسان غنطوس الذي لا يرحم لا اخوة ولا اقرباء ولا اصدقاء والويل ثم الويل لمن يخطئ مع غنطوس ومن يغيظه او يعارضه بكلمة او رأي فسرعان ما ينشر غسيله الوسخ على صنوبر بيروت، وإن اخبرته
خبرا يخضعه الى عملية روتشة فيبهره على ذوقه يضيف عليه ما يحلو له ويجتزء منه ما لا يريد وينشره بسرعة البرق معدلا في كل مرة، اما جلساته فجدا محببة من الجميع ودواوينه عامرة حيث يكون، فالكل يحب غنطوس ويتقبل نقد غنطوس لان قلبه ابيض كالثلج واعتاد الجميع على تركيباته و" تفنكاته " التي اصبح مشهورا بها.
وغنطوس كغالبية ابناء القرى يمارس هواية الصيد وكان يقتني كلبا لذلك والكلاب التي يقتنيها يقول عنها انها افضل كلاب الصيد ويصف كلاب سواه بتسميات تخفف من جودتها وجودة اصولها واحيانا يصنفها على ذوقه ، وكان كلما استبدل كلبه بآخر يقول هذا يساوي مئة من الذي كان عندي ويبدأ بفضح الخصال السيئة في كلبه السابق ويشيد بمهارة كلبه الجديد وجودة اصوله .
موعد نهوض غنطوس من النوم العاشرة صباحا ويكون موعد الجلسة الصباحية
على المصطبة الممتدة على طول المنزل يتجمع الاصدقاء من جميع الاعمار يشاركونه قهوة الصباح ويستمتعون باخباره ونوادره وان كانت نفسها الا انه يدخل عليها تعديلات تقيها حالات الملل فتسمع خبرا معاد انما بقالب جديد، اما الجلسة الثانية فموعدها الخامسة من بعد الظهر في ظلال الجوزة صيفا وعلى المصطبة شتاءً.
لم يتزوج غنطوس الذي ناهز عمره الآن الثمانين اطال الله بعمره مع انه خاض مغامرات عديدة لم تتوج بزواج وبقي مراهقا في غرامياته الى ان استسلم واحال نفسه الى التقاعد ولم يزل غنطوس حكواتي الضيعة المحبوب اصحابه من كل الاعمار ومختلف الطبقات الاجتماعية ، وكل ما سألت عنه يكون الجواب: غنطوس هو هو مهضوما كان وظريفا باقِ وجلساته من اجمل الجلسات دمت بخير ابن عمتي الحبيب واطال الله بعمرك.

1
يطوِّل عمرك يا غنطوس
البتحب وما بتعادي
وتضَلَّك تفرح لنفوس
واصحابك متل النادي
وتعطي بالهضامه دروس
اللي حامل فيها شهاده
تعَرّي روس تْلَبِّس روس
بطرابيش ولبّاده
ولو الخبريّه من القاموس
تحطّلا بهار زياده
تبقى من الله محروس
وتضَل بنفس العاده
2
وكلابك افضَل ما يكون
بتوصفها وبتفَصّلها
وغير كلابك كلاّ دون
يا "جعاريّه" بتعملها
بتوصفها بشكل الجردون
تا تهينا وتبهدلها
3
كلابك كلا اصليّه
يا "بوانتر" يا "سلوقيّه"
اما بوصف كلاب الغير
ما بعمرُن بيلمّو طير
وبناديق جعاريّه
4
ولم كنت تشيل العرقات
ولو كانو اوطى درجه
وتدَوّقهُن بالكاسات
تا شهاده فيهُن ترجي
والدايق عارف بالذات
كلماتو عندك حجّه
يعطيهُن اعلى شهادات
ويقول اسمالله فرجِه
ونخبه ومشروب الزوات
وضميرو ما كان يقول
من لسانك ما يسترجي
5
وغنطوس بكرم الحلوين
العشقهُن ما بينعَدو
ما خَلّى مِلّه ولا دين
بس الجازه ما تشدّو
تا عمرو صار تمانين
وخاتم ما شاف بيَدّو
6
فضَّل اعزب انو يضَل
يْحَوِّش من كل الكروم
يشم الورد يشم الفل
احلى لا نقار ولا هموم
وقت اللي بينعس بيغِل
وقبل العشرة ما بيقوم
الله يديمك شيخ الكل
وبالصحه يا خال تدوم
وتبقى غنطوس المهضوم

 - سيدني استراليا

اللَّيلُ... وبَراءَةُ الأَشياءِ/ صالح أحمد

شاخَ الطَّريقُ، وأَوهَنَ الخُطُواتِ
الصُّبحُ مَهجورُ الصَّدى
لا شَيءَ يَذكُرُني سِوى ضيقٍ تَمَدَّدَ في الرِّئَة
وغُبارِ عُمرٍ يَعتَلي صُوَرَ القَبيلَةِ مَلَّها صَمتُ الجِدار
في اللَّيلِ...
حينَ نَغيبُ خَلفَ نَوافِذِ العَتمِ الصَّريح
تستَيقظُ الأوهامُ فينا... والحَنين...
في العَتمِ يَشمَخُ... لا نَراهُ ولا يَرانا مَجدُنا
ذاكَ المُعَتَّقُ في جِدارِ الذِّكريات
الحُلمُ يَأوي مِثلَ صَبٍّ لا يَنالُ سِوى السَّراب
جاعَ الجَميعُ بِحُلمِنا... اللَّيلُ والغَدُ والعَراء...
تَتَزاحَمُ الأَيامُ في صَدري ويَبلَعُني المَدى...
ظِلًّا... وصاحبُهُ أَسير
أنا لا أَراكَ... 
يَصيحُ بي صَمتي، وكُنتُ أَظُنُّهُ
لَوني... يُغَطّي عَورَةَ الأَيامِ بي 
ويَصيرُ لي سِرًّا بَريئًا من خَطايا الحُبِّ 
يا للحُبِّ! كيفَ يُصيبُنا بِبَراءَةِ الأَشياءِ؟
كَيفَ يَفِرُّ مِن دَمِنا إِلى دَمِنا؟ 
ونحنُ نَغوصُ في فَصلِ النَّوايا 
وَمضَةً فَرَّت... تَناهَبَها الضّبابُ 
استَوقَدَت نارًا بِخَيمَةِ هارِبٍ مِن ظِلِّهِ
عارٍ... ومَثقوبِ الجِهاتِ
تَضُمُهُ وَجَعًا وِسادَةُ صَمتِهِ 
واللَّيلُ يَغتَصِبُ المَواسِمَ دونَهُ 
وتُزَغرِدُ الصّحرا... وخِنجَرُ عُهرِها
يَبتَزُّ أَثداءَ الرِّمال...
يا حُبُّ لَيتَ صَدى المُحالِ يُغيثُ مِن صَمتِ السُّؤال..
ذا عُمرُنا صارَ انتِفاضَةَ أَحرُفٍ راحَت تُلَملِمُ عُذرَها
مِن خَيمَةٍ خَرساءَ عَقَّت رَملَها...
وَالرَّملُ مَصلوبٌ بِكَهفِ الأَسئِلَة...
الكَهفُ مَوّالٌ تَشَتَّتَ حُزنُهُ 
سَيَعودُ خِلخالًا بِأَعقابِ القَصيدَةِ...
القَصيدَ ةُ لا تَموت!
ماتَ الصّدى عَطَشًا، وأَنَّت رِحلَةُ الآبادِ بي
وأَنا جُروحي مُثقَلاتٌ بِالنَّدى 
والبَرقُ يَشطُرُني كَرُمحٍ شَقَّ خاصِرَتي 
فَصارَت صَرخَتي رَعدًا
وظَلَّ الصُّبحُ مَهجورَ الصَّدى
::: صالح أحمد (كناعنة) :::

العيدُ في زمن كورونا/ الطبيب نوري الوائلي


بين هموم الغربة وانشعالي بمعالجة مرضاي المصابين بالكورونا والعجز الكلوي الحاد في نيويورك وقدوم عيد الفطر المبارك كتبت قصيدة جديدة

عيدٌ تهلُّ كما نهْواكَ يا عيدُ ... أمْ فيك أمرٌ به للبالِ تسْهيدُ
حالي لسَائلتي صَبْر ومُحْتَسب... قدْ هَدّهُ بالنوى شوْقٌ وتشْريدُ
في وَحْشةِ الهجرِ نوْرُ العيدِ مُنْطفءٌ... كانّـُه منْ رَمـادِ النـارِ مَوْقودُ
عيدُ الغريبِ غريبٌ نبعهُ شجنٌ ...مثلُ الزهورِ ولكنْ أرضها صيدُ
لم يعْرفِ الرَوحَ لم تعْرفْ مَلامِحَه ... هما الغريبانِ والمَلقى الموْاعيدُ
عنْد المَراغمِ حيْن اللهُ يُسْعفُه ... لمِا أتاهُ وفي شكْواهُ مَحْسودُ
في مُوْطنِ الأهْلِ يوْم العيدِ يُسعدُنا ... مثلُ النَخيلِ زَهتْ فيه العَناقيدُ
الأهْلُ للجارِ والزوّارِ مَائدة ...  والدارُ لحْنٌ به تعلو الأغاريدُ
عنْد العِناقِ بهمْ دفْءُ الشتا سَكنٌ ... وفي شذى القُبلِ القنْديدُ والعودُ
اليومُ عيدٌ ولكنْ كيْف يُبهجُني... والخلُّ عنّي نأى والدارُ مَنْكودُ
كمْ سَائلين هِلالَ العيدِ منْ بَطرٍ ... هلْ حَانَ فيكَ منَ التقليدِ تَجْديدُ
العيدُ آتٍ وعند الناسِ جَائحة  ... فيها الوباءُ بحبلِ الموتِ مَعْقودُ
العيدُ يأتي فلا خلٌّ يُعانقهم ... ولا ذراعٌ منَ الأحْبابِ ممْدودُ
ولا صَلاةٌ بفجْرِالعيدِ تجْمعُهم ... ولا صَديقٌ ببابِ الدارِ مَنْشودُ
ولا صيام كما صَامَ التقا تبعوا... كانّما الصوْم تقليدٌ وتعْويدُ
دوْرُ العبادةِ كالأطلالِ مُوحشة ... خوفاً من الداءِ عنْها العبدُ مرْدودُ
راموا الخروْجَ ضجوْراً منْ بيوتِهمُ ... كمَا يلوْذُ بغَـارِ اللّيثِ مَطرودُ
من كانَ ينْعمُ في أعيادِه أمِناً   ... فاليوم يُدركُه رعبٌ وتهْديدُ
هزّ النفوسَ وباءٌ بُرْءَه أجلٌ ... به تَهاوتْ منَ الدنيا العواميدُ
جاءَ ابتلاءً يُفيق الخَلقَ إن فقهوا ... منَ الضلالةِ حيْن الظّلمُ مَعهودُ
سادَ الفَسادُ وطالَ الجوُرُ مُقتدراً ... والحقُّ عنْد نفاقِ الناسِ موْءودُ
قد سيّدوا جُهلاءَ القومِ مجْلسهمْ ... وصاحبُ العلمِ مغْبونٌ ومزْهودُ
مثلُ النجومِ نِفاقاً حينَ تسْمعهمْ  ... بيْضُ السطوْحِ وفي أعْماقهمْ سُودُ
قَستْ قلوْبهمُ رغْم الهُدى علم ... حتّى كانّ فؤادَ المرْءِ جلمودُ
لم يضرعوا وسقامُ الموت آخذهم ...  والناسُ بالداءِ معلولٌ وملحودُ
عاشوا الحياةَ غُزاةً في توافهِها ... وفي العطاءِ لهم أيْدٍ كما البيدُ
الخُلقُ والحلمُ عنْد البعْضِ منْقصةٌ  ..والغدْرُ والمكْرُ والتزويْرُ محْمودُ
مثلُ العروْسِ زَهتْ هذي الحياةُ لهمْ ... والطبلُ فيْها هُمُ واللّحنُ والعودُ
كم يبلغ العيدَ قومٌ لا حَصَادَ لهمْ ... فالخيرُ فيه إلى الأبْرارِ مَحْصودُ






صياد الحجال/ روميو عويس

تذكرني اخبار ابو يوسف رحمه الله عن الصيد باخبار المطرب الراحل نصري شمس الدين واخباره في فيلم بياع الخواتم للاخوين رحباني عندما كان يبالغ باخبار الصيد الى ما لا يُصَدَّق وكانت ابنة اخته المطربة فيروز تنبهه بان لا يزيدها كتير لئلا يفتضح امره بالمبالغة، ولكنها اي المبالغة عند الصياد عادية ومن اساس المهنة فتدخل لنفسه الشعور بالعظمة والتفوق لذلك نرى معظم الصيادين يتباهون ويسترسلون في المبالغة عندما يتكلمون عن بطولاتهم في رحلات الصيد.
كان ابن بلدتي المرحوم ابو يوسف صيادا ماهرا ولكنه كان يزيدها في المبالغة ان لجهة تفوقه على سواه من الصيادين ام بالكلام عن بندقيته " الروباست "كما كان يسميها والمجالات البعيدة التي كان يرمي بها الطرائد حتى تخال ان من تمتلك بندقيته من الدول بامكانها ربح الحرب العالمية.
ومن اخباره المشوقة والتي تفوق التصور ان كان باعداد الطرائد التي كان يصطادها في كل رحلة صيد ام المجالات البعيدة التي كانت عصية على سواه مثلا اصطياده انثى حجل وفراخها الاثنتي عشر بطلقة واحدة وكان ذلك بجرود الضنية ، وذلك الرف من الزرازير والذي كان بالمئات وحط في شجرة الحور على ضفاف النهر فتسلل الى تحتها واطلق عليه النار من اسفل الى فوق فتساقط الزرزور بالمئات جمع منها ما يقارب الثلاث مئة واخذ النهر قسما منها اما السمامن فكان باغلب الاحيان يصطادها ببارودة " الدَّك " ويعود محملا بالعشرات منها بينما رفاقه و بسلاح الجفت كان البطل بينهم لا يصطاد اكثر من خمسة سمامن ومن اخباره انه كان قاصدا " الهُوّة " وهي منطقة جبلية في بلدتي لاصطياد الحجال وكان يرافقه ابو سليمان عندما شاهدا نسرا يحلّق على بعد مئات الامتار فصوب اليه بندقيته فقال له ابو سليمان ان المجال بعيد ولن يصله خردق بندقية فشارط انه سيرديه لانه واثق من سلاحه فما كان منه الا ان صوب الى رأسه فاصيب باعينه وسقط وهو يصرخ فاقدا بصره وعندما دنا منه اطلق عليه رصاصة الرحمة وربح الشرط من ابو سليمان.
الجلسة كانت ممتعة مع ابو يوسف شرط ان لا تقاطعه وتحرص ان لا يبدو على وجهك الاستغراب وتوهمه انك مصدق كل ما يقوله.

1
يرحم بو يوسف كان صياد الحجال
ويرمي الطريدة قد ما بِـعـد المجـال
بارودتو " الروبيست " ما في متلها
وبالصّيد متلو ما بقى يخلَـق رجـال
2
مرَّه سرب زرزور عالحوره مَرَق
وغَـط فيها والطيور تْجَـمَّعـو
ما عـاد بَـيَّـن لا غـصون ولا وَرَق
نويت قَلّي ضرب واحد افقعو
وخردقـي من تَـحـت للعـالي خَـرَق
زرازير بالميّات صارو يوقعو
تلاتميّه جْـمَعـت رغم اللي انسَـرَق
لمّا النهر لـبعيد حَمَّلهُـن مَـعـو
3
ومرّه حامل جفت الكسر
ودرب الهوّه بتلتينو
وفوق الهوّه مْحَلَّـق نسـر
ومسافه بيني وبَـينو
لحط الشرط قبالـي خِسـر
عا الحارك وَفّى دَينو
عا بعـد تـلات ميّة مـتـر
قوَّصت النسر بعَينو
4
ما تستعجب بالعاده
هيك خبار الصياده
صيّاده بتزيدا شوي
ومنهم بيزيدا زياده

الموسمية اللاذعة/ ترجمة ب. حسيب شحادة

The Annual Caustic Gift

في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها كمال بن يوسف بن حبيب صدقة الصباحي (تميم بن يوسف بن حوڤف تسدكه هصفري) [١٩٢٦- ٢٠١٧،  من مُسنّي سامريّي حولون، ناسخ أسفار التوراة، صلوات وشريعة بخط ّيده الجميل، شيخ صلاة] بالعربية على مسامع  الأمين (بنياميم ١٩٤٤- )، الذي بدوره نقلها إلى العبرية،  نقّحها، اعتنى بأسلوبها ونشرها في الدورية السامرية أ. ب.- أخبار السامرة، عدد ١٢٤٨-١٢٤٩، ١ أيلول ٢٠١٧، ص. ٦٤-٦٧. هذه الدورية التي تصدُر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها ــ إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الحالي؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية والبرتغالية) بالخطّ اللاتيني. 

بدأت هذه الدورية السامرية في الصُّدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، تُوزَّع مجّانًا على كلّ بيت سامري من المائة والستّين بيتًا في نابلس وحولون، قُرابة الثمانمائة سامري، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين في الدراسات السامرية، في شتّى أرجاء العالم. هذه الدورية ما زالت حيّةً تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة المحرّريْن، الشقيقَين، الأمين وحُسني (بِنْياميم ويفت)، نجْلي المرحوم راضي (رتسون) صدقة (٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).

العطاء أروعُ من الأخذ

”أعلم أنّ أولاد وفتية عائلتي ينتظرونني بفارغ الصبر كي أمنحَهمُ الموسمية، عيدية احتفاءً بسبت تسموت الفسح“ (ذكرى اجتماع النبي موسى بشقيقه هارون وبعدها بسبعة أسابيع يحلّ عيد الفسح، هذه الهدية كانت رمزية في البداية وغدت مع مرور الوقت عبارة عن مبالغَ طائلة، بمثابة ديْن يجب سدُّه، وفي الأصل كانت مثل هذه الهدايا تقدَّم للأمهات لشراء ملابس العيد لأولادها). إنهم يتحدّثون عن هذه اللحظة منذ أسابيعَ كثيرة، ويقولون عندما يأتي العمّ كمال، هذا اسمي بالعربية، سيجلب لنا معه الموسمية. إنهم يعرفون بأنّهم لن ينفضّوا عنّي صُفر اليدين بل بثروة كبيرة أي بمبلغ غير زهيد من المال. 

شعاري يقول إذا توفّر المال فلم لا يُعطى؟ رأيتُ في حياتي بُخلاءَ كثيرين ذوي وجوه متجعّدة لا سيّما حول الشفتين من كثرة ليّهما عند القول ”لا، لا“، أو مجرّد تجهّم أو عبوس الرفض. صدّقني، كلّ ما جنيته في حياتي كان ثمرة عمل مُضن، عمل ليل نهار، وبعد كلّ هذا لا أتوانى في التمتّع في الجلوس ونسخ أسفار التوراة والصلاة. قل أنت، كيف خطّي أنا؟ جميل، أليس كذلك؟ علمت بأنّك ستكون ”مبسوطًا“ ممّا تراه. 

أين كنّا؟ نعم، حول ما لدى الإنسان وتمتّعه بالعطاء للآخرين. إنّي أشعُر بالمتعة بصورة خاصّة حينما أُعطي الأولاد والفتيان لأنّهم مستقبلنا. أعطيهم اليوم لأنّي أعرف أنّهم عندما يكبُرون سيُعطون لأحفادي. هذا ما هو إلّا نقود والنقود تأتي كما أنّها تزول، المهمّ الصحّة. عندما أرى فرح الأولاد والفتيان عند إعطائي لهم فهذا يمنَحُني الصحّة والعافية.
لا حاجة للمبالغة، ليس كلّ يوم، فهناك حدّ لمقدرة الذي يضع جلّ أمانيه على الخالق، والباقي يتكفّل به بنفسه، إذ إن لم أعتن بنفسي فمن يقوم بذلك؟ ولكن مع هذا، إذا كان الأوائل قد حدّدوا انتهاء أحد سبوت السنة بغية إمتاع الآخرين بتقديم المال للآخرين، فلم لا نبتهِج ونُبهج الغير بممارسة هذه العادة بأرْيَحية. 

تعلو الابتسامة وجهي عندما أُقارن بين ما يتسلّمه الأولاد والفتيان اليوم، وبين ما تسلّمناه نحن في أيّام صبانا. يخجَل الفتى اليوم إن لم يُراكم لنفسه ”موسمية“ بقَدْر بضع مئات من الشواقل. رُح قارن هذا بما تسلّمناه نحن من والدينا وأقاربنا. إنْ كنّا نجمع قرشًا ونصف القرش من كلّ ”الموسمية“ اعتبرنا أنفسَنا أغنياء بحقٍّ وحقيق. 

القائد سلوم بن الكاهن عِمران

في نهاية أحد سبوت ”تسموت پيسح“ من إحدى سنوات صباي، نحو منتصف العشرية الثانية من حياتي تمكّنت من جمع مبلغ ثمانية عشر مِلّيمًا، مبلغ هائل في نظري ونظر الآخرين. وكان تعداد شِلّة الأولاد والفتيان السامريين في نابلس آونتَها أكثرَ من خمسة َعشرَ ولدا. زعيمنا كان ابن الكهنة الشاب سلوم ابن الكاهن عمران وهو الآن أحد مرتّلي (شمامسة) طائفة نابلس وجبل جريزيم المركزيين.

سلوم ابن الكاهن عمران كان ينتمي لمجموعة شباب أكبر سنًّا منّا، ضمّت شباب الكهانة عاطف بن ناجي (ليڤي بن أبيشع) وعاهد بن غزال (بريت بن طبيه) ويوسف بن أبي الحسن (أب حسده) وخليل (إبراهيم) بن سلوم (شلوم) الدنفي، راضي بن الأمين الصباحي (رتسون بن بنيميم هصفري) وآخرين، ولكنّه تزعّمنا لأنّ مدى الحرية الذي استطاع ممارسته معنا لم يكن ليسمح له بمثله لدى جماعة مجايليه؛ كلّ واحد منهم ”زعيم“ بحدّ ذاته. 

في شلّتنا كان الكثيرون من عائلة ألطيف مثل فياض (زبولن) بن يوسف لطفي (حنان)، فؤاد (لڤ) بن منير (مونير)، العبد بن سليم (عوڤديا بن شلوم)، افريم بن كامل (إفريم بن تميم) الدنفية وآخرين. كان عددُنا كافيًا لتنفيذ نصيحة أو أمر سلوم ابن الكاهن عمران لشراء جدي بمالنا، ذبحه عند إبراهيم الكاهن، سلخه، تقطيعه لشُقف كبيرة لشيّها في شطحة، نزهة ووجبة فاخرة نظّمناها، أو بالأحرى نظّمها سلوم ابن الكاهن عمران. 

الشطحة الكبيرة والسجائر

خرجنا كلُّنا كرجُل واحد إلى الشطحة، بكلّ الزاد الذي ٱستطعنا حمله على أكتافنا الغضّة، وفي جيوبنا بدون أن ننسى، لا سمح الله، الزاد الضروري، علبة لفائف كاملة في جيب الصورلتية (السرطلية، الدماية، وترجمت في سفر التكوين ٣٧: ٣ بـ: تونية /قميص /تياب حبر، حبر/خز) التي ارتداها كلّ واحد منّا. بالإضافة للزاد الوفير الذي كان في جعبتي، تأنّقتُ بزوج جميل من الصنادل مثير للغيرة، اشتراه لي ابن العمّ ممدوح بن صالح الصباحي (آشر بن شلح هصفري) الذي كان يُرعب كلّ أولاد عائلة الصباحي النابلسية وبخاصّة أولائك الذين يَحيدون عن جادّة الصواب، أو غير فالحين في دراسة تقاليدهم، ودع عنك المتأخرين عن الصلاة بضع دقائق.

سلّوم ابن الكاهن عمران، قادنا إلى إحدى البيّارات الواقعة إلى الجنوب الغربي من جبل جريزيم، جلسنا هناك بين الأشجار، أشعلنا النار وبدأنا بتحضير اللحم للشواء. كان الفرح كبيرا؛ والسنة سنة كبيس. الأشجار قد أزهرت والثمار بانت. 

الطقس كان ربيعيا، والشتاء لم ينته بعد. جلسنا بين أشجار اللوز ورائحة ثمرها أفعمت أنوفنا. كان اللحم ما زال بين أسناننا عندما اقترح الكاهن سلوم بأن يتسلّق أحدُنا الأشجار لقطف اللوز ليكون الطبقَ الأخير في وجبتنا الملوكية. لم يتطوّع أحد، لأنّ الجميع كانوا مُنغمسين في تدخين مركّز لكلّ اللفائف التي أحضروها معهم؛ وسبب آخر الشعور بأنّنا رجال…

لاحظتُ أن لا أحدَ ٱستجاب لطلب سلوم، وعندها تطوّعت. نزعت صندلي الجديد ووضعته بجانب جذع الشجرة ليسهُلَ عليّ تسلّقها. وبدأت أقطِف اللوز وأُلقيه على المدخنين تحت الشجرة، وهم يُطلقون أصوات التشجيع والحثّ. كنت منغمسًا بالقطف ووضع اللوز في كيسي (عكمي) ولم أنتبه إلى الهدوء الذي خيّم من حولي. سمعت من يصيح إليّ من تحت الشجرة أن أنزل، وهو يشتم بالعربية. نظرت نحو الأسفل وأُصبتُ بالهلع، إنّه صاحب البيّارة، محمد الأرى. أمرني صائحًا ٱنزل عن الشجرة.

لم يهُبّ أحد لمساعدتي. سلوم ابن الكاهن عمران وكلّ أفراد الشِّلّة، ومن ضمنهم نعيم (عيدن) ابن عمّي اختفوا وكأنّ الأرض بلعتهم. بقيت وحيدًا تحت رحمة الأرى. وعندما أيقن أنّني لن أنزِل وأكون على مرمى من إنزال ضربات ذراعه، وأنّه لا يقوى على تسلّق الشجرة لبدانته، انحنى وأخذ صندلي الجديد وانصرف. 

صَفْعاتٌ مُجِلْجِلة

انتظرت بعض الوقت وبعد أن تأكّدتُ أن لا ضير سيلحقُني نزلت عن الشجرة، ورجعت حافيًا إلى البيت على جناح السرعة. خِفت أن تلاحظ أمّي ملكة بأنّ الصندل ليس معي. لذلك زحفت تحت كنف الظلمة والتحفت باللحاف. لم تنتبه أمّي لحالتي الكئيبة؛ سألتْ أين كنت لأنّ سائر الأولاد عادوا من الشطحة قبل بضع ساعات. أجبت متمتمًا إجاباتٍ غير مقنعة. 

رفعتِ اللحاف عنّي ورأت رأسًا شقوقًا عميقة في كفّي القدمين من التسلّق على الشجرة والمشي حافيًا من البيّارة إلى البيت. وبدل أن تشفَق عليّ أخذت عصا غليظة وضربتني ضربًا مبرّحا. سُمع صراخي في كلّ أرحاء الحيّ. قضيت الليلة مؤرّقًا، مضروبًا وموجوعا.

وتبيّن في صباح اليوم التالي، أنّ قصاصي لم ينته. أهول شيء كان ينتظرني. ممدوح، ابن عمّي الحريص أيقظني بصفعتين مجلجلتين. مسك بيده صندلي الجديد. الأرى جلبه له وقصّ عليه فِعلتي. أضف إلى ذلك، استلّ من جيبي علبة السجائر التي لم يتسن لي تدخينُها وصفعني صفعتين شديدتين.

لم أحظ بمثل هذه ”الموسمية“ اللاذعة لهذا الحدّ طيلةَ حياتي. 

وطار الروائي والإنسان/ عبدالقادر رالة

   يعد الأديب الروائي الطاهر وطار من أعمدة أدبنا المعاصر الأساسية ، ومن المبدعين والمجددين في الأدب الجزائري والعربي ، ويمكن أن نقول بأنه كان مؤرخاً للجزائر المعاصرة في محيطها العربي روائياً ، ونجح في ذلك التأريخ إلى أبعد الحدود  ؛ الثورة المباركة وحرب الاستقلال ، الاستقلال وخيار الجزائر الاشتراكي ، العشرية السوداء ومخاض ميلاد الديمقراطية ، الرأسمالية المتوحشة التي غزّت المجتمع الجزائري ثم تدمير بلد عربي عريق  مثل العراق وتفتيت العرب وتقزيم دورهم!
    وهو من الأدباء الكبار المفتونين بالتراث العربي والمدافعين الشرّسين عن اللغة العربية وانتماء الجزائر وهويتها العريقة بأصليها العربي والأمازيغي ، وهو كان دائما يفتخر بانتمائه الأمازيغي  ــ الشاوي ــ لكن المتمسك باللغة العربية الجميلة والمستاء دائما والمتململ من سيطرة الفرنسية على عالم الأدب والإدارة والإعلام!
   ورغم انتماءه السري والغير المُعلن للماركسية إلا أنه كان مدافعاً و معتزا ومتفتحاً على التراث العربي الإسلامي بمدارسه ومبدعيه الكبار وتلك صفة نادرا ما كان يتصف بها كاتب يساري ، فاليسار كان في الماضي ما معناه باختصار احتقار والنظرة الدونية لتراث الأجداد الزاخر والمتنوع !
   وبالرغم من إبداعه الأدبي المتميزّ والثرّي في القصة والرواية والمسرح والمقال ، ونشاطه السياسي والإعلامي بعد الاستقلال وحتى بداية القرن الواحد والعشرون تبقى جمعية الجاحظية أهم وأكبر انجازاته على المستوى الشخصي والوطني أو حتى على المستوى ألمغاربي والعربي ، تلك الجمعية الواقعة بشارع رضا حوحو بالعاصمة التي كانت مقصداً للأدباء الكبار المعروفين  أو الصغار الطموحين ليتعلموا ويُعلموا ، يستفيدوا ويُفيدوا ، لذلك أحبه الكتاب الشباب وكانوا لا يدعونه إلا بعمي الطاهر ، وأغلبهم اليوم من الكتاب المعروفين في دنيا الأدب والإبداع ، ويعترفون له ولجمعيته بالفضل عليهم .
   ويقولون بأن عمي الطاهر وطار كان كبيرا في إبداعه لكن أيضا في إنسانيته، وطنيته وتواضعه...
   

اصبحت واشنطن فى مازق حرج لا تحسد عليه/ الدكتور حمدى حمودة


بعد التهديد والوعيد والحصار الجائر الذي فرضته واشنطن على الدول وخاصة ايران التى تجاهلت ما أدلى به ترامب من تهديد ووعيد وقررت فك الحصار بارسالها خمس ناقلات نفط منها ثلاثة الى فانزويلا واثنتين الى الصين بعد أن أدلت بتصريحها المدوى لكل الدول التى ستعترض هذه الناقلات أو تقوم بايقافها حيث ستقوم بالرد الفورى عليها
لكن ما خططت له ايران وكانت متئكدة من تنفيذه هو الذى حدث بالفعل حيث تجاهلت الدول التى طلب منها ترامب باحتجاز هذه الناقلات عند مرورها عليها وتمت الرحلة ووصلت بحمولتها سالمة الى كل من كراكاس وبكين ، ومن هنا أصبحت الولايات المتحدة فى أصعب مواجهة مع ايران وحلفائها الذين قرروا مساتدة ايران اذا وقع عليها أى ضربة من واشنطن حتى لو دى ذلك الى اشتعال الحرب بينهم وبين واشنطن والدليل على ذلك تحليق الطيران الفنزويلى فوق الناقلات الأيرانية لحمايتها من أى عدوان عليعا رغم الفارق المهول بين القوات الأمريكية الجوية والحربية وبين القوات الجوية الفنزويلية.
لقد فقدت واشنطن هيبتها ومكانتها بين دول العالم مما أدى بكارتر الرئيس السايق للولايات المتحدة بالأجتماع مع ترامب للحوار معه وتلقينه الدرس عندما سأله لماذا فقدت واشنطن مكانتها وهيبتها قى العالم ؟ وكان عليه أن يجيب هو قائلا له لأنك ومن سيقك من الرؤساء ممن جاؤا بعدى قررتم التدخل فى شئون الدول الأفريقية منها والآسيوية بخلع وتنصيب ممن ترغبون فى تنصيبهم من الرؤساء لهذه الدول ليكونوا مطية لكم، وصرفتم على ذلك حتى الآن ما يقارب من ال450 مليار كان من الأولى أن تصرق هذه المليارات على البحث العلمى والصحة والتربية والتعليم ثم تسألون أنفسكم ماعو سبب تقدم الصين ودول أخرى عليكم ؟ والجواب بمنتهى البساطة أن هذه الدول كرست ميزانيتها وأموالها لخدمة مؤسساتها الصحية والعلمية والبحثية مما أدى الى ازدهارها وتقدمها ولم نحاول التدخل فى شئون الدول الأخرى .
بالفعل صبح ترامب مترنحا متأزما فى ماهو عليه الآن ، فهو من جهة فى وضع سيئ للغاية بما لايحققه من نجاح مع فيرس كرونا حيث أصبحت الولايات المتحدة هى أكثر الدول فى العالم من عدد الوفيات والأصابات بهذا الفيرس وذلك لعدم اهتمامه بالمؤسسة الصحية وتجاهل الفيرس من بداية انتشاره والأستهانة به ، وثانيا أنه يحارب فى جبهة ثانية وهى الحملة الأنتخابية التى أصبحت على الأبواب فى شعر 11 حيث أن شعبيته فى تدنى مستمر لدرجة أن جنرالات اسرائيل أصبحوا يغضوا النظر عته ويتحدثوا عن بيدن وما بقى له غير الصهاينة الذين هم بقربه بالبيت الأبيض ، وثالثا وهو الأهم الأقتصاد المتدنى جدا الى درجة أصبح من الصعب التغلب علي هذه الأزمة خاصة بعد الضربة القوية التى تلقتها من حليغها الأكبر فىى العالم من قبل الرياض التى قامت هى والأمارات بزيادة الأنتاج من البترول الى درجة وصل فيها سعر البرميل الى عشرون دولارا ووصل سعر البرميل من النفط  الصخرى الأمريكى الى خمسة دولارات مما ساعد فى انهيار الأقتصاد بسرعة هائلة ، لذلك أصبح من غير الممكن عودة الأقتصاد الى ما كان عليه قبل عشرات السنوات فقد هزم أمام الاقتصاد الصينى الذى أصبح الأقتصاد الأول فى العالم ، وسيليه بعد سنوات الأقتصاد الهندى ليأتى الأقتصاد الأمريكى فى المرتبة الثالثة ، هذا اذ لم تنشب حرب مفتعلة بين واشنطن وبكين بعد القضاءعلى قيرس كرونا فى حالة فوز ترامب بولاية ثانية وهذا مستبعد حتى الآن .
نعود مرة أخرى للمأزق الكبير الذى وقع فيه ترامب مع ايران ، نسأل ماذا سيكون نوع الرد من ترامب على ماقامت به ايران من تحد لفك الحصار الجائر عليها وعلى كل الدول المستضعفة ؟ أم انه سيتجاهل ماحدث متحججا بانشغاله بفيرس كرونا وبحملته الأنتخابية وهذا ما شجع ايران للقيام بضربتعا وهى متأكدة من عدم قدرته على الرد فى هذا الوقت الأكثر تأزما بالنسبة له ! سنترك الأجابة على عذه الأسئلة للأيام القادمة فربما نجد لها اجابة بالسلب أو الأيجاب فلا ننسى أن الضربة التى وجهتها الرياض الى واشنطن لم تمر مر الكرام ، فقد قام ترامب بسحب جنوده الخبراء من  الرياض وكذلك منظومات صواريخ  الدفاع الجوى فى خدوء تام ودون سابق انذار ، فربما بعد ان تمتص واسنطن الضربة بهدوء اغصاب تكون قد قررت كيف ترد على أى من خضومها الضربة ، وربما تبتلعها لوقت طويل .
أعتقد أن بعد هذا الذى قامت به طهران ، تكون قد كسرت بها شوكة واشنطن أمام خصومها الأمر الذى سيؤدى بالضرورة لتوحيه ضربات أخرى متتالية قبل أن تبرد البضربة الأولى وعلى مأظن أن فرصة سوريا أن تتقدم نحو تحرير ماتبقى من ادلب خاصة بعد أن سخبت أنقرة آلاف الأرهابين من النصرة وغيرها الى ليبيا ، كذلك أصبحت الفرصة متاحة امام الأدارة الفنزويلية أن تقوم بمحاكمة رئيس المعارضة التى وجهت اليه تهمة الأرهاب هو ومن يسانده ، أما بالنسية لبكين وموسكوا فعم فى تخالفدائم مع طهران فالخوف كل الخوف أن تتأزم الأمور أكثر مع ترامب ويجد الزريعة التى ينشب بها الحرب مع أى من هذه الدول خاصة الصين التى تم مقاطعته معها تجاريا مما اضرتبكين ان تأخذ حذرها الكامل فأصبحت على أهبة الأستعداد .

Dr_hamdy@hotmail.com


قَمَرُ مَدِينَتِي حَزِينٌ/ شَاكِر فَرِيد حَسَن

قَمَرُ مَدِينَتِي حَزِينٌ

وَناصِرَةُ البِشارَةِ

لَمْ تَعُدْ كَمَا عَرَفَنَاها

وَكَمَا أحَبَبْنَاها

لَمْ تَعُدْ عاصَمَة الْثَقَافةِ

وَعِنْوَان الْمَحَبّةِ

اُبْصِرُ فِي عَيْنيهَا الْقَهْرَ

وأوْجَاعَ الْنَاسِ

شَوَارِعُهَا نَازِفَةٌ

وأسوَاقُهَا فَارِغَةٌ

مَشْلُولَة الْحَرَكَةِ

لَا تضِجّ بِالحيَاةِ

أتُوقُ لِلأيَامِ الْغابِرَةِ

فِي الْنَاصِرَة

لِسوقِها الْقَدِيمِ الْعَرِيقِ

لِرائِحَةِ الْقَهْوَةِ الْمُهَيَّلَةِ

وَلِأَصْوَاتِ الْبَاعَةِ

الْمُنْبَعِثَة مِنْهَا

أشْتَاقُ كَثِيرًا

لِعَيّنِ الْعَذْرَاءِ

لِبْيّتِ الْصَدَاقَةِ

وَلِلمَكْتَبَةِ الْشَعْبِيَّةِ

لِلرَفيِقِ سُهيل نَصّار

الْمُشَقّق الْوَجْهِ

وَلِوجُوهٍ مُضِيَة

كَانَتْ تَبْعَثُ الْنُورَ

وَتَنْشُرُ الْفِكْرَ

وَتُؤَصِلُّ الْوَعْيَ

أحِنُّ لِمَهْرَجَانَاتِ أيّار

وَلِقَاءَات الْرِفَاقِ

لِحِوَارَاتِهِم

وَلِجَلَسَاتِهِم فِي مَقْهَى

الْصَدَاقَةِ

أحِنُّ لِأعْرَاسِ الْعَمَلِ

الْتَطوُعي

لِخِطَاباتِ " زَيّاد "

لِصَوْتِ " رِيم الْبَنّا "

الْدَافِئ

ولَصَوْتِ " أمَل "

الْمَلَائِكِي الْمُنَدّىَ

الْعَابِق بِرَائِحَةِ الْزَعْتَرِ

كَدَبيِبِ الْنَمْلِ

كَانَ يَسْرِي فِينَا

وَلِأهَازِيجِ وَمَوَاوِيلِ

" رَاجِح الْسَلْفيتِي "

وَهْوَ يَشْدُو لِلأرْضِ

والْوَطَنِ وَالْحُرِيَّةِ

وَيَهْتِفُ لِلأُمَمِيةِ

وَالإنْسَانِ

وأحِنُّ لِشُعَرَاءِ الْشَعْبِّ

وَهُم يُزَلْزِلُونَ الأرَضَ

تَحْتَ أقْدَامِهِم

بِقَصَائِدِهم الْثَوّرِيّةِ

اللاهِبَةِ

وَالآنَ أحْلَمُ بِالْحُبِّ

يَقِفُ بِوَجْهِ الْأحْقَادِ

وَالأضْغَانِ

وَالْمَنَكَافَاتِ