عن الفتيات اللواتي لا يعرفنّ جدّهنّ/ فراس حج محمد

كم تخسر الفتيات اللواتي لا يعرفن جدّهنّ
هو حيّ يرزقُ، ما زال يضحكُ، يسندُ قامته الطويلة بالذكرياتْ
لكنّه بعيدٌ، هناكْ
بينه وبينهنّ مسافاتٌ طويلة، وجسرُ عبورٍ
وأغيارٌ، وجدرانٌ، وعمرٌ من جنون الانعزالْ

كم تخسر الفتيات اللواتي يفتقدنَ الجدّ صباحاً، حيث التّرحيبةُ الأولى التي تنعش القلبْ
والضمّة الأولى التي تبذر الحُبّ في الدربْ
والقبلة الأولى حيث اللهُ يرعى وردةَ الحبّ بالحبّ

كم تخسر هاتيكمُ الفتياتُ الصغيراتُ حلوى الجدِّ والحكاياتِ والتهاليلَ والنوم في الحضنِ عند النعاس اللذيذْ
رؤية الجدّ لها طعم يتغيّر كلّ يومٍ يكبرنَ فيه
والجدّ يصبح أبهى وأجملْ
أنقى وأعدلْ
قد يميل مع الهوى حيثُ يميلْ

كم تخسر الفتيات الجميلات في العيدْ
حيث لا جدّ كبيرٌ في السنّ، ذو لحية بيضاءَ، في مهابة الحكماءِ، ينْقُدُ تلكم الصغيرات شيئاً من نقودْ
قطعة ورقيّة خضراء أو زرقاء أو حمراءْ
أو أيّ لونٍ شاءْ
تحملُ الفتياتِ نحو دكانٍ حيثما لذّ وطابْ

كم تخسرُ الفتيات الحفيداتُ في المدرسةِ، وهنّ يسمعن حكايات الزميلات عن الأجدادْ
- أينَ جدّنا نحن يا أماه؟
- إنّه هناك يربّي لكنّ الحكاياتِ، يعيد لنا الذاكرةَ لتحضرنَ بين يديه يوماً، يقبّل كلّ حينٍ من أجلكنّ يد القدرْ... 
ويشمّ كلّ مساءٍ على صورتكنّ في شغفِ القلبِ أنفاس القمرْ
ويرسل القُبلاتِ والأحضانَ في صلواتهِ، يرفع لله فيض حنانه في دفقة من أدعيةْ
فتعدو في حناياه الوسيعة أشواقٌ وآمالٌ وأحلامٌ أخرْ
حزيران 2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق