يا لذّة التفّاحة/ فراس حج محمد

 


يا زهرتي الفوّاحَةْ

يا وردتي

يا قُبلتي المتاحةْ

يا بهجتي، يا مهجتي

يا قِبلتي في اللثمتينِ تشكّلي

هلّي بكلّ الراحةْ

قولي لقلبي يا لقلبي والهاً

هات الهوى عذباً

فقلبك العرّاف واحة

قولي: أحبكَ... أنت روحي والزمانُ

وسيّدي، بَوْحي

وأنت الشرح والكلمات ساحةْ

يا زهرتي الفوّاحةْ

يا ضحكتي الصدّاحةْ

هذا الفؤاد جميعه

أهديكه بكلّ سماحةْ

لتكوني في أنساغه أحلامه

بسيادة الأرواح يا لمّاحة

يا زهرتي

فلتقضمي قلبي الشهيَّ

تجرّدي مثل الجمال مهابة ومَلاحةْ

وتُمتّعي بصباحنا

ولتنشري في ورده إصباحه

يا زهرتي الفواحة

يا سُكّراً... يا لذّةَ التفّاحَةْ

أيلول 2020


المجموعة القصصية " دُخان البنسج" للكاتب عصري فياض.. جديــرة أن توضــع على رفــوف المعــارض الدوليــة للكتــاب/ إسراء عبوشي


مقدمة

 كان للمجموعة القصصية "دخان البنفسج "،للكاتب الفلسطيني"عصري فياض"،والتي صدرت عن دار الجنان للطباعة والنشر في العاصمة الأردنية عمان عام 2020م، والمكونة من عشرون قصة قصيرة، والتي تقع في 135 صفحة من القطع المتوسط أثر وإستحقاق إثارة نوزاع القلم، والمرور عليها مرور إرسال الضوء، وإستقبال إنعكاساته بتذوق أدبيّ شفاف،يقف عن مفاصلها،مراميها،رسائلها،مدى أثر شعاعها،بُعْدْ مغازيها،وكيلها بكيل ما يعطيها حقها بين مثيلاتها من حصائد لون القصص القصيرة ،والذي يعكس واقعنا الفلسطيني بابعاده الثلاثة الماضي والحاضر والمستشرف للمستقبل.

الخصال الفنية

فصورة الغلاف التي رسمها الفنان التشكيلي "محمد الشريف" لطيور بيضاء تعلو عنوان المجموعة القصصية "دُخان البنفسج"، تحمل دلالة على أن هذا الشعب  يحترق بدخان أبيض له روح، جراح الإنسان الفلسطيني تطهره، والاحتراق لا يطال روحه،بل تبقى عالية ساميه نقية،على الأرض قيد،وفي الأعلى مدى حر طليق،كل ذلك رغم نهايات الموت الكثيرة التي ترويها قصص المجموعة والتي أكثر من نصفها قصص لابطال حقيقين مضوا شهداء ،إلا أن سمة الموت خلاص وعتق.

غلبت على المجموعة المشاهد التصويرية،وكأنك أمام مشاهد سنمائية،هنا أسامة يجري في أزقة المخيم حافيَّ القدمين،وهنا أطفال تراهم يحدقون في اليوم، يعبئون ذاكرة الغد، وفي مشاهد أخرى،ترى الحي المتزاحم،وتسمع صراخ الأولاد يلعبون بالكرة المهترئة،أطفال المخيم هم حصاد آلام الوطن وإنتكاساته، كل تلك الصور تلخصها عبار في قصة (بين قطرتين) صفحة 89،"قطرة من دمعه ،وقطرة من دمه"،الحزن حثهم على  الفداء،هو ثأر التشتت والتشرد واللجوء.

الكاتب إبن بيئته،وله حس نافذ لقراءة الأشخاص والأماكن بعمق،المخيم حاضر بمعالمه وتاريخ نضاله وأهله،يستحضر تلك البطولات الحقيقية التي لن تنسى،تتجول  الذكريات بين الأحرف والكلمات،هو شاهد على عصره،الشاهد الصادق بوجه التزّيف.

يكتب التاريخ الذي صنعه الرجال،حين واجهوا الموت في نيسان 2002م، بالأسماء والأماكن،وباللهجة الجنينية الأصيلة أحياننا،يقدم رسالة للأجيال القادمة،لتشرب أسماعهم،وتتلقى ذاكرتهم الطفولية الغضة الحكايات والقصص مع الحليب. صفحة 121...تصفعك الصور المؤلمة في نهاية بعض القصص،وتوقف الزمان حيث تتكرر هزيمتنا. 

يُقدم الكاتب الموعظة والحكم والمُثل، في سياق الأحداث بطريقة سلسة، متناولاً قضايا إجتماعية،في قصة "المكافأة" صفحة 61، حيث يرفض عزت المال ويمزقه حفاظا على كرامته رغم العوز، وأما في قصة 

" وصال" صفحة 131 ، يبين أثر إنفصال الزوجين على الأطفال، وعيوب تدخل الأهل بين الزوجين.

يستطيع الكاتب أن يثير إنفعالات القارئ باسلوبه السردي المؤثر،نقرأ القسوة التي يعيشها الطفل إياد،وهو يتألم لإستشهاد خاله المقعد،وكأن صدمة واحدة لا تكفي،نسمع صراع نفسه وهو يقول: لو إستطاع خالي الركض،لما سالت دموع أمي،تلك المسكينة تتقبل الصفعات واحدة تلو أخرى، فبعد اللجوء،إنعدمت الأفراح،الهزيمة الكبرى تُوَلّد هزائم،ولا سعادة لنا بعد خسارة أرضنا.  

يتناول الكاتب نظرة المجتمع للأنثى،والتعامل معها بقسوة في عدد من قصص المجموعة،ففي قصة " دخان البنفسج" يُفسر الكاتب معنى الدخان البنفسجي حيث أنه الدخان الذي تصاعد من إحتراق جسد الفتاة  "ياسمين"،إحترق الجسد الغضّ الجميل ليحرر الروح المسلوبة،ييتماهى الدخان مع الروح،كلاهما يصعدان إلى الأعلى،أحدها بنفسجي حزين،والآخر " ياسمين" أبيض نقي، يبقى في الأرض رماد بواقي حياة غمرها السواد، "ياسمين"تمثّل شريحة من فتيات المجتمع تُرغم على الزواج من رجل لا تريده،ويتذرع بإسم النصيبوالقدر أهلها لإلقائها في جحيم لا تجيزه نفسها،وضد رغباتها، في النهاية،إنتحارها الحل،وانتحارها الرد، والصوت الوحيد الذي يُسمع،.... لكن بعد فوات الأوان.

وفي قصة "إستحضار الصورة" كهوله تشبه تجاعيد الأرض العطشى،كلاهما يعيش بالحد الأدنى للعيش، بين الحياة والموت، تجف رويداً رويداً ماء الحياة عن كليهما،وبعد البحر وشاطئه لجوء يختزل العمر بصورة.

تتكرر النهايات الحزينة التي يطغى عليها الموت،يموت أحمد  ـــ إبن أكبر عاصمة عربية،في تأثر للكاتب حتى في قضايه العربية، والذي يسكن القبور ـــ تحت عجلات شاحنة في قصة (تكبيرات العيد)،وهو يحاول أن "يسرق" المال، ليسد رمق العيد،،لا أحد متهم بسرقة فرحته وأمان وإطمئنان أسرته بالعيش في حياة كريمة.

الخلاصة

عشرون قصة ‘إستطاع الكاتب فيها تطوّيع اللغة في السرد  بأسلوب مشوق،غلبت عليه بساطة التعبير، رغم تمكنه من غزل صور إبداعية وكأنها ومضات تضيء الفكر،وتُوصل المعنى بشكل رقيق.ونجح في جعل مجموعته الأولى  هذه لافتة للإنتباه في تنوعها،وتلويناتها،وأقسامها، وموسيقى ايقاعها، حتى بدت لك كباقة ورد أدبية فيها من الالزهار والالون ما يروق لك الامعان في التحديق بها بعيون  الفكرة والحدث واللغة والصورة والبعد والأثر والهدف والرسالة.

 مبارك للكاتب "عصري فياض" هذه المجموعة المميزة، ومبارك لبلدي جنين هذا الطرح القيم لتاريخ ممتد منذ الانتفاضة الأولى إلى الانتفاضة الثانية ومعركة مخيم جنين" الأسطورة التي كسرت عنجهية الاحتلال"،وجدير أن يوضع هذا الكتاب على رفوف المعارض الدولية للكتاب ،هو خير ما يمثل شعب فلسطين بين الشتات والمقاومة.

البهلوانُ والطلاءُ الأسودُ/ محمد آيت علو


       يقف على حافة الحفرة الواسعة العميقة، قرب الجبل المجاور للمدينة شارد الذهن، ضائعا في خفايا نفسه، بقلب محاط بالهموم، وبكثير من التعب والضجر، بدا سيء الحال، مضطرب المزاج، وقد أضاع وجهته، أنهك خطوه دون جدوى واشتد به الحزن، يتقدم بقلب واجف راجف متردد، يضع رجليه على مراوح الهواء، ثم غاب في بكاء طويل، مثل بكاء كلكامش عند موت صديقه إنكيدو...فجأة هدأ وبدأ يخطو بخطوات متثاقلة على الحافة، دافعا بشقه العلوي إلى الأمام نافخا صدره رافعا رأسه باسطا يديه كالبهلوان تماما، وهو ينظر إلى بعض البرك المائية من جراء أمطار أول الأمس، وإلى الأبنية المحيطة الشديدة البياض، ذلك اللون الذي حلم به كثيرا وعشقه لحياته، لكن تأتي الرياح بما لاتشتهيه السفنُ، وهو لايملك منها حتى الشراع، فكيف يحلم؟ كان قبل قليل قد ارتسمت على محياه ابتسامة شيطانية، يتقدم رويدا رويدا كمن ينفخ بالونا، ثم هو يُبالغ ويتجاوز الحد في النفخ...بعدما أن راودته فكرة، عزم على تنفيدها، لكنه يحس بأنه ثابت، متصلب ومتجمد عاجز...، الخوف والتردد لايفارقانه على الدوام... أحس بجوع شديد قبل الإقدام، أراد أن يتراجع، لكنه أحس بثقل، ولم يستطع، تسمرت قدماه على شفا هوة الحفرة وقد غرقت نسبيا في  الوحل، تراقصت عيناه...بدأ يحقق بنظرات مرتعبة، وقد بدت الحفرة عميقة سحيقة جائعة... وهو ينظر بنصفه العلوي، لكنه سرعان ما تلاشىى مثل الدخان، أو برق خاطف، أو فرقعة البالون وقد تجاوز حد النفخ، فلم يكد يقاوم أويشعر حتى هوت رجلاه بعدما علتا فوق الحصى والوحل، ثم سقط فجأة من على السرير...وانزلق الفراش وجرف معه الغطاء..أحس بألم في ظهره، فقد كانت الأرض عارية....كفارس وحلم يسقطان معا على صخور الواقع القاسية...

حين لاينجو الغريق إلا بقشة، هكذا دوما سواء في المصائب التي تنهال عليه ولا تأتي فرادى كالمعتاد، أو في انفراجها لما تضيق حلقاتها، بعدما أن ظن بأنها لن تفرج، وتبقى المعاناة والمكابدة نفسُها اليوم، كما الأمس والأيام الماضية، لاشيء تغير، فلكم قاسى من عثرات العمل، ومن عثرات الطريق، ورعشة البرد القارس، ربما هذا ما يفسر نومه بملابس العمل وحذائه...وحينما نهض من على الأرض في ركن بيته القصي المظلم، وجد نفسه كمن فقد ذاكرته، حيث تداخل عنده الليل بالنهار، ولم يعد يدرك أي ساعة يتواجد فيها...

أمام المرآة وهو يغسل وجهه، بدا كهلا بوجه متجعد ممتعض وسمين، وشعر أبيض كثيف، مط شفتيه إلى الخارج أكثر من اللازم مثل البهلوان مرة أخرى...ارتسمت على وجهه علامات غضب جارف، تحول إلى شخصية أخرى يمقتها، شخصية سلبية ذليلة، لاكرامة لها ولاقيمة، شخصية يحتقر تصرفاتها، لكنه لا يجرؤ على التصريح...شعر بنيران الحنق تتأجج في دواخله، شعر أنه لو التف حوله سيعتصر أنفاسه، فقد تراءت صور ووجوه أعدائه اتباعا، ومعها المحن التي لاتنتهي، فعما قليل سيطرد من العمل على الرغم من الأجر الزهيد الذي يتقاضاه، وهو أيضا مهدد بترك البيت والإفراغ، لأنه لم يسدد الإيجار منذ شهور خلت، ولن يبق له بيت يداريه ولو في الخيال، سنوات أخرى من الضياع...ثم قال في نفسه لماذا أنا بالذات؟ لماذا ينظرون نحوي هكذا؟ ماذا جنيت؟ ما هذا الضعف والخور؟ لم تصير أضحوكة هكذا؟ كم أنت مقيت...ويحك...كن قويا..لامكان للجبناء في هذا العصر...وأصدر ضحكة صارخة، تراجع من أمام المرآة قليلا، ثم عاد حاملا الطلاء الأسود كالقطران والفرشاة، وبدأ يغطي وجه المرآة بالطلاء الأسود...يصب جام غضبه عليهم الواحد تلو الآخر بهذا الطلاء، يصبه يغطي وجوههم التي لم يقوَ على مُواجهتها، ويشتمُ في الوقت نفسه...يستطيع الآن بأن يرد لهذه الوجوه الصاعَ صاعين، هو لم يستطع مجابهة كل أعدائه طوال اليوم الذي يقضيه خارجا..بدءا من أنسابه ومدير المعمل الذي يشتغل فيه، وزملاءه في العمل، وجاراته اللمازات، وجيرانه الحقودين والفضوليين...دوما يتجاهل رعونتهم ولمزهم وغمزهم، وأخيرا نظراتهم التي أصبحت تزعجه بحق، ثم ينظر بعيدا كما جرت العادة في مثل هذه المواقف متجاهلا سهامهم الحادة.... 

 إنه يواصل العمل من الصباح إلى حدود منتصف الليل...وفي أسبوع آخر من الليل إلى المساء...ثم يعود مهرولا إلى بيته كالبهلوان مرة ثالثة، متجنبا الوجوه المقنعة.. يخطو بخطوات واسعة كمن يأكل الطريق...لايرتاح ولايهدأ له بال، حتى يفتح باب بيته...ثم يدلف ليلقي بجسده المنهوك على السرير...غير مكترث بشيء، الكلل والضجر أكلا منهُ الكثيرَ، ولاشيء تحقق...

فجأة، بصيص سعادة تتسلل إليه الآن مشوبة بحذر، تترنح في عينيه كالوله، وهو يواصل حجب وجه المرآة بالطلاء الأسود...إنه يقضي على كل الوجوه الكالحة المريضة التي يصادفها يوميا...يحاول أن يبددها ولو أمام المرآة، يتخلص منهم جميعا ويمضي...وعلى الرغم من الجوع، فقد أحس بغثيان غامض يسكنه، وتمنى لو توافرت جرعة ماء..لم يأكل شيئا منذ مدة طويلة..، لكم تمنى في هذه اللحظة أن يجد من يهيء له ولو لقمة، كان يرى نفسه فارس أحلام مرغوب فيه جدا، ولا يُشَق له غبار، لكن هيهات هيهات لما يوعد، فكل شيء تبخر، فحتى الآن لم يجد الإنسانة التي ستفهمه في هذا العالم كما يدعي دوما، الآن تملكته رغبة ملحة في الزواج، والعمرُ يمضي بلا هوادة، منذ بضعة أشهر ارتخى وجهه نسبيا، وهو بانتظار أن تغمز صنارته في ركن الزواج بإحدى المجلات، ولكن الأمر مرة أخرى يغدو مستحيلا...وأخيرا توجه نحو المطبخ، ثم انهمك بإعداد وجبة سريعة..ومن شباك المطبخ ظهرت شابةٌ وديعةٌ سامقةٌ مرتويةُ الملامح، بمواجهته مباشرة، تتطلعُ ثم تقفُ ولاتلتفت، وتتكلمُ بنبرة حادة ...كان ما يجري أمامه قد وصل إلى مرحلة انفلات الأصوات...أصداء الموسيقى والمتعة سارية في الجهة الأخرى الآن...رآها وقد مالت إلى باقة من الزهور لتسويَ أطرافها المتواجدة في الرف...لم هو مجبرٌ من رؤية كل ما يمكنُ أن يدفعه إلى مأزق ما، حتى لايعير النظر دافعا للهجوم أوللعقاب، يغمض عينيه، يظهر اللامبالاة، يستقر داخل حالته، كأنه منقطع عما حوله، لايعنيه شيء....ثم ما لبت أن عاد إلى غرفة النوم، فأسند قامته ورأسه بشعره الطويل للباب، كمن يسند جسده على جذع الكرامة والهموم، نظر جهة السرير، المائدة والملابس والوسادة والأغطية كلها ملقاة على الأرض، نظر إلى السقف فوق رأسه والحيطان، تذكر خرير سقفه أيام الشتاء، بدا له البيت ضيقا صغيرا كالسجن، فقد رآه ضيقا من أفقه، وفكر في إطلالة من الشباك ولم يفعل في المرة الأولى، وكالبهلوان مرة رابعة يطل من الشباك في الوهلة الثانية، رأى ستار النافذة تتمايلُ، على وقع نسائم باردة عليلة، والبدرُ يرسل أشعتهُ البيضاء، توهج قلبهُ قليلا، ابتسمَ هذه المرة كثيرا، ذلك أنه عزم على قص قطعة من السماء الزرقاء الصافية على حقيقتها، وتكديس متاعه القليل، وتجميع بيته ولاسيما غرفة نومه، ولف كل ذلك في حزمة منديل، ووضعها في عصا، ليمتشق عصاه ويقفز كالبهلوان، ثم ينطلق كالبرق الخاطف، يساوره إحساس أنه يصير مثل الساحر ليس إلا، ويطير بسرعة مرة واحدة، يودعُ البدر خلفَ الأفق، ويفر كدُب القطب وحيدا، حيث الصقيع والثلج الأبيض الناصع لانهاية له...


آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة برحيل نتنياهو/ سري القدوة


ليست هي المرة الاولى التي يخرج بها متظاهرون اسرائيليون للمطالبة برحيل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو الهارب من السجن مستغلا وجوده ووضع حكمه كرئيس وزراء من اجل التستر على سلسلة من جرائمه التي يلاحقه عليها القانون والمطالب بالمثول امام القضاء الاسرائيلي، ولكنه يحاول اتباع الخطوات الملتوية للهروب من وجه القضاء وتنفيذ العدالة، مما دفع الشارع الاسرائيلي بملاحقته من خلال سلسلة من المظاهرات والتي تنطلق اسبوعيا للمطالبة برحيله ووضع حد لممارساته الخاطئة والمنافية لكل الاعراف القانونية والعدالة.

وتواصل المظاهرات في الداخل الاسرائيلي التي يقودها حراك الرايات السوداء وتضم أعضاء من اليمين واليسار، للمطالبة باستقالة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي تتهمه بالفساد وسوء الادارة في ظل تفشي كورونا، وواصل آلاف الإسرائيليين التظاهر أمام المقر الرسمي لإقامة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية في مدينة القدس، للمطالبة باستقالته ورحيله عن الحكومة حيث تواصلت المظاهرات برغم الإغلاق الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد .

وذكرت مواقع صحيفة اسرائيلية أن هذه المظاهرة التي تطالب برحيله تحمل الرقم 14 منذ انطلاق موجة الاحتجاج الحالية، الرافضة لاستمرار نتنياهو في الحكم بينما يحاكم في ملفات فساد، وفي ظل إخفاقات حكومته في التعامل مع أزمة فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية وأشارت المواقع الصحيفة إلى أن منزل نتنياهو في مدينة قيسارية شهد تظاهرة ضده شارك فيها نحو 300 شخص إضافة إلى عشرات التظاهرات عند تقاطعات طرق رئيسية وجسور في جميع أنحاء دولة الاحتلال حيث شهدت مشاركة العشرات وفرضت الشرطة على المتظاهرين ارتداء الكمامات الواقية، فيما عززت من تواجد قواتها في القدس، وأغلقت الشوارع المؤدية إلى ميدان باريس أمام حركة المرور .

وجاء المتظاهرون من فئات وشرائح سكانية مختلفة ترفع فيها كل مجموعة الشعارات الخاصة بها، ولكن بانسجام حول الشعار الأساس وهو «الإطاحة بنتنياهو» فكانت هناك المجموعة التي تضم طلائع المتظاهرين ضد نتنياهو الذين انطلقوا منذ 3 سنوات وأقاموا خيمة اعتصام ورفعوا الأعلام السوداء تحت عنوان «لا يمكن لمتهم بالفساد أن يكون رئيس حكومة» ومجموعة أخرى تضم أصحاب المتاجر والمصالح الخاصة الذين يطالبون بتعويضات عن خسائرهم الناجمة عن الإغلاق عدة شهور منذ انتشار فيروس كورونا، ومجموعة الفنانين والعاملين في الثقافة والفن الذين يجلسون بلا عمل منذ مطلع مارس (آذار) الماضي، وهناك قوى السلام الذين يتظاهرون ضد صفقة القرن ومخطط الضم، وفي مظاهرات الاسبوع الاخير انضم نواب عن «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية، ومتظاهرون من القدس العربية المحتلة يطالبون بمعاقبة المسؤولين في شرطة الاحتلال عن قتل الشاب المعوق إياد حلاق .

 ونتنياهو متهم بالفساد واختلاس الأموال وخيانة الثقة في سلسلة من القضايا ليصبح بذلك رئيس الوزراء الوحيد في تاريخ دولة الاحتلال الذي يتم اتهامه أثناء فترة ولايته ويواجه نتنياهو اتهامات بسوء التعامل مع أزمة كورونا مما تسبب في فقد آلاف الإسرائيليين وظائفهم، إضافة إلى ذلك يواجه اتهامات في 3 قضايا فساد، وبدأت أولى جلسات محاكمته في مايو/أيار الماضي.

 إن هذه التظاهرات تعكس الأزمة الكبيرة التي يواجهها نتنياهو والتي من الممكن ان تطيح به ولكنها في الوقت نفسه تعبر عن الأزمة العميقة التي يعيشها النظام السياسي الاسرائيلي وصور الفساد المنتشرة دون اي رقابه او ممارسة ديمقراطية حقيقية في ظل عدم احترام للقانون وما يصدر عن المؤسسات القضائية. 

ياحُسَينُ ياشَهيّد ياأَجْمَلُ شَمس وأعظمُ رَمْز ونَشيّد/ فاضل البياتي


1

1

سَلامٌ عَلَيكَ ياحُسَينُ ياشَهيّد

 ياأَجْمَلُ شَمس وأعظمُ رَمْز ونَشيّد

 

نَغَمٌ هو إسمكَ تُرَنّمهُ مَلائكةٌ وتغردهُ طُيورُ

 دار النَّعيمِ فَتُحسِنُ الغِناء والتَطريب والتَغريّد

 

شَمسُ ثورتكَ باقيَةٌ وساطِعةٌ   ما بَقِيَ الزَّمَان

 تُنيرُ دروب الشعوب لو أنَ طاغِيَةٌ يَحسَبُهم عَبيّد

 

وضِياءُ حُبكَ عظيم يَحيَا ببُشرٍ وبَهْجَة 

في ضَمائِرِ وقُلوبِ الناسِ والزاهِدين رَاسِخٌ و وَطيّد

2   

 في لُبِّ روحي هِيامٌ قَويٌ لشَفيعي المُصطفى النَبيّ وللحُسَين ولكلِ المُسلميّّن

وهيامٌ لجميعِ الناسِ والأديانِ والأقوامِ والأجناسِ وبِمَكَارِمِهِم أُشيّدُ ومُشِيّد


 أسطورتكمُ في الفداءِ والبُطولةِ ياحُسَينُ ويا قمرُ بني هاشم أبو الفَضل العباس

واولادكما وأهل بيتكما، سَتتذكرها الخليقة إلى آخِرِ الدَّهْر وترويها بمَهَابَة وتُعيّد

  

 ويامولاياي الحَسنُ والحُسَين يا سِّبْطا الرسول، وريحَانَتاهُ من الدُنيا وياسيِّدا شَباب أهلِ الجنَّةِ


إذ قَالَ المُصَطفى مُحَمد النبيّ، هذانِ إبنايَ فَمن أحبَّهما فَقد أحبَني، فَصار ذلكَ وعداً أكيّد

 

 ياشِبل  المُرتضى عليٌّ أميُر المؤمنينوفاطمةُ الزهراءُ سَيدةُ نِساء أهل الجنةِ والعالَميّن 

شِعرِيَّ أنشِدهُ في حَضرتِكم بصَبابةٍ ومَهابةٍ لِيَمنَح فَرحاً للحَياة، هكذا أنظمُ الشِعر وأُريّد

 

  فأغِثني ياألله يامُغِيث ويا خاتم المرسلين، وأغِثني ياسَليلَ الفَخرٍ والمَجْد كَي أشدو إليكَ ياحُسَين

ولآلِ البَيتِ بأسمى بَهاءٍ في صِدقِ المَشاعِرِ  وأعذَبِ قوافٍ وقَصيدٍ، فأُبْدِعُ وأَتْقِنُ وأَحْسِنُ وأُجيّد

 

 إنّني أَمُلُ نظمَ شِعري في محبَتِكم ومَعَزَّتكم كبلاغةِ وبيانِ معلقاتِ إمرؤ القيس وطرفة

 وأبن  حلّزة وأبن كلثوم وعُبَيد وعنترة والذُبياني وزُهير والأعشى ولَبيّد

 3 

يومُ العاشرِ من مُحَرم كادت الأَرضُ تميّد، أينَ أختفت تلكَ الحُشود من مؤيّد ومُريّد

وحيداً ومَظلوماً وعطشاناً ولكن فُزتَ في التاريخِ والدُنيا وأنتصرتَ مِن جَديّد 

 

أولئكَ الَّذِينَ ظلموكَ وأهلكَ وأصحابكَ فظَفرتُم بخُلودِ الحَياة  

غادرَ أولئكَ من مَوتِهم في الحياةِ نَحوَ خلودِ المَمات، ذلكَ وَعدٌ و وَعيّد


شَهادتكَ ياأبا الأَحرار حَدثٌ خالِدٌ جليلٌ جَلل وإختيارٌ إلَهِيٌّ سَيُذكرُ للأبد

مَشيئةُ الله أن لاتكونَ مُجَرّد عَدد لو صرتَ حَاكِماً بقصرِ ألإمارةِ وفرداً مِنْ عَديّد

 4 

جِئتُ للدُنيا هُناكَ عِندَ مَرقدي ولديّ الشَهيّد مُسلمُ إبن عَقيل في المُسَيّبِ


 مَدينة الأَئمةِ والمَحَبةِ والصَفاءِ كالأرضِ والسماءِ عِندَ ضِفافِ الفُراتِ العذبِ التَليّد

  

وهناكَ في طفولتي الوديعة زرتُ وعَرفتُ ولدا إبن عمكَ يامولاي الحُسَين


محمّد الأصغر وإبراهيم عَليهُما السلام، الراقدان بِمَقامِهما الطاهرِ البَديّعِ الفَريّد

 

فَيومَ فُزتُمُ بالشَهادةِ وبالمَهابةِ والخلودِ والْمَلَكُوت أصَبحَ وجودكمُ الجَميلُ بَعدَ حِين

 حاضِراً  في الدُنيا وحَياةِ المؤمِنين على مَرِ العُصورِ إذ أن الله لكم سَديّد 

   

وحِينَ دافعتَ بثورتِكَ عن الحَقِ والمَبادىءِ والقِيم وإنتصَرَ دَمكَ الشَريّف

على قَسوّةِ السيفِ الضَعيّف، ويَوم غُروبِ شَمسِ عاشوراء الفَجيعةِ والحُزنِ الشَديّد 

   

نجا الطفلان اليتيمان البَرِيئان ذلكَ اليوم من واقعةِ الطفِ في صحراءِ كربلاء

من سيفِ شمر إبن ذي الجوشن ذو الغَلاَظَةِ والفَظَاظَةِ ومن ظلمِ يَزيّد

 

غَير أن سَفَّاحاً جَشِع، طاردهُما وسَفَكَ دمُهما العَفيف

لَم يَنل ماكان يَبغي من طَمع نالَ خِزياً وإستحقَ العقاب والعذاب الأكيّد 


ياولدا مُسلمُ إبن عَقيل حُبي لكما مُنذُ الطفولة ويوم كُنا بعُمرٍ واحدٍ   

  يَعيشُ هذا الحبُ بِروحي وأقربُ مِنْ حَبْلِ الوَريّد إلى الوَريّد

   

أسألُ فَهل مِن مُجيب! بأيِ حقٍ أو جَريرةٍ ذَبحوا كل هذهِ البَراءة والطفولة

فأمْسى بَنيكَ ياحُسَين وأهل بيتكَ الأبْرَار كلهُمو بَينَ شَهيدٍ وسَبْيٍّ وشَريّد

 

  ياحُسَين ويا آل البَيت، كم تمنيتُ مِن اللهِ ومِنكم مُراداً طَيّباً وأنا أشبكُ يَداي

بِثباتٍ وقوّة شِبابيك أضَرحتكم العتيّدة، فيأتني دوماً مُرادي السَعيّد

 

هاهيَ ألآن زياراتي إليكم كل يَومٍ وأنا في غُربَتي وإن كانت في الحلْم

قَد أعادت ليَّ الوَداعة والطفولة والسلام وشبابي مِن جَديّد

  

  يَزهو العراق ويَفخرُ مُحتضناً رُفات آل بيتِ الرسول الطاهرة

أتَضّرَّع بخشوعٍ ياإلهي أن تحفظ كل الناسَ من أيِ شمرٍ جديدٍ مُكائِدٍ ويُكيّد

 

هل إلتف نتنياهو على المظاهرات بالإغلاق؟/ راسم عبيدات


اعتباراً من بعد ظهر هذا اليوم الجمعة سيبدأ الإغلاق الشامل الذي قرر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر لشؤون كورونا (كابينيت كورونا)، مساء الأربعاء، فيما لم يتمّ البتّ في كل ما هو ممنوع ومسموح خلال فترة الإغلاق التي ستستمرّ 16 يوما إلى ما بعد اليوم التالي لعيد العُرش اليهودي، المسمّى "بهجة التوراة"، في 11 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، إلا أن معظم التقييدات الجديدة، تم إقرارها وسيبدأ العمل بها، مع دخول الإغلاق حيّز التنفيذ.

هذا القرار الذي جرى اتخاذه هناك اعتقاد جازم في اسرائيل شعبيا وحزبياً بأن نتنياهو أقدم عليه من اجل منع استمرار وتوسع المظاهرات ضده والمطالبة بإستقالته على خلفية لائحة الإتهام المنظورة ضده امام القضاء الإسرائيلي بثلاثة تهم خطيره،الرشاوي وسوء الإئتمان وخيانة الأمانة،وكذلك فشله في معالجة ملف انتشار وزيادة الإصابات والوفيات بجائحة " كورونا"،وما تركه ذلك من تداعيات خطيرة على الإقتصاد الإسرائيلي ،حيث الإنكماش وزيادة التضخم والشلل لقطاعات إقتصادية كاملة وزيادة معدلات البطالة والفقر والعاطلين عن العمل،وفي هذا الإطار يقول المنظمون للمظاهرات ضد نتنياهو والمتظاهرون بأن الهدف من الإغلاق  هو " قمع المعارضة الشعبية وتقليل أعداد المتظاهرين"،في حين عبّر منُسق مواجهة كورونا في الحكومة الإسرائيلية، بروفيسور روني غمزو، عن أسفه من القرار الذي وصفه بـ"البائس" الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية بفرض إغلاق مشدد وشامل بدء من يوم، الجمعة، للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.

ونقلت القناة 13 الإسرائيلية عن غمزو قوله حول القرار الذي اتخذ بضغط من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إنه "مثير للاشمئزاز، يجب أن أتعاطى عبوات من حبوب منع الغثيان لتخطي الأمر. هذا أمر غير مسبوق في البلاد".

وأوضح غمزو أن "كل شيء بدأ عندما قال المحامون إنه لا يمكن منع المظاهرات. حينها تساءل نتنياهو: إذا مكث الجميع في المنزل وتم إغلاق الاقتصاد بأكمله، أفلا يمكن منع المظاهرات؟".

ولفت غمزو إلى أنه في الليلة السابقة لقرار الإغلاق "كان الحديث عن الإبقاء على نشاط اقتصادي جزئي. في الصباح دهشنا من هذا التغيير في موقفه (نتنياهو). استيقظنا على جملة ‘أريد فرض حالة الطوارئ في إسرائيل".

عدد من الوزراء الإسرائيليين في حديثهم لصحيفة "هارتس" قالوا بأن"المناقشات في الحكومة تركزت حول التظاهرات والقيود التي يجب فرضها عليها، بينما تم إبعاد توصيات المهنيين ومناقشة القضايا الصحية".،وبأن هناك تصميم عند نتنياهو لإنهاء المظاهرات ضده،في حين أن نتنياهو في المؤتمر الذي عقده للدفاع عن قراره بفرض الإغلاق، قال إن "الجائحة قد تؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح البشرية". وزعم أن "السياسيين الشعبويين قالوا إنه لا ينبغي اتباع التعليمات الصحية لأنها نزوة من شخص واحد". وادعى نتنياهو أن هؤلاء السياسيين كانوا قد ماطلوا في إصدار قرارات تتعلق بإنقاذ حياة المواطنين تم تقديمها إلى الكنيست.وتابع "جيل بأكمله، مئات الآلاف من المصابين سيحملون ندوبًا مدى الحياة. في المقابل؛ أرى أشخاصًا يرقصون ويتناولون وجبات على موائد ضخمة بدون كمامات. استيقظوا، نحن في واقع مختلف. يجب اتخاذ الإجراءات الآن، إغلاق مشدد، بالذات خلال فترة الأعياد، حيث ندفع ثمنا اقتصاديا منخفضا".

نتنياهو في معرض رده على من يقولون بأن هدفه من الإغلاق منع المظاهرات ضده،ينفي ذلك ويقول بان هدفه الأساس إنقاذ الأرواح،وتلك المظاهرات لا تؤذيه سياساً،بل هي تساعده سياسياً،حيث يدعي بان الجمهور الإسرائيلي يشعر بالإشمئزاز من تلك المظاهرات،وهي لا تحدث ضرراً سياسياً له،وإنما تضر في ثقة الجمهور.

نتنياهو صاحب " الكاريزما" ورجل العلاقات العامة و"الببروغندا" و" الهوبرات" الإعلامية،قادر على توظيف الأزمات الداخلية  سياسية،اقتصادية،امنية،اجتماعية وصحية،لخدمة اهدافه ومصالحه،وإبعاد شبح  إقالته او محاكمته على خلفية التهم المنظورة ضده امام القضاء،وهو في سبيل التمسك بمنصبه ومصالحه الخاصة والشخصية مستعد لهدم المعبد على رأسه ورأس من فيه،ولعل الجميع يذكر كيف استطاع أن يحطم حزب ازرق أبيض" كاحول لافان" ،حيث عمل على شقه وتفتيته ،وجعل زعيمه غانتس يخون حلفائه ويتخلى عن شعاراته ومواقفه السياسية،ويزحف على بطنه،لكي يستجدي تحالفاً مع نتنياهو،وهذا دفع شركاء غانتس في الإئتلاف الى فض الشراكة معه،وهناك امثلة كثيرة في جوانب ومجالات اخرى،القيام بعمليات اغتيال لعدد من قادة الجهاد الإسلامي في غزة والتصعيد ضد حزب الله والقصف الجوي المتواصل على سوريا لمنع ما يسميه بالتموضع الإيراني هناك..الخ،

نتنياهو وحكومته عاشوا حالة من التخبط في القرارات والصراعات والإرباكات في اتخاذ القرارات في كيفية معالجة ملف جائحة " كورونا"،ومن هو المسؤول عن إدارة هذا الملف وزارة الصحة،الجيش او جهاز الأمن العام" الشاباك"،ورغم نقل المسؤولية من جهاز او من جهة الى أخرى،لم تفلح تلك الخطوات وتعدد المسؤوليات في قطع حبل الناقل لجائحة " كورونا"،والإصابات والوفيات بفعل الجائحة زادت بشكل كبير ، ونتنياهو رغم الرشاوي التي قدمها لكي يمتص نقمة الجمهور الغاضب،بالإيعاز الى مؤسسة التأمين الوطني لصرف مليار و 400 مليون شيكل للمتضررين من انتشار الجائحة والفاقدين لأعمالهم ووظائفهم،ناهيك عن صرف مخصصات البطالة والتعويضات للقطاعات المتضررة من الجائحة،ولكن كل ذلك لم يفلح في تهدئة الجمهور الغاضب على نتنياهو لفشله في معالجة ملف جائحة " كورونا" وما تركته من تداعيات وأثار سلبية على الإقتصاد الإسرائيلي والطبقات والفئات الإجتماعية الفقيرة وحتى الطبقة المتوسطة،ولذلك تواصلت الإحتجاجات الشعبية واتسعت على خلفية المطالبة بإقالة نتنياهو ومحاكمته على خلفية تهم الرشاوي وسوء الإئتمان وخيانة الأمانة،وبات نتنياهو يستشعر خطر السقوط والإقالة والمحاكمة والإقتراب من بوابات السجن على خلفية الفشل في معالجة ملف جائحة " كورونا"،ولكي يتخلص من هذا " الكابوس"،عمل على نقل التطبيع السري مع العديد من المشيخات والدول العربية من الجانب السري الى الجانب العلني،ولكن كل ذلك لم يفلح في زيادة رصيده وشعبيته،ولم  تتوقف المظاهرات وأصبحت حجومها وأعدادها في إزدياد،ونتنياهو لم يكن في يوم من الأيام من دعاة الإغلاق الشامل،بل إغلاق جزئي،وبما يجعل حركة الإقتصاد تدور،ولكن الغضب الشعبي والإحتجاجات والتظاهرات ضده استمرت وتواصلت،ومن هنا كان قراره بضرورة دخول دولة الإحتلال في فترة إغلاق ثانية،وبالمناسبة دول الإحتلال،هي الدولة الوحيدة التي دخلت مرتين في إغلاق شامل،هذا الإغلاق الذي سيكلف خزينة الدولة ما بين 15 – 20 مليار شيكل شهرياً،ناهيك عن ان مؤسسة التامين الوطني مضطرة لدفع مبلغ ما بين مليار الى مليار و 400 مليون شيكل كبطالة للعمال الذين سيخرجون من أعمالهم،ما بين 200 -300 ألف عامل،مما يرفع رقم العاطلين عن العمل الى 854 ألف عامل.

نتنياهو بالإغلاق الشامل سيعمل على تحقيق مجموعة اهداف،قمع الحركة الشعبية وتقليل أعداد المتظاهرين،وتوسع دائرة التطبيع العلني مع الدول العربية والإسلامية،وتشكيل حلف استراتيجي عسكري وأمني مع تلك الدول ضد ايران وأذرعها في المنطقة،وتجاوز قضية سقوطه أو إقالته عبر جائحة "كورونا"،حيث صادقت الكنيست، مساء الخميس، بالقراءة الأولى، على تعديل قانوني يمنح الحكومة سلطة منع التظاهر، في ظل أنظمة الطوارئ التي أقرتها لمواجهة الجائحة.

ولا تحدد صياغة القانون الجديد القيود التي يمكن فرضها، مما يمنح الحكومة سلطة مطلقة لفرض أي قيود على التجمهر في المظاهرات، بشرط أن "يكون ذلك ضروريًا لمنع انتشار فيروس كورونا". ويسمح القانون بمنع أي شخص من المشاركة في مظاهرة إذا حدثت خارج حدود المسافة المحددة في القيود الجديدة (1000 متر).

نتنياهو نجح بإمتياز في الإلتفاف على المظاهرات بالإغلاق،وهذا سيساعده في تحفيف الضغوط الشعبية بشكل كبير المطالبة بإقالته.

حاج في دبي ، نعمة ام نقمة/ جواد بولس


ستبقى زيارة وفد بنك لئومي الاسرائيلي، الى دولة الامارات العربية المتحدة، علامة فارقة وحاضرة في اذهاننا، نحن المواطنين العرب في اسرائيل، كلما جيء على ذكر توقيع اتفاق التطبيع الامارتي؛ وذلك ببساطة لأن من ترأس وفد كبار رجال الاعمال الاسرائيليين كان الفلسطيني/الاسرائيلي الدكتور سامر حاج يحيى، ابن مدينة الطيبة التي في منطقة المثلث، وبصفته الرئيس المنتخب لمجلس ادارة هذه المؤسسة المصرفية الصهيونية العريقة.

 لقد أثار انتخاب الدكتور سامر لمنصبه الهام، قبل أكثر من عام، نقاشًا متواضعًا، سرعان ما انطفأ وطويت صفحته في مشهد يؤكد، مرة أخرى، على أن "المجتمع العربي في اسرائيل" يعيش حالة من "فوضى الهويات" والتيه، حتى لم يعد صعبًا، على من يدقق في واقع الناس وتحرّكاتهم، أن يرى كيف يقفون وقد مسهم اللبس، على ناصيات عدد من المفارق، وبينها طبعًا "المفرق 48"؛ لكنه ليس وحيدًا.

لن تنتهي مناكفاتنا الداخلية عند تخوم دبي ولا في مياه البحرين؛ فهي لم تبدأ أصلًا مع توقيع هذين الاتفاقين ولا بسببهما؛ ولكن رب ضارة نافعة، فقد تقربنا تداعياتهما الى ما طالبتُ به منذ سنوات، وتجبر أولي الامر في مجتمعنا على اعادة حساباتهم بواقعية وبجرأة وبوطنية صادقة، فعساهم يتفقون على مجموعة مساطر  واضحة ومقبولة، سيكون من شأنها أن تهدي المواطن الحائر، اذا ما اشتبك "الفردي" لديه "بالعام"، الى بر الأمان ؛ أو أن تحثهم من أجل وضع خارطة تحدد للمواطنين الأنقياء والعصاميين "حدود الاندماج" في أروقة الدولة، فنحن نعيش في واقع سياسي واجتماعي واقتصادي متحرك بشكل دائم.

لقد كان واضحًا أن إصرارنا المحقّ على نيل كامل حقوقنا المدنية من الدولة، سيفضي تلقائيًا الى نشوء خلافات حادة، خاصة بين من يمارسون مواطنتهم بشكل طبيعي ويومي وعصامي، وبين أولئك الذين يخفون مواقفهم الحقيقية ازاء مكانة الدولة وازاء مؤسساتها، أو من بقوا أسرى لقوالب عقائدهم السياسية التي بنيت على انقاض النكبة؛ فحياتنا، بعد سبعين عامًا من المواجهات والبقاء، أصبحت أكثر تعقيدًا وتشابكًا مع مؤسسات الدولة؛ وزيادة عددنا الى ما يقارب المليونين، لم يمد أحفاد المستعمرين الأوائل بمزيد من "الحطابين وسقاة الماء" بل على العكس تمامًا ؛ فقد كبرنا وكبرت انجازاتنا ولم نعد مجرد حفنات من رخويات تخشى لسعة الشمس وغرزة المخرز، ولا عكاكيز تُغمز  بأرجل مخاتير من خشب باعوا ضمائرهم على وليمة منسف. 

لم تغب حتمية حدوث هذا التصادم عن بال قيادات مجتمعنا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، فقادة الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية، فيما بعد، ومعهم عدة قياديين وطنيين وشخصيات مستقلة وازنة، كانوا يناضلون من أجل نيل حقوق المواطنين العرب ومن اجل مساواتهم التامة في دولة طالبوا أن تكون لكل مواطنيها؛ وبالمقابل كانوا يديرون الصراع على حقوقهم القومية بوسائل لم تفرغ نصف المعادلة المدنية من مضامينها ولم تلغ نجاعتها؛ فهم، من خلال انتقاء الشعارات والبرامج السياسية المناسبة من جهة، وبناء الاطر الحزبية والحركية الملائمة من جهة أخرى، نجحوا باقامة التوازن القيادي الضروري والسليم، فكانت مبادرة بناء "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" ومعها "لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية" و"لجنة متابعة شؤون الجماهير العربية" وغيرها من اطر نقابية وحرفية وطلابية ونسائية - كانت تجارب رائدة وقفت في وجه سياسات اسرائيل واضطرتها الى تغيير بعض ممارساتها العنصرية نحو المواطنين العرب، خاصة فيما يتعلق بسياسة التعليم والتوظيف والاقصاء الجمعي والعشوائي، واستبداله، في بعض القطاعات، بسياسة ايجابية انتقائية استهدفت رعاية بعض الشرائح والنخب ودعم تطورها مدنيًا واقتصاديًا،كما جرى ويجري أمام أعيننا. 

لم يفاجئني صديقي محمد عندما سألني: يعني أما زلت متحمسًا ومباركًا لتبوأ د. سامر حاج يحيى لهذا المنصب؟ وذكّرني بمقالة كتبتها بعد انتخابه رئيسًا للبنك، تناولت فيها بعض تعقيدات حياتنا في اسرائيل وقلت: "يرمينا واقعنا الاسرائيلي في كل يوم بمعضلات هي افرازات طبيعية لحياتنا المركبة؛ وقد تكون رئاسة مواطن عربي لادارة "البنك القومي الاسرائيلي" واحدة من تلك المعضلات". ثم أردفت قائلًا: "انا شخصيًا لا أراها كذلك، ولن اتردد بتهنئة د. حاج يحيى على جميع منجزاته وتفوقه، وآخرها فوزه بالمنصب، وهو منصب رفيع وحساس ومؤثر ولا يشبه ما سبقه من تعيينات."  لم أندم على تهنئتي للدكتور سامر حاج يحيى، فأنا لم اعتبر فوزه "انجازًا تاريخيًا لمجتمعنا العربي"، لكنني، رغم ذلك، اعتبرت أن فوزه بالمنصب "يعدّ تاريخًا، صنعه فرد مميز يستحق أن نبارك له انجازه الشخصي الكبير". لكنني، مع ذلك، اعي وجود اشكال في تصرف الدكتور حاج يحيى الفردي، فاستعماله لحقه الشخصي قد يتناقض وواجبه تجاه مجتمعه، خاصة بعد ان صرح انه عاد الى الطيبة من الغربة كي يضمن مستقبلا افضل لاولاده، ولا أظنه قصد مستقبل اولاده دون مستقبل الآخرين من أولاد مجتمعه.         

لنترك قضية الدكتور حاج يحيى، ولنفكر بعقلية مواطن صالح كدح لسنين طويلة حتى يؤمّن لابنته، وضحى، فرصة لتتعلم الطبابة. أرسلها وراح ينتظر بحرقة لمدة ثمانية أعوام، فعادت اليه طبيبة ناجحة بامتياز ؛ فحلم، وهو يحتضنها، بأن تصبح نطاسية يشار اليها بالبنان، فصارت؛ فطمح بأن ترأس القسم الذي تخصصت، فرأسته؛ فصلى.. فاصبحت علمًا تتسابق عليها المنصات العالمية ، وعضوة في ارقى المنتديات العلمية وسطع نجمها بين الامم؛ فهل نؤنبها ونخوّنها لأنها قبلت أن تجلس على مقعد وأمامها علم دولتها اسرائيل؟ وهل نوبخ أباها لانه لم يحسن تربية ابنته فاسمها العربي يضيء الشاشات ولكن بعده يكتب: عالمة من اسرائيل؟

استطيع أن أغرق القراء بكم هائل من هذه الامثلة، فالمتفوقون من أكاديميين وحرفيين ورياضيين وتقنيين يملأون قرانا والمدن وقد تم استيعاب بعضهم في عدة وزارات ومؤسسات وشركات رائدة، وتبوأوا فيها أعلى المناصب وذلك رغمًا عن كونهم عربًا. فلماذا لم نواجه هذه الحالة في الماضي؟

لم ننتبه في الماضي لوجود هذه الحالة لأنها لم تكن موجودة فعلًا، وذلك بسبب عنصرية الدولة؛ فاسرائيل ومنذ قيامها لم تحتمل أن يمثلها مواطن عربي حتى لو كان فذًا في مجاله وفريد عصره، وقد تحكمت اجهزتها، خاصة جهاز الشاباك، بسياسة قبول الطلاب العرب للجامعات، لا سيما في كليات الطب والهندسة والقانون، فكانت اعداد الطلبة العرب المقبوله في تلك الكليات قليلة ومحدودة وفرص انخراط الخريجين منها في مؤسسات الدولة ضعيفة أو معدومة؛ هذا علاوة على اغلاق عدة كليات جامعية او معاهد تدريسية عليا ونخبوية، مثل معهد فايتسمان، في وجه المواطنين العرب.

اذن "للحقيقة وجهان" واحد نستطيع نحن المواطنين العرب رسم ملامحه والآخر يبقى تحت "رحمة" الدولة، فعندما كانت علاقتنا بالدولة وعلاقتها بنا تراوح بين احتمالين، كانت خياراتنا بسيطة وواضحة، ولكن عندما تعددت الفرص وفتحت الدولة، كما طالبنا، بعض مساماتها أمامنا، صارت الامور اعقد والمعضلات كثيرة؛ وفي غياب حلول لها، اصطدم بها الافراد بانفسهم.

من تفاجأ أو استفز من زيارة الدكتور حاج يحيى لدبي ستميته المفاجاءت القادمة أو سترهقه؛ فقضيتنا لم تولد مع فوز "الحاج" بمنصبه في "بنك لئومي" ولن تنتهي اذا استقال منه او اذا لم يذهب للزيارة أو لم يشارك في غيرها؛ مشكلتنا كبيرة ولا تنحصر في سلوك فرد قيّض له النجاح الشخصي بسبب تفوّقه وتميّزه؛ فنحن نواجه حالة شاذة، تعريها احيانا نجاحات أولئك الاشخاص، وهي قد ولدت من رحم المواطنة نفسها، وكبرت منذ طالبنا باسم المواطنين بتخصيص وظائف تساوي نسبتنا من تعداد سكان الدولة، فحينها استشعرت وجود مشكلة وكتبت: "ماذا نريد ومن يملك تحديد المساطر وتوزيع المماحي والبيكارات؟ اين حدود المسموح وما الممنوع؟ أتريدون حقًا وظائف تساوي نسبة عددنا من سكان الدولة في كل وزارة ودائرة وشركة وجهاز ومحفل ؟ وهل يجب أن نناضل من أجل استعادة كراسينا المسلوبة في شركات الدولة أو في هيئة موانيء اسرائيل ومصلحة الضرائب والجمارك وهيئة البترول والغاز والبورصة وبنوك اسرائيل ؟".

صرخت وضاعت صرختي في واد. لم يرِث أحدٌ جيلَ الكبار وتعاقبت الاجيال من دون رعاة وقادة، وبقيت الاسئلة القديمة عالقة تنتظر الخلاص، فمن يقرر ماذا ؟ ومن يضع قواعد الاشتباك بين الفردي والعام ؟ ومن يرسم حدود الاندماج ؟ 

قد لا يأتينا الفرج قريبًا، ولكن ذلك لا يعفي قامة مثل د. سامر حاج يحيى من ان يبادر كقدوة ويرسي سابقة، فيعمل من اجل مؤسسته باخلاص، ويمثل، في نفس الوقت، قضايا مجتمعه ويدافع عنه من على كل منصة ومنبر.  عليه ان يجد الوسيلة، فاذا فعل هو ذلك وفعل مثله الآخرون فقد تصبح ريوع المواطنة بركة لعامة الناس والمجتمع، لا أرصدة شخصية في حساباتهم الشخصية وحسب. 

أنــــــا والـمــــرأة / حســين حسـن التلســــيني



حيـــن أقـف أمــــــام الـمـــرأة

تصبــــح قـامتـي شمعـــــة

وتـرحـل الدمــوع دمعـة تـلـو الدمعـــــة

وتـظـل هــامـتــي للرحــالــة حكمــــــة

وكفـــاي فنـــــــاراً ونســمـــــــة

ويـمـسـي فـؤادي لـرواد الحُب مملكــــــة

شيــــدهــا الحُب والبسـمــــــة

وسـادهــا الحـرف الحَمَـام والنـغـمــــــة

وتبــقى الشـمـس الحبـيـبـــــــة

والقمـر الحبـيــب رئـتـــيَّ

ويَكُون عَـقْـدُ قـران الرافديـــن بيـن ضفـتـيَّ

وحيـن أضـع قلبـي بيـن كفيـهــا

يصيـــرُ كـحـلاً لعيـنـيــهــــــــا

وشـذاً يعودُ شــبـابـاً فـي ضفيـرتـيـهـــا

وأســـاور المشــرقيـن فـي معـصـميـهـــا

وحيــن أذوبُ في شـفتـيـهــــا

وتســــقطُ حلوى العيـد من وجنـتـيـهـــا

أبيتُ ظلاً حنـوناً فـوق سـفوح جـفـنـيـهــا

وخلاخيـل نرجــس تســكن في قـدميـــهــا

وحيـن أنــامُ بيــن حصــار نـهـديـهــــــــا

وبـنغمــــة العــرس أورِّدُ خديـهــــــــا

يـرفـرف الشـرق والغـرب فـوق كـتـفـيهــــا

ويــرقـص الشـــمال مـع الجنـــوب

رقـص الهــوى بيــــــن يديهـــــــا

ويـصـبح الفجـر قــرط النــدى في أذنـيهــــا

وحيـن أصغـي الـى بلـدة الحب في صـدرهـــا

وتـلتحــفُ روحي بـحنـــــــــان شَــــعْرهــــــا 

وأطــوف حُبـــاً حـول واحـــةِ طهرهـــــــا

أمسي ريـاض المسـيح بسحرهـا وبيـــاض عطـرهـا

وعنـدليــبـــــاً ريشــــــــهُ مـن أوراق زهرهـــــا

وغيـومـاً كلمـا تـضـحـك تـغمـر الدنيــا بقطرهـــا

العـــراق / الـمـوصـــل ( 19 ــ 12 ــ 2009 ) 

homeless.h@yahoo.com


في مدح التمرد ، هنري مالر/ ترجمة د زهير الخويلدي

 


" وبما أن الشجاعة في العمل لا تُستدل على الرغبة في الفهم، فإن الفكر المعقد يجمع الأسباب مع مرور الفصول، ويفوض الآخرين مخاطر التدخل."

ظهرت هذه المداخلة، في الأيام الأولى من نوفمبر 1995، في عدد خاص من الأزمنة الحديثة في مارس - أبريل - مايو 1996، مخصص للالتزام، بمناسبة الذكرى الخمسين لإصدار هذه المجلة1[1].

"ما أشعل فتيل ثورتنا ، رعبنا ، هناك مرة أخرى ، موزعة ، سليمة ومرؤوسة ، جاهزة للهجوم ، الموت. سيبقى فقط شكل الاستجابة ليتم اكتشافه بالإضافة إلى أنماط الضوء التي سوف تكسوه بألوان اندفاعية"2[2] كتب رواد التقدم ذات مرة تاريخ متساهل: باسم المستقبل الموعود، تشبثوا بحاجز كل حاضر عابر. رجال الدين المحبطين من الوهم ينقضون الآن تاريخ رادع: باسم الماضي المنكوب ، وضعوا المستقبل في حوض جاف. المؤرخون يتحولون إلى كتاب العدل للأمر الواقع. يستمر الفلاسفة في الاعتقاد بأن تغيير العالم يكفي لتغيير تفسيرنا له. عندما يقف أسياد اللحظة على ركبهم ، فإنهم يؤمنون بأنه إذا كان العالم خانقًا ، فذلك لأنه قد ابتلع بعض المفاهيم بشكل خاطئ. تتكاثر شخصيات جديدة للروح الجميلة. لديهم أيضا أيدي قذرة. لكنها أيدي ملطخة بالحبر. للحفاظ على براءة إجاباتهم ، يفضل الأشخاص ذوو النوايا الحسنة التفكير في الأسئلة على أنها غير لائقة ، بدءًا من هذا السؤال: "ماذا تفعل؟ ". إن الخوف من أن الإجابات المفرطة في البساطة ستضلل مرة أخرى قسم الحقيقة يثني عن تكرار هذا السؤال بشكل جذري. تعقيد الواقع ، والمطالبات بالإجماع ، وإلحاح الحاضر: تتضافر الحجج عندما يتعلق الأمر بشل أي رغبة في تطرف رفضنا وآمالنا.

تعقيد؟

   على عكس تشخيص ماركوز ، سمح محو الخطوط الأمامية القديمة بظهور عالم أحادي البعد ولكنه معقد: هكذا يذهب الواقع والمظاهر. لم نعد نؤمن بالقصص الرائعة أو المشاركة الرائعة. يقولون إن التاريخ لم يعد منظمًا حول الخيط المشترك للاشتباكات الطبقية. يُعتقد أن الجغرافيا لم تعد تقسم الدول المضطهِدة والدول المضطهَدة. في محيط حيرتنا ، تختلط الترددات والتقلبات في التاريخ بمياههم ويخلط السياسيون خياراتهم. لقد انهارت بساطة المواجهات. لقد فرض تعقيد الواقع نفسه.

  سادت المصالحة المبكرة مع الواقع حتى ذلك الحين لعقلانيته ؛ الآن العقول التي كانت مهدئة من قبل عقلانية الواقع تسيطر عليها العقول المتواطئة في تعقيدها. ممارسوها العامون مشغولون حولها ويتكاثر المتخصصون فيها ؛ فالأول ينظّرون حولهم ويتركون للآخرين أن يتعاملوا معهم.

   الخبير الإستراتيجي الذي عمل الجيوسياسيات بين الأمم المتحدة وحلف الناتو يرى مهمة ديكتاتورية مجهولة الهوية أو مجزرة غير قانونية بين صفين من الصواريخ ، وهواتف لأخذ الأوامر التي أصدرها لنفسه ، وإرسال مشاة ومسعفين. لعدم قدرتنا على فعل أي شيء لكل هذه الاضطرابات ، دعونا نطبق نظريات الفوضى عليها.

   الدبلوماسي الذي يكشف خريطة العالم ، ويضع النظارات الضرورية لنظرته الكوكبية ، يشير إلى منطقة من الصراعات حيث يتركز ميزان القوى مما يخلق همجيات صغيرة وكبيرة: المقاتلون الحربيون للتسوية لقاء مع دعاة حرب الإبادة. غير قادر على فعل أي شيء حيال هذه الاضطرابات ، فلنحاول أن نكون عداداتهم.

   الخبير الذي يقدم المشورة بشأن ف م م أي ، يفتح بريده الإحصائي ويحسب العجز ، ويخطي منحنيات البؤس والإذلال ، ويصف سكرتيرته والجشع ، المتذوق ، الحكومات غير سهلة الانقياد. غير قادر على مساعدة اضطراباته ، دعونا نتظاهر بأننا معالجهم.

   من الشخصيات الكاردينالية إلى مقاوليهم من الباطن المتواضعين ، تزخر السياسة والاقتصاد والجيش بالمثقفين المنخرطين في متاهة التعقيد. دعونا ننسحب لفترة من وراء حدودنا. ماذا نرى؟ الوجوه المألوفة للكفاءة والوسطاء ورجال الحاشية من نبلاء الدولة الذين يضاعفون قدرتهم على الخبرة: حماة المعرفة الذين يتعايشون فقط مع من يملكون السلطة. هل يتعبون من أجل قضية اجتماعية نبيلة؟ تحت ستار التعقيد ، يدعي تحريض الخبراء أنه يحل محل تعبئة الفاعلين. هل يقولون أنهم تركوا؟ هناك دائما أناس يضعون هذا الشكل السخيف من مقاومة الموسيقى: "الخبراء يتحدثون إلى الخبراء".

معرفة التعقيد لا يدعم تخطيط العمل. ولكن في طليعة أي عملية صنع قرار، لا يوجد سوى الاختيار بين "نعم" أو "لا" - بين "مع" و "ضد" ، بشكل خطير ولكن بالضرورة مفرط في التبسيط. لا يزال القرار في حالة حرب ويقسم العالم إلى معسكرين. لكل نسخته الخاصة من المشاركة: هذا هو الحد الأدنى من إيتيقا الديمقراطية. لكل معسكره: هذه هي الأخلاق الملزمة للعمل. لأنه في طليعة القرار، الدوافع صامتة: ما لا يوجد وقت للحديث عنه، يجب القيام به. من المفهوم أن التعقيد الذابل يكون حذرًا من البساطة المتشددة: يبدو أن انحرافات المعرفة مهددة من خلال اختصارات العمل. وبما أن الشجاعة في العمل لا تُستدل على الرغبة في الفهم، فإن الفكر المعقد يجمع الأسباب مع مرور الفصول، ويفوض الآخرين مخاطر التدخل. في الوقت نفسه ، عندما يتعلق الأمر بهذه المخاطر ، من السهل الخلط بين حزب التعقيد وحزب الدبلوماسية والأناركية: وهذا يعني ، بشكل عام ، إدارة الوضع.

   هل يمكن أن يكون الأمر غير ذلك؟ يمكننا الشك فيه. إن ناقلي اليقين ، الواثقين من التاريخ الذي أودع في البروليتاريا شمولية التحرر وفي ذهن المثقف ، سقط تمثيل هذه الشمولية. لقد فقد الطريق السريع للتاريخ من يتنقلون به: المثقف النبوي لا يزال على قيد الحياة ، ولكنه اختزل إلى دور اللامبالاة المسؤول عن تقليد التجاوزات. ركاب المتاهة، الذين استسلموا لتاريخ بددت كل آماله وضاعفت كل أهواءه، خلفوه. يسلكون الآن العديد من الطرق المتعرجة. المثقف النوعي، الذي دعا إليه فوكو ودولوز للخروج من عرينه، لا يتم التسامح معه إلا بشرط أن يظل محبوسًا في دور المتخصص في أهون الشر: جراح الخدش وواصف الدواء الوهمي. ومع ذلك، فإن أشكالًا جديدة من الفكر تغطي المجال الاجتماعي بأكمله وتتقاطع مع جميع مجالات النشاط. إنها تعطي فرصًا جديدة لأشكال جديدة من المثقفين النوعيين: المتخصصون على المدى الطويل ، بلا شك ، لكنهم مصممون على إلقاء الضوء على بساطة الخيارات ، وليس المتراكمين المكلفين بإعادة صياغة تعقيد الأشياء ؛ الجهات الفاعلة للمعرفة المسيطرة وليس المساهمين في المعرفة المهيمنة ؛ براثن المعارضة ، وليس تروس التوافق.

توافق؟

   أنبياء القطيعة أطلقوا من قبل المتخصصين في الخياطة. هؤلاء يشكلون مجموعة مثيرة للإعجاب: الأخلاقيون المتواطئون الذين يتجاهلون الفضائل وفقهاء الحشمة الذين يعتبرون أنفسهم علماء أخلاقيين ، ومؤرخو الحياة الطبيعية الذين يشهدون لنا وفلاسفة السياسة الذين يؤثرون في الاعتقاد بأن يصبح الوضع الراهن قابلاً للتنفس إذا أمكن تعديل المبررات. إذا كان لنا أن نصدقهم ، فإن العناد يجب أن يفسح المجال لكفاءة وتطرف الرفض غير القابل للاختزال للتنازل لصالح كفاءة التقدم غير الحساس.

   إن الاستماع إلى هؤلاء الموافقين، والتحدث، يعني إخضاع الاستجابة للنداء: أن يشهد المرء على معاناة المرء ، قبل معرفة كيفية التزام الصمت لمنح المترجمين الفوريين الوقت لإنجاز عملهم. يجب أن تؤدي المناقشة ، التي تقتصر على الصفقة أو التفاوض ، إلى خنق الخلاف: اندلاع ، في النظام الحضاري للغة ، كلمة يُعرف عنها ليس لإقامة حوار ، ولكن للتراجع عن توافق في الآراء ؛ عدم إظهار الجروح أمام أعين المعالجين المحترفين أو الحصول على تعويض من مسؤولي إنفاذ القانون ، ولكن لفرض ما تضفي عليه هذه الكلمة الشرعية.

   لسماع هؤلاء التائبين ، فإن الفعل يعني إخضاع الاحتجاج للقضية: التجنيب من أجل الترتيب. العمل السياسي ، ولكن مصادرته من قبل المتخصصين فيه وتحويله إلى عجز ، يجب أن يمحو الفتنة: اندلاع ، في مواجهة آلية الهيمنة ، لعمل مكشوف ، وليس شهادة على توعك ، ولكن للتراجع عن وفاة ؛ لا لتجديد الأفعال التي يمارسها النظام الاجتماعي ، ولكن لتخريب ترتيباتها الأكثر دقة.

   التخريب ، لأن التنازل منذ البداية يعني الاستسلام مقدمًا: "تنشأ التحولات الحقيقية والعميقة من الانتقادات الراديكالية ، والرفض الذي يؤكد نفسها والأصوات التي لا تنكسر"3[3]. الانتقادات والرفض والأصوات والأفعال: المشاحنات التي لا تندمج مع المحاكاة المتلفزة ؛ الفتن التي لا يخيفها العقلاء الأكفاء.

   ماذا يمكن أن يكون معنى هذه الالتزامات؟ إلى اليوتوبيا التي تعتبر شمولية والتي تخنق الواقع الذي يدعون أنها تحتضنه ، فإن الحكمة توصي ، كما قيل لنا ، بتفضيل الإجراءات الإنسانية والسياسات المجزأة. لكن السياسات المجزأة تداعب الجراح التي يائسة من التئامها ، والإجراءات الإنسانية تشفي الجروح التي تولدها السياسات أو تسمح بتفاقمها: القصة الكارثية تتبع مسارها دون توقف.

   تستحق الأعمال الإنسانية أقل قدر من السخرية، لأنها تعرف عمومًا حدودها: محكوم عليها بتفويض الحلول لأولئك الذين يعملون لجعلها مستحيلة أو لتقديم دعمهم لسياسات لا حول لها ولا قوة أو مذبحة تحتاج إلى عذر. ومع ذلك ، بين وعود الإدارة قصيرة النظر والآمال بعيدة المدى في اليوتوبيا ، يبدو أن العمل الإنساني الآن هو السياسة الأخلاقية الوحيدة. في حروب زماننا ، لا تعرف إلا الضحايا ؛ لكنها ، منتبهة بدقة إلى تكافؤ الألم ، لا تعفي من التشكيك في التسلسل الهرمي للأسباب. في مآسي عالمنا، تأتي لمساعدة الأكثر إلحاحًا؛ ولكن، عندما يتم حشدها على وجه التحديد بحياة لا تنتظر، فهي سياسة افتقارها افتراضيًا في جميع السياسات. إن حالات الطوارئ الإنسانية تتحدى صبر السياسة. يمنع هذا التحدي الخلط بين العمل الإنساني والأيديولوجية الإنسانية: فالأول يدعو إلى سياسة تجعله متطرفًا. الثاني يتجاهل - ويفضل أن يكون على المهنيين الذين يعانون من البلاء المدعومين من قبل رعاة الرحمة - من أي سياسة راديكالية: في هذا الشكل، تكون حالة الطوارئ الإنسانية متزوجة، عن طيب خاطر أو بالقوة، بالتعقل - عندما يكون هذا ليس فاحش - سياسي.

لقد انتصرت السياسات المجزأة مؤقتًا على أي بديل ثوري. دوليًا ، يوزعون تحكيمهم ، دبلوماسيًا أو مسلحًا ، لصالح الفائزين. في الإطار الوطني، يضاعفون التعديلات: بضع نتوءات للتطهير وبعض حالات الطوارئ التي يتعين مواجهتها. يخفي المدافعون عن الإقصاء الاجتماعي الاستغلال الذي لا يشكله هذا الإقصاء سوى النتيجة النهائية والمأساوية ؛ يحاول قتلة الانقسام الاجتماعي تجصيص التقسيم إلى طبقات يكون الانقسام فيها هو الشق الأكثر فجوة. باسم التماسك الاجتماعي ، تذوب السياسة في الشرطة[4] 4 ، يتم حل البديل بالتناوب ، يصبح الممر من اليمين إلى اليسار مجموعة متنوعة من مواقف السيارات البديلة. باسم الاستعجال ، تغزو الاستعارة الطبية الخطاب السياسي ، وكأن السياسة لم تكن أبدًا مجرد شكل من أشكال الطب: باسم الإلحاح ، دعوة إلى الإصلاح ؛ باسم الاستعجال لإلغاء اليوتوبيا.

حالات الطوارئ؟

   حالات الطوارئ من الدعوة الحالية ، أولا ، للاعتماد على الإصلاحات. هل يجب أن نخافه؟ الرثاء على ضرر الإصلاح (لأنه سيتم استرداده) أو استحالة الإصلاح (لأننا سنكون محاصرين) لا يمكن أن يُنظر إليه على أنه نقد للإصلاحات، ولا حتى للإصلاحية.  لكن الإصلاح يمكن أن يتعارض مع الإصلاحية نفسها. فليس فقط نيته الإصلاحية هي التي تحدده ، بل وحدة الهدف والطريقة: معالجة الأعراض بالإصلاحات الممنوحة ، بدلاً من استئصال الأسباب من خلال الانتصارات المحققة. حل الفاعلون محل الحالمين. لكن ماذا كانوا يفعلون منذ عشرين عاما؟ لقد رفضت الواقعية اليوتوبيا. لكن لأي حقيقة؟ كل ما عليك فعله هو أن تفتح عينيك ... بالحكم على خدمتهم للطوارئ والإصلاح، فإن الكفاءات بعيدة كل البعد عن احتكار الكفاءة. الطب البديل (على اليسار)، المقدم للمستفيدين دون مشاركتهم والعلاج بالصدمة (على اليمين) ، المفروض على الحراريات الذين ليس لديهم فهم لحالتهم هي الأنواع الوحيدة المسموح بها من "الإصلاح" ، يفضل الآن فهرستها بالانحدار. لا شك أن الفرق بين الاشتراكية الليبرالية والاشتراكية الليبرالية لا يزال ملحوظًا. لكن المحتوى مرتبط بالطريقة: إنه بالطبيعة الراديكالية للصراعات التي يمكن للإصلاحات ، وإن كانت مفهرسة للتقدم ، أن تعطي نتيجة موضوعية أو مؤقتة تدين بمعناها. هذا هو السبب في أن الحكم على اليسار في السلطة لا يجب أن يحكم عليه على أساس النتائج التي لم يحققها بقدر ما يتم الحكم عليه على أساس المعارك التي لم يخوضها ، باسم التسريح الاجتماعي الذي حافظ عليه هو نفسه. . إنها تستعد لإعادة الإجرام ، مستعدة ، مرة أخرى ، للتنديد بواقعيتها في اليوم السابق باعتبارها مدينة فاضلة. ومع ذلك ، فإن الراديكالية أقل ضعفًا مما يُقال: يكفي مقارنة التحولات الاجتماعية التي فضلتها (والنكسات الاجتماعية التي سمحت باحتوائها) بآثار الكفاءة التكنوقراطية التي تستمر في النمو. تخلط بين إلحاح الحلول التي تقدمها وإلحاح الحاجات الاجتماعية التي يجب تلبيتها.

   إن حالات الطوارئ الحالية تدعو ، حسب نفس المنطق ، إلى تأجيل يوتوبيا المستقبل. هل يجب أن نشكو؟ الرثاء حول عجز اليوتوبيا (لأنها ستحول المعارك الحالية) أو انحراف اليوتوبيا (لأن أحلامها ستتحول إلى كوابيس) لا يمكن أن تكون لها الكلمة الأخيرة. اليوتوبيا هي الجانب الآخر الذي لا غنى عنه في حالة الطوارئ. تحت مظلة الاحتياجات الملحة ، تذمر التطلعات اليوتوبية. المدينة الفاضلة؟ ولما لا ؟ اليوتوبيا لا تظهر على السطح على خريطة المجتمعات القائمة. لكنها تكمن ، في العمق ، في قلب افتراضات الحاضر. هناك العديد من العناوين. دعونا نحتفظ بواحد فقط: في المجتمعات المتقدمة ، تتعقب البطالة والهشاشة والبؤس وانعدام الأمن للوجود بخط كثيف دائرة الاستعجال وتحدد أهداف المعارك التي يأمر: تخفيض ساعات العمل والحصول على دخل اجتماعي مضمون. هذه الأهداف ملحة وطوباوية بشكل ملموس ، لأنها تتبع ، ولكن في خطوط منقطة ، معالم حضارة لم يعد فيها إشباع الحاجات مرهونًا بالكامل بالعمل الضروري وحيث لا يتم نشر النشاط البشري. ستلتهمه السخرة بالكامل.

   المقاومة للحاضر المنكوبة تشير إلى مستقبل متحرر. تحت هراء النظام تكمن ودائع اليوتوبيا. جدلية؟ ولما لا ؟ إن الديالكتيك ، إذا أعدنا التفكير فيه ، لا يجب الخلط بينه وبين الرسوم الكاريكاتورية التي بررت تشويه سمعته. منذ فورييه على الأقل ، نعلم أن البؤس الحضاري هو الأشكال المدمرة لإمكانيات التحرر. وبالتالي ، فإن البطالة وعدم الاستقرار يحققان بطريقتهما التي لا تطاق تقليص ساعات العمل وإعادة توزيع النشاط البشري ، حيث إن ر م أي والمساعدة تمثلان أرقامًا مروعة وبائسة فيما يتعلق بتلبية الاحتياجات.

   في جميع المجالات ، يجعل العمل في الوقت الحاضر من الممكن اكتشاف الاحتمالات الجانبية والافتراضية المحبطة ؛ إنه يدعونا إلى التخطيط وابتكار أشكال إنجازها - لرسم الخطوط العريضة لحضارة أخرى: مجتمع يكون فيه التطور الحر لكل فرد شرطًا للتنمية الحرة للجميع. شيوعية؟ ولما لا ؟ دعونا نترك الخوف من الكلمة ، إذا استطعنا الاحتفاظ بها: المثل الأعلى ، ولكن متصل بالواقع ، لمجتمع لا يكون فيه الانشغال غير المنتظم للقلة شرطًا للتطور المشوه لجميع الآخرين.

على أي حال ، لا يمكن لحيوية الأمل الإيجابية إلا أن تكون عكس الضراوة السلبية للتمرد. ومع ذلك ، فإن الالتزام ليس الكلمة الصحيحة أو المفهوم الصحيح لتسمية هذا التمرد ، لأنه يُقاس بالالتزامات التي تسبقه دائمًا: التزامات ما لا يطاق. هم الذين يدعوننا لتحويل ثقة رينيه شار إلى مبدأ مفاده: "لكي يبقى الشر بلا هوادة ، فقد خنقت التزاماته"5[5].

   هذا هو الرفض الراديكالي الذي ينخرط. لكن هذا الالتزام - إذا رغب المرء في الاحتفاظ بالكلمة على الرغم من كل شيء - ليس اختيارًا مثيرًا للشفقة لموضوع يتساءل عن وجه حريته العاطلة عن العمل وويله الذي لا نهاية له. ليس هذا الكفارة عن الحرية أو هذا الوعد بالسعادة هما اللذان يُقدمان ، المحفوف بكل إحباط وكل إنكار ، لمن يعتقد أنه يعيش في حالة انعدام الوزن الاجتماعي. هذا الالتزام ليس اللعنة الثالثة التي ، بعرق الجبين المرهق وآلام الولادة ، ستزيد من بؤس العمل السياسي. هذا الالتزام ليس واجبًا أكيدًا على الشخص الذي يُطلب منه سداد دين أصلي أو استرداد سيادته المفقودة. أخيرًا ، إنه ليس مشروعًا مرسومًا على مستقبل معتمد: متجذرًا في القمع الذي يحاول صده ، يقف التمرد منتصبًا في تاريخ كارثي يحاول أن يأخذ من الخلف ، بدلاً من ذلك منه على أفقي قصة موعودة نتمنى منها إيصال المعنى.

الخاتمة

   ماذا ستكون الخطوبة بدون غضب؟ عذاب فكري يقدم كغذاء لأقرانه والمتواطئين معه ؛ موضوع مقال لا يرتكب أي شيء حرفيًا.    يتطلب الأمر كل شيء لإنشاء عالم:

   مسؤولو التشخيص وخبراء من ذوي الخبرة ، والمتخصصون في التعقيد والمحراثون المتخصصون ، وأبطال الحياء والعطاءات ، وصناع الجدوى ، وأصحاب القدرة على الكلام: فاعلو إدارة...

  محترفو المؤسسات وبناة السقالات ، ومعملو الواجهة ، وملحنو الفضيلة ، وبستانيو الكينونة ومروجو الفراغ ، وفلاسفة ما بعد ، وعلماء الأخلاق الكيتش: جماليات الإجماع ...

   مؤلفون بلا ذاكرة وعرافون بلا مثال ، وكتاب عدل التاريخ وحفّار قبور المستقبل ، وحافظو الأرشيف وحراس الأسرار ، وشهود دبلوماسيون ، والعكس صحيح: مؤرخو الحاضر ...

   الصحفيون المحليون ومراسلو الأرصفة وكتاب الأعمدة في الفيغارو ومعهد العلماء السياسيين وقادة الرأي ومبدعي التسويق ومتذوقي النبيذ ومختبري السكر: المعلقون الحاليون. .

   المربين للمعلمين والمستشارين للمستشارين وصناع القرار والأوغاد ومصنعي مضادات الذهان ومضيفي التلفزيون: دهن المتطرفين ...

   مقلدي الصدقات وعمال الرحمة ، عمال المياومة الواقعيين والعمال الموسميين التقشف والنواب اليمينيين والنواب اليساريين: مساهمو العمل ...

   لقطات تليفزيونية مقربة وخلفيات مجهولة ، لسكان الأحياء الفقيرة ومسلمي الضواحي ، وفئران المدينة وجرذان الحقول ، وأنابيب وسباكون ... والراكون الذي لا مفر منه.

لكن لا شيء يمنعك من التفضيل ،

   للقادة الفعالين والمؤسسين غزير الإنتاج ، ماركس وفورييه ؛

   للمؤرخين الموثقين والمعلقين المرخصين ، والتر بنجامين ؛

   إلى الخريجين والممثلين المعينين ، القائد المساعد ماركوس ؛

   إلى التناقضات الخيالية والزواج التوافقي: تمزقات صريحة ومخططات تحريضية ، تغذيها أجهزة الكشف عن الكوارث والمنقبون الطوباويون.

هنري مالر (نوفمبر 1995)


الاحالات والهوامش:

1 الأزمنة الحديثة ، عدد587 ،مارس –أفري-ماي 1996 ،صص. 292-302

2 روني. شار ، "سحر سعيد ..." (1951) ، البحث من القاعدة إلى الأعلى ، بليادي ، ص. 652.

3 ميشيل فوكو ، "مقدمة" ، في آر. كنوبلسبيس ، ك. : منطقة أمنية مشددة ، باريس ، ستوك ، 1980 ، في أقوال وكتابات ، جزء . 4 ص. 7.

4 بالمعنى الذي فهمه فوكو ، بالمعنى الذي فهمه جاك رانسيير ( الكذاب ، نشر غاليلي  1995).

5 روني. شار ، "العيش مع هؤلاء الناس" ، البقايا الوحيدة (1938-1944) ، بليادي ، ص. 144.


[1]  Les Temps Modernes, n°587, mars-avril-mai 1996, pp. 292-302.

[2] R. Char, « Heureuse la magie... » (1951), Recherche de la base au sommet, Pléiade, p. 652.

[3]  M. Foucault, « Préface », in R. Knobelspiesse, Q.H.S. : quartier de haute sécurité, Paris, Stock, 1980, dans Dits et Ecrits, t. 4 p. 7.

[4]  Au sens où l’entendait Foucault, au sens où l’entend Jacques Rancière (La mésentente, Galilée, 1995).

[5] R. Char, « Vivre avec de tels hommes », Seuls demeurent (1938-1944), Pléiade, p. 144.

التوقيعُ/ د. عدنان الظاهر


طَلَبتْ منّي توقيعا

شغلتني وتنحّتْ عنّي

أني أتنفسُ قاعَ المِرجانِ 

وقّعتُ شهادةَ ـ قبلَ المولدِ ـ ميلادي

وقّعتُ صكوكَ الغفرانِ

وأَقمتُ الزارَ ودقَّ الطنبورِ

وقّعتُ على أحجارِ الدارِ

ونسيتُ الموتَ وصوتَ الآتي

وقّعتُ وقَعْتُ أُلملمُ أطرافي

عانيتُ مَرارَ الحمّى الصفراءِ 

سقطتْ أسقفُ داري

كَسَرتْ ساقي اليسرى

سقطتْ " عَدَويةُ " غرقى في بئرِ

وقّعتُ أمامَ شهودِ الطبِّ العدلي

أنَّ الدُنيا طاحونُ عِظامِ

قتلتني وأقامتْ نُصْبا

في مُدخَلِ مسقطِ رأسي

يصرخُ كالديكِ يُكبّرُ ليلا 

أنَّ القتلى أنصابٌ تمشي

لتُري آياتِ الأزلِ الكبرى

أنَّ الإنسانَ ظَلومٌ وغشومٌ ظلاّمُ

يقتلُ كي يُجبي أو يحيى

هذي اللُعبةُ لا أرضى عُقباها

حيناً أرفضها حيناً أرضاها

تطلبُ منّي توقيعا

إني مُختارُ العصرِ الآيلِ للشَفَقِ المُخضلِّ

شاهدُ لَفْظِ حروفٍ بادتْ 

سَقَطتْ في طُوفانِ القتلِ 

جَرَفتها أمواجُ دماءِ السيلِ

ما تنفعُ بَصمةُ إبهامِ 

ما ينفعُ آنستي تقبيلي 

تحميلي وِزْرَ سقوطِ النجمةِ في بُرْجِ التأويلِ

إيّاكِ وحِبْرَ التجميلِ

الخُدعةُ في شقِّ المنديلِ

تُخفي قولَ الطاحونِ ...

وَقْعْ وابرأْ من دينِ الإسلامِ

وتنازلْ عن قبوِ أبيكَ وصولةِ جدّكَ في عامِ الفيلِ

وَقّعْ أنكَ إعداماً مشنوقُ 

 بجريمةِ قتلِ ذُبابةِ رمزِ القصرِ الجمهوري

حرّضتَ كلابَ المعمورةِ أنْ تنبشَ قبرَ الطاغوتِ المجهولِ

أنْ تنبحَ أقواسَ النصرِ المزعومِ

إدفعْ أجرَ الدفنِ وفأسَ الرأسِ المطحونِ ...

وقّعتُ صكوكَ التكفيرِ وصكَّ الغفرانِ

ألاّ أنهضَ حيّا

أتكلّمُ طفلاً في مهدي 

بِرّاً وتقيّا..

وقّعتُ على همْزاتِ الوصلِ وقفزاتِ الزمنِ الحاملِ أجراسا

أنَّ الدنيا قرقعةٌ وزعيقُ.


أنطون شماس الشاعر والمعرِّب/ شاكر فريد حسن

 


عرفنا الشاعر والمعرِّب أنطون شماس في السبعينات من القرن الماضي، من خلال القصائد والترجمات والكتابات الأدبية التي كان ينشرها في صحيفة " الأنباء "، ومجلة " الشرق " التي كان يرأس تحريرها الأديب محمود عباسي " أبو ابراهيم "، وكان هو سكرتير التحرير. 

 حينها كان في مقتبل العمر، شابًا نشيطًا نابضًا بالحيوية، غزير الكتابة والنتاج الشعري والأدبي، يكتب القصيدة الحديثة المتحررة من القيود والأوزان. 

أنطون شماس من مواليد العام 1950 في قرية فسوطة بأعالي الجليل، تلقى تعليمه الثانوي في حيفا، والأكاديمي في الجامعة العبرية في القدس بموضوعي الأدب العربي والانجليزي، بالإضافة إلى تاريخ الفنون، ثم اشتغل منتجًا في قسم البرامج العربية في التلفزيون. بعد ذلك اشتغل في الترجمة ونشر المقالات الأسبوعية في صحيفة كول هعير التي كانت تصدر في القدس. وفي العام 1987 ترك شماس البلاد وسافر إلى أمريكا، وهناك عمل محاضرًا للأدب في جامعة ميشينغان، وفي العام 1997 عين محاضرًا بدرجة بروفيسور في دائرتي الأدب المقارن ودراسات الشرق الأوسط. 

وأنطون شماس ثلاثي اللغة يتقن الكتابة باللغات الثلاث، العربية والعبرية والانجليزية، وعرف بين الأوساط الثقافية اليهودية والعالمية بروايته الشهيرة التي كتبها بالعبرية وحملت عنوان "عربسكوت" الصادرة العام 1986، وترجمت إلى لغات عديدة. 

ويعد شماس من شعراء التجديد السورياليين، أصدر ديوانه الشعري الأول باللغة العربية بعنوان " أسير يقظتي ونومي "، ثم نشر مجموعتين شعريتين بالعبرية. 

وكان الأديب المرحوم بروفيسور فاروق مواسي تناول هذا الديوان " أسير يقظتي ونومي " في دراسة نشرت بكتابه النقدي " عرض ونقد في الشعر المحلي " الصادر العام 1976، فأشار إلى أن شماس يلج من خلال قصائده في عالم مثقل بتجارب مبهمة وحالات شعرية يمتزج فيها الوعي باللاوعي ويتعايش فيها المنطق واللامنطق. فاسم الديوان يشير إلى الحركة والوعي واللاوعي: 

أحلم بيقظتي ونومي  

أسير ليلي ونومي  

لا أسير، أسير يقظتي ونومي. 

ويرسم أنطون شماس النازف ألمًا، بفرشاة على جدران القدس، واعيًا لمأساته قائلًا: 

قولوا لعازف القيثار على بوابة الخليل 

كل المدينة سوف تنهار إذا توقف. 

وتمثل قصائد أنطون شماس أنموذجًا للكتابة السوريالية المستقبلية، فهي نصوص موحية تستفز الذهن وتتحرك داخل غابة من الرموز والغموض الشعري، ولا تبحث عن المقروئية الجاهزة، بل أنها تحاول أن تخلق مقروئيتها من عوالمها الجمالية ومن شروطها الفنية المستحدثة. وتشترك أغلب قصائده حول مركزية الإنسان، أو خلف أنساق جديدة قوامها الخلق الإنساني الوجودي، وغارقة في الجو التغريبي. 

ومن نصوصه التي كان قد نشرها في مجلة " الشرق " العام 1972 نقتطف هذه السطور من مقطوعته " تخطيطات للموت "، حيث يقول: 

افترقنا هكذا : قالت  

سأقطع نصف الطريق اليك في حلمي، وتقطع انت نصفها الباقي. 


اختبأت تحت وحدتي الباردة كمفتاح بيتها  

الذي تخبئه تحت حجر في أول الدرج. 

وقلت زغب الصنوبر (خشب التوابيت) للفخذين  

قشعريرة الشهوة. تاتي العروس من الشمال بيضاء  

كالأكفان. أموت في طرحة الصمغ. 


تستيقظين في الليل على هسهسة الزهور التي تسافر 

من الوسادة الة شعرك. تتسرب الى جسدك. تداعب  

عريك من الداخل. تستيقظين. تفزع. تسرع  

الى العنق. تتشابك الايدي في مظاهرة دائرية  

ضد يقظتك. تتقلص الدائرة.(مو) 

تستيقظين. 

وقد قام شماس بترجمة أعمال إميل حبيبي الروائية من العربية للعبرية، وهي " المتشائل، أخطية، وسرايا بنت الغول". وهذه الروايات كما هي معروفة للدارسين غاية في الصعوبة، فأسلوب حبيبي واستخدامه ألفاظًا لغوية معقدة التراكيب، والمزج بين الواقع والخيال، تحتاج لمترجم متمرس يتمتع بقدرات لغوية هائلة، ولا يمكن لأي مترجم نقلها للعبرية.  

فما كان من إميل حبيبي إلا التوجه إلى شماس والطلب منه ترجمة الروايات للعبرية لأنه يثق به وبقدراته في الترجمة، وفعلًا تمكن شماس من إنجاز الترجمة بصورة جميلة ولغة سلسة وأفكار متواصلة. 

وغني عن القول في النهاية، أن كتابات أنطون شماس الشعرية والنثرية تشكل ظاهرة مهمة في المشهد الأدبي المحلي، في الحقلين اللغوي والثقافي، وبمغادرته البلاد خسرنا شاعرًا ومترجمًا له بصمته في الساحة الأدبية.  

مهداة إلى: لوركا الأندلسية/ محمد آيت علو


-1-

   وأنطلقُ إلى الشوارع...صوت حبيبتي الصغيرة يملأ كياني، والرذاذ يغسلُ هموم القلب. وما تزال الأرضُ الطيبةُ تحتضنُ مطر القلب ومطر السماء، مزيجاً واحداً يجسدُ حقولً اللهفة، ويرسمُ تفاصيلنا الصغيرة، ويعلنُ إصراره على أن نفتح في جدران الحزن كوةً للفرح والغبطة.

تعبثُ الريحُ بخصلات شعرك قبل أن يداهمك الصلعُ، وتلهو بمزق ثوبك ولا تعيرُ لشيء اهتماما.

-2-

  تستلهمُ من الضمير صلابتهُ، ومن الحفيف موسيقاه...وتسرحُ في الحقول كنسمة صيف رطب طبيعة داخل طبيعة. ثم تحاولُ كما الغجرية أن تسابق الريح، وهي تقترب من الشاطئ ذي الرمال الذهبية، كانت أمواج البحر حين ذاك ترتطم فترسل رذاذها المتناثر على وجهها، مدت ببصرها إلى زرقة البحر وصفاء السماء وهمت وحاولت أن تنسج منها شيئاً للذكرى، ثم تنهدت وأخرجت زفرة طويلة من صدرها المتعب، وانسكبت دمعة من مقلتها وهي تنظر إلى المدى البعيد. أسرعت اللحظات وأخذت الشمس تودع المكان وتعانق موج البحر المتلاطم وقرصها يختفي شيئا فشيئا. لم تكن تعلم إلى أين ستقودها قدماها، نظرت لمغيب الشمس الذي عكس لوناً قرمزياً على صفحات موج البحر الثائر، لكن الأحلام  صارت ممزقة.

تجلسُ على رابية بكر...تسرح في الأفق البعيد الممتد أمامك كلوحة عشق خرافية، تتذكر وجه حبيبتك الغجرية الذي يتورَّدُ توقا لقبلة بريئة تطبعها على الخد، ولكلمة ريفية بكر طافحة تصبُّ بجديلتها المجنونة وعند الغروب وبعد أن يرتفع دخان المواقد في قريتك...تعودُ إلى حضن أمك الدافء...وتنام.

-3-

 تحلمُ بأنك طائرٌ من البرق يبلل الندى جناحيه، ويوجه وجهه إلى حبات المطر متى يشاء، الحقولُ بحارٌ من سنابل ذهبية تتمايلُ كقامات الصبايا، وأغنيات الأطفال الذاهبين إلى مدارسهم تنسجُ للصبح سمفونية تتأَرْجَحُ على أهداب الأفق. وأنت وأترابكَ تملأون الكون ضجيجاً، فترقصُ أغصانُ الأشجار فرحاً واحتفاءً بالطفولة والنقاء، وتنبه للعراجين الحالمة في أحضان النخيل، بالخطوات المفعمة بالحياة والأمل...والنسيم قد طوى فراشه بعد أن صحا، والحب يكحل عيوننا، ويمطرنا ويغطي الأفق سعادة غبطة وهناء، والليلُ يعطرُ بقصائده أحلامنا الغر، لكن، أكانَ الحلم علامة لواقع مزعج مرير؟ تفيقُ من نومك، تتململُ تفتحُ عينيك تتأملُ حولك، كلُّ شيء عادَ قاتماً كما كان. فديدنُ التعلق بالآخرينَ الفراق، ولكل شيء نهاية. 

كمن هوى من السماء السابعة، أحلامُكَ الورديةَ تحطمت نُتَفاً على صخرة اللحظة المثقلة بالفواجع والأحزان والمواجع...ثم عليك أن تنتعلَ حذاءَك وتبدأ يوماً ثقيلاً غامضاً.

الهواءُ فاسدٌ..وداخلُك يهرب منكَ إلى حيث لا تعلم ولا تريد،. وحبيبتك مثقلة بالمواجع تحمل في قلبها جُرْحاً وفي نَبْضها زُجاجاً مَكْسُوراً مُهشَّماً....وأنت لاتملكُ إلاَّ كَلمَةً رقيقةً حانية، تُقدّمُها جُرعَةً مؤقَّتَةً تُجفّفُ دَمْعَهَا وتُسَاعدُهَا على الوُقُوف ولَوْ إلى حين.

-4-

   يَنقُرُ المطرُ زُجاجَ النَّافذَة....كعصفورة بريَة...يرقُصُ قلبكَ للمفاجأة المفرحة...تركضُ إلى النافذة..تشرعُها للمطر..تطلُّ بوجهكَ وتُفردهُ شراعاً ضاحكاً للريح...يُهاجمُكَ البردُ ثم الطين يحط على وجهك ويديك، تدركُ أن المطرَ سُلبَ نَقاؤه..تقفلُ نافذتك وتعود..صوت حبيبتك يأتي رقيقاً وراقصاً هذه المرة فرحاً بالمطر الذي رأت فيه ما لم تراه..وما لم يره الآخرون، تقول كم أتمنى أن أسير معك في الشوارع نفرد وجهينا للرذاذ، ونشرع قلبينا للحب، ونفتح في جدار الحزن كوة للفرح، ونطهر بالحب ساعة الوداع، فغداً كل منا سيذهبُ عنوةً مع الريح، غداً كلٌّ منا سيذهبُ إلى حال سبيله، فلنطهر بالحب ساعة الوداع. 

تركيا تترنح اقتصاديا وقادتها في تخبط/ د. عبدالله المدني


إذا كانت القوى الكبرى قد تأثرت أوضاعها الإقتصادية سلبا بتداعيات جائحة كورونا المستجد فما باللك بقوة متوسطة مثل تركيا التي تعاني أصلا من خلل اقتصادي وسياسي جراء السياسات الحمقاء لحزبها الحاكم وأحلام رئيسها الطوباوية التي أدت إلى خوضها معارك على عدة جبهات في آن واحد، وتخندقها في المعسكر المعادي لمصر والسعودية والإمارات والبحرين، وتخريبها لعلاقاتها مع منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

فقيمة عملتها الوطنية (الليرة) في الحضيض وتتراجع أمام الدولار يوما بعد يوم، واقتصادها وتجارتها مهددين بعقوبات قاسية من جانب الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بسبب خروقاتها لمباديء القانون الدولي وعملياتها غير المشروعة شرق المتوسط، واستهدافها لقبرص واليونان، وتدخلاتها العسكرية الفاضحة في الشأني الليبي عبر شحن المرتزقة لدعم ميليشيات حكومة فايز السراج، وتجاوزاتها ضد أكراد سوريا. 

لكن إذا ما حصرنا حديثنا هنا في أوضاع تركيا الإقتصادية المتدهورة، نجد أنها حصيلة لتراكمات طويلة من سوء التخطيط والفساد والمحسوبية وتفضيل المحازبين والأقارب في الصفقات الحكومية من تلك التي وقف وراءها أردوغان شخصيا  مع صهره وزير الإقتصاد بيرات البيراق، بمعنى أن إقتصاد البلاد كان في حالة صعبة حينما ضربته موجة كورونا هذا العام لتمعن الأخيرة في تحطيمه.

يقول تقرير نشرته صحيفة الفايننشال تايمز مؤخرا ما مفاده أن تركيا اليوم إحدى أكثر الدول النامية لجهة هروب المستثمرين الأجانب منذ انتشار وباء كورونا، ثم لجهة تكالب الناس على تحويل مدخراتهم من الليرة إلى الدولار. 

دعونا نتحدث في هذا السياق بالأرقام. تقول الصحيفة أن النمو الإقتصادي تراجع بنسبة 10%، وأن الميزانية العامة للدولة باتت تشتكي من عجز يصل إلى نحو 21 مليار دولار، وأن الدين الخارجي المستحق وصل إلى 431 مليار دولار، وأن حجم الأموال التي خرجت من البلاد تجاوز الرقم 6.7 مليار دولار علما بأن هذه الأرقام في تصاعد. هذا علاوة على وصول معدل البطالة بين الشباب إلى 34%، ووصول نسبة التضخم إلى أكثر من 15%.

وربما لهذا السبب تحاول حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان إيجاد مخرج لأزمتها وفشلها أمام الشعب التركي باللجوء إلى مغامرات خارجية ليس لصرف أنظار الداخل عن مأزقها فقط، وإنما أيضا لوضع يدها على مصادر تمويلية وثروات أجنبية تخفف بها مشاكلها المالية وتعزز من خلالها حصيلتها من النقد الأجنبي. فمثلا تدخلها المسلح الفج في ليبيا الغنية بالطاقة، ومخططاتها للتنقيب عن النفط والغاز في مياه شرق المتوسط، ناهيك عن سرعة إرسالها لقواتها إلى الدوحة دعما لنظام الحمدين، كلها خطوات لا تفسير لها سوى ذلك.

وبالعودة إلى تقرير الصحيفة البريطانية المعروفة برصانتها ودقة معلوماتها، نجد أن حكومة أردوغان تقوم بالتزامن بجملة من الإجراءات المالية الداخلية لكبح جماع إنزلاق البلاد نحو المزيد من التخبط والإفلاس. من تلك الإجراءات قيامها مثلا بالتدخل في سعر صرف الليرة التركية من وقت إلى آخر بالرغم من أن سعرها نظريا معوم وليس ثابتا. ومنها تجفيف السيولة بالليرة في الأسواق المحلية أمام المتعاملين بمقدار النصف، وبيع الدولار من خلال البنوك العامة مستنزفة بذلك المليارات من احتياطات البلاد من العملة الصعبة، وفرض ضرائب على معاملات الصرف الأجنبي لوقف عمليات التحويل. وتكتمل هذه المعلومات بما كتبته صحيفة "هاندسبلات" الألمانية مؤخرا من أن الشركات التركية الخاصة باتت مثقلة بديون خارجية قيمتها 175 مليار دولار، وأن انخفاض قيمة الليرة يجعل من خدمة فوائد هذه الديون مكلفة جدا، علاوة على ما يتكبده قطاع السياحة التركي من خسائر كبيرة، خصوصا في ظل إستمرار حظر ألمانيا والدول الإسكندنافية لسفر مواطنيها إلى تركيا بسب وباء كورونا. 

غير أنه ثبت عمليا فشل كل هذه الإجراءات المستميتة، بدليل أن سعر الليرة انخفض بنسبة 24% منذ بداية العام الجاري، وانخفض بنسبة 87% منذ مايو 2018، علما بأن الليرة خسرت في شهر أغسطس المنصرم نسبة جديدة من سعرها بلغت 6% خلال يومين فقط لتنخفض قيمتها إلى 7.37 مقابل الدولار الأمريكي. أما فيما خص علاقة الليرة باليورو فإن الأولى واصلت تراجعها مقابل الثانية. فعلى حين كانت قيمة الليرة 6.65 مقابل اليورو الواحد بداية العام الجاري، تجاوز سعر اليورو اليوم حاجز ثماني ليرات. 

وهكذا بدأت الخيارات تضيق أمام البنك المركزي التركي المسيطر عليه من قبل أردوغان ومحازبيه يوما بعد يوم. ولم يعد أمامه سوى رفع سعر فائدة التمويل للمصارف. وعلى الرغم من أن أردوغان عارض هذا الأمر ظاهريا، إلا أنه عمليا جرى العمل به فرفع البنك المركزي سعر الفائدة من 7.7% إلى 9.3% أواخر شهر أغسطس الماضي.

في هذه الأثناء تكثر الشائعات حول إحتمال قيام النظام الأردوغاني بفرض قيود على تنقل رؤوس الأموال، غير أن مثل هذه الخطوة مكلفة جدا لأنها ستجبر المصارف المرتبطة بالجهات الرسمية إلى ضخ المزيد من العملة الصعبة في الأسواق المالية.

والحال أن تركيا في أزمة إقتصادية متفاقمة، ولن تنقذها المساعدات المالية القادمة من قطر، وبالتالي فربما لن يبقى أمامها سوى طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي. لكن كيف يساعدها الصندوق وهي التي لم تبق لنفسها صديقا ضمن القوى الإقتصادية الكبرى المسيطرة على سياسات الصندوق وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية؟ فلينفعها تحالفها مع موسكو وطهران واسلام آباد والدوحة.

د. عبدالله المدني

* أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: سبتمبر 2020



موقف جزائري ثابت وأصيل/ سري القدوة


لم يبدو موقف الجزائر الداعم للقضية الفلسطينية إلا موقفا اخويا أصيلا يعبر عن عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين الفلسطيني والجزائري حيث إن فلسطين هي امتداد طبيعي للجزائر، فالثورة الفلسطينية ولدت من رحم ثورة أبناء الجزائر، فكانت كلمات الرئيس الخالد هوراي بومدين (مع فلسطين ظالمة او مظلومة) لترى وتشاهد وتسمع كل أبناء الجزائر يرددون علي مسامعك هذه العبارة، كل ما عرف انك فلسطيني، وتجسد الجزائر رئيسا وحكومة وشعبا هذه المقولة الهامة والمهمة في تاريخ العلاقات الفلسطينية الجزائرية، فتشعر انك تجسد تاريخ مشترك وواقع واحد وهدف واحد لشعب واحد لا شعبين، فهذا التاريخ لم يكن مجرد صدفة بل تاريخ يمتد عبر الأجيال، وان الدعم المعنوي والمادي والروحي والتقني والفني للثورة الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية تواصل عبر المراحل المختلفة.

ولعل تلك التصريحات التي اطلقها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عبر وسائل الاعلام الجزائرية جاءت لتؤكد عمق الترابط الوطني النضالي والأسس الثابتة ما بين الجزائر وفلسطين قلب الامة العربية النابض، حيث عبرت تلك الموقف الوطنية والقومية عن عمق الترابط ما بين فلسطين والجزائر وهذا يعيد التأكيد على أن القضية الفلسطينية مقدسة، ولن ولم تحل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وأن الجزائر لن تكون الا مع فلسطين وجزءا اساسيا وداعما للنضال الفلسطيني.

إن تصريحات وتأكيدات الرئيس تبون عكست حقيقة مشاعر الشعب الجزائري ومختلف قطاعات العمل الوطني سواء بالحكومة او المستوى الشعبي والرئاسة الجزائرية، لتسجل بحروف من نور موقف عربي مهم في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية، وتعيد التأكيد مجددا على اهمية الدعم العربي للشعب الفلسطيني، وان فلسطين ليست وحدها، وان الموقف القومي والعمق العربي واضح ولا مجال للشك به حيث تقف الجزائر مع القضية الفلسطينية وهي البلد العربي الذي احتضن القضية الوطنية منذ الأيام الأولى لانطلاقة الثورة الفلسطينية وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية كما ان الجزائر احتضنت ولادة إعلان استقلال دولة فلسطين في المجلس الوطني الفلسطيني في 15/11/1988.

إن صوت الرئيس الجزائري جاء واضحا ليخترق حالة الصمت إزاء مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية، وتطبيق ما يسمى صفقة القرن الامريكية، ومخططات الاستيطان، وتصاعد العدوان الاسرائيلي الهمجي، ضد الشعب الفلسطيني، وقد شكل الموقف الجزائري نموذجاً للموقف العربي كما رسمته قرارات القمم العربية، والإسلامية، والشرعية الدولية، وكما تفترضه متطلبات السيادة الوطنية، في مواجهة المشروع الإسرائيلي في عدائه السافر لشعوب المنطقة العربية.

ان الموقف الجزائري بات في غاية الاهمية ويشكل انطلاقة متجددة لرسم معالم التضامن العربي المشترك، والسعي دوما لبناء علاقات قومية معبرة وهادفة وتعبر عن اماني الشعوب العربية وتطلعاتها الاستراتيجية، وهي تخوض مراحل التكامل الوطني من خلال الحرص القومي على عدم فقدان البوصلة وضرورة التأكيد والعمل بقدر ما يمكن من اجل البناء علي الموقف الجزائري، والاسترشاد منه، والتأكيد على الرفض العربي لاستمرار نهب الحقوق الفلسطينية، وانه لا أمن ولا استقرار ولا سلام في المنطقة دون إنهاء الاحتلال وضرورة الالتزام الشامل بقرارات قمة بيروت (2002). 

مفهوم الديمقراطية الإلكترونية/ عبده حقي


 الديموقراطية الإلكترونية مفهوم يقصد به استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصال وأبرزها الإنترنت في تحسين العمل الديموقراطي في بلد ما. المفهوم لا يزال على المستوى التنظيري وتطبيقه مرتبط بانتشار استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصال.

لقد استعملت مصطلحات عدة في وصف الممارسات الديموقراطية غير المباشرة وغير التقليدية. فظهر (مصطلح سايبر ديموقراطية (بالإنجليزية Cyberdemocracy ‏

وفي منتصف تسعينيات القرن العشرين ظهر مصطلح "الديموقراطية الإلكترونية" بالإنجليزية: E-democracy‏ الذي واكب انتشار الإنترنت بين عامة الشعب . ويستعمل آخرون مصطلح الديموقراطية الافتراضية غير أن هذا المصطلح قد تم تجاهله في 1981، استعمل السياسي الأمريكي تيد بيكر مصطلح تيلي ديموقراطية لتعبير عن استعمال أدوات جديدة للاتصال في العملية الديموقراطية.

وهناك الديموقراطية الإلكترونية المباشرة وهي النمط الديموقراطي الذي تستعمل فيه شبكة الإنترنت وتقنيات اتصال أخرى لتجاوز بطء وبيروقراطية الاستفتاءات. يعتقد الكثير من مناضلي الديمقراطية الإلكترونية المباشرة أنها ستحسن أيضا من مسار اتخاذ القرار. كما في كل الديمقراطيات المباشرة، يكون للمواطنين الحق في التصويت على كل مشروع قانون واقتراح قوانين واختيار الممثلين أو عزلهم.

لم يعرف العالم تطبيقا عمليا للديمقراطية الإلكترونية بصورة تامة رغم وجود عدة تجارب ومبادرات. كان روس بروت (Ross Perot) المترشح الحر خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 1992 و1996، من المؤيدين الكبار للبلديات الإلكترونية.

هناك عدة محاولات هي في مخاض الولادة في أستراليا عبر مشروع Metagovernment. ( بالإنجليزية  Senator On-Line‏ (سيناتور على الخط) وهو حزب سياسي أسترالي شارك في الانتخابات الفيديرالية الأسترالية لسنة 2007، اقترح هذا الحزب نظام سايبر ديمقراطية الذي يسمح للأستراليين بمشاركة السيناتور في اتخاذ القرارات بخصوص مشاريع القوانين.

في الديمقراطية المباشرة، للمواطنين حق اختيار الممثل الذي سينتخب باسمهم مع الاحتفاظ بحقهم في الانتخاب إذا قرروا ذلك.. يمكن أن يكون الانتخاب أو اختيار الممثلين بطريقة إلكترونية.

تعتبر شبكة الإنترنت حاضنة واعدة بالنسبة للديمقراطية الإلكترونية بالإضافة إلى وسائل الاتصال المتنقلة. وتتميز شبكة الإنترنت عن وسائل الإعلام التقليدية بقدرتها على المخاطبة الفردية والجماعية للأشخاص. وتضمن قوة الحساب الهائلة للحواسيب الحديثة إضافة إلى خوارزميات التشفير سرية الاقتراع للمواطنين. كما تسمح الإنترنت للأشخاص مناقشة الأمور فيما بينهم بصورة أفقية ومفتوحة للجميع الشيء الذي لا تسمح به وسائل الإعلام التقليدية. وشكلت الإنترنت في العقد الأخير وسيلة هامة في مخاطبة السياسيين للجماهير ونشر أفكارهم والاستماع إليهم خاصة في الحملات الانتخابية.

التحسينات التي يسعى إليها المؤيدون لهذه الديمقراطية الإلكترونية، تمس ترقية وتسهيل مشاركة المواطنين في مسار اتخاذ القرارات والحياة السياسية. تشمل التحسينات أيضا تكييف عملية الاقتراع للسماح بالمشاركة عن بعد أو بالوكالة عن طريق وسائل اتصال إلكترونية. كما تهدف لشفافية أكبر للعملية الديمقراطية.

إن عدم وجود الرغبة والإرادة اللازمة من القيادات السياسية تجاه اعتماد حكومة إلكترونية يعد من أبرز المشاكل السياسية التي تواجهها تطبيقات الحكومة الإلكترونية بالأخص في البلدان النامية.

كما تعتبر الثقافة السياسية السائدة في بلد ما مؤشرا حاسما وعنصرا حرجا. فلثقافة علاقة مباشرة بالاهتمام بتوجهات إقامة مشاريع الحكومة الإلكترونية حيث غالبا ما تنعكس توجهات القادة السياسيين والمسؤولين الحكوميين على المبادرات الحكومية والمشاريع المستقبلية. والمثال العالمي الأبرز على دور القادة في قيادة وإنجاح المبادرات الحكومية هو رؤية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون حول إعادة اختراع الحكومة التي طورت بموجبها البوابة الإلكترونية الأمريكية لتصبح من أرقى البوابات الوطنية الإلكترونية الموحدة في العالم.

يمكن استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات لكل من الأغراض الديمقراطية وغير الديمقراطية (إذ يمكن للتقنيات الرقمية أن تسهل كلًا من السلطة القمعية أو المشاركة الديمقراطية). يعتبر التصور الذي قدمه الكاتب جورج أورويل في روايته 1984 من الأمثلة النموذجية للاستخدام غير الديمقراطي للتكنولوجيا.

يُذكر أن الاعتراضات على الديمقراطية المباشرة قد تنطبق أيضًا على الديمقراطية الإلكترونية، مثل إمكانية الحكم المباشر لإحداث استقطاب في الآراء، بالإضافة إلى الاتجاهات الشعبوية والديماغوجية.

في الدول المعرضة لحجب شامل أو جزئي شبكة الإنترنت، لا يمكن استغلال الديمقراطية الإلكترونية بشكلها الأقصى. كثيرًا ما تميل الحكومات إلى تطبيق إجراءات قمعية واسعة على الإنترنت خلال الاحتجاجات الشعبية الواسعة. على سبيل المثال في احتجاجات الشرق الأوسط عام 2011، حيث حدثت حالات متعددة من حجب الإنترنت من قبل الحكومة في كل من ليبيا ومصر والبحرين وسوريا وإيران واليمن دعيت باسم ’قمع الشبكة العربي’ وهي جميعها دول طبق قادتها الحجب الكامل للإنترنت ردًا على المظاهرات الواسعة المطالبة بالديمقراطية في هذه الدول. هدفت إجراءات الحجب والعزل جميعها أساسًا إلى منع تسرب مقاطع الفيديو المشتملة على تصوير للقمع الحكومي ضد المحتجين.

اعتقد الكثير من مستخدمي الإنترنت أن الديمقراطية على الإنترنت في الولايات المتحدة تعرضت للهجوم من خلال قانون وقف القرصنة على الإنترنت الصادر عن مجلس النواب الأمريكي. ذكر كاتب في موقع هافينغتون بوست أن الطريقة الأمثل لتشجيع الديمقراطية (ومن ضمنها الإبقاء على حرية التعبير) هي من خلال التغلب على قانون وقف القرصنة على الإنترنت. يجدر بالملاحظة أن تطبيق هذا القانون توقف إلى أجل غير مسمى بعد أن ظهرت عدة اعتراضات، ومن ضمنها بعض المواقع الشهيرة مثل ويكيبيديا الذي توقف عن العمل لمدة يوم كامل في الثامن عشر من يناير عام 2012. في الهند، حدث وضع مشابه كذلك في نهاية عام 2011، عندما اقترح وزير الاتصالات وعلوم تقانة المعلومات الهندي كابيل سيبال أن المحتوى العدائي قابل ’للكشف المبكر’ قبل السماح بنشره على الإنترنت دون أي قواعد لتقويمه. لكن التقارير الإخبارية الحديثة تذكر أن سيبال قال إنه لن يكون هناك وجود لأي قيود على استخدام الإنترنت.

Qu'est-ce que la démocratie numérique ou la démocratie Internet