الأونروا وتحديات مشاريع التنمية/ علي هويدي



مشاريع التنمية المجتمعية التي تؤهل الفرد للإكتفاء الذاتي والإعتماد على النفس تتطلب خطة بعيدة المدى تأخذ بعين الإعتبار المبادئ الخمسة "الذكية" بأن تكون الخطة محددة، وقابلة للقياس وقابلة التحقيق ومناسبة وذات وقت محدد.

وبعد المسح ودراسة الإحتياجات يتم تحديد الموارد البشرية والمالية لتنفيذ الخطة بالتنسيق والتعاون مع الشركاء، وهنا نسأل، كيف لوكالة "الأونروا" أن يكون لديها القدرة على تنفيذ برامج ومشاريع تنموية في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، وهي لا تستطيع تنفيذ خطة خمسية أو عشرية نتيجة العجز المالي المزمن والمتقلب ويختلف تقديراته بين سنة وأخرى..؟!

احتياجات اللاجئين في المناطق الخمسة لا تخفى على الدول المانحة والدول الأعضاء في الأمم المتحدة خاصة كبار الممولين للأونروا من الإتحاد الأوروبي وغيره، حتى أن تلك الدول لا تكتفي بالتقارير التي تُشخص الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية للاجئين التي تزودها بها وكالة "الأونروا" أو مؤسسات المجتمع المدني أو الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية والأهلية، بل انها تنزل على الأر،ض وتزور تلك المخيمات وتلتقي باللاجئين، وبالجميع ممن تم ذكرهم، وتسمع لهم، وتدون ملاحظاتهم تعبيراً عن الإهتمام بهم وبحاجاتهم.

الاستشراف المسبق من قبل إدارة "الأونروا" بالعجز في "ميزانيتها العادية" (التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية)، و"ميزانية المشاريع" الخاصة بأعمال البنية التحتية وإنشاء المدارس والمراكز والعيادات الصحية ومشاريع الصرف الصحي، و"ميزانية الطوارئ"، (توزيع المساعدات الغذائية، وإعادة تصليح الخراب وبناء المنازل المدمرة كلياً أو جزئياً، وخلق فرص عمل مؤقتة (بطالة).. هذا عملياً يُربك الوكالة في وضع الخطط وتنفيذ البرامج.

وبالتالي تلجأ الوكالة إلى تدوير الزوايا مما يحول دون القدرة على مراكمة الأعمال التنفيذية لا سيما إذا كانت الأموال التي تحصل عليها مشروطة بما يريده المُمول، عندها يصطدم بالقرارات التي تضطر الوكالة إلى أخذها ولا شك أحياناً تُخطئ في تقدير الأولويات، وتتراخى حيناً آخر في البحث عن حلول مرضية، وكذلك أحياناً تنفرد في اتخاذ قراراتها، دون العودة والتنسيق والشراكة مع ممثلي اللاجئين في المخيمات (اللجان الشعبية، الفصائل، مؤسسات المجتمع المدني..) بحيث تكون قراراتها أحياناً على حساب الخدمات التي تقدمها لأكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في 58 مخيم في مناطق عملياتها الخمسة، وهذا حتماً سينعكس سلباً على أي مشاريع تنموية يمكن تنفيذها بشكل تسلسلي تراكمي، عدا عن أنه سيساهم في توسيع هوة الثقة بين الوكالة والمجتمع المحلي.

ما تقدم يولّد تفاعلاً تلقائياً سلمياً مباشراً ومُبرراً من اللاجئين بالتعبير عن رفضهم لقرارات تنتقص من حقوقهم المشروعة والتي تمُثّل أحد الشرايين الرئيسية التي يعتمدون عليها في حياتهم اليومية لا سيما في ظل وباء كورونا والذي قاقم الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية للاجئين، ورسالاتهم الإحتجاجية موجهة ليس فقط للوكالة، وإنما وبشكل أساسي إلى الـ 167 دولة صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتمديد تفويض عمل وكالة "الأونروا" إلى ثلاثة سنوات تنتهي في حزيران/يونيو 2023، تطالبهم بتحمل مسؤولياتهم قولاً وفعلاً.

الذي يطالب بتنفيذ مشاريع تنموية للاجئين الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية عليه أن يوفر الإمكانيات المالية المطلوبة، سعياً لتحقيق ما تنادي به الدول المانحة والأمانة العامة للأمم المتحدة بأن وكالة "الأونروا" حاجة إنسانية ضرورية وملحة لأكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني، وعنصر أمان وإستقرار في المنطقة، ومن هنا نتوجه لمؤتمر المانحين الذي سيعقد في منتصف العام الحالي والذي يعمل على تنظيمه كل من الأردن والسويد بأن يتم توفير ميزانية الوكالة على الأقل للخمس سنوات القادمة للتمكن من تحقيق أهداف تنموية في أوساط اللاجئين، ومع ضرورة البحث في التخلص نهائياً من الأزمة المالية المزمنة للوكالة.

اعتماد "الأونروا" على بعض الخدمات التي تقدمها مؤسسات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والدولية واللجان الشعبية والفصائل الفلسطينية والمبادرات الفردية والمعنية فيها "الأونروا" بشكل رئيسي، لن يحقق النتائج المرجوة في التنمية، والتي لا تتحقق إلا بعمليات التقويم المستمر والمراكمة..

وبالمناسبة مشاريع التنمية المجتمعية في أوساط اللاجئين الفلسطينيين، لا يلغي الحق السياسي للاجئين بالعودة، إنما يمكنهم من العيش بكرامة، والإندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها دون الذوبان أو الإنصهار، إلى حين العودة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق