المُدْنُ عَناوينُ لأبْنَائِهَا/ الأب يوسف جزراوي



مِنْ ديوانِ (في البَدْءِ كَانَ العِراقُ)


نَامَت الشَّمْسُ المُسِنّةُ 

بَعْدَ أَنْ أَرْخَى اللَّيلُ سُدُولهُ

فَبَدَأَ القَمَرُ يسْتَفردُ بِالبَحْرِ

 أَمَّا النَّسَيمُ

فلَمْ يروّض خُيُولهُ

 سِوَى أَمْوَاجٍ

 وَقَفت فِي وَجههِ

  وأَهْدتهُ عَقَاقيرَ مُهدِّئةً!

 فِي غُضُونِ ذَلِكَ 

كَلَّأَ اللَّيلُ بَصَرَه

 وَوَقَفَ صامِتًا

 عَلَى رجْلٍ وَاحِدَةٍ

آنًا بَعْدَ آنٍ

 يَرْصُدُ فَرَاشَةً بِلَا أجْنِحةٍ

تَسِيرُ بِقَدَمينِ عَارِيتينِ

عَلَى الرِّمالِ الرَّطْبةِ

تُنقِّبُ عَنْ وُرْدَةٍ ضَّالَةٍ

لَدَغَها الانْتِظارُ بِعَقَارِبِ ساعَتِهِ

 فَأَمْضَت العَمْرَ كُلَّهُ

 هَائِمةً عَلَى وَجْهِهَا مُتهتِّكةً

تَتَوَسُّدُ السَّاحِلَ وتَحلُمُ بِحَديقَةٍ 

تَلَمُّ الشّمْل فِيهَا 

مِثْلَ بِئْرٍ شَحِيحَةٍ

تتُوقُ لِبَحْبُوحَةِ مَاءٍ!!

 بَغَثَهً سَمِعَت الفَرَاشَةُ

هَسِيسَ كَمَنْجَةِ رَحّالٍ

فأغْرَتها أنغَامُ عَزفِهِ

لَحْظَةَ عَكَفَ خِلاَلَ سَيْرهِ

يُنَغِّمُ لِيفكِّرَ فِي نَصٍّ 

لَمْ يُكْتبْ بَعْدُ

حِينَئِذٍ  تَرَكَتِ طَرِيدتِها

وَتَنَسَّمَت أثَرَ عَابِرِ سَبِيلٍ

لَا يَمكُثُ

 يَخْطُو كَالنَّخلةِ

تَحتَ مَاءِ الْمَطَرِ

 وَقْعَ  خَطْواتِهِ 

 يَتَماشَى مَعَ نَبضِ ظِلِّهِ.

اسْتَوْقَفَتْهُ لِتَقْرَأَ طَالعَهُ مُناديّةً:

-مَهْلاً يَا أيُّهَا البَغدادي.

لاَزَمَتْهُ الدَّهشةُ وَتَساءلَ:

كَيْفَ عَرَفتِ مَلاَمِحَ سَريرَتِي؟!.

-أَجابَتْ بِالْقَوْلِ:

نَحِيبُ المُدْنِ

 يَدَلُّ عَلَى عَناوينَ  أَبْنَائِهَا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق