غلاديس بيرجكليان سياسية استرالية محبوبة على نطاق واسع. في بداية الخمسينيات من عمرها، أي في عز عطائها. انتخبت نائبة عن مقعد ويلوبي الأحراري سنة 2003 لأول مرة واستمرت تمثله حتى استقالتها. تقلبت في مناصب سياسية ووزارية عديدة وأبلت البلاء الحسن في جميع المهمات التي اوكلت اليها. الى أن وصلت الى رئاسة وزراء ولاية نيو ساوث ويلز سنة 2017 ، أهم الولايات الاسترالية والتي تضم أكثر من ثمانية ملايين نسمة من أصل 25 مليوناً، العدد الاجمالي لسكان استراليا. ورغم كل انجازاتها، ورغم الاشادات الداخلية والخارجية بحسن ادارتها وبتأثيرها في السياسة العامة للبلاد، طلبتها الهيئة الدائمة لمكافحة الفساد للمثول أمامها بشبهة سوء استغلال الثقة التي مُنحت لها، ولو عن غير قصد منها، في 18 الجاري، فاستقالت من رئاسة الوزارة ومن مقعدها النيابي ووضعت نفسها في تصرّف القضاء.
غلاديس، عندما دخلت المدرسة لأول مرة في استراليا، لم تكن تتكلم الا الأرمنية التي أخذتها عن والديها المهاجرين من سوريا وفلسطين، واللذين يتحدران من عائلتين أبيد أكثر أفرادهما في المجازر التركية سنة 1915. سنة 2015 نشأت علاقة عاطفية بينها وبين دارل مغواير، نائب من نوّاب حزبها استمرت لحوالي خمس سنوات. تبيَّن أن صديقها متّهم بقضايا فساد وانه كان يستعمل منصبه، وربما علاقته الحميمة مع غلاديس، خدمة لمصالحه التجارية. مما أجبره على الاستقالة من مجلس النواب والخضوع للتحقيق. راوغ دارل وحاول الافلات من القضاء. تشعبت التحقيقات ومثل أمام القضاء بعض الوزراء ومنهم غلاديس، كشاهدة، والتي نفت ان يكون لها أي علم بممارساته غير القانونية. ولكن المكالمات الهاتفية أظهرت أن مغواير ناقش مع غلاديس، مرة على الأقل، الصعوبات المادية التي تواجهه. وكان جوابها "لست بحاجة لمعرفة ذلك". أي انها لم تدخل معه في أي نقاش يتعلق بانشطته التجارية.
تبيَّن لهيئة مكافحة الفساد أن دارل مغواير كان يستعمل موقعه، كنائب في حزب الأحرار الحاكم، لتسهيل الحصول على دعم لمشاريعه التجارية، وكان يستعمل علاقاته السياسية وانه "ربما" استغلَّ علاقته الحميمة، بوزيرة المالية ثم رئيسة الوزراء، غلاديس برجيكليان، و"ربما" عن غير قصد منها لتأمين الدعم. لذلك عيَّنت الهيئة في الأول من شهر تشرين الأول، جلسة في 18 الجاري للتحقيق معها. فما كان من السيدة برجيكليان الا أن استقالت من موقعها ووضعت نفسها في تصرف الهيئة القضائية.
ولكن ما علاقة بيرجكليان بسياسيي لبنان كما يوحي العنوان؟ الجواب لا علاقة. بل وضعته أصلاً لأسألهم: يا سياسيي لبنان الفاسدين، من يصل منكم، بالنزاهة وبياض الكف والانجازات، الى كعب "صرماية" بيرجيكليان فليرفع اصبعه أو فليتهرّب من المثول أمام القضاء؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق