يعتبر العمل التطوعي أحد المصادر المهمة للخير، وهو يعكس صورة إيجابية للمجتمع ويظهر مدى ازدهاره وتطوره، كما ويدل على انتشار وترسخ القيم والأخلاق الحميدة بين أفراد هذا المجتمع.
والعمل التطوعي هو نشاط إنساني وسلوك حضاري يساهم في تعزيز روح التعاون والعطاء بين أبناء المجتمع، ويشكل أحد المظاهر الاجتماعية وسمة المجتمعات الحيوية، لدوره في تفعيل طاقات المجتمع وإثراء الوطن بمنجزات أبنائه وسواعدهم.
ويسعى العمل التطوعي لخلق روح إيجابية إنسانية تعاونية بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة. فالتطوع هو ممارسة تتطلب ثقافة ووعيًا بما يقدم لنا وللأخرين، لأن التطوع هو منا ولأجلنا، ونابع عن خلق العطاء العظيم، والهمة القوية، وبمثابة عمل سامٍ وجميل.
لقد ازدهر العمل التطوعي في المجتمع الفلسطيني في أواخر السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، حيث ترسخت ثقافة التطوع في عقول الشباب كالانتماء للأرض والوطن. ولا نزال نذكر ولن ننسى مخيمات وأعراس العمل التطوعي في الناصرة، التي بادر إليها المناضل الراحل طيب الذكر توفيق زياد، بعد انتصار الجبهة الديمقراطية في الانتخابات البلدية، ثم امتدت هذه المخيمات لأم الفحم وكفر ياسيف ومصمص والكثير من القرى والمدن الفلسطينية. وكذلك نذكر بكل الفخر والاعتزاز لجان العمل التطوعي في الأراضي الفلسطينية بقيادة المناضل محرم البرغوثي التي ساهمت في خلق ثقافة التطوع وتطوير مفهوم "العونة" والقيام بأعمال تطوعية في العديد من القرى والمدن والمخيمات والمحافظات الفلسطينية.
ولكن للأسف الشديد أننا نلحظ في العقدين الأخيرين تراجع ثقافة التطوع وانحسار الاعمال التطوعية حد التلاشي في مجتمعنا العربي الفلسطيني، رغم وجود مبادرات تطوعية في عدد من الأماكن مثل أم الفحم ومصمص والنقب وغيرها.
ولا شك أن تراجع العمل التطوعي مرتبط بتراجع الوعي الفكري والسياسي وانحسار قيم العطاء، وسيطرة الثقافة الاستهلاكية الوافدة، وباعتقادي أن غياب العمل التطوعي وثقافة التطوع أدى إلى اعمال العنف المستشري في مجتمعنا.
يجب إعادة الاعتبار للعمل التطوعي وتعزيز ثقافة التطوع والتضحية والعطاء بلا مقابل، وبناء لجان عمل تطوعي، وتشجيع الشباب على خدمة مجتمعهم بأنشطة الأعمال التطوعية، وهذا الأمر من شأنه الحد من العنف والجريمة التي انتشرت بشكل كبير وواسع في مجتمعنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق