"جامعة القدس...مقاومة على خمس جبهات / الأسير أسامة الأشقر

 


 كعادة شعبنا يجترح في كل يوم أعجوبة جديدة فمع كل امتحان يثبت هذا الشعب قدرته اللامحدودة على تخطي الصعاب واجتياز العقبات مهما كانت وبأي شكل قد تكون، وفي تمثيل واقعي لقدرة هذا الشعب على الصمود والمقاومة تتصدر جامعة القدس لائحة المؤسسات الوطنية المقاومة في مختلف الميادين وعلى خمس جبهات بالتوازي فهذا الحضور المكثف والطاغي للجامعة في تخوم العاصمة ومن خلال مقر الجامعة الرئيس والمؤسسات التابعة لها داخل أسوار البلدة القديمة يعزز بما لايدعو مجالا للشك من التواجد الفلسطيني داخل المدينة المقدسة وهو يخلق حالة من التفاعل الاجتماعي والثقافي والسياسي الوطني على أرض القدس المحتلة، ويكاد يكون من أهم عناصر قوة المجتمع الفلسطيني في هذه المدينة التي تتعرض منذ العام 1967 لسياسات السيطرة والإقصاء والتهجير الممنهج.

وكامتداد لهذا الجهد الوطني الجبار تقوم الجامعة بإعادة إحياء روح التكافل الاجتماعي من خلال ما تقدمه لطلبتها من مساعدات ومنح مالية لإكمال دراستهم الأكاديمية ما ينعكس بشكل مباشر على الطلبة وأسرهم التي تعاني ظروفا قاهرة نتيجة لما تفرضه سلطات الاحتلال من إجراءات وسياسات تستهدف الوجود والتطور الطبيعي للشعب الفلسطيني داخل المدينة المقدسة، وهو ما يفرض حالة من تعزيز الإنتماء لدى أبناء شعبنا للجامعة ومكانتها المعنوية كجامعة العاصمة الفلسطينية وهو ما يخلق اتحاد طبيعي سكاني واجتماعي وسياسي لبقية أبناء شعبنا . ويكاد يكون موقعها الجغرافي ومكانتها الأكاديمية والمعنوية والسياسية من أهم مصادر القوة التي تعزز من الأهمية الاستثنائية لهذه الجامعة ليس كصرح أكاديمي فحسب بل كمؤسسة وطنية تقوم بالدفاع عن الوجود الفلسطيني وامتداده الطبيعي مخترقة الجدران والطرق الالتفافية والحواجز الاحتلالية المدمرة لإمكانية التواصل الفلسطيني والعابرة لأنظمة التحكم والسيطرة والقمع الاحتلالي.

وفي ذات السياق أتت خطوة جامعة القدس الرائدة والمميزة والناجحة بل والإبداعية بالسماح للأسرى الفلسطينيين تحت إشراف ومتابعة الدكتور مروان البرغوثي للدراسة الأكاديمية لدرجتي البكالوريوس والماجستير كأعلى درجات التفاعل مع متطلبات الصمود والثبات لشعبنا،. بل إن هذا الفعل النضالي بامتياز سمح للجامعة ولطلبتها الأسرى الذين أظهروا قدرة غير عادية على اجتراح المعجزات والانتقال من حالة الاعتقال السلبي لحالة التفاعل الإيجابي والتأثير غير العادي لهؤلاء الأسرى على المستوى الوطني وعلى المستويات كافة، فلا يكاد يمر يوم دون مرور إنتاج بحثي او أدبي او ثقافي من داخل سجون الاحتلال. ولجامعة القدس ورئاستها يعود الفضل الأول بذلك فالطاقات العلمية والأكاديمية الكامنة لدى الأسرى وجدت مسارها الطبيعي لخارج هذه المقابر نتيجة لهذه الخطوة الجريئة والناجحة، وكان للدور الإبداعي الرائع الذي لعبه الدكتور مروان البرغوثي الأثر الحاسم في إنجاح هذه التجربة حتى وصلنا الآن لعشرات الأسرى الذين يخوضون تجربة دراسة الدكتوراه عن بعد ملتحقين بجامعات فلسطينية وعربية وهو الإنجاز الذي لا يعادله إلا الحرية الفعلية لهؤلاء الأسرى الأبطال


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق