مشاغل النفس في أتون الحياة/ يونس عاشور

 


1

مشغولٌ يا أنتَ يا هذا الانسان الكادِح

الباحثُ عن قوتٍ يوميٍ لا ينفكُ عن 

الديمومةَ صُبحِ مساءٍ حتّى آخر ليلٍ دامس

تبحثُ فيهِ عن لُقمةَِ عيشٍ خوفاً من سطوِ

ذئابٍ بشرية تلتهمُ الأخضر واليابس..

لا تتركُ قوتاً للآخر كي لا يلتذَّ بمقدوراتٍ خيرية ..

أو بهناءٍ في العيشٍ ببحبوحةِ نعماءٍ ورخاءٍ في جذر العيش..!

خصمكُ عابسٌ يا هذا..!

عابسٌ منكَ خشيةَ أنْ ترقى لحدِّ يوصلكُ للمجدِ وعلاءٍ للكلمة

تسمُو بها عند محطات الخير كليا..

أنتَ تقومُ ليلَ نهارٍ حالكَ حال الأجناس البشرية..

تمضي قُدماً..

تفتشُ عن رزقٍ كامِن أو مخبوءٍ وراء الجدران الكونية..

لا تعلم من أينَ ستبدأ.. 

وكيف ستبدأ في أوقاتٍ تعصفُ

بالإنسان كعصفٍ مأكول يلتهمُ حتّى المقسوم إليه.. 

فتفتش عن حيلة تُبعدُ من كانَ ومن سيكونُ سداً مانعاً عليك..

بالكاد يا هذا تصبحُ رمزاً مرمُوقاً ترتقبُ الأضواء المسموحات..

لا أحداً يغفرُ لك.. أن تتحرّك نحو الآفاق المفتوحات بالأحلام المبهورات..

أو أن ترسمَ صورة حيّة في ذهنك يا إنسان..!

مفعمةٌ بالأمل الممتدّ إلى الأعلى..

الحارثُ في روحك يقظات الإستشراف..

نحو عوالمَ مبسوطة..وقواسم مشتركة مفتوحة..

كفيها ينبئ بالخير..

ومعناها معمورٌ بالسّير..

السيّر بمعناه الروحي يعانقُ قلباً شفّاف..

2

العملُ المضنِي يلاحق كلَّ متطلّع شغّال..

لا يتوقّف بغيةَ خوفِ من قطعِ العيش الفعّال..

هكذا نفسُ جُبِلت وأطاعت رغبتها في العيش..

وتعدّت حداً فاصل وحاجز مانع بكل بسالة تُذكر..

ومهارة تنبثق من تفكير أو فكرٍ خلاّق..

هذا الانسان الكادح

يغدو ليل نهارٍ يحملُ شعاراتٍ لا للأعذار الموهومة.. 

حتّى إن كان طريقاً محجوباً بسياجِ الأسلاك المزعومة

الصادرة من أفكارٍ تقليدية مغلوطة..

عند نقاطٍ لا تتوقف واسلك طرقاً مبسُوطة..

ببساطِ اليسر وقناعة عيشٍ وحلو حياةٍ محفوفة

برفاق الخير وقرابةِ غيرٍ من جنسٍ النّسب المحمود..

3

دلّني الصادقُ يوماً عن معاني المتعذّر 

عندما ييأس من مُضيٍ نحو شُغلٍ 

لا يجد فيهِ حلاوة للحياةَ الظافرة.. 

فعلمتُ أنّ ثمةَ فاقة في التسامي والتفاني

والتقاعس عن كفاحٍ هو في الأصل حياةٌ الواهنين..

فتوخيت التأمل في مقامي..

راجياً خيرَ الكفاح والتّناسي من ذواتٍ خاسرة.. 

هكذا الكياسة تعمل في ثناياها الأصول..

أصلُ شيءٍ.. 

إنما السّير نضالٍ في طوال العيش يلتمس عيناً ساهرة..

تبصرُ النّور وتغمر النفس نفحاتٍ عامرة..

كلما ينقصُ عزمٌ من جوادٍ

فترى التثاقل في توانِ..

يتثبت عند أركان الزوايا..

يتقهقر عند أقران الخطايا..

4

هل علمتَ أنّني لا أستقيم

إلا بوجودِ قائدٍ فذ عظيم.. 

يحملُ الرايات في كلّ وادٍ

يترجّل أينما كنتُ معاه

يتصدّر في المواقف حاملاً

غيثَ السماء بيديه ريثما

يأتي الفرج..

وتكون للعواقب خير مقياس العلا

وتساهم كشواهد تّعطي للنفس

بواعث وثوابت ننطلق منه نحو 

غايات الحياة السامية..

5

حلمٌ لن يتحقق إلا عندَ بزوغ الفجر الصّادق..

علَمٌ سوف يرفرفُ خفاقاً فوقَ جبال شاهق..

كأني أسمعُ صوتاً ناطق ينبعثُ من أرجاء المعمورة..

وينادي.. قم يا هذا وانظر نحو ضياء الكون الماحق

للجهل وللعتمة وللعقل المتلكئ في طورٍ سابق.. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق