فلسفة مبسطة: الصراع الطبقي .. من ستالين حتى زينب/ نبيـــل عـــودة

(وقصة تعبيرية: زينب تستحق اضافة معاش)
حسب الماركسية يتجلى الصراع الطبقي في الحياة الاجتماعية بأكثر صوره شدة في ظل النظام الرأسمالي، وتضيف الماركسية ان الصراع الطبقي بين البروليتاريا (أي طبقة العمال) والبرجوازية يحدد كافة جوانب حياة المجتمع.
تقسم الماركسية الصراع الطبقي الى ثلاثة أشكال من الصراع هي: الصراع الاقتصادي، السياسي والصراع الأيديولوجي. حسب الماركسية تطور الصراع الطبقي يؤدي لا محالة الى وصول البروليتاريا للسلطة وإقامة دكتاتورية البروليتاريا.
طبعا ما حدث هو النقيض المطلق!!
في الواقع ان ما ذكرته أعلاه هي تعاليم سادت في فترة ستالين، وألصقت بماركس والماركسية. الواقع ان ماركس لم يُعرف الطبقة بالشكل الذي ساد "ماركسية ستالين".
ورد تعبير الطبقة والطبقات في كتب ماركس ورسائله دون دخوله إلى إعطاء تعريفات دقيقة.. المفكر اليهودي أمريكي نوعم تشومسكي يقول ان تحليل ماركس للطبقات كان نظريا وتجريديا وكانت حدوده الفكرية تعتمد على الواقع الأوروبي الغربي في القرن التاسع عشر. من هنا يرى الكثير من الباحثين ان البروليتاريا لم تنشا إلا في فترة محدودة تاريخيا في القرن التاسع عشر، ثم تلاشت ولم تنشا أي بروليتاريا خارج الدول الأوروبية الغربية المتطورة اقتصاديا. طبعا لم تنشا بروليتاريا في أمريكا أيضا. فقط العقول المريضة تتوهم بنشوء بروليتاريا في دول الرمال النفطية. من الأسهل ان ينور الملح...من ظهور بروليتاريا في قرننا الواحد والعشرين!!
لا اريد التوسع ببحث أصل تعبير بروليتاريا لكني أضيف نقطة أساسية ان أصل التعبير جاء من الامبراطورية الرومانية، لوصف الفئات المسحوقة المعفية من الضرائب. ثم استعمل الاصطلاح اقتصادي انكليزي للتمييز بين فئتين من العمال، فئة عمال شديدة الفقر وفئة عمال ذوي مكانة اقتصادية أرقى.
اذن ما سجلته الماركسية او سجل عنوة باسمها لم يكن الا بدع فترة ستالين، وقد سادت بالفكر الشيوعي حتى أيامنا هذه دون ان نجد مفكر عقلاني يعيد التفكير ويزيل ألتاثير الستاليني الخاطئ والمدمر للحركة الشيوعية. التي ما زالت أحزابها تتعامل مع الموضوع كمرتكز أساسي في فكرها وتخطيط سياساتها.
السؤال المهم اليوم ، وبتجاهل كامل لما سبق وسجلته: هل يوجد حقا صراع طبقي؟
أين هو؟
كيف لا نشاهد هذا الصراع في الأنظمة الرأسمالية الكبرى؟
ما الذي تغير؟
للأسف الخطأ كان في الفهم المشوه لماركس. لنتخيل، في القصة التالية، الصراع الطبقي بين الشغالة زينب ومشغلتها عبير .. وكيف "تنتصر" الطبقة العاملة على المشغلين البرجوازيين!!

زينب تستحق اضافة معاش/ نبيل عودة

كانت زينب تشتغل مساعدة في منزل، تقوم بكل أشغال المنزل، لأن الزوجة عبير غائبة معظم ساعات النهار، بحجة تواجدها مع صديقاتها، والزوج غائب في عمله بإدارة شركة مقاولات، لكنه بين فينة وأخرى يتردد على المنزل لبعض الوقت.. ومع الأيام صار تردده شبه يومي أحيانا، الا اذا كان على سفر. زينب لا تجهل حقيقة تمتعها بجسد متناسق ووجه يطيب للإنسان النظر اليه، فهو وجه جذاب بتقاسيمه وصفاء بشرته...
في يوم من الأيام وقبل ان تخرج الزوجة للقاء صديقاتها، قالت لها زينب انها تريدها لحديث هام.
-    الا يمكن تأجيل حديثك لوقت آخر؟
-    لا يا سيدة عبير.. لأني يجب ان اقرر .
-    ماذا تقررين؟
-    البقاء في عملي في منزلك او الانتقال للعمل في منزل آخر.
-    لكننا ندفع لك معاشا جيدا.
-    لم يعد يكفي... مقابل ما اقوم به من خدمات منزلية ..
-    هذه هي وظيفتك.. هل تعتقدين انك جئت للراحة هنا؟
-    ان لم نتكلم الآن سآخذ أعراضي وأغادر المنزل.
-    ما هذا الكلام .. تهددينني؟
-    لا اهددك يا عبير ، بل أطالب بحقي...
-    ما هي طلباتك...؟
-    اضافة 20% على معاشي.
-    لماذا يجب ان اضيف لك هذه الزيادة؟
-    اولا انا اعد الطعام وزوجك يقول لي اني طباخة ماهرة وطبيخي أفضل من "الخبيصة" التي تعديها له عندما أكون غائبة.
-    ليسامحه الله.. لا يعجبه العجب.
-    لكنه معجب بما أعده من طعام.
-    هذا ليس سببا كافيا لزيادة معاشك.
-    اقوم أيضا بتنظيف البيت ومسح الغبار وكي الملابس وزوجك يقول لي اني منذ بدأت العمل في بيتكم صار البيت أكثر نظافة وترتيبا ولم يعد بحاجة لارسال ملابسه للكوى.. بل يقول لي اني أفضل منك في كي ملابسه وتنظيف البيت وترتيبه.
-    هذه تفاهات لا تعني شيئا .. وهي ضمن أشغالك المتفق عليها.
-    الم تقتنعي بعد يا عبير بأني استحق إضافة معاش؟
-    لا .. حججك لا قيمة لها يا زينب.. وما تقومين به تقوم به كل شغالة أخرى وربما افضل منك!!
-    حسنا .. يقول لي ما هو أهم وأخطر.. باني افضل منك في السرير...
-    ماذا؟ زوجي نام معك في السرير..؟
-    ليس زوجك فقط، الجار أيضا قال لي اني أفضل منك في السرير!!

nabiloudeh@gmail.com

عن الأونروا والصندوق المُكمِّل/ علي هويدي

غرابة فحوى البيان الصحفي الذي عممته "الأونروا" صباح يوم الجمعة 26 شباط/فبراير 2016 دفع بالبعض من المتابعين لأن يتساءَل ويُراجع قسم الإعلام في الوكالة إن كان البيان بالفعل رسمي وصادر عن إدارة "الأونروا"، أم أن هناك من يحاول التشويش على محاولات اللاجئين لانتزاع حقوقهم المشروعة، ويضع العصي في الدواليب أمام أي محاولات للتواصل بين اللاجئين و"الأونروا"..، ليأتي الخبر اليقين بأن البيان رسمي..!

بعد ما يقارب الشهرين من الإحتجاجات السلمية التي ينفذها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بإشراف وتوجيه من القيادة السياسية الفلسطينية الوطنية والإسلامية واللجان الشعبية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني والحراك الشبابي.. لمطالبة وكالة "الأونروا" بالتراجع عن تقليص خدماتها خاصة تلك التي بدأت مع مطلع العام الجاري وتتعلق بمسألة الإستشفاء..، عممت "الأونروا" بياناً صحفياً حول الإستشفاء في لبنان فقط، واستثنت فيه أي من المطالب الأخرى للاجئين ومنها إستكمال إعادة إعمار مخيم نهر البارد واستمرار حالة الطوارئ في المخيم ودفع بدل إيجار للعائلات المهجرة، ودفع بدل إيواء لأهلنا اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا إلى لبنان.. وبأن الوكالة "قررت" إطلاق "صندوق مالي مُكمِّل للسياسة المعدلة" يغطي "الأكثر حاجة في الحصول على الرعاية الصحية من المستوى الثاني" وبأن الوكالة "قد تمكنت من تأمين المساهمات المالية الأولية وعليه فان هذا الصندوق هو الآن قيد التفعيل"..!

تُصنف "الأونروا" اللاجئين في لبنان إلى ثلاثة فئات، الأولى فئة المسجلين وصل عددهم حتى تاريخ الأول من كانون الثاني/يناير 2015 إلى 493.134 لاجئ، من بينهم وهي الفئة الثانية وعددهم 61.148 لاجئ بنسبة 13.6% من العدد الإجمالي، وهؤلاء يستفيدوا من "برنامج شبكة الأمان الإجتماعي" إذ يحصل كل لاجئ منهم سنوياً على 40 دولار تدفع نقداً، وبقيمة 80 دولاراً مواداً تموينية، وهناك فئة ثالثة من اللاجئين وهي "الأشد فقراً"، وعلى هذه الفئة تنطبق معايير "الصندوق المُكمِّل للأكثر حاجة"، وهذا بطبيعة الحال غير كاف فالغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يحتاجون إلى الإستشفاء الكامل، وتقديم الخدمات الأخرى كاملة، وهذا مُثبت علمياً من خلال المسح الإقتصادي والإجتماعي الذي نفذته الجامعة الأمريكية في بيروت بتكليف من "الأونروا" وبتمويل من الإتحاد الأوروبي سنة 2010، وتبين أن 73% من اللاجئين في لبنان يعانون من الفقر، من بينهم 6.6% يعانون من الفقر الشديد، وهي الفئة التي ينطبق عليها معايير "الصندوق"..!

تمويل "الصندوق المُكمِّل" والمنفصل عن الميزانية العامة للوكالة، يخضع لميزاجية الدول المانحة، فالأونروا تعتمد في ميزانيتها على المبالغ التي تدفعها طوعاً تلك الدول، وبالتالي هذا الصندوق معرّض لعدم الإلتزام، تماماً كما يحصل حالياً في ميزانية "الأونروا" الرئيسية، وبالتالي عدا عن كونه غير كاف فلا ضمانات لاستمراريته، ومن جانب آخر وطالما أن "الأونروا" قادرة على جلب تمويل للصندوق فالأوْلى أن تجلب الأموال الكافية لتغطي التقليصات.. وجاء في البيان أيضاً بأن الوكالة "قد خصصت ومنذ فترة ليست بالوجيزة ما نسبته 50% من موازنتها المخصصة للإستشفاء لكافة مناطق عملياتها فقط لإقليم لبنان"، بتقديرنا حتى هذه النسبة هي غير كافية، وعلى الوكالة أن تبحث عن المزيد من التمويل، وكأن "الأونروا" لا تعلم كيف يستفيد اللاجئ الفلسطيني في الأقاليم الأربعة الأخرى من القطاع العام في الدول المضيفة، مقارنة بحرمان اللاجئ الفلسطيني في لبنان من حقوقه الإقتصادية والإجتماعية..!

بتقديرنا يعتبر البيان "غير مسؤول"، ومحاولة للإلتفاف على المطالب، وإهانة للاجئين، ومحاولة لشق صف الحراك السلمي من خلال التمييز بالإحتياجات، وتجاهل لحراك القيادة السياسية وخلية الأزمة واللجان الشعبية والأهلية والحراك الشبابي..، واستخفاف بالتفاعل الرسمي والشعبي اللبناني المؤيد لحراك اللاجئين، ويبدو بأن مواجهة التقليصات تحولت إلى معركة "عض أصابع" بين اللاجئين وبين "الأونروا"، وهذه حالة تنمُّر جديدة، عمَّقت الفجوة وأدوات التواصل وبناء جسور الثقة بين اللاجئين و"الأونروا"، والكرة الآن في ملعب الأخيرة..!

*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

مولاي بلحميسي مؤسس مدرسة تاريخ الجزائر العثمانية/ بن سالم صالح

لا يمكن لأي باحث في تاريخ الجزائر العثمانية وتاريخ المغارب الحديث تجاوز ما كتبه المرحوم مولاي بلحميسي من تراث تاريخي ثري جدا .
هو من مواليد مدينة مازونة ولاية غليزان شهر جانفي 1930 وكان لمدينة مازونة تأثير كبير في تكوينه الأساسي حيث تتلمذ بمدارسها القرآنية ، وبعدها تدرج في المدرسة الرسمية من الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي أين تحصل على شهادة الليسانس في الآداب سنة 1958 ، وأكمل دراساته العليا في التاريخ حيث تحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة بوردو الفرنسية سنة 1986 بأطروحة موسومة بـ ( البحارون وبحرية الجزائر في العهد العثماني 1518 - 1830 ) وبعدها أصبح عضو بهيئة التدريس بجامعة الجزائر لمدة تفوق 30 سنة ، أشرف خلالها مولاي على العشرات من الرسائل الجامعية وناقش الكثير منها داخل وخارج الجزائر ولعل أبرز من تخرجوا على يديه وأشرف عليهم ( المحقق الشهير محمد بن عبد الكريم الجزائري والباحثة عائشة غطاس )، كانت له نشاطات مكثفة بالجزائر وخارجها حيث كان عضو شرفي بمعهد أتاتورك بأنقرة التركية ، ونائب رئيس الجمعية الدولية للمؤرخين بمنطقة المتوسط ، كما كان أستاذا زائرا في العديد من الجامعات العربية والأوروبية كما شارك في العشرات من المؤتمرات الدولية ، توفي سنة 2009 عن عمر يناهز 79 سنة
وترك مولاي بلحميسي مؤلفات عديدة يمكن ايجازها في
 بحارة وبحرية الجزائر في العهد العثماني 1518 - 1830 في 03 ج
 تاريخ مستغانم
 أسرى الجزائر وأوروبا المسيحية
 الجزائر مدينة الألف مدفع
 الجزائر من خلال رحلات المغاربة في العهد العثماني
 الجزائر - أوروبا الحرب السرية 1518 - 1830
 البحر والعرب في التاريخ والأدب
 تاريخ مازونة
 تاريخ البحرية الجزائرية خلال القرن 19م
 معركة الزلاقة بالأندلس
 الأسطول البحري الجزائري، وقد قدمه أبو القاسم سعد الله في مجلة الندوة الأردنية سنة 2002
كما كانت له مقالات كثيرة نشرت في مجلات عديدة خاصة مجلتي الأصالة والثقافة منها

 تاريخ مستغانم ومازونة
 الجوسسة في عهد الأمير عبد القادر
 تاريخ البحرية الجزائرية خلال الفترة العثمانية
 معركة مزغران
 مدينة ورقلة في رحلة العياشي
 مدينة المدية عبر العصور
وقد نظمت ولاية غليزان سنة 2014 ملتقى دولي حول مدرسة مازونة الفقهية الجزائرية وكانت مداخلة للأستاذ عبد المجيد بوجلة من جامعة تلمسان بعنوان ( قراءة في أعمال المؤرخ مولاي بلحميسي البحرية والبحارة الجزائريين )
كما قدمت زوجة المرحوم مولاي مكتبته الخاصة هدية ووقفا للمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية ( الدكتور مولاي بلحميسي ) بولاية مستغانم .   

رجال رفعوا شأن عين إبل... عبد المسيح الطويل/ الكولونيل شربل بركات

ولد عبد المسيح في حدث الجبة شمال لبنان ولما بلغ الخامسة عشرة أرسل إلى المدرسة المارونية في روما والتي كانت فتحت أبوابها لاستقبال الطلاب الموارنة سنة 1584 وكان عبد المسيح من أوائل الطلاب وقد حمل الرقم 32 على ما ذكر في لائحة التلامذة الذين تعلموا في هذه المدرسة (مجلة المنارة) وفي سنة 1630 رافق المطران يوسف العاقوري وكان مطران صيدا، يومها، في زيارته للمسيحيين المنتشرين جنوبا في ابرشيته وقد وصل إلى "مزرعة" عين إبل حيث وجد أقارب له سكنوا هذه القرية الصغيرة والتي لم تكن أكبر من مزرعة وكانوا قد انتقلوا إليها من حدث الجبة قبل بداية القرن السابع عشر (حوالي 1594 كما يقال) وكان عبدالله الطويل أول من سكن عين إبل من هذه العائلة ونشأ ابنه جريس فيها وكان قد تزوج وأصبح رب عائلة يوم زار عبد المسيح مزرعة عين إبل وقد فرح المطران العاقوري كثيرا لوجود موارنة يسكنون على الطريق إلى الأرض المقدسة وساعده هؤلاء للتوجه إلى الناصرة حيث زار المدينة التي قضى فيها السيد المسيح طفولته وشبابه (وهي على سفر يوم من عين إبل مشيا على الأقدام). ولما عاد إلى عين إبل سأل الأهالي عن طلباتهم فأجابوه بأنهم يريدون كاهنا يقوم بالواجبات الدينية فسأل المطران عبد المسيح إذا كانت له رغبة في أن يرسم كاهن فأظهر استعداده ولكنه قال للمطران بأنه لم يدرس السريانية فكيف سيستطيع القيام بالمهمة فقال له المطران انا أعلمك السريانية وهكذا وخلال جولته على بقية الرعايا والتي استمرت حوالي الشهر كان المطران يعلم عبد المسيح قرأة وكتابة السريانية وبعد امتلاكه لقواعدها رسم كأول كاهن على مزرعة عين إبل وهكذا فقد ربحت عين إبل كثيرا بوجود معلم لاطفالها ومرشد لشبانها من أوائل خريجي المدرسة المارونية في روما ما ساعد بشكل أكيد على اعطاء هؤلاء ثقة أكبر بالمستقبل ودفعا للعمل والمثابرة.

بقي عبد المسيح مدة خمس عشرة سنة كاهنا على عين إبل كما ذكر هو في مقدمة كتاب الصلاة (الشحيمة) المارونية والتي نظمها وطبعها في روما عام 1645 بعد أن نال من قداسة البابا الاذن بذلك وهو كان ذهب إلى هناك موفدا من غبطة البطريرك الذي انتخب حديثا في تلك السنة لالتماس درع التثبيت وكان يرافق المطران المكلف بهذه المهمة كونه يعرف اللغات المطلوبة ويعرف روما جيدا وكون البطريرك الجديد كان يوسف العاقوري نفسه الذي رسمه كاهنا كما سبق ذكره. ومن الجدير بالذكر أن المطبعة الحديثة يومها في الفاتيكان (وكانت قد انشئت سنة 1626) لم تكن قد استعملت لطباعة أي كتاب بالحرف السرياني ولا بد أن يكون كتاب عبد المسيح من أوائل الكتب التي طبعت فيها ومن هنا أهميته وهو قد حوى كل الطقس الماروني من القداس إلى الرتب المختلفة (العماد والزواج والجناز الخ...) مع بقية الصلوات التي يتلوها أو يحتاج اليها الكاهن خلال النهار. والمهم معرفة قيمة الطباعة بالنسبة للنسخ فنسخ كتاب يتطلب عمل أشهر لنسخة واحدة بينما وبمجرد ترتيب الحروف لطباعة أول نسخة يمكن انتاج مئات النسخ بدون الحاجة إلى أي عناء يذكر. من هنا فقد كان كتاب عبد المسيح بالنسبة للكنيسة المارونية يومها عمل جبار أمكن معه نشر نفس التعليم في كل مناطق تواجد الموارنة في لبنان وغيره من البلدان.

ولكن عبد المسيح الطويل، وفي مقدمة الكتاب تلك والتي رايت صورة فوتوغرافية عنها عند نيافة الكاردينال مار انطونيوس بطرس خريش وكان صورها بنفسه من النسخة الموجودة في روما وقرأها لنا وقد كتبت بالخط الكرشوني (اي الأحرف السريانية والتي تقرأ باللغة العربية)، قص كامل قصته المذكورة سابقا ولكنه أشار إلى الاحداث التي قال بأنها سببت (هروبه) وانتقاله إلى شرق صيدا، حيث لا تزال عائلة الطويل تسكن الحمصية، وبعد أن كتب يخبر البطريرك الجديد بما حدث كلفه صاحب الغبطة يومها مرافقة المطران المكلف بمقابلة البابا والتماس درع التثبيت وهكذا كان وقد سافر إلى روما من صيدا في سفينة متجهة إلى ايطاليا.

ولكن ما هي الأحداث التي أجبرت كاهن رعية عين إبل على ترك البلدة والانتقال إلى شرق صيدا ومن ثم اعلام صاحب الغبطة الجديد والذي كان مهتما بمصير هذه القرية الصغيرة بتقرير مفصل رفعه إليه بدون شك ؟

في دراسة للأحداث التي وقعت داخل المنطقة في تلك الفترة نجد بأن "علي الصغير" الجد الأعلى للشيخ ناصيف النصار وهو بحسب تاريخ جبل عامل (محمد جابر آل صفا- دار النهار) كان يسكن مع والدته، التي نجت وحدها من المذبحة التي قام بها آل شكر لكل عائلته وهربت إلى أهلها في حوران حيث نشأ علي بدون أن يعرف والده، كان في تلك الفترة استعاد السلطة بعد أن قضى على أعدائه وقد تكون هذه الأحداث سببا لترك الخوري عين إبل كونه ربما كانت له علاقة صداقة مع المسؤولين من عائلة شكر وخاف أن يطاله سيف الانتقام؟ ولكن انتقال علي الصغير وسيطرته على السلطة وانتقامه من أعدائه تم قبل سنة 1645 ولا يمكن أن يكون لكاهن في مزرعة صغيرة يومها تأثير على الأحداث لكي يخاف الانتقام. أما انحسار سلطة المعنيين عن المنطقة بعد انكسار الأمير فخر الدين الثاني في حربه ضد السلطنة والذي قد يكون سببا لخوفه فقد تم أيضا قبل التاريخ المذكور.

ولكن المرحوم أيوب خريش والد البطريرك مار أنطونيوس بطرس خريش كان يروي قصة عن سبب تغيير عائلته اسمها من الطويل إلى خريش. والقصة تقول بأن جريس الطويل قتل "العتريسي" وهو عبد مصري ضخم الجثة كان يعمل حارسا لأملاك "البيك" في المنطقة ويسكن بلدة "الطيري" وقد اعتدى على إحدى النساء وهي ترعى البقر في محلة "الموميا" وما كان من جريس الذي كان قصير القامة ضعيف البنية إلا أن ارتدى ثوب امرأة وذهب يرعى في نفس المكان حيث حاول العتريسي مجددا التحرش به على اساس أنه امرأة وما أن اقترب منه حتى ارداه جريس بالجنجر الذي كان يحمله داخل ثيابه ثم هرب خوفا من الانتقام والتجأ إلى عرب الخريسات في منطقة الشعب حيث احتمى مدة من الزمن إلى حين تسوية القضية التي تمت فيها الصلحة بدفع فدية شارك فيها أبناء القبيلة معتبرين جريس واحدا منهم ما جعله يتكنى بلقب "خريش" الذي تحمله العائلة إلى يومنا هذا. ويضيف أيوب الذي كان يعرف بأبي المطران (كونه توفي قبل أن يصبح ولده انطانس بطريركا على انطاكية وسائر المشرق) بأن واحدا من البدو وكان في سوق الخميس في بنت جبيل بعد أكثر من مئة سنة على تلك الحادثة تصادم مع أحد أبناء البلدة الذي قتل اثناء التعارك ما جعله يهرب ويلتجئ إلى أقاربه في عين إبل حيث قاموا بالواجب وأنهوا المشكل بمشاركتهم في دفع الفدية كونهم والخريسات أقارب "يأكلون بالدم ويدفعون بالدم" وقد نزع اسم خريش عن عدة بيوت لم يساهموا يومها بالفدية فعرفوا بلقبهم فقط.

هذه الحادثة قد تكون أقرب إلى الواقع الذي جعل الخوري عبد المسيح يهرب كون العتريسي هو ممثل لسلطة البيك وليس اي شخص وقد قتله جريس الطويل وهو قريب الخوري وقد يكون للأخير دور ما في معرفة حقيقة ما جرى كون المرأة أو البنت التي حدث معها التحرش لم تجرؤ على اخبار أحد إلا الخوري الذي شعر بالمسؤولية ضميريا عما جرى فلم يستطع تحمل النتائج ما جعله يهرب. وهنا قد يكون ما ذكره الأب لويس رحمة في تاريخ بشري عن ارسال البطريرك يوسف العاقوري جريس دياب من حدث الجبة (الذي كان انتقل حديثا إليها من بشري) دعما لسكان مزرعة عين إبل يومها، تفسيرا مقبولا كون القرية أصبحت معرضة بغياب جريس الطويل أحد الرجال الأشداء والخوري نفسه والحالة المحيطة، فوصول دعم ولو قليل العدد يسهم بتثبيت هؤلاء الفلاحين الفقراء ويعطيهم الثقة بأنهم مسنودين من قبل الأهل في الشمال والكنيسة فكيف إذا كان هذا الأخير رجلا يحسب له حساب. وفي تاريخ عائلة خريش الذي كتبه المرحوم بركات يوسف بركات دياب في 1927 وكان مختار عين إبل يومها يذكر بأن جريس ابن عبدالله الجد الأصلي هو الذي لقب بخريش ما يناسب تاريخ هرب الخوري 1645 مع تاريخ حصول الحادثة.

ولا بد من الذكر بأن التقليد العينبلي حمل أثر "عبد الطيري" هذا حوالي 300 سنة فحتى ايامنا كان يقال عن من لا نحب بأنه يشبه عبد الطيري بدون أن نعلم من هو عبد الطيري هذا وبدون أن يراه اي منا وبدون أن يعيش في الطيري أي عبد.   

الثقافة العربية جعجعةٌ بلا طحين،والعراقية ضيّعت المشيتين/ كريم مرزة الأسدي

" وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ "

مقطع من قصيدتي  " يالعبة الأقدار...!!" ، أكرره حتى الثمالة ...!! : 

عَرَقٌ ،عِصَارَةُ فِكْرِنَا مـِنْ رَيِّهِ **** وَرَدَتْ ، فَـدَكّتْ خُــدْعَةَ الْمُتَبَلَّدِ
يَا نِصْفَ قَرْنٍ صَدَّ مِنْ كَيْدِ العِدَى*** كَيْ تَقْفِزِيْ فَوْقَ الدُّجَى الْمُتَلَبِّدِ
فَتَثَقّفَي بِالْهَابِطـَاتِ ، فَمَنْ دَرَى*** زَهْوُ الجّهُوْلِ يَضِيءُ مِمَّا يَرْتَدِي؟
يَا لُعْبةَ الأقْدَارِ لَا تَتَــرَدّدِي ***** زِيْـــدِي بَلَاءً مـَـــا بَدَا لَكِ وَانْكِدِي
 وَتَهَـوَّرَي مَا شِئْتِ أَنْ تَتَهَوَّرَي*** صُبِّي جَحِيْمَاً وَابْرَقي ثمّ ارْعـــدي
بِيْعِي الشّهَامَةَ وَالْمُرُوْءَةَ وَابْخَسِي** وَبِصَوْلَةِ الْأشْرَارِ قُومِي وَاقْعُدِي
لَاتَخْتـَـــــشِي مِنْ دَهْرِكِ مُتَقَزِّمَـــاً **** فَإذَا كَبــا قَزَمٌ بِحَــوْلِكِ صَعَّدِي

موضوع الثقافة العربية موضوع شائك ومتشعب ، كتب عنه كتـّاب العرب الكبار وفلاسفتهم ، منذ نيف وقرن من الزمان المعاصر البالي !  إذ لا مدلول لهذا المصطلح بشكله الموسع  عند العرب والمسلمين في العصور الخوالي ، أخذ المعاصرون يطرحون موضوعات عديدة ، لك ما تشتهي منها ، وما لاتشتهي ! ( الهوية الثقافية )... (الغزو الثقافي )...(الأمن الثقافي )...(التنمية الثقافية )...( الطبقات الثقافية )...( الأستلاب الثقافي )... ، ناهيك عمّا ألفته الخاصة والعامة من إلصاق  الثقافة على معظم الأمور الحياتية  ( الثقافة السلوكية )...( الثقافة الصحية )...(الثقافة السياسية )...(الثقافة الشعبية  )... (الثقافة النسوية )...الخ ، ولك أن تضيف عليها ما جاء بها هذا العهد العجيب الغريب !! ( الثقافة المتأسلمة) ، و( الثقافة المنافقة ) ، ( والثقافة اللصوصية) ، و( الثقافة التحريكية) ، و( الثقافة التسقيطية) ، عفوا فقط ( ثقافة سلطوية ) ، و( ثقافة تمسيحية ) ، و( ثقافة ارتزاقية) ...غير موجودة بعراق اليوم  !!

 نعود لما سبق السخر بالعهر ، والسخر يقرن بنقيضه الجد ، كما كنب المرحوم ابن زيدون  رسالتيه ( الهزلية والجدية ) ،  والجد يقول يجب احترام وإجلال الثقافة الصادقة ، ثقافة التضحية ، وثقافة  النضال و الجهاد ، وثقافة الشهادة ، وثقافة الصدق ، وثقافة الوطنية الحقة  على درب وحدة العراق ، والدفاع عن أراضيه المقدسة ، والظروف الحالية تقتضي التنويه ، بل تستوجبه ، والله خير الحاكمين ، وهو مولانا ونعم النصير   .
  أقول عودا على بدء ، كلّ هذا وأكثر ، أسمع جعجعة  ، ولا أرى طحنا ، ثم ما  الجدوى من هذا ، دعنا عن الأكثر  ، إذا لم يحرّك ساكناً ، ولا يسكـّن سالبا ، ولا يزيد موجباً ، ولا يُعرِّف بحقٍّ ، ولا يأتي بواجبٍ ؟!  والأمور بعواقبها ، والعواقب كما ترى ، حالٌ دون حال  ، لا نحن أحيينا حضارتنا البائدة ، ولا نحن غرفنا من الحضارة السائدة ، لذلك نحتاج إلى وقفة جريئة ، ومتأملة مع الذات  الموضوعية  ، فانا أتكلم عن الثقافة بعقلها الجمعي ،  لا بالعقل الفردي ، ولا بالمردود النفعي الذاتي ،  ولا أخالك من البساطة بمكان أن  تحسب معدل ثقافة الجمع ، هو متوسط  مجموع  ثقافات الأفراد الذين يقطنون مكانا معينا في زمان محدد ، الأمر أعقد بكثير ، ولا يحسب بالحسابات الرياضية الضيقة ! فكم من مثقف واحد غيّر ثقافات شعوب بجمعها  وشملها ،  وكم من آلاف  المثقفين يتصارعون ، لا غيّروا ، ولم يتغيروا .
 الروابط الاجتماعية بإشعاعاتها الثقافية معقدة التشابك والتفاعلات والنزعات ، لقبول أو رفض ثقافة الإنسان الآخر ، وكل إنسان آخر  له ثقافة أخرى ، ولو كان الفردان توأمين متماثلين ، يعيشان في بيئة واحدة ، بل في بيت واحد وغرفة واحدة  ، فالعدد لا يحصى ، ولا أحسبك - ولا أدري منْ أنت؟ !! ،   فلعلهم يعقلون  ويتفهمون ...!!
  وعلينا أن  لا نخلط بين التعليم والثقافة  ، فالتعليم بكل معلوماته ، وعلومه  التطبيقية والنظرية والإبداعية بعض مضامين  الثقافة، تستوعبه مع المزيد المزيد ، تنهم وتستزيد  ،ومهما يكن من أمر نقول :  نعم ... نحن إلى يومنا هذا ، في وضعية ثقافية  لا نـُحسد عليها ، إذا ما  قورنت بثقافات بقية الأمم المتحضرة ، وحتى الأدنى  منها حضارة ، لا من حيث المضمون المكدوس ، بل من حيث التطبيق الملموس والمحسوس ! ، و بالرغم من وجود تفاوت نسبي بين الدول العربية في هذا المجال ، فثقافتنا  عموما - وأخص العراقية من بينها - متهمة بالتقصير ولا قصور ! وعدم الانفتاح  ، بل هي منحازة حتى التعصب الأعمى ، وعلى أعلى المستويات  القيادية والمسؤولة في المجتمع منذ عهود  وعهود ، وفي جميع الاتجاهات ، فلا يفكر مثقفنا - والتعميم غير سليم - ولو على سبيل الأستعداد  للتقارب وقبول الرأي المغاير  لمواطنه المحاور ، فكل ما يملكه وتعوّد عليه ثقافة استبدادية إلغائية  تتسم بقذف التهم للغير ،و التهم جاهزة ،  بجميع أشكالها القاسية والحادة ، وكل الاتهامات المتعددة ،  والقناعات المتولدة - في الأغلب الأعم - قد بُنيت على أوهام وأقاويل وشكوك ،  دون أي أدلة قانونية ، ولا حجج منطقية  ، ولا تجارب حياتية ،  وبلا روادع أخلاقية ، فكلكم تعرفون التنظيمات السياسية المتكتلة حول نفسها ،  والطوائف الدينية المتصارعة فيما بينها ،  والأعراق الإثنية المتقوقعة على ذاتها ،  والجهات المناطقية المتنافرة عن بعضها   ،  وقلما يخلو منها قطرعربي واحد ،  وهذه الأقطار المنعوتة بالعربية  تتجاذبها الصراعات ،  وتحاك منها المؤامرات ، سرّاً ، وأصبح الأمر علنا  بالصورة والصوت ، يتنابزون ويشهرون   ولا يخجلون ، وكلٌّ بما لديهم فرحون ، ولو كره المخلصون ! !! وكلّ من يتطلع إلى الانفتاح ،  يُرمى بعدم الالتزام ، والتذبذب ،  والازدواجية والخروج عن الصف ، والمصلحة العليا للأمة... ، فإذن   نكرر، ما جدوى الثقافة أن نحملها ،  ونزعم التعلق بتلابيبها ، إذا لم تكن مشروعاً وطنياً خالصاً ، وإنسانياً شاملاً ، وعربياً جامعاً ، تذيب الفوارق ،  وتكسر الحواجز ، وتخلق المعاجز ،  وتنفتح على الرأي الآخر ، إعلامياً وثقافياً ،  دون تشنجات أومشاحنات ،  أو صراعات غير مشروعة ،  وفق التوازنات المدروسة والمتعقلة للقضايا المفصلية المؤثرة  عليها ،  وبالتحديد السياسية والدينية و المصالح المادية - للمثقف والأخر - السائدة في المجتمع ، بلا خضوع مُذل ولا تهور مُخل ! 
  ومن هنا نرى من الضرورة بمكان أن تشرع  الثقافة ببناء  مراكز بحوث علمية دقيقة ، يُعتمد عليها إحصائياً لفض النزاعات والمعوقات والإشكاليات ، ومعرفة آراء الناس وتطلعاتهم ومطالبهم ، وتحقيق ما يمكن تحقيقه منها  ،  وفي الحالات ذات الأهمية القصوى لتغييرالمسار سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً ...،  يُلجأ إلى رأي الشعب بأغلبيته البسيطة عن طريق أوراق الانتخابات ، لا عن طريق رصاص الرشاشات ، كما يحلو لبعضهم ، وإن قتل الناس جميعاً !!!  و يبقى الدستور والقانون فوق الجميع وقبل الجميع ،  هذا كلّه - ربما تعرفه فأذكر -  وأكثر منه ، لا يتمُّ ولن يتمَّ دون أن يكون المثقف الحقيقي المبدع المتفهم لواجبه الأخلاقي ،  مشاركاً حقيقياً في صنع القرار، لرفد الحضارة والازدهار ،غير مُهيمَن عليه بسياسة التبعية والاحتواء ،  إنْ لم نقلْ الازدراء ، وإلاّ  فأستميحكم عذراً ،  نحن -  وكل منـّا - على الأغلب  :
كالعيس ِ في البيداءِ يقتلها الظما*** والماءُ فوقَ ظهورها محمولُ
وكلّ يدّعي  وصلاً  بليلى *** وليلى لا تقرُّلهمْ بوصل ِ        
  (الماء) و (ليلى ) استعارتان تصريحيتان  محسوبتان لديَّ عن الثقافتين الجمعية والفردية  على التوالي  ،  والأشعار - كالأمثال - تضرب ولا تقاس !   اللهم  لا يأس ، فالأمم الحية - ومنها أمتنا - ،  والشعوب اليقظة - ومنها شعبنا - تترقب الآمال ، وتنظر إلى غدها  بتفاؤلٍ واطمئنان  ،  وتسعى للأعمال الحميدة ،  والأقوال المفيدة ، ولا أنفي الأقوال ، و لا أستخف بها تحت ذريعة الأعمال  ،  فلا بد أن يكون للكلمة شرف ومعنى  والتزام واحترام  ، والأحترام موصول  للإنسان ، لأنه في مفهومنا عمل ووجدان  ،  والمثقف من يستطيع أن يوازن بينهما  بالتمام والكمال ، والله الموفق  في كل الأحوال !!!

سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس/ د. مصطفى يوسف اللداوي

فلسطين في تونس حاضرةٌ أبداً ولا تغيب، تتقدم على كل الهموم والمشاكل، وتتصدر الاهتمامات والمشاغل، وقد سكنت سويداء قلوبهم قديماً، وتمكنت من حنايا نفوسهم كثيراً قبل أن يسكن فيها بعض أهلها، ولفيفٌ من قيادتها، يعرف أخبارها الخاصة والعامة، ويتابع شؤونها المختصون والمواطنون، وعليها يجمعون وأمامها يتفقون، ومن أجلها يتنازلون، وفي سبيلها يضحون، فهم يحبونها وأهلها، ويكنون لها الود وشعبها، ويظهرون عواطفهم تجاهها ولا يخفونها، ويعبرون عن مشاعرهم لها ولا يكبتونها، وبعالي الصوت يقولون أننا نحب فلسطين وأهلها، ونعشقها وأبطالها، ونهيم بها وبمقاومتها، وأننا نتمنى اليوم الذي نزورها وهي محررة، ونصلي في مسجدها الأقصى وهي عزيزة شامخة سيدة مستقلة.
في الشارع التونسي تقرأ على الجدران شعاراتٍ فلسطينيةٍ، وترى علم فلسطين مرفوعاً يرفرف على الأعمدة أو فوق أسطح البنايات، أو مكتوباً على الجدران واليافطات، وأسماء مشاهير شهداء فلسطين أعلامٌ في تونس، يسمون بهم أسماء شوارعهم ومدارسهم، ويعرفون بها ساحاتهم وميادينهم، وتقرأ في كل مكانٍ كلمات التضامن وعبارات الولاء لفلسطين والتأييد لانتفاضتها، وفي صحفهم فلسطين حاضرة قبل أي خبر، وتتصدر بانتفاضتها قبل أي قضيةٍ، رغم هموم الأمة وأحزانها، ومشاكلها ونزاعاتها، إلا أن فلسطين بطهرها تتقدم، وبأصالتها تسبق، وبحب الشعب لها تتصدر.
وفي المقاهي العامة التي تشتهر في تونس العاصمة، يرحب النادلون بالفلسطينيين ويبشون في وجوههم، ويقتربون منهم يدندنون ويترنمون بأغاني فلسطينية وأهازيج شعبية، ويرددون على المسامع قصائد محمود درويش وسميح القاسم وفدوى طوقان، ويحفظون كلمات غسان كنفاني ورواياته، ويعلنون أنهم يحبون فلسطين وأهلها، ويعددون شهداءها وقادتها، ورموزها وشيوخها، ولسانهم يقول نحن فداك يا فلسطين، أوراحنا لك فداء، وأبناؤنا لك قربى وفي سبيلك ترخص الدماء وتهون التضحيات، لسانهم بسيطٌ صادق، وقلوبهم صافيةٌ نقية، ومشاعرهم جياشةٌ معبرة، لا يوجههم أحد، ولا يرشدهم مسئول، إنما يحركهم الحب والولاء، والصدق والوفاء.
يسمع التونسيون لهجةً عربيةً غريبةً عليهم، فلا يجدون عظيم جهدٍ في تمييزها ومعرفتها، فهي لهجة فلسطين، وكلمات أهلها التي تني عن العزة، وتكشف عن العظمة، وتعبر عن القوة، يلتف التونسيون ويتحلقون، يريدون أن يسمعوا المزيد عن فلسطين وانتفاضتها، وعن أهلها وسكانها، وعن قدسها ومسجدها، ورغم أنهم يعرفون كل شئ، ويتابعون كل التفاصيل، ويحفظون كل الجزئيات، إلا أنهم يريدون أن يسمعوا من أهلها، وأن يتنسموا رائحة سكانها، الذين يسمونهم بالمرابطين، ويعدونهم مجاهدين، ويرون أنهم يحظون بالشرف كله ويحوزون على الفخر بأسره، فهم يقاتلون عدو الأمة، ويواجهون السرطان الصهيوني، ويتحدون بضعفهم قوة العدو، ويتصدون بإرادتهم جبروت المحتل وسلاحه، ويرسمون للأمة كل يومٍ صفحاتٍ من العز والفخار، يقرأونها في صمود الشعب، وفي انتصارات غزة، وفي تضحيات الضفة.
سائقو السيارات، والباعة في الأسواق والمحلات، والموظفون في الفنادق والمؤسسات، لا يترددون في التعبير عن حبهم لفلسطين، ولا يكفون عن إبداء صدق مشاعرهم تجاهها، وخالص أمنياتهم بتحريرها، فالسائق يصر على رفض الأجرة، والبائع يخفض في أسعاره، وموظفو الفنادق يبدون بشاشتهم ويظهرون سعادتهم، وغيرهم يسأل ويستفسر، ويطلب المزيد من الشرح والبيان، ويسأل عن الظروف والأوضاع والأحوال، ومآل الانتفاضة ومستقبل المقاومة.
محمد القيق علمٌ فلسطيني يرفرف على الألسن التونسية، يعرفونه مناضلاً صلباً ومقاوماً عنيداً، يؤيدونه ويساندونه، ويقفون معه ويناصرونه، ويرون أنه أمةٌ في شخصهِ، وشعبٌ في موقفه، يعبر عن الأصالة الفلسطينية، وعن العنفوان الكبير الذي يتميزون به، فقد صنع من ضعفه قوة، ومن أمعائه سلاحاً، ومن معدته قلعةً وجبهة، ونجح في قهر العدو وهزيمته، وأجبره على التراجع والانكفاء، والتسليم بإرادته وصموده، فكانوا يؤدون له التحية في كل محفل، ويبدون الاعتزاز به في كل موقف، فهو خير من يعبر عن إرادتهم، وأصدق من يتحدث عن صمودهم، إنه مثال الفلسطيني الصامد كالجبل، والشامخ كالراسيات.
في تونس لا يقوى الفلسطيني على مواجهة سيل المشاعر الجارفة، ولا اندفاعة العواطف الصادقة، ولا يعرف كيف يواجه التونسيين ويرد عليهم، وكيف يخاطبهم ويتحدث معهم، فهم أصدق عاطفةً وأكثر وعياً، وأثبت يقيناً، وأعظم ثباتاً، وأكثر أملاً، وأشجع نفساً، وأعلى همةً، وأسرع خطوةً، وأقوى إرادةً من كثيرٍ من الفلسطينيين أصحاب القضية، بل إن الصورة أمامهم واضحة، والقضية صريحة، لا يكتنفها الغموض، ولا يعتريها العور في الفهم، فهم يريدون فلسطين كاملةً، حرةً أبيةً عزيزةً مستقلة، ويرون أن الكيان الإسرائيلي والحركة الصهيونية هي العدو الأول للأمة كلها، فينبغي مواجهتها لا مهادنتها، وقتالها لا مصالحتها، والتصدي لها لا مفاوضتها، والثبات أمامها لا الهروب منها.
لكن التونسيين لا يترددون في توجيه النقد وجلد الذات، ومحاسبة المسؤولين ومعاقبة المخطئين، فهم يعتبون على الفلسطينيين بقوةٍ، ويبدون غضبهم من قيادتهم بكل شدةٍ، ولا يترددون في وصف القيادة الفلسطينية بكل مستوياتها، الرسمية والحزبية، والفصائلية والمستقلة، بأنهم يخطئون في حق الشعب الفلسطيني، ويقامرون بمستقبله، ويفرطون في حقه، ويخذلون شعبه، ويتسببون في إلحاق الأذى بالقضية والشعب، وأنهم بتصرفاتهم يخالفون الصورة البهية للشعب الفلسطيني.
إنهم يتهمون النخبة الفلسطينية بأنها جزء من الأزمة، ولعل بعضها هو سبب الأزمة وأساس المشكلة، كونهم يقدمون همومهم الخاصة على الهموم العامة، ويهتمون بشؤون أحزابهم وفصائلهم أكثر من شؤون الشعب وهمومه، ويعيبون على القوى الفلسطينية احترابها وتنازعها، واختلافها وتمزقها، وانقسامها وتشرذمها، ويرون أن الحال الذي توجد عليه القوى الفلسطينية هو أمنية العدو وغايته، وهي هدفه المنشود وطريقة الموصوف للوصول إلى أهدافه، وتحقيق غاياته القديمة والجديدة.
يستنكر التونسيون استمرار الانقسام وطول أمد الاختلاف، ولا يترددون في توجيه النقد القاسي إلى طرفي المشكلة، وفريقي الأزمة، ويرون أنهما تسببا في تشويه الصورة الفلسطينية الناصعة، وتلويث صفحتها البيضاء الطاهرة، ويدعونهم بلسان المحب وقلب العاشق لفلسطين وأهلها، أن يتفقوا ويتحدوا، وأن يتجاوزوا اختلافاتهم وتبايناتهم، وأن يوحدوا كلمتهم ويرصوا صفوهم، إكراماً لشعبهم الأبي، وأمتهم العظيمة، الذي يخوض انتفاضته الثالثة بكل قوةٍ وعزةٍ، ويقدم بنفسه أقصى ما عنده، وأغلى ما يملك، ولا يلتفت إلى اختلافات فصائله، ولا إلى تلكؤ قياداته، وتأخرهم جميعاً عن اللحاق بهم أو ادراكهم، فالشعب قد سبقهم في دربه، وفاتهم في انتفاضته، ولا يعنيه من أمرهم إلا أن يتفقوا ويتجاوزوا الاختلافات، ليتمكنوا من تحقيق الأماني والوصول إلى الغايات المنشودة، وإنهم على ذلك لقادرين، وبمقاومتهم لها ضامنين.
رغم أن الآذان كانت في تونس صاغية، والقلوب واعية، والمشاعر حاضرة، إلا أن النقد كان قاسياً وجارحاً، وصريحاً وواضحاً، ومباشراً وقصدياً، وقد كان بلسانٍ محبٍ، وقلبٍ والهٍ خائف، لا نشكك فيهم ولا نتهمهم، ولا نقلل من حرصهم واهتمامهم، ولا نستخف بعمق رؤيتهم وصفاء بصيرتهم ونقاء سريرتهم، وفي ذلك نعذرهم ونشكرهم، ونقبل نصحهم ونرحب بتوجيههم، فهل يدرك الفلسطينيون قيادةً وشعباً، وفصائل وقوى أن الأمة العربية وشعوبها الحية، تتطلع إليهم بأمل، وترنو عيونهم إليهم بشغفٍ، فهم يرونهم شامة الأمة وجبينها الأغر، وصفحتها البيضاء وتاريخها الناصع، فهل نكون عند حسن ظنهم، أم نكذبهم ونفشلهم، ونخيب آمالهم ونحبط نفوسهم، ونطعنهم في أعز ما يملكون، وأعظم ما يقدسون.

إلى حكومتنا بلا استثناء/ فراس حج محمد

حكومتنا كعهد حياتها
تضاجع كلّ وحوش الليلْ
وتستلقي على جنبينِ من فُرُشِ الحرامْ
وتوجعُ في الصباح الحيّ
أرتالا من البشر اللاهثين نحو النّارْ

حكومتنا مولّهة ومغتصبةْ!
مشاجِرَةُ الشجر المثمر في الحدائق والطُّرقاتْ
وتزرعُ الأشواك في حلق التلاميذْ
وتُسقطُ منهمُ الأقلامْ
وتسرق من عيون الشمسْ
الأفكارَ
الدفاترَ
والألواحَ
والأشعارَ
والتقوى
وتكتب من حناجر البوم الناعق بالهجاءْ:
"كيف أصبحنا خفافيش ظلامْ"
وتخرج الأطفال من أحلامهم وتكتب في صقيع الأمنْ
خروجنا عن الصف الفدائيّ
وتجعلنا معَ (الموسادْ!)

حكومتنا بلا عينينْ
بلا قلبٍ
تعهِّر في لغة الصحفْ
وكثيرة الأخطاءِ
لم تتعلمِ الأملاءَ
تقتلُ سيبويهْ!

حكومتنا رجعيّة دفنت بوحل نعالها رؤوس الشعبْ
وعلمتنا الانحناءَ
البحث عن الفسوقْ
في خِصاص الأشقياءْ
ولقّنتنا حكمة العبث الطويلْ
وتلهو في كتابة سطرها المفجوع من آلامنا
وتنام ملء عينيها
ويُسْهِرُنا التشتت والشتاءْ

حكومتنا تعيشُ فقط على دمنا المعبَّأ في العُلَبْ
وتأكلُ لحمنا لتشرب في جماجمنا
على مقابر من طربْ!
تقلّم عظمنا المبسوسْ
تقشرُ جلدنا المهروسْ
وتخطفُ عن حبال بيوتنا رقعا من الثوب الرخيصْ!
وتكذبُ: "إننا ضدّ الوطنْ"

حكومتنا ليست شيوعية
بل ليست حرّة في السوقْ
ولم تقرأ بدستور معاصرْ
وضدّ الله كانت منذ نشأتها الحقيرة تلكْ!

حكومتنا الغريبة في الأطوارْ
بلهاءُ
عجفاءُ
مغرورةْ
ستظل بردعة محمّلة على هزْلِ حمارْ!
قدرٌ من الأقدارْ
وضد روح الله في كلّ مدارْ
فأين هاتيك الجماهيرُ؟
أم أننا متواطئون مع بؤس هذا العار؟!

قال لصاحبه وهو يحاوره/ بن يونس ماجن

قال لصاحبه وهو يحاوره على الفيسبوك
لم تبق سوى المسامير الحادة
بارزة فوق نعشه
هل تتذكرصورته على حائط منهار
او كان على طرف هاوية

لقد سئم من الهزائم النفسية
كان يجوب القارات
لا اعرف كم عددها
وكان يتجنب ركوب البحر
يتسلق عتبات الموج العاتية

لقد نسي حوته الذي تعود ان يحمله في جيبه
دوما متأبطا قوته اليومي

فكر يوما في الانضمام الى عصابة المسترزقين
المراهنين على العائدين من الحرب بحور العين

اضغاث أحلام تزدحم في جمجمته
ما أكثر مستنقعات الشر
في زمن متخم بكائنات تافهة

راى جنازة شعب باسره
فمشى خلف المواسين
يحمل دساتير العهود الغابرة

لم يحضر في الموعد المحدد له
لكي يجلس على الكرسي الكهربائي
كم مرة توقفت دقات ساعة جدار زنزانته
متوازية مع  دقات قلبه البطيئة
لكن الموت لم يمنعه من مراوغة الانتحار
فهو كان كالاعمى فوق راسه قنديل معلق

وحده  كان يتوغل في غياهب العتمات
وحين ادى صلاته الاخيرة
على متن سفينة النجاة
تذكر الحرب القذرة والجثث المتآكلة
        
بعينين مغمضتين
كان يتبختر كالغراب الاسود في عباءته البيضاء
وهويردد نشيد موسم الرقاب المبتورة

لندن   

الجمال والأدب / رفيق البعيني

سألتني ان أضيفها الى لائحة أصدقائي

فدخلت الى صفحتها
وذهلت !
جمال فتان يسحر العيون
وينعش القلوب

سارعت للقبول
ثم ترددت
وتساءلت :
أين أصدقاءها
ولماذا تخفيهم؟

أيكون الاسم مع حلاوته مستعاراً؟
والغاية من طلب الصداقة
لعبة خبيثة !
او مشكلة عويصة ؟

فتوقفت
ثم عدت اتصفح الصفحة
فوجدت قلماً رائعاً خط خواطر ونفحات ادبية رائعة

عندها
ضربت عرض الحائط كل ما اعتراني من افكار سوداء

فصممّت
وسارعت
وبكل حماس
قبلت
 وشكرت

وهكذا تفوق الأدب على الجمال

أوراق عن الإنسان والشيطان/ شوقي مسلماني

1 (أهلاً بالرفيق) 
قال لي أنّه يوماً لم يكن في حزب شيوعي، وعلى الرغم هو مشهور بالشيوعيّة، وسألته عن تاريخه، فقال أنّه طالما انتصر للطبقات المسحوقة كالفقراء والعمّال والفلاّحين المضطهدين، ووقف ضدّ الإقطاع والرأسماليين المتوحّشين. ولمّا رآني أبتسم، وأنا أسمع منه ذلك، سألني عن ابتسامتي، فلم أجد نفسي إلاّ وأنا أقول له: "أهلاً بالرفيق".

2 (الدين وكارل ماركس)
وقعتُ على أوراق كتبتُها في زمان مضى، وها أنا أشارككم ورقة منها، آملاً أن يكون فيها ما يفيد: "الدين هو تنهيدة المقهور في عالمٍ قاسٍ بلا قلب، الدين أفيون الشعب" قال كارل ماركس عندما نظر في زمانه إلى حال الناس، وليس إلى حالهم في البلدان المسحوقة وحسب، بل وتحديداً في الدول المتقدّمة، مثل بريطانيا، ألمانيا وفرنسا. لا شأن لاختلاف المترجمين حول ترجمة كلمة  “sigh”  عندما ترد في كتابه "نحو نقد فلسفة الحقّ الهيجليّة" الصادر سنة 1844:  “Religion Is The Sigh Of The Oppressed Creature”  حين بعضهم ترجمها إلى "زفرة" ترجمها بعضهم الآخر إلى "آهة" أو "تنهيدة". والشأن هو لهذا التزوير باجتزاء عبارة "الدين أفيون الشعب" من سياقها، وجمع مفردة "شعب" إلى "شعوب" لغاية خسيسة. كارل ماركس فيلسوف له نظرة إلى الحياة والوجود، ولم يكن رجل دين، وهذا معلوم، ومع ذلك لا أحد قبله أوجز الدين بهذه العبارة الرقيقة والمنصفة لجهة أنّه مسكّن لآلام الناس المضطهدين عندما يتعرّضون للإستغلال الإقطاعي والرأسمالي معاً. ومعلوم أنّ الأفيون في زمان كارل ماركس لم تكن له الدلالات القاسية التي هي له اليوم بقدر ما كان الأفيون مخدِّراً، ومسكّناً للآلام أكثر.."

3 (أيضاً) 
بشأن آسيا، كشف كارل ماركس بؤس علاقات الإنتاج القديمة، وبؤس عتادها في مواجهة قوّة علاقات الإنتاج الحديثة، وقوّة عتادها، وفيما كانت آسيا تبحث عن موطئ قدم لها آمن من آلام وعذابات، بسبب من المستعمر الإنكليزي، كان ماركس يحضَّها، وخصوصاً هندوستان ـ بلاد الهند، على الثورة ضدّ قديمها البالي، وضدّ المستبدّ الإمبريالي الغربي.  

4 (قال لي)
قال لي: " هل تلاحظ أنّ انهيار الإتّحاد السوفياتي في الربع الأخير من القرن العشرين انفتح معه في الربع الأوّل من القرن الحادي والعشرين وفي العالم العربي تحديداً صندوق "بندورا" الإفتراق الإنساني طائفيّاً ومذهبيّاً وقبليّاً وعشائريّاً وعبثيّاً، هل توافق أنّهم دمّروا أخيراً صرح الإتّحاد السوفياتي على رؤوس أبناء المستعمرات التي يسمّونها اليوم "بلدان العالم الثالث" المقهور، الحزين، البائس أو اليائس؟.
**
هل يجوز أن يكون ثمن السلعة أضعاف ثمن الكلفة؟.
**
عوض أن تشاهد نشرة الأخبار من فضائيّة لبنانيّة شاهدها على فضائيّة لجماعة الكاز والغاز لأنّه بحضرة "الأصيل" ماذا الحاجة إلى "فوتو كوبّي" أكثر رداءة.

5 (عدالة المجرمين) 
"وتبيّن للقاضي في تلك المحاكمة، ولمساعِدَيه العسكريين الجالسَين معه إلى طاولة مستطيلة، حيث واحد هو يمينه، والآخر هو يساره، أنّ المتّهم بإيواء "المخرّبين الفلسطينيين" هو مجرّد فلاّح بسيط، وأنّ اعترافاته لا تعدو أن تكون اعترافات يعرف المحقّقون أساليب ناجعة لانتزاعها، ولكنّ الإقرار بهذه الحقيقة يترتّب عليه عواقب وخيمة، فالفلاّح في السجن منذ خمس سنوات و11 شهراً، من دون محاكمة، والنظام القضائي في البلد لا يحتمل التشكيك بانتظامه وعدالته، هذا عدا عن التعويض الذي قد يطالب به الفلاّح إذا ثبتت براءته، وما أكثر الموقوفين أو المسجونين الأبرياء من أمثاله، ولذلك قرّر القاضي بعد مشاورة زميليه تثبيت الجرم، وإصدار الحكم بحبس الفلاّح ستّ سنوات، وبما أنّه انحبس خمس سنوات و11 شهراً يُسجن بعدُ شهراً ويُطلق سراحه".

6 (النازي الجديد) 
"ذاته، أمام عدسات التصوير ساعد عجوزاً متهدّماً على عبور شارع في منطقة حظر التجوّل، قال لصديقه أنّه خلال حملة المداهمة وإخلاء البناء المُصادر وجد في شقّة من الطابق الخامس أمّاً وطفليها، فساعدهم على المغادرة، ولكن ليس من طريق المصعد الكهربائي، وإنّما قذفاً من النافذة.

7 (كلمة)
على قدر الإنسحاب يتقدّم الماضي.

 8 (داعش والنصرة) 
قال له: مقالٌ جيّد لولا أنّه يخرج عن السكّة عندما لا يذكر إيران إلاّ مقرونة بالشيعة، ولا يتعامل بالمثل مع تركيا أو السعوديّة، مثالاً لا حصراً، وعندما يقول بغبطةِ إسرائيل أن تكون روسيا في سوريا حاجزاً بينها وبين الجماعات الإسلاميّة المسلّحة، كأن لا جرحى للجماعات أيّاها في مستشفيات إسرائيل ذاتها، ولولا أنّه يذكر طموحات بوتين "الإمبراطوريّة" المتخيّلة، متجاهلاً الإمبراطوريّة الأميركيّة المتحقّقة، ولولا أنّه يبرّئ ساحة "الجيش الحرّ" و"الفصائل الإسلاميّة الوطنيّة" وكأن لا من سمع بتصريحات لقادة من كلّ أولئك لا تقلّ قباحة في المذهبيّة والعنصريّة والوحشيّة عن تصريحات لجماعات مثل داعش والنصرة.

9 (محاولة) 
الخصم لروسيا يقول أنّ وجودها في سوريا تعبيرعن طموحات "إمبرياليّة"، والصديق يقول: "وجودها في سوريا محاولة لفكّ الحصار المدمّر الذي تفرضه عليها أميركا وذراعُها الشرس حلفُ شمالي الأطلسي". 

10 (الدم السوري) 
قال أحدهم من محلّةٍ في بيروت أنّه كانت له ليلة أمس "سهرة حلبيّة" حيث كان الكلّ و"حتى الويسكي (متضامن) مع الثورة السوريّة". وردّ عليه مواطن سوري قائلاً: "اشربوا نخب دمائنا كلّما حلا لكم، وأينما كنتم، لا بأس في ذلك ما دام دمنا خمركم". 

11 (الثالث) 
نسِر وثلاثة: "بغل، دبّ وثالث". النسِر يُطمِّع البغل بأنّ الثالث "إذا صدّيناه معاً" لن يمتطيه بعدُ. ويُطمِّع الدبّ بأنّ الثالث "إذا تحالفنا ضدّه" لم يعكّر صفوه بعدُ. والنسِر ذاته يخشى أن تفتر قبضته دون الثلاثة. البغل والدبّ يدركان حال النسِر، وفي آن هما مدركان لحالهما المتوتّر. والثالث "جاهل" يضع رقبته حيث تتكاثر الحوافر والأنياب والمخالب والمناقير والبراثن والسيوف دائماً. 

12 (الوحشيّة)
أنت مدعو كي تتأمّل في وحشيّة حيوانات، عالِماً أنّ ذاك لن يُقِرّ لك، بل سيبرّر مدّعياً أنّها وحشيّة طبيعية في الحيوانات، وأنت، ولطفاً منك، وكأنّما عنه ستقول: "وأيضاً انظرْ إلى هذه الوحشيّة في بني الإنسان"!.

13 (صديقي الشيطان) 
ـ إلى فضل عبد الحي ومنه ـ
"قال إبليس أنّه ملاك يطلقون عليه اسم الشيطان. وسألني عن إسمي فقلتُ له: أنا الشيطان ويطلقون عليّ اسم: فضل عبد الحي". 
Shawki1@optusnet.com.au 

وفر دموعك يا يونس/ بن يونس ماجن

لماذا يؤكدون علي بقولهم
وفر دموعك يا يونس
يا يونس لقد ماتت
اجل لقد رحلت
ومات كل شئ من حولي
يوم ماتت ادريسية
خيم الظلام الدامس على قلبي
وعندما ماتت
أخذت معها كل شئ
ولم يبق لي من الحياة
الا الفراغ القاتل والمضني
ولباسي اليومي
من ثياب الحداد
ومات بموتها كل شئ
وبموتها فقدت كل شئ
وما جفت عيناي عن المراثي
وما كف فؤادي عن الاوجاع
ولن أنقطع عن البكاء
وذرف الدموع
مهما طال الوداع
واسودت الأجواء
انا اليوم يتيم وكئيب
قهرني الموت برحيلها
وما اريد سوى
القرب من جوارها
ولثم تراب مثواها
قالوا يا يونس انك أنت والنحيب صنوان
فقلت مرحبا تعالي ايتها الاحزان
من منكم اذن سيكفكف دموعي الغزيرة
من الذي سيرمم أشلاء قلبي الممزق
ويروي شراييني بالصبر والسلوان
انكم حقا لا تعرفون حزني
ناولوني مناديلكم لأجفف ما تبقى من ملح الجراح
ناولوني أكفانكم ليتلحف بها عزائي الوحيد
انكم حقا لا تقدرون فقداني
"ألم أقل انكم لن تستطيعون معي صبرا"
ألم أقل انكم لن تستطيعون منع عيناي من البكاء
يا ليتكم قد ذقتم مرارة الفراق والغياب
وان لم تنتهوا عما تقولون
لأرجمنكم بالدمع الوابل المنهمر
 وفر دموعك يا يونس
واتساءل لمن؟
هل هناك مأتم آخر
يستحق البكاء أكثر
بن يونس ماجن

    

حالة الضرورة في القانون/ سهى بطرس قوجا

حالة الضرورة من أكثر الموضوعات اثارة  وتعقيدا في القانون. هي نظرية شاملة شملت جميع فروع القانون ، حيث لعبت  دورا بارزا في القانون المدني والقانون الجنائي والقانون الإداري.
حالة الضرورة هي الحالة التي يجد فيها الإنسان نفسهُ في ظرف أو موقف يهدده بخطر ما ، لا يمكن تلافيهِ أو الخلاص منهُ ألا بارتكاب جريمة، وتسمى الجريمة عندئذ بــ (جريمة الضرورة  Delit Necessaire). وهي حالة لا تنعدم فيها الإرادة كليا وإنما يضيق فيها مجال الاختيار وقتها إلى أدنى حد بحيث تميز بين شران: أما الهلاك أو الإصابة بضرر جسيم وأما مخالفة القانون وارتكاب جريمة. وقد تكلم قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، عن حالة الضرورة في المادة 63 منه قائلا:" لا يسأل جزائيًا من ارتكب جريمة ألجأته إليها ضرورة وقاية نفسه أو غيره أو ماله أو مال غيره من خطر جسيم محدق لم يتسبب هو فيه عمداً ولم يكن في قدرته منعه بوسيلة أخرى، وبشرط أن يكون الفعل المكون للجريمة متناسبًا والخطر المراد اتقاؤه، ولا يعتبر في حالة الضرورة من اوجب القانون عليه مواجهة ذلك الخطر".
والأمثلة كثيرة على حالة الضرورة منها: حالة راكب من ركاب السفينة الغارقة، نجّا وهو مُتشبث ومُمسك بقطعة خشب طافية في البحر لا تسمح ألا بحملهِ، وأبعد شخصاً آخر أراد أن يتشبث بها فأدى ذلك إلى وفاتهِ. وقد تتسع حالة الضرورة لصور لا يتحقق فيها الحرج أو التأثير في إرادة الشخص، وذلك فيما لو كان الخطر غير محدق بالشخص نفسه أو من يهمه أمرهم، كمثل حالة طبيب الذي يقضي على حياة جنين في ولادة عسيرة لإنقاذ حياة الأم. وطالب الطب في قرية ليس بها أطباء يقوم بإجراء عملية جراحية عاجلة لإنقاذ حياة مريض.....الخ. والواقع أن الشخص في الأمثلة المذكورة لم يتصرف تحت تأثير ضغط مُعين على إرادتهِ وإنما على أساس تغليب مصلحة على مصلحة أخرى.
والغالب في حالة الضرورة أنها ليست من عمل الإنسان فقط، وإنما هي وليدة قوى الطبيعة كالحروب والكوارث الطبيعية التي هي ظروف اضطرارية واستثنائية، ويتعين على من يهدده الخطر أن يتصور الوسيلة إلى تفاديه مستوحيا من الظروف المحيطة به.
الأوضاع التطبيقية لحالة الضرورة:
تاريخ البشرية حمل للإنسان عبر مختلف عصوره صدى وأنين المآسي والويلات والكوارث التي حملت بين ثناياها الكثير والكثير من الألم والحرمان والجوع والفقر  للإنسان. سنين مضت وسنين نعيشها وسنين قادمة والإنسان ما زال يتذوق من مرارتها سواء كان مصدرها قوى الطبيعة من زلازل وبراكين وفيضانات، أو كان مصدرها الإنسان نفسه وما يقوم ويخط به من حروب وفتن وانقسامات! هكذا كان حال البشرية وما يزال باختلاف أشكاله طالما الأفعال قائمة وشبح الموت يخيم بضلاله على الحياة والوجود. وهذه بعض من الأحداث التي حدثت قديما وتبرر حالة الضرورة فيها:ــ
1 ـــ  القاطرة البحرية الفرنسية الامادوز:
بتاريخ 2/7/1816 كانت القاطرة البحرية العسكرية الفرنسية تنقل على متنها أكثر من 400 جندي وبحار، عندما جنحت وغرقت في عرض البحر، ولم تتمكن قوارب النجاة القليلة من إنقاذ سوى عدد ضئيل من الركاب، فقام الباقون بتصنيع من أخشاب الباخرة لوحة عائمة كبيرة اعتلاها حوالي مائة وخمسون شخصاً في غياهب الأوقيانوس دون طعام أو ماء تحت أشعة الشمس الحارقة، فدبّت المجاعة الجماعية في هذه القافلة البشرية ، فأخذ الناجون يتآكلون لدرجة أنه عندما تم العثور على اللوحة وانتشال من تبقى من الأشخاص على قيد الحياة والذين  لم يتجاوز عددهم 15 فردا، واعترفوا هؤلاء أمام لجنة التحقيق العسكرية بإقدامهم على افتراس بعض قطع من أجساد رفاقهم وهم أحياء فلم يقدم أحد منهم إلى المحاكمة، بل حفظت القضية بحقهم دون متابعتها لعلة حالة الضرورة.
2 ـــ  حالة حادثة اليخت الانكليزي Lamignonette :
في عام 1884 غرق اليخت البريطاني الضخم، فنجا من ركابهِ على زورق صغير ثلاثة رجال وملاح حدث. وبعد أن تاهوا في البحر لمدة ثمانية أيام، نفذ الطعام والشراب، فقام الرجال الثلاثة بالإقدام على قتل البحار الحدث وقتلهِ وتقطيعه إلى قطع وأكله. وصدف أن أنقذتهم باخرة حربية بعد 4 أيام من ذلك.
3 ـــ  حالة الباخرة الشهيرة تايتنك Titanic
هذه الباخرة غرقت في عرض الأقيانوس نتيجة اصطدامها بجبل ثلجي عائم ليل 15/4/1912 بينما كان ركابها يقيمون حفلة دينية على متنها، وقد هلك في هذا الحادث أكثر من ألف وخمسمائة شخصاً بسبب تهافتهم واندفاعهم دون تنظيم على إنزال قوارب النجاة والاقتتال في سبيل الاستئثار بها، وقذف بعضهم بعضاً إلى عرض البحر، ولم ينقذ منهم نتيجةٍ لذلك، سوى العدد الضئيل من المسافرين الذين كانوا من جميع الجنسيات العالمية بسبب دعوة رسمية.
4 ـــ  القضية المعروفة La femme Menard
في الربع الأخير من القرن التاسع عشر شغلت الأوساط الحقوقية هذه القضية عندما أقدمت هذه المرأة على سرقة كمية من الخبز ليلاً من فرن مُجاور لمنزلها تكفي لإعالة أولادها الذين نال منهم الجوع، وقد أصدر أحد القضاة المغمورين الشهرة آنذاك المدعو "ماجن أند" حكماً بإعلان براءة المدعى عليها مما أسند إليها، وقد أثارت هذه القضية عاصفة من العطف الشعبي على القاضي المُذكور الذي لقب بالقاضي الطيب. وقد صدق هذا القرار استئنافاً من قبل المحكمة العليا.
هذا كان شرح مبسط ومختصر لحالة أصبحت في الوقت الحاضر جزءاً لا يتجزأ من النظام القانوني لأي دولة ديمقراطية، لأنهُ بغير أعمال نظرية الضرورة سيكون من السهل تصور انهيار الأنظمة القانونية لأي دولة. فحالة الضرورة حالة ارتبطت بوجود الإنسان، وقد أخذت بها مُختلف التشريعات الحديثة، ولها أهميتها البالغة في كل أطوار الحياة الإنسانية ولها قيمتها كحالة وجدت لتبرير مواقف حدثت اضطراريا . وبالرغم من أهميتها لكن من جانب آخر لا يجب الإغفال عنها بل التشديد في تطبيقها لأنها قد تكون ملاذا للمجرمين للتخلص من العقاب من خلال أثبات أدعيتها وحالة تحققها.

النايف شهيداً.. والقيق منتصراً/ راسم عبيدات

حساب وصراع مفتوحين مع الإحتلال الصهيوني....نجح فيه في اغتيال عدد لا بأس به من القيادات الفلسطينية...وعمليات الإغتيال لم تكن لكون جهاز "الموساد" الإسرائيلي خارق القدرات،على الرغم من إمتلالكه احدث الوسائل العلمية والتكنولوجية والإمكانيات للتجسس والمتابعة والملاحقة....ولكن أغلب تللك العمليات لم تكن لتتم لولا وجود العامل البشري المحلي...أي إما اختراقات في التنظيمات أو في بعض الأحيان اختراقات في الدوائر المحيطة والقريبة أسريا وتنظيمياً....بالإضافة لنجاح الإحتلال في تجنيد عملاء يسهلون عليه القيام بمهامه...وعدم وجود تحوطات امنية بالشكل الكافي من قبل اجهزة امن التنظيميات،ناهيك عن ان التحقيقات التي جرت وتجري في عمليات اغتيال القادة والكادرات الذين استشهدوا في الغالب لم تجري متابعة نتائجها،او لم يجر التعلم والإستفادة من النتائج بالشكل الصحيح  والمطلوب،أو كانت التحقيقات شكلة ورفع عتب ليس أكثر،ولم يري متابعة النتائج.

نعم الإحتلال في الحرب المخابراتية والمقدرات والإمكانيات غير المتكافئة وما يمتلك من قدرات واحدث الأجهزة والوسائل وعلاقات مخابراتية مع أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية وحتى الدول العربية أصاب الثورة وفصائلها في العصب بعض الأحيان،ولكنه فشل كثيراً ودفع ثمناً هو الاخر،وإن لم يكن بالحجم الذي دفعناه كفصائل وثورة وشعب،فنحن في إطار هذا الصراع خسرنا قادة كبار منهم غسان كنفاني والكمالين ناصر والعدوان وابو يوسف النجار وباسل الكبيسي ومحمود الهمشري ووديع حداد وماجد ابو شرار وعاطف بسيسو وخالد نزال وفتحي الشقاقي وابو جهاد وابو اياد وابو الهول والعمري وناجي العلي والشيخ احمد ياسين والرنتيسي ويحيى عياش وشحاده والجعبري وابو علي مصطفى والرئيس ابو عمار وسمير القنطار وقائمة تطول من الشهداء القادة ومن خيرة قادة وكوادر الثورة.


عمر النايف احد كادرات الجبهة الشعبية،الذي شارك في قتل احد المستوطنين الصهاينة،والذي نجح في الهرب من السجن بعد إعتقاله،بما لديه من إمكانيات وقدرات وحس امني عالي،واستقر في بلغاريا،بعد ثلاثين عاماً بقي مطلوباً لدولة الإحتلال وأجهزة مخابراتها،كما هو حال الشهيد سمير القنطار،الذي اغتالته المخابرات الإسرائيلية قبل فترة تزيد قليلاً عن شهرين،التحق النايف بقائمة وركب الشهداء في عملية ليست بعيدة عن أيدي الموساد،أي كان المنفذ والطريقة،وان لم تتضح ظروف وحقيقة وطريقة تلك العملية التي تمكن من طرح إتهامات محددة تجاه تواطؤ هذا الطرف او ذاك،ولكن هناك مسؤولية تقع على سفارة فلسطين بشكل رئيس وعلى الحكومة البلغارية في تلك العملية، التي سيتكشف حجمها وطبيعتها في ظل دراسة متانية للعملية والطريقة التي جرت بها،بدون أي انفعالات أو ردود فعل عاطفية.

هذه العملية التي جرت في السفارة الفلسطينية،لا يمكن خلق الحجج والذرائع لتبرئة ساحة طاقم السفارة ووزارة الخارجية الفلسطينية المسؤولة عنها،فهي تدرك تمام الإدراك بأن الإحتلال يلاحقه ويطالب بتسليمه،ويعرفون تماماً بان الحكومة البلغارية القائمة متواطئة مع دولة الإحتلال،وتتحين الفرصة لتسليمه،وكذلك الجبهة الشعبية غير معفاة من المسؤولية هنا،فهي كان الأجدى بها ان تعمل على نقله الى جهة او دولة آمنة،حيث أصبحت بلغاريا وحتى سفارة دولة فلسطين غير آمنتين له،وكذلك السلطة الفلسطينية هي الأخرى جزء من المسؤولية بشكل أساس.

جريم اغتيال النايف يجب ان لا تمرر مرور الكرام،بل لا بد من وضع النقاط  على الحروف،ومحاسبة ومعاقبة كل المتورطين فيها.

الأسير محمد القيق الصحفي الفلسطيني الذي أضرب عن الطعام المفتوح لمدة (94)،ضد استمرار عملية اعتقاله الإداري،نجح في تحقيق انتصاراً في معركته على ان ينال حريته في الخامس والعشرين من شهر أيار القادم،دون تجديد لإعتقاله الإداري،وعلى الرغم بأن القيق يستحق الثناء والتقدير الكبيرين على  الإنتصار في هذه المعركة،التي خاضها في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد،حيث الحالة الجماهيرية المتضامنة معه لم تكن بالمستوى المطلوب،في حين كان دور السلطة والأحزاب لا يرتقي الى مستوى الحدث وكيفية الإفادة منه واستثماره في بناء استراتيجية شاملة ومتكاملة من اجل العمل على إلغاء الإعتقال الإدراي،كإعتقال مخالف لكل الأعراف والمواثيق والاتفاقيات الدولية،استراتيجية تقوم على العمل بشكل جماعي وتنسيقي ما بين كل أبناء الحركة الأسيرة والأسرى الإداريين وبين السلطة والفصائل،عبر القيام بعدة أنشطة وفعاليات مستمرة ومتواصلة ضد سياسة الإعتقال الإداري.

ومعركة الأسير القيق لنيل حريته بالإضراب المفتوح عن الطعام،وكذلك معارك من سبقوه من الأسرى الإداريين نضال أبو عكر وغسان الزواهره وشادي معالي ومير أبو شرار وبدر الرزة ومحمد علان وخضر عدنان وغيرهم،أثبتت بأنه هناك غياب للأداة التنظيمية الوطنية الموحدة داخل السجون،حيث شكل وحجم التضامن مع هؤلاء الأسرى كان محدوداً وجزئياً،ولم يكن بالمعنى الوطني العام،بل أغلبه اخذ البعد الفصائلي التنظيمي،وكذلك هو حجم التضامن الشعبي و الحزبي والسلطوي،لم يكن بمستوى الحدث،وكذلك فالتوقيت بخوض الإضرابات المفتوحة عن الطعام،احياناً جاء في ظل حالة نضالية هابطة،وفي ظل مناكفات وصراعات داخلية تلعب دوراً في عدم وجود برنامج تضامني موحد،يتضمن فعاليات وانشطة ذات طابع وبعد شعبي وجماهيري واسعين وكبيرين.

ومن هنا مع تقديري العالي لكل من خاضوا الإضرابات المفتوحة عن الطعام لنيل حريتهم،حيث كانوا نماذج واسطورة في نضالاتهم وتضحياتهم،وأستطاعوا ان ينتزعوا حريتهم بفضل صمودهم وثباتهم على مواقفهم،بالإضافة الى الدعم والإسناد الشعبي والجماهيري،والى حد ما الفصائلي والحزبي،ولكن أرى أنه من الأجدى دائماً العمل على ان تخوض الحركة الأسيرة معاركها النضالية ضد  إدارة قمع السجون وأجهزة مخابراتها بشكل وحدوي إما الحركة  الأسيرة كاملة ،او الأسرى الإداريين كمجموع،حيث الزخم والإلتفاف الجماهير والشعبي والفصائلي حولها  وحول المطالب المرفوعة سيكون أوسع وأشمل،وبالتالي هذا يقصر من عمر المعركة  مع المحتل بأجهزته المختلفة،ويجعله يرضخ لمطالب المضربين عن الطعام بشكل أسرع،أما الخطوات والإضرابات الفردية،فهي تحقق نجاحات وانتصارات على الصعيد الفردي،ولكن لن تؤدي الى قبر الإعتقال الإداري،اذا لم تتوفر الأداة التنظيمية الوطنية الموحدة،وكذلك الإرادة السياسية سلطوياً وحزبياً.

وفي معركة الأسير القيق لنيل حريته،كان دور الداخل الفلسطيني -48 – متميزاً وبالذات من قبل حركة أبناء البلد،ولذلك هم من يستحقون الشكر والثناء على دورهم الإسنادي والداعم لقضية الأسير القيق وغيره من الأسرى الآخرين.

النايف سقط شهيداً في قلب وحديقة سفارتنا هناك،التي لم تتوفر له أي شكل من أشكال الحماية،والقيق حقق الإنتصار على إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها في ظل دعم ومؤازرة شعبية على طول وعرض جغرافيا فلسطين التاريخية .

مدراء شبكة الأعلام في قفص الاتهام، الشبوط ليس منهم/ زهير الفتلاوي

اعتاد النقاد والصحفيين  على توجيه النقد الى عمل شبكة الاعلام العراقي وتكمن المشكلة في وجود ميزانية انفجارية كلفت الدولة مليارات الدولارات ولكن لم تكن بمستوى الطموح ، كما سخرت إمكانيات الشبكة لدعم رئيس الوزراء السابق  وعدم توجيه النقد وتشخيص اخطاء رئيس الوزراء وكابينته الوزارية  ولا نعلم السبب بذلك على الرغم من وجود مكامن الفشل ونهب الاموال في الوزارات هل ياترى تم شراء ضمائر هولاء المدراء ام هناك توجيه بعدم البوح بتلك الاعمال والأفعال على الرغم من ان ميزانية الشبكة المالية  لا تخضع الى اهواء الوزراء والامراء كافة . ويعاب على الشبوط انه كان كثير النقد والحديث عن ملفات الحكومة والخلل فيها ولكنه حين تسلم زمام الامور في شبكة الاعلام ، طبق معاير المهنية في الصمت الاعلامي تجاه نقد وتشخيص الاخطاء الحكومية  التي أقرتها مفوضية الانتخابات ..!! وصب جمه غضبه ونقده على البرلمان وخصوم رئيس الوزراء  والشاعر يقول : وإذا عتبت على السفيه ولمته ... في مثل ما تأتي فأنت ظلوم لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم...

ابدأ بنفسك وانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم . لقد كثر الحديث عن اداء شبكة الاعلام العراقي وكيف تم نهب الاموال بطرق شيطانية ماكرة لا حسيب ولا رقيب وصلت الى بيع الأماكن للمراسلين ، والسفرات للمندوبين بمرافقة الرئيس والوزير ، وقد كتبت وسائل الإعلام العديد من المشاكل التي تواجه الشبكة وبالوثائق الدامغة وخاصة افتقار مديري الشبكة الى الخبرة والدراية في موضوعة الإنتاج الدرامي وتسويقه ،وهناك فساد التغيرات الادارية اذ ان مدير مكتب البصرة  بقى   اكثر من 11 عاما بنفس المنصب عباس الفياض وغيره الكثير ، بينما كل مدراء المكاتب تبدلوا وتغيروا كل أربع سنين بموجب قوانين الشبكة لماذا هذا الشي بالتاكيد له علاقة بالفساد الاداري  وحتى منصب الرئيس تغير و صدرت أوامر بعزل الشبوط  وتعيين مجاهد ابو الهيل بديلا عنه بالوكالة لكن المحسوبية والحزبية حالت دون تغيره .

 ان الإعلام من اخطر الأسلحة في هذا الوقت الراهن ولا يجوز بقائهِ أسيراً لدى بعض الناس المنقسمين بهوياتهم بين العراق والغرب  (لأجل الاستفادة من مناصبهم) وبين الدول التي يحملون هوياتها والتي تعد ملاجئهم الآمنة للهروب حيث يحمل الشبوط (الجنسية البريطانية) . ولكن مشكلة الرقابة والمحاسبة مفقوده في بلادي الكل يشتري ويبيع بالمنصب ويصبح الوريث الشرعي ويتم توزيع الثروة على أساس هذا المبدأ، لا وجود للقيم والاخلاق والقسم واداء المهمه في هذا المنصب الحساس والهام في جسد الدولة ، اخر مهازل واعمال شبكة الاعلام هي تسريحهم لعدد كبير من موظفين العقود والاجور بحجة التقشف ولا نعلم كم يكلفون الدولة هولاء المساكين الذين لديهم التزامات مالية تجاه السكن والاطفال وصعوبة المعيشة ، بينما يعين من وراء العباء اشخاص لا علاقة لهم بالاعلام والعمل المهني في الشبكة ،ماهذا التناقض الغريب والعجيب يصدر من قيادي ترسخت  لديه قيم الانسانية والديمقراطية وعمل بمجال الصحافة والاعلام والسياسة والفكر نتمنى ان يكون الرئيس يتمع بصفات القيادي  ولا يقطع ارزاق الناس على حساب الجاه والمال ولنا عودة ثانية .        

    

هل للحب تخوم غير الجنون؟/ فاطمة الزهراء فلا‏

لا للأسنان المستعارة
والنفس الأمارة
التي تأمرني بالسوء دوما
أفهموني ما العبارة؟
فلا عزاء للشعارات المزيفة ..
والحقيقة جمال يوسف
وعشق زليخة
وهدهد بلقيس
أحسن القصص ..
قصها عليّ أبي
حين غاصت أقدامي
في الطين في مدينتي
فسقطت
ساعتها اعترتني رجفة
ضحك العابرون
فقررت أن أكون
شاعرة زماني
ارتاد السيارات .. بالكلمات
ومر زماني
وما كنت سوي امرأة عادية
تحمل ألف آه
وألف أغنية
تئن في المسافات
أخرج الصباح من الكوابيس
لأبدأ مأساتي
مع الصغار
ويأتي مسائي فلا أنتشي
ولا أتناول
الشاي بالحليب
كل شيء في مدينتي
أمره عجيب
أخبئ الحلم في ثيابي
فتسقط مثلي
في أول الطريق .. وأبدو عارية
وأنسج الحكايات
فلا تكون ..
سوى خيوط العنكبوت
ودوماً تسرقني جدتي
للحواديت المملة القديمة ..
وأميرتها التي تعشق
ابن السلطـــان ..
والجان .. والخاتم و السلطان
لم تذكر أن مدينتنا
تكتظ بالجائع والعريان .
والسلطان يسرق كالعادة
ويتزوج كل أميرات
الأنس والجان ..
ولأنه سلطان ..
لا يعبأ .. أبداً بأمر الأوطان ..
وأنا امرأة كادت
تسقط بل سقطت
منها الأسنان
وباتت صدئه
كل قضيتها ..
الشكوى من الأيام
وكيف تعاني الحرمان ؟
وأنت لازلت تخبرني
أن للحب تخوماً غير الجنون،
وأنك معي لن تستطيع
أن تتفادي هذا الجنون ،
و أن زهرة عبّاد الشمس
مخلوقة منذ آلاف السنين.
وقلت لي : لي أنت معنى الكون كله.
هيا تهيئي لأكتب نصي
لا تتأخري وكفاني انتظاري
ياربة الشعر لا تتأخري
هذا دفتري وتضرعي
أما أنت مني لا تخجلي
وامنحيني روضة الألخان
وأرجوكي من هوايا لا تسخري
فأنا لا أحسن التجديف بالشعر
بل في حبك أجيد فقط الغرق
أستحلفك بالنجوم
التي وضعتها في عينيّ
وزيّنتَ سمائي بها،
لا تغيبي يوما عن سمائي
فأنت القمر الذي أضاء
سماء روحي الموحشة
هلا سألتك سؤالا أحمقا
هل سيكون لنا أحفاد ...؟

كلما إجتثت جاكرتا نبتة شيطانية، ظهرت أخرى/ د. عبدالله المدني

لا تزال أندونيسيا تعيش تحت صدمة التفجيرات التي نفذها تنظيم داعش الإرهابي في العاصمة جاكرتا في الرابع عشر من يناير المنصرم، وما تبعها من مطاردات وحرب شوارع بين المنفذين وقوات الشرطة، على شاكلة ما وقع في باريس.
أسفرت التفجيرات عن موت المنفذين الخمس، لكنها خلفت وراءها أيضا قتلى وجرحى من الأندونيسيين الأبرياء ومن جنسيات غربية جاءت للسياحة، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان عمليات إرهابية عديدة نفذها المتطرفون الآندونيسيون الموالون لتنظيم القاعدة في الماضي، لعل أبرزها: تفجيرات بالي الإجرامية في عام 2002، التي راح ضحيتها 202 شخص بينهم 88 سائحا استراليا، وتفجيرات الكنائس المسيحية عبر البلاد في عام 2000 والتي أسفرت عن مقتل 19 شخصا، وتفجير فندق جاكرتا ماريوت في عام 2003 الذي أودى بحياة 12 شخصا، والتفجير الذي وقع خارج السفارة الاسترالية بجاكرتا في عام 2004 وأسفر عن مقتل 9 أشخاص، والتفجير الانتحاري الثاني في بالي في عام 2005 والذي تسبب في مقتل 23 شخصا بما فيهم المنفذون، وأخيرا التفجير الانتحاري الذي إستهدف فندقي ماريوت وريتز كارلتون في العاصمة في عام 2009 متسببا في مقتل 7 أشخاص وإصابة العديد بجروح خطيرة. وبطبيعة الحال فإن كل هذه الأعمال الإجرامية قصمت ظهرت السياحة في البلاد، وأرهبت سكان العاصمة المسالمين.
وكما حدث على إثر تلك الجرائم المروعة، شمرت الأجهزة الأمنية عن سواعدها لتعقب شبكة قيل أنها تقف وراء التفجيرات الأخيرة. كما قامت بتبادل المعلومات مع مخابرات الدولتين الأخريين المهددتين من قبل داعش في منطقة جنوب شرق آسيا وهما الفلبين وماليزيا، خصوصا وأن الأجهزة الأمنية الماليزية تمتلك معلومات هامة يمكن الإستعانة بها بسبب تواجد العديد من الماليزيين الذين يقاتلون جنبا إلى جنب مع أكثر من مائتي مواطن إندونيسي في صفوف الميليشيات الداعشية في العراق وسوريا. هذا ناهيك عن أن ماليزيا، لأسباب ثقافية وإجتماعية وجغرافية، شكلت دوما ملجأ للهاربين والمطاردين من أتباع الجماعات الإندونيسية المتشددة، ومكانا للتخطيط لعمليات جديدة.
أثمرت تلك التحركات والمداهمات عن إعتقال شخص ثبت تلقيه تحويلات مالية من داعش لتمويل تفجيرات 14 يناير، وبالضغط عليه اعترف بأن الرأس المدبر والمخطط الرئيسي للعملية هو الإندونيسي "بحر النعيم" الذي يـُعتقد أنه مؤسس "كتيبة نوسانتارا" وهي مجموعة مقاتلين من جنوب شرق آسيا تقاتل مع داعش في مدينة الرقة بسوريا.
ويمكن القول أن جهود جاكرتا الأمنية والإستخباراتية تتسارع اليوم وتتجه نحو المزيد من الحراك في ظل المعلومات المتواردة عن نية الدواعش تسديد ضربات لقوات الجيش والشرطة عبر تسميم طعامهم وشرابهم كنوع من الانتقام لإفشالهم المخططات الداعشية. إذ صرح قائد الشرطة الإندونيسية الجنرال بدر الدين هايتي أن جهازه يملك معلومات إستخباراتية تفيد بعزم تنظيم داعش وضع سم السيانيد في الطعام المقدم لأفراده، علما بأن السلطات الأمنية سبق لها أن أوقفت في عام 2012  مواطنا متشددا من المتخصصين في تقنيات الحاسوب ومعه برنامج محمول حول كيفية قتل عناصر الشرطة بوضع السيانيد في الفلفل الحار المستخدم بكثرة في الأطباق الإندونيسية. ويمكن هنا أن نضيف إحتمال سعي الدواعش ومناصريهم في أندونيسيا لإستنساخ ما حدث في منتصف يناير الماضي حينما قامت ضجة إعلامية حول وفاة طالبة إندونيسية تدعى ميرنا صالحين بعد أن قدمت لها زميلتها الاسترالية جيسيكا كومالا قهوة باردة ملوثة بالسيانيد.
لقد كان الإعتقاد السائد لبعض الوقت أن جاكرتا نجحت في القضاء على التنظيمات الإرهابية المتواجدة على أراضيها من تلك التي تفرعت عن تنظيم القاعدة، ووجدت من يستمع إلى خطابها ويروجه كالاندونيسي من أصول حضرمية "أبوبكر باعاشير" الذي أعلن من سجنه في أغسطس 2014 مبايعة داعش. لكن ذلك الإعتقاد تضعضع اليوم مع تسرب الدواعش إلى البلاد، وقدرتهم على تجنيد بعض الاندونيسيين للقيام بأعمالهم القذرة.
أما لماذا إختار تنظيم داعش أندونيسيا كهدف رئيسي في مشروعه الإجرامي لخلق موطيء قدم له في جنوب شرق آسيا، فأسبابه كثيرة: أولها أنها بلاد نفطية وذات ثروات معدنية متنوعة وبالتالي فهي مصدر للأموال التي يحتاجها التنظيم للتمدد، وثانيها أن هذه البلاد هي كبرى البلاد الإسلامية وتتميز بتضاريس مثالية للكر والفر والتخطيط والإختباء، وثالثها أنه يوجد ضمن سكانها من يسهل إقناعه بالقتال في الجبهات الخارجية عبر إستثارة الحمية الدينية فيه، وتلقينه ما ليس في الدين على أنه فروض إسلامية، ورابعها إنتشار وسائل التواصل الإجتماعي وتقنياتها بكثرة في هذه البلاد وغرام الإندونيسيين الشديد بها، الأمر الذي تسهل معه عملية التواصل معهم بغرض تجنيدهم وتحفيزهم وغسل أدمغتهم. أما آخر الأسباب فهو إستثمار جهود تلك الفئة من الأندونيسيين الذين راهنوا ذات يوم على أسامة بن لادن لقيادة دولة الخلافة الإسلامية، ويبحثون اليوم عمن يجدد آمالهم وأحلامهم الطوباوية.

د. عبدالله المدني
*أستاذ في العلاقات الدولية متخصص في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: فبراير 2016.
الايميل: Elmadani@batelco.com.bh

شيوعيو أستراليا خطوة مهمة/ عباس علي مراد

منذ مدة وصلتني دعوة من الأخوة في منظمة الحزب الشيوعي اللبناني في سدني للمشاركة في ندوة عقدت في سدني الأثنين 12/2/2016، والتي كان لي شرف المساهمة في نشاطها إلى جانب أصدقاء آخرين، لمناقشة مشروع الوثيقة السياسية التي سيناقشها الحزب الشيوعي اللبناني في مؤتمره الوطني الحادي عشر.
تتصدى الوثيقة لقضايا دولية اقتصادية، مالية، سياسية، التقدم والديمقراطية، ودور اليسار وقوى التقدم في تجاوز النظام الرأسمالي والخيارات المتاحة للوقوف في وجه الهجمة الامبريالية التي تعتبرها الوثيقة مصدر الخطر الرئيسي، بالاضافة  إلى ذلك تتضمن الوثيقة عرض لقضايا الوضع العربي الحالي بكل تشعباته ومشاكله والسبل الآيلة لمواجهة هذا الوضع، وأخيراً تنتقل الوثيقة  إلى الوضع اللبناني السياسي، الاقتصادي والاجتماعي من كل جوانبه.
لست هنا في وارد مناقشة ما دار في ندوة سدني على أهميته أو مشروع الوثيقة السياسية التي عرضنا لعناوينها المهمة، ولكن ما يجدر التنويه به، هو هذه المبادرة بدعوة ناشطين وأشخاص غير حزبيين لأخذ آرائهم بالوثيقة والإقتراحات التي يرونها مناسبة من أجل تطوير الوثيقة وإغناءها ونقل الآراء إلى القيادة في لبنان.
هذه المبادرة إن دلت على شيء فإنها تدل على وعي من منظمة سدني وقيادتها للتواصل مع أطياف المجتمع ومكوناته من أجل الإرتقاء بالعمل السياسي، بعيداً عن سياسة الإلغاء ونفي الرأي الآخر كالحال التي نعيشها في العالم العربي حيث الإلغاء المادي والجسدي والتدمير الثقافي الممنهج الذي تمارسه القوى الإرهابية والظلامية  التي تضرب عرض الحائط كل القيم الانسانية، السياسية والاخلاقية…
هنا، أحب أن أشير إلى ان ما وصلنا اليه في هذا الزمن الداعشي سبقته أحداث وحروب كثيرة (وأخطاء غير قليلة) بدايتها في العام 1975 عام بداية الحرب الأهلية اللبنانية والتي كان من أهم أهدافها استهداف الأحزاب العلمانية العابرة لكل مكونات المجتمع الطبقية والطائفية ( كالحزب الشيوعي، الحزب السوري القومي الاجتماعي، القوميون العرب، حزب البعث، الأحزاب الناصرية) وطبعا كانت لهذه الحروب أهداف أخرى لا تقل أهمية، ولكن ما حصل من مشاكل وأزمات داخلية التي عانت منها الأحزاب تلك أدت إلى إفراغ الساحة أمام هذا المد التكفيري الذي ركب موجة ما عُرف بالمد الإسلامي بعد تطويق وضرب المشروع القومي العربي وتراجع دور الأحزاب الشيوعية بعد انهيار الإتحاد السوفياتي.
أخيراً، ورغم الهجمة والمخططات التي تستهدف لبنان والبلدان العربية وما يحكى عن سايس بيكو جديد ودويلات طائفية ومذهبية ورغم الصورة القاتمة أعتقد أن الكرة هي في ملعب الأحزاب العابرة للطوائف والمذاهب والطبقات التي تستطيع أن تأخذ المبادرة من جديد وتعمل مع بعضها البعض ومشاركة المستقلين من مثقفين، أكادميين، سياسيين وكل أطياف المجتمع لوضع حد لهذا التدهور، وكما يقال أن تأتي الأمور متأخرة خيرا من أن لا تأتي أبداً.
فهل تكون مبادرة شيوعيو أستراليا بداية الغيث؟‼

abbasmorad@hotmail.com                                   

الحكم الديني وازدراء الاقليات 2/ لطيف شاكر

   في مقال بعنوان لو كنت قبطيا كتب د.طارق حجي :   
لو كنتُ قبطياً لملأت الواقع المصري والعالمي بالحقائق عن المناخ العام الضاغط اليوم في مصر على الأقباط.
• لو كنتُ قبطياً لجعلت العالم يعرف الظلم الذي حاق بالكثير من الأقباط في مصر منذ 1952 وجعلهم لا يتبوؤن ما يستحقونه من مناصبٍ سياسية ومناصبٍ تنفيذيةٍ عُليا ناهيك عن ندرتهم بالمجالس النيابية .
• لو كنتُ قبطياً لملأت مصر والعالم ضجةً بسبب أنني أسدد ضرائباً تنفقُ منها الدولة على جامعة الأزهر ولكنها لا تسمح لقبطي أو قبطية بالدراسةِ في أية كلية من كلياتها .
• لو كنتُ قبطياً لملأت الدنيا صخباً بسببِ أنني أُسدد ضرائب تُبنى بها عشرات المساجد بينما لم تساهم الدولة المصرية في بناءِ كنيسة واحدة منذ 1952 بإستثناء مساهمة الرئيس جمال عبد الناصر في تكلفة بناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية منذ أربعين سنة .
• لو كنتُ قبطياً لملأت الدنيا بصوتي لأن عدداً من المجالس النيابية الحديثة في مصر قد خلت من الأقباط تماماً .
• لو كنتُ قبطياً لجعلت الدنيا بأسرها تعرف ما الذي يحدث في حق تاريخ مصر القبطي ببرامج التعليم المصرية ....
• لو كنتُ قبطياً لملأت الدنيا بالشكوى عما يعانيه الأقباط من أجل إستصدارِ تصريح بإنشاءِ كنيسة (من أموالهم وليس من أموال الضرائب العامة التي ساهموا في حصيلتها) .
• لو كنتُ قبطياً لجعلت الدنيا تقفُ على قدميها من هول ما يكتبهُ ويرددهُ بعض الكتاب المسلمين عن عدم جواز تولي القبطي الولاية العامة وعن الجزية وعن عدم صوابية إنخراط الأقباط في الجيش كما كنت قد ترجمت على أوسع نطاق كتابات ظلامية
مقال طويل ممكن الرجوع اليه بالمواقع
وفي حوار مع د. بطرس غالي عن مشكلة  ظلم  الدولة للاقباط   واهدار  حقوقهم    قال: اعملوا مثل اليهود والارمن
وماذا فعلوا اليهود والارمن ؟فعلوا تماما كما كتب د.طارق حجي عن الاقباط
وهذا يجب عمله  ان نملأ العالم عن المناخ الضاغط علي الاقلية ومدي الاضطهاد الذي يلاقونه منذ عام 52 حتي تاريخه رغم وطنيتهم واخلاصهم للوطن ومشاركتهم في تنمية مصر ولا يستقووا بالخاج رغم الظلم الواقع عليهم  .     وليس في امريكا فحسب  ولا في بلاد المهجر فقط بل في كل البلاد الاوربية الذي يتواجد فيها اقليات مصرية   ولا يتراخي  احد  مهما كان حجمه في الاتصال باعضاء الكونجرس والبرلمانات وحكام الولايات وعمد المدن  والتجمعات  السياسية والدينية  والجامعات كل في دائرة سكنه  او عمله  .
وارجو من هيئة الاقباط الامريكية  من خلال سجلاته  الكاملة والموثقة  لكل الحوادث منذ 52  ان يمدوا كل النشطاء الغيورين بالوثائق والمستندات والفيديوهات الدالة علي الاضهادات والتحزبية والعنصرية  ضد الاقليات لتكون حجة لهم امام المسئولين وهذا ماقام به الارمن حتي كسبوا اصوات اكثر من 42 ولاية امريكية وحوالي 24 دولة واخرهم المانيا التي كانت تناصر تركيا في ذلك الوقت حتي اصبحت الارمن قاب قوسين اوادني من الوصول الي غايتهم وتحقيق آمالهم .
وفـي خطوة هـامـة وصفهـا المحللـون بالإيجابيـة وتسـاهم بقدر كبير في تحسين صورة مصـر في مجالي حقـوق الإنسان واحترام الـمـواثيـق والـعهـود الدوليـة  اوصي د. بطرس غالي الأمين العام  بعودة   فكرةالمجلس الإستشاري لشئون الأقليات   إبان عـهد مبـارك ولكن الفكرة قوبلت حينهـا بمعارضة شديدة من تيارات عديدة ولم تـكُن القيـادة السيـاسية حينهـا لديهـا الرغبـة الملحـة لتحقيق ذلك .
وأفادت مصـادر مطلعـة أن الدائرة الـمقربـة للرئيس السيسي نصحت بوجوب البدء في خطـوات عمليـة نحو تنفـيذ تلك الفكرة لمـا لها من إنعكاسات دولية إيجابية ستخدم الشأن المصري في مجملـه.
 وقد أقـيـم المـؤتمـربعيدا عن أضواء وسـائل الإعـلام المحليـة ولـوحِـظَ فقط تـواجـد مـكثـف لإعـلام الـوكـالات والـمـواقـع الـعـالميـة. وأدار مـجـريـات المؤتمر مـنصـة رفـيعـة المستوى ضـمـت المستشارة تهاني الجبالي والدكتور يحيـى الجمل والمستشارهشـام فتحي رجب عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي وقد تم توجيـه دعوات خاصة لـرمـوز الأقـليـات الـمصـريـة الشهيـرة ولحشـد كبير من النُخبة المثـقـفة المصرية ومن المهتميـن بقضايا حقوق الإنسـان والممثلـين المعتمدين لبعض السفارات الأجنبيـة وكانت مفاجأة المؤتمـر هو الحضور الشخصـي الـممـيّـز للدكتور بـطرس غالي الذي قـوبِـل بترحاب شديد وألقى كلـمة ألأفتـتـاح الثريـة في معانيهـا والتي قـال فيهـا : أن وجود مجلس إسـتـشـاري لشئـون الأقليات يـتبـع مـؤسسـة الـرئـاسـة كانت إحدى توصيـاتـه للحكومـة المصـرية منذ سنوات طويلـة وهذا الإجراء الحضاري سوف يضع مشاكل وهمـوم كل الأقليات المصرية سواء العرقيـة أو الدينيـة في دائرة الضوء لإيجاد حلول دستورية وقانونية لـجميـع الأطيــاف بمـا يحقق مفهوم المواطنـة كقـيـمة إنسانـيـة عليا باتَ تحقيقهـا وعلى وجه السرعة من متطلبـات العالم الإنساني الحُـر واستطرد الدكتورغالي قائلا علينا الأعتراف أن بمصر أقـليات يـعـانـون من التمييـز والتحـريض ضدهـم وهم مواطنون مصريون ولهم مشاكل يسهل حلهـا إذا خلصت الـنيّـة ووقفـت الدولة على مسافـة واحدة من كل مواطنيهـا فاليـهود المصريون لهم مشاكل والشيعـة لهم مشاكل والبهائيـون رغم كفاحهم لهم مشاكل والمسيحيون أيضا لهم مشاكل وأهل النوبة والامازيغ واللادينيين كل هؤلاء مواطنين مصريين ويحبون وطنهم ولديهم مشاكل وآن الآوان لحلهـا جذريا وأضاف علينا أن نواجه أنفسنا بالحقائق ولا نتـوارى خلف أوهام تصنعها عقولنا فنحن لا نعيش في العالم بمفردنا أو منعزلين عن مـتـطلبـاتـه وإذا أردنا أن يحترمنا العالم فعلينا إحترام كل أطياف العالم بدون تصنيف أو تمييز واقتـرح في نهاية كلمتـه أن يسفـر مؤتمر اليوم عن تـأسيس مكتـب الهيئة العليا للمجلس الإستشاري لشئـون الأقليـات وأن تـرتقـي أعمـال المجلـس من مـجـرد تـوصيـات إلى فـضـاء (تـوصيـات عـاجلـة وجـب الـعـمـل بهـا ) وقد لاقت كلمته ترحيب وإشـادة كبيرة من جميع الحضور.
 وكان  المدعـوين ابرز  رموز  الاقليات  المختلفة  والمناديب السياسية والدينية  المعروفـة .
. وكان الدكتور رؤوف  هندي كبير البهائيين أول المتحدثين من رموز الأقليات المصرية حيث وجّـه الشكر في بداية كلمته للقائمين على المؤتمر مثمنـا الجهد المبذول من جميع المسئولين بالدولـة لمـواجهـة مشاكل الأقليات المصرية ومحـاولة إيجـاد حلول دائمـة لها ثم توجه بتحـيـة تـقديـر واحترام للدكتـور بطرس غالي على كلمتـه والتي وصفهـا هـندي بكونها دستورا إنسانيـا يحوى كل القيم العليا الإنسانية
ثـم قـال هنـدي : أنه يـتـحدث للحضور حديث الـقـلب للـقـلب يتحدث كـاإنسان مصري لايمثـل أي طائـفـة ولايـتـحـدث بالنـيـابـة عنهـا وإن كان من دواعي فخري كوني بهائي معروف ولكن أنا مصـري قبل أن أكون بهــائـيّ فـهـويتنـا الـمـصريـة تسبـق جميـع الأديـان زمنـا ولو كان الأمـر بيـدي لوضعـت عبـارة ( الديـانة مـواطن مصـري ) كمـادة رئـيسـيـة في الدستـور وهـنا ضجت القاعة بالتصفيـق . ثم أكـدّ في كلمته على وجــوب تـوافـر الإراداة السيـاسية الحقيقيـة نحو حلّ مشاكل كل الأقليـات المصريـة وهذا سهل تحقـيقـة حين تصبح المواطنـة إجـراءات ملمـوسـة على أرض الـواقـع ويشعـر بهـا كل مواطن مصري ..
 لذا ومن اجل تحقيق ذلك الحُـلم يلـزم جملـة من الإجراءات الدستورية والقانونية لتفعيـل المعنى الحقيقي لمصطلح المواطنـة والذي يـأتي في مقـدمتـه عدم التمييـز بين المواطنين بسبب الدين أو المعتقد أو الفكر أو اللون أو الجنس وإذا حـدثَ ذلك فـسوف تعبر مصر نحو الحداثـة والرقيّ وسـتنـال إحتـرام العالم أجمع وهذا تـستحـقـه مصـرالـغـالـيـة فـهـي أول بلد أنارت حضـارتهـا العالم الإنسـاني. ثم أضـافَ إذا تحقـقـت الـمـواطنـة كـاإجـراءات ملمـوسـة في حيـاتنـا فسوف يخـتـفي وبلا رجعة مصطلح الأقليات الذي لاأحبـه ولا أستخدمه إلا مـضطـرا وأتـمنـى أن يـأتي اليـوم الذي يختفـى فيـه هذا المصطلح من قاموس حياتنا الإجتماعيـة لأنه وببسـاطة قـد يـنـتـزع بعض المصريين من حيّز المواطنة إلى فئـة الرعايا وقد تستغل بعض القوى الكارهة لمصر الـسـلبيـات الـكـامـنـة فـي ذلك المصطلح لـتـفـعيـل القانون الدولي لحماية الأقليات تحت أي ذريعـة وهذا مالا يرتضاه أي مصري مخلـص لوطنه . وهنـا أناشـد مسـئولي الدولـة وعلى وجه السرعة وضع إصلاحات تشريعية تحقـق المواطنـة الحقيقـيـة طبقا للمفاهيم والقيـم الإنسانية العليا التي أشار إليها الدكتورغالي وطبقـا لما نصـت عليـه المـواثيـق والعهـود الدوليـة .
 واخـتـتـم هـندي كلمته بـقـولة : أحـلم بوطنٍ يحتـضن كل أبنـائه بدون تفريق أو تمييـز ومصـر لكل المصريين بغض النظر عن الإسم والدين   وترددت أنباء مؤكدة أن هناك إجتماع آخر سيتم قبل نهاية مايـو يتم فيه إسـتـطلاع رؤى بقيـة رمـوز الأقليـات المصـريـة ثـم الـبـدء في الإجراءات التنفيذية لتأسيس مكتب الهيئة العليا للمجلس الإستشاري لشئون الأقليـات وتـحديـد مهـامه طبقـا لتـصورات ورؤيـة الدكتور بطرس غالي في كلمـة الأفـتـتــاح .(انتهي)
لابد ياسادة  ان نعمل علي الصعيدين  الداخلي والخارجي فبالنسبة للداخل لابد من احياء  هذا المؤتمر  بعيدا عن  الازهر والكنيسة  ونعلن غضبنا , اما بالنسبة  للصعيد الخارجي   يجب ان  نملأ الواقع العالمي بالحقائق عن المناخ العام الضاغط اليوم في مصر على الاقليات مع ضرورة ترتيب الافكار والطلبات  ,  وان يكون هدفنا الوحيد  هو اعتراف الدولة عمليا بالمواطنة الواحدة  والمساواة في الحقوق  ورفع الظلم عن الاقليات. .
هذا علما بان البلاد المتحضرة احدثت وزيرا مسئولا عن  الاقليات له سلطات واسعة في حل مشاكل الاقليات ودفعهم الي المشاركة الوطنية وتجنيبهم  اي اعتداءات او سلب حقوقهم او التعدي علي كرامتهم . هذا بالنسبة للبلاد المدنية  المحترمة وليست الدينية !!!!

يتبع المقال الاخير
بؤونة /يونية

الخوف من القادم يا أطفال الأقباط / صفوت فريز

 يخشى الكثيرين من الأقباط وانا منهم عليكم  يا أطفال الأقباط ونضع يدينا على قلوبنا  بعد الحكم الذى صدر ضد الأربعة أطفال الأقباط فى بنى مزار  ً بالسجن 5 سنوات بتهمة إزدراء الدين الإسلامى لمجرد أن الطلاب كانوا قد قاموا بتصوير مقطع فيديو يجسد مافعلتة داعش فى الاقباط المصريين بليبيا منذ عام تقريبا ً . أن يكون هذا الحكم هو ذريعة وقاعدة أو بداية لسلسة قضايا من هذا النوع لكسر أعناقكم والتنكيل بكم فى السجون مستقبلا ً. لأن هذا الحكم فتح الباب على مصراعية ليكال لكم إتهامات مشابهة فى النوادى و المدارس فبرغم  وجود معتدلين كثيرين هناك أيضا ً متشددين ومتطرفين كثيرين  وهناك  أيضا ُ من يصدقهم ويساندهم من محقق ظالم إلى  قاضى جلاد . والشئ الذى يدهشنا مع كامل إحترامنا لقضاءنا المصرى الشامخ هو سرعة البت فى قضايا إزدراء الأديان ففى عام واحد تم الحكم على اطفال بنى مزار فى نفس الوقت الذى تطول فية القضايا التى تخص الأمن القومى والحوادث الإرهابية . فهناك مئات القضايا فى أرشيف المحاكم قد طال النظر فيها سنوات وسنوات منها على سبيل المثال لا الحصر  :
القضية التى تخص مذبحة جنود مصر الأبرار المُعترف بها عادل حبارة وبرغم إعترافة وثباتها علية إلا إنها مازالت محلك سر,  والشئ الأغرب هو فى 31 ديسمبر عام 1999 وقعت مجزرة الكشح الذى راح ضحيتها 21 فردا ً من الأقباط دون ان يُعاقب شخصا ً واحدا ً من الجناة بل جميع الجناة حصلوا على البراءة  , وكثير جدا ً من القضايا المشابهه التى  لا أود الخوض فيها . ياسادة لقد تألم الأقباط كثيرا ً فى الأربعون عاما ً الأخيرة منذ مبادرة الرئيس السادات الذى قام بتحقير الأقباط فى خطاباتة وتصرفاتة بل وأعطى الجماعات الإرهابية الضوء الأخضر لإرهابهم  وذلك بسبب خلافة مع المتنيح البابا شنودة وساهم الإعلام الموجة فى تعتيم الحقائق وساعد فى ذلك القانون ذو الذراع الواحدة قانون إزدراء الأديان الذى هو سيف مسلط على رقبة الأقباط فقط . أين هى المواطنة وأين هى اسس الدولة المدنية ؟ للأسف لقد أضاعوا بتهورهم وتعصبهم مستقبل شباب فى عمر الزهور ولاتوجد دولة متحضرة فى العالم تفعل ذلك بأبناءها وتقضى على مستقبلهم غير دولتنا للأسف . نناشد كل معتدل فى هذا الوطن  من إخوتنا المسلمين الأعزاء  وهم كثيرين جدا ً . الخروج عن صمتهم والتحدث بما فية العدل والصالح لأبناء هذا البلد لتوصيل الحقائق لكل من لة سلطان , ونناشد أعضاء البرلمان أن يتركوا خلافاتهم الشخصية وينظروا لتلك القضايا الجوهرية التى قد تعيق الدولة من التحرك خطوة للأمام وذلك بإيجاد حلول جزرية والنظر فى القوانين التى سبق وتم وضعها بفكر متطرف لتغييرها لتناسب كل المصريين . أرجوكم ضعوا مصر أمام عيونكم وأنظروا لتداعياتها وحكموا ضمائركم . إن رأيت ظُلم الفقير ونزع الحق والعدل فلاترتع من الأمر لأن فوق العالى عاليا ً يُلاخظ والأعلى فوقهما .

لامرأة لا تراني غير ظلّ: رسالة خاصة جداً/ فراس حج محمد


لا تحشري لغتي ظلالَ الآخرينْ
إنها لغتي أنا
ومحضُ غوايتي
مفرداتي البائسةْ
لم تعد تشبهُ ما ارتويتِ به منقارَ طيركْ!
قَدْقَدْتُ لحمَ قصائدي من أضلعي
ومشيت أحملها بينَ جنبيّ
كزهرٍ
ليموت في أكفانِ كفّكْ!
****
يا حسرتاه لكل لحمٍ حيّْ
أوقدته أطيافَ حبِّكْ!
أرويته ولهي
أسديته هذا الفضاء لسمعِكْ!
يا حسرتاه لروحيَ الثكلى القتيلةِ
في الهوى أنفاس ما كتبوا
ليمتدّ النداءُ بخفق صدركْ!
يا ليتني ما كنت شاعرَك المُوَلَّهَ
إذ يموت بشعرِ غيركْ!
يا ليت قــافيتي وأشعاري جليديةْ
لم تستعر يوماً بدفئك!
تستعيرُ من اللذاذةِ عمقها
من بعض سرّكْ
****
يا ليتني قلت القصائد في حروب الكائناتِ
أو العبثْ
لكنت ساعتذْ جديرا باللطافة
ترتوي برضاب ثغركْ!
لكنني مجنون حبكِ
إذ كتبتُ
وما دريت بأنني مقتول سيفكْ!
يا للشقاوة لم أصل يوما بأطراف البنان
لبعض حسِّكْ!
كيف قتلتِني هذا النهارَ المرَّ
أسقيت القصائد حرّ كأسكْ؟
عرّيت أحلامي الجميلة في الهجير
ببؤس قولكْ
****
الكون يشهد أنني ما كنت يوما غير ظلكْ!
لا تحشري لغتي بهم
كظلّ باهتٍ أنفالَ صوتكِ
فأنا المسمى في الغواية حرفَ سطركْ!
وأنا الشقيُّ
وما انتميت لغير جرحكْ!

سيمفونية السلام في حوارالأديان/ مارسيل منصور

كنت قد كتبت منذ أيام مضت عن الندوة في أسبوع الوئام العالمي بين الأديان للأمم المتحدة 2016 في سفارة الاتحاد العالمي للسلام في استراليا ، ولأهمية الموضوع فقد اتصلت بي هاتفيا االمذيعة القديرة هبة قصوعة - مشكورة -  من البرنامج العربي في إذاعة اس بي اس من أجل الحديث عنه . ورأيت أن أنقل إلى القراء بعض ما ورد من معلومات ، لعلني أستأنف الحديث هنا عما أردت توضيحه .
وأستطيع أن أبدأ بنبذة التعريف عن الاتحاد العالمي للسلام ، فهو جزء من الأمم المتحدة وله فروع في أنحاء العالم ، وهنا في استراليا مقره في سيدني ، وهو عباره عن شبكة من سفراء السلام ، يأتون من جميع أنحاء العالم  و يمثلون العديد من الأعراق والأديان والجنسيات والثقافات . فهم يقفون على أرضية مشتركة من المبادئ الأخلاقية العالمية ، وتعزيز المصالحة ، والتغلب على الحواجز وبناء السلام  . هذه الشبكة العالمية تمثل تنوع الأسرة البشرية ، وجميعها تعمل على تعزيز التعاون خارج حدود الدين أو العنصر أو العرق ، والجنسية ، كما وتعمل على ممارسة "العيش من أجل الآخرين" كمبدأ توجيهي لبناء مجتمع عالمي آمن بالمحبة والسلام . ويلتقي سفراء السلام بانتظام لعرض ومنافشة أمور مهمة ومواضيع هامة مثل الوئام بين الأديان حيث أن الغرض منه مبادرة التفاهم المتبادل والحوار بين الأديان باعتباره وسيلة لتعزيز الوئام بين جميع الناس بغض النظر عن دينهم .  
لقد احتل الجزء الأكبر في الندوة موضوع ديانة البوذية ودورها في صناعة السلام ، والمسئولية الملقاة على عاتق الأفراد والمجتمعات نحو بعضهم البعض وتجاه الإنسانية ككل ، على أن يمكن تجاوز التطرف نحو المصالح الشخصية والعمل على مساعدة الآخرين ، فالبوذية هي دين السلام واللاعنف ودائما تدعو إلى ضرورة تحقيق أعلى مستوى في الإنسانية واحترام الأفراد والشعوب من خلال سيمفونية للحوار من القلب للقلب ، و التي تشعر وتشارك في معاناة الآخرين من خلال الترابط والحب والمحبة وجلب الاحترام والصداقة.
 وفي هذا السياق أستطيع القول وبلا شك أن الديانات السماوية التوحيدية الكبرى الثلاث في العالم تدعو إلى نفس المعاني ، ولكنه يتعذرعلى المجتمعات ذات الأصول العربية  تطبيق مضمونات هذه الألفاظ فعليا ، في عصر بات فيه التطرف والتعصب والفكر الإرهابي سوسة تنخر في العظام ، ويجب التخلص منه أولا وأخيرا ، وإلا ليس هناك سلام .
وأود أن أشير هنا إلى أهمية التواجد العربي في هذا المجال ، وإلى مدى حاجتنا إلى وجود سفراء السلام من أصول عربية ، خصوصا إذا عرفنا أن عدد المسلمين والمسيحيين يشكل معا ما يزيد على نصف سكان العالم (55 %)  لذلك فإني أعتقد أن جزءا كبيرأ من مستقبل العالم يعتمد على السلام بين المسلمين والمسيحيين ، خصوصا أننا نعيش في عصر التعصب والتطرف والإرهاب الذي يجتاح العالم ، هذا العصر القكري المحمل بالسموم ، غير موجود في التعدديات الثقافية الأخرى ، ولذلك فهو ضار جدا بالمسلمين أنفسهم ، وأقصد المسلمين المعتدلين الحقيقيين ، لذلك فإن مبادرة "كلمة سواء"، هي الأساس لهذا السلام والتفاهم لأنه جزء من المبادئ الأساسية جدا في الديانتين : حب الله واحد وحب الجار ، خصوصا وأن هذه  المبادئ قد جاءت مرارا وتكرارا في النصوص المقدسة للإسلام والمسيحية : وحدانية الله وضرورة محبته وضرورة محبة الجار هي بمثابة أرضية مشتركة بين الإسلام والمسيحية .
 ومهما كان ، فنحن أحوج ما نكون اليوم إلى أن نمارس مفاهيم هذه المعاني الجوهرية في سياق الحياة الفكربة المعاصرة ، وأن نلجأ إلى سند من التفاهم والحوار ، والدعوة إلى التنفيذ في مشاركة فعالة مسئولة ، لعلنا نقضي على هذه الصراعات السلبية .

لغز انتحار شهداء القبط المجندين/ أشرف حلمى

مقتل المجند القبطى مايكل جمال منصور مؤخراً هذا الشهر اثناء تأدية واجبة الوطنى فى موقع خدمتة باستاد شبين الكوم الرياضى بدعوى الإنتحار نتيجة إطلاق رصاصة من سلاحه الميرى فى صدره لن يكن الاول والاخير نتيجة تراخى الشعب المصرى فى إعلان الحقيقة المرة التى يعرفها الجميع مما أعاد لنا فتح الملفات القديمة لمقتل اكثر من خمسة جنود اقباط داخل وحداتهم العسكرية منتحرين ايضاً على مدار السنوات القليلة الماضية طبقاً للتقارير الطبية بمعرفة الطب الشرعى وتوجيه تهم القتل للقتيل نفسه ولولا وفاتهم لقدموا لمحاكمات عسكرية اما بتهم إطلاق النار من أسلحتهم الميرى على انفسهم اذا كان سبب القتل رصاصة او بجرائم قتل عمد اذا كان هناك شبهة جنائية تكون عقوبتها الإعدام او السجن .
المعروف انه فى كثير من حالات الجرائم الخاصة بمقتل المسيحيين بوجه عام يتم تضليل العدالة والراى العام ويتم التلاعب فى التقارير الطبية لتصبح مخالفة للحقيقة والواقع او توجه التهم الى مختلين عقلياً حتى تقى الحكومة شر الفتن الطائفية ويقبل اهل القتلى بالامر نتيجة الضغوط العنيفة التى تفرضها السلطات عليهم حتى يتم دفن جثث ذويهم مما أدى الى تشكيك جمعيات حقوق الانسان ومنظمات المجمتع المدنى بل وحكومات البلاد الغربية فى نتائج التقاير الطبية وسير تحقيقات النيابة الصادرة من جهات مصرية كان آخرها مقتل الطالب الايطالى جوليو ريجينى بالقاهرة فى شهر فبراير الجارى التى ادت الى الطعن فى صحتها .
ظاهرة إنتحار الجنود المصريين طبقاً لإجراءات وتحقيقات النيابة العسكرية  جعلتنى اتساءل كيف يتم إسناد الخدمات العسكرية بالسلاح والذخيرة الحية  لجنود مقبلين على الإنتحار؟ !!!! دون خوف بإطلاق النار عشوائياً من اسلحتهم نتيجة الاسباب التى ادت الى إنتحارهم , وافكر فى عدد من الحلول التى قد تساهم فى التقليل من سقوط المزيد من ضحايا إنتحار المصريين بالقوات المسلحة ورفع حالتهم المعنوية ومنها
أولاً : تكليف أطباء الكتائب الطبية المتواجدة فى المناطق العسكرية بالكشف الدورى على المجندين بوحداتهم وذلك لإكتشاف المرضى النفسيين فى مراحل متقدمة ومتابعاتها لذا وجدت .
ثانياً : إنتداب ضباط من إدارة الشئون المعنوية لمراقبة ومتابعة سلوك المجندين وإعداد ندوات خاصة لهم بوحداتهم وخاصة فى المناطق الحدوية التى يعانى جنودها لفقدان اهاليهم واصدقائهم لفترات طويلة قد تمتد لشهرين كذلك ترتيب مواعيد مع اى من الجنود الذين يعانون إكتئاب نتيجة  مشاكل مع اصدقائهم او إضطهاد بعض قياداتهم . 
ثالثاً : زيادة يوم راحة اخر إضافة ليوم الجمعة الذى يتفرغ فيه الجنود للصلاة وعمل النظافة الشخصية والعامة لاماكن تسكينهم وخاصة بالمناطق الحدودية والنائية والتى يعلق بها المجندين لفترات طويلة حتى يكون لديهم الوقت الكافئ للترفية عن انفسهم من خلال الأنشطة والمسابقات الرياضية والرحلات الترفيهية التى تعد بواسطة إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة .
بارك الله  فى قواتنا المسلحة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى جاء بالامر الشعبى كى يتحمل مسئولية البلاد وحمايتها من غدر وخيانة اعداء الوطن بالداخل ونيران الدول الصديقة بالخارج  لقيادة بلادنا الحبيبة لنحو مستقبل افضل لتحيا مصر وليتوقف إنتحار جنود القبط .