من قتل أحمد سوار المسعودي؟/ د. عدنان الظاهر

( قُتل الصديق العزيز أحمد سوار المسعودي في عام 1964 في برلين الغربية في حادث تصادم سيارته الشخصية الفولكس واكن مع شاحنة التقته من شارع فرعي  ).

حياة الراحل أحمد سوار المسعودي أشبه بالأسطورة فقد كانت قريبة من الأساطير التي نعرف.
كنا زملاء في متوسطة المسيّب للبنين في العام الدراسي 1950 ـ 1951 وكان يومها مدير المدرسة الفقيد الراحل الأستاذ حسن هادي الإنباري (*). كان مُحباً للأدب العربي خاصة الشعر منه وكان مُغرماً بشعر امرئ القيس ومحبّاً لهذا الشاعر حدَّ الهَوَس.
كما كان مغرماً بعالم الرياضة ولا سيّما رفع الأثقال. صحبني ذات يوم إلى بيتهم فتعرّفتُ على السيّدة والدته ورأيت بعض الأثقال المعروفة لممارسة الربع أو رفع الأثقال. كان محبوباً جداً من قبل الكثير من زملائنا في متوسطة المسيب للبنين أذكر منهم الزملاء حسن جواد الصيهود الذي غدا فيما بعد سكرتيراً لًلبروفسور محمد مهدي البصير الأستاذ في كلية التربية ( دار المعلمين العالية ) في خمسينيات القرن الماضي. ثم الأخ المربي كاظم حسن الجلاّد والصديق الزميل الدكتور طالب عبد الأمير الأنباري معاون عميد كلية الطب البيطري في جامعة بغداد أيام أنْ كان عميدها الأخ الحلاّوي الدكتور مُضر محمد علي الفلوجي في سبعينيات القرن الماضي. وآخرون كثيرون ما زلتُ أتذكرهم بالأسماء والشخوص والحضور في مقدمتهم الصديق النبيل الوفي الشجاع الفنان الأستاذ محمد حسين علوان والزميل مدحت محمد خضر وسعد عبد الجبّار علّوش وابن عمه السيد لؤي عبد المنعم علّوش. ومن المدرسين الأكارم أتذكر الأستاذ محمد حسين المراياتي الأديب الفقيه العالم باللغة العربية والشعر العربي الحديث.
أكملنا سنوات الدراسة المتوسطة فدخل الصديق الراحل دار المعلمين الإبتدائية في الأعظمية في بغداد كشأن الكثير من فقراء طلبة العراق يومذاك لكنه فُصل لأسباب سياسية أيام ما كان الأستاذ الحلاّوي ناجي عبد الصاحب مديراً لهذه الدار في العهد الملكي. عاد للدراسة في هذه الدار بعد تقديم البراءة من السياسة وأكمل دراسته بتفوق ثم تمَّ تعينه معلماً في مدرسة إبتدائية في منطقة الوزيرية من بغداد قريبة جداً من كلية دار المعلمين العالية في الوزيرية حيث كنتُ أواصل دراستي في هذه الدار في حقل الكيمياء. كنا قريبين من بعضنا إذاً لذا كنا نلتقي خلال معظم أيام الأسبوع أزوره في مدرسته ويزورني في نادي كلية دار المعلمين العالية كما كنا نلتقي في نهاية الأسبوع بشكل منتظم لنتناول طعام العشاء معاً في بعض مطاعم الباب الشرقي لا سيّما مطاعم شارع السعدون وشارع أبي نؤاس. كان الراحل يشرب البيرة فقط كأسين في كل لقاء مع العشاء بينما كنتً أتناول العرق العراقي ـ ربع عرق. كان الفقيد يمارس رياضة رفع الأثقال في بيتهم وفي نادٍ خاص يملكه السيد الربّاع سلمان مكّاوي عم الزميل طالب عبد الأمير مكّاوي. 
كان مثقّفاً متميّزاً محبّاً للأدب العربي وخاصة الشعر وكان مغرماً بأشعار امرئ القيس خاصة بل وكان يقدّس هذا الشاعر الجاهلي.
وقعت ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 وكنت وقتها في السنة الأخيرة من دراستي في دار المعلمين العالية فزادت وتائر لقاءاتنا وتكثّفت كأنَّ للثورة والتبدلات السياسية الجديدة تأثيراً ما لعب أدواراً شبه حاسمة في حياتينا ومستقبل علاقاتنا الشخصية. كما التحق بنا زميلٌ آخر من زملاء الدراسة في متوسطة المسيب للبنين هو الأخ مهدي دَخَلْ أو مهدي دخيل وهو كذلك من أهالي المسيب. كنا في هذه الفترة من العام الدراسي 1958 / 1959 نزور في أماسي عطل نهاية الأسبوع ( الخميس / الجمعة ) بعض النوادي المنتشرة في منطقة الوزيرية أو العيواضية مثل نادي البرق والبريد أو نادي المحامين نتناول العشاء معاً ونحتسي ما يحتسي الأصدقاء الندماء. وحين نكون في منطقة الباب الشرقي ما بين شارع السعدون وأبي نؤاس كان الفقيد يدلف إلى مكان لبيع الدجاج المشوي اسمه " علي شيش " ليتناول نصف دجاجة مشوية ثمنها نصف دينار من دنانير ذلك الوقت.
كنتُ أعرف أنه مُرشّح لبعثة دراسية إلى ألمانيا الدمقراطية لدراسة علم نفس الأطفال المتخلّفين والمعوّقين وبالفعل غادر العراق صيف عام 1959 لمواصلة دراسته العليا في مدينة برلين الشرقية. في هذا الوقت وقد أنهيت دراستي الجامعية تم تعييني مدرساً للكيمياء في ثانوية المسيب للبنين وكان مديرها الفقيد الراحل الأستاذ حسن هادي الإنباري مديرنا السابق في متوسطة المسيب أوائل خمسينيات القرن الماضي. سجلت مباشرتي في هذه المدرسة الثانوية وفي اليوم التالي سجلت الإنفكاك فلقد تمَّ اختياري مديراً لمتوسطة الكفل للبنين وكانت المتوسطة الأولى في تأريخ مدينة الكفل وكانت مختلطة بين الجنسين وفيها صفّان فقط صف لطلبة السنة الأولى وصف آخر لطلبة السنة الثانية وكان معي في التدريس الصديق المرحوم الأستاذ شوكت عبّاس فقط. أما ثالثنا فهو فرّاش المدرسة السيّد عبد زيد ( إبن السيّدة أمينة كما يسميه عارفوه في مدينة الكفل ).
شرعنا والمرحوم أحمد بتبادل الرسائل بانتظام هو يكتب لي من برلين الشرقية وأنا أكتب له من ناحية الكفل أو من مدينة الحلة حيث سَكَني وأهلي بجوار مدرسة الفرات الإبتدائية وكان مديرها المربي الفاضل الأستاذ محمود شُكر أبو خمرة على الشارع المنتهي إلى ضفة نهر الفرات قريباً من معمل الكوكا كولا. لم يفارق الأدب العربي وهو في بلد يتكلم اللغة الألمانية ويدرس فيه أحد فروع علم النفس فطلب مني ذات يوم أنْ أرسل له رباعيات الخيّام ففعلت ثم عاد وطلب ترجمة أخرى لهذه الرباعيات فقصدت بغداد وشارع المتنبي أسأل عنها حتى وجدتها وأرسلتها له فكان مسروراً بها. ما كان يبخل بتزويدي بالمعلومات الشيّقة عن نمط الحياة في برلين الشرقية وعن بعض تفصيلات دراسته والحياة الجامعية والإجتماعية هناك وهي أمور كانت تستهوينا نتنفس من خلالها عالماً آخرَ مُغايراً لما كنا فيه وما كنا نعاني من حرمانات شبابية وتعقيدات سياسية كانوا هم بعيدين عنها.
زار الفقيد أحمد في شهر تموز 1962 العراق وكنا نلتقي أكثر من مرة في الأسبوع وكنت حينذاك أتأهب لمغادرة العراق للدراسة في جامعة موسكو متمتعاً بإحدى زمالات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كانت إقامته في بيت صديق له من رباعي العراق المعروفين يومذاك هو السيد محمد الأسود. كان أحمد يتشوق كثيراً للكباب المشوي وما كنت أبخل به عليه وكانت لقاءات عزَّ نظيرها خاصة والظرف الذي كنا فيه ظرف استثنائي جداً جداً ... هو طالب بعثة زار العراق لفترة قصيرة وأنا أستعد لمغادرة العراق لستة أعوام فهل تُرى سنلتقي خارج الوطن متى وأين ؟ هل سنلتقي في برلين أو نلتقي في موسكو ؟
غادرت بغداد فجرَ السادس من شهر آب طائراً إلى العاصمة النمساوية فيينا لأقضي فيها قرابة ثلاثة أسابيع في طريقي إلى موسكو. كان أحمد أحد المودّعين في مطار بغداد جاء متأخراً قليلاً يحمل لي وردة حمراء على طريقة أهل الغرب. جددنا التأكيد على ضرورة أنْ يستمر تبادل الرسائل بيننا وأنْ نلتقي في مدينة ما.
إستأنفنا كتابة الرسائل أنا أكتب له من موسكو ويرد هو على رسائلي من برلين الشرقية حتى فاجأني ذات يوم أنه انتقل من برلين الشرقية إلى برلين الغربية لأنه كان عليه واجب مساعدة ذويه في العراق ومن برلين الغربية يستطيع ذلك فالمارك الألماني الغربي قابل للتحويل في البنوك والمصارف الخاصة خلاف المارك الشرقي. أذكر أني أرسلت له مع طالب عراقي كان يدرس في برلين صندوق شاي سيلاني ممتاز مع نسر منحوت في خشب خاص. إنقطعت فجأة رسائله لي في الفترة القصيرة المحصورة بين منتصف عام 1963 وأواسط العام 1964 ولم أعرف سبب ذاك الإنقطاع حتى زار موسكو طالب آخر سألته هل يعرف الصديق أحمد سوار المسعودي قال أجل، لكن أحمد قُتل في حادث سيارة. لم أصدق ما سمعتُ ! أمعقول أنْ يموت كلكامش المسعودي الزاخر بالحيوية والنشاطات الرياضية والإجتماعية المحب للحياة بشكل لا يُصدّق. أيموت هذا البطل المفتول العضل الذي ما كان يُطيق مفارقة الرياضة حتى أني سمعت وقتذاك أنه كان منتمياً لأحد النوادي الرياضية المختصة برفع الأثقال ورياضة الكمال الجسماني. أيموت أحمد وبهذا العمر وكان أهله في انتظار عودته للعراق ليقومَ بإسنادهم والصرف عليهم وكان العراق نفسه ينتظره لأنه كان يتخصص ولأول مرة في تأريخ العراق بموضوع نادر وجديد. أيموت شاب تتفجر في صدره وعروقه ينابيع الحياة وحرارة البراكين. في لقاءاتنا صيف عام 1962 في بغداد قال لي إنه يجرب أنْ يكونَ أباً وبالفعل، قال، صديقته الألمانية حامل منه ولكن بدون زواج. قُتل أحمد في حادث مشبوه أخشى أنْ يكون مدبّراً من قبل جهات يمكن التكهن بهوياتها ومقاصدها تتصيد الموهوبين والمتفوقين والمتميزين من الطلبة العرب. كانت ولم تزل خسارتي بأحمد كبيرة لا تعوضها الدنيا بأجمعها. راح أحمد رمز المسيب بشراً ونهراً وجسراً حيث غناه ناظم الغزالي [ على جسر المسيب سيّبوني ]. 
دارت الأيام وأكملتُ دراستي وأبحاثي في جامعة موسكو لأجد نفسي باحثاً علمياً في جامعة كالفورنيا في إرفاين. وحين قررت العودة للوطن أمضيت أسبوعاً كاملاً في برلين الغربية مع صديقٍ وفيٍّ مخلص. سألته أيعرف أحمد سوار وهل يعرف حادث وفاته ؟ أكّد أنه يعرفه حقَّ المعرفة وكان هو أحد الطلبة العراقيين الذين أشرفوا على تجهيز تابوته وإرساله بالطائرة لأهله في العراق. سألته أيعرف صديقته ( ربما تزوجها فيما بعد ) قال نعم. رجوته أنْ يأخذني إليها في برلين الشرقية لأتعرف عليها وعلى طفلته الوحيدة التي تركها يتيمةً. وبالفعل توجهنا بسيارة الصديق الفيات الإيطالية إلى قلب برلين الشرقية وأخذ الصديق طريقه الذي يعرف جيداً حيث شقة هذه السيدة أرملة المرحوم أحمد سوار المسعودي. للأسف ما كانت في الشقة فضاعت مني فُرصة من فُرص العمر التي يصعب تعويضها فيما لو كان التعويض ممكناً. ضاعت الفُرصة ولم أرَ هذه السيدة ولا ابنة الفقيد أحمد. أما زالتا على قيد الحياة وفي مدينة برلين الشرقية ؟ قد أسأل وأستفسر حين أكون في برلين الموحّدة اليوم والشرطة هنا خير مّنْ يسأل السائل خاصة إذا احتفظتا بلقب المسعودي والألقاب لا تضيع ولا يضيع أهلها حاملوها.

(*) الفقيد الأستاذ حسن هادي الإنباري /
كان أوائل خمسينيات القرن الماضي مُديراً لمتوسطة المسيب للبنين وكان في عين الوقت يمارس تدريس مادتي الفيزياء والرياضيات ( أو الهندسة ) لطلبة السنة الثالثة. كان أستاذاً متميّزاً بتدريس الفيزياء والرياضيات فضلاً عن كونه إداريّاً حازماً محبوباً من قبل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. كان وطنياً معروفاً وكانت له صلات وثيقة مع بعض عناصر تنظيمات الضباط الأحرار قبل ثورة 14 تموز 1958. أتذكر جيداً كيف اقترح على أخي الأكبر ـ وكان أخي أحد عناصر ضباط الجيش الأحرار ـ أنْ يطلب مني ترك علاقتي مع أحد زملائي في الصف والمدرسة لأنه يتحدر من عائلة إقطاعية ولاؤها للإنكليز والعهد الملكي. إنتقل بعد ثورة تموز 1958 إلى بغداد وتم تعيينه مديراً لثانوية الكاظمية للبنين. إختفى أثره في إنقلاب الثامن من شباط 1963 ولم يعرف أحدٌ عنه أي شئ. المرجّح أنه شارك في إنتفاضة الكاظم ضد الإنقلاب وهناك قُتل ودُفن في مكان مجهول مع كثيرين. هل سأل أحدٌ من أهله عنه وعن مصيره وهل عرفوا شيئاً عن هذا المصير ؟ هل تتبعت أخباره الحركة النقابية الدمقراطية للمعلمين وكان أحد عناصرها في إنتخابات نقابة المعلمين محسوباً على القائمة التقدمية المسماة " القائمة المهنية المتحدة " التي كان يرأسها الأستاذ نجيب مُحيي الدين وكان الشهيد الدكتور صفاء جميل الحافظ من بين قادتها سوية مع الأستاذين عزيز الشيخ رجب والمرحوم صاحب حدّاد وآخرين.
لك الرحمة أستاذنا ومربينا الشريف النظيف والوطني الغيور المنحاز للفقراء وقضايا التحرر من الإستعمار البريطاني الشهيد حسن هادي الإنباري ابن المسيب وأحد رموزها الأكثر شهرةً. لك الرحمة والخلود أستاذ حسن هادي.

مجلس انقاذ لعرب ٤٨/ جواد بولس

نجاح حكومة بنيامين نتنياهو، يوم الإثنين الماضي، في تمرير قانون إقصاء أعضاء الكنيست لم يكن مفاجئًا، فحكومة نتنياهو تحظى بأغلبية سريعة "التوريب"، جاهزة الفوران والانسكاب. تركيبة الأحزاب التي تشكل إئتلاف الحكومة هي عبارة عن مجموعات من مستسيسين جوعى للحقد ومرضى بداء "العرب"، وشرهاء تستفز مجسّاتِهم رخامةُ العين وهي في الشرق تبكي على "رب" يهان مع كل طلعة شمس وضمور قمر.
فمن راهن على بقايا منطق إنساني وحسب أنه قد ينتصر في أروقة مؤسسة باتت تعمل كطاحونة تطحن كل حَب مبارك وتذيب كل حُب يؤلف، فهو في حكم الغافل، ربما سيصحو مع اللطمة القادمة، ساعة لن تسعفه شهقة ولن تستشفع له صرخة ولن يفيده بكاء.
ومن قامر على أن في الكنيست بقيت أكثرية يهمّها ماذا سيقول "العالم" عنّهم، يهودًا أحفاد الكوارث والضربات والوصايا، فهو أعمى لم يلحظ أن ذاك العالم صار خرافة وخرقة وأن الكنيست تعرف أن إذا كان هذا الكائن موجودًا فهو حاميها وليس عزوة للعربان الذين شتتهم الريح ونثرتهم ككثبان رمل عاشت حبيباتها منذ عصر البوادي، بتنافر وإيلاف في ربع عالم كان منذ ولد خاليًا، وكان سرابه أحلاماً.
إنها كنيست لا تنام إلا على عهد ووعد، تنقضّ على فرائسها مدمنةً لتروّضها أو لتؤذيها، ذلك ما أن يحرك راعيها عقلة في سبابته أو رجفة من أحد حاجبيه. فهم، هكذا يؤمنون، قد انتخبوا من أبناء شعبهم المختار وأوكلوا، بصكوك ربّانية ومن السماء، بمهمة إيصاد جميع المنافذ وسد الطرقات علينا، نحن المواطنين العرب في البلاد، وبوضع حجر الرخام البارد على قبر ذلك الحيّز الذي أتاح للإنسان الحرّ، في هذه الأرض التي رنّختها القداسة، أن يحيا على ضفة الحرّ الآخر ليبقى ماء الحياة بينهما جار والسماء شاهدة بريئة، والطير فوقهما سانح وسابح، والبرق ومّاض، والموت مستأخر وإن كان هو على الجميع دين مستحق وساخر.
ولكن، ولئن كان قرار الكنيست متوقعًا سيبقى ما حصل خطيرًا واليوم يومًا مشهودًا أسود وممضّا. فالقانون المشرّع يلغي، في الحقيقة، معنى العملية الانتخابية من مضمونها الفعلي، ويتيح لأعضاء كنيست إمكانية إلغاء عضوية عضو منتخب بشكل مباشر بأصوات مواطنين أصحاب حق الاقتراع، في وقت يعرف فيه الجميع أن سهام هذا القانون موجهة حصرًا، في هذه المرحلة، للأعضاء العرب.
نتيجة التصويت في ذلك اليوم كانت، على الرغم من كونها متوقعة، مقلقة ومستفزة ومثلها كان ما قيل من على منصة الخطباء في حق أعضاء الكنيست العرب، لا سيما في حق رئيس القائمة المشتركة، النائب أيمن عودة، فطبقة التحريض انهالت صوبه محشوة سمًا ومضامينه فهمت، حتى عند الأغبياء، كدعوة لهدر دم سافر لأيمن ورفاقه، يينما بقي صراخ بعض المهاجمين كطنين النواقيس الكبيرة حين تعلن عن اقتراب الخطر. لقد كان الهجوم العنصري كاسحًا ومباشرًا، ولأنه كذلك من المفروض أن يقض  نوم كل من شاهد أو سمع أو قرأ فذبذباته ما زالت تتطاير في الفضاء وتعلن، باسم النار، وبدون خجل: ها أنا قادمة لأشعل بيوتكم وساحاتكم  حرائق.
بعد كل ما سمعناه نعود ونؤكد، مرّة أخرى، أننا نسمع حشرجات نظام حكم تسلّم فيه بقايا ديمقراطية عرجاء روحها وتلفظ أنفاسها بتسارع قد يصير من المستحيل إيقافه أو حتى إبطاؤه.      
إننا نشهد ولادة إسرائيل جديدة، يهودية زرقاء، وهي الأقرب إلى ممالك يهودا والسامرة، كما جاءنا التاريخ بأخبارها، وكما زفتها إليه أجنحة الأساطير وألسنة الخيال الجامح؛ إنها إسرائيل التي ستنسى لغة الكلام، والسيف سيستبدل في أيدي ناسها القلم، والسكاكين محايات، والقوانين بيكارات من رصاص وورق، والمحاكم تفرم العدل كالبرّايات وكالمقاصل. إننا نعيش في زمن الفاشية.  
على أثر ما جرى في تلك الجلسة الصاخبة قرأنا بيانًا  نشرته القائمة المشتركة، وفيه أكدت: " أن التحريض الدموي السافر الذي شنه، عضو الكنيست آفي ديختر، على رئيس القائمة المشتركة، النائب أيمن عودة، إفلاس أخلاقي وسياسي.." ودانت القائمة بشدة، "  التحريض العنصري المتطرف .." وطالبت المستشار القضائي للحكومة " الإيعاز بفتح تحقيق جنائي ضد ديختر، بتهمة التحريض على القتل"  وأضافت: "أن ديختر سقط لقاع التحريض الخطير، وأباح دم النائب أيمن عودة.." وشددت: "على أنها تواصل النضال ضد الاحتلال والفاشية والعنصرية والكراهيةـ ومن أجل الديمقراطية والمساواة والعدل الاجتماعي للشعبين".
لن يضير أحد أن تؤكد المشتركة على ما أكدت عليه وأن تدين وتطالب وتشدد.. ولكن هذا لا يرقى إلى جسامة ما يتفاعل أمام أعيننا. إنه بيان مكرّر شبيه بعشرات البيانات السابقة التي صيغت ونشرت باسم المشتركة كبيانات تضامن واسناد معنوي مع زملاء النائب عودة عندما هوجموا في وقائع سابقة، وهي بيانات  تعكس عمليًا قسطًا من القصور في ابتكار وسائل عمل سياسي  ناجعة وبرامج مجابهة مؤثرة من شأنها أن تخترق الحصار المضروب علينا وهي بيانات قد تؤمن للقيادة فرص اللجوء الروبوتي إلى مغارة الضحية المعتدى عليها لتنزوي هناك وتمارس ما تتقنه الضحايا ضعيفة الرؤية وعديمة الرؤى: الثغاء والانتحاب بكل نوتات السلم الخطابي العربي الذي أورثنا إياه أجدادنا عبر تاريخ الانكسارات الحديثة المتلاحقة من زمن بلفور ومن تلاه من زرافات "البلافرة" الكثيرين. إنها الفاشية يا أخي 

إدانة ما جرى في الكنيست هو من باب أضعف الايمان، لكنه فعل لن يؤدي إلى صد أية ضربة يمينية قادمة ولن يمنع الهجمة القاسمة التي حتمًا ستأتي ولن تتأخر، حتى بعد أن أدانت ما جرى، بديبلوماسية خجلى، الوزيرة السابقة تسيبي ليفني، ومثلها فعل يتسحاك هرتسوغ حين وصف القانون على أنه: "قانون خطير يهز الديمقراطية الإسرائيلية ومرفوض من أساسه". 
فنحن نرى بحدقات عيوننا المتعبة، كيف وقادتنا يدينون ويشجبون ويشددون ويؤكدون، تمضي قوافل هؤلاء العنصريين مهرولة نحو صدورنا وخبطات بساطيرهم تهدر قاب فشخة من أصداغنا. فالبيانات قد تكون ضرورية لاستجراع قطرة من معنويات تائهة، والتهديد بكيلنا لصاعهم بصاعين قد يكون مفيدًا في حروب الردع الوهمية، واستهواء البكاء على أطلال خرائب كانت ذات يوم صروحًا من كراماتنا وعزنا، لن يثرينا  بمعلقات مزركشة عصرية، ولا برهط من الشراح الأكابر. فنحن نغرق في وحل الفاشية. 
إنه زمن يستصرخنا، نحن عرب هذه الأرض، وينادينا: كفوا عن استمناء أوهامكم وارتجال رجاءاتكم الخاوية. أتركوا دفاتركم العتيقة وابحثوا في قواميس العصر على معاني جديدة للنضال، فحين تعدون أنفسكم وأولادكم بصد الفاشية لن يكفي لصدّها أو لعرقلتها بيانات من ورق ملون لا تزن في موازين النضال أكثر من وزن ريشة مشكوكة في تاج ملك  هندي أحمر يبكي عرشه المهزوم .. 
إننا بحاجة الى الخروج من كل قوالب الماضي وشعاراته العقيمة، فالوضع خطير ويستدعي الاعلان عن حالة من الطواريء، والعمل  على وضع خطة إنقاذ شاملة.
ومن أجل ذلك على رئيس لجنة المتابعة ورئيس المشتركة، برأيي، أن يعملا معًا بشكل فوري من أجل تشكيل مجلس إنقاذ  مؤلف من ٤٨ عضوة وعضو، على أن يكونوا من الشخصيات المشهود لها بالمكانة الفكرية العلمية والنزاهة الكفاحية الوطنية وسداد الرأي، والمعروفة بتجاربها الحياتية العصرية المميزة، والقادرة على وضع تصور واقعي مهني يرسم حدود الخطر الذي نواجهه، وقادرة، كذلك، على وضع خطة عمل كفاحية وواقعية من شأنها أن تدرأ ذلك الخطر، وليس بالضرورة أن تكون جميع المشاركات والمشاركون في هذا المجلس أعضاءً منضويين في حزب سياسي قائم أو حركة دينية أو سياسية ناشطة.
لن أسهب في تفاصيل الفكرة وسأبقيها هكذا للنقاش، ولكنني أقترح أن يكون المشاركون المختارون لعضوية المجلس، على قناعة سياسية كاملة بأن الخطر الفاشي المتنامي في إسرائيل هو أول المخاطر التي تواجهنا ومكانته هي الأولى في رأس سلم الأولويات النضالية وهي التي ستستلزم كل طاقات العمل الشعبي والجماهيري والكفاحي.
كذلك على من سيشارك في ذلك المجلس أن يؤمن بأن الجماهير العربية لوحدها، ومهما توحدّت،  لن تنجح في ايقاف ذلك التدهور الفاشي ، بالمقابل، قد تفلح في صد مخاطره إذا تضافرت جهود العمل في ثلاث ساحات أو جبهات بشكل متداخل ومتكامل : بين الجماهير العربية في البلاد، وداخل المجتمع اليهودي  وأمام الرأي العام الدولي وبالأخص الغربي منه.
فالاعلان عن حالة طواريء أمر الساعة، وتشكيل مجلس  للإنقاذ هو ضرورة ملحة. والبقية تأتي.. 

يوم الأرض: الجمهور غائب عن قرار الإضراب/ نبيل عودة

*الإضراب سلاح إستراتيجي يحتاج إلى تعبئة الجماهير
وليس إلـى قرارات فوقيـة بـدون قناعـة جماهيريـة*

أربعون عاما مضت على يوم الأرض. لا أحد يقلل من أهمية ذكرى يوم الأرض وضرورة تحويل هذا اليوم إلى يوم نضالي من أجل حقوق الأقلية العربية في إسرائيل. لكن، موضوع الإضراب، يحتاج إلى وضع خاص مميز، بينما ما الاحظه منذ سنوات هي عملية مزايدة لا علاقة لها بالواقع والظروف السياسية وبجاهزية الجماهير للإضراب. أنا على ثقة ان أكثرية جماهيرنا ليست جاهزة نفسيا لإضراب سياسي في هذا الوقت بالذات.
هل عدنا، كما في كل سنة من السنوات الأخيرة إلى المزايدة السياسية الجوفاء؟ هل يظن رئيس لجنة المتابعة ان إعلان إضراب لا يحتاج إلى تحضير الشارع ورفع الجاهزية السياسية للجماهير؟ إلى توعية بظروف خاصة تقود إلى إضراب عام ؟
هل هي لعبة لتحقيق مكاسب شخصية تخدم شخصا أو أشخاص محددين حتى على حساب إلحاق الضرر بواقع الجماهير العربية عبر إعلان إضراب لا ضرورة له، لأن الأرضية الجماهيرية غير جاهزة لمثل هذه المعركة وسيكون إضرابا هزيلا خجولا يضر أكثر مما يفيد.
أمامنا مهمة لا تقلق قادة هذه الجماهير، أصلا قيادتهم هي اكبر ضرر للجماهير العربية في إسرائيل. كتبت مرة واكرر ذلك اليوم: إذا لم نبن مجتمعنا قوياً، مثقفاً، عقلانياً، متنوراً، أخلاقياً، مليئاً بالجماليات، ثري بالفكر الإنساني، بالاستعداد للتعاضد والتكامل الاجتماعي، بجاهزية كاملة للتجند وراء مطالبه الحيوية، ولا أستثني السياسة من هذه المطالب، ستبقى كل ممارساتنا الثقافية والسياسية  تعاني من قصور في الرؤية، من العجز في فهم دور الثقافة الاجتماعي والحضاري،  وكيفية توجيه ودعم وتطوير حياتنا الثقافية وبناء نهجنا السياسي ، تطوير خطابنا السياسي العقلاني ، وهو الخطاب القوى والأكثر تأثيرا.. ولكنه الغائب الكبير من ثرثرتنا السياسية!!
هل تكرم معلني الإضراب بجس نبض الشارع ومدى استعداده لإضراب سياسي؟   هل من شعارات مميزة لإعلان إضراب من هذا النوع، أم باتت قرارات الهيئات القيادية مجرد نوايا ضررها كبير وعظيم لأنها تنطلق من نوايا انتهازية شخصانية لا قاعدة فكرية أو سياسية واضحة لها.
من المهم معرفة مدى جاهزية الجماهير لتنفيذ إضراب تحت شعارات واضحة محددة.. وليس إضرابا خجولا مترددا بلا قناعة من المضربين. أرى أن القرار اتخذ في الغرف المغلقة ولا يمثل الروح السائدة في الشارع اليوم.
لا تنقصنا المطالب، ولا الشعارات ولا الغضب على سياسة السلطة العنصرية. لكن هل هذا لوحده يشكل معياراً صحيحاً لطرح موضوع تنفيذ إضراب؟!
سبق وأن كتبت حول نفس الموضوع في السنة الماضية وما قبلها  وها أنا اكرر موقفي. قرار الإضراب يحتاج إلى جو سياسي نضالي لا أراه قائما، لا أرى أن القيادات العربية، أعدت جماهيرها لمعركة سياسية، تتصاعد حتى الوصول إلى تنفيذ إضراب، بحيث يكون له رد فعل سياسي في الدولة كلها، وليس مجرد إضراب تلبية لمواقف فئات اشك بصلاحيتها لقيادة نضال جماهيرنا العربية.
 ان أخطر ما في القرارات الفوقية، عدم الحذر بأن لا يتحول الإضراب إلى مجرد كليشيه في صدر صفحة إعلانات. يؤسفني ان هذا شعوري من قرار الإضراب في 30 آذار هذا العام.
لا أجد الشارع جاهزا ، وإذا نفذ ، كما في السنوات الماضية، فهو نصف إضراب أو ما دون ذلك، نصف التزام ما ان تدق الساعة الحادية عشرة  حتى تفتح جميع المحال، عدا الكثير من المحلات التي لن تغلق أبوابها وأكثرية العمال يتوجهون إلى أعمالهم. ليس لأنهم فقدوا حسهم الوطني، بل لأن الإضراب تقرر بشكل عشوائي صبياني لا قاعدة سياسية إعلامية  لتجنيد الجماهير وراء هدف معلن وقادر على تثوير الجماهير. قيادات لا تملك أي فكر سياسي واضح، بل خليط من المواقف المتناقضة، ليست مؤهلة لقيادة مجتمعنا. 
الإضراب هو سلاح إستراتيجي، يجب عدم التفريط بأهميته. عندما يُقرر الإضراب يجب أن يكون الشارع العربي جاهزاً ليهز أركان السلطة في الدولة كلها. بينما هذا الإضراب ، بهذا الأسلوب وهذه العشوائية، لا يؤثر إلا على المجتمع العربي وبالتأكيد يلحق به الضرر السياسي والوجودي.
أن لجنة المتابعة العربية غائبة عن الجماهير، تذكرنا الآن بنفسها.. مثل عارضة فورنو... ويبدو ان الضرورة لوجودها تتقلص وتذوى نتيجة تحولها إلى لجنة منفعية تخدم شخصيات ولا تخدم قضايا مجتمعية ملحة.
لا استهتر بأهمية لجنة متابعة. السؤال كيف تتحول إلى لجنة تقود وتوجه مجمل النضال الوطني للعرب في إسرائيل، عبر رؤية سياسية إستراتيجية وليس مجرد نزوات وقرارات فوقية!!
ما اطرحه ليس جديدا، لكنه بات ملحا في السنوات الأخيرة مع تنامي الفاشية في إسرائيل.. خاصة ظاهرة قانون الإقصاء العنصري.
لجنة المتابعة لم تقم من أجل يوم الأرض فقط، قضايا المجتمع العربي في إسرائيل كثيرة وملحة جداً، وفي مجالات حيوية تحتاج إلى ملاحقة يومية، وليس إلى لجنة "حاضرة اسما وغائبة فعلا".
ما أراه أن لجنة المتابعة باتت لجنة تشريفات أكثر مما هي لجنة لتوجيه النضال، وطرح الأهداف السياسية وملاحقتها، والإعداد لمواجهة العنصرية المتفشية في مؤسسات السلطة، وفضح التشريعات العنصرية على مستوى الدولة والمستوى الدولي، وخوض معركة شعبية وبرلمانية وقانونية متواصلة لفضح الممارسات والتشريعات العنصرية المعادية للأقلية العربية.
هل سيقنعونني الآن بأن الدعوة للإضراب، ستلقى حماساً جماهيرياً، وكأنها المطر بعد الانقطاع الطويل؟!
سيكون الإضراب بلا معنى وبلا فائدة ( حتى لو نجح جزئيا) وأشبه بنزهة في الطبيعة.  لست ضد الإضراب، لكني ضد قرارات لا قعر لها، ضد قرارات لا يجري تجهيز جماهيري مسبق لتنفيذها لجعلها معلما بارزا في مواجهتنا للسلطة العنصرية!!
nabbiloudeh@gmail.com

ثغرات العالم اليوم عبر كتاب هموم داعية للإمام الغزالي (1)/ عبد القادر كعبان

ما بات يشهده الوطن العربي اليوم محزن ومخزي في آن واحد، وهذا يرجع بالدرجة الأولى إلى الذنوب التي نقترفها كبشر في حق أنفسنا أو في حق بعضنا البعض، وهذا ما دفع الكثير من أهل الإسلام للوقوع كضحايا لهادم اللذات أو الهرب بحثا عن ملجأ آمن في وطن غير وطنهم، ولكن هل وجد ذلك المسلم اللاجئ الراحة والسلام يا ترى؟!
كل هذا دفعنا لنعيد قراءة كتاب "هموم داعية" لفضيلة الشيخ محمد الغزالي الذي جعله جملة من التساؤلات الغير المباشرة فيما يخص توضيح معالم الرسالة المحمدية، التي يعتبرها رسالة وعي إنساني بالدرجة الأولى كونها جاءت لتخدم البشرية جمعاء بغض النظر عن عقائدهم وطقوسهم الدينية لقوله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" (سورة الأنبياء: الآية 107).
يفتتح الشيخ الغزالي كتابه هذا بمقدمة جاء فيها على لسانه كلاما لا يخلو من نبرة الحزن والأسى للحال الذي وصلت إليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم، في عصر عرف الازدهار والتطور التكنولوجي لكنه أبى إلا أن يعبد اللذة ويزدري الآخرة كما يقول ربنا في كتابه الكريم: "تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين" (سورة القصص: الآية 83).
جاء الباب الأول في هذا الكتاب تحت عنوان "السلفية التي نعرف ونحب" أين يشير الغزالي إلى شخصية المبلغ للرسالة العظمى – رسالة الإسلام – ويشير منذ الوهلة الأولى إلى الرسول العربي الملهم الذي واجه بإيمان صادق تلك الظلمة الكثيفة والخصومة الملتهبة، وهو يتحرك في صحراء الجزيرة العربية حاملا البلاغ المبين وكله عزم وإرادة  من فلاذ، بينما ما نراه اليوم من أقوال وأفعال المصلحين وقادة الأوطان لا يبشر بالخير، لأن إبليس قد نجح إلى حد ما في إغوائهم، حتى أن هناك دولا عربية إسلامية صارت لا تنصف المظلوم بل تقف في وجهه نصرة لمن ظلمه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين." (رواه الترمذي).
كما أشار شيخنا الجليل في عجالة إلى ماهية حاجة أمتنا المحمدية إلى منهج يصل حاضرها بغابرها، وهذا في نظره لا يكون إلا بالجماعة، فالفرد وحده لا يقدر على فعل شيء أمام أعداء الدين الحنيف، وهذا ما نشاهده اليوم للأسف فالناس باتت فرادى تبحث عن المنفعة الخاصة قبل المنفعة العامة وتناست قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه." (متفق عليه). وبالتالي أصبحت أمة التوحيد في عصرنا هذا متفرقة أمما شتى وخاضعة لعلمانية الغرب المصطنعة لأغراض دنيئة.
جاء الباب الثاني يحمل عنوانا يعكس أهمية تحكيم العقل في أمور الإنسان كلها، لأنه من وجهة نظر الكاتب هو أساس التحدث مع الناس باسم الإسلام. "لا سنة من غير فقه" عنوان يدفعنا للغوص في ثنايا فكر الشيخ محمد الغزالي لفهم فحواه، وما يثير الانتباه في هذا الجزء هو ضرورة الرجوع إلى القرآن في الأحكام الفقهية أولا، لأن الغفلة والقصور في إدراك معانيه عاهة نفسية وعقلية لا يداويها إدمان القراءة في كتب السنة أو بمعنى آخر حسن فقه السنة من حسن فقه القرآن، لأنها – بمعنى السنة -  تأتي في المرتبة الثانية.
كما يرى الغزالي هبوطا رهيبا عم الدين واللغة العربية معا، وهذا يرجع لاستحقار العرب للغتهم – لغة القرآن -  إلى حد كبير وتفضيل اللغات الأجنبية عليها وهذا هو الخنوع والإذلال بشكل آخر للعالم الغربي.
جاء الباب الثالث عنوانا على شكل تساءل لاستفزاز القارئ كما يلي "هم بنو إسرائيل.. فبنو من نحن؟"، وجاء كلام شيخنا الجليل معللا بما يفعله بنو إسرائيل منذ سنين دون كلل أو ملل، فهم يديرون المعركة على أساس ديني بحت ويستقدمون أتباع التوراة المحرفة من أراضي المشرق والمغرب قائلين لهم: "تعالوا إلى أرض الميعاد، تعالوا إلى الأرض التي كتبها الله لأبيكم إبراهيم كما أكد العهد القديم.."، وفي هذا الوقت أكد الإمام الغزالي على أن العرب وخصوصا المسلمين منهم يتعرى عن دينه بحكم التحضر والمعاصرة بينما يتسربل اليهود بعقيدتهم ويصرخون بحماس هائل: نحن أبناء التوراة وأولاد الأنبياء، نحن بنو إسرائيل..!، فأين هي نخوة المسلم يا عرب؟!

يوم يعض الظالم على يديه/ حسين محمد العراقي

لم تجن الحكومة الحالية من الحكومة  السابقة غير الفساد الأداري وميزانية خاوية و خالية لأن أدارة  السياسيين غير موزونة  ويريدون مواطن بخدمة الحكومة والبرلمان  وليس  حكومة وبرلمان بخدمة المواطن للأسف ومنهم  فائق الشيخ علي  الناكر لعراقيته بدليل كلما يطل علينا من خلال الفضائيات  يشبه نفسه بنيلسن ما ندلا تارتاً وتارتاَ أخرى يقول أنا جيفارى الثائر  كذلك يقول أنا  الوطني لأني نذرت روحي وجسدي من أجل شعب العراق علماً  أنهُ مراوغ .
 فائق الشيخ علي عندما  يظهر في التسعينات ال1998 وال1999وحتى  الألفين على تلفزيون الكويت والجزيرة ويقول  صدام  حسين أنه  ظالم ودكتاتور فما تقول اليوم على نفسك من خلال ما أنتم به ((ضياع حقوق الشعب )) وتشاهد التعليق  يظهر على الأعلام ويقول الشعب يا أيها السياسيين لا نعبد ماتعبدون لكم دينكم ولنا ديننا واليوم ضاقت بنا السُبل وطفح الكيل وبلغ السيل الزبا  زرعتم فأحصدوا ويوم يعض الظالم على يديه .
 وبالتالي  الحكومة والبرلمانيون اليوم  أوصلوا الشعب إلى مستوى الحضيض ومنه الفقر لحد أن أبكوه على ما هو به وجعلوه وقوداً وحقول للتجارب الحكومة الحالية المغالطة للحقيقة والحقيقة هي ضياع حقوق الإنسان العراقي .
 أفعال تناقض الأقوال  و اليوم على القضاء أن يكون عادل ويقول لهم  أنتم صنعتم شراب الخيانة على هذا  الشعب المظلوم   فذوقوا كأسها ويحاسب كل مقصر بعمله  وظلم هذا الشعب لأن القضاء هو صوت الله في الأرض .
لقد أبكوا المسيحي ولم يرحموا المسلم وهجروا الأيزيدي  ولم يُشبع نهمهم السلطوي ويكتفوا  فشردوا السني   وجوعوا الشيعي ومن خلالهم الشعب أُصيب بخيبة أمل اليوم  وأصبح تأريخ أسود بحياة العراقيين  وجعلوا اقلامنا لا تكتب إلا الأيلام والمواجع  من خلال أعمالهم  وأدارة  سياستهم  تجاه الشعب نحنُ نعيش بأيام خلت من كل شيء طيب يصب لصالح المواطن العراقي وحتى  رواتب الموظفين والمتقاعدين يُعتدى عليها  بالقصف كل شهر  وعلينا أن لا نغالط الحقيقة  وجعلونا مجتمع  قاسي لا تحترمه الحكومات والشعوب وأصبحنا اليوم في مأزق مذهل و يريدون يقتلونا اليوم كما قُتل الناس بالأمس.
العراقيين الذين ودعوا الحياة عن طريق الارهاب وداعش وبات العراق اليوم تحت مظلة الأرهاب  مؤامرة دبرت بليل علينا  وسوف يُسئلون أمام الله  وبالتالي دولة أنسلخت عن شعبها فخلف الأنسلاخ  بدليل تظاهرات ذهبت بأبعد ما يكون للمطالبة بحقوق الشعب والشمس لا تُحجب بغربال أن إيران أُس البلاء والأبتلاء على شعب العراق  وكل ما يدور ويحصل فهو على جراحات الشعب العراقي المسكين والوضع الحالي حاصل به تجاذبات  سياسية خطيرة تمر بالبلد ......

كفاية ..المشرحة مش ناقصة قتلى/ الدكتور ماهر حبيب

اللهم إكفنى شر أصدقائى أما أعدائى فأنا كفيل بهم
هكذا أصبح المصريون أعدى أعداء مصر يهبطون بها إلى مستنقع الفشل بجدارة وأصبح المصريون أكبر خونة لمصر.
فالمصرى الفاسد يخون مصر ويزيد من جراحاتها...
والشرطى الفاسد يفقد ثقة العالم في مصر فينصرف عنها
والسياسي الفاشل يخون مصر نظرا للصورة المهترئة التي يقدمها أمام العالم فنفتقد لثقته ونصير كدولة مارقة
وتاجر العملة ينصب على مصر ويتاجر بإقتصادها
والمصرفى الخايب يقدم النصائح الفاشلة التي تدمر الإقتصاد
والمحامى عاشق الشهرة يستل قانون إزدراء الأديان ليحكم المجتمع بالقهر
ورجل الدين السياسي يقود البلاد للدولة الدينية
والبرلمانى قليل الخبرة يقود للصدام مع العالم المتحضر
والخبراء الأمنيين الحاليين والسابقين يغسلون الأدمغة و يضللون الناس
والإعلاميين المخبرين يطبلون ويزمرون
والمدرس الذى يدير العملية التعليمية على مزاجه فيدمر الأجيال القادمة
والطبيب الذى لا يعمل لقصور الإمكانات وإحساسه بالغبن
والموظف المرتشى يدعى أنه أشرف من الشرف
والإخوانى يتمنى زوال كل المصريين فيما عداه
والسلفى يحلم بدخوله الجنة ودخول باقى المصريين إلى النار
والقبطى يمشى جنب الحيط حتى لو تنازل عن ديره ويعيش في سلبية تكبير الدماغ
و حتى المريض النفسى يخطف طيارة بدون سلاح أو حتى كيس بمب ويلبس مصر كلها في الحيط
وهكذا وهكذا وهكذا وكثير من الأمثلة لمصريين يدعون أنهم يحبون بلدهم وهم في الواقع يرقدون في قاع السفينة وكل واحد ينخر في القاع والمياة تتسرب للسفينة وفى طريقها للغرق والجميع يلومون الجميع ولا أحد يمد يده لسد الشروخ وهم يتنافسون في الشر ويضرون بمصر إلى الدرجة التي يتوقف أعداء مصر عن محاولة أذيتها فالمصريون يقومون بالواجب وزيادة
توقفوا يا مصريين عن ما تفعلوه في مصر فالمشرحة مش ناقصة قتلى

الشعب الفلسطيني توحده الارض والمقاومة/ ابراهيم الشيخ

في الثلاثين من اذار من كل عام يحتفل الشعب الفلسطيني بيوم الارض التي يخضبها الشهداء بدماءهم كل يوم، هذه الارض التي يدافع عنها ابناءها بدماءهم، مهر هذه الارض الغالية، بينما هناك سلطة فلسطينية مازالت تراوح مكانها، وتعبث بمستقبل الشعب الفلسطيني وانتظار مفاوضات لن تحقق ما يسعى اليه هذا الشعب وهو دحر الاحتلال عن أرض       فلسطين. 
دأبت سلطة اوسلو منذ نشأتها على تقديم الولاء والطاعة للمحتل الاسرائيلي، وذلك من خلال اتفاقية اوسلو التي ادت الى انشاء هذه السلطة التي تقدم الخدمات للمحتل الاسرائيلي،  اخذت دولة الاحتلال من اتفاقية اوسلو ما يناسبها وخاصة الشق الامني منها، لذلك هي معنية بعدم انهيار هذه السلطة التي تحميه من اعمال المقاومة، وذلك من خلال التنسيق الامني المقدس لهذه السلطة وخاصة لرئيسها محمود عباس، الذي لا يترك فرصة الا ويطمئن دولة الاحتلال الاسرائيلي بانه لن يكون هناك اي انتفاضة، وليس هذا فقط وانما يعتبر هذه السلطة انجازا، ولكن على اغلب الظن انها تشكل انجازا كبيرا لدولة الاحتلال الصهيوني التي تعتبر انهيار السلطة كابوسا مزعجا لها.
وهذا ان دل على شيء انما يدل على مدى وفاء هذه السلطة للشروط الاسرائيلية، وتعمل هذه السلطة على شرذمة الشعب الفلسطيني بين الداخل والخارج، بين ضفة وغزة.
وكلنا يعرف تصرف السلطة التي لا تشارك في جنازات الشهداء، وكأنهم ليسوا من هذا الشعب انما مواطنين دولة اخرى، وكل ذلك ارضاءً لهذا المحتل الغاصب، ولكن في المقابل  لا تحصل هذه السلطة على اي شيء من الممكن ان يفيد الشعب الفلسطيني، انما تحصل على منافع وتسهيلات للأشخاص المتنفذين في هذه السلطة، وتستمر السلطة بسياستها المتجاهلة لطموحات شعبها الذي يريد استرداد حقوقه بالمقاومة وبكافة اشكالها.
 ان الشعب الفلسطيني الذي بقي على ارضه في الجليل والمناطق الاخرى يعبر دائما وفي كل مناسبة وطنية عن رفضه لدولة الاحتلال وترفع الاعلام الفلسطينية في مناطق الداخل الفلسطيني أي أراضي 48 كما يحلو للبعض تسميتها، ترفع الاعلام الفلسطينية كدليل على ان اصحاب هذه الارض ما زالوا متمسكين بها ويجمعهم هذا العلم بغض النظر عن مكان وجودهم في ارض الجليل ام في الضفة ام في قطاع غزة ام في الشتات.
ان سياسة التعسف والقهر التي تمارسها دولة الاحتلال العنصرية التي تسعى الى طرح حلول تهدف الى نزع الشرعية عن سكان الارض الاصليين من خلال طرح قبول يهودية الدولة من قبل الطرف الفلسطيني المفاوض، لكي يكون باستطاعتها مستقبلا تهجير ما تبقى من سكان فلسطين الاصليين أو الانتقاص من حقوقهم في المستقبل. 
ان يهودية الدولة حل غير مقبول من فلسطينيي الداخل الذين سيكونون الخاسر الاكبر، وهذا الحل يمس بمستقبلهم على هذه الارض، وكذلك السلطة الفلسطينية يجب عليها ان تحارب وبحزم هكذا حلول، وافهام اسرائيل بأن طرح يهودية الدولة من الخطوط الحمراء التي لا يمكن للسلطة الموافقة عليها لانها تمس بمستقبل ووجود مليون ونصف فلسطيني.  
فالفلسطيني وخاصة اللاجئ الذي يعيش في المنافي القريبة والبعيدة عن أرض فلسطين، عندما يقول فلسطين فإنه يقصد ارض فلسطين أي كامل فلسطين التاريخية، وليس فقط الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وخاصة ان السلطة الفلسطينية ومن خلال سياستها التفاوضية الاستسلامية تزرع في نفوس الفلسطينيين وفي عقولهم بأن دولة فلسطين ستقام في هذه المناطق دون النظر والعودة الى القرارات الدولية، وخاصة قرار التقسيم رقم181  والقرار 194 اللذان ينصان على حق اللاجئين وحقهم بالعودة الى ديارهم التي هُجروا منها قسرأ بسبب سياسة القتل والمجازر وهدم البيوت التي كان هدفها اجبار الفلسطينيين سكان الارض الحقيقيين على الهجرة وجلب اليهود من كل بقاع الارض الى فلسطين.
ان القضية الفلسطينية ليست قضية الاراضي التي تقع تحت الاحتلال فقط، وانما قضية مليون ونصف المليون فلسطيني الذين يعيشون ضمن دولة ما تسمى إسرائيل، ويجب على اي سلطة فلسطينية حالية أو قادمة على عدم تجاهل وجدودهم وعل انهم تابعين لدولة الاحتلال، وان لا تتصرف وكأن مشاكلهم ومستقبلهم لا يعنيها فهم جزء من الشعب الفلسطيني، وان نضال هؤلاء لا يقل اهمية عن نضال الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية من خلال الدفاع عن الارض الفلسطينية وافشال المشروع الصهيوني على ارض فلسطين. 
ان مقاومة الفلسطينيين الذين يعيشون على ارضهم في فلسطين التاريخية وتشبثهم بها ورفضهم لهذا الكيان الغاصب لهي دليل على ان الشعب الفلسطيني واحد، وان سياسة دولة الاحتلال التي تحاول شق وحدته ان كان ذلك في الداخل الفلسطيني او في المناطق المحتلة عام  1967  قد فشلت من منع ابن غزة او ابن الضفة التضامن مع ابن الجليل الفلسطيني وبالعكس.
ان الرد على دولة يكون بالتضامن والوحدة بين مكونات الشعب الفلسطيني بغض النظر عن مكان وجوده ومحاربة هذا العدو بجميع انواع المقاومة التي تشكل الرد المناسب على عنجهيته وعدم الاذعان له، فمقاومة الاحتلال هي حق لكل الشعوب التي ترزح تحت الاحتلال، والشعب الفلسطيني ليس استثناءً. 

حكاية عروس اسمها فلسطين لن ننساها 5/ موسى مرعي

الجزء الخامس                    
ان زيادة الهجرات الصهيونية الى فلسطين قد أثارت الخوف والقلق في اوساط الفلسطينيين  . وايضا أثر توافد المهاجرين اليهود على الباقين في الأوروبيتين الغربية والشرقية وخاصة بولندا , وقد أدى الوضع الى تدهور أحوال معيشتهم وتدهور الوضع الاقتصادي لأن المنظمة الصهيونية كانت تدفع لليهود الفقراء وللعاطلين عن العمل مساعدات مالية وكان اليهود ولم يزالوا معفيين من دفع الضرائب في اوروبا وامريكا واستراليا لانهم يدفعون لفقرائهم المنتشرون في العالم , لذلك بدأت المنظمة الصهيونية تضايق العمال اليهود وأصحاب الحرف والمستثمرين الصغار كي تجبرهم على الهجرة الى فلسطين مقابل مبلغ مال  يدفع لكل مهاجر مع تأمين عمل وسكن والملبس والمأكل . وقد نجحت المنظمة الصهيونية بترويج فكرة أرض الميعاد وسوف تجري من تحت أقدامهم أنهار من اللبن والعسل , لذلك نجد السياسة الصهيونية قد أجبرت اليهود في اوروبا على الانصياع للصهيونية . وقد بدأت الهجرة تتزايد ما قبل الحرب العالمية الثانية من بريطانيا والمانيا والدول الاسكندنافية شمال اوروبا الغربية ومن اوروبا الشرقية وبالذات من بولندا ( بولونيا ) وفي عام 1933 قد آلت زعامة الحركة الفلسطينية الى الشيخ أمين الحسيني مفتي القدس . وقد تعرض الحسيني لضغوط متزايدة من جانب الجماهير الفلسطينية ولعجزه عن الوقوف بصلابة الازمة في وجه البريطانيين والهجرة الصهيونية , ولذلك انعكس التوتر السياسي في فلسطين والمنطقة من جوار فلسطين بانشاء خمسة أحزاب فلسطينية سياسية جديدة خلال الفترة ما بين عام 1932 وعام 1935 وفي لبنان تأسس حزب من أقوى الاحزاب في المنطقة كلها هو الحزب السوري القومي الاجتماعي أسسه أنطون سعاده في 16 تشرين الثاني وأعلن عنه في 16 تشرين الثاني عام 1935 وهذا الحزب الوحيد الذي عمل على حماية فلسطين وتحذير المنطقة من مخطط سايكس – بيكو ومحذرا من وعد بلفور وقد وقف الحزب القومي ضد الهجرة اليهودية بحزم . واستطاع مؤسس الحزب أنطون سعاده أن يضج مضاجع القيادات الصهيونية العالمية وقيادات دول الانتداب البريطاني الفرنسي ومن تعامل معهم من قيادات المنطقة العربية , وقد بدأ يتضح بالاجماع العام لهذه الاحزاب بعد الجهود السياسية والدبلوماسية أنها باتت عديمة الفعالية باستثناء الحزب القومي وقد أثبت هذا الحزب عن جدارة وعقيدة أنه قادر على مواجهة الاستعمار ووعد بلفور وبالتحديد عام 1935 و 1936 كان مؤسس الحزب في قبضة حكومة الانتداب الفرنسي حيث انه اعتقل مرتين  في لبنان  , من داخل سجنه وخلف القضبان استطاع انطون سعاده ان يستنفر الهمم النائمة من الاحزاب التي تأسست في فلسطين من أجل مواجهة اليهود والاحتلال البريطاني عبر ندائه الى عناصر حزبه القوميون  في خطاب موجه للحزب وللامة والقيادات  والاحزاب والحركات الثورية في فلسطين والعالم العربي  , وقد استطعنا ان نحصل على جزء من خطابه الذي نادى به أبناء الامة : ان الثورة هي التي تثبت هوية الشعب الفلسطيني وحقيقته . وهم أبناء هذه الامة ان هذا العدو الغازي لا يفهم لغة السياسة ولا الحوار وأي حوار يدعون اليه , هل نتحاور مع أعدائنا من أجل حقنا القومي , أنهم لا يفهمون سوى لغة القوة . يا أبناء امتي ان الدماء التي تجري في عروقنا هي عينها ليست ملكا لنا بل وديعة الامة بنا متى طلبتها وجدتها , وقد وجه كلمة الى اللبنانيين وقال لعلكم ستسمعون أن انقاذ فلسطين أمر لا دخل للبنانيين فيه . لقد عرف من سيكون القائل وأجابه مقدما واكمل خطابه , ان انقاذ فلسطين هو أمر لبناني في الصميم لان الخطر اليهودي على فلسطين هو خطر على الامة كلها هو خطر على جميع الكيانات . وقد علق على وعد بلفور ومخطط سايكس – بيكو وتسليم فلسطين لليهود وتقسيم الامة السورية الى سلطتين استعماريتين بين فرنسا وبريطانيا , استطاع أنطون سعاده أن يوقظ الهمم النائمة بالرغم من ان المنطقة كلها كانت تخضع للاستعمار وقد استنفر أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي في فلسطين وخارج فلسطين والتحق العديد من مقاتلي الحزب بالفرق الفلسطينية وكانت قد بدأت الثورة الفلسطينية  المسلحة  قي تشرين الثاني عام 1935 , وقد توحدت الاحزاب الفلسطينية والاحزاب ومقاتلي الحزب جبهة واحدة وخاضوا اشرس المعارك مع العدو البريطاني واليهودي وقد شهدت قياداة فلسطينية وغير فلسطينية بقوة وهمة المقاتل القومي والمعنويات التي كان يتمتع بها المقاتل . لقد قاتل القوميون والثوار الفلسطينيون قتالا شرسا الى ان استدعى الامر لدى حكومة الانتداب لاستخدام الطائرات الحربية الى جانب استدعاء جنود احتياط من الهند ومن مصر , في ديسمبر 1936 , اقترحت الادارة البريطانية في فلسطين في محاولة أخيرة منها لتهدئة خواطر الفلسطينيين وانهاء الثورة الباسلة التي أجبرت البريطانيين الاعتراف بقوة وشراسة الثوار اي المقاتلين ومن بينهم الحزب القومي الذي كان يقود الحرب قائد لواء الاسكندرون الشهيد محمد سعيد شهاب الملقب ( العاص ) لانه من منطقة القاع من قرية جانب نهر العاص وقد استشهد في جبل الخضر في بيت لحم مع عدد من جنود لوائه وكانوا معظمهم من الحزب انتسبوا على يده وعدد من الرفقاء الذين التحقوا معه في فلسطين  ومن الشام لبنان والاردن . المهم دعت بريطانيا الى تشكيل مجلس تشريعي يتالف من 38 عضو نصفهم من الفلسطينيين وكانوا الفلسطينيون يشكلون وقتها اكثر من 75 بالمئة من مجموع السكان ,  فقد أعربوا استعدادهم بدافع اليأس لقبول هذا الاقتراح لكن عندما بدأ مجلس العموم البريطاني البحث في الموضوع , واضطرت الحكومة البريطانية الى سحب الاقتراح بسبب الهجمات العنيفة التي وجهها ضدها البرلمان من مناصري الصهاينة بحجة ان مثل هذا الاقتراح كفيل باعاقة تأسيس الوطن القومي اليهودي وكان ذلك بالنسبة الى الفلسطينيين بمثابة الاستحالة اعتمادهم على نزاهة بريطانيا في التعامل معهم . ( يتبع )     
المعلومات موثقة من الارشيف الفلسطيني 
الحزب السوري القومي الاجتماعي : برئاسة الرفيق الدكتور علي حيدر جزيل الاحترام  \ مفوضية سيدني المستقلة : أعدها الرفيق موسى مرعي 

صباح غير مناسب للخطف/ إيمان حجازى

سوف يذكر التاريخ أنه فى صباح يوم الثلاثاء الموافق 29 مارس 2016 تم إختطاف طائرة مصرية تابعة لشركة مصر للطيران من خاطف مجهول الهوية و توجيهها قسرا الى الهبوط بمطار لارنكا بقبرص بدلا من مطار القاهرة 

وسوف يذكر التاريخ أن هذا الخاطف كان رحيم القلب جدا وقد أطلق سراح الأطفال والنساء سريعا وهذا قبل أن يطلق سراح باقى الركاب بعد ذلك بسويعات قلائل 

أيضا سوف يذكر التاريخ أن الخاطف الذى أعلن أنه يلف جسده بحزام ناسف , وهو الشىء المستغرب جدا وخاصة بعد تعرضه لأجهزة التفتيش عند عبوره بوابات المطار , لم يكن له طلبات سياسية 

وكذلك سيذكر التاريخ الموقف المشرف لرباطة جأش طاقم الطائرة وفريق عملها فى التعامل مع هذا الموقف 

والأكثر طرافة ما سيذكره التاريخ من إلتقاط أحد الركاب الأجانب صورة سيلفى له وللخاطف يظهر فيها الحزام المفترض أنه ناسف , بينما الراكب الأجنبى يبتسم إبتسامة عريضة 

ولكن كل ما فات حمادة وموقف الوزير الهمام , وزير السياحة , حمادة تانى خالص , فقد عقد مؤتمرا صحفيا مبهما بعد إختظاف الطائرة بعدة ساعات وتحديدا الساعة الحادية عشر ظهر يوم الثلاثاء , لا ليقول شيئا , وإنما لمجرد أن يقول عبارتان صاغهما بطريقتين مختلفتين ولكن مفادهما واحد وهما 
ـ لا أعرف 
ـ ولا أستطيع الإدلاء بمعلومات فى هذا الخصوص فى الوقت الراهن 

كما طلب من الحضور أن يتركوهم يعملو , ولست أدرى من الذى إقترح على سيادته ترك العمل , بذات نفسه , ليخرج أمام الكاميرات لمجرد أن يتفوه بهذه التفاهات فى هذا الوقت الحرج !!!!!

غير أنه للحق لفت نظر الحضور الى نقطة هامة جدا , غير أنى لا أعرف لماذا وكيف طرأت الى ذهنه فى هذا الوقت العصيب أو الذى يفترض أن يكون عصيبا, إلا لو كان قد عزم على إعلانها أصلا وأنها السبب الأساسى لهذا المؤتمر الذى هو فى حقيقة الأمر وفى هذه الظروف كان مضيعة للوقت 
أما عن هذه الإلتفاتة فقد كانت أن سيادته إفترض فرضية بعيدة جدا فى مثل هذه المواقف , ألا وهى إحتمالية أن يكون الحزام الناسف هيكليا !!!!!! وقد حملت هذه الإطروحة العديد من علامات الإستفهام والتعجب 
فحتى وإن كانت كفكرة مطروحة فى غرفة العمليات , على غرابتها ورفضها فى مثل تلك الظروف , لكنها تظل فرضية غير قابلة للخروج بصفة عامة , ناهيك عن الطرح على العموم فى ظروف حرجة وحساسة مثل التى كان يمر الشعب بها فى هذا الوقت 
والسؤال الذى أرقنى وأدهشنى فعلا هو من أين أتت هذه الفكرة لسيادته ؟
غير أن أكثر ما يشغلنى كمواطن أن هذه الفكرة التى أثبتت صحتها , فيما بعد , سوف ترسى قاعدة للتعامل فيما يستجد , لا قدر الله , وسوف نجد من يتعامل مع الكثير من الأحداث التى قد تتشابه على أنها وهمية أو غير ذات جدوى , وأخشى ما أخشاه أن يكلفنا هذا فى المستقبل الكثير والكثير 

وأخيرا سوف يذكر التاريخ أننا كبلد وحكومة وشعب كنا نحاول مرارا وتكرارا إستسماح العالم كى يعود أدراجه للسياحة بتاريخنا وآثارنا ومعالمنا وخاصة بعد سنوات محاربة الإرهاب والتى كان آخرها ما تعرضنا له من أحكام أثرت على حركة السياحة والطيران قبيل إنفجار الطائرة الروسية بأجوائنا , وقد بذلنا الكثير فى هذا السبيل , وبمجرد أن بدأت تنقشع الغمة ولو قليلا جاء هذا الحادث الذى لم يصنف للآن وقد هدم جدار الثقة الذى ظللنا نبنيه ليال وأيام 

سوف يذكر التاريخ أن ما تكبده إقتصادنا وسياحتنا من هذا التصرف الأهوج كان 
ـ إعلان بعض الدول الأجنبية مصر منطقة غير آمنة , بعد أن كانت تعانى من الإرهاب 
ـ قيام روسيا بإلغاء رحلات الطيران , التى كانت قد وعدت بإعادتها الى مصر , الى أجل غير مسمى 


وهنا نجد أنفسنا نقف لنقولها كلمة مثلما قالها نيل أرمسترونج عندما هبط أول إنسان على سطح القمر ,, هى خطوة فى سبيل الغباء والتخلف قام بها إنسان غير مسئول فى بلد يعانى ويكابد الفقر والجهل والغباء ليتعامل معها أناس ليسو على مستوى المسئولية ليتحمل تبعاتها شعب لم يعد قادرا على التعامل مع كثير ما منى به من النكبات 

والله وحده القادر على رفع البلاء 

لعله يعود مثل الحملان/ حسن العاصي


كاتب فلسطيني مقيم في الدانمرك

فوق الرابية البعيدة
رقدتْ تحت شجرة السرو العتيقة
تنتظر أن يلامس الصبح السحاب
كأنّ انكسار الشجر خرج
من غمد النهر
أنجبتْ بعد طلقٍ حزين
أرضعته جناج القمر
ورقصة النوارس الشمالية
كانت تقطف بياض الريح
من بيادر السنونو
تطحن وجعها وتخبز دموعها
تطعمه رحيق المواعيد
بنكهة ندى الحبق
وعيونها تلمع وترقص 
كخيل البراري
كان يجري خلف الفراشات
من النبع إلى الباب الخشبي
حين مرّت مراكب القيامة
في الدروب الهرمة
أخرجت الطاس العتيق
ورشقت خطاه بسبّابتها
خرج من جلد المآتم
قبّلَ ماء عينيها
أدركت أنه لن يعود
بكت
ارتجف صدره ومضى
ركض نحو بشارة الوعد
على التلة الشرقية
انفصلت ورقة جذعه
حين سقط
نفضت شجرها من حولها
جرت نحوه تصيح
وأظافرها تمشّط دموع خدودها
وجدته يرقد طريحاً
على حواف النهار الآتي
وطيور الثلج تحلّق حوله
وضعت رأسه في حجرها
بكت حزنها وخبزها
بكت كثيراً
في وحشة الوجد
ضاعت ملامحها
وما زالت تنتظره
تبحث عنه في زهر الرمان
لا تمل من الانتظار
تجثو فوق التل الوحيد
لعله يعود مثل الحملان الصغيرة
إلى عشب أمه

حوار بين عقلي وعاطفتي/ عيسى القنصل


ارى عقلي  

بعمق  الفكر يسألني  
لماذا دمعتي  سيل  ُ  على   خدي  
لماذا  دائما  ابكى  
طوال اليوم  مكتئبا  ً 

وفى وجع ٍ وفى وجــد  ِ 

على ماض  ٍ  يلاحقنا  

فراغا ً صار  فى اليـــد ِ  
   إلا بعضا ً  من  الايمان  يرجعني  الى رشدي  
  ويفهمني  
بان  العمر َ  مهزلة  ُ  
فلا  يغنى  ولا  يجــدي  

مصير  ُ   الكل  ِ  مقبرة  ُ

ونوم  ُ فى عميق  الارض  واللحـــد ِ 
 ويسمُعني  
عن   الاموات  قصتهم  

عن  الاحياء  رغبتهـم  

مزيد  المال  والرغـــد ِ 

سيأتي الموت  ُ  يأخذ نا 
فلا  يبقى لنا امل  ُ  ولا  عمر  ُ  

فمن  طفل ٍ  بحلمته  
وامرأة ٍ  كامرأتي ..  تود ُ  العيش فى ود ِ 

الى عمر ٍ  كعمر  الاب  والجد  ِ 

سيأتي  الموت  ُ ياخذنا 
  فلا اسف  ُ  على الاعمار  اجمعها  

مصير  الكل  ِ  تابوت  ُ  

وأكفان  ُ  وصمت  ُ  داخل  اللحد  ِ 
انا  يا  عقل  ُ  مجنون  ُ  

فلا  ادرى  بما  تدري  

فلي  قلب  ُ  يعيش  العمر مرتديا  ً  

ثياب  الدمع  والآهات والنكـــد ِ  

فلا عطر  ُ  بثغر  الورد  تنشقه
ولا  نسعى لقطف  العطر من  ورد  ِ 

نهاد ُ ايا وجعي ويا  عمري  

تركتني   بعمق  الدرب  مرميا  ً  

فلا ماء  ُ  لتسقيني  

ولا  ثوب  ُ  على جسدي  

سيبقى خافقي  يبكى  
وابقى دائما  امضى  لمقبرتي  
ليوم  الدين  والوعـــــــــــــد ِ 

ملحمة كلكامش للكاتب الأب يوسف جزراوي/ نوميديا جرّوفي

الباحثة الجزائرية نوميديا جرّوفي/ الجزائر
(ملحمة كلكامش) يصحّ أن نسميها أيضا بأوديسة العراق القديم، يضمّها الباحثون و مؤرّخو الأدب لشوامخ الأدب العالمي، و هي أقدم نوع من أدب الملاحم البطولي في تاريخ جميع الحضارات، وإلى هذا فهي أطول و أكمل ملحمة عرفتها حضارة الشرق، و ليس ما يضاهيها أو يُقارن من آداب الحضارات القديمة قبل اليونان، و مع أنّ الملحمة دُوّنت قبل 4000 عام و ترجع حقبة حوادثها إلى أزمان أخرى أبعد، و ما تزال خالدة ذات جاذبية إنسانية عامّة في جميع الأزمنة و الأمكنة، لأنّ القضايا التي عالجتها لا تزال تشغل بال الإنسان و تفكيره على مرّ العصور.
فهذه الملحمة البطولية عالجت قضايا إنسانية عامّة كإشكالية الحياة و الموت و ما بعد الموت والخلود.. و مثّلت الحياة أكثر من الموت كما جاءت دراسة الأب (يوسف جزراوي) في قراءته الجديدة للمعاني الإنسانية في الملحمة.
''هو الذي رأى كلّ شيء حتى نهايات الأرض، هو الذي عرف كلّ شيء و تضلّع بكلّ شيء، سيّد الحكمة الذي بكلّ شيء تعمّق،رأى أسرارا خافية، و كشف أمورا خبيئة و جاءنا بأخبار عن زمان ما قبل الطوفان، مضى على سفر طويل، و حلّ به الضّنى و العياء، و نقش في لوح من الحجر كلّ أسفاره''(ملحمة كلكامش-العمود الأول) بهذه الكلمات بدأت ملحمة كلكامش لراو مجهول، و هي أقدم نصّ أدبيّ من حضارة العراق القديم في بلاد وادي الرافدين.
لم يتطرّق الباحثون إلى ملحمة كلكامش من جانبها الإنساني إلاّ باختصار تامّ.
و الجديد في دراسة (الأب يوسف جزراوي) أنّ البطل الحقيقي في الملحمة هو إنكيدو و ليس كلكامش، إذ أنّ حدث موت إنكيدو يُعدّ المحرّك الرئيسي و الأساسي في حياة كلكامش، فلولا موت إنكيدو لما انكشف الوجه الآخر لكلكامش في سعيه و بحثه عن الخلود و لولا إنكيدو لما أدرك كلكامش قيمة الحياة و تعلّقه بها.
لقد ساهم إنكيدو أثناء حياته كما في موته على ترسيخ شخصية كلكامش و تعميق هويّته الإنسانية و تعزيز انتمائه و بالتالي تفعيل خلوده الحياتي الأبديّ.
و كلكامش ابن الرافدين، تعمّق لديه مفهوم الإنسان و برزت أهميّة الآخر و تعالى صوت الحياة في أعماقه من خلال مرض رفيق دربه و صديقه و معلّمه إنكيدو و موته.
و من خلال تغرّب كلكامش عن أوروك أدرك قيمة الأرض و أهمية الوطن في مرافئ الغربة، فقرّر أن يكون خالدا في ذاكرة شعبه متّخذا من أوروك موطنا لخلوده.
هي قصّة و ملحمة تحمل في طيّاتها معاني بارزة، هدفها إنساني و روحي بحت، و هي مثال و نموذج حيّ و واقعي، بطلها إنكيدو قدوة و مثال، و رفيقه كلكامش رمز.
إنّ قصّة كهذه تقدّم الإنسان كرمز، و لا تعني أن مطلقا أنّ الشخص من أوّل لحظة من حياته و حتى آخر لحظة هو إنسان كامل، بل يصير، لأنّ الإنسان بشر من لحم و دم، له اختياراته الصالحة و الطالحة و نقائصه و أخطاؤه و خطاياه.
كان إنكيدو معلّما منذ أن أشاد به، بعد أن سقط تحت قبضة هذا الأخير، و منذ أن سكن معه القصر كمرشد و ناصح ثمّ استكمل الدّور لحظة الممات و من بعدها. فواقعة موته كانت بداية حقيقية لنهوض الإنسان كلكامش من سباته الحياتي، لأنّ كلكامش شهد موت العديد من البشر في مملكته دون أن يكترث أو يقيم للموت اعتبارا لكنّ الخوف غزا قلبه لحظة فقدانه معلّمه الإنساني إنكيدو. الذي علّمه كيف أنّ الإنسان دُعي ليكون في كثرة متحابّة، و كيف يكون إنسانا خالدا، لا خلودا جسديّا، بل خلودا حياتيا بواسطة الأثر الذي يطبعه في نفوس الآخرين، و المنجزات التي يصنعها على أرض الحياة، لأنّه في يوم ما سينتفي وجوده من هذه الدّنيا.
إنّ كلكامش الإنسان العراقي إنطلاقا من حبّه للحياة و ديمومة البقاء. نراه يُفضّل طريق اكتشاف لغز الحياة بنفسه، فيسعى للتخلّص من ترهّله الحياتي و تصحّره الفكري و يبوسته الإنسانيّة، لأنّ كلكامش كان يعرف أشياء كثيرة دون أن يركها و يحبّها، لأنّ الإدراك و الوعي هما الحبّ، فقرّر أن يغدو وعيه حبّا و خلودا، لهذا يرحل و يتغرّب و يختبر و يكتشف حكمة الوجود و قيمة الحياة و أهميّة الآخر في تحقيق إنسانيته التي تعدّ من الطّرقات المؤديّة لبوابة الخلود، فيأتي بهذا الدّليل القاطع مُنصاعا حتّى مدينته، فمجّدته كلّ الأجيال على مرّ العصور.
ملحمة كلكامش تعدّ تأريخ عريق لحضارة الإنسان العراقي القديم.
الدّراسة التحليليّة التأمليّة للأب يوسف جزراوي تُعدّ دراسة تأملية حيث سجّل فيها ما مسّه إنسانيّا من الملحمة، حيث يبدأ الإنسان بمراجعة الذات فيها و محاورتها، ليكتشف سرّ الحياة مع كلكامش و سرّ الإنسان مع إنكيدو الصّائر إنسانا.
من خلال الملحمة نرى كيف تحوّل صراع إنكيدو و قتاله مع كلكامش الملك المتسلّط، إلى صداقة عميقة، إذ أنّ المحبة تتولّد و الصّداقة تنشأ بين الإثنين، فنلاحظ كيف يصبح إنكيدو السّاعد الأيمن لكلكامش و شيفه الضّارب في مواجهة الشرّ، حتى صار يعيش حياته في سبيل صديقة كلكامش، يقاسمه حلو الحياة و مرّها.
من هو كلكامش و من هو إنكيدو؟
كلكامش هو ابن للآلهة ننسونا، حملت به من ملك أوروك لوجال، فجاء كلكامش ثلثه إنسان و ثلثاه إله. إمتاز بخصائص جسمانية و عقلية أهّلته ليتفوّق على جميع رجال عصره. أصبح ملكا لأوروك في مقتبل عمره. فطغى و بغى بجبروته، وضيّق الخناق على أبناء مملكته حتّى ضاقت بهم السّبل من سياسته الهوجاء، فرفعوا شكواهم إلى الآلهة يطلبون العون و الخلاص، بغية أن تُعيد الآلهة ملكهم الأرعن إلى جادّة الصّواب.
قامت الآلهة الخلاّقة بخلق إنكيدو من قبضة الطين ليكون ندّا قويّا لكلكامش يوازيه في القوّة والحكمة ، ليدخلا في تنافس و اقتتال يجعلان كلكامش منشغلا عن أبناء مملكته.
نشأ إنكيدو في البراري في البداية مع الغزلان، يطوف مع القطعان كواحد منها.
المغزى من دراسة الملحمة
البطل الحقيقي للملحمة لم يكن كلكامش، بل إنكيدو، على خلاف ما هو متعارف عليه، إنكيدو الذي تعدّ حادثة موته المحرّك الأساس في الملحمة، لا بل موته يُعدّ المادّة التي تبنى عليها الأحداث الدّرامية، فلولا موت إنكيدو لما انكشف الوجه الآخر للحياة أمام كلكامش و لما ظهر الإنسان في كلكامش. لولا موت إنكيدو لما هام كلكامش على وجهه في البراري باحثا عن مغزى الحياة و سرّ الخلود.
إنكيدو هو المحرّك الأساسي في حياة كلكامش و معلّمه و مفجّر طاقاته و مشذّب أطباعه و حياته و سبب خلوده.
المرء بحسب وصف ملحمة كلكامش يتأنّس بحضور الآخر، بل إنّه يعتاز إليه كيانيّا لتحقيق غايته القصوى في الكمال، بواسطته يخرج من عزلته الإنفرادية الخانقة و أنانيّته البغيضة.
يُعلّما إنكيدو أنّ مبدأ المبادئ هو قبول الآخر كما يعرض نفسه بصدق و عفويّة، بحيث يتمّ الانتقال من الفكرة و الصورة المكوّنة عن الآخر إلى الآخر نفسه، لذا نجد إنكيدو بعد صراعه مع كلكامش يعارض اختزال و تحجيم كلكامش في أطر و قوالب صوريّة ثابتة كان قد تلقّاها من كاهنة الحبّ.
نفهم من الفكر الفلسفي الإنساني في ملحمة الرافدين الخالدة إنّ الآخر يساعدنا كأشخاص على تلمّس معاني الوجود و تحسّس الذّات و تلمّسها و صقلها وصولا إلى تحقي يلازمه تعاون الآخر، أي أنّ ترويض الذات وصنعها يظلّ ناقصا و مشوّها بلا حضور و مشاركة الآخر و هنا تنجلي أهميّة الآخر في تحقيق التكامل الإنساني لابن العراق القديم كلكامش.
لقد صقل إنكيدو شخصية كلكامش و فتح له الأبواب ليعي خصوصيته الذّاتية و فرادته الشخصية، مكرّسا سلطته لخير الآخرين، إذ بفضل إنكيدو يغدو كلكامش الرمز الفرد، النموذج الذي يمكن لأيّة شخصية في الجماعة أن تتشكّل وفقه، و تنسج على منواله، ليغدو المجتمع فاضلا، حرّا و متكاتفا.
لقد أتاح حضور إنكيدو في حياة كلكامش استيعاب نشوة الإنجاز الجماعي بدلا من الفردي، في عمليّة إنتقال من الفردية إلى مفهوم الشّراكة الجماعيّة.
ثمار الصداقة بين إنكيدو و كلكامش و مفاعيلها أن اتّفق الإثنان على اكتشاف غابات الأرز البعيدة و التّخلّص من العفريت خمبابا رمز الشرّ، فضلا عن استشراق المستقبل و تحدّي المجهول وتسجيل البطولات الخالدة.
موت إنكيدو
استمتع كلكامش بصحبة صديقه إنكيدو، و توطّدت بينهما أواصر صداقة متينة استمرّت إلى لحظة الفراق الأبديّ، إذ يمرض إنكيدو و يموت أمام مرأى كلكامش.
حزن كلكامش على فراق صاحبه الذي رحل عن الوجود دون رجعة، بعد أن هزّه مشهد الموت و أرعبه، فتغيّرت هيأته و اعتراه قلق وجوديّ.
صُدم كلكامش لأنه يواجه الموت وجها لوجه من خلال موت المعلّم و الصديق، فشرع بالبكاء وراح يقطّع شعر رأسه، و احتفظ بجثة إنكيدو عدّة أيّام، رافضا تسليمها للدّفن، عسى من شدّة حزنه و بكائه يعود صديقه للحياة. و بعد مراسيم الدفن هام في الصحاري و البراري و لم ينفك من الاستفسار على معنى الخلود بموت صديقه و خلّه إنكيدو، بل صمّم على مقارعة الموت و هو في سفره إلى أوتنابشتيم.
كلكامش بعد موت إنكيدو
إنّ موت إنكيدو، حدثٌ قهر كلكامش و غيّر حياته، و لم يعد بعد ذلك الملك الجبّار و لا ذلك المقاتل الفذّ الشّجاع.
ذلك الحدث بفقد صديقه جعله إنسانا واعيا لذاته و متفهّما لرسالته إزّاء مملكته.
إنّ حزن كلكامش على موت رفيقه المقرّب إنكيدو، ولّد في قرارة نفسه مخاوف جمّة من حقيقة لا بدّ و أن يدركها يوما ما، و هي الموت، لأنّه بشر، و البشر فان و لا خلود إلاّ للآلهة. لكن كلكامش رفض حقيقة موته في يوم من الأيام و القبول بذات المصير الذي لقيه إنكيدو، فنجده ينادي بالحياة و يسعى إلى الخلود باغضا للفناء، قلقا من كلّ ما يوحي به، رافضا تلازم الموت و الحياة. فجعل جُلّ همّه التخلّص من الموت، فأرسى ثقله في رحلة البحث عن مغزى الحياة و السّبل الكفيلة لتمديدها، و صبّ جهده برمّته لإدامتها، فكان الخلود هدفه و مسعاه في رحلته.
فبعد موت إنكيدو هام ابن الرافدين كلكامش على وجهه في الصحراء، و هو يبكي بكاءا مرّا قائلا لنفسه: "هل سأموت أنا أيضا؟..."
موت إنكيدو كان الزلزال الذي فجّر المعاني في حياة كلكامش، مدركا طريق الحياة الحقّ.
خلود الحياة أم خلود ما بعد الموت
ارتبط مفهوم الخلود بالموت، فهما متلازمان، فالخلود هو حياة ما بعد الموت(العالم الآخر في الحياة الأبديّة)
و خلود ما بعد الموت هو خلود الإنسان في الحياة من خلال أعماله. 
لقد مجّد إنسان كلكامش الحياة كقيمة كبرى، و حرص كلّ الحرص لئلاّ يفقدها البتّة، خاصّة بعد أن شاهد بأمّ عينيه كيف صرع الموت إنكيدو و غلبه.
في مرحلة ما اعتقد كلكامش أنّ نبتة الخلود هي سرّ الدوام و البقاء له، لكنّه اهتمّ في النهاية بخلود الذكر الحسن و العمل الإنساني.
تعمّق مفهوم الحياة و نضج لدى ابن العراق كلكامش و برزت أهميّة الآخر و قيمة الخلود عنده من خلال إنكيدو و محنة موته كما و اكتشف أيضا قيمة الأرض و أهميّة الوطن في مرافئ الغربة خلال تشرّده في رحلته ..فقرّر أن يكون خالدا في ذاكرة شعبه و على أرض مملكته جاعلا من أوروك موطنا لخلوده، مقتنعا بأنّ من يطلب الخلود عليه أن يتخلّى عن الظلم و الفساد، ليحيا في قلوب شعبه و أرجاء مملكته،لهذا انصرف من بعد عودته من رحلة الضّياع إلى خدمة سكان مملكته و معاملتهم معاملة إنسانية، حيث أصبح الحاكم و الراعي الحسن و القائد الإنساني و الملك الُحبّ.
خاتمة
الملحمة فيها استنتاج أنّ الإنسان بحاجة ماسّة ليد تسير معه في طرقات الحياة و تقوده في ليل الحياة الدّامس ..هذا ما تعلّمنا إيّاه الملحمة التي تعكس حقبة ثقافية و تاريخية و دينية من بلاد وادي الرافدين العريق.
و الخلود في الحياة يعني أن يكون للإنسان عمل و أثر يجعلانه في ذكر دائم ممّا يتيح له حضورا مستمرّا و رغم أنّ الحياة لا تنفي الموت. لكنّها تمنح للإنسان الخلود في الحياة متى عرف المرء كيف يحقّق ذاته كقيمة حياتية كبرى و أعمال جليلة و مخلّدة.
إنّ إنسان كلكامش بحسب الملحمة هو مسيرة دائمة من النّمو و التكامل بالنسبة له، سوى السّير في دروب عرف بطلها كلكامش متى بدأ و من أين، لكنّه لا يدري إلى أين سيصل و ينتهي، و متى ستكون وقفته الأخيرة المطلّة على الحياة الأخرى.
إنّ قضية كلكامش هي قضيتنا جميعا، و لعلّ مساعيه هي في قلب و فكر كلّ منّا، لذا إنّ رحلة كلكامش تخصّنا جميعا، بل هي رحلتنا.
الملحمة استبدلت نبتة الخلود إلى نبتة العودة و الشباب، و من ثمّ إلى ما هو أسمى و هو أثر الإنسان و أعماله، إذ أدرك كلكامش هذه الحقيقة في الاستبدال متأخرا، فسعى للعمل على استيعابها و شرع في التّكوين الذاتي و تجسيد تلك الحقيقة بكلّ قواه.
إذ و عى قيمة الذات و رسالتها تجاه الآخر و أهميّة الخلود في الوطن، و أنّ الخلود نابع من الحياة نفسها، فعمل بكلّ قواه على تكريس حياته لازدهار أرضه و بناء الإنسان فيها، فعاش خلودا أبديّا.
ملحمة كلكامش هي ملحمة الحياة لا الموت كما فهمناها من هذه الدراسة الإنسانية القيّمة للأب يوسف جزراوي.

ثلاث قصائد لمحمد محمد علي جنيدي


مرت على قلبي
مرت على قلبي السنين حاضن الهنا
ورضيت فراق أمي الحنون بس انحنى
قلبي وفين بسمة سعادة قربها
مالي سواك يا رب في همي أنا

الحب كاس يروي حياة كل القلوب
والبغض صاحب للمساوئ والعيوب
واللي يعيش لله هيعرف فين يكون
حاول تكون واخلص ضميرك له وتوب

فاكر زمان أيام ما كنش لك وجع
تجري وتضحك وانت مين مثلك جدع
مر الزمان وانت يعيني عليك بقيت
دمعه بتجري ع. الخدود من غير جزع
**
قالوا القمر
قالوا القمر عمال بيبكي من سنه
نزلت دموعه عللي بيشاركه المنى
قال له البعاد فرق ما بنا وليه بقى
تفضل دموعنا ف. كلمه حلوه ودندنه

كان لي زمان أب مشفتش له مثيل
طيب حنين عشت في ظله الظليل
مرتاح كأنه صديق وأخ وطيف جميل
من يوم ما راح جرحي ف. نفسي ملوش عويل

يا ريت يا خالي البال تقولي منين يكون
العمر عدى ولسه بكره بقول يهون
كل الكؤوس بتدور وكاسي رضيت ما فيه
يا رب حمدا لك ووصلك خير عون
**
وردة اشتكت
وردة اشتكت في الصبح لسه الخير مجاش
نزل المطر بالخير عليها ماهمهاش
رزقك وعمرك دول أمانة ف. إيد كريم
إزاي هيمنع وانت عمرك منتهاش

الناي بيعزف حلم غالي ميتعزفش
إلا لناس من يوم ما راحت مرجعتش
طب خلي لحنك للي يسمعلك بجد
واياك تباهي بغنوتك في حفل طرش

تايه ومن بعد ما شاف بيته رقص
عد الفلوس بس التقى خيرها نقص
قال ياترى أرهن مكان فيه اتولدت
ولا اشتكي وافضل ما بين هم ومغص

ياريت ياطير لما تطير خدني معاك
ضاق المكان والعمر رايح للهلاك
صابرسنيني والوجع عمره ما راح
وانا من بشر عمري ما كنت ف. يوم ملاك
**



همسات مهربة/ شعر: إيديليك، ترجمه الى العربية: أحمد ختاوي


Chuchotements
------
شعر بالفرنسية : إيديليك  Idyllique  
====
ترجمه إلى العربية : أحمد ختاوي 
====
أنثر رياحك 
كما الإعصار 
على مد أقاصي المدى 
المتفتق السرمدي 
توجّس ْ همسات 
البذور الناعمة 
الممهورة بمسحتك الجلية ، البلورية 
في 
هممي ..وممشاي وسؤددي 
دثرها 
... كالشهد .في العسل .... ....
توجسها ..توجسها ..توقا .
مرصعة
بقدرك الحريري البنفسجي..
يا ذاك السمح ... الفارس..المحموم ... في الخٌطب 
يا ذاك الرفيق الراعي ..الخطيب ، في النسب ..
يا صوت العندليب 
في غسق الليل و السَّحَر ...
توجسها .
لا تتوجسها خيفة ..
توجسها تراتيل وتسابيح ..نبي 
يا ذاك الذي يحدّق دوما في وجلي ،
في سؤددي ..
لأمسح تباشير العالم وببوارجه الراسية 
في مرفئي ....
لأحدد عبره مخاوفه. وانكساراته .في جسدي ..
قد أرتطم بوشاح الفجر 
أو بوابل من الحجر ..
.. ولا أستسلم ... حبيبي لتيار ماء منحسر 
دعني حبيبي أرى العالم 
في أبهى صوري 
وأتجاهل مقتضيات كل 
إفاضة إناء عكر 
.دعني 
ألج في انتشاء غور تهوري ... 
على وقع وحوافر قلبي 
ومواجعه دمعة َو قطعة ّ من هدْبي.
ومن كبدي .
على متن جيدي ...وبأرجاء جسدي ...
أقتفيه خطوة صوب أخرى 
كذاك الذي به صمم .
يا ذاك الذي يرن بنبضه الذكر 
بين وريد الوجد والسمر

:كأنه عجوة في بساتين بلا تمر أأأ
أو قحط في نبع لا يرتوي ....
==== 
أدعو الزمن للزمان لعله يستل قولته 
، ،ومثله السيف في غمده 
يا ذالك الزمان : الأمد 
لأنني أدرك أنه حليم لا يطعنني 
أمشي الهوينى ...وأؤوب ....
أمتشق في السر كمدي وعللي ..
يدثرني الجوى والدَّعَةُ تقود ولعي 
تنيرني ...تنير معابري وممشاي ومسلكي ..;.. 
على صوت النفي
تزهر سمفونية أرقي ..
أم أراك تمنحني الحقيقة ؟
المزروعة في جنان سفري ..وصفدي .. 
ها هو ذا يا أنت ..
يرن في نبضه النبض ولا ينضب ....

يا ذاك الفارس الذي أتوق إليه وأرتقب ...
هل تملك صدق الفارس المقدام..
يا ذاك المغوار ... يا ذاك الأسد ...
..تبوح 
فتقول بلا وجل :أني أحبك إني احبك 
في السر وفي العلن 
حدثني ..حبيبي .. عن ولعنا ..
أنا لك رخوة مثل الخياشيم في ترانيم الوتر ..
على مشارف الضفاف في الوهاد .
على حوض السواقي بين تلال العرب والعجم 
في الوادي ..وعلى مشارف الدر داء والدرر 
..في السر وفي العلن .وفي فصول العطش ...
بين سفح الوادي ..بين مواجعي ..
وعلى صهوة كبدي ..
أنا لك صوان شفاف ، سلس 
تغزّل ..أسدي بمداك .. في نظرتك ....
كما الشمس الممتعة ..
وقد تتسع للمدى ... للومض .. 
آه .. آه حبيبي ..ها .هو ذا الريب يفاجئني ..
هو ذا حبيبي ، يأخذني شوقي لعشقك ..رهينة .
تقتاد من كمد إلى كمد .
ها آنذا سجينة قلبك .. حبيبي ..
وجذوة الأسر التي تسكنني 
باسم النوى أسالك حبيبي .
. ما يضمر سعيك حين..
التيه .يكبلني .. 
آه حبيبي ..
آه حبيبي .. آه حبيبي 
دع الجرح في أوصالي يندمل
وهو الهائم من منتجع إلى منتجع .. 
-هل تتوفر على جسارة مقدام 
فتمنحني تراتيل كتابك المبجل المرتل .... ..
أو تقاسمني متن حكمك وتوازنك المنزّل ....المترهل...
أشعرني .. أه حبيبي .. أشعرني ..
أشعرني ..بأنك تقي ..صادق ..
كالملاك .. أشعرني بلا ضيم ..
بلا وجل ..
بالرغم من اسري ..أرنو إلى نبضك .. ولا استتر 
يا مهجتي ..
بلا وجل ....
بلا خجل ....
أظل تلك الفراشة .. التي لا تكل..
ضامرة 
.. لا تحيد 
قيد أنملة .
.قيد ترنّح سنبلة ..
أظل ها هنا .. فراشة لوجدك ..
أظل ها هنا .. ها هنا ..في معبد عشقك ..كالمعتكف....
فقط 
أحذر خلجاتي يا ذاك الفارس 
الأسد 
فقط احذر تأثري وثورتي 
عند ذروة الغضب أأ
.إياك إياك أن تنزلق آثامك
عند اللهو .. وعند الغدر و اللعب .
حينها . 
تثير عجاج غيرتي وشجني ..
لا أعاتبك ..
وإن نفذ صبري وارتطم بين السفح والجبل 
بقاعِ الثرى والقممِ 
بين لفح الفؤاد في ملكوت صبري الوهن ....
..لا أملك حجرا أرشقك 
ولم أخلك إلاّ بابا موصدا 
في الذّكر وفي صفائح وضجيج الكتب ..
وأنا بين فحيح نار ولهب ااا 
..فقط 
قل لي بربّك أيها الفارس الملتهب 
-هل ترتج ٌّ فرائس أوصالي في مقاومتي..
بين ثنايا سهادي ومضجعي -
على جذر الاستسلام في رذاذ حافظتي 
وانأ الواهنة التي لا أملك سوى أدمعي .. 
فقط ..
قل لي بربك ايها الفارس..
فقط قل لي بربك ايها الفارس الملتهب ..
أنا ما زلت هاهنا ..
أعانق قدري..
أعانق قدري المباح ..المرصع بتفويضك .
. عديم الطعم . وهو عقد في جيدي
وفي ضجري .. ..
مع هذا أحبك .. أحبك ..
رغم الوهن ..
كما نسيج العنكبوت..
لكنه منقوع .. منقوع كالعطر في مددك ..
في حبك ..
وثق حبيبي أني أحبك ..
كخيط العنكبوت المنقوع.. المغموس
في ولعك ...و في ولعي..
أحبك ... أحبك ...أحبك ..أسدي

في محكم الفرقان المرتل ٍ 
وبين أجناس كل المِلل.. 
أحبك .. أحبك .. بين طيات هوادة ..
أحبك أسدي .. 
بين لفحات   ونبضات   مهربة  ..
====

في ذكري يوم الارض .. اننا لعائدون/ سري القدوة

اننا لعائدون ... نادتنا الارض فلبينا النداء 
اتلك هي ملحة الارض الفلسطينية وحكاية عشق ابدية .. ولعل فلسفة الوجود الفلسطيني يرتبط بالاض الاسطورة الخالدة ولا يمكن لمن يزورون التاريخ ويدمرون تلك الاشياء الجميلة سرقة ارضنا فهذا الصراع هو صراع وجود او لا وجود صراع الارض الفلسطينية ... 

لارض الفلسطينية ارتبطت بالشعب الفلسطيني فكانت حكاية عشق مع اللا منتهى .. عشق الفلسطيني ارضه الطيبة فكان حديث الروح للروح عن تلك الجبال والوديان والسهول .. علاقة جدلية مع حكاية العشق الفلسطيني .. ليتشكل الانسان الفلسطيني من تركيبة استثنائية كانت اسمها ( كنعان الفلسطيني)  .. 

انها حكاية الروح التي تحلق في السماء وهذا الاحتلال الجاسم علي صدورنا  .. تبقي فلسطين هي الحاضرة دوما وهي لحظة الحقيقة وحكاية عشقينا ... عشقنا  بيسان دون أن نراها  .. عشقنا يالو دون أن نراها .. عشقنا صفد دون أن نراها  .. عشقنا  طبريا دون أن نراها  .. هنا نقصد جيل ارادوا له النسيان وجيل ارادو له الفناء فكان معني الوجود الفلسفي للفلسطيني ..  هذا الفلسطيني العنيد الذي عشق ارضا دون أن يلعب يوما علي ترابها .. هذه الكيمياء الفلسطينية التي تشكل بندقية وخيمة وسماء وارض كانت تساوي العرض والشرف عند الفلسطيني .. 
كم هو الجيل الذي عشق الارض دون أن يراها .. وكم هي فلسطين لها رائحة البرتقال في حيفا .. كم عشقناها احببناها كانت كرامتنا وشوقنا الابدي .. لأنها فلسطين تكبر فينا مع طفولتنا .. تكون دمنا .. لحمنا .. عقلنا .. لحظة الغضب القادم فينا .. 

فلسطين جيل وراء جيل .. ارض تكبر حلما جميلا .. تتمدد من راس الناقورة حتى رفح .. لن ننساها او نتناساها او نفقدها يوما فلسطين هي الحاضر الاول في حياة الفلسطيني .. تعيش فينا تتشكل في قراءتنا وطعام اطفالنا .. تكبر فينا لحظة الطفولة عشقا اسمه فلسطين .. 

هي امتداد الروح والعشق .. هي ثورة الاجيال القادمة .. هي انتفاضة التكوين والدولة .. هي حلمنا القادم أن نكون في عكا .. هي تلك المرأة الربيعية التي تحلم أن ترى نابلس وتسكن في ترقوميا .. هي قصة مدرس اللغة العربية الذي تحدث لتلاميذه عن قرية ( ترمس عيا ) وسكنت ( جفنا )  في خيال التلاميذ وعرفوا أن التاريخ يتشكل في روح من لا ينسون الارض الطيبة .. 

الارض الفلسطينية لها تركيبة غريبة .. هي ليس كباقي اصقاع العالم .. الارض الفلسطينية يحبها الفلسطيني لأنها لحظة عشقه القادم ولأنها حبيبته التي احبها دون أن يراها .. فكانت فلسطين هي الهواء الذي يتنفسه الفلسطيني عشقا .. 

فلسطين هي ملك الشعب الفلسطيني.. فلسطين وطن الشعب العربي الفلسطيني وهي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير والشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية .. هذه هي الحضارة والتاريخ التي يتعلمها ابناء الشعب الفلسطيني حيث تكبر فلسطين شوقا وحبا وروحا في وجدان الاجيال تلو الاجيال .. 

فلسطين دولة تحت الاحتلال .. وإسرائيل هي الكيان الذي يحتل فلسطين .. اسرائيل اغتصبت الارض وسرقتها وشردت الشعب الفلسطيني من ارضه سرقت كل شيء يملكه الفلسطيني .. هذه الارض الفلسطينية لم تكن احياء ذكراها في يوم الارض بمجرد يوم عادي في الذاكرة الفلسطينية او حياة الفلسطيني في هذا اليوم .. ارتوت الارض الفلسطينية في دماء الشهداء الابطال وكانت المواجهة الحقيقية مع الاحتلال الاسرائيلي الذي كان يعتقد انه ( هود ) الارض الفلسطينية وسرقها وان شعب فلسطين ينسي أن هذه الارض ملكه فتصدي ابطال ام الفحم وعرابة لجنود الاحتلال الاسرائيلي لتتشكل لغة جديدة في التاريخ الفلسطيني اسمها لغة يوم الارض .. وليعرف العالم الوان العلم الفلسطيني الذي يرفرف في سماء الوطن ويلتحم مع الارض ..

لم تكن تلك المعاني الخالدة الجميلة مجرد سطور كتبت في مرحلة معينة في ذاكرة الفلسطيني بل امتدت لتتوارثها الاجيال التي تؤمن بالثورة .. فكل جيل يكون اكثر تصميما علي نيل حقوقه من الجيل الذي خلفه .. انها معركة الاجيال التي تكبر مع الفلسطيني انها فلسطين التي احبها الفلسطيني وعشق ارضها وشمسها دون أن يراها .. انها تركيبة الكيمياء وفيزياء المستقبل التي تتشكل فينا روحا وعشقا وحبا للوطن .. 

ما اروعك فلسطين وأنت تقدمي الشهداء جيلا وراء جيل .. ما اروعك فلسطين في يوم ارضك .. وأنت ترتسمي علي شفاه اطفال لم يروك بعد .. ولكنهم عشقوا شمسك .. ويستعدون للرحيل الي ارضك .. ما اروعك ايها الفلسطيني وانت تمضي نحو الارض الطيبة .. في مسيرة العودة ..  مسيرة القدس في يوم الارض .. 

فلسطين التاريخ والحضارة تتشكل فينا .. وتكبر حلما .. ويحمل الجيل القادم امانه التحرير والعودة .. فلسطين الارض التي احببناها وعشقناها اليك الرحيل واليك العودة .. اليك ماضون ولا حياة بدونك .. وطنا وثورة وعشقا وحياة .. 

ما أروع ان نكتب اسماء الشهداء وان نكون شهداء من اجل فلسطين .. نستشهد علي ارضها .. ندفن في ترابها .. تمتزج الروح مع الارض الطيبة .. لنكون شهداء من اجل اروع ما نحب .. شهداء دوما مع وقف التنفيذ .. الشهداء الاحياء منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر .. 

انها فلسطين الارض والهوية والعنوان .. فلسطين الارض التي نحبها ونعيش من اجلها ونحلم فيها وتكبر حكايتها معنا .. انها حيفا ويافا وعكا والرملة والمجدل .. انها صفد واللد وام الرشراش والقدس وغزة واريحا وتل الربيع ..انها بيسان ويالو والدهيشة ورام الله والخليل .. انها فلسطين التي تكبر فينا والتي نعشق سمائها .. انها فلسطين التي نعطيها عمرنا وحياتنا والتي نعيش من اجلها ونحلم في ذلك اليوم حيث نكون علي ارضها .. 

نحـــن باقـــون ... هنا باقـــون ... مـــا بقـــي الزعتـــر و الزيتـــون ....  يوم الارض ... يوم للتشبث بالأرض والهوية والوطن، وعنوانا لرفض كل سياسات الكيان الصهيوني الساعية إلى سلخ الشعب الفلسطيني من هويته الوطنية والقومية .. يوم الارض ... معركة لم تنتهي في الثلاثين من آذار، بل هي مستمرة حتى تحرير الارض .....

طوبى للشهداء ولذوي الشهداء ولشعب الشهداء ... طوبى للشهداء وهم وقود الانتصارات والفتوحات ... طوبى للشهداء ودماؤهم الزكية تعطر ترب فلسطين ... 
المجد للشهداء والنصر للثورة 
ومن نصر الي نصر وانها لثورة حتي النصر 

رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين
http://www.alsbah.net