إيريكا 17/ إبراهيم أمين مؤمن


جلس أندا أحد أحفاد ساتورو نامورا فى حديقة قصره بطوكيو التى تُحاط بها من كل مكان عشرات من الحرس الخاص اليابانيين ليتصفح جرائد اليوم فانتبه الى خبر فى الصفحة الأولى فانحنى مائلاً بجسده  على الصحيفة وتدانت يداه بها وحدّق فى الخبر ثم أخذته لحظات من الصمت الطويل يفكر فى خياله ويستجمع لحظات تجمع بين الخوف والأمل فهزّ رأسه وقال نصًا من الخبر الذى قرأه
أكاى أحد أحفاد هيروشى ايشيجورو العالم المشهور فى علم الروبوتات ..... إيريكا ....
ثم هزّ ساخراً مستكبراً وقال يستطيع ان يتعقب المجرمين و .........
أغلق الصحيفة ورماها ثم قال:لو تسلط علينا حصدنا ولو ملكناه حصدناهم 
ثم أمسك بالهاتف واتصل بأهم عضو فى عصابته وقال له تعال حالاً
طوكيو 2067 وكالة العلوم والتقنيات اليابانية :
رئيس الوكالة : قررتَ ان تُعلن عن الموعد النهائى لاختراعك فى أول كانون الثانى؟
أكاى :نعم سأعلن لديكم عن امتيازاته فى تشرين الثانى ثم فى مؤتمر سولفاي كانون الثانى القادم لسنة 2068 أمام أبرز علماء العالم كلهم أطرح روبوتى إيريكا 17 وأريهم ان ذكائه تغلب على نيوتن واينشتاين وكبلر وماكس بلانك وقد يأتى بنظرية الأوتار الفائقة ويعلمنا ما بداخل الثقب الأسود من خلال مليارات الخلايا العصبونية التى أخترعتها ووضعتها فى رأسه وشرائح خوارزميات التعليم الآلى الانهائية.
ثم تركه أكاى مودعا قاصداً سيارته فركبها ومضى. 
بعد برهة من السير الآلى للسيارة تخطته عربة بصندوق كبير فتحت أبوابها ثم جذبتْ سيارته بواسطة مغناطيس جاذب جذب السيارةَ معها حتى أدخلتها داخل صندوقهاومضتْ إلى أندا بقصره فأنزلاه ربوتان وأجلساه على كرسي بجانب أندا ثم وقفا على جانبي أندا 
مرحبا بعالمنا العظيم آكاى.
آكاى : أندا, ماذا تريد؟
اندا :إيريكا 17, فردّ عليه آكاى بكم ؟ فرد اندا بعشرة ملايين دولار 
رد اكاى : أبيع لك علم الكون كله بعشرة ملايين دولار! أريد خمسين
أندا :انت تعلم إنه من المستحيل الحصول على مثل ذلك المبلغ من أى جهةٍ كانتْ ,ولتكن خمسة وعشرين مليون دولار
رد آكاى اتفقنا ,وتركه بعدما حددا معاً موعد التسليم .
قال أندا لأحد أفراده بعد مُضى آكاى راقبوه جيدًا .
ثم اتصل بهاتفه على بروفيسور العصابة يسأله,هل انتهيتَ من وضع برنامج التجسس على حاسوب آكاى ؟
فرد البروفيسور نعم انتهيتُ.

ذهب اكاى إلى منزله وأخذ يفكر تفكيراً عميقًا ثم بعد عدة ساعات أرسل إلى وكالة استخبارات الأمن العام رسالة سرية تحتاج إلى إزالة التعمية عليها بخوارزمية خاصة من خلالها تستطيع أن تصل إلى كلمة السر ,مكتوب فيها كل ما حدث بينه وبين أندا زعيم عصابة ياكوزا الإرهابية ,فراسلوه بعد عدة أيام فور تمكنهم من فكها فعرفوه وعرفوا ما فيها وبعد مراسلات طويلة قررا تنفيذ خطة مشتركة بينه وبينهم
الخطة :الإيقاع بأندا فى حالة تلبس بتهمة التهديد بقتل آكاى وحجب إختراع  قومى سلمى لاستخدامه فى عمليات إرهابية.
أبلغ البروفيسورُ أندا بأن آكاى أرسل رسالة مشفرة لإحدى الجهات وأنه حاول فك الشيفرة بكل السبل فما استطاع إلى ذلك سبيلاً. 
 فأرسل أندا الى اليهودى دافيد وكان عالم فضائى متخصص فى علم الذبذبات وضابط سابق فى الموساد الإسرائيلى ففكها بعد وقت طويل وأخبره بها ومذ تلك اللحظة كانت مهمة العصابة قتل العائلة وإحضار ايريكا 17وآكاى .
فى الحال فرقة ذهبت إلى منزله لقتله وعائلته وفرقة ذهبت إلى وكالة العلوم والتقنيات اليابانية بحثاً عن إيريكا 17,لم يجدوا آكاى فى منزله وقتلوا عائلته,ولم يجدوا كذلك إيريكا فى الوكالة بعد تفتيش مضنٍ  لإن رسالة آكاى إلى مدير الوكالة كانت أسرع منهم إليه فأخذ الروبوت وهرب به عبر أحد الأماكن المهجورة وهناك تقابلا وتم تفعيل برامج إيريكا 17 فقام كمن كان نائمًا منذ ملايين السنين,قال آكاى الإنتقام يا إيريكا العظيم.
 المهمة: إقتحام القصر وتصفية أندا والعصابة .
إنطلق إيريكا وفعّل آكاى معجزته الكبري التى أعلن عنها من قبل وهى ملايين الملايين من الخلايا العصبونية الصناعية التى تفوقتْ على ذكاء البشر كلهم .
خرج إيريكا  وشغّل جهاز الجى بى اس المخصص لتحديد المواقع الجغرافية فعرف موقع قصر أندا وما ان وصل هناك شغل الهولوجرام للتصوير المجسم لكل من فى القصر وخارجه وكان من بينهم سبع ربوتات حرس خاص ,فناداه آكاى بأن يحدد أهداف الضرب من خلال تليفونه الذى ظهر فى كاميرا الهولوجرام ومحدد أيضا موقع وصورة آكاى.
وبدأ إيريكا بالهجوم من خلال سلاح شعاع الجسيمات وعلى الفور تم الرد عليه من خلال أسلحة أقل تطوراً منه من الأسلحة الشعاعية, وعن طريق جهاز استشعار شوت سبوتر المتطوربإيريكا إستطاع ان يحدد مكان الأسلحة الشعاعية الموجهة إليه لحظة انطلاقها فيتفادى, ومع عمل الجى بى اس المستمر والتصوير المجسم الآنى معًا يطلق إيريكا أطيافه الشعاعية نحو الهدف باستمرار. 
لم يُرهق إيريكا إلا الروبوتات السبعة التى كانت تحدد موقعه من خلال أجهزة ال جى بى اس الخاصة بها ولذا قرر الإلتحام المباشرمعهم,والتحمّ ايريكا بهم فأرداهم جميعاً معطوبين.
إستمرتْ المعركة ساعات طِوال وأُرسلتْ إلى إيريكا إشارة من جهاز استشعاره بان وحدة الطاقة ستنفد خلال ثوانى ,فانطلق ايريكا هارباً بعد مناورة جبارة وعلى إحدى العمارات الشاهقة وقف يشحن بطاريته من خلال الخلايا الشمسية المنتصبة على خلفيته ثم عاد لإتمام المهمة.
وأثناء القتال تمكن إيريكا من رؤية أندا ولكنه كان محتمياً بطفل كدرع بشري فأرسل إليه آكاى بان يقتله والطفل,ولكن ايريكا تمهل وأخذ برهة فلم تطاوعه خلاياه العصبية المتطورة بإطاعة الأمر وخوارزمياته التى على الشريحة فيها برنامج يمنع إيذاء الأبرياء ,ولكن الأمر تفوق على هاتين الخاصيتين وقال إيريكا يبدو ان صاحبي شرير حقير وأطلق الشعاع فاخترق أندا بعد ان اخترق ظهر الطفل,ولقد آلمه منظر دم الطفل البرئ فهو يعلم ان العصابة تستحق القتل وان الطفل لا يستحقه.
الخلايا العصبونية الصناعية تؤدى وظيفتها الان على أكمل وجه,فقال لنفسه ما كان يجب ان أُطيع ذاك الأمر فقد قتلت بريئاً  
ناداه آكاى من محموله بان ينهض ويكمل المهمة .
جاءته شظية نار من الخلف كادتْ تصيب شريحة البرمجيات كلها بما فيها الخلايا العصبونية ولو أصابته لانتهى,فجُن إيريكا وألقي بشئ من يده فجعل القصر دكّاً.
فلماذا جُنّ ايريكا؟ وما هو الذى فعله كى ينهار المبنى كله ؟
جُنّ ايريكا لأنه  مطالب ببقاء نوعه واستمراره, وانهار المبنى  لأنه استطاع أن يحصل من الجو على مادة الهيدروجين المضادة بتجاربه الخاصة وباستخدام حقل مغناطيسى خاص به إستطاع أن يحجزها ثم أطلقها تجاه القصر فتحررتْ من الحقل المغناطيسى وانفجرتْ مع الهيدروجين الموجود بالهواء المحيط بالقصرفولدتْ طاقة وأحدثتْ انفجاراً مدوياً إندكّ على إثره القصر.   
                          ,,,,,,,,,,,
 ترك إيريكا المكان وكان سريعاً كسرعة الطائرة قاصداً مكان خالٍ,وآكاى يناديه متسائلاً ايريكا ايريكا كيف فجرتْ المكان؟
ايريكاأجبنى كيف فجرتْ المكان ؟ 
ايريكا هل فعلتها حقاً ؟ المادة المضادة ؟
كيف استخلصتها من الهواء ؟ كيف ايريكا استطعتْ أن تحجزها قبل الإنفجار بالهواء ؟
مصيدة ؟ حقول مغناطيسية؟
ام صنعتَ قنبلة ؟ لا يوجد فى الهواء عناصر القنبلة الذرية
لم يردّ ايريكا إلا على نفسه قائلاً:
أما آن للبشر أن يتعقل ؟ قنبلة ذرية على هيروشيما ونجازاكى وحرب عالمية أولى وثانية وثالثة.
والان يريدون منى المادة المضادة ,سوف تركّع مالكوها كل العالم ,فهذه طبيعتكم أيها البشر,القوى يستعبد الضعيف.
ولا أدرى لِمَ يريديون معرفة ما بداخل الثقب الأسود , ولِمَ يذهبون إلى الفضاء أصلاً
ماذا قدّم علماؤهم غير الخراب ,, يريدون نظرية الأوتار الفائقة,معى ما عجز عنه نيوتنهم واينشتاينهم  وباقى علمائهم.
يريدون معرفة ما بداخل الثقب الأسود , فأنا أعرفه وأتساءل ماذا يريدون من العالم الآخر ؟
 وللإجابه على تساؤلاتهم  يريدون إيريكا 17 و18 و100
لن يكون إيريكا 17 لأحد ,لابد أن يختفى إيريكا 17
ولم يكفّ صوت آكاى عن النداء والتساؤل,فرد عليه إيريكا أخيراً عبر إشارة راديويه  محموله تحمل فيروس قاتل فقتله.
وقال إيريكا : لتمتْ ويمتْ السر بموتك وموتى وفجّر نفسه.
ضحى إيريكا بنفسه لتحيا البشرية .
فتحية لك أيها الروبوت العظيم إيريكا
                      ***********            

وطن من حطب/ حسن العاصي

ترجمها إلى الانجليزية نزار سرطاوي
القصيدة سوف تشارك في انثولوجيا شعرية في الولايات المتحدة الامريكية في نيسان 2018

على بُعدِ رصاصة منها عثرَ على كرّاستها اليتيمة
خبَّأَ جداول ألوانها خلفَ صورِ العتمةِ
ونثرَ نكهةَ الحزنِ فوقَ بساتين عمرها
حمل قلب طفلتهِ وسلكَ درب الرياحين
كانتْ الخُطى تضجُّ بالجندِ
وشجرَ الطريقُ يصبحُ قرميداً ينكمشُ
انتهى الوطنُ وغرابُ المقابر نهشِ عنق الفرح
انتظرتْ أن يغفو النرجسَ
لتموتَ في وريدِ النهارِ
قالتْ يا أبي
هذا صوتُ روحي مثلُ صُبحٍ يحتضر
تسلَّقَ عينيها وهو يبكي
رَسمتْ سماءُ بقلبينِ وفَتَحَتْ عُشبها
والملائكةُ رقدتْ قُربَ ابتسامةِ الموتِ لتستريح
كَتبتْ وصيتُها على مرايا الحطبِ
حينَ يصبحُ الخبزُ بلا لونٍ
أُقطُفْ ريشُ الأسماء مِنْ نافذةِ النار
وهِبْ شجرَ الماءُ ألفَ حريقٍ ليطيرَ
ما زلنا ننتظر فرح أو جنون

Ahomeland of Firewood

One bullet away from her
he found her only notebook
He hid the creeks of its colors
behind the colors of darkness
He spread the flavor of grief
on the grooves of her life
He carried the heart of his little girl
and walked on the path of basil
The track was crowded with soldiers
The road trees turning into shrinking tiles
The homeland was gone
and the graveyard crow bit the neck of joy 
She waited until narcissus fell asleep
that she may die in the vein of the day
,She said, father
this is my soul’s voice like a dying morning
He climbed her eyes as he cried
She drew a sky with two hearts and opened its grass
The angels slept near the smile of death to take a rest
She wrote her will on the mirrors of firewood
When bread loses color
pick the feathers of names from the window of fire
give the water trees a thousand fires that they may fly
We are still waiting for joy or madness

الحياة بعد الموت/ لطيف شاكر

اعتقد المصريون القدماء بوجود حياة اخري بعد الموت حيث يبعث الانسان ثانية بعد موته ليحيا حياة خالدة , لقد تسلطت فكرة الخلود والبعث علي تفكير اجدادنا المصريين فحنطوا جثث موتاهم وودعوها بصلوات وتمنيات طيبة للميت . وكانوا يعتقدون بخلود النفس وبحياة اخري بعد الموت فالحياة المستقبلية كانت اعظم اهمية من الحياة الارضية  فينوا المقابر والمعابد والاهرامات  وسجلوا عقائدهم علي جدرانها .
ولازالت الحياة بعد الموت تشكل هاجسا عند البعض،وقد نجح الأطباء لأول مرة في رصد موجات لم يفهموها في دماغ أحد المتوفين بعد أن توقف قلبه بشكل كامل عن العمل ودخل في حالة موت كاملة، مشيرين إلى أن الموجات التي تمت قراءتها في دماغ الميت تشبه إلى حد كبير الموجات التي تنبعث من دماغ الإنسان وهو نائم، وهو ما دفعهم إلى الاستنتاج بأن الشخص المتوفى قد يكون فقد التواصل مع من حوله لكنه دخل في حياة جديدة مختلفة تماما. 
وبحسب التقرير الذي نشرته جريدة "ديلي ميل" البريطانية، فإن الأطباء في أحد المستشفيات الكندية تمكنوا من رصد وتسجيل "نشاط مستمر للدماغ" ظل لمدة عشرة دقائق في رأس شخص متوفى بشكل كامل، وهو ما دفعهم إلى الوصول لنتيجة مفادها أن هذا هو أول دليل علمي ملموس على وجود حياة ثانية للإنسان بعد الموت، وأن الوفاة ليست نهاية المطاف بالنسبة للبشر. 
ووصف الأطباء الحالة التي رصدوها بأنها "غير طبيعية ولا يمكن شرحها"، في إشارة إلى أنهم لم يفهموا بشكل كامل وواضح ما هو النشاط الذي يقوم به الدماغ بعد الوفاة، وما الذي يجري للميت بعد وفاته، لكنهم رصدوا شيئا ما قد يشكل دليلا قاطعا على الحياة بعد الموت. 
وجاءت النتيجة من قبل الباحثين في جامعة "غرب أونتاريو" في كندا، وقالوا إنهم رصدوا الموجات الإلكترونية في دماغ شخص فارق الحياة وتوقف قلبه عن العمل بشكل كامل. 
وبحسب التفاصيل التي أوردتها "ديلي ميل" فإن الباحثين الكنديين درسوا أربع حالات، وفي ثلاث من الحالات الأربع وجدوا بأن العقل استمر في العمل بعد توقف القلب، أي بعد الوفاة، كما أن واحدة من الحالات الأربع ظل العقل يعمل لمدة عشرة دقائق متواصلة بعد الوفاة وبصورة واضحة بالنسبة للأطباء 
والسؤال الملح دائما علي اذهاننا : ماذا يحدث لنا بعد الموت؟ هل ببساطة ينتهي وجودنا؟ هل يذهب جميع البشرالي نفس المكان بعد الموت؟ هل هنك حقا سماء وجحيم أو أن هذا فقط من ضرب الخيال؟ 
يقول الكتاب المقدس أن هناك حياة بعد الموت بل أنه مكتوب أنها حياة أبدية رائعة ومجيدة "ما لم تر عين و لم تسمع أذن ولم يخطر علي بال انسان ما أعده الله للذين يحبونه" (1كو 9:2)، يسوع المسيح أي الله في الجسد أتي الي الأرض ليمنحنا هبة الحياة الأبدية. "وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا" (أشعياء 5:53) 
يسوع المسيح تحمل عنا العقاب المستحق علينا وضحي بحباته من أجلنا. وبعد ثلاثة أيام، أثبت انتصاره علي الموت بقيامته من القبر بالجسد والروح. ومكث في الأرض لمدة أربعين يوما و شوهد من ألاف الناس قبل صعوده الي السماء.  
قيامة المسيح هو حدث تاريخي مثبت ومدون. و القيامة هي حجر الأساس للايمان المسيحي. بقيامة المسيح من الأموات نحن نؤمن أننا أيضا سنقام.
ومنذ بداية التاريخ، مر عدد لا يحصى من الناس في تجربة الحياة بعد الموت وعادوا ليرووا قصتهم. الشهادة الأكثر تميزاً هي التي عاشها بشكل مباشر جراح الأعصاب الدكتور  الكسندر  ( منذ 25 سنة ) خريج جامعة هارفرد،    إنها ليست من نوع القصص عن ما بعد الموت، التي يمكن انتقادها والحكم عليها على أنها نوع من الهلوسات. لكن قبل أن ندقق في تفاصيل تجربته عن الحياة ما بعد الموت وكيف تتحدى كل شرح علمي، لنسمع أولاً قصته.
قبل تجربته، لم يكن يعتقد بوجود روح غير مادية. لقد أنهى دراسته في إطار الطب الجامعي الغربي، ونظرة زملاؤه الأطباء للكون هي نظرة مادية بشكل عميق، وهم يعتقدون أن فكرة وجود روح هي فكرة مستهجنة. ومثله مثل أغلبية العلماء ذوو العقلية المتشككة، كان يعتقد أن قصص ما بعد الموت هي هلوسات أو نتاج الخيال الإنساني.
لكن د. الكسندر غيّر رأيه بعد أن مر بحالة غيبوبة (جوما) لمدة سبعة أيام على إثر إصابته بالتهاب سحايا حاد ,
خلال غيبوبته، خاض تجربة رحلة عميقة في ما يسمى الحياة بعد الموت، وزار عوالم سماوية وعوالم أخرى أقل منها
بعد ان عاد الي جسمه وبعدان شفي بطريقة وصفت انها معجزة  لم يتوقعها احد , كتب تجربته في كتاب صنفته النيويورك انها افضل المبيعات بعنوان  الدليل "علي وجود سماء "
ما يؤكده د. ألكسندر في الكتاب، أن حياتنا هنا ليست إلا اختباراً يساعد أرواحنا لتتطور وتنمو، وأن الوصول إلى هذا يمر عبر التصرف والتعامل بحب وتعاطف.
 إليكم بعض الملاحظات المدهشة التي أتى بها"
- إن تجربة الحياة بعد الموت حقيقية وواسعة لدرجة أن تجربة الحياة الإنسانية على الأرض تبدو كحلم اصطناعي بالمقارنة معها.
. إليكم بعض الملاحظات المدهشة التي أتى بها
- إن تجربة الحياة بعد الموت حقيقية وواسعة لدرجة أن تجربة الحياة الإنسانية على الأرض تبدو كحلم اصطناعي بالمقارنة معها.
- إن عالم الحياة بعد الموت منسوج من الحب الصافي. الحب يسيطر على هذا العالم لدرجة أن الوجود الكلي للشر كان متناهي الضآلة والصغر. إذا أردتم أن تعرفوا الكون، اعرفوا الحب.
- في عالم ما بعد الموت، كل تواصل يتم بالتخاطر، ولا حاجة للكلمات المحكية، ولا حتى لفصل الأنا عن كل ما يدور حولها. كل الأسئلة التي تطرحونها في فكركم تحصلون على جواب فوري لها بالتخاطر أيضاً.
عندما نسأله عما يريد أن يعرفه كل الناس على المستوى الروحاني، يجيب قائلاً إنكم ثمينون إلى أبعد حد ومحبوبون أكثر مما يمكن أن تتخيلوا. أنتم دائماً بأمان. لستم أبداً وحدكم. الحب غير المشروط وغير المحدود والكامل والله لا يهملان أي روح.
الحب، بدون أدنى شك، أساس كل شيء. ليس نوعاً من الحب المجرد، " المتعذر فهمه، لكن الحب اليومي الذي يعرفه كل الناس، إنه الحب الذي نشعر به عندما ننظر إلى شريكنا (شريكتنا) أو أولادنا، أو حتى حيواناتنا. هذا الحب، بشكله الأكثر نقاء والأكثر قوة، ليس غيوراً، ليس أنانياً، لكنه حب كامل من دون قيد أو شرط.
إنه واقع كل الوقائع، حقيقة كل الحقائق غير المفهومة والسحرية التي تعيش وتتنفس في قلب كل ما يوجد أو سيوجد إلى الأبد، وليس ممكناً أبداً أن نفهم ما نكون أو من نكون إذا لم نعرف هذه الحقيقة وإذا لم نشعر بها بعمق في جسمنا وفي كل أفعالنا ".
ما الذي يميّز هذه التجربة عن القصص الأخرى التي تحكي عن ما بعد الموت ؟
حسب التقارير عن القصص المتعلقة بالحياة بعد الموت، تبدو هذه القصة الأكثر مصداقية في كل العصور بسبب ثقافة   الدكتور الكسندر، فلدينا الأسباب الكافية لنعتقد أنه فعلاً اختبر لقاءً مدهشاً مع شيء ما وراء هذا العالم.


يا علمانيين أفيقوا واتحدوا!/ جواد بولس

أثار توزيع رابطة الأئمة  في مدينة أم الفحم كتاب "فتاوى" على طلاب جميع المدارس جدلا محليا تباينت فيه المواقف حول عملية التوزيع غير المنهجية ذاتها وحول مضامين الفتاوى التي تطرق إليها الكتاب.
مبادرة رابطة الأئمة تعتبر خطوة متقدمة في محاولات إحكام  السيطرة على الحيزات العامة لا سيما في مواقع تشكيل ذهنيات الأجيال الناشئة وفي مقدمة تلك المواقع المدارس كحلقة هامة ومتممة للجوامع  والنشاطات الإجتماعية الأخرى.
في الواقع، لا تنفرد هذه الخطوة بكونها  محاولة "لأسلمة" فضاءات مجتمعاتنا المحلية وتسييرها وفق منظومة قيم ومفاهيم شرعية لم تحظ يومًا باجماع  فقهي واحد ولا بذات  المساطر، فجميع قرانا ومدننا شهدت وتشهد حضورًا صاخبًا لمحاولات "صرف" منظومة السلوكيات الإسلامية المفترضة بطرق متعددة وقد رافقت بعضها أحيانًا عمليات تكفير "الآخرين" وقمعهم.    
وبتزامن يؤكد حجم تلك الظاهرة بدأنا نسمع في هذه الأيام أصواتًا تحتج على نية فعاليات قرية "مجد الكروم" الجليلية إحياء مهرجان تحت اسم "ليالي مجد الكروم"، علمًا بأننا نعرف أن ما سيواجهه منظمو هذا المهرجان كان قد واجهه قبلهم معظم المبادرين لنشاطات اجتماعية ورياضية وفنية وسياسية في العديد من قرانا ومدننا عندما هوجمت عشرات الفعاليات بنفس الحجة والشعارات وهُدد القائمون عليها من قبل جهات ادعت كونها اسلامية ولم تتردد بفرض رأيها  بوسائل يجب أن تكون مستنكرة ومرفوضة. فلقد ألغيت في هذه المواقع مهرجانات موسيقية وعروض مسرحية وسباقات رياضية ومسيرات سياسية وذلك بحجة معارضتها لشرع الله وتعاليم الاسلام وبادعاء أنها تسهل فرص "الفسوق" الناتج عن اختلاط الذكور بالاناث ومثلها من حجج لا تستقيم مع طبيعة الحياة العصرية وقيم تؤمن بها قطاعات واسعة من أبناء مجتمعنا. 
لكن القضية المقلقة برأيي لم تكن محصورة بما تمارسه هذه الجهات ، على تفاوت نظراتها حول وسائل "إقناع" الآخرين وحدود إحلال "العصا" مكان "بالتي هي أحسن"، بل بغياب موقف واضح ومنظم يجمع هؤلاء "الآخرين" في اطارات تحمي حقوقهم المدنية وتصون فضاءات بقائهم الحر والآمن.
من حق التيارات الإسلامية، على تفرعاتها والمؤطرة منها سياسيًا وحركيًا، ممارسة عباداتها الدينية بحرية كاملة والقيام بنشاطاتها الاجتماعية والسياسية، لكننا يجب أن نفرق بين تلك الحقوق وطرق ترجمتها الفعلية من خلال أدوار بعض القيادات غير المتزنة  أو ما تدعو إليه بعض فرقهم غير المسؤولة. 
وللحقيقة إذا ما تمعنا بأدبيات بعضها وبفتاوى ومواقف بعض قادتها سنجد أنهم صادقون مع ذواتهم  واتباعهم ولا يترددون باشهار نواياهم والافصاح عن أهدافهم، فهم يسعون الى بناء مجتمع إسلامي مفصّل حسب مقاسات "عقائدهم" الذاتية ووفقًا لمفاهيمهم التي لا يخفون حدودها ولا حدتها، ولا يخضعونها لأي مساومات أو تنازلات "كرمى" لعيون الأخوة العربية والتعددية وعشاقها، وهذا حقهم ويرونه واجبهم. 
فمن يتابع مواقع بعض قادتهم المؤثرين بين الجماهير العربية في إسرائيل سينكشف، من غير عناء، على تلك الحقائق، ومن يقرأ فهرس كتاب الفتاوى المذكور، سيكتشف بسهولة ما يسعى إليه معدوه، فهم يحاولون ترسيم "حدود وضوابط العلاقة بين الشاب والفتاة في المدرسة وخارجها" ويخططون لاخضاع  أجيال هذا العصر لما يعتبرونه "حكم الحب في الإسلام بين الشباب والفتيات بنية الزواج" و"حكم استضافة الشاب لفتاة عبر صفحته الخاصة والعكس" و"لحكم نشر الفتاة لصورتها الشخصية في الفيس بوك" و "حكم الدخان والنرجيلة" وما الى ذلك من شوون حياتية وعادية لو أجادوا ضبطها سيضمنون سيطرتهم الكاملة على مفارق العيش اليومي وعلى شعابه ولفازوا بجماهير من المؤمنين المهندسة ذهنيًا والمؤمنة سياسيًا وعقائديًا. 
لقد استجلبت عملية توزيع هذا الكتاب نقاشًا محليًا هامشيًا تباينت فيه الآراء بين مؤيدين ومعارضين ومتحفظين، وغابت، مرة أخرى، مواقف السياسين "الوسطيين" والهيئات الحزبية القطرية، وطغى، كالمعتاد، صمت المؤسسات القيادية والتي تمنعت عن إصدار مواقفها في هذه الحادثة كما تمنعت عن ذلك فيما سبقها من حوادث مشابهة في مغازيها، ولقد تركنا هؤلاء في مشهد يذكرنا أننا ما زلنا نعيش في عصر "التحنيط الفكري" الذي تقف على كثبانه قامات من رمل.
"ما العمل"  كان سؤال مقالتي السابقة والتي عنونتها "مطلب الساعة، جبهة في وجه الفاشية الإسرائيلية" حيث اقترحت فيه على قيادات المؤسسات العربية والتي تعلن تمثيلها للمواطنين العرب في إسرائيل، ضرورة تحركها من أجل اقامة "جبهة انقاذ" عريضة مكونة من عرب ويهود وتكون مهمتها الفورية العمل في وجه الفاشية  المتنامية في داخل المجتمع الإسرائيلي والوقوف في وجه نظام الدولة التي باتت "تحركها  أيديولوجية قريبة من الفكر النازي" كما يجمع على ذلك بعض النخب اليهودية أيضًا والتي باتت تستشعر بدورها دنو أنياب ذلك "الوحش" من عتبات بيوتهم.       
 لم يخب ظني، في الواقع، من عدم ابداء تلك المؤسسات لأي التفاتة أو تعقيب على فكرتي المطروحة مع اننا نشاهد في هذه الأيام كيف يتقدم  أصحاب تلك "الأيديولوجية" بامعان واضح نحو تحقيق أهدافهم التي لا تختلف عن أهداف حركات شبيهة ما زال التاريخ يحفظ فطائعها وجرائمها ضد الانسانية والشعوب. 
فبمناسبة ذكرى حرب الستة الأيام واحتلال إسرائيل للضفة الغربية دعت حكومتها إلى الاحتفال "بمرور خمسين عامًا على الاستيطان في يهودا والسامرة"  وذلك في منطقة "غوش عتصيون" القريبة من الخليل وبمشاركة رئيس الحكومة والوزراء وكبار المسوولين في الدولة والجيش. 
في المقابل وفي قرار لافت ألغت رئيسة المحكمة العليا الإسرائيلية، القاضية مريام نائور مشاركة قاضي المحكمة "هندل" في الاحتفال، ومنذ لحظة الاعلان عن هذا الموقف لم تتوقف حملات التحريض والهجوم على المحكمة واتهامها بالعمل ضد "المصالح الوطنية للشعب اليهودي"، وبكونها مدفوعة بمواقف يسارية وسياسية معارضة، وقد يكون تصريح الوزير "يريف ليفين" مؤشرًا على قساوة تلك الهجمة ووضوح أهدافها السياسية في القضاء على استقلال القضاء، الذي كان دائمًا منقوصًا ومشروخًا، فلقد دعا بحزم إلى ضرورة "إخراج القضاة من قوائم المدعوين للاحتفالات الرسمية" واضاف مؤكدًا " أن من كان لديه شك في الأمر يرى اليوم بوضوح كيف ادخل اليوم قضاة المحكمة العليا إلى قاعاتهم مواقفهم الشخصية والسياسية اليسارية المعارضة.." 
ما يحصل في داخل إسرائيل واضح على شاشات صالوناتنا، بالمقابل من يتابع هواجس معظم  المؤسسات العربية وقادتها في أيامنا سيجده مشابهًا لما أشغلها في أكتوبر المنصرم،  فأكتوبر بيننا وعندنا في الشرق هو شهر السراب والوجع  و"مؤسساته الراعية" بدأت تنهمك  في عمليات " التحنيط المنمط" ليوم احتفالات تقليدي، لن يحدث أي تفاعل مؤثر وذي وزن ولن يفضي لتسديد أي أهداف "ذهبية" او "برونزية" في شباك اليمين الاسرائيلي المستوحش، بل على العكس تمامًا فلربما تتحول تداعياته المرتقبة إلى مجرد رحلة جديدة لقوافل العرب نحو المجهول والتيه الأكيد. 
أتخيل أحيانًا أن بعض القيادات والقيمين على المؤسسات التقليدية تنتظر بفارغ "الصبر المناضل" حلول "أكتوبر الحاني" أو تستقدم  ذكرى يوم الأرض ومثيلاتها من أيام جروحنا المكررة بدون تجديد ، حتى أنهم وهم في خضم دورة الانتظار السنوي يهملون مشاهد الحياة الحقيقية حولهم وما يحيق بها من مصادر خطر جسيمة وظواهره المنتشرة والمتفاقمة بيننا في كل قرية وحي وشارع، فلا العنف على أشكاله يحظى برعايتهم  الجدية ولا قتل النساء يؤرق فعلا بال معظمهم، ولا الاعتداءات على الحيزات العامة والحريات الأساسية تحركهم بشكل مجدٍ ومثمر. 
فكم حذرنا وقلنا إننا نسير على منزلقين خطيرين: الأول والأخطر من بينهما هو منزلق الدولة وما تخططه لمستقبلنا، وقد اقترحنا في محاولة لمقاومته بناء "جبهة انقاذ سياسية" واسعة تضم جميع ضحايا النظام اليميني العنصري الحالي والقادم، وهؤلاء ، كما أوضحت في مقالتي المذكورة، هم العرب بدايةً،  وتتلوهم جميع الفئات اليهودية المستعداة حتى الدم لأسباب أتينا على ذكرها. 
وبقي السؤال من معني باقامة هذه الجبهة ومن قادر عليها مفتوحًا على العدم.  
واما المنزلق الآخر فهو ما ينحفر داخل مجتمعاتنا من أخاديد تفرق وتشتت بنى مجتمعنا وتزعزع مركبات هويتنا الجامعة، فمن يقف في وجه هذا المنزلق؟ من معني ومن قادر؟ وما العمل؟ 
أقترح، في البداية، إقامة "رابطة للعلمانيين العرب" المواطنين في إسرائيل، وقد تبادر إليها مجموعات من الشخصيات المتوافقة حول تعريفات مصادر الخطر الخارجي أولا، والداخلي ثانيًا والمجتمعة على تشخيص نوعية الأمراض المستفحلة في جسدنا. 
من حق العلمانيين أن يتوحدوا ليدافعوا عما يؤمنون به من حريات أساسية وفي طليعتها حرية الحياة وحرية التعبير والعمل والفرح والاختلاف وحرية التدين وحرية اللاتدين. 
من واجبهم أن يسعوا، بدون نفاق وتردد ولعثمة، من أجل الحفاظ على فضاءات تسع أجنحتهم ليطيروا بها نحو أمنياتهم وأحلامهم. 
فنداء الحرية العاجل: يا علمانيين أفيقوا واتحدوا. 

مقالان جديدان لشاكر فريد حسن

خطاب اسلامي تنويري في مواجهة الارهاب الداعشي المتطرف 

تغرق المنطقة العربية في مستنقع الطائفية والاقليمية والمذهبية والعشائرية ، وتواصل الاتجاهات الظلامية التكفيرية جز الرؤى ، وربيع السبايا في سوق النخاسة ، والعقلية الداعشية توغل في الجريمة والهدم والدمار والتخريب والاعتداء على الحضارة العربية الانسانية .
وقد فاقت الجرائم التي ارتكبتها قوات داعش المسلحة في دمويتها أبشع جرائم في التاريخ .
وفي أقل من سبع سنوات سقط من أبناء الوطن العربي بقوة الارهاب السياسي المتطرف ما يقارب نحو مليون قتيل ، عدا عن تشرد الملايين الذين باتوا في حكم المهجرين .
ان ما قامت وتقوم به هذه الجماعات والتيارات السلفية الجهادية من ممارسات واعمال عنف وقتل واغتيال وتدمير الآثار التراثية بتماثيلها ونفائسها ، وهدم المعالم الأثرية الحضارية بكل دلالاتها ، كما حصل وجرى في موصل العراق ومعرة النعمان وحلب سوريا ، هو حصيلة فكر وهابي وجهل اعمى وتخلف وتطرف وفهم غير سوي للدين ، وفيه غلو بالتكفير والاجرام ، ويرتكز على فتاوى ابن تيمية كجزء من الماضي ، وبنزوعهم الفقهي هذا القائم على الصرامة والتشدد. والتعصب الديني والتطرف ، يثبتون قطيعة معرفية مع كل الاتجاهات والاجتهادات التنويرية من عقلانية المعتزلة وابن رشد ، الى خطاب محمد عبده الاصلاحي المستنير ، الذي اعاد للفكر الاسلامي المعاصر عقلانيته التي غيبتها عصور الانحطاط والظلام ، وبذلك فهم يساهمون في رفع راية مقاومة التنوير والعقلانية والحداثة والمعاصرة والتقدم ، بل  وحتى مقاومة واغتيال العقل ، ورفع صوت اللامعقول ، وتبرير العودة الى الوراء ، حيث الظلام والضياع .
الخطاب السياسي والفكري والديني الموجه ضد الارهاب التكفيري الظلامي الوهابي السلفي ، ينبغي أن يكون أكثر وضوحاً وتماسكاً وحدة ، كي لا يتغلغل الفكر الداعشي المتطرف أكثر بين القطاعات الشعبية الفقيرة ، وفي المنطقة .
ان الحرب على الارهاب يجب أن تكون ببعديها الديني والفكري ، بتجفيف منابع الارهاب واستئصال الفكر المتشدد المتعصب المتطرف ، الذي يسعى جاهداً للتغلغل في عمق مجتمعاتنا العربية كافة .
المطلوب لمواجهة التطرف الديني والارهاب التكفيري هو تفعيل دور المؤسسات الدينية المعنية بالعبادات والفتاوى ، والقيام بواجبها الترشيدي ودورها الاشعاعي بالتزام المنهج الاسلامي الوسطي الصحيح ، فضلاً عن مبادرات مسؤولة لترسيخ وتعميق الفكر الديني المعتدل باعتباره نقيضاً للتطرف الديني ، وتصحيح المفاهيم الدينية التي اخرجت من سياقاتها وعلى رأسها " الجهاد " و" التكفير "  ، وتجديد الخطاب الديني ، والاقتداء بفكر الاصلاحيين التنويريين ، والسير قدماً على خطى النهضة العلمية المعاصرة ، تأصيل خطابها النهضوي المستنير العقلاني المعرفي .
ولا مناص من خطة مدروسة ومشروع فكري شامل يهدف الى حملة توعوية وتقيفية بغية اجتثاث جدور الارهاب التكفيري وعزله عن الجماهير ، وجعل الكفاح والمواجهة والمقاومة صراعاً بين الجماهير والمجاميع الارهابية المسلحة المتطرفة .
ولا حل ولا آفاق لتجفيف منابع الارهاب الاصولي السلفي الا عبر خطاب اسلامي حداثوي وسطي معتدل ، مناهض للعقلية الداعشية الظلامية المتطرفة ، التي فاقت كل تصور ، وتهدد مستقبل مجتمعاتنا العربية من محيطها حتى خليجها .
**
ادوارد سعيد المغوار الفكري الكبير ..! 
مضى ١٤ عاماً على غياب المثقف العضوي الجذري الفلسطيني ادوارد سعيد ، الذي عاش ومضى كما يليق بمفكر كبير ومغوار ، ومبدع بارز ، ومناضل شجاع أن يعيش ويمضي ، فهو من قلة نادرة من مفكري هذا العصر ممن عنوا بالتحليل العلمي للعلاقة بين الثقافة والامبريالية ، وشكلت ابداعاته الفكرية والنظرية ثورة معرفية في الثقافة العربية الجديدة .
اختط ادوار سعيد لنفسه طريق الكفاح مزوداً ومزوداً نفسه على الدوام بمعارف انسانية شاملة ، ومقدماً بدائل منهجية لكل ما هو فاسد ومتخلف في الحياة ، وآمن بأن دور المثقف يكمن في اثارته الاسئلة ليقلق الناس ، ويثير التأمل ويستفز الجدال والتفكير .
ادوارد سعيد الفلسطيني المتنور الحر ، الملتزم بقضايا عصره وشعبه ، المغكر الدارس الذي عاش من وظيفته ، وعاش للابداع والعقل الفكري ، تميز بين الاكاديميين بمطارحاته السجالية ودراساته المهمة وابحاثه المتشعبة في الاستشراق ، التي لاقت الاهتمام من العامة والنخب الثقافية والفكرية العربية والفلسطينية .
كان مثابراً بكل اشكال النضال الفكري لكسب معركة الانسان الفلسطيني في ارضه ووطنه وتراثه ، ولن تنسى فلسطين هذه الهالة والقامة الفكرية الشاخصة الفريدة في تشابكها مع الواقع ، الباحثة عن ما هو أفضل للوطن . انه خلاصة جيل غلب ثوابته ومبادئه على متغيرات أيامه ، فقاوم واعطى ، ولم يترك " الفراغ " يتسرب الى الثقافة المقاومة كما تسرب الى السياسة ، وبأعماله ونضالاته وسجالاته اعطى ادوارد سعيد صورة جديدة للنخبة الفكرية العربية في القرن العشرين ، فكان من صفوة المثقفين النخبويين العضويين وخيرة مناضلي شعبنا وامتنا .
ورغم غياب ادوارد سعيد جسداً ، لكنه ما زال وسيظل حاضراً بيننا وفي ثقافتنا وفكرنا الفلسطيني الديمقراطي .


دراسة ٌ لديوان "خريفٌ آخر في مدن الشَّمال" للشَّاعر عمر محاميد/ حاتم جوعيه

مقدِّمة ٌ:  الشَّاعرُ  والاديبُ والباحثُ  الدكتور "عمر محاميد " من  سكان  مدينة  " أم الفحم " - المثلث ، يكتبُ  الشِّعرَ  والدراسات  والأبحاثَ  الأدبيَّة  والأكاديميَّة  منذ  أكثر من ثلاثين  سنة ، حاصلٌ على شهادةِ  الدكتوراه  من  جامعة "سانت بطرس بورغ "  - روسيا ( لينغراد  سابقا )  في علم  الألسن  وفي التاريخ  والعلوم السياسيَّة، وهو مُمّثِّلٌ  لتلكَ الجامعةِ  في الداخل  وعن طريقهِ  يتمُّ التسجيل والإنتساب للأكاديميَّة  الروسيَّة .  وكما يصدرُ  ويُحرِّرُ  مجلّة ً للأدب  والأبحاث وباللغةِ العربيَّةِ عن  طريق هذه الجامعةِ .       وجاءَ في كتاب *1 معجم العشائر  الفلسطينيَّة  ما  يلي : " المحاميد  في  أمِّ الفحم : جدُهُم  محمد القرشيّ ، وبهذا  اللقب : عمر محمود محاميد  ، شاعر  لهُ " أزهار فلسطينيَّة  في أنشودة الغضب، ولم ينسبوهُ  إلى قريةٍ .. ( مؤلف هذا الكتاب محمد محمد حسن شراب - عمان  الطبعة الأولى  ) . 
مدخل :  الشَّاعرُ  والأديبُ  "د. عمر محاميد " غنيٌّ عن التعريف...حققَ  شهرةً وانتشارًا واسعا محليًّا  وخارج البلاد..نشرَ الكثيرَ من كتاباتهِ الشعريَّة والنثريَّةِ  في  العديد  المجلات  والصُّحف  المحليَّة  وخارج البلاد ، وأصدرَ العديدَ من الكتب والدواوين الشعريَّةِ وتُرجِمت أعمالُهُ لأكثر من لغةٍ ، ومنها  اللغةِ الروسيَة .   إذا نظرنا  من  ناحيةٍ  شكليَّةٍ  لأشعارهِ  نجدها جميعا على نمط الشعر الحديث الحُرّ، بَيْدَ  أنَّها  قريبة ٌ إلى شكل ونمط  شعر التفعيلةِ في  كيفيَّةِ  وتوزيع  وترتيب المقاطع   والقوافي، وهنالك  بعض الجمل الشعريَّة  عندهُ  تأتي موزونة ً بشكل عفويٍّ ..ولكنهُ لا يلتزمُ  بتفعيلةٍ  مُعيَّنةٍ رغم كونه  له  دراية  ومعرفة  واسعة  بعلم  العروض  ( الأوزان ) وَمُتبحِّر  في  اللغةِ (  قواعدها - نحوها   وصرفها  وشواردها )    .  
  وَمِمَّا  يُميِّزُ الدكتور عمر محاميد عن الكثيرين من الشُّعراء المحليِّين هو : العناصر الجماليَّة والرَّمزيَّة  والتجديد والإبتكار والمستوى الفني الرَّاقي في شعرهِ ... وللدكتور عمر  محاميد  إلمامٌ   كبيرٌ  واطلاعٌ  واسعٌ  على  جميع الإبداعات  الشعريَّةِ  والأدبيَّةِ ... فهو  مُطَّلعٌ  على  الشعر  والأدب  الأجنبي ( الغربي)، معظمهُ) ،خاصَّة ً المكتوب أو المُلَّف  بالإنجليزيَّة  أو الروسيَّة ، بالإضافةِ إلى إطلاعِهِ الواسع على الأدب والشعر العربي (القديم والحديث). وكانَ  لثقافتهِ الأجنبيَّةِ  دورٌ كبيرٌ في توسيع مداركهِ وأفاقهِ  وبلورةِ مفاهيمهِ  الثقافيَّة ومن  ثمَّ  صقل وتطوير أدواتهِ الكتابيَّة بشكل واضح وملحوظ ، فكلُّ من يقرأ أيَّة َ قصيدةٍ  شعريَّةٍ لهُ يظنَّ  للوهلةِ الاولى أنها لشاعر أجنبيٍّ  كبير  قد ترجمت إلى العربيَّة  ترجمة ً دقيقة ً  بقيت  محافظة ً على  قيمتِها الفنيَّة .. وذلك  من خلال الإلتزام  بالقوافي أحيانا واستعمال  الكلمات  والمرادفات اللغويَّة العربيَّة الجميلة ، لأنَّ الشعرَ الأجنبي عندما يُترجمُ إلى اللغةِ العربيَّةِ  مهما كانَ مستواه عاليا  يفقدُ  شيئا من قيمتِهِ الفنيَّةِ والذوقيَّة وجماليَّتِهِ ...إلخ . 
      إنَّ  المواضيعَ التي  يعالجها الدكتور عمر محاميد  في شعرهِ هي جميع المواضيع   التي  تعني  كلَّ  إنسان   فلسطيني  أو عربي، مثل : السياسيَّة ، الإجتماعيَّة والوطنيَّة والقوميَّة، وكما انهُ  يتطرَّقُ إلى مواضيع أخرى شاملة : ( إنسانيَّة  ووجدانيَّة وغزليَّة ووصفيَّة  وفلسفيَّة  وميتافيزيكيَّة )... وعيرها .. تعني البشرَ جميعا على اختلافِ طباتهم  وانتماءاتهم  ومعتقداتهم ، وكتابهُ هذا الي  بين أيدينا الآن بعنوان ( خريف أخر في  مدن الشَّمال )  طبعَ  سنة 1996  -  إصدار مركز التعليم  في روسيا - وقدَّمَ  لهُ المؤلِّفُ  نفسهُ " عمر محاميد "   مقدِّمة ً جميلة ً ومقتضبة .   
   وسأختارُ  نماذجَ من شعريَّة  ، من هذا الديوان ،  مع  الدراسةِ والتحليل . 
  يقولُ في أول قصيدةٍ لهُ من الديوان بعنوان : ( " تأمُّلات " - صفحة 1 ، في المقطوعة الأولى منها " مساء " :
( " يفلتُ المساءُ من رأسي  //   فلا أبكي لايومي ولا أمسي //
     ولا    أشربُ    الكأسَ   //   فيومي   صارَ  كما  أمسي    //  " ) . 
  نجدُهُ هنا  يُركِّزُعلى القافية ( في نهايةِ كلّ  جملةٍ  شعريَّةٍ)، ولكنَّ القصيدة َ  تبقى  غيير مُقيَّدة  بوزن  مُعيَّن ، بل  ينتقلُ شاعرُنا من  تفعيلةٍ  لأخرى  بيدَ أننا  نحسُّ ونستشفُّ  ونتذوَّقُ  عناصرَ الجمال والموسيقى  الداخليَّة  الرَّنانة الأخَّاذة  في هذه المقطوعةِ . والدكتور"عمر محاميد " فنانٌ  بارعٌ في  كيفيَّةِ اختيار  الكلمات  الجميلةِ  وفي  كيفيَّةِ   توزيع  المقاطع  الفظيَّةِ  والمفردات  العذبة   المُعبِّرةِ ، فكلُّ   كلمةٍ  او  مقطع  عندهُ  عبارة ٌ عن  تفعيلةٍ  مستقلَّةٍ  بذاتِها   تعطينا   نغما   مميَّزا  وليسَ   بحاجةٍ   للإلتزام  والتقيُّدِ  بإيقاعاتٍ   وأوزان " الخليل  بن  أحمد  الفراهيدي " بحذافيرها ،   فكأنَّ  " عمر " هنا  يُريدُ ان  يُثبتُ  ويقولُ  لنا  أنَّهُ   مُجَدِّدٌ  وَمُستحدثٌ  حتى  في  البناءِ  الشَكلي  والخارجي للقصيدةِ  .  وه ، بدورهِ ، يخرجُ  عن  المألوفِ  والرُّوتين  بشكل  جميلٍ  وعذبٍ  وبموسيقى  داخليَّةٍ   رنَّنةٍ  أخَّاذةٍ  وبصور  شعريَّةٍ  جديدةٍ .   
   وفي هذه المقطوعةِ المُكوَّنة من  أربع جمل  شعريَّةٍ  تنتهي بنفس القافيةِ  ( حرف السين )  نجدُ  فيها البُعدَ الفلسفي والإنساني فيريدُ الشاعرُ أن يحدِّثنا  عن  رتابةِ الحياةِ، فيُشعرُنا  برتابةِ  الحياة  وروتينها  وكيفَ  أنَّ  الأيَّامَ  تمرُّ وتتوالى  والإنسان ( الشَّاعر ) يبقى  يناضلُ ويكدحُ ويعملُ لأجل الإستمرار  والبقاءِ  والإبداع  والتجديد والتطوُّ ر .. ودائما  يعملُ حتى  المساء ( نهاية  كلّ  عمل  - أو بعد فترةٍ  زمنيَّةٍ  من كلِّ عطاءٍ  وجُهدٍ  مبذول وكدٍّ)  فيُحِسُّ الشَّاعرُ  كأنَّ  المساءَ  يفلتُ  من  رأسهِ . (  وهو  أوَّلُ  شاعر  يستعملُ  هذا التشبيهَ والمصطلحَ  البلاغي - " المساءُ يفلتُ من الرَّأس " ... أيّ  انهُ  نسيَ كلّ  شيىءٍ  قد  مرَّ عليهِ  حتى  نهايةِ المطافِ  بهِ   وآخر الذكرياتِ -  وقت المساء-  .   فالمساءُ  يفلتُ  منهُ  ومن  رأسهِ  وفكرهِ   كما  ولَّى  النهارُ  من  قبل  وفلتَ منهُ ،  وشاعرُنا  ( عمر ) بدورهِ   لا  يبكي  يومَهُ   الحالي   ولا  أمسَهُ  الذي   مضى وما يحملُهُ   من  ذكرياتٍ  ومن خطوبٍ   وندوبٍ  ومن افراح ٍ  وأتراح ٍ .. إلخ  ..ولم يأسفْ على  ما مضى  من عُمر ٍ، ولا  يشربُ أيضا أيَّ  كاسٍ ليفرحَ  وينتشي فكلُّ شيىء  بالنسبةِ لهُ  صارَ كغيرهِ  سواءً : اليوم - والأمس  - والمساء -  والغد -  ولا..  لا  جديد  تحت الشَّمس . وهذه  هي  حالتنا   نحنُ  اليوم  بكلِّ  ما  تعنيهِ  هذه  الكلمة ُ.. من  منظلق  وضعِنا الإقتصادي   والسياسي   والنفسي    والإجتماعي   وحياتنا   غير  المستقرَّة   ومصيرنا المجهول . 
  وفي مقطوعة أخرى  من  نفس القصيدةِ بعنوان : ( " .. عشق " - صفحة 1  ) يقولُ فيها :
( "  يلتقي العاشقُ عشيقتهُ  //   يُقبِّلُ وجهها  //
     ثمَّ  يخرجُ العاقُ  الشَّيخُ  من  الضَّباب  // 
     يلاحقُ    وجهَ    اللهِ     والسَّحابْ   //  " ) 
     إنَّ  العاشقَ هنا ( الذي  يعنيه  الشَّاعرُ )  هو  الإنسان المُحبّ  للحُرِّيَّةِ .. للعدالةِ  وللجمال  والوطن  ولكلِّ  ما  هو  جميل  ونفيس  ومُقدَّس - فالعاشقٌ دائما  يلتقي  مع عشيقتِهِ  حتى  في  الحلم  والخيال  وفي الذكريات، وأرواح العاشقين   دائما  متقاربة   مُتدانية   ودائما   متعانقة  رغم  البُعد  الجغرافي  والمادي  ورغم الحواجز والسُّدود  وحتى  لو كانت  الأجسامُ  متباعدة  ً كلَّ  البُعد .     وهنا ( في هذه القصيدةِ ) نرى العاشقَ  / الإنسان  المُحبّ لحبيبتِهِ ...لأرضهِ وبلادِهِ  ووطنهِ ..قد شاخ  وشابَ رأسهُ على مرِّ  وتوالي الأزمان  وهو  لم  يزل  على  عهد  الحُبِّ  والوفاء  والتضحية  لحبيبتهِ  .    فالعاشقُ المناضلُ والمُكافحُ  يخرجُ  من  وسط السَّديم  والضَّبابِ،  فالعالمُ  من  حولهُ  مُغبَرٌّ  وجميعُ  قوى الشَّرِّ  تحيطُ  بهِ . ( الضَّبابُ هنا  رمزٌ  للأعداءِ  ولقوى الشَّرِّ والظلام التي تريدُ السَّلبَ والإستيلاءَ والتسلُّطَ  والإحتلالَ والإستعمار) .  والعشيقة ُ هنا هي  الأرضُ والوطن .  وأمَّا  العاشقُ فهوَ الإنسانُ صاحبُ الحقّ الشَّرعي  والتاريخي  للأرض التي  يمتلكها وورثها  أبا  عن  جدّ  منذ  عهودٍ طويلةٍ  وللوطن البذي لا  وطنَ  لهُ  سواه . وهذا العاشقُ يلاحقُ  وجهَ الله  ويبحثُ  عنهُ ...أيّ  انهُ  يبحثُ عن  الحقيقةِ  وعن العدالة  وعن الحُرِّيّةِ  المُثلى والسلام  العادل والإستقرار.  ففي وجهِ اللهِ  يتجسَّدُ  كلُّ  ما هو جميل  ومقدَّس: الفردوسُ الأبدي والجنة الخالدة  والحياة الجميلة  المثاليَّة  والسعادة الروحيَّة والسلام والمحَبَّة  والوئام .  وأمَّا السَّحابُ هنا  فربَّما  يعني الشَّاعرُ بهِ  المطرَ  والغيثَ  والعطاءَ  والخير  والخصب  والبركة، وقد  كونُ  أيضا  الجانب السَّلبي الذي  يعنيهِ  وهو السَّحايب غير الماطر والذي  يحجبُ النورَ  والشَّمسَ (  شمس الحرّيَّة )  مثل  الدخان  والضباب  رمز  الظلم   والظلام  والشَّرِّ .. إلخ ...  وهكذا  نحنُ  نرى  أنَّ  الشَّاعرَ  "عمر  محاميد"، في  هذه المقاطع الشعريَّة، يتحدَّثُ عن  وماضيع  شاملة وذات أبعاد فلسفيَّة  وإنسانيَّةٍ  ووطنيَّةَ .   
 ولننتقل إلى قصيدةٍ اخرى من الديوان  بعنوان : (" نشيد المدينة المقدَّسة "- صفحة 3 - 8 ) حيث  يوظفُ  الشَّاعرُ هنا العديدَ  من الشَّخصيَّاتِ التاريخيَّة  والفنيَّة  والقياديَّةِ ( عربيًّا وعالميًّا ولاهوتيًّا ) ليصلَ إلى المعاني والمواضيع  والأهداف التي يريدُها ، وكما  يظهرُ تأثُّرُهُ الكبيرُ بالمتب المقدَّسة، وخاصَّة ً ( التوراة والأناجيل )  فيوفُ  مثلا  الشخصيَّات التالية : "مريم المجدليَّة " ، " سفر التكوين " ،  " يسوع المسيح  رسول السلام  " ...  ثمَّ"  بيتهوفن  "، " موزارت " ، " بوشكين " ،   و " نجلو " ،  " لإبن المعتزّ "   ،   "  نهر النيفا  المتجمِّد "  و " شكسبير " ... ويوظفُ  شجرَ الزيتون " رمزَ  السلام  والمحبَّة  والبقاء   .     ويتحدَّثُ  تلقاءيًّا  في  القصيدةِ   عن  مدينة  " سانت بطرسبورغ  " ( لينغراد )  ودورها  في  ردِّ  جحافل الغزاة مثل : ( نابليون  وهتلر )  وصمود أهلها التاريخي  ..  ويجري الشَّاعرُ  مقارنة ً  بينها  وبين  مدينة السلام  " القدس العربيَّة " .. ويقولُ " عمر محاميد في هذه القصيدة :  
( "ينامُ   البشرُ  //  وينهضُ  الرَّصاصُ  ساقطا //  وسط َ  أغاني السَّلام  // 
  وتعمُّ السَّاحات  والبيوت //  والشَّوارع  فوضى // 
  ويلفُّ  السَّحابُ  وجهَ  المدينه  حزنا ، وتنهارُ بناية ُ التاريخ المتصدِّع //
 على حافةِ   الهاوية  // 
 ينامُ البشرُ // وتنهضُ الأفاعي من جحور الماضي//  
ومن أنفاقِ المستعمراتْ // ومن  سفن  مُبحرةٍ  في مستنقع  العنصريَّهْ  // 
يظلمُ التاريخُ ، وتبدو  السمفونيَّة الخامسة  للسيِّد " بيتهوفن " ... //
أرجوحة  لقاتل يحملُ الكتبَ السَّماويَّة في  يدٍ ، //
وفي لاليدِ الأخرى يحملُ سكينا  أو  بندقيَّهْ  // 
ينفجرُ الشَّجرُ الآن  //   وتحترقُ   الأشجارُ  والجذور  // " )             ويقولُ أيضا :                                                                                         ( " هنا سيُقامُ كازينو في شارع " صلاح الدين "
 وفي زاويةٍ في ساحةِ الشُّهداء //                                              سنحملُ حمامة ً لأجيال ستأتي // من بعدِنا  وبعدِهم // 
هنا  سيقامُ  تمثالٌ  لبطل  السلام  //
 لذلك الذي سقط َ وسط َ أغنيةٍ  في قلب " تل- أبيب "     
برصاصةِ شابٍّ أوحَتْ لهُ آلهة ُ القتل  //
باسم القانون والفلسفةِ والتوراة ، والغابات //    
هنا تحملُ الدُّنيا  أنواعًا  وأشكالا   جديدة من قتل الدَّفاتر //
والحكمةِ  والسَّنابل  والشَّجر  //
الأخضرُ ينمو في الخليل  // في سفر التكوين // وفي موسيقى موتسارت //    
ويقولُ أيضا : 
( يا قاتلَ البسمةِ // هنا سيُقامُ حتمًا // تمثالٌ  لبطل السَّلام  // 
ذلكَ الذي سقط َ وسط َالمدينةِ في نهايةِ الحرب // في بدايةِ الزرع //   
وهنالك  يردِّدُون نغمًا  آخر من  النشيد //  نشيدكم   سيِّدنا  بوشكين //
سقط َ وسط  غابات  سانت - بطرسبورغ // وفي  قصر النيفا المتجَمِّدْ //
وفي قصر القيصريَّة الساكنه //  وفي كنيسة مريم المجدليَّهْ //
هناكَ في سفوح جبل المُكبِّر// في الأرض المُقدَّسة // 
حيث الجنود يعبثونَ بسلال الفلاحات ، اللواتي حفظن  عن  ظهر قلب // نشيدًا يُمجِّدُ السُّلطان //  وأعوانهُ  المُنتشرين  في الألويهْ //  
وفي عاصمةِ المُدن المُقدَّسَهْ  // 
هنا في القدس // يُنشدُ القياصرَة ُ ، والملوكُ ورؤساء الجمهوريَّه // 
وشكسبير وابنُ المُعتزّ وأبناءُ الله //  وأبناء السبيل // نشيدًا قصيرًا // 
يلفُّ  المدينة َ بالحُزنِ  والخشوع //   
هنا يدفعُ  جنودُ الخيالةِ بأحذيتِهم، الثقيلة طفلا ، دخلَ يشتري كتابا ودفترًا //  
بمناسبةِ السَّنةِ الدراسيَّةِ الجديدَهْ // 
هنا وحفاضًا على النظام والأمن // 
هنا يُطلقُ الجنودُ رصاصة ً قاتلة ًعلى عجوزٍ ذاهبٍ للصلاةِ، فتبتلعُهُ الأرض //  ولأسبابٍ أمنيَّةٍ // لا يدفنُ ليلا ً //
هنا  يحرقُ الجنودُ صحيفة ً //  تكرِّسُ صفحتها الأولى لأطفالٍ //  
سقطوا بالأمس  قتلى برصاص جنودِ الإحتلال // 
هذا  الإحتلال  هو  الإحتلال "  )  . 
    وفي  نهايةِ القصيدةِ  يقولُ الشَّاعرُ : 
( "  يا شجرة َ الزَّيتونْ //  أنسِّقُ  باقة ً من أغصانِكِ الخضراءْ  //  
     باقة ً أقدِّمُها  لسيِّدي  "المسيح "   //  ليبارككِ الرَّبُّ يا  زيتونتي ، //
     ليسامحَكِ الرَّبُّ  يا  زيتونتي // هنا الحربُ تنتهي // هنا الحربُ  تبدأ // 
     هنا  السِّلمُ   يبدأ // هنا  السِّلمُ  ينتهي  / هنا  البداية ُ وهنا  النهايهْ //") . 
  وكما هو واضحٌ جليًّا في هذه  القصيدةِ أنَّ شاعرَنا  يريدُ القول : إنَّ  بلادَنا هي  بلادٌ  في  وضعٍ غير مستقرٍّ وفي مرحلةِ حربٍ ،ولكنها هي بلادُ  سلام وستظلُّ  وطن  السلام  والمحبَّة  وهي التي  كانت   تنشرُ  السلامَ   والمحبَّة  والهُدى  على  جميع  الشُّعوب ، وهي  مهد   الحضارات   جميعها  ومبعثُ  الديانات  السَّماويَّة   ومسرى الأنبياء  والرُّسل  والمبشِّرين  دعاة  السلام ... ولكن وللأسف السلم  والعدالة  والإستقرار فيها  الآن هم  يغتالون  وَيُوأدُون ، ويُقتلُ  ويصلبُ الضَّميرُ  والفجرُ كلَّ  يوم . وهذه  البلدُ  كانت  وما  زالت قبلة َ البشر جميعا ومآل الشعوب وهي البداية ُ والنهاية وفيها ستكون القيامة  ويوم النشور .
  نلاحظ ُ  في هذه القصيدةِ   أنَّ  الدكتور "عمر محاميد " يوظفُ الكثيرَ من الرموز والشَّخصيَّات التاريخيَّةِ  والدينيَّة  والفكريَّة  والأعلام الهامَّة  ليصلَ إلى مبتغاه ، والقصيدة ُ شاملة ٌ تلخِّصً  آيديلوجيَّة  وفكر  "عمر " وتطلعاتِهِ  القوميَّة  والإنسانيَّة والفلسفيَّة والامميَّةِ ، وفيها  يستجلي ويستعرضُ  التاريخَ   الفلسطيني  والعربي  والعالمي  واللاهوتي، فيعبِّرُ  ويصلُ  من  خلالهِ  إلى أهدافهِ  ومواضيعهِ ومنهُ  تتجلى أفكارُهُ  وتجاربُهُ  الثقافيَّة  والذاتيَّة  وتتجلَّى هوية ُ شعبهِ  وقضيَّتهُ .  والقصيدة ُ بحدِّ ذاتِها تجسِّدُ جميعَ التجارب  ومعاناة الإنسان الإنسان  أينما  كان  ومهما  كانت  نوعيَّتهُ  وقوميتهُ  وعرقهُ .  لكنَّ الدكتور "عمر محاميد" هنا  يلخِّصُ  ويجسِّدُ  بالضَبط  أجواءَ ووضعَ وحالةَ الفلسطينيِّين  في منطقة الحكم  الذاتي ( الضفة  والقطاع ) وفي الشتات  وما  يلاقونهُ  من  قتل وتنكيل على  يد  جيش للإحتلال ..فالمدن الفلسطينيَّة ُ رمزُ السَّلام والمحبَّة قد استُبيحَت  وَدُنِّسَت  وتشوَّهَ طابعُها  الجميل  وغابت  عنها البسمة ُ  واختفى الفجر .   فيعطينا  الشَّاعرُ  صورة ً  شاملة ً  وقبيحة ً للظلم والإحتلال  والإستبدادِ  مُروِّعة ً  وَمُؤلمة ...وكما  يذكرُ النضالَ  والمقاومة َ الفلسطينيَّة َ  ، وبشكلٍ  تلقائي   يُجري  مُقارنة ً  بين   نضال  وكفاح   مدينة " سانت بطرسبورغ " التي  درسَ فيها الشَّاعرُ  في  جامعتِها العريقة  فترة ً طويلة - المدينة التي صمدَدت صمودًا أسطوريًّا  ودحَرَت  وهزمت  جحافلَ وجيوشَ النازيِّين  ونابليون بونبارت  وبين مدينة " القدس " عروس السلام والشعب الفلسطيني الذي يقاومُ الإحتلال  بإمكانيَّاتِهِ المتواضعة والمحدودة .  وكما  ذكرتُ أعلاه  فعمر محاميد  وَظَّفَ  في هذه القصيدةِ  الطويلةِ  الكثيرَ من الأسماءِ التاريخيَّة للمُهمّةِ  والرُّموز الحضاريَّةِ  وقد وُفِّقَ  وأجادَ  كثيرا في هذا التوظيف الدَّلالي،وعلى كلِّ  قارىءٍ  يُريدُ  فهمَ وتحليل هذه القصيدةِ أن يكون  ذا  ذقافةٍ  عاليةٍ   وواسعةٍ  وَمُلمًّا  بالتاريخ  والأدب  .  والقصيدة ُ ببساطةٍ  للإنسان الدارسُ والمُطَّلعُ  هي سهلة ٌ وواضحة ً للفهم  ويجدها  من دون تعقيد  أو غموض ، وأمَّا  الذين   ثقافتهم  ومفاهيمُهُم  ضحلة ٌ  وَمنغلقة  فلا  يفهمون  رموزها  وتوظيفاتها  الدَّلاليَّة   وأبعادِها  التاريخيَّة   والقوميَّة  والإنسانيَّة .    
   وبالإضافةِ  إلى العديد  من القصائد الوطنيَّة  والسياسيَّةِ  في  هذا  الديوان  هنالك قصائد أخرى للشاعر عمر محاميد   تتناولُ  باقي المواضيع ، منها :  بعض المقطوعات والومضات الغزليَّة والوجدانيَّة الذاتيَّة وبعض الشَّطحات الصُّوفيَّة  .  يقولُ  مثلا ً : 
( " رُبَّ صَبيَّةٍ  أضاءَت لي  الطَّريقْ  //
     رُبَّ  صبيَّةٍ  أشعَلتْ  فيَّ  الحريقْ  // 
     وَرُحتُ   أنشدُ   أنا   الطريقْ  //  " ) . 
ويقولُ أيضا :
( " رُبَّمَا  أسيرُ في  بحر الرِّمالْ //  رُبَّما  أغرقُ  في  بحر النسيانْ  // 
    وَرُبَّمَا أعشقُ ، أصبحُ سيِّداتي سادتي ولهانْ // 
    رُبَّما أصبحُ في  غُربتي  حيرانْ  //  
    لكنَّني أبصرُ يا سيِّداتي  سادتي بحرًا //  
  لن تبصرَهُ  إلاَّ  بعدَ   أن  تغرقَ // في بحر النسيانْ //  " ) . 
ويقولُ في نفس القصيدة : 
( " أقبلَ  الفقرُ  إلى غرفتي ،//  يحملُ لي خبزًا وفاكهة ً في غربتي //  
    فقلتُ : يا َربَّ  الجوع  ولوعتي ، //  أنقذني  برَبِّكَ  من  محنتي // " ) . 
    وبإختصار هذه المقطوعات  يشوبُها الطابعُ  الوجداني  والذاتي والفلسفي  وتعكسُ ذاتيَّة َ الشَّاعر ومشاعرَهُ  ولواعجَهُ  الذاتيَّة الجيَّاشة  وما  كان يُحسُّ  ويشعرُ  بهِ  في بلاد الغربة... وسأكتفي بهذا القدر من إستعراض القصائد . 
 وأخيرا :  إنَّ الدكتور الشَّاعر  " عمر محاميد " هو  ركنٌ  هام  من  أركان  ثقافتنا وأدبنا المحلِّي وصوتٌ شاعريٌّ  وأدبيٌّ  إبداعيٌّ  مُمَيَّز .. قدَّمَ وأعطى الكثيرَ لشعبنا  الفلسطيني والعربي  من أعمال إبداعيَّةٍ  على الصَّعيد  الأدبي والثقافي ، وكما  لهُ  الفصلُ  الكبير  والرَّائد  في إرسال  العديد من  الطلاب العرب ، من  الداخل، إلى جامعة  " سانت  بطرس  بورغ  " ( في روسيا )    وتخرُّجهم وحصولهم  على الشَّهادات الأكاديميَّة العالية  وشهادات الدكتوراة  من  تلك الجامعة العالميَّة .. فنتمنى  لهُ  العمرَ  المديد  والمزيدَ   من  العطاء  والإبداع .   
.................................................................................. 
1* كتاب معجم العشائر الفلسطينيَّة " محمد محمد حسن شراب " – الأهليَّة – عمَّان -  اللطبعة  الأولى  2002  .




"النمر" يفشل أوهام الاحتلال بعد سبعة عشر عاماً/ راسم عبيدات

العملية التي نفذها الشهيد نمر الجمل في مستوطنة "هار ادار"،أثارت الكثير من التساؤلات وردود الفعل الإسرائيلية على المستوى الرسمي،ومنها مدى قدرة اجهزة الأمن الإسرائيلية على توفير الأمن والأمان لمواطنيها،حيث تتبجح في مرحلة الهبوط الإنتفاضي وخفوت الإشتباك الشعبي بالقول بان الهبات الشعبية والإنتفاضات الفلسطينية قد إنتهت،وكذلك الإسرائيليون تسرب إليهم هذا الوهم الخادع والمضلل ففي إستطلاع للرأي حول اهم الأشياء التي تقلقهم وتشغلهم في حياتهم،لم تكن القضية الفلسطينية على رأس سلم أولوياتهم،فهم أصبحوا يشعرون بالأمان،ولذلك كانت الرسالة بالنار للشهيد الجمل تحدث صدمة وإرباكاً عند اجهزة امن الإحتلال والمجتمع الإسرائيلي.

والشيء الذي يجب أن نركز عليه بشكل كبير بأن توقيت العملية اتت بعد "طوفان" من الدعوات العربية للتطبيع العلني مع دولة الإحتلال فوزير الخارجية السعودي الجبير في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثانية والسبعون قال بشكل واضح لا داعي لإستمرار النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي وسبقه ملك البحرين في تخطئة المقاطعة العربية لدولة الإحتلال ودعوة مواطنيه لزيارة دولة الإحتلال،وكذلك كان حجم الإحباط واليأس كبيراً في خطاب الرئيس عباس في الجمعية العامة عندما قال : نحن سلطة بلا سلطة" والإستيطان يلتهم كل الأرض الفلسطينية،والقمع الإسرائيلي بكل أشكاله وتجلياته ونماذجه للشعب الفلسطيني متواصل بلا توقف والحكومة الإسرائيلية في قمة عنجهيتها واعلى درجات البلطجة والزعرنة والرعونة،وتصريحاتها تركز على نهاية القضية الفلسطينية،وبانها ليست أساس وجذر الصراع في المنطقة،وتزهو وتتباهى بأن علاقاتها مع ما يسمى بالمحور السني العربي متطورة وأعمق وأوسع مما ينشره الإعلام،وهي تتخطى علاقة اسرائيل في الإتحاد الأوروبي.
ولذلك اعتقدت حكومة الإحتلال ومعها امريكا،بان القضية الفلسطينية قد انتهت،وان ساعة تصفيتها قد ازفت،بانية هذه المواقف على التطبيع الرسمي العربي معها،والذي ينتقل بشكل سريع من جوانبه السرية الى العلنية ويأخذ أبعاداً اكثر من التنسيق والتعاون إلى مرحلة التحالف والإندماج الكلي،غير مدركة بأن شعب مصر رغم اتفاقية كامب ديفيد التي مضى عليها 39 عاماً فالتطبيع مع الاحتلال بقي في الإطار الرسمي، اما الشعب المصري فقد بقي رافضاً لهذا التطبيع،وكان شعبياً ومؤسساتياً يجرم كل من يطبع مع الإحتلال،ويتخذ بحقه إجراءات عقابية رادعة،ولذلك هذه المواقف لأنظمة غير شرعية وعاجزة ومتهالكة لا تعبر عن حقيقة الموقف العربي الشعبي،والعبرة فيما جرى في هبة باب الإسباط،عندما حاول المحتل المس بالمسجد الأقصى ومحاولة السيطرة عليه بخطة متدرجة بدات بنصب بوابات الكترونية ومحاولة نصب كاميرات ذكية،فالجماهير العربية قاربت على ان تقلب الطاولة على رأس انظمتها،ولربما وصلت الأمور حد الإنفجار الشمولي لو إستطال امد هذه الهبة والأزمة لمدة اطول.
الشهيد الجمل الهادىء ذو الوضع الإقتصادي الجيد،والحاصل على تصريح دخول للعمل في المستوطنات والداخل الفلسطيني- 48 -،حاولت اجهزة امن الإحتلال ان تشوه صورته الشخصية،وان تقول بان عمليته لم تكن نتيجة قناعات وطنية ورغبة وحباً في المقاومة،بل هي أتت نتيجة خلافات عائلية وأسرية،وفي كل مرة ومع كل عملية تحصل،تحاول ان تبعد عنها صفة المقاومة،وانها نتيجة ظلم وقهر وبطش الإحتلال،فتارة يتم ربط المنفذ بالإرهاب والعلاقة مع "داعش"، كما هو الحال في عملية الشهيد فادي القنبر،عندما دهس جنود الإحتلال بشاحنته على قمة جبل المكبر،وأخرى بالفقر والعوز او الخلافات الأسرية والعائلية،وكأن الفلسطيني الذي يشاهد مسلسل الذل الذي يتعرض له شعبه بشكل يومي،بحاجة الى سبب لكي ينخرط في النضال والمقاومة،ومن استمع لتصريحات قادة الإحتلال بعد العملية يدرك مدى عنجهيتهم ورفضهم البحث عن أي خيار تفاوضي وسلمي غير خيار التوعد بالقتل والإعدام والمزيد من البطش،فالمتطرف ليبرمان يدعو الى تفعيل قانون الإعدام بحق أسرى شعبنا والمتطرفة العنصرية نافا بوكر نائبة رئيس الكنيست الصهيوني تدعو الى القاء جثث شهداء شعبنا في البحر،وما تسمى بوزيرة العدل الصهيوني اييليت شاكيد،تقول بان القضاء جزء من الإستيطان، ووزير اركان جيش الإحتلال ايزنكوت يستجيب لطلب الجندي ازاريا بتخفيف حكمه على قتله بدم بارد للشهيد عبد الفتاح الشريف من عام ونصف الى  أربعة شهور وخدمة للجمهور،حكم مسرحي وهزيلي في زمن عربي مسرحي وهزلي أيضاً،ففي الوقت الذي يحكم فيها قاتل عمداً وبدم بارد بالسجن عام ونصف،واطفال فلسطينيون يحكمون ثمانية عشر عاماً ومائتي الف شيكل غرامه،لمجرد محاولتهم طعن مستوطنتين،فهذا يفضح حكومة الإحتلال وقضاء الإحتلال بشكل سافر.
ونتنياهو يقول أيضاً:- سنهدم بيت منفذ العملية ولا تهاون مع "القتلة" و"الإرهابيين" وسنعمل على تغيير سياسة منح التصاريح،ناهيك عن سحب تصاريح عمل عائلة وأقارب الشهيد،وسنفرض المزيد من العقوبات الجماعية عليهم،وبما يشمل سن قانون طرد عائلات الشهداء لقطاع غزة وخارج فلسطين.
من يتسرب الى قلبه بان مثل هؤلاء المتطرفون سيصنعون سلاماً مع شعبنا فهو واهم،ويعيش خارج التاريخ البشري العاقل،فالسلام الذي يردونه،هو ما طرحه المتطرف والعنصري بتسلئيل سموتريتش من حزب "البيت اليهودي"، من مشروع سياسي "خطة الحسم" يتلخص بتصفية القضية الفلسطينية من خلال فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وتكثيف الاستيطان وحل السلطة الفلسطينية وتشجيع الفلسطينيين على الهجرة لخارج فلسطين التاريخية.
نعم يا ايتها المتطرفة شاكيد قضاؤكم جزء من الإستيطان وجزء من تبرير قتل شعبنا ورفض الإعتراف بوجوده،ولذلك الشهيد الجمل ليس ما دفعه لهذا العمل،هو خلافاته الأسرية والعائلية،بل إحتلالكم البغيض ومجمل ممارساتكم القمعية والإذلالية ووجود متطرفة مثلك كوزيرة للقضاء.

في ليالي العرب الظلماء.. نفتقدك يا ناصر/ صبحي غندور

ما يحدث الآن في البلاد العربية هو تأكيدٌ جديد على أهمّية إعادة قراءة "المشروع الناصري" الذي لم يمنحه القدر الفرصة الزمنية الكافية لإثبات جدارته.
لقد توفّي جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر من عام 1970 عن عمرٍ لم يتجاوز ال52 عاماً، بعد 16 سنة من رئاسة مصر وقيادة المنطقة بأسرها، ولكنّه كان في سنوات حياته الأخيرة في قمّة بلوغه الفكري والسياسي، خاصّةً في الأعوام التي تلت حرب العام 1967.
إنّ التجربة الناصرية كانت عملياً مجموعة من المراحل المختلفة، ولم تكن تسير في سياقٍ تطوّري واحد. فالمرحلة الأولى من ثورة 23 يوليو عام 1952 امتدّت لعامين جرى فيها التحوّل من النظام الملكي إلى الجمهورية، وجرت فيها محاولات استبيان آفاق النظام السياسي الجديد وطبيعة العلاقة بين مجموعة من "الضبّاط العسكريين" الذين اشتركوا في صنع الانقلاب العسكري، وهو ما تحوّل فيما بعد إلى ثورة شعبية عارمة مؤيّدة للتغيير الذي بدأه "الضبّاط الأحرار"، لكن هؤلاء "الضبّاط" لم يشتركوا في تفاصيل الرؤية الفكرية والسياسية المرجوّة لمصر المستقبل. فقد كانت هناك مبادئ عامّة مصرية محلّية متّفق عليها (المبادئ الستّة) لكن دون توافق في المنظور الإستراتيجي أو العقائدي بين هؤلاء الضبّاط. وانتهت هذه المرحلة عام 1954 بتولّي جمال عبد الناصر القيادة مباشرة بعدما كان اللواء محمد نجيب في واجهة ضبّاط الثورة. ورأى ناصر آنذاك أنّ الأولوية هي لتحرير مصر من الوجود العسكري الأجنبي ومن القواعد البريطانية، فكانت "هيئة التحرير" هي الإطار السياسي الشعبي الأول الذي أطلقته ثورة 23 يوليو، والذي تزامن مع فترة تأميم قناة السويس والتصدّي للعدوان الثلاثي على مصر (إسرائيل/بريطانيا/فرنسا) عام 1956. 
ثمّ انتقلت التجربة الناصرية من معركة التحرّر ضدّ الهيمنة الأجنبية على أرضها إلى دعم ومساندة حركات التحرّر العربية ضدّ بقايا الاستعمار الأوروبي في المنطقة (كثورة عدن ضدّ الإنجليز، وثورة الجزائر ضدّ الفرنسيين). فكانت تلك مرحلة إطلاق الدور العربي لمصر الناصرية إضافةً إلى دورها الكبير في دول العالم الثالث، والذي تجلّى في إعلان مجموعة "دول عدم الانحياز" ومساندة حركات تحرّر وطنية في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.
وكان إعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 تتويجاً لهذه المرحلة القومية التي قادها ناصر في النصف الثاني من عقد الخمسينات، والتي ترافقت أيضاً مع بناء إطار سياسي داخلي أطلِق عليه اسم "الاتّحاد القومي".
وبشكلٍ معاكس للسياق التصاعدي الذي كانت عليه ثورة ناصر في الخمسينات، بدأ عقد الستّينات حاملاً معه مواجهة حادّة مع أطراف إقليمية ودولية وفي ظلّ بناءٍ سياسي داخلي هش، ودور فعّال لما اصطلِح على تسميته ب"مراكز القوى" خاصّةً في المؤسّسة العسكرية والأجهزة الأمنية، والتي كانت هي أهم وسائل التواصل بين القيادة الناصرية والكثير من المواقع الفكرية والسياسية في مصر وفي المنطقة العربية.
أيضاً، بدأت حقبة الستّينات والتوتّر على أشدّه بين قطبي الحرب الباردة، حيث استباحت واشنطن وموسكو كل ساحات بلدان العالم الثالث للصراع الحادّ بينهما. فكانت مصر والأرض العربية أبرز هذه الساحات، كما حدث في حرب العام 1967 وفي الصراع على الأحلاف العسكرية في المنطقة.
ولعلّ انهيار تجربة الوحدة بين مصر وسوريا (28 أيلول/سبتمبر 1961) شكّل أفضل مثال على مخاطر مزيج سلبيات البناء الداخلي مع حجم التحدّيات الخارجية. فلم تكن جريمة الانفصال حصيلة مؤامرات خارجية فقط، إذ كانت هشاشة البناء الذي قامت عليه تجربة الوحدة هي العامل الأهم في حدوث هذا الانفصال.
ستّ سنواتٍ عجاف للتجربة الناصرية (منذ الانفصال عام 1961 إلى هزيمة العام 1967) تخلّلتها صراعات عربية/عربية وحرب اليمن التي استنزفت الجيش المصري، واتّسمت بالتركيز على "الفكر الاشتراكي" الذي تشوّه مضمونه أحياناً بأفكار أخرى، وبعدم الحسم ضدّ "مراكز القوى" داخل جسم القيادة المصرية.
لكن هزيمة العام 1967 كانت أيضاً نقطة تحوّل إيجابية كبيرة في التجربة الناصرية من حيث تطهير الجسم السياسي والعسكري القيادي في مصر، وإعادة البناء السليم للمؤسّسة العسكرية، ووضع أولويات المعركة ضدّ إسرائيل على حساب أي صراعات عربية أخرى، ثمّ بدء حرب استنزاف عسكرية على جبهة قناة السويس مهّدت عملياً لحرب أكتوبر عام 1973.
خلاصات السنوات الستّ العجاف في عقد الستّينات كانت مزيجاً من الدروس الهامّة لمسألتيْ الوحدة العربية والصراع مع إسرائيل. إذ تبيّن أنَّ زخم المشاعر الشعبية لا يكفي وحده لتحقيق الوحدة، وأنَّ هناك حاجةً قصوى للبناء التدريجي السليم قبل تحقيق الاندماج بين بلدين عربيين أو أكثر. وهذا ما حرص عليه عبد الناصر عقب حرب 1967 حينما رفض المناشدة الليبية ثمَّ السودانية للوحدة مع مصر، واكتفى بخطوات تنسيق معهما رافضاً تكرار سلبيات الوحدة الفورية مع سوريا. 
أيضاً أدرك عبد الناصر ومعه كل أبناء الأمّة العربية أن التحرّر من الاحتلال يقتضي أقصى درجات الوحدة الوطنية في الداخل، وأعلى درجات التضامن والتنسيق بين الدول العربية.
كذلك، كان من دروس هزيمة 1967 وانفصال عام 1961، أنّ البناء الداخلي السليم وتحقيق المشاركة الشعبية الفعّالة في الحياة السياسية، هما الأساس للحفاظ على أي تجربة تكاملية بين البلاد العربية، وهما أيضاً الأرض الصلبة لقيادة حركة التحرّر من أي احتلال أو هيمنة خارجية.
لكن هذه الدروس الهامّة لم تعش طويلاً بعد وفاة ناصر، وهاهي الأمّة العربية تعاني منذ غياب قيادتها الناصرية التاريخية من انعدام التضامن العربي، ومن الانقسامات والصراعات والحروب الأهلية، ومن هشاشة البناء الداخلي وهيمنة الفساد السياسي والمالي، مما سهّل الهيمنة الخارجية على بعض أوطانها ودفع بالوضع العربي كلّه نحو مزيدٍ من التأزّم والتفتّت والتخلّف والسيطرة الأجنبية.
إنّ التجربة الناصرية أصبحت الآن ملكاً للتاريخ، لها ما لها وعليها ما عليها، لكن قضايا العدل السياسي والاجتماعي، وبناء مجتمع المواطنة السليمة، والتحرّر من الهيمنة الأجنبية، والحفاظ على الوحدة الوطنية، والتمسّك بالهويّة العربية، هي أهدافٌ مستمرّة لشعب مصر ولكل شعوب الأمّة العربية مهما تغيّر الزمن والظروف والقيادات، وكيفما اختلفت الوسائل أو تعثّرت..
يعتبر البعض أنّ الكتابة عن ناصر هي مجرّد حنين عاطفي لمرحلةٍ ولّت ولن تعود، بينما يتمّ الآن إغراق الأمَّة في خلافاتٍ ورواياتٍ وأحاديث عمرها أكثر من 14 قرناً، والهدف منها ليس إعادة نهضة الأمَّة العربية، بل تقسيمها إلى دويلات طائفية ومذهبية تتناسب مع الإصرار الإسرائيلي على تحصيل اعتراف فلسطيني وعربي بالهُويّة اليهودية لدولة إسرائيل، بحيث تكون "الدولة اليهودية" نموذجاً لدويلات دينية وإثنية منشودة في المنطقة كلّها!. 
نعم يا جمال عبد الناصر، فنحن نعيش الآن نتائج "الزمن الإسرائيلي" الذي جرى اعتماده بعد رحيلك المفاجئ عام 1970، ثمّ بعد الانقلاب الذي حدث على "زمن القومية العربية"، والذي كانت مصر تقوده في عقديْ الخمسينات والستّينات من القرن الماضي. فاليوم يشهد معظم بلاد العرب "حوادث عنف تقسيمية" و"أحاديث طائفية ومذهبية وإثنية" لتفتيت الأوطان نفسها.. لا الهويّة العربية وحدها.
هو "زمنٌ إسرائيلي" نعيشه الآن يا ناصر على مستوى العالم أيضاً. فعصر "كتلة عدم الانحياز لأحد المعسكرين الدوليين"، الذي كانت مصر رائدته، تحّول إلى عصر صراع "الشرق الإسلامي" مع "الغرب المسيحي"، بينما يستمرّ تهميش "الصراع العربي/الصهيوني"، وفي هاتين الحالتين،  المكاسب الإسرائيلية ضخمةٌ جدّاً!.
رحمك الله يا جمال عبد الناصر، فقد كنت تكرّر دائماً: "غزَّة والضفَّة والقدس قبل سيناء.. والجولان قبل سيناء"، وأدركتَ أنَّ قوّة مصر هي في عروبتها، وأنَّ أمن مصر لا ينفصل عن أمن مشرق الأمَّة العربية ومغربها ووادي نيلها الممتد في العمق الإفريقي. 
رحمك الله يا جمال عبد الناصر، فأنت رفضت إعطاء أي أفضلية لعائلتك وأبنائك، لا في المدارس والجامعات ولا في الأعمال والحياة العامّة، فكيف بالسياسة والحكم!! وتوفّيت يا ناصر وزوجتك لا تملك المنزل الذي كانت تعيش فيه، فكنت نموذجاً قيادياً عظيماً، بينما ينخر الآن الفساد في معظم مؤسّسات الحكم بالعالم. 
اليوم، نجد واقعاً عربياً مغايراً لما كان عليه العرب في أيامك يا ناصر.. فقد سقطت أولويّات المعركة مع إسرائيل وحلّت مكانها "المعاهدات" والمعارك العربية الداخلية. اليوم استبْدِلَت "الهويّة العربية" بالهويّات الطائفية والإثنية ولصالح الحروب والانقسامات الوطنية الداخلية. اليوم تزداد الصراعات العربية البينية بينما ينشط "التطبيع مع إسرائيل"!!.
البعض في المنطقة العربية وجد الحلَّ في العودة إلى "عصر الجاهلية" وصراعاتها القبلية، تحت أسماء وشعارات دينية، وهو يستهزئ بالحديث الآن عن حقبة "23 يوليو" التي ولّت!!. وبعضٌ عربيٌّ آخر رأى "نموذجه" في الحلّ بعودة البلاد العربية إلى مرحلة ما قبل عصرك يا ناصر، أي العقود الأولى من القرن العشرين التي تميّزت بتحكّم وهيمنة الغرب على الشرق! فهكذا هو واقع حال العرب اليوم بعد غيابك يا عبد الناصر، ما يُقارب نصف قرن من الانحدار المتواصل!. نعم المنطقة العربية تغيّرت، والعالم بأسره شهد ويشهد متغيّراتٍ جذرية في عموم المجالات .. لكن ما لم يتغيّر هو طبيعة التحدّيات المستمرّة على العرب منذ مائة سنة، هي عمر التوأمة والتزامن بين وعد بلفور وبين تفتيت المنطقة وتقسيمها لصالح القوى الكبرى!.
نعم، نفتقدك يا ناصر في هذه الليالي العربية الطويلة الظلماء.. لكن الفجر آتٍ ولا بدّ للّيل أن ينجلي.

أيلول/سبتمبر 2017
   *مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

لا مصالحة ولا تسوية مع يهود الداخل على حساب كرامتنا وشهدائنا/ موسى مرعي

ما أن أطل المشروع الصهيوني مطلع القرن الماضي حتى آزرته أصوات محلية مشبوهة. وما أن اجتاحت الدبابات   
 الصهيونية الأراضي اللبنانية سنة 1982 حتى كان أحفاد تلك الأصوات يستظلون بالنجمة السداسية للوصول إلى بعبدا. ونكاية بالمواطن “المختلف” ساندوا الإرهابيين بكل مشاربهم ونزعاتهم.

معركة الجرود أعادت تعرية هذه الوجوه التي حاول “إتفاق الطائف” أن يغسل عنها أدران التعصب والعمالة والانتهازية، فلم تنفع معها قيم التسامح والتساهل. فكانت تعود إلى عوائدها القديمة المُذِلة كلما شعرت بأن الظروف مؤاتية… أو كلما أغرتها القوى الخارجية بالمنافع الذاتية.

الجماعات الإرهابية في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع لم تهبط على مناطق الحدود الشامية ـ اللبنانية من المريخ، ولم تنشأ في بيئات غير حاضنة. هي نتاج طبيعي للواقع الطائفي البغيض في الكيان اللبناني. لقد أوجدها وموّلها وأمنّ لها الغطاء السياسي والاجتماعي والأمني نواب ووزراء وقادة أحزاب لبنانيون معروفون بالأسماء وبالممارسات. ومعظم هؤلاء يجلس بوقاحة عزّ نظيرها تحت قبة مجلس النواب أو على مقاعد الوزارة الوثيرة في السراي… بينما دماء أبطال الجيشين اللبناني والشامي والمقاومة تروي تراب الوطن الغالي.

إن الاحتفال بالانتصار على الإرهاب، برأينا، لن يكون مكتملاً إلا بمحاكمة أصحاب الأصوات الناشزة الذين يهربون إلى الأمام الآن منعاًً للمحاسبة العلنية. مقاتلو “داعش” و”النصرة” هزموا واستسلموا ورحلوا، لكن منظري الإرهاب ورعاته وسياسييه ما زالوا يسرحون ويمرحون في الوزارة والنيابة والأحزاب ووسائل الإعلام من كل حدب وصوب.

إنهم يتخذون من طوائفهم متاريس يتحصنون فيها للدفاع عن خياناتهم ولتغطية تورطهم في الإرهاب ومسؤوليتهم المباشرة عن دماء العسكريين والمدنيين الذين سقطوا في كافة المناطق اللبنانية خلال السنوات الخمس الماضية. إن مسؤوليتهم جنائية قانونية بقدر ما هي مناقبية وطنية. وليس من حق أية جهة رسمية أو حزبية أن تغض الطرف و”عفا الله عما مضى”، كما حدث سنة 2005 في خضم الهستيريا المبرمجة التي رافقت اغتيال الحريري الأب!

الطوائف، من حيث هي جماعات إيمانية، يجب أن تنأى بنفسها علناً وبكلام غير موارب عن المواقف المشبوهة لمن يدعي النطق بلسانها. لا توجد “طائفة وطنية” وأخرى “غير وطنية”. هذا منطق حاول بعضهم الترويج له خلال الحرب الأهلية سنة 1975، لكنه سقط على أرض الواقع. هناك أفراد وأحزاب متورطون… ومعروفون!

الأفراد والجماعات الذين تواطأوا مع الإرهابيين وراهنوا عليهم، بل وقدموا لهم كل أشكال الدعم، يتحملون وحدهم مغبة جرائمهم، ومن الضروري منعهم من التلطي خلف متاريس طوائفهم.

ليست الإشكالية الآن بين طائفة وأخرى، بل بين المواطنين والطائفيين، وبين الوطن والنظام الطائفي!

آن أوان الخيار والحسم. فلا تسوية طائفية مع المرتهنين إلى الخارج، كي لا يراق دم جديد كلما أطلت على بلادنا مشاريع الخيانة.


  الحزب السوري القومي الاجتماعي / مفوضية سيدني المستقلة 
               موسى مرعي   

لا كرد العراق وسوريا يستطيعا أيا منهما اقامة كيان خاص بهم/ الدكتور حمدى حمودة

أحب أصحح لكثير من الأخوة الأعلامين الذين يتناولون هذه القضية المثيرة للجدل على صفحات التواصل الأجتماعى ، بأن مسعود البرزانى الفاقد للشرعية منذ سنتين بعد ولايته الثانية ، والذى قام بخطوة احادية لفصل الأقليم عن الحكومة المركزية واقامة كيان مماثل للكيان الصهيونى فى فلسطين المحتلة ، سيلاقى صعوبات لاحصر ولاعد لها من الحكومة العراقية أولا التى لن تسمح له باتخاذ هذه الخطوة الفردية خاصة بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية عدم الأعتراف بهذا الأستفتاء المزعم اليوم 25 سبتمبر 2017 وكذلك مجلس النواب الذى رفض هذا الأنفصال بالأجماع والتعدى على الدستور ، وأحب أنوه أن كثير من الأخوة الكتاب يتناولون أثناء كتابتهم أو أثناء الحديث فى القنوات الفضائية ، بنعتهم " بالأكراد " والصحيح هو "الكرد" والمفرد منه هو ، كردى ، هذه من جهة ، من جهة ثانية البعض يشكك فى أن دول الجوار مثل طهران أو أنقرة أو سوريا ستتغافل الأمر وستسمح لهم بالأنفصال وأقامة هذا الكيان ، وأنا أعتبر أن هذا من المستحيلات العشر لعدة أسباب : 
1- اقامة مثل هذا الكيان أو الدويلة فى شمال العراق أو شمال سوريا لن تسمح به لا أنقرة ولا ايران ولا الدولتان الأم اللتان سينفصلان عنهما لأن ذلك يضر بمصالحهم جميعا .
2- لأن هذا يؤدى الى تثبيت نظرية الأنفصال وقيام كيانات مماثلة فى كل من أنقرة وطهران خاصة أن هذا الشعب  لاهوية  ولا أرض له ، فقد تم تشتيتهم فى كل العالم مثلهم مثل الصهاينة الذين اغتصبوا أرض فلسطين وأقاموا عليها كيانهم المزعوم ، وقد سردت تاريخ الكرد ونشأته من قبل الميلاد حتى الشتات فى كتابى ( الغزو الأمريكى للعراق ) كيف كانوا وكيف أصبحوا .
3- بعد أن قامت ايران وتركيا اليوم باغلاق المعابر وأوقفت بغداد الرحلات الجوية ذهابا وايابا الى اقليم كوردستان ، وهددت بوقف الرواتب ، أعلنت كذلك أنقرة وقف شراء البترول من الأقليم
4- الواضح من كل ما سبق هو ضرب حصار قوى على الأقليم والذى سيتضرر منه أولا وأخيرا الشعب الكردى والعرب والطوائف الأخرى فى كل من أربيل والسلمانية وكركوك .
5- كل أحزاب الأقليم فى الثلاث محافظات استنكرت الخطوة الفردية ورفضتها علاوة على أن الرئيس العراقى والمفترض أنه كردى استنكر عمل الأستفتاء .
اذن نخلص من هذا أنه بالضرورة بعد فرض الحصار من الدول الأربع ووقف الرواتب سيشعر الفرد فى الأقليم بقوة هذا الحصار الذى سيؤثر عليه تأثيرا مباشرا مما سيؤدى الى اشتباكات بين الطوائف العربية والكردية فى أنحاء الأقليم ، وهذه بالضرورة ستجلب فوضى كبيرة تهدف وتؤسس لها الولايات المتحدة والكيان الصهيونى وبعض اللاعبين من دول الخليج تربك من ورائها الحكومة العراقية التى انتصرت على الجماعات الأرهابية " داعش وأمثالها " وحررت كل العراق منهم ، وهذا بالطبع لايروق لواشنطن ولا للكيان الصهيونى ولا للرياض التى لعبت دورا كبيرا فى محاولة تفتيت العراق من 2003 وما زالت تمارس لعبتها هنا وفى سوريا التى حررت هى الأخرى أراضيها وكان آخر معاقل داعش فى دير الزور التى امسك الجيش العربى السورى بآخر شبر فيها 
اذن المفهوم والواضح مما قام به مسعود البرزانى هو محاولة قيام كيان يكون هو الحاكم عليه حتى يمكن لأبنائه ارث الحكم ولعائلته ، فهو ورث الحكم عن أبيه الذى فر هاربا الى الكيان الصهيونى بعد فشل محاولته فى اقامة كيان كردى مستقل عن الدولة المركزية ، وللعلم هذه المحاولة الخامسة التى سوف تفشل كما فشلت المحاولات الأربع السابقة وربما لايستطيع برزانى الهرب الى موطنه الأصلى فمن الممكن أن يتم اعتقاله ومحاكمته بتهمة الأنقلاب على الحكم خاصة وانه عديم الشرعية وبتأجيج الفتنة والتخابر والتعامل مع العدو ضد الدولة ، وهذا ما كان يجب القيام به من قبل الحكومة المركزية فور اعلانه بعمل استفساء لأنفصال الأقليم . 
واشنطن وحلافائها يريدون اطالة الحرب فى العراق وسوريا ، فوقوفها بجانب كرد سوريا فى الشمال وتسليحهم بحجة ضرب ودحر داعش ، اكذوبة كبيرة فهى تنظر لكل منهما بعين المساواة ، فكما تساعد داعش تساعد الأكراد ، ولا ننسى كم من مرة تم اعتداءالقوات الأمريكية والكيان الصهيونى على الجيش العربى السورى لكى تفسح المجال لداعش ، وفى الآونة الأخيرة فى حرب البادية السورية وتطهيرها من الدواعش وبعض الجماعات الأخرى ، قامت واشنطن بتهريب قادة من داعش أجانب الى تركيا لنقلهم بعد ذلك الى بلدانهم . 
الولايات المتحدة تتجرع كؤوس الهزيمة فى كل من بغداد ودمشق ، والآن ليس لها مكان فى أى منهما ، ولقد أعلن ذلك رئيس الوزراء العراقى فى أكثر من خطاب وكل المكونات العراقية ، وبالمثل أعلنت وزارة الخارجية السورية فى أكثر من مرة بأن سوريا لاتسمح لآى جندى أجنبى على أراضيها بعد تحرير آخر شبر فيها سواء كانت قوات تركية أو أمريكية ، كما أعلنت مرارا أنها لا تسمح باقامة فدرالية كردية أو غيرها لأى أسباب ، والأعلان الذى أعلنه بالأمس حزب القوات الديمقراطية الكردية من شمال سورية باستقلاله وانفصاله عن الدولة الأم ، ليس له أى أساس من الصحة لأنه اختراق للدستور وانفصال من طرف واحد مثله مثل الأستفتاء البرزانى ، وكأن واشنطون تريد أن تقول لهم اننى أوفيت بوعدى وباباى ، كل العالم عدى الكيان الصهيونى وواشنطن هما المؤيدين للأنفصال ، أو لنشوب حرب تستمر عشرات السنين بديلة لحرب الجماعات التكفيرية فى الأقليم ، لقد تم احباط المخطط للمرة الثالثة ، اقامة شرق أوسط جديد من 2003 الى الآن وانتهت أيضا لعبة الأمم فى سوريا والعراق .
                                                                       
Dr_hamdy@hotmail.com
      

ايمان/ وفاء القناوى

..... رحلت عن عالمنا إمرأة هذا الزمان الحديدية , رحلت ولم ترحل إبتسامتها من على شفتيها ,,, رحلت إيمان الملقبة بأسمن إمرأة فى العالم , والتى أهلّها وزنها لدخول موسوعة جينيس ولم يؤهلها لدخول الدنيا والحياة بها , بل فرض عليها الإنعزال والبعد عن الحياة ومن فيها , ولِدت إيمان طفلة غير عادية بوزن غير طبيعى مثل بقية الأطفال , بعد فترة ونتيجة لنمو إيمان السريع تأكد لأهلها إنها تعانى مرضا ما , جعلهم يذهبون بها للأطباء الذين بدورهم قرروا إصابتها بخلل فى الغدد أثّر على إفراز الهرمونات , وتمر الأيام والسنين ويزداد وزن إيمان وتزداد معاناتها فى الحياة وهى فى سنوات عمرها الأولى , قريناتها قد ذهبن إلى المدارس وهى قعيدة فى المنزل لا تستطيع الخروج منه  فقد زاد الحمل على الساقين وأصبحت لا تسطيع  أن تحملاها وتحولت إلى طفل صغير مرة أخرى تحبو على يديها وركبتيها تتنقل بين حجرات البيت  فقط لا غير  وتجرى السنين  وتمُروإيمان على أعتاب البلوغ وتفتح الأنوثة وبدلا  من أن تقف أمام المرآه لترى جسمها وتستدير لتتفقد كل ما هو جديد فى شكلها لم تستطع حتى أن تعيش تلك اللحظة وترى نفسها وإنما اكتفت بالنوم فى سريرها فقد أصبحت طريحة الفراش  وهى فى ربيع العمر , وإن كان  الشاعر السورى أبو العلاء المعّرى لٌقب برهين المحبسين وهما ظلام العمى واعتزال الناس والحبس فى البيت  إلا إن إيمان كانت حبيسة البيت والجسد الذى لم تستطبع الخروج منه لترى الدنيا وتعيش الحياة بحلوها ومرها والتى لم تأخذ منها غير المر والحنظل , إيمان ومن أول لحظة قرأت  ما نُشرعنها وهى تُشحن مثل أى شُحنة فى سيارة نقل و تٌرفع بالونش   وطيارة خاصة لظروف مرضها ووزنها, وملابسات تلك  الرحلة وتوابعها جعلتنى أتتبع أخبارها وأستمد منها القوة كل لحظة , فقد كانت تٌمثل حافز للتحدى والصمود ثلاثة عقود مٌثابرة صابرة مبتسمة لقدر تقبلته بصدر رحب رغم الأمراض التى توالت عليها بسبب الوزن الزائد لإصابتها بمرض الفيل ,رحلت إيمان من الأسكندرية موطنها والتى لم تعرف غيرها وبرغم أنها لم تراها وسط شو إعلامى ضخم تابع رحلتها إلى الهند  ورصدها ,وسواء كانت هذه الرحلة فى صالح صحتها  أم أدت إلى تدهورها  أكتر إلا إنها , أخبرت العالم بوجودها فى هذه الحياة وإصرارها على مواصلة التحدى فهل هناك من مساعدة لهذا التحدى على الإستمرار؟؟   ولأن هناك أيادى بيضاء كثيرة فقد وجدت إيمان أولاد زايد الخير أبناء الإمارات الذين قرروا أن يكون هذا العام هو عام الخير والأيادى البيضاء لكل من يحتاج , وامتدت أياديهم لتأخذ إيمان وتبدأ رحلة جديدة خلت من اليأس بل كان الصمود والإصرار على مواصلة الحياة بكل شجاعة  رغم ماعاناتها ورغم الألم والنفى من الحياة وهى ما زالت على قيد الحياة , ومنذ أيام رحلت إيمان عبد العاطى  والتى اعتبرت أسمن إمرأة فى العالم من الحياة وكل حلمها  وآخر أمنياتها أن تأكل أيس كريم و تتمشى على كورنيش البحر بالأسكندرية حلم بسيط جدا أكيد ظل يراود خيالها على مدى ثلاثة عقود ولكن القدر برغم بساطة هذا الحلم لم يمهلها  لتستمتع به  , برغم إنها عانت على مر السنين من  أمراض كثرة لا حصر لها , من عدم الحركة وصعوبة التنفس وصعوبة الكلام وانسداد فى الشرايين ونقص الفيتامينات الأساسية ومشاكل فى القلب  و جلطة دماغية وتقرحات الفراش من طول الرقاد والتهابات شديدة فى المجارى البولية وارتجاع فى الصمام الأورطى واخيرا اختلال فى وظائف  أعضاء الجسم بما فى ذلك الفشل الكلوى  وبعد أن كنا نحلم معها ونقول (لسه الأمانى ممكنة ) إلا إنها أخيراً استسلمت فى حربها ضد تلك الأمراض , لتنتهى مأساتها وتٌخلد فى راحة أبدية بعد معاناة 36 عام لم تعرف خلالها غير العذاب والألم  رحم  الله إيمان وأسكنها فسيح جناته لتنعم بما لم تحظى به فى الدنيا

دفء من معطف الذاكرة وقبس من ثلج القصيد/ رجاء محمد زروقي

..
وحين نحن إلتقينا 
إلتبس على الزمن الزمان 
إرتج عرش نيسان
 تعثر القلب..
فتبعثر تويج النبض 
وتدحرج من لدينا 
----،----
وحين نحن إلتقينا 
ذهل الوقت
 وسقطت عندلة دقات الحب 
مغشيا عليها 
من يدينا 
----،----
وحين نحن إلتقينا 
إرتبكت فصول القوافي 
إستوطن أيلول
فاصفرتّ الحروف وأقفرت خوابينا
----،----
وحين نحن إلتقينا 
 خاصم الوقت الحين والميقات 
إرتحلنا منا إلينا 
توغلنا بين ضِرام الفواصل والنقاط
وإغتربنا علينا 
----،----
وحين نحن إلتقينا 
نفثنا نسيم الهوى 
فاشتبكت أيادي النوى 
وضلّ الحنين دفء يديْ قلبينا 
----،----
وحين نحن إلتقينا 
تحلق الوطن والربيع 
والجبال والأقحوان 
ولكن أهملت العصافير ضفتينا 
----،----
وحين نحن إلتقينا 
إشتعل النهار توقد المحار
وغضّ الطرف نورس الفرح
عن موج  ناظرينا 
----،----
وحين نحن إلتقينا 
جاءت الحروف والكلمات
 موؤودة  من البيلسان إلى الأرجوان
فأدمت الفكرة خاطرينا 
----،----
وحين نحن إلتقينا 
سافر الأنا منا إلينا 
أنهكه البِر بنا 
فألقى الإعياء كاهل عيِّ الوفاء علينا 
----،-----
وحين نحن إلتقينا 
نزف القصيد 
أغنيات باكيات 
وفرّ مهاجرا في دمنا 
قربا بعيدا جدا
بعدا قريبا جدا
 ونسيَ  أن يُسلّم علينا  
----،----
وحين نحن إلتقينا 
ألقى البحر الســـلام 
فانفجرنا بعـــــــــــــــدا .......
لا علينـــا ....
----