في عينها أقمارُ/ د. عدنان الظاهر


   
1ـ  قصرُ القَمَر
( جابَ الصخرةَ في الوادي ) تكسيرا
كي يبني للفتنةِ في الجنّةِ قصراً ممدودا   
أمردَ بلقيسيّا
فوقَ مياهِ البحرِ الميّتِ عَرْشاً منصوبا
من فاخرِ مرمرِ جلمودِ كناعينِ بلادِ الشامِ
صَرحاً يتلّونُ ياقوتاً مسحوراً ترصيعا
يتألّقُ في عينيها ماسا مصقولا
يتبادلُ ألوانَ طقوسِ البهجةِ حالاً حالا  
يتفجّرُ عيناً عيناً زلزالا
سيلاً فضيّاً قمريّاً مصهورا 
يصنعُ مخلوقاً عَبْدا
يحملُ مِرسالَ النجوى   
يهوى قمراً في ماسةِ عينيها مطمورا
يتسلّقُ أبراجَ الفتنةِ بُرْجاً بُرْجا  
يتصيّدُ في بحرِ النوءِ الجارفِ حوتا
يرسمُ في قارِ الليلةِ نجماً ذا ذيلٍ مثقوبا
يهوي إنْ شاءَ ويعلو مقلوبا
يقبسُ من شعلةِ كوكبِ عينيها نورا
يوحي للعاشقِ ما يوحي سِرّا
يخفقُ صبّاً مشتاقا
سُبحانَ الوجهِ السابحِ في نارِ الأشواقِ
طيّرَني من حبٍّ أقصاني
أبعدني من شُرْفةِ بنتِ الجيرانِ
فاجأني سهوا
صيّرني رمزاً ممسوخاً ممسوحا.
2ـ قصرها العالي في بلميرا
خاطبتُ الحاجبَ قطّبَ لم ينطقْ حرفا
صدَّ وأنزلَ أستارَ حِجابِ الأبوابِ 
وسّعَ أحداقَ السَوْءةِ في متراسِ عيونِ الشيطانِ
أطلقَ صيحاتِ عُواءِ ذئابِ الإنذارِ
سدَّ الصدرَ وضيّقَ دقّأتِ سنادينِ الأنفاسِ
أعلى زَفَراتِ نواقيسِ الإخطارِ 
حطّمَ قنديلَ الأنوارِ
 طلَّ فصرَّ رتاجُ الشُرفةِ والبابِ
إظلمّتْ أحداقُ عيونِ الحرّاسِ تِباعا
لم تُشفقْ آلهةُ القصرِ الأسطوريِّ الغالي
أغضتْ صدّتْ فارتْ واحمرّتْ عينا 
فتحتْ بوّاباتِ مصدّاتِ الماءِ
فطغى وانهارَ الخندقُ في السدِّ العالي
جرفَ السيلُ العارمُ في " بلميرا " قصرَا 
دَمّرَهُ تدميرا. 

الانتخابات اللبنانية الرؤية الاخلاقية والوطنية للمتنافسين/ عباس علي مراد

 
من حق المتنافسين للوصول الى الندوة البرلمانية استعمال كل قواهم وامكاناتهم من أجل ذلك الهدف، لكن قد يفوت البعض أن هناك قواعد تضبط تصرفات المرشحين، ونحن هنا لا نتحدث عن القانون والنصوص القانونية، والتي تضربها معظم القوى السياسية عرض الحائط، خصوصاً لجهة الانفاق والدعاية الانتخابية وما يحكى عن شراء الأصوات، لكن التركيز هنا يتمحور حول الرؤية الأخلاقية لإسلوب التنافس وتأثيراته السياسية، الاجتماعية، الأقتصادية، الأمنية والثقافية والأخيرة يجب ان تكون الاساس الذس يُبنى عليه من أجل التغيير والازدهار المنشودين لوضع حد للتدهور الأقتصادي الأجتماعي وتراجع الشعور الوطني، في الوقت الذي تطغى فيه الجوانب الطائفية، المذهبية والفئوية من خلال استمرار العمل بالاعراف والتقاليد والممارسة، حيث أصبح الهم الأساسي الوصول الى البرلمان وبأي كلفة حيث الحديث وعلى رؤوس الأشهاد عن شراء الأصوات أو إحضار المغتربين للتصويت مع تغطية كلفة السفر والإقامة.
إن الجهل والفقر والكراهية والتعصب بالإضافة الى الأستغلال والظلم بلغ درجة مخيفة حيث أصبح تمجيد الوجاهات والمال يتقدم على كل شيئ عند معظم الناس.
الملفت للنظر أن المُستغلِين يسعون الى تثبيت قوتهم السياسية ومكتسباتهم على حساب المُستغلْين وعلى حساب بناء الدولة على أُسس متينة فمن أين يمكن أن يأتي التغيير المنشود؟!
الشعوب المتحضرة تسعى الى تحقيق رغباتها وأهدافها وتقوية قيمها وترسيخ معتقداتها وتأمين حاجاتها عن طريق تنظيم مؤسساتها واستثمار خيراتها وقواها البشرية ووضع القوانين التي تحكم هذا الانتظام بعيداً عن الاعراف لأن القانون هو الأساس الذي تقوم عليه الدول.
إن النموذج الأخلاقي المعمول به لدى معظم القوى بعيد كل البعد عن الأنسانوية والعقلانية والحيوية المنشودة، رغم أن الخطاب يحاول لا بل يجاهر بقيم ثقافية تسقط أمام أول اختبار وتحدي، فكيف ننتظر من منْ لا يملك حس أخلاقي أن ينبثق منه حكم أخلاقي بمعنى آخر أن فاقد الشيء لا يعطيه.
إن غياب النموذج الأخلاقي وتقدم مفهوم المنفعة الذاتية للأفراد والجماعات المتنافسة للوصول الى البرلمان لا يمكن أن يوصل الى حياة آمنة للمجتمع والأفراد، ولا يؤسس لمستقبل أفضل.
مفهموم السلطة التشريعية هو التعبير عن إرادة الشعب الذي يفوض نوابه لتحسين الشروط المعيشية، الأقتصادية، السياسية، القانونية والثقافية للمواطنين وتحقيق تلك الأرادة الشعبية فهل التجارب السابقة وما يحصل على أرض الواقع يبشر بالخير؟!
قد يقول قائل لماذا استباق الأمور، لكن المشكلة تكمن في أن المؤسسات تفتقد الإرادة السياسية والرؤية المبدعة والمستقبلية لا بل أن طموحات الأكثرية سلطوية ومن يراقب التحالفات الأنتخابية يدرك فوراً من أين والى أين نحن ذاهبون، وترقبوا الأشتباك المرتقب حول تشكيل الحكومة بعد انتهاء الأنتخابات لكي ندحض الشك باليقين.
التغيير إنجاز أنساني راق ولكن للتغيير شروطه علماً ان التغيير لا يحدث "بكبسة زر"أو بصورة تلقائية، لا بل يجب أن يقوم على أُسس الحرية والعدالة والأخلاق والديمقراطية التي يُبنى عليها السياسي، الأجتماعي، الأقتصادي والفني وكل ذلك ينبثق عن ثقافة المجتمع فكيف بمجتمع يرزح تحت الطغيان السياسي والديني والمذهبي والعصبي والسلطوي، وهنا أحب أن استشهد بالمقولة الشهيرة للرئيس سليم الحص أطال الله بعمره: في لبنان الكثير من الحرية والقليل من الديمقراطية.. السياسة في لبنان لعبة بلا قواعد..
أذاً، كيف تكون حرية ان لم نستطيع أن نخاطب العقل والقلب الوطني والأنساني، ونستغل في مخاطبة الغرائز المميتة!
تتردد على ألسنة اللبنانيين عبارة "هذا لبنان" وحتى الأن لا أملك تفسيراً لهذه العبارة، ولا أعتقد ان معظم من يقول بها يملك تفسيراً الا استعمالها السياسي للحفاظ على مكتسبات أوسلطة، لكن من الواضح أن هذه المقولة أصبحت مهرباً مقبولاً من الجميع. فلماذا لا يتم تطوير معايير أخرى لهذا اللبنان قائمة على التجربة الوطنية والأنسانية بعيداً عن الخنوع والنفاق وضيق الأفق.
هناك الكثير من التحديات التي نواجهها في حياتنا ووجودنا، ولكن هناك الكثير من القيم التي تساعدنا على مواجهة الصعاب، ومن هذه القيم ما هو ثابت وما هو متحول، فلماذا لا نشتغل على تطوير المتحول وتحصين الثابت في عالم تتسارع فيه الاحداث والتحولات لأن محيطنا والمنطقة العربية حبلى أكثر من غيرها بالمشاريع والمؤامرات التي تُحاك حولها ولها، ونحن في لبنان نعرف أن أسرائيل تتربص بنا وبثروتنا النفطية والمائية وتدعمها في طموحاتها هذه الولايات المتحدة الاميركية. 
إن معرفة الذات والأمكانيات والحاجيات كوطن ومواطنين واحدة من الأسس التي تساعدنا على توضيح كيف يجب ان نحقق تطلعاتنا وأنفسنا وننمو مع بعضنا البعض بعيداً عن طبقة سياسية متسلطة همها الاحتفاظ بسلطتها واحكام قبضتها على مقدرات البلاد والعباد.
نعم، الدولة هي الإطار الثقافي- الأجتماعي- السياسي الذي ينمو فيه الفرد والجماعة ونحقق أنفسنا بعيداً عن النفاق المتبادل والعمل على تعزيز المعرفة والثقافة حتى يكون الأختلاف في السياسة والرأي أحد عناوين القوة وليس نقطة ضعف ينفذ منها أعداءنا، خصوصاً إذا كان هذا الأختلاف يرتكز على المبادىء الوطنية والأخلاقية والأنسانية. 
لكن مشكلتنا مع الدولة هي ان كل فريق لديه مفهومه الخاص لهذه الدولة، وهذا أيضاً أحد التحديات التي تستوجب الحل لتأمين دولة حاضنة للجميع كمواطنين ولا تحكمها هواجس الديمغرافيا والاكثرية والأقلية وحقوق الطوائف والمذاهب على حساب المصلحة الوطنية. 
      

الانزياحُ والصُّورُ الفنّيّةُ في قصيدة مَــنْ يُـدَحْـرِجُ ..عَـنْ قَـلْـبِـي .. الضَّـجَــرَ لآمال عوّاد رضوان/ عبد المجيد عامر اطميزة


أوّلًا: النّصّ
مَــنْ يُـدَحْـرِجُ.. عَـنْ قَـلْـبِـي.. الضَّـجَــرَ/ آمال عوّاد رضوان
هَا رُوحِي
تَغْسِلِينَهَا .. بِأَحْلَامِكِ الْوَرْدِيَّةِ
وَمَغَاوِرُ خَيْبَتِي .. تَطْفَحُ
بِغُرْبَةٍ.. بِرُعْبٍ.. بِفَرَاغٍ!
أَنَا الْمَلْهُوفُ لِرَصَاصَةِ حُبٍّ
يُشَنِّجُنِي دَوِيُّهَا
أَنَّى لِي أَتَّكِئُ.. عَلَى جَنَاحِ فَرَاشَة؟
*****
لَــعْــنَــةٌ رَشِــيــقَـــةٌ
تُـــهَـــادِنُـــنِـــي .. تُـنَــاوِرُنِــي
أَتَــصْــلِــبُــنِــي
عَلَى شِفَاهِ سَحَابٍ دَمَوِيٍّ .. يَتَرَبَّصُ بِي؟
*****
أَيَــا صُــعَــدَاءَ عِــشْــقِــي
بَوْحِي.. وَرْدٌ جَرِيحٌ
عَلَى سِيَاجِ رَبِيعِكِ
لَا يَحُدُّهُ نَزْفٌ
وَلَا يَلُفُّهُ وَدْعٌ .. وَلَا حَتْفٌ!
وَأَنْتِ وَدْعِي وقَدَري!
أَنْتِ وَدَعِي وَسَكَنِي!
كَنُبُوءَةٍ وَادِعَةٍ .. فِي تَمَامِ الْأَزْمِنَةِ
تَـبْعَثِينَني شَهْوَةً .. فِي لُغَتِكِ الْيَانِعَةِ!
*****
أَيَا مَعْصِيَتِي الْمُبَارَكَةُ
رُحْمَاكِ
أَطْفِئِي يَأْسِي.. بِنُورِكِ الْمُقَدَّسِ
لِأَظَلَّ أَجْمَعُ ظِلَالَكِ
أُلَمْلِمُ رَعَشَاتِ ضَوْئِكِ
لِأَسْتَظِلَّ بِقَدَرِي!
أَعِدِّي مَائِدَةَ الْحُبِّ.. لِثِمَارِ حَنَانِي
اِخْلَعِي عَنِّي مَنْفَايَ
وَأَلْبِسِينِي وَجْهَكِ
لِأَنْضُجَ .. بِحَنَانِكِ
لِمَ أَتَكَدَّسُ .. فِي مِرْآةِ جَبَرُوتِكِ
وَالْبَرْدُ يَحْطُبُ لَيْلِيَ
بِالْمَرَاثِي وعَـتْـمَـتِـكِ؟
*****
هَا صَبَاحِي ذَابِلٌ
يَهُشُّ أَنِينَ لَيْلِي .. بِزَفَرَاتِكِ
أُلَامِسُ قَلْبَ السَّمَاءِ
وحَــــيْــــثُــــنَـــا
عُيُونُ الْمَلَائِكَةِ .. تَسْتَفِيضُ رَحْمَةً
وَأَتَحَرَّقُ عَارِيًا
إلَّا .. مِنْ هُشَاشَةِ رَجَاء!
*****
بِوَحْشَةِ ضَوْئِكِ الْفَائِرِ
أَرْسمُنَا .. دَوَائِرَ تَتَحَالَقُ
وَ.. أُحَلِّقُ حُرْقَةً
أَ~ تَـــ~لَــــ~وَّ~ى
أَ ~ تَـــ~ لَــ~ وَّ~ عُ
فِي قَفَصِ النِّسْيَانِ!

ثانيًا: التّحليلُ الأدبيُّ 
"مَــنْ يُـدَحْـرِجُ..عَـنْ قَـلْـبِـي.. الضَّـجَــر/ هَا رُوحِي/ تَغْسِلِينَهَا.. بِأَحْلَامِكِ الْوَرْدِيَّةِ/ وَمَغَاوِرُ خَيْبَتِي.. تَطْفَحُ/ بِغُرْبَةٍ.. بِرُعْبٍ.. بِفَرَاغٍ! /أَنَا الْمَلْهُوفُ لِرَصَاصَةِ حُبٍّ/ يُشَنِّجُنِي دَوِيُّهَا/ أَنَّى لِي أَتَّكِئُ.. عَلَى جَنَاحِ فَرَاشَة؟"
العنوان: "مَــنْ يُـدَحْـرِجُ ..عَـنْ قَـلْـبِـي .. الضَّـجَــر؟" 
تستهلُّ الشّاعرةُ آمال عوّاد رضوان نصَّها بتناصٍّ دينيٍّ مأخوذٍ مِن الإنجيل، فالتّناصُ هو تشكيلُ نصٍّ جديدٍ مِن نصوصٍ سابقةٍ، وخُلاصةٌ لنصوصٍ تَماهتْ فيما بينها، فلم يَبقَ منها إلّا الأثر، ولا يمكنُ إلّا للقارئِ النّموذجيّ أن يكتشفَ الأصلَ، فهو الدّخولُ في علاقةٍ مع نصوصٍ بطُرقٍ مختلفةٍ، يَتفاعلُ بواسطتِها النّصُّ مع الماضي والحاضرِ والمستقبل، وتفاعُلُهُ معَ القرّاءِ والنّصوصِ الأخرى(1). 
ففي فصلِ إقامةِ أليعازر من الموتِ، يقولُ القدّيسُ يوحنّا الإنجيليّ: "فانزعج يسوعُ أيضًا في نفسِهِ وجاءَ إلى القبرِ، وكانَ مغارةً، وقد وُضِعَ عليهِ حَجَرٌ". (يو 11: 38).
هي آيةٌ مِن إنجيل مَرقص 16:3، تتحدّثُ عن حاملاتِ الطّيب، اللّواتي ذهبْنَ في السَّحَرِ باكرًا إلى قبر السيّد المسيح ليُطيّبنَهُ بالطّيبِ بحسبِ العادةِ، وكانَ على بابِ القبرِ صخرةٌ كبيرةٌ وحُرّاسٌ، "وكُنَّ يَقُلنَ فيما بينَهنَّ: مَن يُدحرجُ لنا الحَجرَ عن باب القبر"؟ 
ترمزُ الآيةُ إلى القيامةِ الجديدةِ؟ الولادةِ الجديدةِ؟ الاستقلالِ؟ الانتماءِ؟ الازدهارِ وإلخ؟  لقد وظّفتْها الشّاعرةُ في قصيدتِها مُستخدِمةً الأسلوبَ الإنشائيَّ، فالاستفهامُ يُفيدُ التّمنّي، فتتمنّى الشّاعرة أن يَزولَ الاحتلالُ والموتُ والضّجرُ، ويَتحرّرَ الفلسطينيُّ ويَنعتقَ مِن مِحنتهِ، ومِن قبرِهِ الّذي دُفِنَ فيهِ وهو حيٌّ، كي يَشعرَ بروحِ الحرّيّةِ والعدالةِ والمساواةِ، تمامًا مثلما دُحرجَ عن قبرِ المسيحِ الحَجرُ، فانفتحَ بابُهُ وخرجَ منهُ، وقد نجحتْ شاعرتُنا بتوظيفِها للتّناصِ الدّينيّ، ورَبطَتْ ذلكَ بمَقصدِها، فالنّاتجُ النّصّيُّ يكونُ حصيلةً لسلسلةٍ مِنَ التّحوّلاتِ النّصّيّةِ السّابقةِ الّتي تَنصهرُ وتَتمازجُ فيما بينها، والّتي يَظنُّ المُبدعُ أنّهُ صاحبُها، لكنّها تتسلّلُ إليهِ بطُرقٍ لا شعوريّةٍ، فهي عمليّةٌ كيميائيّةٌ تتمُّ في ذهنِ المُؤلّف(2). 
 فالتّناص للشاعر إذن؛ بمثابةِ الهواء والماء والزمان والمكان للإنسان، فلا حياة له دونها، ولا عيشة له خارجها (3). 
ويَختلفُ تداخُلُ نصٍّ مع نصوصٍ سابقةٍ، ويَتنوّعُ بحسبِ الاستفادةِ، فللتّناص أشكالٌ مُتعدّدةٌ منها:(4) التّناصّ الدّينيّ. والإبداعُ الشّعريُّ للشّاعرِ لا يكونُ أصيلًا وجديرًا بالتّقديرِ والإعجابِ، إلّا إذا كانَ بعيدًا عن المعاني الّتي سبقهُ إليهِ غيرُهُ؛ إلّا أنَّهُ يُمكنُ للشّاعرِ المُبدعِ والموهوبِ - إن أحسنَ تركيبَ المعاني السّابقةِ في قالبٍ جديدٍ- أنْ يُحقِّقَ النّاحيةَ الجماليّةَ والإبداعيّةَ لقصيدتِهِ، وذلكَ بالتّجديدِ في صياغتِها وأسلوبِها، بما يَصُبُّهُ فيها مِنْ قَوالبِ المجازِ والاستعارةِ والتّشبيهِ؛ ما يَجعلُها تبدو كأنّها جديدةٌ مُبتكَرةٌ، وجزءٌ لا يَنفصلُ عن نسيجِ البناءِ الفنّيِّ لقصيدتِهِ.
"هَا رُوحِي": ها: تَنْبِيهٌ تَفْتَتِحُ العربُ بها الكلامَ بلا معنى سوى الافتتاح، تقولُ: هذا أَخوك، ها إِنَّ ذا أَخُوكَ؛ وأَنشد النابغة: ها إِنَّ تا عِذْرةٌ إِلاَّ تَكُنْ نَفَعَتْ، فإِنَّ صاحِبَها قد تَاهَ في البَلَدِ (* قوله «سام الخسف» كذا في الأصل، والذي في المحكّ.. (5) وهنا تناصٌّ أدبيٌّ يتقاطعُ فيهِ قولُ الشاعرة مع قول النابغة السّابق.
"تَغْسِلِينَهَا.. بِأَحْلَامِكِ الْوَرْدِيَّةِ/ وَمَغَاوِرُ خَيْبَتِي.. تَطْفَحُ/ بِغُرْبَةٍ.. بِرُعْبٍ.. بِفَرَاغٍ": الشّاعرةُ آمال هنا تُخاطبُ روحَها المُثقلةَ بهمومِ الوطنِ والواقعِ الاجتماعيِّ العاصفِ، وتتمنّى مِنْ روحِها الجميلةِ الّتي تَحلمُ بكلِّ ما هو جميلٌ وورديٌّ، أنْ تُزيحَ عن نفسِ الشّاعرةِ الخيباتِ الثّقيلةَ المُتتاليةَ. 
وفي عبارةِ "مَغَاوِرُ خَيْبَتِي" اختراقٌ أو انزياحٌ إضافيٌّ، فللخيباتِ مَغاورُ تَطفحُ بالغربةِ في الوطنِ الّذي لا حولَ لها فيهِ ولا قوّة، وبالرُّعبِ والخوفِ مِنَ الواقعِ المُحتلِّ، وبالفراغِ القاتلِ الّذي يَعصفُ بالرّوح، وقد شبّهت الشّاعرةُ الأحلامَ الورديّةَ بماءٍ يَغسلُ.. (استعارة مكنيّة). وشاعرتُنا تَنتقي ألفاظَها المُوحِيةَ، وتعتقدُ أنَّ الشّعرَ هو الّذي يَنطقُ عن  ذاتِهِ، وعلى المُتلقّي أو النّاقدِ أنْ يَستنبِطَ المَفهومَ الشّعريَّ عندَ الشّاعرِ مِن خلالِ قراءَتِهِ، فالشّعرُ لهُ لغةٌ خاصّةٌ بهِ، ويَنبعُ  خلالَهُ الإحساسُ بأهمّيّةِ اللّغةِ ودَوْرِهِ، وما فيهِ مِنَ انحرافٍ واتّساعٍ واختراقٍ، وهيَ تَتعاملُ معَ اللّغةِ تَعامُلًا جريئًا ومُثيرًا للاهتمام، وفي نفسِ الوقتِ نرى أنّها تستخدمُ المُفرداتِ، بحيث تُوظّفُها توظيفًا جديدًا..
"أَنَا الْمَلْهُوفُ لِرَصَاصَةِ حُبٍّ/ يُشَنِّجُنِي دَوِيُّهَا/ أَنَّى لِي أَتَّكِئُ.. عَلَى جَنَاحِ فَرَاشَة؟/ لَعْــنَةٌ رَشِــيـقَةٌ/ تُهَـادِنُـنِـي.. تُـنَــاوِرُنِــي/ أَتَــصْــلِــبُــنِـي/ عَلَى شِفَاهِ سَحَابٍ دَمَوِيٍّ.. يَتَرَبَّصُ بِي؟"
وهنا تتّكئُ الشّاعرةُ في نصِّها على الاستعاراتِ التّنافريّةِ، فاللّهفةُ عادةً لا تتأتّى مِن رصاصةٍ، والرّصاصةُ لا يَنشأُ عنها حُبٌّ، واللّعنةُ لا يكونُ شكلُها رشيقًا، واللّعنةُ لا تُهادنُ ولا تُناورُ، والسّحابُ لا يَحملُ الدّمُ بل الخيرَ، ولا يَتربّصُ بالإنسانِ.. إنّها انزياحاتٌ تَنافريّةٌ وظّفتْها الشّاعرةُ في نصِّها؛ لخلقِ لغةٍ شِعريّةٍ جميلةٍ، ولتوليدِ المفاجأةِ في روْعِ المُتلقّي، وتُثيرُ المُتلقّي في إقامةِ علاقاتٍ لا منطقيّةٍ بينَ الأشياءِ، بوساطةِ السّعيِ إلى خلخلةِ العلاقاتِ المألوفةِ بينَها، تبعًا لرؤيةِ الشّاعرةِ الّتي مِن مُهمّتِها ترتيبُ الأشياء حسب رؤيتِها الدّاخليّة، وليسَ حسب الواقع المعيش والحقيقة الثابتة، لذا خلقتْ لنا الشّاعرةُ مُفارقةً اعتمدتْ على الثّنائيّة: طبعا هذا لا يحدثُ إلّا في العلاقاتِ اللّامنطقيّةِ، وبذلك استطاعت الشاعرةُ أنْ تَخلقَ لنا فجوةً تتغيّر فيها العلاقةُ بينَ الدّالّ والمدلول، وهكذا تستمرُّ هذه التّقانةُ بخلخلةِ كلّ ما هو طبيعيٍّ ومُستنِدٍ إلى القاموسِ المُعجميِّ والمَعاني القارة فيه. 
وتُعدُّ الاستعارةُ التّنافريّةُ تقانةً مِن تقاناتِ الكتابةِ الحداثيّةِ الّتي يُوظّفُها الشّعراءُ، لغرَضِ خلقِ التّوازُنِ الدّاخليِّ الّذي يَفتقدونَهُ خارجيًّا، فهي لا تُولدُ مِن فراغٍ، وإنّما هي وليدةُ موقفٍ نفسيٍّ وثقافيّ.(6) وتقومُ في جزءٍ كبيرٍ منها على المُفارقةِ، ونجدُها تُقرّبُ المُتنافِراتِ، وتُجبرُ أبعدَ الأشياءِ عن بعضِها على التّقاربِ والتّرابطِ في سياقٍ فنّيٍّ جديدٍ، يُثيرُ المُتعةَ والدّهشةَ والجَمالَ، (7) لا بل تَجاوزَ الأمرُ عندَ الشّعراءِ الحداثيّينَ إلى مَزْجِ المُتناقضاتِ في كيانٍ واحدٍ يُعانقُ في إطارِهِ الشّيءُ نقيضَهُ، ويَمتزجُ بهِ مُستمِدًّا منهُ بعضَ خصائصِهِ، ومُضيفًا إليهِ بعضَ سِماتِهِ، تعبيرًا عن الحالاتِ النّفسيّةِ والأحاسيسِ الغامضةِ المُبهمةِ، الّتي تَتعانقُ فيها المشاعرُ المُتضادّةُ وتتفاعلُ.(8)
هذهِ السّطورُ تُصوّرُ لنا ما تُكابدُهُ الشّاعرةُ في وطنِها الذّبيح، وحالَ الأهلِ وضنَكَهم والدّمَ النّازفَ، وقد راوحت الشّاعرةُ في السّطورِ السّابقةِ بينَ الأسلوبِ الخبريّ لتأكيدِ الذّات، وتصويرِ المأساةِ وهَوْلِها، وبينَ الأسلوبِ الإنشائيّ، فالاستفهامُ في (أنّى والهمزة في أتصلبُني) يُفيدانِ التّعجُّبَ والتّحسُّرَ في كلٍّ، وتستمرُّ الشّاعرةُ في قصيدتِها:  
"أَيَــا صُــعَــدَاءَ عِــشْــقِــي/ بَوْحِي.. وَرْدٌ جَرِيحٌ/ عَلَى سِيَاجِ رَبِيعِكِ/ لَا يَحُدُّهُ نَزْفٌ/ وَلَا يَلُفُّهُ وَدْعٌ.. وَلَا حَتْفٌ!/ وَأَنْتِ وَدْعِي وقَدَري!/ أَنْتِ وَدَعِي وَسَكَنِي!/ كَنُبُوءَةٍ وَادِعَةٍ.. فِي تَمَامِ الْأَزْمِنَةِ/ تَـبْعَثِينَني شَهْوَةً.. فِي لُغَتِكِ الْيَانِعَةِ!"
في السّطورِ السّابقةِ تُخاطبُ الشّاعرةُ روحَها، فتصفُها بالصّعداء، والصّعداءُ هو التّنفّسُ الطّويلُ مِن هَمٍّ وتَعبٍ، والنّداءُ بـ (أيَا) يُفيدُ الالتماسَ الممزوجَ بالتّحسُّرِ والأسى، وهو حرفُ نداءٍ للبعيدِ، وظّفتْهُ الشّاعرةُ لنداءِ روحِها القريبةِ المُتّصلةِ بها، وتستمرُّ المأساةُ، فتتنفّسُ الشّاعرةُ الصّعداءَ، بسببِ ما لحقَها مِن همٍّ وتعبٍ ووجعٍ، بسبب عِشقِها وتَعلّقِها بوطنِها، وبوْحُها كالوردِ الجميلِ، لكنّهُ مجروحٌ وجُرحُهُ لا شفاءٌ منهُ، فهو مستمرٌّ في نزفِ دمِهِ رمزًا لمعاناةِ الفلسطينيّ وقتْلِ الكثيرِ مِن أبنائِهِ، وتُكرّرُ الشّاعرةُ (لا) ثلاثَ مَرّاتٍ، كما تُكرّرُ عبارةَ (وَأَنْتِ وَدْعِي) مرّتيْن، لتوليدِ الإيقاعِ في ثنايا القصيدةِ وتجسيدِ المأساةِ، مأساة الاحتلال وما يَنجمُ عن أفعالِهِ، وتأكيدِها لمعاني القلقِ ومُكابدةِ الفلسطينيّ في وطنِهِ، وتَتتابعُ الصّورُ الفنّيّةُ وتتزاحمُ، فالعشقُ يتنفّسُ الصّعداءَ كما الإنسان، وللبوحِ وردٌ، والوردُ يُجرَحُ ولهُ دمٌ يَنزفُ كما الكائن الحيّ. 
وتُشبّهُ الشّاعرةُ صعداءَ العشقِ بالنّبوءةِ الوادعةِ، ولها لغةٌ يانعةٌ كما النّباتات..، فقَوامُ الصّورةِ الفنّيّةِ هو مبادئ وطرق الاستخدام التّعبيريّ للخواصّ الّتي تحوزُها الوسائلُ المادّيّة، لإعادةِ خلقِ الحياةِ في هذا النّوعِ أو ذاكَ مِن أنواعِ الفنّ، فالقوامُ في الأعمالِ الأدبيّةِ هوَ وسائلُ التّفصيلِ الأسلوبيّ. إنّهُ مِن جهةِ قوّةِ التّعبيرِ الذّاتيّةِ الّتي تحوزُها المفرداتُ، والّتي تنبثقُ مِن جِرْسِ الكلمةِ ومِنْ تَلوُّناتِ المعنى الانفعاليّ الّتي تُنشِئُها خصائصُ مَجازيّةِ المفردةِ، وهو مِن جهةٍ أخرى التّعبيريّة الّتي تنطوي عليها النّبرةُ النّغميّةُ المُتأتّيةُ عن ترتيبِ الكلماتِ في جُملٍ، وبخاصّةٍ تعبيريّة السّبكِ الإيقاعيّة، وهو في التّمثيلِ الإيمائيِّ تعبيريّةُ وضعيّاتِ الجسم، وإيماءاتِ الجوراحِ وتعبيراتِ الوجهِ، وهو في التّصويرِ مبادئُ وطُرُقُ اختيارِ الألوانِ ومَـزْجِها ووضْعِها على سطحِ اللّوحة..، وهو في النّحتِ خواصُّ التّشكيلِ الفنّيّ للمادّةِ - الرّخام - والحجرِ والمَعدن..(9).  
وتقول: "تَـبْعَثِينَني شَهْوَةً.. فِي لُغَتِكِ الْيَانِعَةِ!": واللّغةُ اليانعةُ لغةٌ عشقيّةٌ لا تتمّ إلّا بينَ حبيبيْن تُباعدُهُما غربةٌ أبديّةٌ بفِعلِ الاحتلالِ، غربةٌ بينَ الحبيبِ الغريبِ والحبيبةِ، فرّقَتْ شمْلَهم عنِ البلدِ والوطنِ فتشتّتَ الكلّ: الأمّ والعائلة و..، وتتمنّى الشّاعرةُ أنْ يأتيَ يومٌ فيهِ يلتقي الكلُّ بالكلِّ ويَلتمَّ الشّملُ؟
وتُنشدُ الشّاعرةُ قائلةً: "أَيَا مَعْصِيَتِي الْمُبَارَكَةُ/ رُحْمَاكِ/أَطْفِئِي يَأْسِي.. بِنُورِكِ الْمُقَدَّسِ/ لِأَظَلَّ أَجْمَعُ ظِلَالَكِ/ أُلَمْلِمُ رَعَشَاتِ ضَوْئِكِ/ لِأَسْتَظِلَّ بِقَدَرِي!/ أَعِدِّي مَائِدَةَ الْحُبِّ.. لِثِمَارِ حَنَانِي/ اِخْلَعِي عَنِّي مَنْفَايَ/ وَأَلْبِسِينِي وَجْهَكِ/ لِأَنْضُجَ.. بِحَنَانِكِ/ لِمَ أَتَكَدَّسُ.. فِي مِرْآةِ جَبَرُوتِكِ/ وَالْبَرْدُ يَحْطُبُ لَيْلِيَ/ بِالْمَرَاثِي وعَـتْـمَـتِـكِ؟" 
وتنتقلُ الشّاعرةُ للأسلوبِ الإنشائيّ، مُوظِّفةً النّداءَ ومُكرِّرةً نفسَ الأداةِ (أيا)، تُنادي روحَها ذاتَ المعصيةِ المُباركةِ، وهذا انزياحٌ إسناديٌّ، إنّ عدمَ المُلاءمةِ بينَ الموصوفِ وهي (معصيتي- المسند إليه) والصفة (المباركة- المسند)، هو التّنافُرُ الّذي يُخالفُ توقّعاتِ المُتلقّي، ويَرتقي باللّغةِ إلى مستوى متميّزٍ، وكلّما اتّسعتِ الفجوةُ وعدمُ الملاءمة ازدادت الدّلالةُ عُمقًا، ويكشفُ لنا بناءُ الجُملةِ الشّعريّةِ في قصائدِ شاعرتِنا آمال على توظيفِها لهذا الأسلوبِ بصورةٍ أساسيّةٍ، ويتجلّى جمالُ الانزياحِ مِنَ النّظر في العلاقةِ بينَ المُسنَدِ والمُسنَدِ إليه، فالموصوفُ وهو المُسنَدُ (معصيتي)، ينتظرُ صفةً مُلائمةً مألوفةً كما هو متوقّع، لكنّ الشّاعرةَ اختارت له مُسنَدًا غيرَ مُتوقّعٍ (المباركة)، وعندَ هذهِ الدّرجةِ يبدأُ التّوتّرُ يَفرضُ حضورَهُ، ويَجتهدُ معهُ المُتلقّي بتأويلِ العلاقةِ الإسناديّةِ بين المادّيّ وغيرِ المادّيّ، ثمّ يبدأُ بتكوينِ دلالةٍ تُلائمُ السّياقَ العامَّ للنّصِّ. 
ومِنَ الانزياحاتِ المختلفةِ كما في عبارات: (مَائِدَةَ الْحُبِّ)، و(لِثِمَارِ حَنَانِي)، و(أَجْمَعُ ظِلَالَكِ)، وَ(أَلْبِسِينِي وَجْهَكِ)، و(أَطْفِئِي يَأْسِي.. بِنُورِكِ)، و(لِأَنْضُجَ.. بِحَنَانِكِ)، و(أَتَكَدَّسُ.. فِي مِرْآةِ جَبَرُوتِكِ)، وَ(الْبَرْدُ يَحْطُبُ لَيْلِيَ بِالْمَرَاثِي وعَـتْـمَـتِـك).. 
(رُحْمَاكِ): تتضمّنُ انزياحًا بالحذفِ والتّقديرِ (أسألُكَ رُحماك)، فرحماك مفعولٌ به ثانٍ لفعلٍ محذوفٍ تقديرُهُ (أسألُكَ)، أو تجعلُها منصوبةً بنزعِ خافضِها والتّقدير: (اِرحمي برحماك). 
ومِنَ الانزياحِ في التّقديمِ والتّأخيرِ قولُها (اِخْلَعِي عَنِّي مَنْفَايَ)، حيثُ قدّمتْ ما حقُّهُ التّأخير، وهو الجارُّ والمجرورُ (عَنِّي)، على ما حقّه التّقديمُ وهو المفعول بهِ (مَنْفَايَ).
إنّ الارتباطَ الوشيجَ بينَ الشّعريّةِ والانزياحِ هو ما جعلَ الأخيرَ مُكوّنًا رئيسًا، ومَلمَحًا عامًّا مِن ملامحِ التّجربةِ الشّعريّةِ الأخيرةِ في القصيدةِ، ونرى أنّ الانزياحَ بأنماطِهِ كافّةً، وبمستوياتِهِ المُتباينة، قد أسهمَ في الصّوغِ اللّغويّ الماتعِ لتراكيبِ النّصّ، وأكسبَ القصيدةَ طاقةً تعبيريّةً، ودفقاتٍ شعوريّةً، ارتقتْ بها إلى مستوياتِ الحداثةِ الشّعريّة.   
وتستمرُّ الشّاعرةُ في شدْوِها الحزينِ: "هَا صَبَاحِي ذَابِلٌ/ يَهُشُّ أَنِينَ لَيْلِي.. بِزَفَرَاتِكِ/ أُلَامِسُ قَلْبَ السَّمَاءِ/ وحَــــيْــــثُــــنَـــا/ عُيُونُ الْمَلَائِكَةِ.. تَسْتَفِيضُ رَحْمَةً/ وَأَتَحَرَّقُ عَارِيًا/ إلَّا.. مِنْ هُشَاشَةِ رَجَاء!/ بِوَحْشَةِ ضَوْئِكِ الْفَائِرِ/ أَرْسمُنَا.. دَوَائِرَ تَتَحَالَقُ/ وَ.. أُحَلِّقُ حُرْقَةً/ أَ~ تَـــ~لَــــ~وَّ~ى/ أَ ~ تَـــ~ لَــ~ وَّ~ عُ/ في قَفَصِ النِّسْيَانِ"!  
وتتوالى الانزياحاتُ المختلفةُ والصُّورُ الشّعريَّة في مَقاطعِ الشاعرة آمال عوّاد رضوان، فصُبحُ الشّاعرةِ ذابلٌ كذبولِ النّباتاتِ الآيلةِ للجفافِ، وتُشبّهُ الشّاعرةُ صباحَها براعٍ أو بإنسانٍ يَهشُّ ويَطردُ، وتُشبّهُ الأنينَ بغنمٍ قابلةٍ للهشِّ والطّردِ، وتُشبّهُ زفراتِ أنينِ ليلِها أيضًا بإنسانٍ يهشُّ ويصولُ ويجولُ، والصّورُ الشّعريّةُ لا يتأتّى بها، إلّا مَنْ مَلَكَ زمامَ القلم، وإنّ الشّعرَ العذبَ الّذي يُشنَفُ الأسماعَ، ويُسْكِرُ الألبابَ، ويأخذُ بمَجامعِ القلوبِ، هو الشّعرُ الّذي يَموجُ موْجًا بالصّورِ الشّعريّةِ الحافلةِ الّتي تُشكّلُ نواةَ القصيدةِ، فالشّاعرُ المُتصرّفُ في فنونِ الشّعرِ، والّذي يتّسمُ شِعرُهُ بدقّةِ المَعاني، ولطافةِ التّخيُّلِ ومَلاحةِ الدّيباجةِ، هو الشّاعرُ الّذي يدمغُ شِعرَهُ المُهفهفَ في دخائلِ كلِّ نفسٍ، ويُوطّدُ دعائمَ أبياتِهِ المُطهّمةِ العتاقِ في مَدارجِ كلِّ حِسٍّ، والأشعارُ الّتي تفتقدُ لهذهِ الصّورِ البديعةِ يتخطّفُها الموتُ، ويَكتنفُها الظّلامُ، ولا يترنّمُ بها النّاسُ في دروبِ الحياةِ ومُتعرّجاتِها. لأجلِ ذلك، أضحتِ الصّورةُ الشّعريّةُ جوهرَ الشّعرِ وأساسَ الحُكمِ عليهِ...  (10) 
وتعودُ الشّاعرةُ مرّةً أخرى، لتنهلَ مِن ينابيعِ الصّورِ الفنّيّةِ ما طابَ لها فتقولُ: "أُلَامِسُ قَلْبَ السَّمَاءِ": كنايةً عن العُلوّ والرّفعةِ والوصولِ للمجدِ، وللسّماءِ قلبٌ ككائنٍ حيّ.
"عُيُونُ الْمَلَائِكَةِ.. تَسْتَفِيضُ رَحْمَةً": للملائكةِ عيونٌ، كنايةً عنِ المراقبةِ والعنايةِ الإلهيّة.
"وَأَتَحَرَّقُ عَارِيًا": كنايةً عن التّدرُّجِ في عذاباتِ ما تُكابدُهُ الشّاعرةُ في وطنِها.  
"إلَّا .. مِنْ هُشَاشَةِ رَجَاء!": وللرّجاءِ هشاشةٌ وضعفٌ كما العظام.
"بِوَحْشَةِ ضَوْئِكِ الْفَائِرِ": وللضّوءِ وحشةٌ تفورُ.
"أَرْسمُنَا.. دَوَائِرَ تَتَحَالَقُ/ وَ.. أُحَلِّقُ حُرْقَةً/ أَ~ تَـــ~لَــــ~وَّ~ى/ أَ ~ تَـــ~ لَــ~ وَّ~ عُ/ في قَفَصِ النِّسْيَانِ"!   
"أَ~ تَـــ~لَــــ~وَّ~ى/ أَ ~ تَـــ~ لَــ~ وَّ~ عُ/ وَ.. أُحَلِّقُ حُرْقَةً": كنايةً في كلٍّ عن المُكابدةِ في الوطنِ بتدَرُّجٍ، والحروفُ مُنفصلةٌ كما القتل، والتّقتيلُ يكونُ على دفعاتٍ أشدَّ وجعًا وأكثرَ إيلامًا، وتُكرّرُ الشّاعرةُ أصواتَ كلٍّ مِنَ الهمزةِ، والتّاءِ، واللّامِ، والصّائتِ الطّويلِ، والواو في كلمتَيْ (أَ~ تَـــ~لَــــ~وَّ~ى/ أَ ~ تَـــ~ لَــ~ وَّ~ عُ)، لخلقِ إيقاعٍ عذبٍ، ولتطويلِ زمنِ المأساةِ وتَأرجُحِها.
"في قَفَصِ النِّسْيَانِ!": وللنّسيانِ قفصٌ كما الطّيور، والعالمُ كلُّه قد نسيَ القضيّةَ الفلسطينيّةَ، وأخذَ البعضُ يُتاجرُ بها.. صورٌ شعريّةٌ مُحلّقةٌ.
إنّ الشّاعرَ حينما تتدفّقُ شاعريّتُهُ، وتَنثالُ عليهِ المَعاني سهوًا ورهوًا، ويبدأُ في نظْمِ القريضِ، إنّما يُريدُ أنْ يُعبّرَ عن شيءٍ قد استبدَّ في ذهنِهِ، ورَبَضَ في دواخلِهِ، ولأنَّ الشّاعرَ يتخيّرُ تعبيرَهُ وينتقي ألفاظَهُ، ويتنزّهُ بها عن التّعابيرِ الممجوجةِ الّتي يتفوّهُ بها ملايينُ البشر، يأتي تعبيرُهُ مُغايرًا لتلكَ التّعبيراتِ الّتي يجودُ بها الشّخصُ العاديّ، تعبيرٌ أكبرُ مِن أنْ يتسامى في ابتداعِهِ شخصٌ ناضبُ القريحةِ، صلدُ الذّهنِ، تعبيرٌ يُبهرُ العيونَ، ويسحرُ الأفئدةَ، كلامٌ فنّيٌّ انسجمَتْ قِطعُهُ وحَسُنَ توزيعُهُ، وألفاظٌ أتّأدتْ حركاتُها، واتّزنتْ كلماتُها، جُملٌ مُرصّفةٌ تضفي على النّفسِ ما يُضفيهِ شدْوُ القيانِ، وهزْجُ المَزاميرِ، جُملٌ مُترعةٌ بالصّورِ الشّعريّةِ الخلّابةِ، صورٌ تُصوّرُ الانفعالَ وتنقلُ إحساسَ المُعبّرِ وذبذباتِ نفسِهِ نقلًا أمينًا، وعلى الشّاعرِ أنْ يُحسِنَ اختيارَ صورِهِ وعرْضِها، بما يُناسبُ طبائعَ النّاسِ وأمزجتَهُم، وأنْ يَجعلَ هدفَهُ نقْلَ العاطفةِ والفكرةِ في صورِهِ، لا أنْ يجعلَ همَّهُ إتقانَ شِعرِهِ وجوْدةَ رصْفِهِ وإحكامِهِ، فليسَ الفنُّ سوى التّكافؤِ الكاملِ بينَ العاطفةِ الّتي يُحسُّها الفنّانُ، وبينَ الصّورةِ الّتي يُعبّرُ بها عن هذهِ العاطفةِ. 
إذن؛ الشّعرُ في كُنهِهِ صوَرٌ تُعبّرُ عن مخاضٍ عاشَهُ الشّاعرُ، فنحنُ حينما نعثرُ على صورةٍ مِن تلكَ الصّورِ، فإنّنا حتمًا نعثرُ مِن خلالِها على شرْخٍ أدْمى قلبَ الشّاعرِ، أو لوعةٍ أوْهتْ كبدَهُ، أو حسرةٍ سحَّتْ جفونَهُ، أو سعادةٍ ردّتْ لهُ الرّوحُ، وجدّدتْ في أوصالِهِ الحياةَ، وترتبطُ لغةُ الشّاعرِ بعُمقِ التّجربةِ الّتي يَعيشُها، فقد تأتي صريحةً، يرسمُ مِن خلالِها الصّورةَ، وقد تتفاوتُ في مواقعِ البلاغةِ، فتختلفُ بينَ الإيجازِ والإطناب، ممّا يجلبُ للقارئِ اللّذّةَ أحيانًا، والسّآمةَ أحيانًا أخرى. 
على ضوءِ ما تقدّمَ، نستطيعُ أنْ نجزمَ بيقينٍ لا يُخالجُهُ شكٌّ أو تُخامرُهُ ريبَةٌ، أنّ الصّورةَ الشّعريّةَ هي "جوهرُ الشّعرِ وأداتُهُ القادرةُ على الخلقِ والابتكارِ، والتّحويرِ والتّعديلِ لأجزاءِ الواقعِ، بل اللّغة القادرة على استكناهِ جوهرِ التّجربةِ الشّعرية، وتشكيلِ موقفِ الشّاعر من الواقع، وِفقَ إدراكِهِ الجّماليّ الخاصّ. (11)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

درس كوري لأوطاننا العربية الممزقة/ د. عبدالله المدني

من كان يصدق قبل فترة وجيزة أي يحدث ما هو حاصل هذه الأيام في شبه الجزيرة الكورية. كانت الأجواء قاتمة ومنذرة بوقوع حرب نووية تبيد الأخضر واليابس، وتعيد المنطقة قرونا إلى الوراء.  كانت خطب وتصريحات زعيم النظام الستاليني في كوريا الشمالية من النوع التصعيدي والمتوتر والمهدد بمحو كوريا الجنوبية من الخارطة. كان التلويح بتطوير واستخدام القدرات النووية والصاروخية التابعة لنظام "كيم جونغ أون" لا يتوقف لحظة واحدة.  وكانت بيونغيانغ ترسل رسائل دعاية خاصة ردا على دعوات سيئول للجنود الكوريين الشماليين بالإنشقاق عبر مكبرات الصوت الضخمة المثبتة في المنطقة الواقعة بين شطري كوريا. كل هذا صار اليوم (أو سوف يصير قريبا) شيئا من الماضي ومن الذكريات التي قد يرويها الآباء الكوريون يوما لأحفادهم. 

لقد تسارعت الخطوات الدبلوماسية في الآونة الأخيرة بشكل مدهش لم يتوقعه أكثر المراقبين تفاؤلا. فمن قمة صينية-- كورية شمالية إلى إعلان من بيونغيانغ يقترح عقد قمة ما بين "كيم جونغ أون" ونظيره الأمريكي دونالد ترامب. ومن ترحيب أمريكي بالمقترح الكوري الشمالي إلى تخفيف  واشنطون لهجتها  ضد عدوتها الآسيوية الكبرى.  ومن الإعلان عن زيارة سرية قام بها مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية/المرشح لمنصب وزير الخارجية مايك بومبيو إلى بيونغيانغ ولقائه مع كبار مسؤولي الدولة الستالينية المارقة، هي الأولى من نوعها لمسؤول أمريكي رفيع منذ إنتهاء الحرب الكورية في خمسينات القرن العشرين إلى الإعلان عن قرب عقد قمة كورية ــ كورية تسبق لقاء ترامب بالزعيم الكوري الشمالي. ومن قرار بيونغيانغ بالكف عن إطلاق الصواريخ الباليستية وإجراء التجارب النووية إلى إعلان الكوريين الجنوبيين عن إيقاف الدعاية المضادة لجارتهم الشمالية عبر الحدود الفاصلة.

لاشك أن الرياضة لعبت دورا في تخفيف حدة التوتر بين شطري كوريا منذ أن شارك الشطر الشمالي بوفد رفيع المستوى ترأسه رئيس مجلس الشعب الأعلى "كيم يونغ نام" وكان من بين أعضائه شقيقة الزعيم الكوري الشمالي "كيم يو جونغ" في الأولمبياد الشتوية التي إستضافها الشطر الجنوبي هذا العام بمدينة "بيونغ تشانغ ". وكانت الرياضة ــ كما هو معروف للجميع ــ فتحت خطوط الاتصال المقطوعة بين الولايات المتحدة وخصمها الإيديولوجي العنيد ممثلا في الصين الماوية، حيث ساهم ما اصطلح على تسميته بـ "دبلوماسية البينغ بونغ" في عقد أول قمة بين الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون والمعلم ماو تسي تونغ سنة 1972.

لكن الرياضة ما كانت لتنجح لولا توفر عوامل أخرى مثل الإرادة السياسية لدى طرفي المعادلة لنزع فتيل الحروب والأزمات طلبا للسلام والاستقرار، وإن كان هذا العامل أقوى وأقدم وأكثر بروزا عند قادة الشطر الجنوبي.

وتتجلى تلك الإرادة بأوضح صورها في الأفكار التي يتبناها الرئيس الكوري الجنوبي "مون جاي إن" ومحورها التأكيد الدائم على وحدة الأمة الكورية، وضرورة بذل الغالي والنفيس كي تعود كوريا موحدة دون إستحضار ما حصل على مدى العقود الستة الماضية من أساءات وحملات شعواء ومؤمرات ودسائس قامت بها بيونغيانغ ضد سيئول.

ذلك أنه منذ انتخابه رئيسا لبلاده في مايو 2017 لم يكف "مون جاي إن" ــ حتى في ظل أكثر الفترات توترا مع بيونغيانغ ــ عن الإعراب عن إيمانه بوحدة الأمة الكورية، بل أنه أصدر في مطلع العام الجاري كتاباعن حياته ــ على غرار ما فعله معظم اسلافه ــ تمنى فيه أن يعود إلى القرية التي ولد فيها والديه وهي قرية "هونغنام" الواقعة اليوم ضمن أراضي كوريا الشمالية، كي يعيش بها بقية حياته مع والدته البالغة من العمر 90 سنة.

ولا يقتصر هذا الحلم على الرئيس الكوري الجنوبي وحده وإنما هو حلم يتمنى كل سكان الشطر الجنوبي تحققه. وفي هذا السياق كتب الزميل المهتم بمتابعة الشأن الآسيوي "محمد فايز فرحات" في مقال له في صحيفة الحياة (24/4/2018) ما مفاده أنه على الرغم من مرور 65 سنة على تقسيم الكوريتين، فإن مفهوم الأمة الكورية الواحدة لا زال محفورا بقوة في عقول أجيال من الكوريين الجنوبيين والشماليين على حد سواء. وبعبارة أخرى يتحين هؤلاء الفرصة لساعة إعلان السلام الدائم في المنطقة من أجل إعادة لم شمل العائلات المقسمة التي تصل الى نحو مليون أسرة، طبقا للإحصائيات الكورية الجنوبية، علما بأن الكوريتين دشنتا في الماضي برنامجا للم الأسر المشتتة، لم يستمر طويلا بسبب تفاقم الخلافات السياسية.

كم حري بنا في أقطارنا العربية التي تعاني اليوم من وباء الانقسامات الداخلية وإختلال مفهوم الوحدة الوطنية وضمور الولاء الوطني أنْ نستحضر التجربة الكورية لجهة الإيمان العميق بفكرة وحدة الوطن بمختلف أطيافه وتقسيماته المذهبية والعرقية والجهوية، والدفاع المستميت عنها في وجه قوى الشر الداخلية والخارجية التي تسعى إلى بذر الشقاق والفتن داخل مجتمعاتنا وزراعة اليأس والقنوط في نفوسنا.

د. عبدالله المدني
* أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة أبريل 2018 
البريد الإلكتروني: Elmadani@batelco.com.bh 

الانتصار للمرأة العربية بين الله والناس، وقصيدتي عنها/ كريم مرزة الأسدي

 التوازن الطبيعي سنّة الله ومشيئته في خلقه و الحياة والكون" إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ"   الْقَمر (49)..
الأوزون ..الأوكسجين ...ثاني أوكسيد الكاربون ...الماء ودورته...النجوم وأبعادها ...المرأة والرجل  ودورهما وتكاملهما ووظائفهما في الحياة ..الإنسان يريد العبث والهيمنة على الإنسان الآخر، وما خلق الله ، وتخريب التوازن الطبيعي ... فتحلُّ الكوارث والحروب والصراعات والقتل والاغتصاب  والجشع واللصوصية ، والنصف الآخر من معادلة الحياة شاء له الدهر اللعوب أن يقمعه ... وأكثر ما لعب الدهر لعبته في أمتنا بالعصور المظلمة ، فالأمم التي انتبهت وازنت ، والأمم التي جهلت سبتت ، وحل ما حلَّ فيها ، وانتبه متنبينا العظيم ( توفي 354 هـ / 965م ) لهذا الخلل  في أمتنا  صارخاً :
أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم ***يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ
ومن زمانه وإلى زماننا ، نيف وألف عام ، والأمة في سبات عظيم ، ولمّا تنهض ، وكلّما علا صوت يجابه بعدم الأخلاق  ، والعرف الاجتماعي وعقله  ، والوضع الشرعي واجتهاده ... والريب والشك حتى من النساء أنفسهنَّ - مع أنها قضية اجتماعية عامة ، يتضرر فيها الرجال أكثر من النساء !! ، والأنكى من ذلك ممن يزعم أنه من  العلمانيين والتقدميين واليساريين  واللادينيين ،  لماذا ؟ لأنها  فترة انتخابات، وكسب الأصوات ،  ينافقون العقل الجمعي .... إذاً لتبقى أمتكم في حروبها وصراعاتها وجهلها وأمراضها وتقاتلها  ووو والمرأة المعادل  الموضوعي للحنان ولمّ الشمل ، والأكثر حرصاً  على عش الزوجية والاستقرار بعاطفتها وغريزتها الأمومية - وهي أقوى الغرائز في الإنسان - إلى السكوت والخنوع والرضى بما أنزل عليها الرجال الخبثاء !!
وقصيدتي هذه -  من البحر البسيط ، التي نظمت بمناسبة يوم المرأة العالمي في ذمّة التاريخ ، سبقت عصرها بعدة قرون ، ولله في أمره شؤون...!!   

رفيقة الدّهر هل بـ (اليوم ) تذكارُ *** وبنـتُ حـواءَ أجيالٌ وأعمــــارُ
منْ ذا توهـّمَ أنَّ (اليــومَ) مكرمة ٌ *** فكلّ ُثامــن ِمـــــنْ آذارَ (آذارُ )(1)
أمَّ الوجـودِ لقـــــدْ خبّأتكِ حِكـَماً *** للكالحاتِ ، إذا مــــــا هبَّ إعصارُ
أنتِ -كما زعمَ الماضون من نفري-** بنتُ الجمال،وفي الصدرين إيثارُ
كمْ صاحبتني خلالَ العمر صاحبة ٌ****منْ ذكــــرها عبّقَ التاريخَ أسفار
كانتْ دليلاً لعقلي حيـــنَ يوهمني***فقصّـرتْ أنْ تضيءَ الشـّمسَ أشعارُ
لا يقهــــرُ السـّرَّ ما بالكون ِ معرفة ً***فالنفـــسُ نفـْسٌ، وللجنسين قهـّارُ
يا عرشَ(بلقيسَ)، يا (زبّاءُ) :لوعتنا **جفَّ الثرى و(قصير) القومِ غدّارُ!!(2)
يــاليتَ عصرَكما طــــالتْ طوائلهُ****ما بين بحر ٍوبحر ٍ، قد رسـا العــارُ
يا بنـتَ حواءَ : والدنيــا مفــــارقة ٌ***فالمــــجدُ مجدكِ، والأيّـــامُ أقــــدارُ
(خنساءُ) ما خنِستْ، (حسّانُها) صخَرٌ !**لو كـــــانَ للمفلِق ِ الإبــداع ِمعيارُ (3)
(ولاّدة ٌ) وسمتْ من ( شـــهْريارَ) لمىً ***(للشهرزادَ ) ، وما تؤتيهِ أقمـــارُ (4)
مَنْ ذا الذي مات َمِنْ حبٍّ لوالــــدهِ ؟! ****لكنْ تـُعَلـّلُ للعشـّـــــاق ِ أعــــذارُ
لا يبخسُ القلبُ ما بينَ الجوانـــحِ لا ****والشعرُ ملهمــهُ للحبِّ (عشــتارُ) (5)
*****
إنـــّي أتيتُ بلا زادٍ ســـوى ألمــــي ****هذا العـــــراقُ، فروحي منهُ أشطارُ
أنـّى ولجتُ بغسق ِ الليــــل ِمكتئبــــاً *****شعّــتْ لعينيــــهِ بالآمــال ِ أنــوارُ
إنـّي أحاذرُ تاريخــــاً مظالمــــــهُ ****وأفـــــــــقهُ القبرُ، والمحصولُ أصفارُ 
إنَّ الحرائــرَ إنْ قــــــادتْ مسيرتـــهُ****بالإلفِ حنواً، يشــــدّ ُ العزمَ أحرارُ 
تـُذكي لنا الدربَ دونَ اللهب زعزعــة ً *****ولا تهيمنُ فوقَ الرأس ِ أحجارُ 
شتـّانَ بيــنَ نـَفور ٍ إرثـــهُ جــــــدبٌ ****وبينَ لطــــــفٍ تــــروّي فاهُ أمطــارُ
إنْ جــــرَّ آدمُها مـــن عنتهِ طرفـــــــاً ******تقرّبتْ من سناها في الدّجى الدارُ
يا أمّنا أنــــــتِ حصــــنٌ إنْ يفرّقنــــــا****داعي الشقاق ، وخلـــــفُ الأمِّ ثوًارُ
فقدْ تكاملَ في الشــــــطرين وردُهما ******والنقصُ وهمٌ مــن االجهّال ِ ينهــــارُ
اللهُ أكبرُ مــــــنْ خـَلق ٍلــــه خـــــُلقٌ*****مــــنْ جبلةِ العدل ِ، والتكبيرُ إكبـــــــارُ
لقد طلعتً وأنفاســـي موحّـــــدة ٌ *****وهــــــا ختمــــــتُ وبالأشــــــعار ِ إشعارُ 
................
(1) لا يخفى التضمين (ثامن آذار)، والجناس التام بين آذار الشهر الثالث، و(آذار) الأسطورة، وهو مركز انبثاق الحضارة وتفجّرها .
 (2) الملكة بلقيس معروفة ملكة سبأ، سنة وفاتها غير محددة في اليمن، الزباء (زنوبيا) - ت 274 م - ملكة تدمر، و(قصير) بن سعد اللخمي وزير جذيمة الأبرش ملك الأنبار والحيرة، و كان (قصير) وفياً حكيماً نصوحاً لمملكته ووطنه بعكس سياسي هذا العصر !! ومع ذلك لم يأخذ الأبرش بنصحية القصير حتى قتلت الزباء جذيمة - ق 254 م - ثأراً لأبيها كما يذكر الطبري، ويزيد اسمها نائلة بنت عمرو، وجدعت أنف قصير. 
(3) (3) إشارة للمناظرة الشعرية بين الخنساء والشاعر حسان بن ثابت بحضرة الحكم بين الشعراء في سوق عكاظ الشاعر النابغة الذبياني . والخنساء هي تماضر بنت عمرو السلمية توفيت 24 هـ / 645 م. -
( 4) ((4) (ولاّدة ) بنت الخليفة المستكفي - ت 1091م - أميرة وشاعرة عربية أندلسية اشتهرت بقصيدة حب مع الشاعر الشهير ابن زيدون، وهنالك إشارة لقولها : " وأعطي قبلتي من يشتهيها "، والملك شهريار مع زوجته شهرزاد مشروع قصة ألف ليلة وليلة.
(5) (عشتار) : آلهة الجنس و الحب الجمال والحرب، عند البابليين القدماء، ملهمة الشعراء .زوجة تموز إله الخصوبة في بلاد الرافدين القديمة. .

صُوَر من اهدن/ روميو عويس

الغيم نازل زَحف تا يلملم عطور 
بتْحَسّبو فَوق السطوح حْـرامـهـا
طالع عا سيّدة الحصن يوفي ندور
ويسجد ساعات الليل عند قْدامها

وشايف الوزّال حالو عالزهور
رافِـع جـبـيـنـو للسـما قـدّامـهـا
ومأمّنه بتبات وبتغفى الطيـور
حَب العرايش والكرز احلامها
بتوعى طلوع الضو ما عندا صبور
تستقبل الفجر الحلـو انـغامـهـا
ومش ابعد من جبالها مجال النسور
بـالعـزّ فـيهـا عـايشـه ايـامـهـا

والشمس قبل شروقها بتعمل سحور
مْـعَـوَّده عند الصبح حمّـامهـا
بنبع مار سركيس تلتين الشهور
تا تضَلّها طول النهار مبورده
بتغَطِّس بمَيِّة الـنبـع كـمـامهـا

حينما ينهَضُ القَتلى منَ القَتلى/ صالح احمد

أمطرينا سُندُسَ الأبعادِ يا زَفرَةَ حُبِ 
ماتَ في أفقِ التَّناهي في حدودِ المُبهَمِ الموروثِ قسرأً
في عُيونٍ صُبحُها صَمتُ الإرادة..

أمسَكَ اللّيلُ بصَوتٍ خافِتٍ يَمضي حَييًّا
يكتَسي بَردَ الأماني، وارتِعاشَ الحظَةِ الخَجلى
وكانَ الأفقُ أفكارًا مُعادة.

مثلَما يَسقُطُ ظلُّ الشَّمسِ عَن كَفي انطَلَقنا 
نَحوَ ما لا نَستَبين.
والأماني غادَرَت ألوانَها 
ها وَجهُها يصغُرُ كالأفكارِ إذ تُنسى،
وكالأيامِ إذ تَغفو،
وكالذِّكرى متى ماتَ الحنين..

شاحِبًا يَبحَثُ عَن عُنوانِهِ في لحظَةِ الصَّفوِ مصيرٌ
موجُهُ ذِكرى مُسافِر 
رَمُلُهُ أقدامُ عاثِر
صوتُهُ ليلُ المُقامِر
عُمرُهُ فجرُ المآذِنْ
والدّيوكْ..
وكِتابٌ فيهِ ذِكرٌ لشُعوبٍ في رِياحٍ 
عانَقَت موتًا... تَراخَوا 
والجَسَدْ
صارَ كالسِّرِّ ضَبابا

كَم بَقينا نُشبِعُ البَلوى عِتابا 
والنّوى يُهدي مآقينا سَرابا

كَم مَضينا دونَما وَعيٍ شمالًا
أو يَمينًا.. والصّدى كانَ اغتِرابا

يهمِسُ التّرحالُ للتّرحالِ أقصِر
غيرُ ريحِ الله لا تُجري سَحابا
***
قالَ صوتي للصّدى في لحظَةِ الاحساسِ، والإحساسُ يُرجى:
حينَ كُنّا في حِصارِ البَحرِ كانَ الرّملُ ينمو مِن مآقينا،
وكانَ المَوجُ يُهدي لَحمَنا للبيدِ،
والأقمارُ تَحكي للعُيونِ السّودِ أحلامَ المَدينَة..
يا لُغاتِ الصّمتِ مَنذا يُخبِرُ الأقوامَ عَنّا،
عَن رُؤانا تَكتَسي اللَّحمَ المُشَظّى،
عَن مَتاهاتٍ تُغَذّيها دِمانا،
عَن صُعودِ الرّعدِ مِنّا،
واختِناقِ البحرِ فينا...
إنّنا كُنا.. وما زُلنا.. وبتنا..
ينهضُ القَتلى مِنَ القَتلى لدَينا
كَتَبَتنا رَعدَةٌ صارَت دِمانا... وارتَجَلنا 
رَعدَةً أخرى... وكانَت ما وَعَينا...
هَل وَعَينا..
جُرحَ مَن كانَت عُيوني... وغَدَت رَملا بِعَيني؟
نَجمَةً كانَت بِكَفي.. أصبَحَت عَتمَ الظّهيرَة!
هل وَعَينا جُرحَها الرّوحِ الأسيرة؟
أمطريني.. عَلَّني أدرِكُ هل نُدرِكُ كَم أوغَلَ فينا...
جُرحُ بَغدادَ ويافا..
جرحَ بيروتَ وصَنعا..
جرحَ صحراءَ تَفَشّت، أنشَبَت فينا صَداها
فتعرّى الفَجرُ والنّهرُ تَعَرّى... والتّراب!
كلُّنا نَحمِلُ للدُّنيا عِتابا 
مُذْ خَلَعنا جِلدَنا والطُّهرُ غابا

مُذ نَهَضنا نرتَجي ما ضاعَ مِنا 
عندَ مَن لم يُهدِنا إلا اغتِرابا

تَلفُظُ الأحداثُ من قد غابَ عَنها
يا سرابًا ما جنى إلا سَرابا



رسالة يعقوب هرون الكاهن الأوّل لبارتون/ ب. حسيب شحادة


The Letter of Jacob Hārūn the First Priest to Barton

جامعة هلسنكي

أَنشر في ما يلي رسالة قصيرة أرسلها الكاهن يعقوب بن هارون ١٨٤١-١٩١٦ وكاهن أكبر منذ ١٨٦١ وحتى وفاته (في مساء الأحد من الثالث والعشرين من نيسان ١٩١٦، أو في يوم الاثنين الخامس من أيّار عام ١٩١٦) ، إلى صديقه الأمريكي، وليم إلعزار بارتون (William Eleazar Barton، ١٨٦١-١٩٣٠) في ٢٥ نيسان غربي سنة ١٩٠٣، وبدأت علاقته بالسامريين في العام ١٩٠٢. حصل السيّد بارتون على مخطوطات كثيرة من السامريين، مثلا ١٩ درجا، كتاب تاريخ السامريين وفكرهم بالعربية المذكور لاحقًا، كتاب حول بئر يعقوب بقلم الكاهن إسحق وسيرة حياة الكاهن يعقوب بن هارون بالعربية وبلا ترجمة. امتدّت مراسلة بارتون مع السامريين بين السنتين ١٩٠٣ و ١٩٢٦ ونعته الكاهن الأكبر يعقوب بن هارون بقوله: أخي الوحيد. 

مات أبو الكاهن يعقوب عند ولادته، تزوّج عندما كان ابن ثمانية عشر عامًا وأصبح كاهنًا وهو ابن عشرين سنة. أنجب يعقوب وزوجته مريم عشرة أولاد وثلاث بنات، كلّهم ماتوا في صغرهم باستثناء واحد وهو أبو الحسن واسم بكره يوسف على اسم شقيقه الأكبر يوسف تزوّج من بدوية ابنة عمّه الكاهن الأكبر توفيق/متسليح (أشكر صديقي الكاهن عزيز بن يعقوب عزّي على إيفائي بهذه الأسماء). اعتاش الكاهن يعقوب على بيع ما كان ينسخه من مخطوطات لا سيّما التوراوات السامرية. بعد موت يعقوب جاء دور قريبه ومنافسه إسحاق بن عمران ليصبح كاهنًا أكبر، وبسبب الخلاف الذي نشب بين عائلة الكهنة آنذاك تولّى توفيق بن خضر قيادة الصلاة في الكنيس وأبو الحسن، نجل يعقوب بن هرون، غدا الواعظ في صلوات السبوت والأعياد. ويذكر أنّه في آذار عام ١٩١٥ وصل عدد السامريين إلى ١٦٨، ٩٧ ذكرًا و ٧١ أُنثى.  

يعقوب بن هرون عالم وشاعر بالعربية والعبرية السامرية، وناسخ معروف وتميّز بالأنغام والتراتيل التي تعلّمها من خاله إسرائيل سراوي.  فتح بمساعدة الثري الأمريكي وارّين (١٨٤٧-١٩١٩ ، E. K.Warren) مدرستين للسامريين في نابلس أولًا للبنين عام ١٩١١ وقد أُغلقتا عند اندلاع الحرب الكونية الأولى. الكاهن يعقوب هرون هو جدّ الكاهن الأكبر طيب الذكر يعقوب آل شفيق بن عزّي ١٨٩٩-١٩٨٧. كان يعقوب بن هرون عضوًا في بلدية نابلس في فترة عصيبة جدًا بالنسبة للسامريين الذي وصل عددهم قرابة الـ١٥٠ نسمة. كانت له علاقات مع الكثيرين من خارج طائفته مثل إدوارد وارين ووليم بارتون المذكورين وإسحاق بن تسڤي وموشي شرتوك وداڤيد يلين. من مؤلفاته: تاريخ السامريين الكبير، حوالي ألف صفحة، السائل والمجيب (أنظر عنه: الكاهن يعقوب السامري، كتاب السامريين، تاريخهم وعاداتهم وطقوسهم واحوالهم وحالتهم الاجتماعية والثقافية، امنياتهم وآمانيهم، كتبهم وقصصهم المكتوبة والغير مكتوبة مع بعض اساطيرهم الخ.، نابلس ١٩٦٠، .٣٥١ ص. مخطوط، ص. ٦٩-٧٦؛ الكاهن يعقوب السامري، وصيتي وتاريخ حياتي، نابلس ١٩٧٤، ٣٩٤ ص.، مخطوط، ص. ٤٢-٥٩).

هذه الرسالة نُشرت في مستهل مقالة السيّد وليم إدوارد بارتون المعنونة ”التوراة السامرية: قصّة البقاء بين الطوائف“ والمنشورة في مجلة Bibliotheca Sacra، عدد تشرين أوّل عام ١٩٠٣، وأعيد نشر هذا المقال في الموقع الإلكتروني الأمريكي المعروف: WWW.the SamaritanUpdate.com عام ٢٠١١. الخط المائل/ يدلّ على نهاية سطر في الأصل وبداية آخر. لاحظ استعمال عبارة ”الكاهن الأوّل“ بمعنى ”الكاهن الأكبر“ غير المعروفة لي من أيّ مكان آخر:

”من نابلوس / فى ٢٥ نيسان غ  سنه ١٩٠٣ / حضرت صديقى العزيز مستر وليم حرس الله وجوده امين / بنيه المسره اخذت تحريركم المرسول لي من جنابكم عن يد جناب حضرة دكُتر رايت قريته مسروًا / فرحان بحسُن ودادكم وعرفتونى انه الدرج الذى هو سفر التكوين الذى اخذتوه من ولدنا / في العام الماضى عند مروركم عند هذه البلاد وانه ناقص تلاتة اصحاحات فهذا نحُن / كتبنالكم كمالة النقص ثم تسألون حضرتكم من حضرته عن الكتب الموجوده عندنا فهذا قد / عملنا لكم قايمه بعلم الكُتب الموجوده عندنا راجعوها عندكم وعرفونا عن الذى يلزمكم /  (وضعت همزة على الكاف في الأصل) منا عرفونا عن يد حضرة المشار اليه (أي: دكتور رايت في المستشفى المسيحي في نابلس ) يصلكم (وضعت همزة على الكاف في الأصل) كما تريدوه واخذ لكم منا سفر الخروج اربعة ارباع / تمامًا ودفع لى الثمن ومن خصوص سوالكم (وضعت همزة على الكاف في الأصل) عن ايماننا بالمسيح نحُن نقول ان المسيح سيأتي / واما استعمال المسيحيين (في الأصل: المسَحيين) الارُبانيين (أي: الأوروبيين) في معاملاتهم فهو حسن جدًا فارجوا ترسولى صورت /  حضرتكم فوتغرافيه حتى تكون عندنا ونتذكركم هذا ولا خلافه وسلامى لكل من لاذ بكم افندم / יעקב. בנ./ אהרן.הכהן. يعقوب (في الأصل بدون نقط) هرون الكاهن / الاول بطايفة السامره / نابلس (الباء معجمة). 
 يشار إلى أنّ هذه الرسالة قد ترجمت إلى الإنجليزية في الإرسالية في نابلس وأرسلها رايت لبارتون في أمريكا  وفيها بعض الهفوات. ּأنظر: 
William E. Barton, The Samaritan Pentateuch: The Story of a Survival among the Sects. Bib-liotheca Sacra, October, 60 (1903), p. 8.

ملاحظات لغوية: 

غ = غربي؛ ة > ت، حضرت، صورت؛ ي متطرفة > ى؛ ث > ت، تلاتة؛ ة > ه، بنيه المسره؛ حذف الهمزة مثل: قريته، قايمه، سوالكم؛ وضع علامة الهمزة على الكاف أحيانًا؛ اخذتوه بدلا من أخذتموه؛ المسحيين = المسيحيين؛ الارُبانيين = الأوروبيين ؟؛ فارجوا ترسولي بدلا من فأرجو أن ترسلوا لي.
في المعجم: حرس الله وجوده؛ بنيه المسره؛ تحرير= رسالة؛ مرسول = مُرْسَل؛ عن يد = بيد، بواسطة؛ دكتر = دكتور؛ انه = أنّ؛ كمالة = تتمّة؛ من حضرته = منّي؛ لزم، يلزم = احتاج، يحتاج؛ ومن خصوص = بخصوص، بشأن؛ ولا خلافه = ولا شيء آخر؛ ومن لاذ بكم افندم = ومن احتمى بك يا سيّد/ּأهل بيتك. 


William E. Barton, The Samaritan Pentateuch: The Story of a Survival among the Sects. Bib-liotheca Sacra, October, 60 (1903), 601-632,  p. 8. What is added in brackets is mine. 

Nablus (from Nablus), 25th April, 1903

“My Dear Friend Mr. William, may God guard his existence, Amen. With great (intention of)  pleasure I received (took) your letter sent me through Dr. Wright (sent by your Excellency through the Excellency of). I was glad to read it and was delighted with your good friendship (sincere affection). You made me know (informed me) that the roll on which the book of Genesis was written by (taken from) my son (last year while passing through this country), was wanting three chapters; we have already written them.
Further you ask (me) about the books that are found with us, so I (we) have made a list of the books found with us; you may look it over (there) and let us know which you like (need from us) and (omit and) through the aforesaid [Dr. Wright] we will send whatever you want (as you wish). He bought (took) for you (from us) the book of Exodus in four parts complete and paid us (me) the price.
In regard to your question about our faith in Christ, we say that he is yet to come. The deal-ings of the European Christians are very good. May I ask for your photograph to remain with us as a reminder of you.
Nothing more to say but to send my salaams (greetings) to every one belonging to you’’.
JACOB [SON] OF AARON



خياران أمام المجلس الوطنى الفلسطينى .. لا ثالث لهما/ د. عبير عبد الرحمن ثابت

بعد أيام قليلة يعقد المجلس الوطنى الفلسطينى دورته الثالثة والعشرين فى مدينة رام الله، والتى تدور حوله الكثير من الخلافات والاختلافات خاصة بالمكان والتوقيت أو البرنامج والعضوية؛ علما أنه ثمة دلالة سياسية للمكان ورسالة مهمة بأن الضفة الغربية هى الثقل السياسى للدولة الفلسطينية المحتلة فى توقيت حساس تعصف الأحداث المتلاحقة فيه بالمشروع الوطنى الفلسطينى وتنذر بضياعه . وبعيدا عن الخوض فى كافة تحفظات القوى الفلسطينية الرافضة للمشاركة؛ وخاصة أن الجميع تمنى أن يشارك الكل الفلسطينى بدورة المجلس الوطنى الفلسطينى والذى هو البرلمان الرسمى للفلسطينيين فى كل أماكن تواجدهم، والأمل كان أن انتهت حقبة الانقسام البغيض وكل خلافاتنا الداخلية، وذلك ليتفق الفلسطينيين على خارطة طريق موحدة لمواجهة التحديات السياسية التى تعصف بقضيتنا، ولكن وطالما سيتم عقده فى الموعد المحدد، فإن على أعضاء المجلس المشاركين اليوم فى عقده أن يدركوا أنهم أمام مهمة تاريخية لن يغفر التاريخ لهم إن فشلوا فى إنجازها، فبين أيديهم مصير شعب وقضية هى أعدل قضايا الانسانية، وعليهم أن يدركوا أن ما بعد هذا المجلس لا يجب ولن يكون كما كان من قبله، لأن مخرجات المجلس الوطنى أيا كانت سترسم معالم مرحلة فلسطينية جديدة بخيارين لا ثالث لهم؛ فالأول إما ضياع المشروع الوطنى الفلسطينى والتفتت؛ والثانى تعبيد طريق الوحدة والتوافق والحفاظ على المشروع الوطنى وليس أمامهم خيار ثالث .

ولمنع الخيار الأول والبدء فى الخيار الثانى؛ فالحل ببساطة يتلخص فى كلمة واحدة وهى الديمقراطية؛ وهى طوق النجاة لأى شعب حر، والمطلوب من المجلس الوطنى الفلسطينى أن يضع حد قاطع لمرحلة ديمقراطية غابة البنادق؛ وأن يضع الأسس للانتقال بالنظام الفلسطينى  من مرحلة النظام الثورى العسكرى إلى النظام المدنى الديمقراطى الحقيقى؛ والذى تستبدل فيه الشرعية الثورية بشرعية صندوق الاقتراع؛ وهذا يتطلب بالأساس إعادة حصر وتوحيد السلطات المتشعبة فيما هو قائم اليوم فى سلطتين تشريعية وأخرى تنفيذية واضحتى المعالم والصلاحيات، وهو ما يتطلب البدء فى إعداد دستور حديث للدولة الفلسطينية يحاكى التطور الحضارى لأنظمة الحكم الديمقراطية المتقدمة والناجحة، وكذلك على المجلس الوطنى صياغة خارطة طريق للاستبدال السريع لمنظمة التحرير ومؤسساتها بمؤسسات الدولة الفلسطينية؛ خاصة وأن دولة فلسطين أصبحت تمتلك من الشرعية الدولية ما يكفى ويزيد عن شرعية منظمة التحرير بعد حصولها على مكانة دولة مراقب فى الأمم المتحدة، إضافة إلى ذلك إن خطوة من هذا القبيل ستعد قفزة ثورية سياسية نحو ترسيخ مفهوم الدولة كواقع مجسد على الأرض علاوة على أنه تجسيد قانونى مستحق للحق الفلسطينى المدعم بالإرادة الدولية؛ وخطوة هامة وحيوية نحو الخروج من دائرة اتفاق أوسلو إلى دائرة الشرعية الدولية التى تقطع الطريق أمام أى تسويات تصفوية ومجحفة بالحق الفلسطينى.

إن خروج المجلس الوطنى بقرارات بهذا المضمون سيحول المشهد السياسى الفلسطينى القائم نحو الاتجاه الصحيح؛ وسيكون بمثابة قارب النجاة للمشروع الوطنى الفلسطينى الذى سيشارك فيه الكل الوطنى الفلسطينى؛ ويحميه كل أحرار العالم؛ ولن يستطيع أعداء الشعب الفلسطينى عرقلة أو حتى اعتراض طريقه لأنه محصن بإرادة الشعب قبل أن تحصنه الشرعية الدولية.

إضافة إلى ذلك فإن خروج المجلس الوطنى بقرارات بهذا المضمون ستنهى الأسباب الحقيقية للانقسام الفلسطينى؛ وستسرع بإنهائه على أسس وطنية صحيحة وبإرادة فلسطينية حقيقية تأسس لعهد جديد مضمونه الانتصار للإرادة الشعبية الفلسطينية؛ والتى هى كل ما تبقى لأى صانع قرار فلسطينى فى ظل انسداد طرق الخيارات الأخرى .

إن أى مخرجات للمجلس الوطنى غير ذلك تعنى أننا فى الطريق إلى الخيار الأول آنف الذكر، فليس ثمة خيار ثالث أمامنا اليوم حتى وإن إدعى البعض غير ذلك، فإما أن نكون أو لا نكون.

أسباب وتداعيات الضربة الثلاثية على سوريا/ إبراهيم امين مؤمن

من أزمة 2007-2008 إلى الضربة الثلاثية:
بداية ًلا بدَّ أن ننأى بأنفسنا عن الأحداث التاريخية المختزلة والقوالب الجاهزة، وأن نقترب من الأحداث التاريخية المتنوعة التي إذا قارناها بحالنا اليوم كشفنا النقاب عن وجه المخطط الأمريكي والأوروبي تجاه العرب.

 إن العالم له ملك، ولا بدَّ للملك أن يتحكم في ملكه ولا سيما إذا كان هذا الملك يهتزّ عرشه، فضلاً عن أن ممارساته في ملكه لا تكلّفه على أرض العروبة سوى الإشارة .هذا بالضبط حال أمريكا مع العرب، أمريكا التي أقامت دولتها من رحم السكان الأصليين "الهنود الحمر" أصحاب الأرض بعد أن انقضّوا عليهم واستأصلوا شأفتهم تقريباً، وها هي الآن تمارس نشاطها في الانقضاض على العرب إثْر أزمتهم المالية سنة 2007-2008 والتي تمثلتْ مظاهرها في ظهور مشكلة الائتمان والرهن العقاري، فتوحّشتْ، ولم تجد وسيلة أفضل من إثارة الشعوب العربية المهضومة على حكامها سنة 2011 حتى تستطيع أن تُحرز مكاسب جيوسياسية واقتصادية تضمد بها جراحها من أزمتها المالية.

 وقد حصدوا الكثير، بيد أنهم ارتأوا أن مخططهم في سوريا يحتاج إلى حسمٍ صارمٍ بعد الانتصار المحسوم للأسد، ذاك لأنهم وجدوا أن زرعهم قد حصدته روسيا وإيران لِما لهم من سيطرة جغرافية وبشرية في كل أنحاء سوريا تقريباً، ومن أساليب حسمهم تلك الضربة الثلاثية على مواقع الأسد الكيماوية وهى أشبه بلعبة نارية، ولكن تحملُ في مضمونها جرس إنذار خطير إلى أسماع روسيا وإيران باستعداد الثلاثي وحلف الأطلسي كله بنشوب حرب نووية إذا ما فكّرتْ روسيا وإيران في الاستئثار بثروات سوريا،فضلاٌ عن تهديد المصالح الأوروبية والأمريكية عبر منافذ الخطوط الجغرافية الحيوية بها.

 أسباب الضربة
ولم تكن أمريكا وحلفاؤها لتترك روسيا وإيران تحصدان غرْز أيديهم ولا سيما أن سوريا تتمتع بجغرافية حيوية لديهم.
 فبدأوا بتنفيذ مخططهم الخبيث بطيران بريطاني ألقى الكيماوي على درعا يوم 7 أبريل وألصقوا هذه الفعلة ببشار ، ثم اتخذونها ذريعة للقيام بضربة ثلاثية عليه  شملت أكثر من مائة صاروخ على مناطق يؤكّدون أن بها السلاح الكيماوي.
 لن يُثنى أحدٌ أمريكا عن عزمهم في السيطرة على المناطق الحيوية بسوريا، فعزمهم أن يمسكوا بزمام الأمور فيها بالسلم أو الحرب أو حتى لو دعّموا المعارضة المسلحة من جديد مع توفير الدعم اللوجستي والمالي للجيش الحر والأكراد.
فسوريا بوابة ساحلية للقارة الأسيوية، وتقع على خطوط التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا وأفريقيا مع أمريكا.
 وبعض الدول الغربية تريد السيطرة على سوريا من أجل مد خطوط الطاقة من الخليج العربي إلى أوروبا عبر سوريا لكسر حاجة أوروبا للغاز الروسي وإضعاف روسيا التي يخافون منها ولا تقف معهم في مخططاتهم الإمبريالية، وكذلك جعل الأراضي والمرافئ السورية ممراً لاستيراد وتصدير البضائع إلى دول الخليج العربي، علاوة على تموضع سوريا في شمال فلسطين، فيجعل منها هدفاً أساسيا لحركة الصهيونية العالمية.
تداعيات الضربة:
بعد الضربة بدأت الأطراف الثلاثة الفاعلة في سوريا "أمريكا-روسيا-إيران" في إعادة الحسابات من جديد، وهو ما أرادته أمريكا، حيث أفرزتْ الضربة اجتماعا لمجلس الأمن يوم الثلاثاء 17 يناير 2018 دعتْ إليه روسيا لتدين الضربة وتضع مقترحها لحل الأزمة سلمياً. أدانتْ فيه روسيا الضربة، ووضعتْ مقترحها لحل الأزمة السورية، لكن مشروع الإدانة لم ينجح علاوة عن عدم رضا مقترح السوفييت لحل الأزمة إذ أنه لا يصبّ في مصلحة أصحاب الضربة الثلاثية.
 مما حدا بمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا باتهام الثلاثي بإغراق العالم في أوهام الإنسانية إشارة منه إلى أنهم يريدون تفجير المنطقة بالحروب.
ولم تكن روسيا بالطبع أفضل حالاً من الأمريكان فتاريخهم حافل بالإرهاب والاستعمار، واللعبة مكشوفة وهي صراع على جغرافيات سوريا الحيوية ونهب ثرواتها.
 وبالطبع رفْض الإدانة يُفسح المجال للمزيد من الضربات الحيوية،وقد تصيب تلك الضربات المستقبلية المتوقعة المواقع الإيرانية والروسية إذا ما أصرّا على استمرار تمركزهم واحتلالهم، تلك الضربات التي تعبّر ليس فقط بحرب باردة بل بحرب نووية.

وفى إشارة أمريكية لحل الأزمة السورية طرحَتْ مقترحاً يقضى بحكم الأسد ومسكه بزمام الأمورفيها، وهذا الطرْح إشارة الى جلاء كل القوات الأجنبية منها.
 وتقف روسيا حائرة بين ضربات محتملة أو الجلاء، فروسيا تعاني من عقوبات فرضتها عليها أمريكا في يناير الماضي بذريعة تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وخاصة أُوكرانيا، غلاوة على انتهاكات حقوق الإنسان، وربما كانت تريد روسيا رفع العقوبات بورقة ضغط الملف السوري وتمركزها في مناطق حيوية تهمّ أمريكا والغرب، والجلاء يفوّت عليها استخدام تلك الورقة.
ومن تداعيات الضربة انعقاد قمة ظهران بعدها مباشرة، والتي كان من المعروف نتائجها مسبقاً، لأن طبيعة حكّامنا فقط الشجب والاستنكار. لكن لابد من انعقادها حتى يتجنب الحكامُ العرب موجةً ثورية محتملة من شعوبها التي تعتبر هذا الثلاثي كافر ويعتدى على بلد مسلم، كما ان انعقادها ليس إلا ذرّاً للرماد في العيون لتهويش الثلاثي بِشِعار.. "حالنا الانعقاد إذا ما اعتديتم علينا".

خُطّة جديدة
في مكيدة جديدة بعد ضربة ترمب الثلاثية تحاول أمريكا أن تحصل على ما تريد دون أن يتسخ ثيابها، ففرْض العقوبات على روسيا وتوريط الجيوش العربية لتحل محلها بعد انسحابها يحقق لها مأربها.
 يحاول ترمب جر الحلفاء الاستراتيجيين له في المنطقة العربية إنابة عن الجيش الأمريكي الذي يودّ انسحابه.
 بالطبع هو يحاول أن يُجنّب سفك الدمّ الأمريكي على حساب الدمّ العربي، و الإنفاق المالي على حساب الإنفاق العربي، وكل هذا من أجل تتويج هذه الدول أو بعضها بمنحها درجة حليف رئيس خارج الناتو. ولا يريد أن يغامر بحرب مع دولة تملك أكبر قنبلة هيدروجينية في العالم، فهو يريد سوريا ولكن بلا خسائر.
ولعل ترمب تناسي أن هذه القوات العربية قد ينضم بعضها إلى المعارضة المسلحة المنهزمة بحكم وحدة الديانة أو الجنس، فتتحد معاً، مما يسبب تدجج المنطقة بالتيار الإسلامي الذى كان وما زال من أولويات أمريكا الخلاص منه، لأنه يضرب مصالحها بقوة، فيتفاقم الأمرلدي الامريكان أكثر، وتشتعل المنطقة أكثر، مما يضطرها إلى العودة من جديد وإعادة الكَرّة لمحاربة هذا التنظيم.
 الحقيقة الوحيدة التي لا خلاف عليها أن ترمب لن يترك سوريا لروسيا وإيران، أيّاً كان الثمن حتى لو دارتْ حرب نووية قاتلة بين أحلافه وأحلاف روسيا.

بعض الحلول:
اعتراف بقايا المعارضة المسلحة بفوز الأسد الكاسح ،وعلى إثره يجلسون على طاولة المفاوضات لتسليمه مقاليد الحكم كلها، ووضع حدود نهائية للنزاع.
وهذا من اجل  إجبار المجتمع الدولي على فرضية خروج القوات الأجنبية كلها من المنطقة.
 وعلى تركيا الكفّ عن دعم المعارضة السورية وإقامة علاقات حميمة مع الأسد،فضلاً عن وضع الانفصاليين الأكراد تحت الحكم المركزي السوري ورفع أيادي أمريكا من دعمهم اللوجستي والمادي الذي يثير العداء مع الاسد وأردوغان.
 إنّ ما أوقع سوريا في هذه الكوارث إلا الفرقة والتشرذم الذي كُتب علينا بسبب حرص الحكام العرب على العروش. فإمريكا دأبتْ على بث بذور الفتنة منذ القدم بين الدول جمعاء ولاسيما العربية منها، مستخدمة في ذلك قوتها المخيفة في تركيع حكام الدول ولاسيما العرب منهم، لتنفيذ أجندتها الخاصة، وقنبلتي نجازاكي وهيروشيما 1945 وشنق صدام حسين ليس ببعيد.
 كذلك ايضاً مسلسل الانقلابات الذى يتبعونه في بلادنا علاوة على ضلوعها المشبوه في مساعدة الموساد الإسرائيلي في تصفية علماء الذرة العرب.
ولا سبيل لخلاص سوريا وسائر الدول العربية والإسلامية إلا التحصّن بالعلم، والقوّة بالوحدة العربية، فالعلم تُحصد ثماره بصنع القنبلة الهيدروجينية، والوحدة تحصد ثمارها بالمجابهة إذا ما أرادتْ أمريكا فرض العقوبات والحصار بشتى أنواعه من خلال الأمم المتحدة على الدول المالكة للنووي.
               

نزار الضحية رقم 14/ جواد بولس


ولد نزار جهشان قبل 56 عامًا في الناصرة، وفيها قتل قبل شهر برصاصة غادرة. عرفته قبل عقود حين كان في بلادي معنى للشهامة وللشجاعة وللحب وللشرف وللاباء وللشفقة وللوفاء.. رحل تاركًا فيها كثيرًا من الدهشة والغصّة.   
سجلّ موجع من العجز والضحايا،
في تصريحات أطلقها، قبل أيام معدودة، الشيخ كامل ريان رئيس مركز " أمان - المركز العربي للمجتمع الآمن" حمل فيها على ظاهرة العنف الحارقة وأشار على أنه "بوفاة الشاب نزار جهشان ابن الناصرة الأبيّة يصل عدد ضحايا هذا الارهاب الذي ما زال يجتاح مدننا وقرانا العربية في الداخل منذ العام 2000 إلى 1260 ضحية ، وجهشان هو الضحية رقم 14 منذ بداية عام 2018 ”.
وأكد الشيخ ريّان على أن المسؤولية في مواجهة آفة الاغتيالات وعمليات اطلاق النار شبه اليومية في مواقعنا، تقع في الأساس على الدولة وشرطتها وسائر مؤسّساتها الأمنية ولكن ليس عليها فقط؛ ودعا إلى ضرورة تعريف هذه الظاهرة على أنها ضرب من ضروب الارهاب الذي يجب "أن يتعامل معها الجميع بأدوات استثنائية". 
جاءت تصريحات الشيخ وغيره من القياديّين، بعد أن اصبحت مدننا وقرانا العربية تعيش حالة من الخوف الحقيقي، التي أدّت عمليًا إلى تراجع معظم قوى المجتمع عن تأدية أدوراها المأمولة، وإلى انسحاب الأفراد من الحيّزات العامة، وذلك من أجل المحافظة على مواقعهم وعلى سلامتهم وسلامة أفراد عائلاتهم الشخصية. 
هنالك ظاهرة "نزوح  اجتماعي" شامل إلى تحت سقوف "البيوت" أو "خيم العائلات" أو ما يعادلها من ملاجيء أوهمت الناس على أنها أماكن وأحضان توفّر لهم النجاة ؛ فليس مثل " كن مع السبع حتى لو أكلك" أو "امشي الحيط الحيط وقول يا رب السترة" أو "حايد عن ظهري بسيطة" أو " السكوت من ذهب" وغيرها من أمثال السلامة الملتبِسة التي عرفتها الصحراء وأورثتها غزوات أجدادنا العرب وأيامهم الدامية. 
خوف الناس ناتج عن حالة عجز اجتماعي عام وطاغٍ ، دفعت فئات واسعة من المجتمع الى استشعار خطر  سقوط حماة " القيم السامية" وافساح الساحات لقوى الشر والجريمة والقتلة المأجورين وفوّهات مسدساتهم. 
من الموجع  أن نتابع مسلسلات الرعب وهي تُستعرض في شوارعنا ونحن نتمنّى، من بيوتنا وأعمالنا، أن يبقى الرصاص بعيدًا عن جباهنا وكلنا نعلم أنها مجرد أمنيات للعاجزين و"هتورات" للسحرة؛ فنزار جهشان عاد من غربته لزيارة ناصرته وأحبائه فقتله الرصاص وهو على حين قهوة ولقاء مع صديق في مطعم.    
 لن تجدوا أحدًا لا يؤكد على أن استشراس ظواهر العنف وانتشار عمليات القتل بين المواطنين العرب في إسرائيل يشكل الخطر الوجودي الأكبر والتحدّي الأهم لقدرة المجتمع على البقاء وممارسة حياته الطبيعية. 
هذا ما قاله أيضًا السيد محمد بركة في مقابلة هامة أجراها معه الاعلامي نادر أبو تامر في إذاعة "مكان" قبل أيام ، أكّد فيها، من موقعه كرئيس "للجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية في أسرائيل" على أنه يضع قضية العنف المتفاقم بيننا في رأس سلم اهتماماته، فبدون مواجهتها أولًا لن تنجح الجماهير العربية في معالجة سائر قضاياها الحياتية والسياسية المصيرية، كما صرح وأكد. 
هل ممكن فعلًا مواجهة هذه الظاهرة الآفة؟ هكذا في كل مرة أكتب عنها تعتريني الحيرة ويحرجني السؤال. 
وإذا كانت الاجابة بنعم، ويجب أن تكون كذلك، فلماذا لم تنجح المواجهة حتى الآن ؟ 
قد نجد العلة فيما قاله الشيخ ريان، إذ لا يمكن التصدي لظاهرة بهذا الحجم وبهذه القوة والغنى في تنوع مصادر توليدها، إلا أذا تضافرت جهود ثلاثة، وكنت قد كتبت عنها مرارًا في مقالات سابقة.
فمن دون إقحام الدولة ومحاولة إجبارها، ولو بشكل جزئي، على تغيير سياساتها والتصدي لشلالات الدم المسفوك في شوارع مدننا وقرانا ستبقى كل المحاولات عاقرة.  
هذا هو أول الشروط وأخطرها، لكنه لن يتحقق إلا إذا سانده استعداد حقيقي من جانب"السلطة المحلية" ورافقته، على الضفة الأخرى، جهود واضحة من قبل "السلطة القيادية الشرعية" الأولى . 
فهل سيتحقق هذا الميلاد ؟ 
الدولة لوحدها ،كما يبدو، غير معنية بإخماد حرائق المسدسات وإنما بإذكاء نيران الخوف والتفرقة وبتنامي القلق في صدور المواطنين العرب في إسرائيل، لكننا  سنجد في نفس الوقت أنّ دور معظم السلطات المحلية في التصدي للجريمة معدوم أو غائب، لا بل قد تكون بعض تلك السلطات، كما كتبنا قبل  سنوات، نتاجاتٍ لتلك السياسات ومواليدَ في مذاود النار والدخان ولقد تحولت، بعد تمكنها، إلى أهم مفاعيلها المباشرة وغير المباشرة. 
في مقابل ذلك سنجد أن رئيس "السلطة العربية القيادية" الأولى معني في التصدي لظاهرة العنف، وهو يملك التجربة الواسعة والإرادة والفكر للنجاح في تلك المهمة.
 لكنه قد ورث حالة عصيّة وجسمًا مثقوبًا ومهلهلًا يشكّل بعض أعضائه جزءًا من حواضن العنف ويُغنون فضاءاته المتمادية، مع هذا يجب على الجميع أن يساندوا مساعيه في هذا الاتجاه.
نحن على أعتاب انتخابات للسلطات المحلية. إنها مرحلة حاسمة ستحدّد نتائجها معالم وقسمات وجود الأقلية العربية في اسرائيل، التي تسعى، كما لاحظنا في السنوات الماضية، إلى بناء قيادات محلية بديلة للمؤسسات الشرعية الناشطة بين المواطنين العرب وسيكون من مهامها تغيير معادلة المواطنة ومفاهيمها بشكل "ثوري" وباتجاه تكريس سياسة التدجين وأخواتها.
تقترب الانتخابات وأخشى من أنّ ما كان هو ما سيكون. سينتخب رؤساء مجالس وأعضاء يمثلون العائلات وتحالفات المصالح الفاسدة وأحلاف الدم والمال والقوة، وستتفاقم، بالتالي، أزمات مجتمعاتنا وسيعلو صوت المسدس أكثر وستتكاثر طوابير " الڤيسبات" ولابسو الخوذات السوداء، وستفترش الدموع مضاجع أمهات جدد وأعداد الأرامل ستزداد وستصل أصوات القلوب إلى فوهات الحناجر.
 ألم أقل قبل انقضاء سنوات من الوجع وكنا نقف على ذلك المنزلق الخطير أن "رئيس سلطة ينتخب على ظهر صفقات مشبوهة ستبقى هذه الصفقات نيرًا في رقبته وستجعله عاجزًا على التصدي لتلك الظواهر التي تنهش أجساد قرانا وتقض مضاجع أهلينا؛ 
ورئيس سلطة يستعين بحاشية من البلطجية، قبل وخلال معركته الانتخابية، يكون  شريكًا في المسؤولية عن أعمال هؤلاء البلطجية العابثين في شوارع بلدته والمعتدين على حرمات بيوتها وسكانها؛
ورئيس يمارس سياسة المحسوبيات والتفرقة "العنصرية" ضد أبناء البلدة الواحدة لا يستطيع أن يدّعي جدية عندما يقارع سياسة دولة شرطتها العنصرية، ففي النهاية هي نفس الشرطة التي تغضّ الطرف عن موبقاته" .
لا للعنف ، لا للشرطة!
مضى عقد وما زلنا نتدحرج على ذلك المنحدر فلا الاستغاثة نفعت ولا التلويم أسعف. جاءت " القائمة المشتركة" ولم تضف "كواسر رصاص" في بلداتنا، وأخالني حتى بوجودها اننا نقترب من نهاية المنزلق.
 فالدولة مرتاحة لما يجري بيننا، وسلطاتنا المحلية تتسكع خارج اللعبة وكجزء منها أحيانًا . القيادات السياسية والدينية تراوح بين إقصاء مفروض واقصاء مرغوب ونحن، الشعب، نعيش بين خوفين وخوف، وكأننا ما زلنا كما كتبنا في الماضي، رهائن لهدنة خبيثة بين يدي الدولة التي تعامل مواطنيها العرب كالقذى العالق على أهدابها، فإن شاءت تتحمله أو تهمله وإن شاءت تزيله؛ وبين قياديين عرب كثيرين يؤمنون بعقيدة انفصالية مطلقة عن الدولة ويدارون مواقفهم بحكمة التقية والتستر ، فهم يؤمنون بأن إسرائيل ليس أكثر من كيان هش وعثرة عابرة أو ندبة على كف الزمن ولذلك فهي لن تصمد في وجه الرياح وحجارة السماء الآتية حتماً. 
 هكذا إذن، يعيش مجتمعنا بين نارين؛  وأوضاعه، رغم الضحايا وقساوة الأثمان، تتقهقر،  وحساسينه ما زالت تصطادها "نيرانه المحلية". فإلى متى ؟                          

كوريا الشمالية لم تعد في "محور الشر"/ صبحي غندور

لم تكن اختيارات الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، في خطابه عن "حال الاتحاد الأميركي" بمطلع العام 2002، للدول والجماعات التي اعتبرتها واشنطن مصدر "شر وإرهاب"، هي اختيارات عشوائية، ولم يكن سببها هو أوضاع انتخابية أميركية أو مجرّد "زلاّت لسان" كان مشهوراً بها الرئيس بوش، تماماً كما هو حال الرئيس ترامب الآن. فالمؤسسة العسكرية الأمريكية وضعت آنذاك عناصر السياسة الخارجية في ظلّ القيادة الفعلية لنائب بوش، دك تشيني، ولوزير الدفاع رامسفيلد، ولمجموعة من "المحافظين الجدد". 
ففي ذاك الخطاب جرى الحديث عن محور الشر الذي ترى واشنطن فيه تهديداً لها ولمصالح الدول الغربية، وبأنّ دول هذا المحور هي العراق وكوريا الشمالية وإيران. وقد استخدم بوش الابن هذه العبارة لأنّه يعتقد بأنّ تلك الدول تدعم الإرهاب وتسعى لشراء أسلحة الدمار الشامل، وكان ذاك الخطاب هو المقدّمة لما عُرف فيما بعد باسم "الحرب على الإرهاب"، ثمّ لغزو العراق واحتلاله. والملفت للانتباه أنّ جون بولتون، الذي اختاره ترامب ليكون الآن مستشاره لشؤون الأمن القومي، قد أشار في خطابٍ له يوم 6 مايو من العام 2002، حينما كان يشغل منصب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، إلى بعض البلدان بعبارة "ما وراء محور الشر"(Beyond the Axis of Evil)  مشيراً إلى كلٍّ من: ليبيا، وسوريا، وكوبا.
هناك مؤشّرات الآن، بعد وجود بولتون وبومبيو في إدارة ترامب، على السعي لاستعادة بعض هذه المواقف التصعيدية في السياسة الخارجية التي سادت خلال فترة بوش الابن، فهي مواقف تخدم جملة خطط أمريكية تشمل الشرق الأوسط وآسيا، وما فيهما من مصالح أميركية ومخازن نفط ومصادر منافسة للقطب الإميركي من خلال الصين وروسيا. فالخطاب الأمريكي بمطلع القرن الحالي عن "محور الشر الثلاثي: العراق، إيران، وكوريا الشمالية" كان ضمناً يعني الحديث عن كيفية ضمان "الخير الثلاثي الأمريكي": السيطرة على النفط – التحكّم بالمواقع الإستراتيجية الجغرافية- ضمان الأحادية القطبية الأمريكية. 
ولأنَّ واشنطن تحرص على أولويات أجندتها، تجنبّت في الأعوام الماضية الردّ التصعيدي على مواقف كوريا الشمالية، لا بل هي شجّعت أطرافاً دولية أخرى، كالصين وكوريا الجنوبية وروسيا، للتوسّط من أجل تجميد الأزمة المفتوحة مع بيونغ يانغ بشأن تجاربها النووية والبالستية، أو بالاعتماد فقط على مجلس الأمن والعقوبات الاقتصادية.
فإدارة بوش الابن وضعت في مطلع العام 2002 عنواناً لحروبها العسكرية والسياسية في العالم هو "دول محور الشر"، كردٍّ على الهجمات الإرهابية التي تعرّضت لها أميركا في سبتمبر 2001. لكن لم يكن للعراق ولا لإيران ولا لكوريا الشمالية (أطراف محور الشر الذي حدّده بوش) أي مسؤولية عن هجمات سبتمبر، ولم تكن هناك علاقة أصلاً لأيٍّ منها مع "جماعات القاعدة". ورغم ذلك جرى احتلال العراق بحجّة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل ودعمه للإرهاب. أمّا سلوك إدارة بوش الابن مع كوريا الشمالية، فكان تجاهلاً لها في معظم الأوقات حتّى حينما قامت بإجراء تجارب على سلاح نووي، فإذا بواشنطن تدعو آنذاك للعودة إلى لجنة المفاوضات السداسية! أي أنَّ إدارة بوش الابن اعتمدت أسلوب الحرب والغزو مع العراق الذي لم تكن فيه أسلحة دمار شامل، بينما مارست واشنطن التهدئة والمفاوضات مع طرف كان يصرخ عالياً بأنّه يملك السلاح النووي ويُجري التجارب عليه!.
هذا كان نموذجاً لسياسة الخداع والتضليل التي مارستها إدارة "المحافظين الجدد" على الأميركيين وعلى عموم العالم، وطبعاً لم تكن هذه هي المرّة الأولى – ولن تكون الأخيرة - التي تتعامل فيها الإدارات الحاكمة في واشنطن مع الأزمات الدولية بأسلوب الكيل بمكيالين. فالصراع العربي الإسرائيلي حافلٌ بالشواهد على ذلك، إضافةً إلى الموقف الأميركي المزدوج من مسألة المفاعلات النووية وأسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط، حيث أنّه مباحٌ لإسرائيل أن تمتلكها ومحظورٌ على دول عربية أو إسلامية أو دول أخرى السعي للحظي بها.
إنَّ شبه الجزيرة الكورية كانت موقعاً مهمّاً إستراتيجياً لأميركا خلال حربها الباردة مع المعسكر السوفييتي، عندما كانت واشنطن تبحث عن قواعد لها في دول شرق آسيا من أجل دعم وجودها العسكري في اليابان ولتستكمل الحصار على الاتحاد السوفييتي. وقد تحقّق ذلك لأميركا في حقباتٍ زمنية مختلفة إلى حين سقوط المعسكر الشيوعي، كما أنَّ واشنطن استطاعت أن تنهي الحرب الكورية في عقد الخمسينات من القرن الماضي بمعاهداتٍ تضمن وجود قواعد عسكرية لها على أراضي شبه الجزيرة الكورية، إضافةً إلى تقسيم كوريا إلى دولتين، وهو الأمر الذي فشلت فيه واشنطن في حربها بفيتنام خلال عقد الستّينات.
كانت كوريا الشمالية، بالنسبة لواشنطن، مسألة من الماضي، يمكن تحريكها أو توظيفها في أيّ وقتٍ بالمستقبل، ولذلك حاولت واشنطن في السابق استيعاب الفورات العصبية الكورية الشمالية بأقلّ حجمٍ من ردود الأفعال الأميركية. واستخدمت واشنطن "العصا والجزرة" معاً في مفاوضاتها مع بيونغ يانغ أكثر من مرّة. فأميركا سعت عدّة مرّات لعدم تصعيد الأزمة مع كوريا الشمالية، وهاهي تفعل ذلك الآن من خلال التوافق على عقد قمّة تجمع ترامب مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ، كما لم يكن لواشنطن مصلحة في حلٍّ شامل للأزمة الكورية ينهي نفوذها ووجودها العسكري في المنطقة، فتجميد الأزمة كان لعقودٍ من الزمن هو الهدف الأميركي لا حلّ هذه الأزمة  جذرياً أو تصعيدها عسكرياً. 
كانت واشنطن تنظر إلى التصعيد الكوري الشمالي وكأنّه صرخة احتجاج ودعوة إلى تقديم مساعدات ووقف للحصار، ولم تعتبر واشنطن كوريا الشمالية منافساً إستراتيجياً لها كما كان حال الاتحاد السوفييتي أو كما هما الصين وروسيا الآن، لكن بيونغ يانغ نجحت في اختيار التوقيت لتفجير الأزمة مع واشنطن، وهي مارست التأزيم بهدف الحلّ الشامل لأزمتها مع الولايات المتحدة، وليس من أجل الحرب المدمّرة لها. فبيونغ يانغ تريد طمأنةً لها بأنَّ أميركا لن تستهدفها عسكرياً في المستقبل ولن تعمل على تغيير نظامها السياسي، وهي تريد مساعداتٍ نفطية وغذائية، وتريد طاقةً نووية كهربائية، وهباتٍ مالية وعدت بها أميركا واليابان والمجموعة الأوروبية في اتفاقات عام 1994 .. أي إنّ بيونغ يانغ مارست التشدّد مع واشنطن بهدف القرب منها وليس من أجل الحرب معها. وواشنطن أدركت ذلك في السابق ممّا جعلها تطلق صفة "الابتزاز" على الأسلوب الكوري الشمالي، في الأزمة التي تصاعدت بعد توقّف المفاوضات السداسية بسبب جملة من الشروط الأميركية.
ليس لكوريا الشمالية في أزماتها المتكرّرة والمتصاعدة مع واشنطن ما تخسره، فهي تعاني من أوضاع سيّئة، ولن تنتظر قدوم حتفها إليها من خلال أسلوب الموت البطيء الذي يحصل من خلال الحصار والعقوبات الاقتصادية. وقد حاولت بيونغ يانغ، إلى أقصى الحدود، استخدام تهديداتها بما تملكه من قوّةٍ  نووية وعسكرية لكي تحصل على اعتراف أميركي بالنظام الحالي ووقف العقوبات المتراكمة عليه. ويبدو أنّ ذلك ما أدركه الرئيس ترامب وسيسعى لتقديمه كثمن لانتصار سياسي خارجي يحتاجه الآن الرئيس الأميركي.
حتّى الآن، هناك سقوف عليا أو شبه خطوط حمراء جرى احترامها من الأطراف كلّها المعنيّة بالأزمة الكورية، فلا واشنطن مارست أي تصعيد عسكري ولا هي ترغب به، ولا بيونغ يانغ اعتدت على أي أراضٍ أو سفنٍ أميركية أو حلفاء لأميركا، ولا الصين ولا روسيا ولا اليابان ولا حتّى حكومة كوريا الجنوبية هي مع أيّ حربٍ جديدة في شبه الجزيرة الكورية. ولعلّ هذه "الخطوط الحمراء" هي التي دفعت بكلّ الأطراف إلى البحث عن تسوية شاملة تقبل بنظام كوريا الشمالية وتتعامل معه، لكن مع رقابة وشروط دولية مقابل رفع العقوبات عنها.  
      

كل وفقا لمذهبه/ بن يونس ماجن

   1
محراب حديدي أكله الصدأ
وآخر خشبي أنهشه الدود
وصليب شائك ينزف دما      

2
الكل يجلس القرفصاء
سبحة من خردل
وآخرى من الدفلى

3
الكل يشتم ويسب
الكل يلعن ويغضب
الكل من الحقيقة يهرب

 4
الكل يتلوا سورة  "المنافقون"
الكل يتلوا سورة  "المؤمنون"
حجارة من السجيل
ام حجارة من الطين

5
الكل ينتظر خروج مهديه
والآخرون ينتظرون "جودو"
للعبث به

6
الكل يحمل صخرته
اما سيزيف  العرب
فألقى بصخرته في قاع البحر

7
الكل في صدره وجع غائر
   وعقله حائر وخنجره ثائر
الكل يسعى الى تكفير الاخر
من الصالح
من الطالح

8
السباق الى الجنة والنار
صراع بين الحياة والموت
عمائم  ومآذن ولحى ومصاحف
أين الثابت وأين المتغير

9
قارئة الفأل
تتقيأ في فنجان قهوة 
ثم يغمى عليها
لقد تنبأت 
أن الحرب العالمية الثالثة آتية لا محالة

10
زجاج البلار
يكره النرجسيين
شريعة الماء والكلأ
شعبوية التتار


11
ثمة فرق متهلوسة
كأنها عصافير نصف نائمة
في قفض مظلم
أمام ذئب وديع


12
لماذا لا تتجانس الحروف مع النقاط
وتتزاوج الاقلام 
ما أكثرالعوانس والعوازب

13
هذا شيوعي ملحد
وهذا علماني لبيرالي مجدد
وذاك ماسوني يتغزل بهيمنة العالم             

14
من باب نصف مفتوح
يطل الميت المذبوح
ينفض عنه
سواد العتمة ويتثاءب
ويتساءل ما هو الفرق بين:
أنصار الفئة الباغية
ومريدي الصوفية

15
طوائف تتأجج
وخوارج بعمائم مفخخة
ومليشيات داعشية بلطجية     
من هم المسلمون ومن هم القاسطون

16
هؤلاء يطلبون السعادة
ولو في قعر الجحيم
وأولائك  يسعون الى اصطياد نبتة الخلود
ولو في قعرالمحيطات
في عصر الذل والهوان والعار
تحالف الحمار والثعلب وسارق النار