فلسطين/ الدكتور حاتم جوعيه



(  قصيدة مهداة إلى الشعب الفلسطيني الأبي والشجاع الذي  ما زال يناضل ويكافح من أجل كرامته ونيل حقوقه كاملة - وبمناسبة يوم الأرض الخالد.


قبلة َ الشَّرقِ  لكِ  الشَّعبُ  استجابا       كنتِ      نورًا     وضياءً      وكتابا 

يا    فلسطينُ     تبارَكتِ     حِمًى        أهلُك  اعتادُوا  على  الدَّهر الصِّعابا 

أنتِ أرضُ الطهر ِ نبراسُ  الهُدَى         يبتغيكِ     الكونُ     دارًا      وإيابَا 

نحنُ   في   التاريخ ِ  سفرٌ   خالدٌ          والحضاراتُ      بنيناها        قبابَا  

لم      تزلْ     راياتُنا       خفّافةً          في   انتظارِ  الفجرِ  شوقا  وارتقابَا

قد  رضعتُ  المجدَ  طفلاً  نازحًا         وَسُقيتُ     الحُبَّ    كاساتٍ    عذابَا  

أنتِ   قدسي ،  وسمائي ،  ودَمي         بعدَ  هذا  الطهرِ  لا  أهوَى  اغترابَا 

شعبُكِ   الصَّلدُ    أبيٌّ    لم   يهُنْ          وَيمينا        سيُصَفِّيهِ         الحسَابَا 

رغمَ  عسفِ  الظلم ِ، قد  هزُّوا الدُّنى          يبتغونَ    الموتَ    مجدًا     وطلابَا 

ويخوضونَ    خضمَّاتِ    الرَّدَى         في  انتشاءٍ ...والدُّجَى  يعلو  التِهَابَا  

هُمْ  نجومٌ   في الدَّياجي  أزهَرَتْ         يا   بلادي   واقبسي   منهم    شهابَا 

أنظرينا    يا   بلادي   قابَ    َقوْ         س ٍ  غَدَاةً  سوفَ  نعطيكِ  الجَوابَا    

خَسِىءَ     المُحتلُّ    أن    يجتثنا         جذرُنا  الرَّاسخُ  لا  يخشَى  الصِّعابَا 

كلُّ   شبر ٍ   في   ثراكِ   صارخٌ          عربيٌّ ...  أبدًا       نبقى     عرَابَا   

سائلي   التاريخَ   عن     أمجادِنا          فهْوَ   لو   ساءلتِ   يُنبيكِ   الجوابَا 

يشهدُ   التاريخُ     أنَّا    لم   ندَعْ           ساحة َ  الموتِ   ولم    نَلْوِ   هرابَا  

كانَ    صَكًّا    وقَّعُوهُ    يا    لهُمْ           قبضُوا  المالَ   وقد  باعوا  الترابَا 

وانتتشَرنا   في   المنافي    يومَهَا         واكتسَتْ    أيَّامُنا     الغُرُّ     ضَبابَا  


يا     مُلُوكا     خذلونا     وَيحَهُمْ          سلَّمُوا الأوطانَ  وانجرُّوا  انسحابَا  

يا     ملوكًا     كحذائي   عرشُكُمْ          خزيُكُم  قد  جعلَ   الخصبَ   يَبَابَا   

تلكَ   تيجانٌ   تبيعُ  الأرضَ  والْ        عِرْضَ تبقى في قصورِ الخزْيِ نابَا 

ما   لشعبِ  العُربِ  لا   يهتزُّ  ما         لعروشِ  الظلم ِ  لا   تهوي  خرابَا  

يا  شعوبًا  في  الدُّجَى  كم  رتعَتْ         آنَ   أنْ    تنضُوا  هوانا   واكتِئاتبَا  

رُغمَ   عَسْفِ  الظلم ِ  أتتُمْ   هُجَّعٌ          ما  رفعتُمْ   صرخة َ الحقِّ  غضابَا  

ما   تركتُمْ   سُدْفة َ  الجَهل ِ  وكمْ           كم   فتحتُمْ   في  الدُّجَى  بابًا  فبابَا 

ذُهِلتْ   من   نومكم   كلُّ   الدُّنى          وهوَان ٍ     جَرَّ     أشياءً     غِرَابَا 

قد مَشَى الغربُ على هام ِ السُّهَى           أنتمُ  في الدَّرك ِ  تشكونَ   انسحَابَا  


كم    عروش ٍ    حَطَّمتهَا    هِمَمٌ            وَشُعوبٍ    حقّهَا    المَوؤُودُ    آبَا  

إنَّمَا      للظلمِ      يومٌ     يَمَّحِي             والرَّوابي    تلثُمُ    النورَ   المُذابَا 

كم     بقاع ٍ    بدماءٍ ...  إرتوَتْ             تبتغي   العيشَ   كريمًا   مُستطابَا 

واشرَأبَّتْ   في    الذُّرَى    ألوية ٌ           طابَ جُرحُ الشَّعبِ يا مُحتلُّ  طابَا 


يا  فلسطينَ  المُنى  حَيَّاكِ  شعبٌ             إستقى   الأحلامَ     نمَّاهَا   عذابَا 

ما    نوالُ    الحقِّ     إلاّ     بدمٍ             سِنُعيدُ   الحقَ    قهرًا   واغتصَابَا 

فإذا     أحرارُ    شعبي    أبعِدُوا             وابتلى  أفقُكِ  عَسْفا   واضطرَابا   

والقرابينُ       وَهبناهَا        فِدًا              حَجَّبُوا   الفجرَ   وغطُّوهُ   حِجابَا   

وبكى    النجمُ     على   أمجادِنا              أهلُنا  الصِّيدُ  فكم  أبدُوا  العِجَابَا   

حُلمُنا   المَنسيُّ   أضحَى    يانعًا             فاستقينا   الموتَ  شهدًا  وَرُضَابَا 

يا    بلادي    وضحَايَانا    جُسُورٌ           تبعَثُ  الشَّمسَ التي  كانت  سَرَابَا   


صرخة ُ الشَّعبِ  رُعُودٌ  زلزلتْ            صاحتِ القدسُ وكم هزَّتْ  هضَابَا 

يا عروسَ  العُرْبِ  يكفيكِ  أسًى             لم    تعُدْ  عيناكِ    تنهلُّ   انسكابَا 

شعبُكِ  المغوارُ  في عتمِ  الدُّجَى            يصهرُ  الأغلال   يجتاحُ  الضَّبَابَا  

ضِفَّة َ  المجدِ   ويا   رمزَ  الفدَا              أهلُكِ  الصِّيدُ   لقد  هَبُّوا   غضَابَا 

فيمينا     كلُّ    حقٍّ     عائدٌ ...            سارَ شعبي في اللَّظى هاجَ اصطخَابَا 

يا  رَصاصَ الغدرِ إنَّا  لم  نهُنْ              بدمانا    الحُمر ِ    رَوَّينا    الترابَا  

حُلمُنا   المَنشُودُ   أسمَى   غايةٍ             من  نضالِ  الأهلِ   يزدَادُ  اقترابَا  


يا   فلسطينُ   لقد   ذبتُ   هَوًى            فارْحَمِي  الطَّيرَ الذي أمسَى مُصَابَا  

كم  شربتُ الحُبَّ  كأسًا  مِنْ  يَدٍ            وَلثَمتُ   الخِصبَ    قبَّلتُ    الترَابَا 

قد  سَقيتُ  الجُرحَ  أنغامَ   المُنى            وَوَهَبتُ   الكونَ    ألحانا     عذابَا 

أيُّهَا  الزَّيتونُ   تدري  كم   عُهُو            دٍ    قد   قطعناها  وأشعلنا   شهابَا   

نحنُ     أقسَمنا     يمينا      للفدَا           وَضَمَمناها       وُرُودًا      وحرَابَا  

وَرَفعنا    راية َ   للتحرير ِ   حُلْ           مَ     فلسطينَ  التي  أعْيَتْ   جَوَابَا 

يا    بلادي   كم    أذاقونا   أسًى           آنَ   للباغينَ    أن    يلوُوا   هِرَابَا  

قد   قضَى  دهرٌ  بتشريدٍ    فجُبْ          نا   بقاعَ   الأرض ِ  أشتانا   غرَابَا 

نحنُ   نبقى  في   صمودٍ  راسخ ٍ          وَسَنُجلي    عن     مغانينا    الذئابَا 

في  خيامِ الحُزن كم شعبي اكتوَى          نحوَ   لُقياكِ     وكم     دمع ٍ   أذابَا  

في    المتاريس ِ   أسُودًا    وُلِدُوا         بهَرُوا  الطغيانَ   كم  كانوا  صلابَا  

وانظري خلفَ خُطوطِ  النارِ  شَعْ         بي   أذاقَ   المُعتدِي   نارًا   شهابَا         

وانظريهِم  في خضمِّ  الموتِ  كمْ          يعشقونَ  الموتَ    يفدونَ    الترابَا 

من  أغاني الموتِ  يُسقى  موكبي          موردًا    جمًّا      وأنغامًا     عذابَا 

في  خيامِ  للحُزن ِ  شعبي  صامدٌ          يلثُمُ      الرَّشَّاشَ      دينا     وكتابَا 

في  خيامِ   الحُزنِ   يبني   مجدَهُ           يبتغي    الحُرِّيَّة َ   الحَمراءَ     بابَا  

فيمينا       حقُّ     شعبي    عائِدٌ          عزمُهُ  الحُرُّ   لكم    ألوَى   صعابَا  

لا     ينالُ    الحقّ     إلاَّ      بدمٍ          سنعيدُ   الحقَّ     قهرًا    واغتصَابَا  


عُدْتَ يَا يَوْم مَوْلِدِي/ شاكر فريد حسن

 


يَا اشْرِعَةً وَرَاء عُمْرِي

تَجْرِي

فِي يَوْمِ مِيلَادِي الْوَاحِد

وَالْسِتِين

تَتَزَاحَمُ الأفْكَار

وَتَعْصِفُ بِي

الْذِكْرِيَات

يَتَمَازَجُ الْقَلَقُ بِالنَسَائِمِ

وَالْغَمَامَاتِ

فَأرْسِمُ الأحْلَامَ

زَنَابِقَ وَورُوُد

وَيَاسمِينَات

بِرُوحِي وَقَلْبِي

مَا زِلْتُ شَبَابًا

عَاشِقًا سَرْمَدِيًا

فِي مَعَابِدِ الْحُبَّ

وَالْعِشْقِ

بِهمُوُمِ وَطَنِي وَشَعْبِي

مَسْكُونًا وَمَهْمُومًا

مُؤمِنًا بِالإنْسَانِ

لا أؤمِنُ بِالطَائِفِيَةِ

وَلَا بِالعَائِلِيَةِ

مُنْحَازًا لِمُعَسْكَرِ الْفُقَرَاءِ

وَلِفِكْرِهِم الْطَبَقِي الثَوْرِي

 حَتى الْنُخَاع

وَمُتَحِزِبًا لِلطَبَقَةِ العَامِلَةِ

وَلِلنَاسِ المَسْحُوقِينِ

الْبَاحِثِينَ عَنْ غَدٍ أجْمَل

وَمُسْتَقْبَل أخْضَر

مُنْذُ فَتَحْتُ عَيْنَيّ

عَلَى الْدُنْيَا

شَغِفْتُ بِالْحَرْفِ

وَالْكَلِمَاتِ

وَكَتَبْتُ الْخَوَاطِرُ

وَالْوَجْدِانِيَات

تَرَعْرَعْتُ عَلَى دَوَاوِينِ

شُعَرَاءِ الْمُقَاوَمَةِ

الْفِلِسطِينِيّةِ

وَأحْبَبْتُ أشْعَارَ

الْمُتَنَبِي وَابن زَيْدُون

وَالْقَبَّانِي

وَأَحْمَد فُؤَاد نَجِمْ

وَبَابْلُو نِيرُودَا

وَرَدْدْتُ مَع أمَلْ دُنْقُل

"لَا تُصَالِح"

وَرَاقَت لِي

غِنَائِيَات الْشَيْخ إمَام

وَمَارسِيل خَلِيفَة

وَتَرَاتِيل فَيْرُوز

بِصَوْتِهَا الْمَلَائِكِي

وَمَوَاوِيل الْصَافِي

وَسَحَرَتْنِي أغَانِي

أم كَلْثُوم

وَعَبد الْوَهَاب

وَفَرِيد الأطْرَش

وَفَائِزَة أحْمَد

وَنَجَاة الْصَغِيرَة

واَسْمَهَان

وَأعْجِبْتُ بِفِكْرِ

ابن رُشْد وَالْمَعَرِّي

وَالْنَهْضَوِيِيِن الْعَرَب

وَخَمْرِيَّات أبُو نُواس

وأبْحَرْتُ فِي كُتُبِ

حِسين مروّة

وَمَحْمُود أمِين الْعَالِم

وَسَلَامِة مُوسَى

وَطَه حُسِين

فِي يَوْمِ مِيلَادِي

لَنْ أبْكِي

وَلَنْ أذْرِفَ الْدُمُوعَ

علَى مَا مَضَى مِنْ

أيَّام وأعْوَام

بَلْ سأظل ربيعًا أخْضَرًا

مُتَجَدِدًا فِي خَرِيفِ الْحَيَاة..!!

تطورات جديدة في هونغ كونغ لإحتواء أزمتها/ د. عبدالله المدني


كما هو معروف شهدت هونغ كونغ طوال العامين المنصرمين أزمة سياسية ودستورية غير مسبوقة في تاريخها منذ عودتها إلى السيادة الصينية في الأول من شهر يوليو 1997. هذه الأزمة، التي اندلعت على خلفية قانون أمني جديد مثير للجدل فرضته بكين، معطوفا على مشاكل تشريعية وإدارية واقتصادية، تسببت في احتجاجات شارعية واسعة وتعطيل للأعمال والمصالح، لم تخف حدتها إلا بسبب المخاوف من الإصابة بوباء كورونا المستجد.

اليوم تحاول بكين جاهدة أن تضع حدا لمشاكل الجزيرة التي تؤرقها. ومن آيات ذلك أن نائب رئيس مجلس الدولة الصيني "هان تشينغ" اعترف مؤخرا أمام أكثر من 200 مندوب من هونغ كونغ خلال اجتماع عقد في بكين للمجلس الإستشاري السياسي للشعب الصيني (مجلس يتألف من ممثلين للحزب الشيوعي الصيني الحاكم والأحزاب الأخرى المعترف بها والشخصيات غير الحزبية والمنظمات الشعبية والأقليات القومية ومواطني منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة ومنطقة ماكاو الإدارية الخاصة) بوجود مشاكل عميقة الجذور في الجزيرة، تشمل الهيكل الصناعي ونقص المساكن وتوزيع الثروة وتصادم المصالح والصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، داعيا أعضاء المجلس إلى تقديم المقترحات والمشورة والنصائح للحكومة لتخفيف التوتر في هونغ كونغ وإعادة الأمور إلى نصابها بشكل عملي وفعال.

وقد تزامن هذا الحديث مع تغيير نظام الانتخابات في الجزيرة حينما صوتت غالبية أعضاء مجلس الشعب الصيني في مطلع شهر مارس لصالح ادخال تعديلات على نظام هونغ كونغ الانتخابي، بهدف وضع مسؤولية إدارة الجزيرة في أيدي "وطنيين" يحكمونها ويعكسون واقعها ويمثلون مصالح مجتمعها ككل (بحسب ما نشرته الصحف الصينية). وقد تضمنت هذه التعديلات زيادة أعضاء اللجنة الانتخابية التي تختار حاكم هونغ كونغ ورئيس جهازها التنفيذي من 1200 إلى 1500 عضو، وزيادة عدد مقاعد برلمان الجزيرة من 70 إلى 90 عضوا، واستحداث لجنة لمراجعة مؤهلات المترشحين للبرلمان ومدى ولائهم لسلطات البر الصيني.

وقد سارعت حاكمة هونغ كونغ الحالية "كاري لام" إلى تأييد هذه الخطة بقوة، فيما أبدى بعض مساعديها، وعلى رأسهم "برنارد تشان"، تحفظات حيالها. غير أن الناطق باسم المجلس التشريعي الهونغكونغي "وانغ تشين" كان من رأي الحاكمة بدليل قوله أن "الفوضى في هونغ كونغ هو برهان على وجود ثغرات وعيوب في النظام الانتخابي الراهن ما يتيح للقوى المعادية للصين في الجزيرة الوصول إلى السلطة".

ويرى بعض المراقبين والأكاديميين أن التغييرات المقترحة على نظام الانتخابات في الجزيرة سوف تساعد على فرز قادة جدد أكثر حرصا على المصالح العامة بدلا من المصالح الخاصة للشركات الكبيرة، كما أنها ستخفف التوترات بين الهيئات التشريعية والإدارية وتحد من تأثير الشركات الكبيرة على عملية صنع القرار (في الماضي كان الرئيس التنفيذي ينتخب من قبل أشخاص في الغالب من الطبقتين الوسطى والعليا، بينما كان ناخبو المجلس التشريعي ينتمون أساسا إلى الطبقتين الوسطى والدنيا ما أدى إلى صراع كبير بين الجهازين التشريعي والإداري). غير أن البعض الآخر من المراقبين يرى أن التغييرات المذكورة انتكاسة للديمقراطية والحريات التي عرفها الهونغكونغيون في ظل الحكم البريطاني.

من جهة أخرى، وتزامنا مع هذه التطورات، تمّ الإعلان في هونغ كونغ عن تأسيس حزب سياسي جديد يحمل إسم "حزب بوهينيا" على يد مجموعة من رجال الأعمال المحليين وبقيادة "لي شان" عضو المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني الذي صرح بأن حزبه سوف يشارك في انتخابات المجلس التشريعي ولجنة الانتخابات، بل وفي حكم هونغ كونغ. 

و"لي شان" هذا، المولود في مقاطعة سيتشوان الصينية عام 1963، يحمل بكالوريوس الاقتصاد من جامعة تسنغهوا والماجستير من جامعة كاليفورنيا والدكتوراه من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وله خبرة كبيرة في الأعمال المصرفية استمدها من عمله في كبريات المصارف الأمريكية والغربية، ناهيك عن أنه كان نائبا لرئيس الفريق الخاص الذي كلفه رئيس الحكومة الصينية الأسبق "تشو رونغجي" عام 1998 لتأسيس بنك استثماري تابع لبنك التنمية الصيني.

وطبقا لتصريحاته المنشورة، قال "لي شان" أن حزبه يلتزم مبدأ "احترام دولة واحدة بنظامين" (الصيغة التي وافقت لندن بموجبها على إعادة هونغ كونغ إلى السيادة الصينية)، وحماية القيم الأساسية لهونغ كونغ وسيادة القانون، مضيفا أن الأخيرة يجب أن تظل دون تغيير لمدة 50 عاما أخرى بعد العام 2047. وكي يبدد مخاوف البعض منه نفى أنه عضو في الحزب الشيوعي الحاكم في بكين، كما قلل من انتقادات البعض الآخر له لجهة عدم قدرته على خدمة شعب هونغ كونغ بسبب عدم اتقانه للغة المحلية (الكانتونية)، قائلا أن هونغ كونغ مدينة آسيوية عالمية، وإذا كانت لا تسمح لشخص يتحدث الماندرينية بخدمتها فهي ليست عالمية.

وفي معرض حديثه عن الدوافع من وراء إطلاق حزب بوهينيا قال أنه وبعض الشخصيات من ذوي التفكير المماثل قرروا ذلك بعدما شعروا بأن جميع الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة تخدم فئات معينة من الناس ولا تخدم سكان الجزيرة ككل. والمعروف أن أثنين من زملائه من مؤسسي الحزب سبق أن صرحا في ديسمبر الماضي بأن حزب بوهينيا (المقترح آنذاك) يستهدف منح عضويته إلى ربع مليون شخص من أجل تعبئة 7.5 مليون نسمة عندما يكون هناك اقتراع عام في هونغ كونغ، وأن الحزب لن يسأل الأعضاء عن خلفياتهم طالما أنهم موافقون على برامجه وراغبين في العمل تحت لوائه.

د. عبدالله المدني

*أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي من البحرين

تاريخ المادة: مارس 2021 م

طقوسٌ للقُبلةِ المُحْتدمة/ فراس حج محمد



1

لامرأةٍ واحدةٍ سأغنّي 

وأزرعُ وردتينِ على صدرها

تقبّلني قصيدتُها

تقبّلها قصائديَ القصيرةُ والطويلةْ

أقبّل وجنتيها

وأغنّي

2

يمامةٌ صباحيّةْ

رقصتْ على الشُّبّاكْ

قبّلتني مرّتينْ

وأوقعتني في الشِّباكْ

دافئةٌ، ماءٌ، حريريّة

أفاضتني غناءً شاعريّاً

من هناكَ إلى هناكْ

3

هيّا اكتبي على جسدي

يدكِ النّحيلة كالقلمْ

واستعمري شفتيَّ بشهدِ فمْ

أغصانكِ النّضرات باقاتُ الزّهور 

المائجات بوعيِ دَمْ

معبّأٌ بأناكِ حيث عرفتِني

وعزفتِني لحناً طويلاً

سيلَ غيمْ

ها قد مررتُ على خطايَ

أُعيدني وأعود لي 

متحرّراً من وَهْمِ آلهةِ الصّنمْ

4

أنا مركز هذا الكونْ

وركنكِ مركزي

من بين أضلاعي نبتِّ

لتنبتَ أفرعي

كيف انتقلتِ إلى هنا 

وإلى هناك غدوتُ 

يُخْلقُ في وعائكِ ما أعي

5

مثل يمامة بيضاءَ

مثل اللبؤةْ

صامتة متورّدة

بعينين صافيتين تأتلقانْ

ممتدّ بهما شعور بالحدْس

تتحرّكين هنا كأنّك المتمرّدةْ

وتعزفين الأغنيات

يا زهرةً من بيلسانْ

كوني الغناءَ المستمرَّ بكلّ آنْ

شغفي وشهوةَ ليلتي ووردتي المتجرّدةْ

6

تزورني في اليوم أربعُ نسوةٍ

يشغلْنني عن صلاة الصبح والقهوةْ

وعن الكتابة عند مفتتح الضّياءْ 

يفتحن أوردتي المليئةَ بالعشقِ

يرتشفن اللون فيها 

أزرقاً كان بأعينهنَّ

وفي الحقيقة أخضرْ

فكيف صار اللون أخضرْ؟

أفتّش عنكِ أراكِ لون حلمٍ وشفقْ

دماء نشوتيَ الجموحْ

تغيبُ النّسوة الممتقعات فيّ

وأنتِ اللونَ في مدّ السماءِ الصّافيةْ

العشقُ لوّنني بصبغة أرجوان

ماؤه دمكِ المقطّر في الدماءْ 

وطعمكِ سكّرْ

7

فلتغادرْ كلُّ النّساءِ الآنْ

وحدكِ من تصلّي على شفتي

جسدي سَجّادةٌ لصلاتكْ

ويدايَ تتسعانِ لي

فقومي ابتهلي

وازرعي قُبلي على شفاهِ الاحتمالْ

آذار 2021


عيون عطشى للخلاص/ حسن العاصي



خلان الليل يتسامرون

يتوسدون ريش الدُجى

عارياً من ظله

لا يتعبون

يتأبطون مشقّتهم

يقرأون باسم الوقت الراقد

فصول البياض

كي لا تشيخ أصواتهم

على عتبات التراب

يخلعون الخطايا

يعبرون من ارتعاش الرحمة

ويبحثون في مروج الليل

عن أرائك خضراء

وصفصاف الصلاة

سلام عليهم

يزرعون أهداب الأحلام

في ضلوع المسافة

يُسبّحون بأسرار العتمة

وبأسماء السنديان العتيق

يترقبون الوقت المشروخ

ووحشة الجدران المغلقة

تحت سدرتين

يتفكرون ببحور الضوء

تمخر نحو الله

يجمعون الدعاء في حلقات الذكر

وخلف دموعهم تتقلّب الرؤى

يسجدون متعبدين

آيات الله

يرتّلون كعادتهم

لفحة الموت

ويبتهلون

لتغفو قلوب الصغار

ينتظرون انشطار القرطاس

في مدافن الطيور

ويسربلون التراتيل

ثوباً من حجر

تترصد عيونهم

اختلاجات الاحتضار

خلف نقطة العزلة

يبكون ناي الكهوف

لا أنيس لهم

سوى المزمار الحزين

في الثلث الأخير

يغسلون وجه الخزامى

من اكتظاظ الفضة

على ساق القمر

في عمق الليل شهباً

لأخاديد الأنبياء

وشفاعة للمطر

في دروب الليل

خطى تائهة

عيون عطشى للخلاص

وأكف معلقة بالسماء

غَـرِّدْ لآفـاقهــا (*)/ حســين حســن التلســــيني



مَـنْ ســارَ في رَكْبِـهـا

فَلَـهُ السَّـمَا أجْنِحَــةْ

مَنْ ظَلَّ فـي ثَـوْبِهـا

لَــمْ تَطْــوهِ الأسْلِحَـةْ

مَـنْ نَــامَ في قَلْبِـهــا

أحلامُـــهُ مُفْــرِحَــــةْ

خيـــمُ الصحـاري بهـا

كَـمْ نجمَـــةٍ مُصْبِحَـــةْ

قَبَّلْتُـهــــا بـالتُّــــقى

نفســي غَـدَتْ مُفْلِحَــــةْ

غَــــــرِّدْ لآفــاقِـهـــــــا

آفــاقُهـــــــا مُـرْبِحَــــة

(*) هنـا جمعتُ بيـن (الكامـل) و(السـريـع) اجتهـاداً مني

لذا وجب التنـويــــــــه .

العـراق / الموصـل (3/1/2016)


قصيدتان: دمعتين زغار ودمعة البي/ روميو عويس



باقي بعيوني دمعتَين زغار

ونتفة رجا وشويّة عباده !!

ترجَّيت تَا نْبحَّيت عَلّي صار

وصًلِّت دموعي للسما زياده

ابكي على تاريخ عم يـنـهار

ابكي وطَـن بـمْـعَـزِّة ولادي

غليِت الخبزِه الناشفه والنار

حرقت تلال الخضر والوادي

ومصايف الما شافت الزوّار

العا الفَرَح والكيف مـعـتاده

ابكي حلم رجعه وحلم مشوار

عاش العمر كلّو بْفؤادي !!

العمر طار وحلم عمري طار

والامل غيمه لونها رمادي

وشو بـتنفـع رجعة الخـتـيار

بميتين عـلِّّـه حامل شهاده!!

همّو وطن رايح على المهوار

هَـمَـو مَـعـو للـقَـبـر زوّاده

والشعب؟؟

 لا تسأل عن الـقـصّار!!

عميان ما بـيغَـيّرو الـعـاده

متل الغنم بَعدُن ورا لكبار

متل اللي بَعدا نقلتو دادي

وكبار؟ قلّي زمرة التجّار

نهبو ما خلّو لموطني سياده

بلا دَم هَودي قلوبُن من حجار

لولا منادي الـنَّـعي بينادي

وعن مَوتُن بتوصلّنا الاخبار

بستضيع البَصقه بهالكفّار

لباعو الضمير وفَقَّرو بلادي

**

 دمعة البي

تْطَلَّع بِحَسره بمعجنو الفاضي

 اليبقى بزمانو بالخبز مليان

ولو كان عايز خبز بالماضي

من دون كلفه يسأل الجيران

وزَت الطفل قنيـنـتو باكي

فاضيه ما اعـتاد يـحـمـلها

جوعان قَلَّق ميمتو شاكي

راحت بدمع العين تغسلها

وزغير ناداها انا جوعان !!

شوما طبختي اليوم طعميني

وشو طابخه؟

مش طابخه من زْمان

التاجر..

 رَفَض بالدَّين يعطيني

وضعَك بيبَكّي الصَّخر يا لبنان

انت الكنت قطعه سماويه

صرت ارض الظلم والحرمان

صرت مرتَـع للحرامـيّه

والشعب صار مْخَدَّر وغـفيان

وعايش على وعود السياسيّه

الكلّا كذب ووعود وهميّه


عبد الرحمان الثعالبي/ عبدالقادر رالة



    هذا العالم الصوفي والفقيه المالكي المتبحر يُعتبر من أهم معالم الفكر الإسلامي في الجزائر، إذ كانت إسهاماته متنوعة مثل التصوف ، الفقه ، التفسير والأخلاق ..

   وكان لهذا المفكر الأثر العظيم لمدّة طويلة في حياة الناس في الجزائر كما أنه زار المشرق.

   وعبد الرحمان الثعالبي قد وُلد في سنة 1385 م بمدينة يَسر . تَعلم على يد علماء منطقته قبل أن ينتقل الى منطقة الجزائر ، كما أنه سافر الى المغرب الأقصى رفقة والده ليتزّود أكثر في علوم الفقه وأصول الدين.

   وفي العشرين من عمره شرع في رحلاته العلمية الى المشرق إذ زار تونس ، مصر ،بلاد الأناضول ، الحجاز ، وكان يختلف الى مجالس العلم والعلماء في تلك الحواضر ..

    تُوفي الثعالبي في سنة 1470 م ودُفن بزاويته بالجزائر العاصمة .

    وترجع أهمية أبو زيد عبد الرحمان الثعالبي بالإضافة الى اجتهاداته الفقهية الى تفسيره للقرآن الكريم الجواهر الحسان في تفسير القرآن الكريم ، الّذي  يُعتبر من أهم التفاسير في مكتبة التفسير العربية واعتمد فيه على تفاسير مشرقية ، مغربية وأندلسية ، متحرياً بشدّة  النقل عن الثقات خوفاً من الوقوع في الزلل كما أعتمد أيضا على أئمة الحديث الكبار فيما نقله من الأحاديث الشريفة ..

  وقد حاول أيضاً أن يكون المحتوى غزيراً وأسلوبه سهلاً مُيسراً لكي تعم فائدته بين طُلاب العلم والناس..

  وبعد أن عاد من رحلاته المشرقية الى الجزائر اهتم بإلقاء الدروس  في الحلقات في مساجد الجزائر الكبرى فتخرج علي يديه الكثير من العلماء المرموقين والمشهورين في تاريخ الجزائر الثقافي ، كما اهتم بالتأليف فترك بجانب تفسيره ، أثار قيمة في علوم عصره من علم الكلام والفقه والتصوف ..          

   

   


مستشفى السّلط فاجعة الأردن/ أحمد سليمان العمري



«الإنسان أغلى ما نملك» هذا هو شعارنا في الأردن، يتناقله ساسة البلاد وتعرضه الشاشات والصحف الرسمية وغيرها ظاهرها حُرّ وباطنها صوت حكومي متعب من حجم الخداع الذي يسوّقه للشعب في الصبيحة مع صوت فيروز والعشيّة في السمر وقبل النوم مع  المعوّذات، حتى أنّ بعض الشارع الساذج آمن بالشعارات من كثرة سماعها، أو علّه ردّدها كصوفي بجلسة ذكر مع الأموات.

في ظهيرة يوم السبت 13 مارس/آذار تلقينا خبر الفاجعة التي ألمّت بنا، جريمة لا تغتفر بحق الأردن وكلّ أردني، وليس المغبونُونَ أهل ضحايا الإهمال فحسب، لا بل هو تعدّي مع سبق الإصرار؛ وفاة تسعة أشخاص في مستشفى السّلط الحكومي، لم يكن السبب مرض عضال أو ندرة أدوية شحيحة أو كوادر طبية تشبهها ندرة، بل جرّاء إهمال حكومي بأقل مسلّمات المستلزمات الصّحّيّة لأي مركز؛ عبوات أكسجين لتزويد المرضى المحتاجين.

ما يبعث على الغضب والسخط وما هو أكثر منهما تصريحات الحكومة ممثّلة بوزارة الصّحّة عن أعداد وفيات فيروس كورونا والإصابات، بينما لا أحد منهم معني بالنهوض بالمنظومة الصّحّيّة المتهالكة، وخاصّة بظلّ الظروف الحالية من تفاقم انتشار الفيروس بشكل لافت للنظر.

تعديل وزاري يتبعه تعديل وزاري آخر، حلّ برلمان وتشكيل غيره حتى آلت مخصّصات الوطن إلى مِنح على شكل حقب دبلوماسية وعلى حساب من لا يجد الدواء والسرير في مستشفى حكومي، ناهيك عن رواتب ومخصّصات تصل أو تزيد عن راتب وزير في إحدى الدول العظمى.

حكمت محكمة ألمانية قبل أيام على وزير مالية أسبق «أنجولف دويبل» بالسجن عامين لإساءة الأمانة في مشروع حلبة سباق السيارات فورمل 1 «نوربورغرينغ»، وحرمانه من تقاعده كوزير البالغ 6700 يورو؛ نحن نتحدّث هنا عن راتب وزير مالية ألماني، بينما يصل متوسط دخل الفرد إلى 2000 يورو. وآخرون من الحكومة الإتحادية بعضهم من الحزب الحاكم ثبت تنفّعهم من خلال شراء كمامات بمبلغ 250.000 يورو وتهرّب ضريبي؛ الحقيقة مبالغ تعتبر فتات ولا تقارن بالتي تخرج على حسابات خاصّة خارج الأردن. إذن، أين هي معضلة مكافحة الفساد في بلادنا، عدم تقديمهم للقضاء أم إخفاق القضاء وتواطئه؟ أم علّ الآلية الحكومية تنتهج الضعف والمحاصصة كنظام دولة!

وما هو قياس الدولة بحجم بلادنا الذي تتّكئ عليه في رفع راتب المسؤول ليصل إلى راتب وزير في ألمانيا أو حتى نصفه؟ بينما يصل معدل دخل المواطن الأردني إلى 300 دينار، وقد يقلّ أو يزيد. هذا في ذات الوقت الذي تتراجع به المنظومة الصّحّيّة الحكومية ومعها التعليم. أيهم الأولى تقاضي رواتب ومستحقات لا تتناسب أبداً وميزانية الدولة المتهالكة بمديونية تتجاوز كمّها وعدد السكان؟ أم تقنين فجوة الدخل بين الحاكم والمحكوم؟ بحيث نخلق توازن من شأنه استثمار ما لا يستحقّه مدير المؤسّسة وتوظيفه للأخيرة حتى يعود النفع للمواطن وإنجاز العمل المؤسّسي وتطوّره.

الفساد قائم في كلّ الدنيا، حتى في أكثر الدول حقوقية في العالم، العبرة بكم التنفّع وقضايا الفساد التي لا تصل لسلامة الإنسان وأرواح البشر، علّ المنظومة الصّحّيّة ومعها نظام الدولة، ثوابتها وضوابط ومسلّمات لا يمكن المساس بها، وهي صحّة الإنسان وحياته، ما دون ذلك فالفساد موجود منذ الأزل ولن ينتهِ. وجزئية بذات الأهميّة وهي قِوام الدولة والحساب والعقاب، فهل قِوام الدولة قائم على العدل والإنصاف؟ فإذا كان الأمر كذلك سهلت المساءلة والحساب، أمّا إذا كانت الهيكلة برمّتها مبنية على تقسيم الحصص وتقديم الودّ على الاستحقاق، فمحاسبة رئيس الدولة أو وزرائه ومدراء المؤسّسات الذين قبلوا بالمشاركة بنظام متهالك ليست حلاً، وهذا لا يعني عدم المحاسبة بما يتناسب وحجم الكارثة.

 كنّا نعيب على دول الجوار وإذا بنا يعاب علينا أكثر، حكومة ليست أهلاً لما أنيط إليها من مسؤولية، فإذا كان مستشفى السّلط لا يملك أكسجين كفاية أو أجهزة تنفّس فلماذا يستقبل مرضى من الأصل؟ الإغلاق وتحويله لكراج سيارات مسؤولي السّلط وعمّان والأردن عامّة أولى، غير ذلك فإستقبال المريض من البداية انتهاك، وحال مستشفى السّلط الحكومي نستطيع قياسه على جميع مستشفيات المملكة بالمطلق، فلو تحدّثنا مثلاً عن مستشفى الأميرة بسمة، وهي أكثر بعداً عن مؤسّسة صحّيّة بالمعنى الحقيقي لمدينة عدد سكانها أقل من مليوني نسمة لاعتبرناه رمزاً لتهالك وزارة الصحّة ومن ورائها الحكومة.

نحن الآن بأمسّ الحاجة لأجهزة تنفّس وأقلّها الأكسجين، فلماذا لا تكثّف الدولة جهودها لتأمين هذا الإحتياج الملحّ؟ وخاصّة ممّا نعانية جرّاء كورونا وازدياد الاحتياج لأجهزة تنفّس وأسرّة العناية الحثيثة.

المشكلة الحقيقة التي تعانيها الأردن ليست نهج رئيس حكومة فحسب، فقد تعاقبت الحكومات واحدة وراء الأخرى مخلّفة وراءها كمّ من المديونية والمصائب على عاتق الإنسان البسيط، نحن بحاجة إلى إعادة بناء المنظومة الحكومية برمّتها، وهذا يحتاج في بلادنا إلى قرار سيادي لتفعيل دور البرلمان المعطّل ومعه الأحزاب وفتح الباب لأصحاب الفكر والسياسين المهمّشين المبعدين عن المشاركة في القرار السياسي وإشراك المجتمع المدني، ما دون ذلك لن يغيّر إقالة رئيس الوزراء الحالي بشر الخصاونة أو مساءلته، ولا الحكم على وزير الصّحّة ومدير مستشفى السّلط شيء، وإلّا ترتب علينا منذ اللحظة إقالة جميع مدراء المستشفيات الحكومية، كونها فاقدة مواصفات المؤسّسة العلاجية بدءاً من نقص الكوادر الطبية مروراً بنقص الأدوية أو عدم تواجدها حيناً كثيرة والمستلزمات الضرورية كأنابيب الأكسجين، وهي بديهيات في المراكز الصّحّيّة والمستشفيات، وانتهاءً بأجهزة التنفّس ومعدات الإسعافات الأولية وأصغر جزئية لمؤسّسة صحّيّة.

الآن هي فرصة البرلمان للوقوف على هذه الحادثة البشعة ومحاسبة المسؤول وتفعيل دوره التشريعي لإعادة ثقة المواطن به وترميم إنهيار النهج الحكومي أو استبداله كلّه، وتخلّصه من سيطرة السلطة التفيذية، ما دون ذلك علينا الإستعداد لإستقبال فواجع كالتي نعيشها الآن ونتألمّها مع ذوي الضحايا في السّلط.

وبظلّ الظروف الحالية المحبطة وترابط الإخفاق الحكومي في جميع الأصعدة وتحديداً الصّحّيّة وتفاقم الإصابات والوفيات من وراء الفيروس علينا - نحن المواطنون - واجب كبير، وأكبر من الشعوب الأخرى التي تؤمّن لها حكوماتها  كلّ الوسائل وإتاحة السبل للخروج من هذه الأزمة، ممثّلة بنشر الوعي الفكري والصحّي بما يتناسب والوضع الراهن الحرج حتى نتجاوز هذه الجائحة السياسية والفيروسية في آن لتقصير المؤسّسة الحكومية المُعيب في تأمين أدنى حقوق المواطنة.

المثير للإستهجان والإستياء هي المساعدات الخارجية الهائلة التي تدخل الأردن دون أن تترك أثر إيجابي وتطوّري، فقد بلغت المنح الألمانية وحدها بين عام 2012م و 2018م 1.9 مليار يورو، كما وأبلغت الحكومة عن حاجتها إلى 7.7 مليار دولار أمريكي للأعوام بين 2017م و 2019م حسب تصريح الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية.

ولعام 2020م تصدّرت الولايات المتحدة الأميركية المركز الأول في قائمة الجهات المانحة، تلاها الإتحاد الأوروبي وألمانيا، إضافة إلى الدول العربية وغيرها من الدول وصناديق متعددة التمويل، حيث بلغ إجمالي المنح والمساعدات الخارجية المتعاقد عليها والملتزم بها للأردن حتى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي 3.7 مليار دولار حسب وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

‏الخطوة الأهم والضرورة الملحّة الآن، بالتزامن مع محاسبة كلّ مسؤول عن فاجعة الأردن في مستشفى السّلط هي مسؤولية العمل الحكومي الفوري على تفقّد المستشفيات الأخرى والمراكز الصّحّيّة وتأمينها بما يكفي من الأكسجين - وهي من مسلّمات المؤسّسات الصّحّيّة - والمستلزمات الطبية وأجهزة التنفّس لتفادي كارثة أخرى.

احتفلنا منذ أيام بذكرى معركة الكرامة؛ انتصر الفلسطيني والأردني ببندقية ومِعول أمام دبابات العدو، والعرب اليوم لديهم ترسانات أسلحة فتّاكة يغزلون بها قصائد مجد كرتونية ويخوضون بها معارك إلكترونية وبأحسن حال بلاستيكية. ‏نحن الآن بأمسّ الحاجة إلى كرامة كي نعيد أيام معركة الكرامة.

‏‎وتناقلنا إبرام «الاتفاقية الدفاعية» المُهينة المُعيبة بين الأردن والولايات المتحدة، التي لم يوقّع عليها مجلس الأمّة والبرلمان.

إذن هل انتهت قضية مستشفى السّلط بتغطيات إعلامية بشجب وغضب وتارة ذكرى وأخرى استنكار وتمهيش كما تلاشت غيرها من المآسي الأردنية من وراء إهمال حكومي وانهيار منظومة صحّيّة دون إعادة هيكلتها وبدل ذلك تقديم خطوات لا تصل حد مستوى الترميم لبيت متهالك؛ فليكن إنصافاً شعارنا في الأردن الإنسان أرخص ما نملك.

عظّم الله أجرك يا أردن

نصر يعادل هزيمة/ جواد بولس

 


سوف تعلن لجنة الانتخابات المركزية الاسرائيلية نتائجها النهائية بعد اتمامها لعملية فحص جميع مغلفات الاقتراع وتدقيقها حسب الأنظمة والقوانين المتبعة؛ لكنني لن أنتظر كي أكتب عن سقوط آخر السدود، فبعض الخلاصات، بناءً على المعطيات المعروفة حسب ما نشر لغاية منتصف ليلة الاربعاء الفائتة، اصبحت ناجزة، كما أراها.

أولًا: معظم الأحزاب اليهودية المنتخبة تنتمي إلى نفس الفصائل المعادية لوجود وحقوق المواطنين العرب في الدولة؛ وقد نستثني بحذر حزب "يش-عتيد" وبعده حزب "العمل"، وطبعًا بفوارق كبيرة وببعد عنهما حزب "ميرتس" .

ثانيًا: سوف يحتاج كل مرشح لتشكيل الحكومة إلى دعم أحزاب اليمين، القومي منها أو القومي المتدين، التي رغم التفاوت في درجات تطرفها وعنصريتها وخطورتها، فانها تتفق حول قواسم مشتركة  أساسية، مثل مسألة الحكم ومرجعياته الدستورية، ومصير الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكيف يجب التعامل مع سكانها الفلسطينيين، وما هي مكانتنا، نحن مواطنين الدولة العرب، في الدولة القومية اليهودية التي يُجمعون على ضرورة المحافظة عليها ككيان قوي لليهود وقادر على مواجهة جميع أعدائه، سواء جاؤوه من الخارج أو من داخله، ويصرون، أيضًا، على ضرورة القضاء عليهم جميعًا لأن "من جاء كي يقتلك قم باكرًا واقتله" ، كما ورد في موروثهم الفقهي والتاريخي الحافل.

أما اذا نجح بنيامين نتنياهو في تجنيد معسكر داعم له وبنيل ثقة رئيس الدولة كمرشح لتشكيل الحكومة، فسيخضع، كما أقدر، إلى عمليات ابتزاز سياسية شرسة من قبل جميع رؤساء الأحزاب اليمينية والمتدينة الحليفة، التي سيعرف قادتها، هذه المرة، كيف سيُحكمون أصفادهم حول رقبته، ويجبرونه على قبول شروطهم وفق ضمانات لن تدعه يفلت، كما فعل مع غانتس في المرة السابقة، أو مع غيره في تاريخه المليء بالنكث بالوعود وبعدم الوفاء بتعهداته. ومن الطبيعي، في هذه الحالة، أن نكون نحن، المواطنين العرب، وأخواننا الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، أول ضحايا هذا الإئتلاف وأكثر المتضررين منه.

ثالثًا: لقد نجحت عدة شخصيات وفرق يهودية سياسية متطرفة من دخول الكنيست الاسرائيلي، وذلك رغم انها كانت، خلال عقود طويلة، فاقدة للشرعية القانونية، وغير مقبولة من الناحية القيمية، كلاعب في العملية السياسية الرسمية، ولا تحظى، بسبب رعونة مواقفها الفاشية المعلنة، بدعم شعبي ملموس. واللافت، في هذه التجربة الخطيرة، أن نجاح تلك المجموعات قد تم بدعم مباشر من جهات وشخصيات أكاديمية ودينية عديدة وفي طليعتهم برز بنيامين نتنياهو وحزب الليكود، حتى تحولت هذه القوى، بعد اليوم، من مجرد "أشواك ضارة ومهملة" إلى قوة علنية شرعية وموثرة وشريكة طبيعية في قيادة جميع مؤسسات الدولة، كما سنرى في المستقبل القريب.

رابعًا: قد لا ينجح أي مرشح منتخب في تشكيل حكومة تحظى بأغلبية، أو باغلبية مستقرة من باقي الأحزاب المنتخبة، وعندها ستضطر اسرائيل الى خوض معركة خامسة ستكون نتائجها علينا كمواطني عرب أوخم وأخطر ؛ فحالة التوازن/الجمود الحزبي التي تعيشها اسرائيل، بعد أربع جولات انتخابية، أدت عمليًا الى خلق أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية غير مسبوقة في تاريخ الدولة، ودفعت بالكثيرين إلى حالة من التعب أو اليأس وفقدان الثقة والرغبة بالمشاركة بالعبث الحاصل؛ أو، على النقيض، إلى اللجوء "للحلول الحاسمة" : فالمصوتون اليهود بدأوا يقامرون على نجاعة الأحزاب الخلاصية المتطرفة التي قد يكون عندها  "الحل النهائي" لجميع مآزقهم؛ بينما قرر نصف المصوتين العرب مقاطعة الانتخابات، فلا غرو أن بقي غدهم ريشة على "ظهر الغيب"، ونصف نصفهم شاركوا وانتخبوا من وعَدهم بالبقاء في "جلابيب أبائهم" ورعايا محافظين في بلاط السلطان ومحظيين على موائده !

خامسًا: لقد شهدنا تطورًا واضحًا في مواقف الحركة الاسلامية الجنوبية التي جاهرت بتبنيها سلوكًا سياسيا تفريطيا، كما أسماه بعض المعقبين، يعتمد على معادلة تبادل المصالح النفعية مع الدولة، ومن دون اخضاع هذه العلاقة  لأية محاذير أو شروط سياسية مسبقة، وذلك في تحدٍّ لجميع مسلّمات ومفاهيم النضال والمواجهات السياسية العربية السابقة. 

لقد أطلق الدكتور منصور عباس شعار الحركة، الملتبس والمغالط، : "نحن لسنا في جيب أحد"، حتى أمسى كلامه بمثابة جواز "السفر الديبلوماسي" الأخضر الذي أخرجها من بوابة القائمة المشتركة والقادر على ادخال الحركة الاسلامية في حكومة يرأسها نتنياهو أو في أي حكومة صهيونية يمينية.

قد ترفض الأحزاب اليمينية المتطرفة الدخول في أية صيغة تحالف مع الحركة الاسلامية ولكن المهم والجديد في هذا المشهد سيبقى متعلقًا بمواقف هذه الحركة وما قد تحدثه من خلل في موازين العلاقات بين المواطنين العرب ومؤسسات الدولة، وتصديعها لمعادلة المواطنة والهوية، خاصة اذا عرفنا اننا نختلف معها حول تعريف هويتنا ومركباتها والحقوق التي نقاتل من أجلها.

سادسًا: لقد حصدت الاحزاب والحركات السياسية العربية في هذه الانتخابات ما زرعته، أو لم تزرعه، خلال السنوات الماضية؛ ودفعت ثمن صمتها حين كان يتوجب عليها الصراخ والمواجهة، وتواطئها أحيانا على حساب مصالح ناخبيها، وتملقها، باسم وحدة زائفة، "حلفاء"  كانوا يستغلون تلك "الوحدة" من أجل مشاريعهم وأهداف حركاتهم الخاصة.

سابعًا: قد تُسجَّل هذه الجولة الانتخابية كعلامة فارقة في حياة  أكبر تيارين سياسيين تاريخيين عرفتهما الساحة السياسية المحلية عندنا : الشيوعي من خلال الحزب وبعده الجبهة الديمقراطية للسلام والمساوة، و التيار القومي، كما عبّرت عنه في البدايات مجموعة حركات صغيرة، أفضت فيما بعد إلى ولادة حزب التجمع الوطني. وقد تتحوّل نتائج هذه المعركة بعد سبعين عامًا من تسيّد هذين التيارين إلى شهادات على وصولهما إلى حالة من الهرم العاجز  والتكلس الفكري والتنظيمي وأفول قمريهما بشكل نهائي؛ وذلك بعد أن كان لدوريهما جليل الأثر على معجزة بقائنا، بعد النكبة، في الوطن، ومن ثم التاثير على هندسة معالم هويتنا الفلسطينية الوطنية كمواطنين في اسرائيل.

لسنا في معرض تحليل مسببات ما جرى للحزبين المذكورين  في هذا المقال؛ لكننا نستطيع ببساطة أن نتابع مسيرة التقهقر الجبهوية، ونرى كيف لم يعُد الحزب الشيوعي عنوانًا للفقراء وللكادحين، ولا ملجأ للأمميين، ولا منصة لأصحاب الحناجر "الزيّادية " الجريئين ؛ ونشهد، كذلك، كيف اختفت جبهة كانت ذات يوم ديمقراطية وبيتًا للناس المنتمين لمصالح شعبهم وملاذًا للحلفاء من لجان ونقابات وجمعيات وتجمعات للحرفيين والاكاديميين والشباب والنساء، فتحولت الى "ضفيرة صغيرة" منسية  أو "دكانة" مستضعفة على رصيف أصحاب حزب صنع أباؤه أمجاد شعب أمين.

أما مسيرة حزب التجمع  نحو النهاية فكانت أسرع وأوضح، وهي قد بدأت عمليًا مع  اشكالية تموضعه كحزب قومي داخل الدولة الصهيونية، وتعقيدات طروحاته، النظرية وممارساته التطبيقية، في مسألتي المواطنة والهوية؛ ومرورًا بأزمة قياداته، خاصة بعد انتقال زعيمه المؤسس للعيش في دولة قطر، وتحكمه في منشآت ومؤسسات وقيادات الحزب، التي ما زال بعضها مرتبطًا به أو حتى يقيم مثله فيها.

ثامنًا: على الرغم من تأبين الكثيرين لحزبي العمل وميرتس قبل الانتخابات،  فلقد نجحت قيادات الحزبين الجديدة باجتياز عتبة الحسم. هنالك اختلاف بين مفاهيم الحزبين التقليدية لا سيما فيما يتعلق بمسألة انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية ومسألة حقوقنا القومية والمدنية كمواطني في الدولة ولسوف نتطرق لاهمية وجودها  في المستقبل .

تاسعًا: لن تجعل قيادات الأحزاب اليمينية والدينية الصهيونية حياة الحركة الاسلامية سهلة وذلك رغم ما أشاعه رئيسها عباس من رسائل مطمئنة ومواقف غزل مع نتنياهو وغيره؛ ولئن شعر قادة الحركة لوهلة ان سموطريتش وأمثاله اقرب عليهم من هوروفيتس،  رئيس حزب ميرتس، والنائب عايدة توما ورفاقها، سيكتشفون، في أول مواجهة عقائدية قريبة، ان كونك "محافظًا" اسلاميًا لا يكفي كي تصبح حليفَ محافظٍ صهيوني عنصري ومتدين، رآك ويراك  كعربي وكفلسطيني وكمسلم شيطانًا وعدوًا ومخربًا ؛ فقد يعادل نصرهم، في حسابات التاريخ، هزيمة .

عاشرًا: اثبتت تجارب من مروا بمثل حالاتنا أن الاصلاحات السياسية لن تحدث من داخل أطر حزبية متهالكة ومسيطر عليها من قبل قيادات ترفض الاقرار بهزيمتها وبفشلها، وعليه، وفي سبيل مواجهة الخطر المتجسد أمامنا، يتوجب علينا ايجاد المخارج والحلول فهل ستعادل الهزيمة نصرًا ؟ 

جبران خليل جبران خيالٌ منساب من وهجِ الشَّمس، كلمةٌ منبعثة من جنانِ السَّماء وحرفٌ مندَّى بثمارِ الجنَّة/ صبري يوسف

 



عندما أقرأ جبران خليل جبران؛ أتحوَّل إلى طائرٍ يحلِّقُ في أعالي السّماء، كي أعانقَ أزاهيرَ الفرحِ المبرعمةِ في زهوةِ الإبداع. جبران خيالٌ منساب من وهجِ الشّمس، كلمةٌ منبعثة من جنانِ السَّماء، حرفٌ مندَّى بثمار الجنّة، رؤية محبوكة من أحلامِ الطُّفولة، من شموخِ شاعرٍ مبرعم من رحيقِ الأشجار. عندما أقرأ جبران؛ يخفق قلبي فرحًا، وأشعر كأنّي أقرأ فصولًا من انبعاثاتِ نفسي، يجتاحني ألقٌ فرحيٌّ. أقرأ كتاباته بشغفٍ عميق ومتعةٍ منعشة تبهج الرّوح والقلب، أتماهى مع نصوصِهِ كأنّها منبعثة من أعماقي الخفيّة في حالة انسيابيّة باذخة، تغمرُني فضاءاته السّاحرة بتجلّياته الشّاهقة، وتلامسُ بَوحي المنبعث من وهجِ الأحلام، وأنا في أوج تجلِّياتي وجموحي لأشهى حالاتِ التَّأمُّل. يكتبُ جبران حرفه بتفرُّدٍ بديع كأنّه مفطور على انبعاثِ الكلمة الخلّاقة منذ أن تبرعمَ في أحشاءِ أُمِّهِ، حاملًا بين مرامي حرفه طاقة إيجابيّة حافلة بالخير والمحبّة والوئام، طاقة مبلَّلة بيراعِ الحلم المجنّح نحو هلالات الغمام السّاطع في شهيقِ السّماء. ينثرُ هذه الطّاقة المنبعثة من تجلّيات حرفه فوقَ نصاعةِ الحياةِ؛ كي يموسقَ جمالَ الأرضِ والسَّماءِ، ويصالحَ الإنسانَ معَ أخيهِ الإنسان عبر نداءِ المحبّة المعشّشة في كينونتِهِ منذُ أن تدلّى على طينِ الحياةِ على شاكلةِ إنسان، فهو طاقة علويّة مسكونة في حبورِ الكلمة الخلّاقة، تنسابُ نصوصُهُ فوقَ ظلالِ الرّوحِ كما ينسابُ أريجُ الفرحِ في أوجِ تجلّياتِ هدهداتِ العشقِ. يجمحُ حرفه عاليًا عبر تدفُّقات خيالٍ فسيح ومفتوح على رحابةِ حنينِ الأرضِ للسماءِ، وتلامسُ شغافَ الرُّوح بأريحيّة طيّبة، كأنّه خلال انبعاث حرفه في حالةِ ابتهالٍ مع الأعالي وأبهى تجلّياتِ الأحلامِ. ينسجُ وميضَ حرفه بحبرٍ مندَّى بحليبِ الحنطة ورحيقِ الزَّنبقِ، يستلهمُ انبعاثاته من اخضرار الغابات المفروشة على رحابةِ شهقاتِ الخيال، كأنّها متهاطلة أريجًا متناثرًا من مآقي الزّهور، من شهوةِ المطر، من غمامِ الرّوح، من إشراقةِ الحنين إلى حبورِ الأطفال، من منعرجاتِ الرّحيل إلى أقاصي غربةِ الرُّوح؛ بحثًا عن كلامٍ يغدقُ ألقًا كعذوبةِ أمواجِ البحرِ، فيحلِّق عاليًا فوقَ الأمواجِ الهائجة، مهدهدًا نوارسَ البحارِ وهو في أوجِ حنينه إلى شواطئِ المحبّة والأحواش العتيقة، المحاطة بأشجارِ التّينِ والرَّمان والدَّاليات المعرّشة فوقَ نوافذِ البيوتِ حتّى نهاياتِ سطوحِ المنازل. 

يتأمَّلُ المدى البعيد، وهو يمخرُ سفينة حروفهِ في أعماقِ عبابِ البحرِ، حاملًا فوقَ أجنحتِهِ أسرارَ انسيابِ دندناتِ الكلمة، ينسجُ حلمًا طافحًا بهواجسِ البحرِ، ويقطفُ من هديرِ الرِّيحِ أسرارَ العبورِ في أشهى مروجِ الحياةِ .. فتتوالدُ الكلمات من رحمِ عذوبةِ البحرِ، ويغدو حرفه كأنّه مستولدٌ من ظلالِ النَّعيمِ! 

جبران خليل جبران قصيدةُ عشقٍ معبَّقة بأزهى أهازيجِ السَّماءِ، خيالٌ معبَّقٌ بوهجِ القرنفل، ينسج حرفه على إيقاع نبضات القلب وهفهفات الرُّوح، لا أرتوي من قراءةِ فضاءاته الفسيحة وهو يغوصُ ألقًا في مناراتِ عرينِ القصائد، حرفٌ مسبوغٌ من لدنِ المحبّة، من مناغاةِ زخّاتِ المطرِ، يتهاطلُ حرفه حُبًّا شهيًّا رهيفًا كأنغام النّاي المنسابة في بؤرةِ الأحلامِ على امتدادِ كلّ الفصول، يتدفَّقُ خياله ألقًا وفرحًا ووئامًا فوقَ صدرِ الأرضِ، كأنّه يكتبُ حرفه من نضارةِ آلهة الماءِ السّاطعة في مآقي السّماء، فيروي عطشَ البراري المستكرشة بملوحة متناثرة فوق وهادِ الأرضِ، ويسقي حنينَ اللَّيلِ إلى بسمةِ الصَّباحِ، يناغي خريرَ السَّواقي المنسابة من منحدراتِ الخير، وكأنّه يناجي عبر حرفهِ شوقَ الرُّوحِ وهي في أوجِ سموِّها إلى ضياءِ الأعالي، عابرًا بشغفٍ عميقٍ عبر مسارات حرفه إلى قبَّةِ السَّماءِ، مُهدهدًا توهُّجاتِ الكلمة المكلَّلة بغبطةِ الغمامِ. يسمعُ برهافةٍ شفيفة إلى خشخشاتِ هديرِ الرِّيحِ، طموحٌ مفتوحٌ على بساتينِ حلمٍ مترعرعٍ فوقَ أعشابِ القلبِ، يكتبُ بفرحٍ غامرٍ كلّما غفا اللَّيلُ على أهدابِ القصيدة، كلّما ابتسمَ القمرُ لبهاءِ حدائقِ العشقِ وهي تظلِّلُ بهجةَ العشّاقِ، خيالٌ منسابٌ على إيقاعِ هدهداتِ نُجيماتِ الصَّباحِ، يموجُ حرفهُ مثلما تموجُ غيومُ الحنينِ إلى خدودِ الأطفالِ، يزغردُ قلبُهُ شوقًا إلى عناقِ الدّالياتِ وهي تغدقُ علينا أشهى عناقيدِ دفءِ الرّوحِ. ينثرُ بعذوبةٍ انسيابيّةَ الحلمِ فوقَ أزاهيرِ الحياة،ِ كأنّهُ موجة عشقٍ متناثرة فوقَ خميرةِ الأرضِ، ينامُ بحبورٍ عميقٍ على إيقاعِ هدهداتِ الكلماتِ الوارفة بأزهى طفوحِ الابتهالِ، شوقًا إلى باكورةِ البراعمِ. يرسمُ بشغفٍ براعمَ الحلمِ من نسغِ حرفٍ مندلقٍ من سقسقاتِ العصافير وهي تلهو جذلى معَ البلابلِ في الهواءِ الطّلقِ. يزدادُ تجلِّيًا كأنّه في حالةِ ابتهالٍ طافحٍ بشهوةِ الإبداع، وفي أوجِ عناقِهِ لنعيمِ السّماءِ. 

 أزهرَتِ البحارُ في قلبِ جبران أبهى المحار، وأغدقت الطَّبيعة عليه أغنى كنوزِ الدّنيا وكأنّه صديق البحرِ وعاشق الجبال وموغل مثل النَّسيمِ البليلِ في عناقِ سكونِ اللَّيل. جبران شجرة وارفة بمذاقِ ثمارِ المحبَّة بكلِّ نكهاتها الطَّيِّبة. كلّما عبرْتُ فضاءاته الرّحبة؛ شعرْتُ وكأنّني أقرأُ ما كان يراودني قبلَ أن آتي إلى مرافئِ الحياةِ، فهل تواصلَ مع روحي التَّوّاقة إلى مهجةِ القصيدة قبلَ أن أعبرَ مروجَ الدُّنيا، أم أنّه وهج عشقٍ متطايرٍ من هلالاتِ الرُّوحِ؛ هذه الرُّوح المرفرفة فوقَ جبينِ الحياةِ منذُ أن تبرعمَ فوقَ أديمها اخضرارَ الكائنات، وتنامَتْ خمائل الطّبيعة بكلّ بهائِها فوقَ أغصانِ المحبّة، تسربلُ وجهَ الأرضِ ألقًا بديعًا، متوغِّلةً بينَ أحضانِ البحارِ، ترتوي من طفوحِ خيراتها؟! 

جبران حلمٌ مفتوح على مساحات كركرات الطّفولة، يحلِّقُ مثلَ النُّسورِ فوقَ هاماتِ الجبالِ، حرفٌ مجبول من شموخِ مرتفعاتِ "بشرّي" المكتنز بعيونٍ صافية صفاءَ القصيدة البكر، صوتٌ صادحٌ على أنغام النّاي، تنشده فيروز في صباحٍ مُبلسمٍ بهواءٍ يهبُّ من جهةِ البحرِ نحوَ جبالِ لبنان، نسيمُ فرحٍ منسابٍ فوقَ بتلاتِ الزّهورِ في أوجِ الرّبيعِ، لغةُ عاشقٍ منبثقة من تلألؤاتِ النُّجومِ، ينبوعٌ صافٍ متدفِّقٌ من دموعِ القصائد، رحلةُ شاعرٍ مجنّحٍ نحوَ إشراقةِ حرفٍ من لجينِ الأحلامِ المعرّشة في غبطةِ خيالٍ محبوكٍ بيراعٍ مشرئبٍ بأريجِ النّرجس والتِّين البرِّي. 

كتبَ جبران أناشيدهُ كشغفِ ناسكٍ، ملتقطًا في أوجِ تجلِّياتِهِ وميضَ القصائد، كأنّه في غمرةِ نشوةٍ عارمة مبحرًا في محرابِ الشِّعرِ، يغترفُ أعذب الكلامِ وهو في أوجِ تأمُّلاته، مستلهمًا الكلمة الممراحة من حفاوةِ المطرِ، من نقاوةِ النّدى، من أنغامِ قيثارةِ الرُّوحِ، من بساتين جنّاته المفتوحة على رحاب الدُّنيا. صاغَ تراتيلهُ المتدفِّقة من زرقةِ السّماءِ كأحلامِ عاشقٍ مجنّحٍ نحوَ ضياءِ شموعِ الأديرة المعبّقة ببخورِ المحبّة. رسمَ حرفًا معجونًا بخميرةِ نارٍ مقدَّسة، كأنّه يُعِدُّ لنا مائدة لذيذة من نكهةِ الخبزِ المقمَّرِ. كم يبدو حرفه شهيًّا كأنّه محبوكٌ بإشراقةِ هلالاتِ السّماءِ، حرفُه من لونِ الأملِ المبرعمِ من قبلةِ الشَّمسِ وهي تغدقُ دفئًا من نكهةِ انبلاجِ القصيدة. 

نثرَ جبران خلال رحلة البوحِ بذورَ حروفهِ فوقَ خصوبةِ الحياةِ، فوق خميلة الأحلام المعرّشة في شهيقِ السّماء؛ كي ينعشَ القلوبَ المكلومة، وقلوبَ العشّاقِ العطشى لأزاهير الخير، ورفرفات أجنحةِ اليمام المحلِّقة فوقَ منارةِ المحبّة المعبّقة بالسّنابل الشّامخة فوقَ جبينِ الحياة، ماسكًا ريشته كي ينقشَ فوقَ أمواجِ البحارِ أسرارَ انهمارِ المطرِ في أوجِ حنينِ الأرضِ العطشى إلى بركاتِ السَّماءِ كي تروي عطشَ الصِّغارِ والكبارِ، وتغدقَ خيرات الأعالي فوقَ أجنحةِ الكائنات كلّ الكائنات! 

تنمو الكلمة في قلبِ جبران كزنابقِ الحقولِ، كأجنحةِ البلابلِ وتغرِّدُ تغريدةَ فرحٍ في كلِّ الفصول، وتنبعثُ من ظلالِ روحهِ الظّمأى إلى نورِ الحياة! وحدَها الكلمة تزرعُ بذور المحبّة فوقَ وجهِ الدُّنيا، وحدَها القصيدة تنسجُ اخضرارَ الحياةِ فوقَ جفونِ اللَّيل، وحدَها الرّوح تعانقُ ما يماثلها من أرواحٍ على مدى انبعاثِ شهقاتِ العصور! 

جبران روحٌ فيَّاضة معرّشة بينابيع بوحِ القصائد، منذُ أن تبرعمَ فوقَ طينِ الحياة، وسيبقى مبرعمًا كأنشودةِ عشقٍ تدندنُها فيروز بألقٍ كبير على أنغامِ النّاي، لتبقى روحُهُ مرفرفةً عبرَ أناشيدِهِ الصّادحة فوقِ وجنةِ الحياةِ إلى أمدٍ طويل!


صبري يوسف 

أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم


اندونيسيا انصاعت للمتشددين فخسرت/ بقلم: د. عبدالله المدني


من المفترض أن الدولة ، أية دولة، هي التي تقود الجماهير وليس العكس. لكن حينما يختل هذا المبدأ فتخضع الدولة لرؤى واجتهادات العامة، ممن لا يدركون مصالح البلاد العليا، تقع الكارثة، ويصبح العلاج صعبا. وتجربة أندونيسيا، كبرى الدول الإسلامية من حيث السكان، في هذا الخصوص هو أوضح مثال.

ففي هذه البلاد، التي يسكنها نحو 270 مليون نسمة (بموجب احصائيات البنك الدولي لعام 2018)، أكثر من 88 بالمائة منهم يدينون بالإسلام، يوجد العديد من المدارس والمعاهد الدينية بنوعيها الحديث والتقليدي، علاوة على مؤسسات التعليم العالي الحكومية مثل الجامعات والأكاديميات والمعاهد الفنية وغير الفنية من تلك التي ارتفعت أعدادها تدريجيا منذ استقلال البلاد عن هولندا عام 1949 لتصل اليوم إلى نحو ثلاثة آلاف مؤسسة تعليم عالي يدرس بها أكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة.

الملاحظ هو أن أندونيسيا خالية حتى الآن من الجامعات الأجنبية الخاصة، على الرغم من حاجتها إلى ذلك لتوفير نظام تعليمي متفوق يتواكب مع مستجدات الألفية الثالثة، ويخرج طلبة منفتحين على الثقافات الأخرى، وعلى قدر عال من المهنية والكفاءة كي يساهموا في الإرتقاء بأحوال بلادهم التي تخوض سباقا مع الزمن للنهوض من كبواتها، ولاسيما في المجال الإقتصادي. إذ من المعروف أن أندونيسا تعد أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وتصنف على أنها دولة صناعية بدليل عضويتها في مجموعة العشرين. غير أن هذا لا يعني خلوها من مآزق اقتصادية ومعيشية وضعف بنيتها التحتية.

والحقيقة أن توطين الجامعات الأجنبية مسألة يدور حولها خلاف كبير ما بين مؤيد ومعارض في العديد من المجتمعات ومنها المجتمعات العربية. فالمؤيدون يرون ضرورة استقدامها وتوطينها لتخريج طلبة متمزين قادرين على دخول أسواق العمل والاستجابة لمتطلباتها بسهولة، خصوصا وأنها تركز على البحث العلمي والمناهج العصرية المطلوبة وتبتعد عن الأساليب التقليدية في التعليم، وبما يجعل الجامعات الوطنية تقتدي بها. أما المعارضون فينظرون إليها كأداة أجنبية لإختراق المجتمعات المسلمة والتأثير على مخرجاتها.

قبل أكثر من عقدين، وتحديدا في مطلع التسعينات، قررت جامعة موناش الأسترالية، التي تتخذ من مدينة ملبورن مقرا لها وتتمتع بسمعة أكاديمية طيبة وتحتل الموقع 58 على مستوى العالم، أن تفتح فرعا لها في العاصمة الاندونيسية جاكرتا كاستثمار تجاري. وقتها وافقت الحكومة الأندونيسية على افتتاح كلية للجامعة المذكورة بالشراكة مع بنك بانين، على أن تكون مرحلية بمعنى إعداد الطلبة الأندونيسيين للإلتحاق بمقرها الأم في ملبورن. لكن سرعان ما وضعت سلطات جاكرتا الكثير من العراقيل أمام تلك الكلية كاستجابة للضغوطات التي تعرضت لها من قبل الجامعات الوطنية وأكاديمييها، علاوة على ساسة وقادة الأحزاب الإسلامية، الأمر الذي جعل جامعة موناش تصرف النظر عن مشروعها وتولي وجهها صوب ماليزيا المجاورة، حيث أقامت حرمها الجامعي الضخم في كوالمبور والذي استقطب ليس الطلبة الماليزيين وحدهم وإنما أيضا عددا كبيرا من الطلبة الإندونيسيين الباحثين عن مستويات تعليمية أرقى دون أن يتغربوا في بلاد بعيدة مثل الولايات المتحدة ودول أوروبا واليابان والصين (تقدر منظمة اليونيسكو عدد الطلبة الاندونيسيين الدارسين في الخارج بنحو 45 ألف طالب وطالبة، نصفهم في أستراليا والنصف الآخر موزعين على الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان والصين وماليزيا وسنغافورة). كان من نتائج هذه الواقعة أن ربحت ماليزيا وخسرت أندونيسيا تربويا واقتصاديا وبحثيا.

وفي عهد الرئيس الاندونيسي الأسبق "سوسيليو بانبانغ يودويونو" الذ يعد أول رئيس منتخب للبلاد في عام 2004، بدأت نظرة جاكرتا لقدوم الجامعات الأجنبية تتغير نسبيا. حيث أدرك يودويونو أن دراسة الاندونيسيين في الخارج ــ سواء في بعثات حكومية أو خاصة ــ يعني تسرب أموال طائلة من البلاد، فقرر أن يعالج الموضوع باستقدام الجامعات الأجنبية إلى بلاده من باب التوفير وتحسين الموارد البشرية محليا وتوظيفها في عملية تطوير البنى التحتية، لكن قراره قوبل أيضا بالإعتراضات التي سبق ذكرها، فبقي الأمر دون حسم.

مؤخرا استفاقت جاكرتا على تداعيات قرارها الخاطيء، فقامت بخطوات تمهد لإزالة كل العقبات أمام جامعة موناش لتأسيس فرع لها في جاكرتا. من هذه الخطوات إقرار قانون جديد للتعليم العالي مع وضع لائحة وزارية له في عام 2018 بهدف تحسين تنمية الموارد البشرية لخلق فرص عمل مجدية أمام الشباب الإندونيسي، وتغيير قواعد الإستثمار الأجنبي بما يتيح قدوم الجامعات الأجنبية، علما بأن القرار يستهدف أساسا الجامعات الاسترالية، تحقيقا لإتفاقية الشراكة الإقتصادية الشاملة الموقعة بين جاكرتا وكانبرا

وعليه فإنه من المتوقع أن تقوم الجامعة الاسترالية المذكورة بفتح حرمها الجامعي للدراسات العليا ابتداء من أواخر العام الجاري لتضم في باديء الأمر مائتا طالب ماجستير ودكتوراه، على أن يرتفع العدد تدريجيا، خصوصا وأن الرئيس الحالي "جوكو ويدودو" من أكثر الداعمين والمتحمسين لهذه الخطوة إنطلاقا من أن جامعة موناش ستقدم دورات قصيرة وبرامج تطوير مهنية مركزة، وبالتالي ستساهم في تحسين الموارد البشرية وتعزيز التنمية المستدامة.

د. عبدالله المدني

* أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي من البحرين

تاريخ المادة: مارس 2921

مريد البرغوثي شاعر المفارقات الحادة المؤلمة/ فراس حج محمد

 


مجموعة من الأفكار والأسئلة والمفارقات أثارتها الندوة التي عقدها مساء السبت 20/3/2021 منتدى "شرق وغرب" الثقافي في الإمارات ونادي "ليل" الثقافي في فرنسا من أجل إحياء ذكرى الشاعر مريد البرغوثي لمناقشة كتاب "رأيت رام الله"، وشارك فيها نخبة من الكتاب والأكاديميين، وتمت عبر تطبيق زوم. 

أول تلك الإشكاليات هو اختصار شاعر بحجم مريد البرغوثي بمناقشة كتاب نثري، مع أنه لم يعرف عن مريد أنه ناثر أو مكثر من النثر عدا كتابيه "رأيت رام الله" و"ولدت هنا ولدت هناك"، حتى أنه لم يكن من كتاب مقالات الرأي ليكتب بشكل دوري في الصحف الكبرى والمجلات كما هو حال كثير من المبدعين العرب. ومن المفارقات التي أحدثتها الصدفة، وهي مفارقة لا تنفكّ تلاحق مريد البرغوثي حتى بعد رحيله أن يذهب به المنتدون إلى منطقة ليست منطقته، وإن ترأس في سنة من السنوات لجنة تحكيم جائزة البوكر للرواية العربية، ولو أراد المرء أن ينظر إلى هذا الحدث بعين الرضا، فلا ينظر إليه إلا من باب التكريم المعنوي، وليس لأنه روائي كبير، أو ذو بصمة نقدية في مجال الرواية، وهذه مفارقة إبداعية تضاف إلى رصيده الزاخر بالمفارقات.

لذلك، ولاعتبارات فنية تتعلق بالطاقة الإبداعية يعتبر مريد البرغوثي شاعرا وليس أيّ شاعر!سخّر كل حياته للشعر، فهو جدير بلقب شاعر، هذا اللقب الذي اكتسبه أول ما اكتسبه عندما تصادف أن نشر أول قصيدة له في الجريدة صبيحة الخامس من حزيران عام 1967 كما يذكر في كتابه "رأيت رام الله"، إنها مفارقة أخرى، بل لعلها أم المفارقات التي ظلت مواكبة لمسيرته الإبداعية، مفارقة قتلت إحساس الفرحة عنده، وكأن الشعر ارتبط لديه بالخسارات والهزيمة تلك المعاني التي تشيع في قصائده كأنها العصب، فلا تكاد تسلم قصيدة من قصائده على امتداد عطائه الشعري من نبرة الحزن إلى جانب نبرة السخرية السوداء المرة والمفارقة، إضافة إلى أن شعره قد انغمس بسبب هذا الحزن الوجودي العميق في اليومي والمعيش، وظهر في كثير من قصائده.

لقد امتاز شعر مريد أيضا في جزء منه بمزجه بين النوعين من الشعر، شعر الشطرين والشعر الحر على صعيد القصيدة الواحدة كما هو في ديوان "طال الشتات"، ما يعزز لديّ فكرة أن لا ارتباط بين الشكل والمضمون، وأنه ليس صحيحا أن الشعر الكلاسيكي الخليلي هو انحياز أصولي تراثي ديني، وأن الشعر الحر انحياز حداثي تقدمي، فقد وجد هذان الشكلان من الشعر عند كثير من شعراء الحداثة العربية أمثال: محمود درويش وسميح القاسم وأدونيس وسعيد عقل وأمل دنقل ومظفر النواب ونزار قباني وبدر شاكر السياب وغيرهم الكثير، وكنت قد ناقشت هذه المسألة مطولا في بحث سابق. 

ولم يكن شعر مريد كله مطولات كذلك، بل إنه من أوائل الشعراء الذين كتبوا القصيدة القصيرة، وسبق أن وقفت عند هذه الظاهرة في شعره في كتابي "بلاغة الصنعة الشعرية"، حيث ناقشت ظواهر متعددة فنية في الشعر الحر من بينها حضور القصيدة الومضة في شعر الشعراء، ومنهم عدا مريد الشاعر سميح القاسم على سبيل المثال.

إضافة لكل تلك السمات الفنية التي طبعت شعر مريد البرغوثي يجد القارئ لشعره اللغة السهلة التي تتعمد الغرف من لغة اليومي والمعيش كما في قصيدة "غمزة" من ديوانه "رنة الإبرة"، أو كما في قصيدته عن الحب الذي يقرر فيها أن "الحب في الحياة غير الحب في القصائد"، ويضمّنها موقفا نقديا من شعر الغزل العربي حيث دائما تلك الصورة المثالية للحبيبة، فلا يوجد من لها سن مكسور أو شعر جعدي مثلاً. وكنت قد أشرت إلى هذه القصيدة في معرض دراستي للسخرية في شعره.

وعلى صعيد آخر متصل بالشعر وحضوره في حياة مريد البرغوثي، لا بد من أن يلتفت المرء إلى حضور ابنه الشاعر تميم البرغوثي، ومن المفارقات التي ربما لم تكن تؤلم الشاعر الأب أن ابنه تميما هو السبب في معرفة القراء له على نطاق واسع، وذلك عندما أعلن تميم- مفتخراً- نسبه وقريته، وأنه ابن لمريد وأن أمه رضوى عاشور في قصيدة له في برنامج أمير الشعراء. 

لعل هذه النقطة بالذات تعيد إلى الذهن حالات مشابهة من المقارنة بين الأب وابنه شعريا أو فنيا كما وازن النقاد مثلا بين حسان بن ثابت وابنه عبد الرحمن، وكانت دائما ترجح الكفة لصالح حسان كونه شاعرا مخضرما وذا بصمة في الشعر العربي في جاهليته وإسلامه، والشيء نفسه يقال عن الموازنة بين تميم ومريد، فالموازنة النقدية الجادة بينهما ستجعل مريد شاعرا ذا موهبة فذة وقدرة عالية في التمكن الشعري على مستوى المعجم اللغوي والمعاني والأفكار والصورة الشعرية والانتماء للشعر، بل لقد لاحظ الجمهور الفرق بين الشاعرين عندما التقيا في أمسية شعرية، أقيمت في عمّان إحياءً لذكرى رضوى عاشور والإعلان عن كتابها الأخير الذي نشر بعد وفاتها "لكل المقهورين أجنحة".

لقد شكل هذا الثلاثي عائلة كلهم كانوا كتابا، ولكن لم يطغَ أحدهما على الآخر الطغيان الذي ينسى فيه الجمهور أحدهم على حساب الآخر، فمريد لم يؤثر في شعبية تميم، بل إن تميماً في جماهيريته السريعة كان ذا أثر إيجابي جدا على الأب، لكن إلى حد التجاور معا كنجمين مضاءين، ولم يكونا أبدا كفرسي رهان متنافسين، والشيء نفسه يقال عن علاقة رضوى بمريد، فعلى الرغم من أنهما زوجان، واستمر زواجهما إلى أن افترقا بالموت، لم يكن شائعا جدا بين القراء أن رضوى عاشور هي زوجة مريد البرغوثي، فكانت لها مساحتها الإبداعية التي تتحرك فيها بعيدا عن ارتباطها بمريد، فكونها ناقدة وروائية وقاصة لم تكن لتطغى في صورتها على مريد، ولا هو بشاعريته وحضوره كان عاملا سلبيا في التأثير على حضورها الإبداعي، عكس حالات كان للزوج الأديب أو الشاعر أثرا سلبيا في شهرة الزوجة كما هو الحال مع سنية صالح وملكة أبيض وخالدة سعيدة على سبيل المثال، فقد كانت أولئك الأديبات ظلالاً، ولم يكن يتمتعن بالشهرة ذاتها التي تمتع بها أزواجهن؛ محمد الماغوط، وسليمان العيسى، وأدونيس على الترتيب. عدا أن هناك حالات انتهى بها الأمر إلى الطلاق بسبب نوع من التنافسية بين الزوجين، كما تذرعت بذلك مرّة الكاتبة الكويتية ليلى العثمان ملمحة أن سبب طلاقها من الكاتب الفلسطيني وليد أبو بكر هو هذا التنافس الصامت بينهما ككاتبين.

ومن زاوية أخرى فإنه وكما طرح الدكتور عادل الأسطة في إحدى مقالاته عن مريد البرغوثي، وأعاده في ندوة شرق وغرب هذه، أن مريدا في كتابه "رأيت رام الله" قد تأثر برواية رضوى عاشور "الطنطورية" في الحديث عن الأخ الأكبر، وهذا يفتح مجالا للبحث في أثر الأزواج الكتّاب، أحدهما في الآخر، والتناص معه، أو محاورته، وليس المقصود هنا كتابة أحدهما عن الآخر كما كتبت خالدة سعيد عن أدونيس نقداً، ولا كما كتبت عبلة الرويني عن أمل دنقل بعد رحيله شيئا من سيرته الذاتية.

يبقى مريد البرغوثي شاعرا وشاعرا أولا وقبل كل صفة، وإن لم يأخذ حظه من المناقشة النقدية الشعرية في هذه الندوة، وإن فاز عام 1997 مناصفة مع يوسف إدريس بجائزة نجيب محفوظ في الإبداع الروائي على الرغم، وهذه مفارقة أخرى؛ أن الكتاب الفائز بالجائزة "رأيتُ رام الله" ليس رواية، فقد كان يكتب مريد جانبا من سيرته الذاتية وعلاقته برام الله وقريته دير غسانه، ولا أدري من أين جاءت صفة الرواية لتجنيس الكتاب، فقد قرأته في طبعته الأولى، وليس فيه ما يشير إلى أنه رواية، بل إنه يتحدث في ثنايا الكتاب عن عودته هو  "مريد البرغوثي" العائد بعد اتفاقيات أوسلو وذهابه إلى قريته ويجسد بعض ما حدث معه فعلا، بمعنى آخر، فإنه بالمفهوم النقدي الروائي لم يكن يكتب نصا متخيلا، وإنما النص كله بشخصياته وأحداثه تحيل إلى الوقائع المشهودة في قريته أو الأماكن التي تحدث عنها. وربما رأيت في ذلك مفارقة أخرى، تضاف إلى المفارقات الأخرى، ليكون مريد البرغوثي شاعر المفارقات الحادة التي تشي إلى سخرية مريرة غلّفت حياته وشعره والنشاطات التي تحتفي به.


الأونروا وضرورة التدخل الإستثنائي لإنقاذ اللاجئين في لبنان/ علي هويدي



حرمان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من حقوقهم الإقتصادية والاجتماعية من الدولة المضيفة ومنذ عقود، وتراجع تقديم خدمات "الأونروا" نتيجة الأزمة المالية المزمنة، وتدهور قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار في السوق الموازية، وارتفاع أسعار المواد الإستهلاكية والسلع الغذائية بشكل ليس له مثيل لا سيما منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019 ، والتلويح برفع الدعم عن المحروقات والطحين والأدوية..، ناهيك عن تأثير جائحة كورونا على اللاجئين وإرتفاع نسبة الإصابات إلى حوالي 8 آلاف إصابة وأكثر من 240 حالة وفاة حتى منتصف آذار/مارس الحالي، ونسبة بطالة وصلت إلى ما يقارب من 90% وفقر إلى حوالي 80%.. يُحتّم على "الأونروا" ومن ورائها الدول المانحة ومن يعنيه أمر اللاجئين في لبنان إلى المسارعة واعتبار وضع اللاجئين في المخيمات والتجمعات والمناطق حالة استثنائية تقتضي التحرك الإستثنائي لتوفير الضرورات الحياتية اليومية من إغاثة وصحة بشكل أساسي..

المبادرات المشكورة والمهمة التي تنشط في أوساط اللاجئين في المخيمات والتجمعات وتشرف عليها الفصائل واللجان الشعبية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني.. بالإضافة إلى مبادرات فردية وعائلية تغطي جزء من الحاجات، لكن حتماً ليست لديها القدرة لها على تغطية كل الضروريات، مع غياب أي أفق لحل سياسي أو إقتصادي يُمكن أن ينقذ لبنان وبالتالي ينعكس على أوضاع اللاجئين فيه..

مؤشرات خطيرة أخرى بدأت تبرز وتتفشى في أوساط اللاجئين في المخيمات والتجمعات نتيجة الوضع الإقتصادي والإجتماعي المتردي والآخذ بالتفاقم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ إرتفاع ملحوظ في نسبة الطلاق، والإحجام عن الزواج، وارتفاع نسبة العنوسة، وارتفاع نسبة المشاكل الأسرية والإجتماعية، وزيادة نسبة المصابين بحالات الاكتئاب، وتهافت على الرغبة بالهجرة ولو أدت التكلفة إلى الإستدانة أو بيع الحلي أو بيع المنازل أو الأثاث، مع ارتفاع نسبة المتاجرين والمتعاطين للمخدرات لا سيما بين الشباب، وارتفاع نسبة السرقات، وارتفاع نسبة الإقبال على التدخين وتعاطي النرجيلة بين الشباب ،وغياب لأية مشاريع تنموية في المخيمات تأخذ بعين الإعتبار خطط تراكمية، التهافت اليومي على طلب ربطة الخبز من بعض المؤسسات، إحجام بعض المؤسسات عن تلبية حاجات كبار السن وذوي الإحتياجات الخاصة في مراكزها بسبب كورونا، وبالتالي زيادة العبء على العائلات..

لا إحصاءات دقيقة لعدد اللاجئين الفلسطينيين الفعليين في لبنان الذي يتراوح بين 260 و 280 ألف لاجئ حسب تقديرات "الأونروا" في سنة 2015. إحصاء الوكالة في (2018-2019)، أشار إلى وجود 533,885 لاجئ مسجل، بينما أشار إحصاء أجرته دائرة الإحصاء الفلسطيني في رام الله ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في نهاية 2017 إلى وجود 174 ألف لاجئ، وحسب تقديرات اللجان الشعبية والمؤسسات الأهلية بان العدد يتراوح بين 280 و 300 ألف لاجئ فلسطيني وهذا لا يشمل عدد اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا إلى لبنان الذي يُقدر بحوالي 17 ألف لاجئ.

وكان مسحاً إقتصادياً وإجتماعياً أجرته وكالة "الأونروا" بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في بيروت عام 2015 قد أشار إلى أن 95% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ليس لديهم تأمين صحي ويعتمدون اعتمادا كليا على "الأونروا"، وأن ثلثهم يعانون من أمراض مزمنة (أمراض القلب، أمراض السرطان المختلفة، أمراض تصيب الجهاز التنفسي، كالربو والأزمات التنفسية، والانسداد الرئوي، السكري).

وبعد مرور 6 سنوات على المسح لا يوجد أي مؤشر على أن هذه النسبة قد تراجعت، إن لم تكن قد زادت. أي أن ثلث اللاجئين الفلسطينيين في لبنان معرضين للموت بسبب إنتشار فيروس كورونا بين اللاجئين في المخيمات وخارج المخيمات نتيجة نقص المناعة، والضرر حتما لن يقتصر على اللاجئين وسيتعداه للجوار..

المطلوب الآن ليس وضع الخطط لتنفيذ برامج وقائية أو البدء بمشاريع تنموية، بل المطلوب تدخل سريع وفوري للعلاج وانقاذ من يمكن إنقاذه من الغرق ويصارع من أجل البقاء، من خلال استنفار محلي ودولي، يشمل الدولة المضيفة، والأمم المتحدة، والدول المانحة من خلال وكالة "الأونروا"، ومنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية والأهلية ومنظمات العمل الأهلي..

وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بات استثناءً يحتاج إلى إستثناء في التدخل والتدخل السريع.

هَلْ يَقودُ العُكَّازَ الأعمى؟/ الأب يوسف جزراوي



فِي لَيْلٍ دامسٍ


جاءَني ضَرِيرٌ مُسِنٌّ


مِنْ تِلكَ الطرقاتِ المُوحَشةِ


وَوَقَفَ بَيْنَ شجرتَينِ 


مُقيمًا فِي الثّلجِ 


لَا يكفُّ عَنْ الّلهَاثِ!.


نظرتُ بِتَعَجَّبٍ لَا يَخْلُو مِنْ عَطَفٍ


إِلَى مآقيهِ المُبْتَلّةِ بِالنَّدَى


وَإلَى حَدبَةِ ظَهْرهِ 


دُونَ أنْ أْنْبِس بِبِنْتِ شَفَةٍ!


فَكَانَتِ المشَقَّةُ قَدْ أَناخَتْ بِهِ 


بحيثُ أَضْحى


مِنِ الصّعبِ تَوَقَّعُ سِنِّ شَيْخُوخَتِهِ!


غَفْلَةً...سالَ دَمْعُهُ بِصَمْتٍ


كَسَماءٍ بَكَتْ غَمّها!


كَأنَّ فِي صَمْتِهِ بَوْحًا


لَمْ يَحِنْ وقَتُهُ بَعد!!.


ربَّتُ عَلَى كَتِفهِ


وحدّثتهُ بصوتٍ مُشجِّعٍ


أوْدَعَتُ فِيهِ 


كُلّ مَا فِي روحي مِنْ بَارِقِةِ أَمَلٍ:


لا تَبكِ...


فإنّك تُبكي اللهَ مَعَكَ.


أجَابَني خَيْرَ جَوَابٍ:


هَذَا الهَرِمُ المُنْهَكُ


كَانَت لَهُ أَيَّامُ صبًا..


ثُمَّ تَرَجَّلَ مَشْيًا 


إِلَى اِرْتَقَاءِ الْقِمّمِ


والقمَّةُ تشرِّعُ أبوابَ الآفاقِ 


وتتيحُ للسّائرِ استنشاقًا 


مِنَ الْهَوَاءِ نَقِيُّهُ


 ومَنْ ثُمَّ الهُيَام بِنشوةٍ


تكادُ تنفذُ إِلَى شَغافِ القلبِ..


 رَحَلَ مثْلَ قَطْرَةِ نَدًى


سَكَبتها أَجْفَانُ الفَجْرِ


ثُمَّ جَفَّفها غَسَقُ اللَّيْلِ


تَسيرُ خَلفَهُ الأيّامُ


يُدَوِّنُ بِعُكّازهِ 


آثارًا للدُّرُوبِ كَذِكرَى


والحالُ:


الرّجاءُ يولَدُ فِينَا


مِثْلَمَا العطرُ  يُنْبِتُ


فِي جَوْفِ الزَّهْرَةِ


وَلَكِنْ


إن لَمْ يَكُنِ الإِنْسَانُ نَخْلةً


 لَنْ يَكُونَ رُطَبًا 


 وإن لَمْ يَكُنْ سُنْبُلةً


 لَنْ يَكُونَ خُبْزًا


 وإن لَمْ يَكُنْ شَمعةً


  لَنْ يَكُونَ نُورًا


وإن لَمْ يَكُنْ عُكّازًا


لَنْ يَكُونَ وَاحَةَ وُصُولٍ 


لِمَنْ أَثْقَلَتِ الْحَيَاةُ خُطاهم


وإن لَمْ يَكُنْ رحْلةً


لَنْ يَحْظَى بِنَشوةِ الْقِمّمِ.