عطرُ الرجالِ مُرُوءَةٌ وشهامةٌ/ الدكتور حاتم جوعيه



  لقد  أعجبني هذان البيتان من الشعر المنشوران على صفحةِ أحد الاصدقاء في الفيسبوك، وهما :

( عطرُ  الرِّجالِ  شهامةٌ   وَمُرُوءَةٌ  =  أمَّا     النّساءُ     فعطرُهُنَّ      حَيَاءُ

  وَمكارمُ  الأخلاقِ   أفضلُ   زينةٍ  =  يا   قُبْحَ   مَنْ  عنها    لهُ    استغناءُ)


فنظمتُ هذه الأبيات الشعريَّة ارتجالا ومعارضةً لهما ، وهي :

 

عطرُ   الرِّجالِ   مُرُوءَةٌ    ووفاءُ  =  وكذا     النساءُ    أريجهُنَّ     إباءُ 

دربُ  المبادىءِ   والكرامةِ   إنَّها  =   فخرٌ   لمنْ   سلكَ   العُلا   وَرُوَاءُ

دربُ  الإباءِ   لكلِّ   شهمٍ  صادقٍ  =  كلُّ  الخلائقِ   في   المثالِ   سَواءُ  

لا   فرق    بين   مذكَّرٍ    وَمُؤَنَّثٍ  =  إنَّ    المبادىءَ    عطرُهُمْ    وثناءُ 

بمكارمِ   الأخلاقِ  يزدانُ    الفتى  =  وبدونها     هٌوَ     والبهيمُ    سَواءُ 

لكنَّنا  في  عصرِ  سوءٍ  لم  نزلْ  =  ماتَ  الضَّميرُ   وزالَ    فيهِ   حَيَاءُ

وبقيتُ وحدي في المبادىءِ سالكًا  =  المجدُ     كلَّلَ      هامتي    وضياءُ

صرحُ  البلاغةِ  والفنونِ  جميعها  =  قد    تاهَ    من   إبداعيَ   العظماءُ

في   قمَّةِ  الإبداعِ  أرسمُ   عالمًا  =   فيهِ  الجمالُ    وليسَ    فيهِ   شقاءُ

أشدُو   أناشيدَ  الاماني  والهوى =   والكونُ   يشقى   طالَ   فيهِ    بلاءُ

للسِّلمِ   أشدُو  ..  للمحبَّةِ    دائمًا  =   والكونُ   يطغى   ليسَ  فيهِ  صفاءُ 

إنِّي  أنا الصَّوتُ الذي  بهرَ الدُّنى  =  يختالُ    من     أنغاميَ    الشرفاءُ


ماهية الفكر الحضوري/ يونس عاشور



الفكر الحضوري هو الفكر المحايث للذات المفكرة أو ما يُصطلح عليه بالكوجيتو الذي يلازم الذات في سيرورة إعمال العقل البشري في مجالات الحياة الفكرية المختلفة و الاتجاهات المعرفية المتعددة والمسارات الفلسفية المتجددة.

وبمعنى آخر فإن الفكر الحضوري هو ما نقوم به من نشاط عقلي دينامي وإنتاج فكري براغماتي تحصيلي ومعرفي سواءً كان في الجانب النظري أو في المنهاج العملي أيضا، وهذا ما يُمكن لنا أن ندعوه بسيرورة التشغيل والاستنباط والتوجيه الفكري القائم على جمياليات الإبداع والتأمل والنظر من أجل توليد الفكر وتجديد المعنى وتحديد المفهوم في إطاره التحصيلي من خلال عمليات القياس وتوظيف آليات الخطاب المراد مناقشته وبحثه أو مسائلته وفحصه على أكثر من صعيد. من هنا فإن الفكر الحضوري يمتاز بأنه فكرُ دائم المداولة والمزاولة الذي لا ينقطع ولا يخضع للجمود على شاكلة النسخ والتكرار أو المحاكاة باستمرار وفي ذلك إعادة الأفكار إلى الوراء.

"إن ما نستدركه من الفكر الحضوري، هو ديمومة الحضور في الحضور الفكري الدائم، وفي هذا الحضور نجد الفكر قياس كينونته الخاصّة به، أي قياس (إدراك)ـــــــه. فالفكر إذن هو هذا المثول للحاضر، هذا المثول الذي يمدّنا بالشيء الحاضر في حضوره، فيموضعه بذلك أمامنا كي نبقى ماثلين أمامه، وكي نتمكّن ونحن بداخله، من الإبقاء على هذا المثول. فالفكر من حيث هو هذا المثول، يحمل إلينا الشيء الحاضر ويقحمه في العلاقة التي لنا به. إنه يعيد الشيء الحاضر إلينا. فالمثول إذن تمثل. لقد ظل التمثل هو السمة الأساسية والميزة الامتيازية للفكر إلى حد الآن، وتبعاً للمذهب القديم للفكر فإن هذا التمثل يتم داخل اللوغوس الذي هو محطة لديمومة الفكر الحضوري". (*). انظر كتاب" التقنية – الحقيقة – الوجود". للأستاذ محمد سبيلا.


الرسالة الحادية والأربعون: يا لخسارة العشاق ما أكثرها!/ فراس حج محمد



الثلاثاء: 27/4/2021

صباحكِ سكّرْ

يا أجمل النّساءِ

وأشهى النّساءِ

وأعلى النّساءِ

وأكثرْ…!

لا أدري لماذا صارت تطاردني رسائلك في ضيق الوقت. ها أنا متهيئٌ للذهاب على العمل، والرغبة شديدة لمخاطبتك. أتدرين أيتها البعيدة مثل نجم كم يخسر العشاق في مثل هذا الوضع الذي نحن فيه. إن كانوا شعراء سيخسر الشعر مئات قصائد الغزل الجميلة الناعمة، وستخسر اللغة آلاف الكلمات والتعابير الجديدة، وسيفرد اليأس جناحيه ظلاماً في كل وقت. إنهم سيخسرون تلك الحرارة التي تدفعهم ليواصلوا أعمالهم بحب وانشراح، سيجدون الحياة سوداء قاتمة، والدروب مقفلة، والشمس غائمة، والبدر باك حزين. 

أتعتقدين أن هذه الخسارة هي خسارة شاعر فقط؟ أم أنها خسارة شاعرية التركيب؟ أعتقد أن الخسارة أكبر من اللغة ومن النص. خسارة العاشقين في مثل هذه الحالة هي خسارة لمبرر الحياة في الزهرة وفي الثمرة وفي كل شيء. أقلّها ألما ألا ترد الحبيبة تحية الصباح، أو أن ترد على الرسائل ببلادة، تشعر الحبيب بأنه غبي أو مجرد كائن لا أثر له.

هل تهاجمك الذكريات كما تهاجمني؟ إنها ما زالت تحتلني، تسكن في صلب روحي، وتلفني في كل ثانية، أستعيد المشاهد كلها فأبتأس وأجنّ، أسترجع ضحكتك، أسترجع حديثك، أسترجع تأوهاتك، أسترجع نظرة المدى في عينيك، أسترجع طعم قبلتك، واللذعة في ماء شهوتك، أسترجع مناماتنا وسهرنا ومرحك في الغرفة عارية. أسترجع مشاويرنا من مدينة لمدينة؛ بحثا عن مكان نصنع فيه اللحظة التي لا تموت. أنسيت كل ذلك الجنون الذي كان يحيي نفوسنا يوماً كاملاً. يا ليتك لم تضيعي في الزحام وتتركيني عاريا تتخطفني الريح، وينهشني البرد، ويأكل لحمي الحنين.

اقتربت الساعة، عليّ أن أتوقف عن الكتابة. هل يا ترى سنعود كما كنا، نشرب شاينا في هدأة المساء في غرفة فندق ما؟ هل يا ترى سأعود أقطف القبلة على عجل ونحن في الطريق إلى شهوتنا؟ هل سأنام على ذراعك الأبيض البض الحريري وأغفو وحلمة ثديك في فمي؟ يا ليتك تعرفين كم تستعبدني تلك اللحظات التي كنت أقضيها متأملا صدرك وبطنك وسرتك وفرجك وفخذيك وساقيك وصولا لمداعبة أصابع قدميك، ورائحة الشهوة في عناقك، خسرت كل شيء، ولم يعد لي غير هذه الصورة التي تجرح الروح.

ليتك تعودين ليعود الشعر أخضر زاهيا، والورد أحمر قانيا، والوقت أقصر نلجمه ونمدد ساعاته ليكون أطول. ليتك الآن هنا، ليتك الآن تقرئين شفتيّ بقبلتك، وجسمي بحركة راحتيك، وليتني أكتب كل ما أريده على قمتك الباهرة.

أيتها الحبيبة القاسية، أحبك حتى آخر ما يجود به القدر من عمر!

المشتاق: فراس حج محمد


البرابرة وانا ورمان ملغوم/ روميو عويس



كان يا ما كان في قديم الزمان نساء من طرابلس ومن جبل محسن تحديدا يقصدن بلدتي بلباسهن المميز سراويل مزركشة وبالوان مختلفة تحت فساتين ملونة هي ايضا كذلك اغطية رؤوسهن وكان يعجبني شكلهن الفولكلوري فتتبعتهن الى الحقول لاستكشاف لماذا ياتين وما الغاية من جمع "الخبيزة" في عدل كبيرة، وبحشرية ابن العشر سنوات سألت احداهن فاجابت ان هذه النبتة تباع في سوق الخضار كغيرها من المحاصيل الزراعية، تركتها وسارعت الى أخي بربر الذي كان يكبرني بسنتين لاخبره واشجعه على العمل والربح والخرجية ، فأحضر بعض العِدَل من دكان جدنا بربر وبسكاكين المطبخ بدأنا العمل فملأنا الاكياس وكالمزارعين دوَّنا اسم صاحب البضاعة واحتراما لاخي الذي يكبرني كان اسمه أي بربر عويس على عِدل الخبيزة وتوليت انا ارسالها الى السوق مع شاحنة " شفيق نضيرة " الذي كان ينقل المحاصيل الزراعية من بلدتي الى سماسرة سوق الخضار في مدينة طرابلس.

كالمزارعين الذين ينتظرون شفيق لاستلام ايصالات بضائعهم كنت انا في اليوم التالي اوّل المنتظرين في اول محطة له سائلا اياه ان كانت قد بيعت بضاعتي ففتش الى ان وجد ايصالها وكان الثمن على ما اذكر ليرتين وستون قرشا استلمتها بفرح لا يوصف على امل ان نرسل اكثر غداً، اما غلطتي المميتة كانت عندما لم استلم الإيصال فبقي بين إيصالات المزارعين وبوصوله الى بيتنا كان جدي بانتظاره وبينما يفتش شفيق وقعت عين جدي على وصل باسمه فقال لشفيق هذا هو فرد شفيق لا هذا لاحفادك فاخذه جدي وجن جنونه وهو العصامي صاحب الجاه والمعروف من كل سماسرة سوق الخضار اذ اعتبر ان المتاجرة بالخبيزة تحقيرا له ، تواريت انا تاركا اياه يفتش عن اخي بربر، اكل بربر "القتله" والتأنيب واكلت انا حق الخبيزة وتوقفت تجارتنا الرابحة الى الابد.

بعد عشر سنوات سافرت انا الى استراليا وكان جدي قد انتقل الى الاخدار السماوية اما اخي بربر فبقي الوحيد مع اهله في لبنان فاخوتي كانوا قد سبقوني في الهجره الى ان وافته المنية عن عمر48 عاما بعد معاناة مع المرض، قصدت لبنان قبيل رحيله باسابيع قليلة كذلك فعل اخوتي ويوم وفاته حزنت حزنا عميقا لم احسه من قبل فبكيت كالاطفال على فقده ولم ابك احدا كما بكيته لا قبلاً ولا بعدأ رحم الله جدي واخي واطلب السماح منهما.

سطل وابريق

كنا في ايام الصيف نقصد حنفية "نظيمة"لملء مياه الشرب لان بيتها يقع الى جانب جدول المياه حيث يمر القسطل العام فتبقى المياه باردة منعشة 

قلت انني لم اكن بريئاً في طفولتي، خرج والدي عصرية نهار وناداني وانا ملهواً بلعب الكلة مع رفاقي لاملئ ابريق الماء من حنفية "نظيمة" وكان بيت نظيمة يبعد عن بيتنا قرابة مئة من الامتار وكي لا اتوقف عن اللعب ناديت اخي بربر سائلا اياه ان كان يرغب ان يملأ السطل او الابريق من حنفية نظيمة فاختار الابريق لانه اخف وزنا رجوته ان ياخذ السطل فرفض وحمل الابريق مسرعا وبعد قليل لاحظ والدي انني ما زلت العب ولم استجب لطلبه فاخبرته بان شقيقي بربر قد ذهب بدلا مني فتعجب لاستجابة بربر لطلبي وهو الذي كان في صغره اي بربر لا يستجيب لطلبات والده ولكن بربرحينما عاد قال لوالدي هاك الابريق ولكن روميو لم يملئ السطل كما طلبت، علم والدي انني قد خدعت شقيقي، فرمقني بنظرة فيها ملامة واعجاب وهز رأسه ودخل المنزل اما اخي فاتى بالسطل ليجبرني ان اذهب واملأه وعندما اشتد الشجار خرج والدي وانهى المشكل بشمطة اذن لكل منا.

رحم الله نظيمة و والدي واخي واطال الله بعمر القراء الاكارم.

قصصي مع اخي ورفيقي بربر كثيرة ومتنوعة، ولكل منا ذكرياته مع اخوة له ورفاق طفولة

اكتفي بهاتين الحادثتين واوجه لاخي حبيبي بربر الذي غادر هذه الدنيا باكرا القصيدة التالية:

بكَّرت يا خيي بـمشوارك!!

الحبيت الله واهلك وجارك

وكنت خي وكنت اغلا رفيق

نتزاعل، ونرضى، ونتعارك

عشنا سوى ايّام فيها ضيق

لقمة البالصحن نـتشارك!!

ياما زعَجتَك من قَبل ما تفيق

من صبح الله عَكِّر نهارك

يا بربر الهادي وقلبو رقيق

الحبّوك اصحابك وزوّارك

محب كنت وآدمي وصدّيق

بكّير الله للسما اختارك!!!

ببالي انت باقي.. ليوم الديـن

وصارت وراق العمر مصْفَرَّه

فيني عن يمرجح هوا تشرين

من سنين عمري قربت اتعَرّى

ولو مَر عا ذكرى الطفوله سنين

بيبقى عليها البال يتـمَـرى

كنت انت الطيِّب المسكين

ومنّي انا الشيطان يتبرّا !!

ذكرى غيابك بالقلب سكّين

كاس قاسي.. طعمـتـو مرّه

**

رمان ملغوم -

بلبنان.. مين اللَغَّم الرمان؟

وشَغَّل الدوله عليه تتحَرّى

وفلان يتهم بالجريمه فلان

وفلان؟ من هالـتهَـم يتبرّا

وما دام مش متسَوَّق بلبنان

مَبعـوت حتى ينصرف بَرّا

شو خصّهُن؟؟

 ويكون مين ما كان

ليش تا عيونن هيك محمَرّه

ورمان حَبّو بيدوِخ الانسان

ان داقو بيصير يعَدِّد الكَرّه

 وللتعاطي مدمن.. وهيمان

وبتصير روحو ليه منجَرّه

يا ملغّمي رمانك من زْمـان

دابت عيوني عليه تـتمـرّى

صار عندي لسكرتو ادمان

دَخلو مخَبّا بالقـفـص دفيان

وأكتَر بحبو ان كان متعَرّى


مناجاة نفسي/ الدكتورة بهية أحمد الطشم

 


كم يعانق شوقي طلوع النهار في حياتي,

وكم يرقص قلبي لهفةً لأغنية سعادة,

بعدما شربت من دموعي أكواباً غير معدودة....

أريد أن أكفّن عذاباتي,

وأن أحمل عَبَراتي الى أديم التراب,

لأنّ عقلي مليء بأهراء الطموح.

................................

لن أحجب أحلامي بستائر اليأس وجدران الصّعاب,بل بجلال يطمع في دخول الابدية.

يتصارع طموحي ويأسي صراع الجبّار والصّعلوك:

يذرف الأول دموعاً تنوب عن لسانه , ويتغلغل الثاني من أقاصي الأرض ليسكرَ بانتصاره.

انّ الموت نهاية كل ما يخلق,

لكنّ أمهات  أفكاري تُميت الموت وتهِب معنى لحياتي....


...........لا اريد ابتسامة ذابلة ,

بل ضحكات صادحة على ايقاع نغمات الشمس.


اللحن ودواعيه السردية في رواية "مأساة كاتب القصة القصيرة"/ فراس حج محمد



يُعرّف اللحن-اصطلاحاً بأنه "مخالفة الفصحى في الأصوات، أو تركيب الجملة وحركات الإعراب أو في بنية الكلمة أو في دلالة الألفاظ". وهو مختصّ-كما يظهر في الدراسات العربية التراثية- بتلك "الأخطاء" التي تقع في الأحاديث الفصيحة للناس والكتاب وليست في اللغة العامية، ويفسّر اللحن على أنه خطأ، ولا بد من تصحيحه، فهو يخالف القواعد المقررة عند أهل الاختصاص فيما لا يجيزه أي رأي نحوي، ضعُف أو قوِي. 

وقد أولى الدارسون العرب اللحن عناية خاصة؛ فدرسوا مظاهره في الكلام الفصيح، وألفوا فيه الكتب، وهو مبثوث في كتب الأخبار واللغة والتفسير، وعلى ما يبدو لقد استفاد إبراهيم نصر الله من آراء العلماء العرب القدماء والمعاصرين الذين أجازوا اللحن في بعض المواقف، كالجاحظ مثلاً وأيده من المعاصرين في موقفه هذا العلامة إبراهيم أنيس، ومدار الحديث كله "موافقة الكلام لمقتضى الحال". ولم تكن تخلو تلك المواقف المُجاز فيها اللحن من الاستظراف المحمّل بنوع من النكتة والمشاكسة، كما قال الشاعر القديم:

منطق صائبٌ وتلحن أحياناً// وأحلى الحديث ما كان لحنا

ولعل أشهر خطأ نحوي مقصود في كتب النحو، ما عرف بالمسألة "الزنبورية" بين الكسائي وسيبويه التي قيل فيها أنها السبب في موت سيبويه قهراً، ولا حاجة إلى الاستطراد في توضيحها فهي متاحة في كتب التراث لمن أراد الاستزادة، وإنما أريد فقط أن أسلّط الضوء على ما جاء في رواية إبراهيم نصر الله "مأساة كاتب القصة القصيرة"* من "أخطاء لغوية" متعمّدة، ومحاولة تفسيرها، ومدى ارتباطها بالبنية النصية وأهدافها.

في البداية لا بد من التقرير أن اللغة في الرواية-أيّ رواية- يرتبط-جزء منها- بالشخصيات، فهي –كما الواقع تماماً- تعبّر فيها تلك الشخصيات عن أفكارها، ولا بد من أن تكون لغة الشخصيات موافقة للغتها الواقعية، حتى بعد أسلبتها واستبدال لغة السارد بها، فتنطق وتعبّر كما لو أنها شخصيات من لحم ودم؛ تفكّر، وتغضب وتتظارف ونحو ذلك، ولكل حالة من حالات الشخصيات مستوى لغوي يخصّها، وتختزن فيها مرجعياتها الثقافية والاجتماعية والدينية، وتعبر عن حالتها النفسية. فاللغة في أبسط تعريف لها: "أصوات يعبر فيها كل قوم عن أغراضهم"، فالهدف إذاً من اللغة هو إحداث التواصل المفيد بين شخصين أو طرفين على أقل تقدير.

ومن اللافت للنظر في لغة رواية إبراهيم نصر الله هذه، تخلّلها مجموعة من "الأخطاء اللغوية" المقصودة التي جاءت على لسان أخت السارد، وكانت بينه وبينها. وأخت السارد هذه ليست أمّيّة تتحدث حديثاً عاميّاً، بل كانت مديرة مدرسة، وذات شخصية مسيطرة، ولذلك فإنها كانت تتعمد الخطأ، وهي تتحدث مع السارد، والسارد يقوم بتصحيحها في كل مرة، فيكون الحوار الآتي تعقيبا على تلك الحالة التي لم تخل من السخرية ومن الهدف:

- لكنك فهمت عليّ، أليس كذلك؟

- طبعاً.

- أين المشكلة إذن (ص36)

كان هذا الحوار يتكرر، مع بعض التغيير، في أعقاب كل خطأ تنطق به أخت الساردة عن قصد، وكانت أخطاؤها في اللفظ والدلالة والتصريف.

وفيما يأتي سأورد هذه الأخطاء القصدية لأخت السارد، وقد اشتملت على بعض مظاهر اللحن الواردة في التعريف الذي أوردته آنفاً، علماً أنّ هذه المواقف قد خلت من أي خطأ نحوي، واقتصر اللحن فيها على توظيف المفردات دلالياً أو صياغتها صياغة صرفية غير صحيحة أو غير مناسبة للمعنى المقصود:

- "أنا حريصة على مقامتى" وتقصد مقامي. (ص33)

- "إنها خالية من التشواق، كما أن البطلة مكتلفة جدا" وتريد التشويق ومتكلفة. (ص33)

- أرجو أن يكونوا قد فهموا مستوى إبداعك، فوسموك وجلجلوك. والصواب أعطوك وساماً وأجلّوك. (ص36)

- هذا كان في الأيام المغبرّة. وهي تقصد الغابرة (ص38)

- ما رأيك بأن تزور المدرسة لتحظو بلقائها. والمقصود لتحظى. (ص38)

- إن أظلَّتنا لا تتعب من محالقتنا. وكان عليها أن تقول: ظلالنا وملاحقتنا. (ص38)

لم تمر هذه الأخطاء على فريدٍ السارد دون أن يعطيها البديل الصائب مع بعض الشرح أحياناً، وأحياناً يعبر عن ضجره من هذه الأخطاء المستفزة، فينتفض "محتجاً على أخطائها، ولذا باتت تكررها" (ص37). فهل كان لهذا التكرار من هدف؟

يكشف السارد خلال حديثه عن أخته التي يصفها بـ "الخبيرة اللغوية" (ص60) أنها كانت تكرر هذه الأخطاء من أجل لفت انتباهه، فهو الوحيد من العائلة مَنْ كان يلاحظها ويصححها وتثير دهشته واهتمامه، "ولم تكن تريد أن تجد نفسها خارج هذا الاهتمام". (ص37)

هذه المشاكسات اللغوية التي كانت تقوم بها الأخت تجاه أخيها السارد أوحت له أن يكتب من وحيها قانوناً لغويا إنسانيا في مدونة "حقوق الإنسان" التي يعمل على إنشائها، ويلخص هذا القانون في ما يأتي: "لكل إنسان الحق في التعبير عن نفسه كما يريد، ما دام يتعامل مع أناس لا يجدون صعوبة في فهم كلامه". (ص38) لقد كان يفهم عليها. إذن فمن حقها أن تختار الطريقة التي تريدها. وفي هذا القانون الإنساني سمو كبير في النظرة إلى فردية الإنسان أولا، واحترام لغته وطريقة حديثه، بشرط الفهم وتوصيل الرسالة، ويُبنى على ذلك بطبيعة الحال، لغة الفنون جميعها، لغوية وغير لغوية، ومدار كل لغة وكل فنّ أو تعبير هو الفهم وإحداث التواصل الفعال. وفي هذه الحالة لا اعتبار للتشدد في استخدام القواعد الصارمة في الكتابة الأدبية والتقيد بالشروط الموضوعة، فثمة جرأة مشاكسة تلفت انتباه الآخرين من وراء ذلك الخروج القصدي عن القواعد المقررة.

لقد كانت الحالة اللغوية لأخت السارد في الرواية مرتبطة باللغة وبالحوار مع السارد نفسه، وكأن الرواية تريد أن تقول إن لهذه الحالة اللغوية حالة مشابهة في مجموع السرد المكون لهذه البنية السردية في هذه الرواية، فقد بنيت بطريقة مغايرة، تكسر بعض القواعد الروائية لعلها تلفت انتباه القراء والنقاد، فيدخلون معها في نقاش أو جدال، فمن يخطئ عن عمدٍ، هو  الأقدر على معرفة الصواب وممارسته، ولا يستطيع كسر القواعد العامة الفنية إلا المتمرس بها المتقن لصنعتها، وهذا هو، في الأصل، باب الإبداع وسرّه؛ تجاوز المألوف والمعروف. 

من باب آخر، فإن هذه الحالة اللغوية لها معادل سرديّ في النص، والجامع بين الحالتين هو "لفت الانتباه والغرابة"، كأن هذين الأمرين هما سر آخرَ للإبداع، وقد أشار إليه السارد عندما أخذ يتأمل الشارع الخالي من المارة أيام الحجر المنزلي، فـ "مرور شخص وحيد يولّد في عقلي عشرات القصص أو لنقل السيناريوهات، مع أن مرور مائة شخص في السابق لم يكن يفعل بي ذلك". (ص175) إذاً، فهذه الغرابة هي التي تولد القصص وتكون المحفز على الإبداع، لذلك فقد وجد في عمل أخته مديرة للمدرسة مكانا خصباً لكتابة القصص كونها ستواجه كثيرا من النماذج الغريبة، ووجده السارد كذلك في أخيه، كحالة تصلح أن تكون نموذجاً قصصيا ناجحاً، ففكر أن يستفيد منه كنموذج غريب، ويعلق على ذلك قائلا: "فما الذي يعنيه أن نتحدث مع نموذج لا جديد فيه ولا غرابة، ....، لذا، كان أخي هذا، مصدراً جيّداً للإلهام". (ص41)

في الحقيقة، قد يبدو هذا الربط تعسفيا بين اللغة وأخطائها والبحث عن الغرابة في السرد، لولا ما أشار إليه السارد نفسه، جامعاً ما بين أخته وعملها من جهة، وما بين الغرابة المطلوبة واللغة المنحرفة عن المعيارية اللغوية من جهة أخرى. يقول فريد في أثناء مناقشته لعلاقته بأخته: "لا أبالغ إذا قلت: إن معرفة أختي الكبيرة لكثير من النماذج الإنسانية، كونها مديرة مدرسة ناجحة، ساعدتها على اكتشاف تلك "المتعة السرية الغاضبة"التي تعصف بي، كلما انتفضت محتجاً على أخطائها، ولذا باتت تكررها". (ص37)

لقد تم توظيف هذه الحالة اللغوية إذاً، لإبراز الدور الحيوي للغة على مستويين؛ لفظي تواصلي بين الشخصيات، وإبداعي ذي رسالة أكبر من مجرد تواصل الشخصيات في الحوارات الخارجية بينها. وقدمت الرواية عبر هذا النموذج الحيّ للاستعمال اللغوي رسالة لعلها ملخصة في أن القانون اللغوي يمكن أن يكون دليلا لما هو أبعد من اللفظ ليشمل العمل الأدبي كله، فكأنّ ما يصدق على جزء منه، وهو هنا اللغة، قد يصدق بحكم منطق ما، على العمل الأدبي بـأجمعه الذي توظف اللغة لتصبح كلاماً خاصاً محكوما بمنطق الإبداع نفسه بما يوحي بفردانيته داخل نطاق الرواية، كما يقول دي سوسير في تعريفه للكلام: "هو كلام الفرد، أو المنطوقات الفعلية نفسها، أي التمثيل المادي اللفظي للغة". ولا بدّ في هذه الحالة من أن يختلف الكلام بوصفه متغيراً عن اللغة ذات النظام الثابت، وهذا عينه ما توفره هذه الرواية كنموذج حيوي لكلام واحدة من الشخصيات المتحركة في الفضاء الروائي.


الشَّاعرة والأديبة أسماء غريب مشبَّعة بإشراقةِ وهجِ الرُّوح/ صبري يوسف


الأديبة والمترجمة والنّاقدة المغربيّة د. أسماء غريب



كتاباتُ الشَّاعرة والأديبة الخلَّاقة أسماء غريب، حرفٌ مندلقٌ من خاصرةِ نيزكٍ، مشبَّعٌ بإشراقةِ وهجِ الرُّوح، حرفٌ يستنهضُ أحلامًا غافية بين وهادِ النِّسيان، منتشِلًا إيَّاها نحو ظلالِ القصيدة البكر. تكتبُ نصَّها من وحي تراكمات مشارب ثقافيّة فكريّة أدبيّة حياتيّة غزيرة، كأنَّها في رحلةِ استكشافٍ حلميّة لاستشرافِ أنقى ما في تجاعيد الذَّاكرة، وتجسيدها في رحابِ خيالٍ فسيح متعانق مع تهاطلاتِ إشراقة الحرف على مرامي أسرارِ اللَّيل. حرفُها منبعث من طينِ المحبَّة، من مذاقِ قُبْلةِ الشَّمسِ لنسيمِ الصَّباح، من وهجِ عشقٍ معرَّشٍ في أدغالِ البساتين، من هدوءِ اللَّيلِ الهائم في عناقِ بهجةِ اندهاشِ القصائد! 

تتدفَّقُ بانسيابيّة شفيفة بأفكارٍ ورؤى مجنّحة بأجنحةٍ مماثلة لطيورِ الجنَّة، تتناثرُ رؤاها على مسارِ بهاءِ الشِّعرِ، كأنّ عوالمها محبوكة بنغماتِ موسيقى متماهية مع تراقصاتِ خيالٍ متدفِّقٍ على إيقاعِ شلّالٍ منسابٍ مع شهقةِ الفرح. تداعبُ عرشَ الحروفِ، وتغوصُ في أعماقِ دهشةِ الاشتعالِ، ثمّ ترسمُ بانتعاشٍ عارم رغبات مكتنزة في ظلالِ الرُّوحِ منذُ أمدٍ بعيد. حرفُها مخضَّبٌ بأشجارِ الحنين، وينسابُ خيالها بين شغافِ الحروفِ كرذاذاتِ مطرٍ ناعم، فتولدُ انبعاثات وميض البوح من أعماقِ أحلامٍ متوارية في متاهاتِ الزّمن، فتنسجُ ألقًا شعريًّا متجدِّدًا فوقَ سموِّ الاِبتهال. 

كيفَ تلملمُ هذه الدَّهشة فوقَ هلالاتِ الحروفِ؟ هل تشكَّلت مزاميرها من حليب السَّنابل، أم تبرعمت من مساحاتِ الخيال عبر انبلاجِ خيوطِ الشَّوقِ إلى هالاتِ قداسةِ الكلمة منذُ أن انبثقت من قبَّةِ السّماءِ فوقَ سديمِ البحارِ، وانسابت مسترخيةً فوقَ ينابيع منارةِ الرّوح؟! كيفَ تموسقُ منارةَ البوح معَ تيجانِ القصيدة، في أتونِ انشراخاتِ هذا الزَّمان؟! زمنٌ تائهٌ في مهبِّ الانحدارِ، تنجو القصيدة من شفير الانزلاقِ في شراهاتِ العبورِ في فخاخِ الشُّرورِ، وحدَها القصيدة تناغي أبهى ما في ثمارِ الرّوح.

أسمعُ هدهداتِ اليمامِ في حنايا حرفِها، تبتهلُ لحنينِ السّماءِ وتغدقُ أطيبَ الثِّمارِ فوقَ طراوةِ الأرضِ، تمتازُ بذاكرةٍ مشبوبةٍ بالصَّفاءِ كأنّها مصطفية من عذوبةِ البحرِ، فأرى شاعرة مشرئبّة برحيقِ حرفٍ مزدانٍ بأنوارِ شموعٍ حالمة بالضِّياء، شاعرة مفعمة بشذى بخورِ القناديل، تنثرُ بهاءَ القصيدِ على مساحاتِ حلمٍ مجدولٍ من ينابيعِ الرُّوحِ المبلَّلة بحبقِ الحياةِ. هل تستمدُّ بوحَها من إشراقةِ الشّمسِ على إيقاعِ رفرفاتِ أجنحةِ العصافير في صباحٍ مندَّى بهبوبِ النَّسيمِ، أم من تراقصاتِ موجاتِ البحرِ، أو من بسمةِ الأطفالِ وهم يغفونَ فوقَ أبهى مآقي الزُّهورِ؟! 

نصُّها يشبه طفلة مسكونة بعصافير النَّعيم، كأنّه متجذِّرٌ بأشجارٍ باسقة مخضلَّة بشهوةِ الاخضرار، وشامخة شموخَ جبالٍ مسروجة بحنينِ البحارِ. يبدو نصُّها في بعضِ تجلِّياته كأنّه طنين نحلة تحومُ حول بهاءِ فراشاتٍ مسترخية فوقَ بتلاتِ زهرةٍ مكسوَّة بزغبِ القصيدِ. تلتقطُ صورًا هاربة من واحاتِ الخيال، مندهشة من قدرةِ الحرفِ على عبورِ أهازيجِ الرُّؤى المتناثرة فوق تيجانِ العمرِ. تموجُ حروفُها في ثنايا البوحِ فرحًا متماهيًا معَ بهجةِ الطّبيعةِ، وتهمسُ لروحِها بكلِّ انتعاشٍ، نِعمةُ النِّعَمِ أن نعانقَ روعةَ الغاباتِ، ونتمتّعَ بجمالِ الكونِ، ونستوحي عبيرَ الحرفِ من خميرةِ الحياةِ. 

عندما أقرَؤُها؛ أشعرُ وكأنَّ طاقة فرحٍ تغمر صباحي، تنعشُ ليلي الغافي على وشوشات البحر. شِعرُها مصحوبٌ بتغريدِ الأملِ، مزدانٌ بتلاوين سموِّ الرّوحِ، وحرفُها رسالةٌ ممهورةٌ بحفاوةِ العشقِ. هل تستلهمُ حرفَها من بخورِ الوفاء، من نورِ القداساتِ، من ابتهالاتِ شموخِ القلبِ؟! هل تكتبُ القصيدة من وحي تجلِّياتِ الرّوحِ وهي تحلِّقُ بين هلالاتِ زرقةِ السّماءِ، أم أنَّها تستلهمُ حرفَها من تلألؤاتِ النُّجوم الغافية بين منعرجاتِ أحلامِ الطُّفولة؟! .. طموحُها جانحٌ نحوَ الأعالي، مسربلٌ بهلالاتِ غيمة تهطلُ بهاءً فوقَ قبابِ سديمِ الرّوحِ؛ بحثًا عن نورانيّة قداسةِ الحرفِ، كأنَّها شاعرة مجبولة بأسرارِ الطّينِ الأوَّل، جانحة نحوَ خصوبةِ الرّوحِ المخضلَّة بيراعِ الاخضرارِ، تنقشُ هواجس الحنين فوقَ نضارةِ مويجات البحر، مستلهمةً من شهوةِ الغابات، مساراتِ العبورِ إلى مذاقِ الحروفِ ودهشةِ الانبهارِ. تسرجُ حفاوةَ الحرفِ من نكهةِ التّينِ المتدلّى فوقَ عناقيدِ العنبِ، بحثًا عن مساحاتِ بوحٍ شعري متآلف مع آفاقِ الخيالِ، ورغبةً في العبورِ في مرامي أحلامِها المجدولة بأريجِ أبهى الأزاهير. 

تستنهضُ مخيّلتها طاقاتٍ دفينة، تستعيدُها من الأغوارِ السَّحيقة، وتفرشها فوقَ أوجاعِ الأمّهاتِ الهاربات من ضجرِ اللَّيلِ الطَّويل. تبلسمُ حروفُها الجراحَ النّازفة من شراهةِ نيرانِ الحروبِ المندلقة من رؤى بليدة، غارقة في الانشراخ. تمتلكُ وئامًا بهيًّا معَ قلقِ الرُّوحِ، وتزرعُ حرفَها فوقَ قلوبٍ عطشى للمطر، يتهادى حرفها مثلَ نوارسِ البحرِ فوقَ رشقةِ الأمواجِ، راسمًا فوقَ أجنحةِ النَّوارسِ صفاءَ البحرِ وشوقَ القصيدة إلى أشجارِ البيتِ العتيق، تطفحُ عيناها ألقًا إلى كتابةِ نصٍّ من خصوباتِ دهشةِ الانبهار! .. 

حرفُها مكتنزٌ بثمارٍ شهيّة، تتهاطلُ رفرفاتُه من أجنحةِ قلبٍ معرَّشٍ بنسغِ المحبّة، فتنقشعُ خلال انبعاثات شهوة الحرفِ، كلّ الأحزانِ والمراراتِ العالقة في سراديبِ الرُّوح، وتصفو الرُّوح من الشَّوائب العالقة في هلالاتها على مدى هبوب الغبارِ على وجه الدُّنيا. تسمو روحُها الشَّفيفة عاليةً متطهّرة من أدرانِ الحياةِ؛ شوقًا إلى معانقة سموِّ السَّماءِ في ليلةٍ مكلَّلةٍ بأغصانِ الزَّيتونِ على خفقةِ رفرفاتِ حمائم السَّلام، محلِّقةً فوقَ مآقي المدائن، قاصدةً ملاذ الرّوح في عرشِ الأزل؛ كي تنعمَ في مروجِ النَّعيمِ على مدى بهجاتِ الانبعاث، وتهفو إلى عناقِ حرفٍ مصفّى كالماءِ الزُّلال! .. بهجةٌ غامرة تسربلُني كلّما توغَّلتُ في تجاويفِ الخيال المنساب من حبورِ بوحِها المنبلج من لجينِ الأفكارِ المنسوجةِ من شراعِ الأفراحِ المرفرفةِ فوقَ مآقي الحنينِ إلى شموخِ تيجانِ المدائن. 

أُلامسُ زغبَ حرفِها، فيبدو في الكثير من وهادِهِ، كأنّه مجبول من رعشةِ طيرٍ يلهو معَ نسائم الصَّباح، يمنحنُي حرفُها أجنحةً وارفة بألقِ السُّموِّ، فأشعرُ أنّي أحلِّقُ عاليًا وأداعبُ ضياءَ القمر. تضيءُ القصيدةُ معالمَ الطَّريقِ، وتخفِّفُ من سماكاتِ السَّديمِ فوقَ أحداقِ العيونِ. 

لا تكتبُ أسماء غريب القصيدةَ كلمةً كلمةً، تغمرُها الرُّؤى كشلَّالِ فرحٍ منبعثٍ من إشراقةِ الشّمسِ، وتسربلُها حتَّى الامتلاء خلال توهُّجات شهقة العبور في حنايا تجلِّيات خصوبة الإبداع!

أسماء غريب قامة أدبيّة باسقة، شاعرة مخضلَّة بتوهّجاتِ حرفٍ مكوَّرٍ بألقِ الانبهار، مشبّعة بينابيع شعريّة صافية كنسيمِ اللَّيلِ العليلِ. تسعى منذ أن غاصت في أسرارِ الحرفِ أن تغدقَ ألقَ الانبعاث نحوَ أقصى مساراتِ وهجِ الاشتعال؛ كي تطهِّرَ الرّوحَ من شوائبِ الحياة، عبرَ ابتهالاتِ بوحِ القصيدة. 

كلَّما عبرتُ معالمَ حرفها؛ رأيته مبلَّلًا بأعشابِ الطُّفولة؛ لما فيه من أصالةٍ مترعرعةٍ في أنساغِ حنينها إلى البيوت العتيقة العالقة في أخاديدِ الذَّاكرة، متوجِّهةً نحو التِّلالِ البعيدة، بحثًا عن أسرابِ الحمامِ؛ كي تنسجَ قصيدتها على أنغامِ هديلها الطَّافح بالوئامِ بين شهيقِ الكائنات. 

شاعرة منشرحة القلب، تسمو عاليًا على إيقاعِ خيالٍ جانحٍ نحو قِبابِ الوئامِ، تهفو أن تزرعَ هدهدات بهجة الرّوح في لجينِ السَّديمِ المتناثرِ فوقَ مآقي الغمام. تنسجُ أحلامَها الوارفة فوقَ جبينِ الصَّباح، مسترسلة في حفاوةِ عناقٍ متدفِّقٍ مع حبّاتِ المطرِ، راسمة بسمة الحرف بطراوةٍ منعشةٍ فوقَ مسارِ تجلِّياتِ الخيال، مستلهمةً من وهجِ الشَّمسِ جموحَ شهوةِ الانبعاث! 

الشّاعرة أسماء غريب، حالة شعريّة نقديّة ثقافيّة فريدة في تمايزها في بناءِ رحابةِ شعرها وقصصها وحوارها، وانفراجِ مسارات نقدها، ودقّة غوصها في معالم النُّصوص الَّتي تعكفُ على ترجماتها؛ حيث تتوغَّل في فضاءاتِ الشَّاعر والأديب وتقرأ بشغفٍ عميق مسارات شاهقة من تجربته، وكأنّها إزاء بحثٍ تحليلي عميق عن أسرارِ بهاء الحرفِ، إلى أن تبني صورة عميقة عن إبداع الشّاعر والأديب الَّذي تنوي ترجمة نصوصه، ثمَّ تبدأ بترجمة قصائد الشّاعر، فيسهل عليها العبور عميقًا في الظِّلال الخفيّة للشاعر، ولهذا عندما أقرأُ نصوصها الَّتي ترجمتْها شعرًا أو نثرًا، تبدو لي وكأنّني أقرأ نصًّا أصيلًا وليس مترجَمًا؛ فهي تمتلكُ مهارات وتقنيات نقل الوهج الشِّعري والألق الأدبي عبر الصُّورة المماثلة للغة المنقولة إليها بهاءات النُّصوص المترجَمة، وكلّ هذه الرُّؤى السَّديدة، أسهمت في تعميق تجلِّيات آفاقها الشِّعريّة والأديبة وترجماتها عندما تسبغ فوق حرفها خيوطَ تجلِّيات وهج الانبعاث!               


ستوكهولم: (2016) صياغة أولى.                                                         

            (2018) صياغة أخيرة.

صبري يوسف

أديب وتشيكلي سوري مقيم في ستوكهولم





ماذا وراء انسحاب بيونغيانغ من أولمبياد طوكيو؟/ د. عبدالله المدني


المعروف أن أول مشاركة لكوريا الشمالية في الدورات الأولمبية الصيفية كانت في دورة 1972 التي استضافتها ميونيخ، بينما بدأت مشاركاتها في الدورات الشتوية في عام 1964 من خلال الدورة التي استضافتها مدينة إنسبروك النمساوية. ومذاك لم تغب عن الدورات الأولمبية ــ بما فيها دورة 1984 الصيفية التي أقيمت في لوس أنجيلوس، اي في عقر دار عدوتها الأمريكية اللدودة ــ إلا مرة واحدة وذلك حينما قاطعت دورة سيئول الصيفية عام 1988 بسبب احتدام الخلافات بينها وبين جارتها الجنوبية، وهو ما تبدل بشكل دراماتيكي مثير في النسخة 23 من الدورة الشتوية في مدينة "بيونغ تشانغ" الكورية الجنوبية التي أطلق عليها "أولمبياد السلام"، حينما شارك رياضيو الكوريتين في الدورة تحت علم موحد بعد أن أرسلت بيونغيانغ وفدا رياضيا بقيادة شقيقة زعيمها "كيم يو جونغ" التي صارت آنذاك أول عضو من العائلة الحاكمة في بيونغيانغ يزور الشطر الجنوبي منذ انتهاء الحرب الكورية سنة 1953.

والمؤكد أن كوريا الشمالية استهدفت من وراء تلك المشاركات الرياضية تحقيق وهج إعلامي والتلويح للعالم بأنها دولة طبيعية ترعى الرياضيين وتؤهلهم لمنافسة الأقطار الأخرى والفوز بالميداليات، ومن هنا كان قرارها في الأسبوع الأول من الشهر الجاري بمقاطعة دورة أولمبياد طوكيو، المقرر افتتاحها في يوليو القادم، مفاجأة للكثيرين.

وعلى الرغم من التبرير الذي ساقته بيونغيانغ لقرارها وهو خوفها على رياضييها من الإصابة بكوفيد 19، إلا أن هناك ما يوحي بأسباب أخرى أتى المراقبون على ذكر بعضها، ومنها تشجيع دول أخرى على المقاطعة لذات السبب كي تفشل الدورة ولا تحقق عدوتها اليابانية الفوائد الاقتصادية المتوقعة، ومنها منع كوريا الجنوبية من استغلال المناسبة لخلق حوار سياسي جديد بين الكوريتين او لتدشين حوار بين بيونغيانغ والغرب.

من وجهة نظرنا، يمكن إضافة سبب آخر هو خوف النظام الستاليني الحاكم في بيونغيانغ من احتمال انتهاز رياضييها فرصة تواجدهم في طوكيو لطلب اللجوء السياسي في الخارج هربا مما يعانونه في الداخل من مشاكل جسيمة تضاعفت مع الأزمة الوبائية الراهنة في العالم، خصوصا بعدما شهدت السنوات الأخيرة 3 حالات لهروب دبلوماسيين كوريين شماليين رفيعي المستوى في سفارات بلادهم في الكويت وروما ولندن إلى كوريا الجنوبية وطلبهم اللجوء هناك. فكل التقارير الاستخباراتية والدبلوماسية حول ما يجري في هذه البلاد المعزولة يجمع على أن جائحة كورونا، معطوفة على العقوبات الدولية المشددة المفروضة على بيونغيانغ تسببت في شل جميع أوجه التجارة عبر الحدود، ونقص حاد في العملات الصعبة والسلع الأساسية، وتوقف مصانع البلاد المتهالكة عن العمل بسبب شح الوقود والطاقة وقطع الغيار، وكشفت عن نظام صحي بائس غير قادر على التعامل كما يجب مع انتشار الفيروس الصيني المميت. 

وبعبارة أخرى تقول هذه التقارير أن كوريا الشمالية تعاني من وضع صعب للغاية، ما أدى إلى نشوء شعور خفي مناهض للنظام. ولعل ما يؤكد هذا القول هو أن "الزعيم المبجل" كيم جونغ أون أطلق خلال إجتماع لكافة خلايا حزب العمال الكوري الحاكم عــُقد في السابع من أبريل الجاري نصائح على الطريقة السوفياتية القديمة لزيادة الإنتاج ومقاومة نوازع الإستياء والتغلب على تحديات كبيرة غير مسبوقة من أجل مواجهة ما وصفه حرفيا بـ "أسوأ وضع على الإطلاق". وتصريحه هذا يبدو متوافقا مع مقررات الحزب الحاكم في يناير الماضي التي دعت إلى العودة الصارمة لسياسة التخطيط المركزي وإلغاء خطوات سابقة بطيئة وجزئية نحو سياسة السوق، كانت قد اتخذت بــُعيد الانفتاح الخجول على الشطر الجنوبي.

وهناك ثمة أمر آخر كشفت عنه التقارير الدبلوماسية الموثوقة وهو لجؤ سلطات بيونغيانغ مؤخرا إلى معالجة الأوضاع المتردية في البلاد من خلال عمليات قوامها خفض فترة التجنيد من عشر سنوات إلى سبع سنوات توفيرا للحصص الغذائية، وتوجيه الجنود للخدمة في المناجم والمصانع وفق أوامر عسكرية غير قابل للنقاش أو المطالب. إلى ذلك كشف أحد التقارير الصادرة عن السفارة الروسية في بيونغيانغ أن أعداد عمال الإغاثة الأجانب العاملين في كوريا الشمالية بدأت في التناقص بعدما قرر بعضهم العودة من حيث أتى بسبب النقص الحاد في بعض السلع الضرورية مثل الأدوية والصابون ومعجون الأسنان وبطاريات أجهزة الترانزستور المستخدمة للإستماع إلى نشرات الأخبار، وهي سلع كانت تأتي من الصين وتوقفت بسبب إغلاق الحدود البينية على أثر انتشار الفيروس الوبائي.

أما لجهة وباء كوفيد 19 فإن إدعاءات النظام بخلو البلاد من الإصابات، والحالة بهذا الضعف والتهالك، أمر لايستقيم بحسب العديد من المراقبين الذين أكدوا فزعه من انتشار الوباء، خصوصا في ظل نقص الأدوية، بل وأيضا مستشفيات العلاج المناسبة. صحيح أن كوريا الجنوبية ومنظمة الصحة العالمية عرضتا تقديم اللقاحات وإرسال الكوادر الطبية، لكن بيونغيانغ اشترطت عدم ربط اللقاحات بدخول موظفين أجانب معها. وصحيح أن بيونغيانغ سارعت إلى بناء مستشفى كبير جديد بسرعة قياسية، إلا أنها اكتفت بالبناء دون تأمين المعدات والأجهزة الضرورية لتشغيله، طبقا لتقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة.

د. عبدالله المدني

* أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي

تاريخ المادة: أبريل 2021 م



عاشق رابعة وشاعر الحُبّ/ شاكر فريد حسن


  

إلى الشاعر والإعلامي اللبناني زاهي وهبي الذي يصارع كوفيد 19 


يا شاعر الحُبّ والحرية  

وأنوثة الحياة  

يا عاشق رابعة  

المحلق في فضاءات الشعر  

والدهشة والجمال  

أيّها الإنسان المرهف الرقيق 

الرافض للظلم  

والقهر والاستبداد  

المنحاز للقضية  

والمنتصر لفلسطين 

يا من علمتنا أن الحياة  

نبض لا يصمت  

وأن الشعر إلهام وإحساس 

والقصيدة حلم لا يكتمل  

غرست فينا ذائقة  

الياسمين  

وعشق الوطن  

طُفتَ على بساتين المفردات  

والكلمات  

وعرفتَ كيف تُحوّل الحُبّ 

إلى جمالية التفاصيل اليومية 

بنبرةٍ خافتة ولغة مدهشة دقيقة  

إليك يا زاهي أجمل التحيات  

والتمنيات بالشفاء  

والانتصار على الوباء  

فعش لحلمكَ  

قوي الإرادة  

متشبثًا بالحياة  

أبرز عشر نظريات مؤامرة حول كورونا/ عبده حقي



مع تفاقم أزمة  جائحة كورونا يواجه العالم أيضًا جائحة عالمية أخرى تتعلق بالمعلومات والأخبار المضللة. إنها نظريات المؤامرة التي تنتشر أيضا مثل الفيروسات بنفس السرعة في مختلف وسائل الميديا والأنترنت وهذه أشهر عشر نظريات رائجة في العالم.


اتهام الجيل الخامس للاتصالات 5G

من المستحيل من الناحية البيولوجية للفيروسات الانتشار عبر استخدام الطيف الكهرومغناطيسي. هذا  الأخير الذي هو عبارة عن موجات / الفوتونات، في حين أن كرونا هي جزيئات بيولوجية تتكون من البروتينات والأحماض النووية. لكن هذا ليس هو الهدف حقًا - نظريات المؤامرة مخادعة لأنها غالبًا ما تربط شيئين قد يبدوان لنا في البداية أنهما مترابطين ؛ في هذه الحالة، كانت الترتيبات التمهيدية السريعة لشبكات 5G  التي تجري عمليات بنائها في نفس الوقت مع انتشار الوباء. وقد تم الرويج من قبل النشطاء المناهضين للقاح الذين منذ فترة طويلة نشروا المخاوف بشأن الإشعاع الكهرومغناطيسي، وبتحريض من الكرملين .

ومن الجدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أشارت إلى أن الفيروسات لا يمكنها التنقل على شبكات الهاتف المحمول، وأن كوفيد 19 ينتشر بسرعة في العديد من البلدان التي ليس لديها شبكات 5G.  ومع ذلك وبعد انتشار نظرية المؤامرة هاته – تم إتلاف عديد من أبراج الهاتف المحمول في المملكة المتحدة وأماكن أخرى - بعد أن انتشار هذا الخبر في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.


نظرية بيل غيتس

معظم نظريات المؤامرة ، تنتشر مثل الفيروسات التي تشبهها ، وتتغير باستمرار ولها العديد من التحولات في كل وقت وحين . يبدو أن العديد من هذه المؤامرات والحبكات المتفرعة عنها تم إقحام بيل جيتس فيها ، الذي أصبح هدفًا جديدًا للمعلومات المضللة بعد انتقاده لإلغاء تمويل منظمة الصحة العالمية. ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز فإن مناهضي التطعيم وأعضاء من حركة كانون ومعارضي اليمين استولوا على مقطع فيديو يعود إلى عام 2015 قدمه بيل غيتس - حيث تحدث عن تفشي الإيبولا وحذر من وباء جديد - ولتعزيز مزاعمهم تقول هذه الحركة أنه كان لديه علم مسبق بجائحة كوفيد 19 بل وربما هو من تسبب في انتشارها عمداً.

البديل الأخير لنظرية المؤامرة هذه المؤازر بشكل خاص من قبل النشطاء المناهضين للتلقيح ، هو فكرة أن كورونا هي  جزء من مؤامرة يقودها بيل غيتس لتطعيم سكان العالم. هناك بعض الحقائق في هذا ، بالطبع : قد يكون تطعيم الكثير من سكان العالم هو الطريقة الوحيدة لتجنب عدد القتلى في نهاية المطاف بعشرات الملايين. لكن معارضي التلقيح لا يعتقدون أن اللقاحات ستكون ناجعة وفعالة . بدلاً من ذلك ، نشر البعض الأسطورة القائلة بأن غيتس يريد استخدام برنامج تطعيم بهدف غرس شرائح رقمية دقيقة تتعقب وتتحكم بطريقة ما في الأشخاص. يعني انتشار المعلومات الخاطئة بأن مؤسسة أ ID2020وهي مؤسسة غير ربحية تركز على إنشاء معرفات رقمية للأشخاص الأكثر فقراً حول العالم وكان على المؤسسة الاتصال بمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.


انفلات الفيروس من معمل صيني

هذه على الأقل نظرية قد تبدو معقولة. صحيح أن بؤرة الوباء الأصلية ، هي مدينة ووهان الصينية ، التي يوجد بها أيضًا معهدً لعلم الفيروسات حيث كان الباحثون يدرسون فيروسات الخفافيش التاجية لفترة طويلة. كانت إحدى هؤلاء الباحثين ، شي جينجلي ، عالمة الفيروسات البارزة التي أمضت سنوات في جمع عينات روث الخفافيش في الكهوف وخبيرة رئيسية في تفشي فيروس السارس السابق ، كانت قلقة جدا بشأن احتمالية أنها قضت أيامًا في فحص سجلات المختبر بشكل محموم لمعرفة ما إذا كان هناك أي سبب أو خطأ. وقد اعترفت بأنها تنفست "الصعداء" عندما أظهر التسلسل الجيني أن فيروس كورونا الجديد SARS-CoV-2 بأنه لا يتطابق مع أي من الفيروسات التي تم أخذ عينات منها ودراستها في معهد ووهان لعلم الفيروسات من قبل فريقها.

وبالتالي فإن المصادفة المحضة لوجود المعهد الرئيسي الصيني الذي يدرس فيروسات الخفافيش في نفس المدينة التي انطلق منها تفشي كوفيد19  قد ثبت أنه صعب للغاية على المتآمرين لمقاومته. تم نشر الفكرة في الأصل من خلال فيلم وثائقي مدته ساعة من إنتاج Epoch Times وهو منفذ إخباري باللغة الإنجليزية مقره في الولايات المتحدة وله صلات متعددة بعبادة الفالون غونغ الدينية التي لطالما قمعها الحزب الشيوعي الصيني.    وقد أصرت صحيفة  إيبو تايمز على وصف كوفيد بـ "فيروس الحزب الشيوعي في جميع تغطيتها الصحفية . لقد تحولت هذه النظرية الآن إلى كونها الاتجاه السائد ، حيث تم نشرها في واشنطن بوست والتايمز في (المملكة المتحدة) والعديد من المنابر الأخرى.


نظرية كورونا كسلاح بيولوجي

النظرية الأكثر وبالا هي أن كوفيد19  لم يهرب فقط من المختبر ، ولكن تمت صناعته عن قصد من قبل العلماء الصينيين كسلاح بيولوجي. وفقًا لمركز الأبحاث الأمريكي "يعتقد ما يقرب من ثلاثة من كل 10 أمريكيين أن فيروس كوفيد 19 تم تصنيعه في المختبر" إما عن قصد أو عن طريق الخطأ (الأول أكثر شيوعًا : على وجه التحديد ، يعتقد 23 بالمائة أنه تم تطويره عن قصد ونسبة 6 بالمائة فقط يعتقدون أنه كان حادثًا عارضا.

هذه النظرية القائلة بأن الصينيين خلقوا الفيروس بطريقة ما تحظى بشعبية خاصة لدى اليمين السياسي الأمريكي. وقد اكتسبت انتشارا واسعا بفضل السيناتور الأمريكي توم كوتون (جمهوري من أركنساس) الذي ضخّم النظريات التي تم بثها لأول مرة في واشنطن في مجلة إكزامينر وهي (وسيلة إعلامية محافظة بتشدد) مفادها أن معهد ووهان لعلم الفيروسات "مرتبط ببرنامج بكين السري للأسلحة البيولوجية".

يمكن طبعا دحض هذه النظرية بسهولة الآن لأن هناك دليلًا علميًا لا لبس فيه - بفضل التسلسل الجيني - على أن فيروس SARS-CoV-2 له أصول طبيعية تمامًا كفيروس حيواني المنشأ في بيئة الخفافيش. وقد أضاف الفحص منذ ذلك الحين تصحيحًا في الجزء العلوي من القطعة الأصلية يعترف بأن النظرية ربما تكون خاطئة.


نظرية استيراد الجيش الأمريكي الفيروس من الصين

من جهتها ردت الحكومة الصينية على النظريات المعادية للصين بنظرية مؤامرة خاصة بها سعت بها إلى إلقاء اللوم على الولايات المتحدة. تم نشر هذه الفكرة في البداية من قبل المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ، تشاو ليجيان ، الذي نشر تغريدة  يقول فيها "من المحتمل أن يكون الجيش الأمريكي قد جلب الفيروس إلى ووهان". إن هذه التعليقات وفقًا لصوت أمريكا الجديد  "كررت شائعات مؤامرة منتشرة على نطاق واسع في الصين ، مفادها أن جنودا أمريكيين قد أحضروا الفيروس إلى الصين خلال مشاركتهم في الألعاب العسكرية العالمية 2019 في ووهان في أكتوبر من نفس السنة" بالنسبة للصين كما ذكرت صحيفة الأطلسي قالت أن نظرية المؤامرة هذه هي محاولة مصاحبة لإعادة تسمية كوفيد 19 بـ "فيروس الولايات المتحدة الأمريكية" هي بمثابة "حيلة جيوسياسية" شفافة - مفيدة للدعاية المحلية ولكن لم يتم تصديقها على نطاق واسع دوليًا.


نظرية الكائنات المعدلة وراثيًا        

كانت المحاصيل المعدلة وراثيًا هدفًا لمنظري المؤامرة لسنوات عديدة ، لذلك لم يكن من المفاجئ رؤية الكائنات المعدلة وراثيًا قد تم إلقاء اللوم عليها في المراحل الأولى من ظهور وباء كوفيد 19 . في أوائل شهر مارس ، كتب المحامي الإيطالي فرانشيسكو بيلوتا مقالًا غريبًا في صحيفة المانفيستو مدعيًا أن المحاصيل المعدلة وراثيًا تسبب تلوثًا وراثيًا يسمح للفيروسات بالتكاثر بسبب "عدم التوازن" البيئي. لقد حاول نشطاء مكافحة الكائنات المعدلة وراثيًا أيضًا إلقاء اللوم على الزراعة الحديثة وهو أمر غريب ، لأن المسار المعروف للفيروس في البشر - كما هو الحال مع الإيبولا وفيروس نقص المناعة المكتسبة والعديد من الفيروسات الأخرى - كان من خلال الممارسة القديمة جدًا للأشخاص الذين يلتقطون الحيوانات البرية ويقتلونها.

ومن المفارقات أن الكائنات المعدلة وراثيًا ستكون بالتأكيد جزءًا من أي محلول لقاح . إذا نجح أي من مشاريع اللقاحات السبعين الجاري تجربتها ، فسيكون ذلك إلى حد كبير الطريقة الوحيدة المضمونة التي يمكن للعالم أن يخرج بها من فوضى كوفيد 19 كما  يمكن أن تعتمد اللقاحات على فيروسات معدلة وراثيًا أو تستخدم مستضدات منتجة في سلالات أو نباتات حشرية معدلة وراثيًا. إذا ساعدت الكائنات المعدلة وراثيًا في إنقاذ العالم من لعنة كورونا فربما ستتوقف عن كونها كلمة قذرة.


نظرية الفيروس غير موجود بالفعل

وفقًا لمنظري المؤامرة المحترفين مثل دافيد ليك وأليكس جون من أنفووارس ، فإن كوفيد 19  غير موجود فعليًا ، ولكنه هناك مؤامرة من قبل النخبة العالمية بهدف التضييق على حريات الشعوب. كانت الإصدارات الأضعف من هذه النظرية منتشرة من طرف اليمين السياسي في فكرة أن فيروس كورونا الجديد "لن يكون أسوأ من الإنفلونزا" وأن الإصدارات الأحدث تؤثر الآن على الاحتجاجات المناهضة للإغلاق في العديد من الدول في العالم . ونظرًا لأن المؤمنين بهذه المؤامرة يرفضون بشكل متزايد تدابير التباعد الاجتماعي وبالتالي سيساعدون بشكل مباشر في انتشار الوباء في مناطقهم وزيادة معدل الوفيات الناتجة عنه.


نظرية التلاعب بالوباء من قبل "الدولة العميقة"

يعتقد البعض أن "الدولة العميقة" للنخبة الأمريكية قد خططت لتقويض الرئيس دونالد ترامب - وأن الدكتور أنتوني فوسي ، قام بالاستجابة لهذا الموقف السياسي بصنع وباء فيروس كورونا .


نظرية مؤامرة من قبل بيغ فارما.

العديد من مروجي نظرية المؤامرة هم في الواقع ممثلون أذكياء يحاولون بيع منتوجات الدجال أليكس جونز ، بين الصراخ حول الخدع والنظام العالمي الجديد ، يحث المشاهدين على شراء حبوب معجزة باهظة الثمن يزعم أنها يمكن أن تعالج جميع الأمراض المعروفة. الدكتور ميركولا وهو طبيب دجال يعرض التلقيح ومضاد للكائنات المعدلة وراثيًا تم حظره من غوغل بسبب نشر معلومات مضللة ، يدعي فيها أن الفيتامينات (والعديد من المنتوجات الأخرى التي يبيعها) يمكنها علاج كوفيد19 أو الوقاية منه. ناتورانيوز هو موقع مؤامرة آخر يبيع جميع أنواع الحبوب والجرعات ومعدات الإعداد. يعتمد هؤلاء المتآمرون في سوقهم الدوائي على إقناع الناس بأن الطب القائم على الأدلة غير فعال وهو مؤامرة من قبل شركات الأدوية الكبرى لكي تجعلنا مواطنين مرضى . مؤامرات شركات الأدوية الكبرى هي عنصر أساسي في روايات مناهضة التطعيم.


مؤامرة تضخيم معدلات الوفيات

وهناك رأي آخر يميني متطرف هو فكرة أن معدلات وفيات كوفيد19 يتم تضخيمها وبالتالي لا يوجد سبب لمراقبة لوائح الإغلاق أو تدابير التباعد الاجتماعي الأخرى. من الشخصيات البارزة في الترويج لهذه الأسطورة الدكتورة آني بوكاسك ، التي حذر خطابها من أنه يتم التلاعب بشهادات وفاة كورونا وشوهد أكثر من ربع مليون مرة على منصة يوتيوب تظهر بوكاشيك في معطف المختبر الأبيض وبسماعة طبية حول عنقها ، مما يجعلها تبدو كمصدر طبي موثوق. واتضح أنها في الواقع ناشطة يمينية متطرفة مناهضة للتطعيم ومناهضة للإجهاض ، تمت الإشارة إليها سابقًا لجلب أجنة بلاستيكية صغيرة إلى الهيئة التشريعية لولاية مونتانا. وبطبيعة الحال فإن إصرارها على تضخم معدلات الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا ليس له أساس في الواقع. من المرجح أن عدد القتلى الحالي هو نقص خطير في العدة . وتم توضيح هذه المشكلة بشكل أكبر ، فقد نشرت مراكز السيطرة على الأمراض معلومات حول الوفيات المرتفعة المرتبطة بكوفيد19


ترجمة عن موقع أليانس للعلوم .


لا تـرحلــي/ حســين حســن التلســيني



لا تَــرْحَلـي يـازَهْــــــرَةَ القَـرَنْـفُــلِ

فأنتِ مِصْبــاحُ الجَمَـالِ الـمُرْسَـــلِ

لاتَــرْحَلـي فـأنتِ عَيْـــــنٌ جَـعَـلَـتْ

مِــنَ الهــوى نـافــورةً للـمَشْـــــتَلِ

لاتَـرْحَلـي فَمِـــنْ سَــــوادِ مُقلتَيْـــ

كِ أشـرَقَتْ كواكِـبُ الـمُسْــــتَـقْـبـَلِ

لاتَــــرْحَلـي تَـمَـهَّــلي لاتَـــرْحَـلـي

فـأنتِ جَنَّــاتُ القَصِــيـدِ البُـلبُـــــلِ

لاتَـــرْحَلي فَـمَوْصِــلـي سَـفِـينَــــةٌ

وَمُقْلتَــاكِ شـــاطِئـــانِ لِـمَوْصِــلـي

لاتَــرْحَلـي وَتَـجْعَلـي دَمْــعَ الأســى

مُسْــتَعْمِـــراً لِخــافِقـي وَمَنْـــــزِلي

لاتَـرْحَلي كـي لايَظَــلَّ هــاتِـفـــــي

سَجِيــنَ راحَـــةِ العَـذَابِ الـمُقْـبِــلِ

لاتَــرْحَلـي لاتَـجْعَــــــلي مَحَبَّـــتي

باكِيَــةً خَلْفَ السِّــتَارِ الـمُسْـــــدَلِ

لاتَـرْحَلــي فَبـالرَّحِيـــلِ يَعْـتَـــلِي

شَـوْكُ النَّـوى مُعَـرْبِـــداً مُكَبِّـــلي

لاتَرْحَلي كي لانَرى شَهْـدَ الهـــوى

وَلِيـمَـــــةً ذَلِيــــــلَـةً للحَـنْـظَـــلِ

لاتَــرْحَلـي إنَّ الـرَّحيـــلَ ظُلْمَـــةٌ

بِظُلْمَــةِ الفِـــــراقِ لا لا تَـنْـجَلِــي

لاتَرْحَلي بَـلِ ازرعـي في دَرْبِـنـــــا

لامَ اللقــاءِ فَـهْـيَ خَـيْـــرُ مَنْـهَـلِ

لاتَـرْحَلي عُـودي لِـمَوْكِــبِ الهَـوَى

وَقَبِّــــلي جَبِـيـنَـــــهُ وَهَلْهِـــــلِي

لاتَرْحَلي دَعِي الهـوى مُحاصَــــــراً

بأحـرُفِ اللقــــــــاءِ كي لاتَـذْبُـلِــي

لاتَـرْحَـلـي تَغَــــزَّلـي تَجَـمَّــــلِـي

بِصَـبْـرِ أيـــــوبِ الأسـى تَــزَمَّـلـي

لاتَرْحَلي عَيْناكِ عيدا الفطْرِ والـــ

أضحـى لآهـاتِ الفــؤادِ الـمُقْفَــلِ

لاتَـرْحَلي فبـالرَّحيـلِ يَـصْــطَـلـي

عيـدُ الهوى بِـلَحْـنِـهِ الـمُجَـلْـجِـلِ

وإنْ تَعَمَّـدْتِ الرَّحِـيـلَ فـارحلـي

بِلاجَوازٍ صَـوْبَ قَلْبِ الـمَوْصِـلِي

homeless.h@yahoo.com


وجد عندها رزقا/ محمد محمد علي جنيدي



هي السيدة مريم العذراء التي اصطفاها الله تعالى، فتكفل برزقها وهي في المحراب تصلي دون وجود أيِّ وسيط،.. ثم اصطفاها بقدرة كن فيكون فأنجبت المسيح عيسى بن مريم عليه السلام دون أبٍ..

تلك القصة هي قصة العبودية والرزق الذي يباركه الرزاق ذو القوة المتين وذلك موضوع هذه السطور،...

إن هذا العطاء المبارك من الرزق وعلى هذا النحو الذي تفضل به على العذراء مريم في أعلى درجاته دون وسيط يتفضل الله تعالى به كذلك على عباده المتقين، ولكن باتخاذهم الأسباب نحو طلبه،.. فيبارك لهم فيه لتقواهم ويجود بمنة البركة عليهم على كلٌّ بدرجته ومنزلته وقربه منه تبارك وتعالى..

واللافت - بداية - في قضية الرزق أنها قضية عالمية ودولية واجتماعية وشخصية،.. فنجد أنَّ الدول تحارب من أجلها، ويقتتل الأفراد كذلك، فيمكرون ويخططون ويكذبون ويخدعون، وعلى هذا النحو تسير قوافل الأمم بكل أسف.

ومع كل ما تقدم من أخلاق فاسدة، وإيعازات شيطانية وأطماع بشرية تبقى مشكلة الرزق هي المشكلة الرئيسية التي يدور في فلكها العالم  أجمع دون وجود حلِّ جوهري يُرضي سكان هذا الكوكب العجوز، وذلك إغفالا من عالمنا عن الحكمة التي أوصى بها وقدَّرها الله تعالى لإسعاد عباده وإصلاح قلوبهم،.

إن الحل على الوجه الصحيح والأكمل كما قدَّره الله تعالى مرتبط بمدى تقوى أهل القرى دولاً وأفراداُ لله تعالى.

ومن المؤكَّد أنَّ كلَّ إنسان سوف يتحصل على رزقه كثيراً كان أم قليلاً وليست هذه القضية،.. وإنما تبقى قضيته في هل سيكفيه رزقه.. هل سيغنيه.. هل سيرضيه.. هل سيقضى حاجته!،..

تلك هي المشكلة الحقيقية والتي من أجلها أوجب وألزم الله عباده بتقواه ليفيض عليهم من بركاته فيغنيهم ويكفيهم ويرضيهم إذا ما التزموا باب التقوى..

ومن التقوى ألا نظلم بعضنا بعضا، فهل نحن كذلك!،.. وكذلك من التقوى أن نتكافل وأن نتعاون وأن نساعد أنفسنا، ولا نُسيء الظن بإخواننا، لأن بعضَ الظنِّ إثم، وأن يكون عملك خالصا لله، فلا تنظر خلفك وقد حفظ وبارك الله عملك،.. ومن التقوى أن تشيع الأمانة بين الناس، وأن يكون حديثهم صدقا ووعدهم حقّا...

هكذا يُمكننا أن ننعمَ ببركة الله فيما رزق، فهل نحن فاعلون، تلك أمنية أرجو أن تكون.

يقول الشاعر ( يا مَنْ تَعْجَلُ رِزْقَ الْبَارِي

تَشْكُو اللهَ لِعَبْدٍ فَانِ!

إنْ لَمْ يُعْطِكَ رَبِّي قُلْ لي

مَنْ أعْطَاكَ وَمَنْ أعْطَانِي!

ويقول الحق تبارك وتعالى:

 ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (96) سورة الأعراف

صدق الله العظيم.


أستراليا واحتواء الصين/ عباس علي مراد



"مبادرة الحزام والطريق هي أداة الصين لنفوذ سياسي واستراتيجي أكبر في المنطقة"

وزيرة خارجية أستراليا السابقة جولي بيشوب

في ظل المتغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم خصوصاً في منطقة جنوب شرق آسيا بدأت الصين تصبو للعب دور يتناسب مع نموها الإقتصادي وموقعها الجغرافي بعدما أصبحت ثاني أكبر إقتصاد على المستوى العالمي.

ومن أجل تأكيد حضورها على المسرح العالمي ولتأمين الموارد الأولية وطرق الإمداد طرحت الصين مشروع "مبادرة الحزام والطريق" والذي تستثمر فيه ترليونات الدولارات في قطاعات الإتصالات والمرافيء والمطارات والنقل البري والقطارات وأنابيب النفط والغاز والأمن.

لاقت الخطوة الصينية ردود فعل بين المرحبة والحذرة والمشككة بالنوايا الصينية التي أتت بشكل خاص من الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، من المعروف أن لدى الولايات المتحدة نية لإحتواء الصين لم تعد خافية منذ عهد باراك اوباما والتي اظهرها بفجاجة دونالد ترامب، وتستمر مع جو بايدن وإن كانت بأسلوب ومقاربة مختلفة.

الرئيس الصيني شي جيبنك ردّ على المشككين بالنوايا الصينية بقوله: "ليست لدينا نية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، أو تصدير نظامنا الإجتماعي ونموذج التنمية الخاص بنا، أو فرض إرادتنا على الآخرين".

أستراليا التي تحتفظ بعلاقات إقتصادية متميزة مع الصين حيث وصل التبادل التجاري بين البلدين لحوالي 160 مليار دولار قبل بدء انتشار فيروس كورنا.

كانت أستراليا من الدول المشككة والمتخوفة من الإندفاعة الصينية الإقتصادية والعسكرية خصوصاً في محيطها الجغرافي فبادرت إلى اتخاذ بعض الإجراءت لمواجهة النفوذ الصيني.

في العام 2016 قررت الحكومة الأسترالية منع شركة هاواوي للإتصالات من المشاركة في بناء الجيل الخامس من شبكة الهاتف المحمول في أستراليا لتكون من أوائل الدول التي تتخذ هكذا إجراء للحد من التأثير الصيني على الإقتصاد الأسترالي، وأقرّت الحكومة عدة قوانين للحد من النفوذ الخارجي والتدخل في الشؤون الداخلية الأسترالية، والتي اعتبرتها الصين مواجهة لها بشكل خاص.

في العام 2020 أقرّت الحكومة الفيدرالية الأسترالية قانوناً جديداً عرف "بقانون الفيتو" المعارضة العمالية وافقت على القانون الذي يعطي للحكومة الفيدرالية صلاحيات إلغاء الإتفاقيات التي تبرمها الولايات والأقاليم والحكومات المحلية والجامعات مع حكومة خارجية إذا كانت تتعارض مع المصلحة الوطنية لأستراليا.

على الرغم من حرص الحكومة الأسترالية على التأكيد من أن القانون لا يستهدف أي دولة بعينها بل انه يهدف إلى حماية المصالح والقيم الاسترالية، إلا أنه من الواضح ان القانون موجهاً باتجاه الصين.

هناك قضية أخرى ساخنة تؤثر سلباً على العلاقات بين البلدين، ألا وهي قضية حقوق الأقليات  في الصين كالأقيلة المسلمة "الايغور"  والوضع في هونغ عونغ والتبيت، حيث تعتبرأستراليا الإجراءات التي تتخذها الصين تتعارض مع حقوق الإنسان، بينما تعتبرها الصين تدخل بشؤونها الداخلية. وفي العام الماضي اتهمت الصين أستراليا بالنفاق بعد انتشار أخبار جرائم الحرب التي ارتكبها بعض أفراد القوات المسلحة الأسترالية في أفغانستان.

في العام 2018 وقع رئيس ولاية فكتوريا العمالي دانيال أندروز مذكرة تفاهم مع الحكومة الصينية ليكون شريكاً في "مبادرة الحزام والطريق" الصينية وفي العام 2019 تم توقيع الاتفاقية بين ولاية فكتوريا والحكومة الصينية، وقد انتقد خطوة اندروز كل من الحكومة الفيدرالية وحزب العمال المعارض الذي ينتمي إليه اندروز، لكن اندروز أصرّ على الإستمرار في الإتفاقية.

في خطوة هي الأولى من نوعها  على المستوى العالمي وتعتبر سابقة، أعلنت وزيرة خارجية أستراليا موريس باين عن إلغاء إتفاق مبادرة الحزام والطريق الذي وقعته ولاية فيكتوريا مع الصين، وأيضاً تم إلغاء إتفاقيات تعليمية مع كل من سوريا وإيران كانت وقعتها حكومة فكتوريا عامي 1999 و2004 في محاولة للإيحاء بأن الإجراء يستهدف دولاً أخرى رغم عدم أهمية الإتفاقيتين الأخيرتين. 

هل سيؤدي هذا الإجراء إلى المزيد من التوتر في العلاقات الأسترالية الصينية المأزومة أصلاً؟ 

الرد الصيني لم يتأخر كثيراً فقد أصدرت السفارة الصينية بياناً قالت فيه: "هذه خطوة أخرى غير معقولة واستفزازية من الجانب الأسترالي ضد الصين" "ويظهر كذلك أن الحكومة الأسترالية ليس لديها نية صادقة في تحسين العلاقات بين الصين وأستراليا وأن هذا الإجراء لا بدّ أن يتسبب في مزيد من الضرر للعلاقات الثنائية، ولن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بأستراليا  نفسها" وأوضح أيضًا أنه سيكون لهذا القرارعواقب لم يوضح طبيعتها. كذلك صدر عن وزارة الخارجية الصينية بيان عنيف اللهجة ضد أستراليا.

من المعروف أن العلاقات بين البلدين تدهورت إلى أدنى مستوى لها منذ عقود بعد ان طالبت أستراليا بإقامة لجنة تحقيق دولية بمصدر نشوء فيروس كورنا والذي أعتبرته الصين موجهاً ضدها، ورداً على السياسة الأسترالية اتخذت الصين إجراءات عقابية وفرضت تعريفات جمركية على بعض المنتجات الأسترالية (النبيذ، الشعير، الفحم وغيرها) كما أوقفت إستيراد بعض المنتجات الأخرى التي كلّفت الإقتصاد الإسترالي حوالي 20 مليار دولار.

على المستوى الداخلي الأسترالي كان هناك شبه إجماع على تأييد إلغاء الإتفاقية (الخضر، العمال والنواب المستقلين)، واعتبرت الخطوة ضرورية لحماية المصلحة الوطنية الأسترالية، وكانت هناك مطالبات للحكومة الفيدرالية لتأمين أسواق بديلة للمنتجات الأسترالية.  

المتحدثة بإسم الشؤون الخارجية للمعارضة العمالية  بيني وونغ قالت: "إن إلغاء الاتفاقية كان خطوة صحيحة، لكن حكومة موريسون بحاجة الآن لإدارة التداعيات مع بكين والعمل لحماية التجارة والاقتصاد الأسترالي".

وزيرة التوظيف والأعمال الصغيرة في فيكتوريا جالا بولفورد قالت أن إلغاء الإتفاقية مسألة تخص الحكومة الفيدرالية ولن يكون له تأثير سلبي على خطط مشاريع البنية التحتية في الولاية.

مايكل شوبريدج ، مدير برنامج الدفاع التابع لمعهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي قال إن أستراليا لديها الآن سياسة وطنية أكثر تماسكًا بشأن الشراكة الإقتصادية مع الصين، واعتبر القرار الحكومي بأنه يوضح حقيقة الترابط بين المصالح الأمنية والدبلوماسية مع المصالح الإقتصادية، وان أي قرار لا ينطلق من هذا المفهوم يعتبرقراراً سيئاً حقًا مثل اتفاقيتي فيكتوريا في مبادرة الحزام والطريق.

صحيفة سدني مورننغ هيرالد قالت في افتتاحيتها (22/4/2021): يمكن للصين أن تكون شريكاً اقتصادياً مرحباً به وهذا صحيح، لكن يجب على الصين أن تدرك أن لأستراليا مصالح وطنية أكثر أهمية من الحسابات المالية وهذا صحيح أيضًا.

إذن بعد عدة أشهر من ضبط النفس النسبي من كلا الجانبين عادت العلاقة بين أستراليا والصين إلى التوتر.

يبقى السؤال إلى أي مدى ستصل هذه العلاقات وهل يمكن وقف تدهورها إلى الأسوأ خصوصاً ان أستراليا من الدول التي تنشط في عملية أحتواء الصين والحد من نفوذها وهي شريكة رئيسية في مجموعة الأربعة( كواد) والتي تضم إلى جانب أستراليا كل من الولايات المتحدة، الهند واليابان التي تعمل لمواجهة النفوذ الصيني في المنطقة.  

أخيراً، هل من علاقة بين انسحاب الولايات المتحدة وحلفائها ومنهم أستراليا من افغانستان في أيلول القادم؟ وما هي تداعياته الإقليمية وتأثيراته على مبادرة  الحزام والطريق الصينية في حال عودة الفوضى إلى ذلك البلد أو عودة سيطرة طالبان على الحكم؟

Email:abbasmorad@hotmail.com


أيتها الحياة/ الدكتورة بهية أحمد الطشم

 


أيتها الحياة:

ننظر الى مآتيك بعيون تائهة....

ونبحث في أيامك عن ابتسامة ضائعة في التنهدات....

لا تكوني باردة كالموت ولا تُغدقي علينا  من الجِراح...

لا توزعي علينا الاوجاع ولا تشاركي الحجارة في قساوتها...

نشتاق أن نعيشك بفرح ,ونتأمّل أن نربحك بجدارة.

اجعلي تعاليمك مترّفعة عن شوائب الجور ,

الغي صعود القوي على جمجمة الضعيف , 

وخففي جبروتاً مُلتفاً بأقمطة قوانين الديماغوجيين.....

لا ترقصي حول قبور أحلامنا,

ولا تهمسي في أذن القدر ألغازاً تتعبنا.

لا تقفي كثيراً في منعطفاتنا ,ولا تثوري بظلمك علينا.

افتحي لنا كل مساحاتك,

واشتركي معنا في التماس أحلامنا لنرقص على تصفيق النجاح...

لا تجعلينا نمرّ فيك كعابرين في ليل حالك,بل كصانعين لشرف أيامك...

نستودع فيك جمّ ارادتنا حتى تلتفتي الى بحر أمانينا....


ماذا يتراءى لي ؟/ د. عدنان الظاهر

 


مِنْ خلفِ ضبابِ جِدارِ السجنِ العالي

أتوحدُ فيهِ لأُناقشَ أخطاءَ عبوري جسري

ــ أعبرُ أكثرَ مِنْ جسرِ ــ

قبلَ وبعدَ مُعاقرتي شيطانَ الخمرِ

يتركني أضألَ حتّى من رقمِ الصِفْرِ

الكوكبُ أحزانٌ في كرِّ دواليبِ العُمْرِ

أبحثُ عنهمْ علّيّْ ألقاهمْ أحياءَ

إنْ عادوا عادوا أجداثا

لا تمشي تحفرُ للباقي أنفاقا

كنتُ الداخلَ للخندقِ وَحْدي

أسحبُ أقفالَ حديدِ الرِجلِ

ألاّ يهربَ منّي ظِلّي

ليُكلِّمَ أصدائي غيبا

أَقفلَ بابي لُغماً موقوتا

جفّفَ دمعَ الشمعةِ في ماءِ القنديلِ

الساعةُ قبلَ الدقّةِ عرجاءُ

لا تمشي إلاّ زَحْفا

تتجنّبُ حفلةَ إعدامي

إطلاقاتُ الموتِ رصاصُ دِماءِ الجلاّدِ سموما

أتلفّتُ لا داري لا أهلي

لا حتّى منخولُ تُرابي...


6 ـ أينَ أراهم ؟


أتيمّمُ في مسحوقِ رَمادِ عِظامي

وأُوجّهُ أمري صوبَ الركنِ الثاوي في بابي

أسألُهُ فيردُّ بأنَّ مُرادي في مسقطِ رأسِ الشمسِ

وبأنَّ وجودي في لُجّةِ أحلامِ الغيّابِ

أينَ أراهمْ ؟

وارِ أنفاسكَ قبلَ سقوطِ النيزكِ في بُرجِ الأحبابِ

إسألْ بابَ المسجدِ والنجمةَ في هامةِ حبلِ الإعدامِ

الحاجبُ أقصاني

أبعَدني وأهانَ حواجزَ تمتينِ الكِتمانِ

يا حاجبُ مَهْلاً

هلاّ أنطقتَ جِدارَ التسليمِ الآلي

وسحبتَ مقالةَ ما قالَ القوسُ لضربةِ أوتاري

الصاعقُ أولاني

وتربّعَ عَرشاً مغشوشاً من قَشِّ الأوباشِ

إرفعْ ثوبكَ للأعلى

وتدّفقْ عَصفا

عصفُكَ مأكولٌ نِصفا

قالَ وولّى مُبتلَّ الأجفانِ.

الانتخابات وحماية الحقوق التاريخية للشعب العربي الفلسطيني/ سري القدوة



يرفض الشعب الفلسطيني كل محاولات الابتزاز التي تمارسها حكومة الاحتلال الاسرائيلي ويصر على انتزاع حقوقه السياسية من خلال حماية انجازاته الوطنية والحفاظ على قراراه المستقل وتطلعه لتجديد الشرعيات الفلسطينية وحرصه على اهمية وضرورة اجراء الانتخابات الفلسطينية وخاصة في القدس عاصمة الدولة الفلسطينية والشعب الفلسطيني يرفض المال السياسي المشبوه الهادف الى تحويل القضية الفلسطينية لقضية انسانية، وإن خيار الدولة الفلسطينية هو خيار الشعب الفلسطيني وقد عمد نضال شعب فلسطين بالدماء والتضحيات العظيمة عبر مسيرة طويلة شاقة من النضال وكان خيار الدولة الفلسطينية وإقامتها هو خيار كل الشرفاء من خلال مسيرة التضحية والفداء التي تواصلت منذ اكثر من مئة عام وكانت منظمة التحرير الفلسطينية هي حامية النضال الفلسطيني والمحافظة على وحدة القرار والأرض الفلسطينية متصدية للاحتلال ومحبطة مؤامرات التصفية والتبعية والاحتواء حيث لا يمكن بأي شكل من الاشكال تجاوز المنظمة وان أي اشكال للتجاوز يعني تجاوز الشعب الفلسطيني.

ويتمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه الوطنية ويسعى الي انتزاع حقه في ممارسة السيادة المطلقة على كامل اراضيه بما فيها القدس المحتلة وان التشكيك وحديث البعض عن التذرع بالقدس لتأجيل الانتخابات أمر غير مفهوم، فالقدس هي جوهر الصراع العربي الاسرائيلي ولا يمكن ان يتم استثناء الحقوق الفلسطينية او تمرير الانتخابات الفلسطينية دون القدس وهذه المعركة يجب ان تكون هي معركة الدولة الفلسطينية المستقلة ومعركة تقرير المصير حيث تشكل القدس وتكون مكانا للاتفاق والتوافق الوطني وليس ساحة للمناكفات السياسية واتهام القيادة الفلسطينية بأنها تتهرب من الانتخابات والتي هي بالأساس مصلحة فلسطينية شاملة واستحقاق وطني فلسطيني لا بد من تطبيقه وإجراءه بكل شفافية ونزاهة وبعيدا عن اوهام وتصورات ومصالح البعض.

الشعب الفلسطيني يتمسك بمواقفه الثابتة والمشروع الوطني التحرري الفلسطيني وقيام دولته الفلسطينية والقدس عاصمتها ويجدد العهد بالمضي قدما نحو اقامة الدولة الفلسطينية وسيمضي جموع الشعب الفلسطيني ويتمرسون علي الارض الفلسطينية ويلتفون جميعا حول الحقوق والثوابت ولن ينالوا منا ولا من حليب اطفالنا وأننا اصحاب القضية والمشروع الوطني وواهم كل من يفكر في الوقوف بوجه الشعب الفلسطيني وإرادته وواهم من يتاجر بعذاب الشعب الفلسطيني ويخطط لتدمير مقومات الصمود الوطني ويتعامل بكل حزبية مقيتة لا يمكن إلا وان يكون عابرا علي شعبنا وقضيتنا العادلة ونضالنا المستمر من اجل حقوقنا الفلسطينية المشروعة.

الحرية تنتزع من الاحتلال وهذه المعركة هي معركة انتزاع الحرية والحقوق الفلسطينية والسيادية ويجب على الجميع المساهمة والمشاركة لفضح جرائم الاحتلال وعدوانه على الشعب الفلسطيني ومخططات مصادرة الحقوق الفلسطينية في القدس والشروع في تهويدها ويجب علينا الاصرار على وحدة الموقف الوطني وضرورة اجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس والعمل على ضمان شفافيتها وعدم تدخل الاحتلال فيها فهذه الحقوق هي من ابسط الحقوق ومن اهم المحددات الوطنية التي تحافظ على شمولية الموقف الفلسطيني وقدرة الشعب الفلسطيني العمل على الاستمرار في تحديد ملامح الدولة الفلسطينية والحفاظ على مكوناتها السياسية.

لتتحد كل القوى وفصائل العمل الوطني وتدعم الموقف الفلسطيني الجامع في الحرية والنصر للدولة الفلسطينية والوحدة في اطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ولتبقى فلسطين هي سيدة الموقف وهي البوصلة والخيار الوطني ولنستمر في حشد الجهود الدولية من اجل فلسطين الدولة المستقلة وليكن هدفنا الوطني هو انجاز اهداف الثورة الفلسطينية المتكاملة.

المقدسيون ينتفضون ويقترعون على طريقتهم ويعيدون القدس لفلسطين/ راسم عبيدات



حكومات الإحتلال المتعاقبة وأجهزتها الأمنية تعاملت مع المقدسيين على قاعدة المقدسي الذي لا يخضع بالقوة يخضع بالمزيد منها،ولم تكتف بحرمانهم من حقوقهم السياسية الوطنية والإقتصادية الإجتماعية،بل عمدت الى ممارسة سياسة طرد وتهجير وتطهير عرقي بحقهم وممارسات عنصرية فاضحة،وباتت "تتغول" و"تتوحش" عليهم في كل صغيرة وكبيرة،وتعطي الضوء الأخضر لعصاباتها من سوائب المستوطنين والجماعات التلمودية والتوراتية،لكي تمارس القمع والتنكيل والإرهاب والتخويف والإعتداء على ممتلكات المقدسيين ومركباتهم والمس بمشاعرهم الدينية اسلامية ومسيحية من خلال القيام بممارسات شاذة وفاضحة وطقوس تلمودية وتوراتية في الأقصى ومحاولة حرق أكثر من كنيسة ودير،ناهيك عن المسيرات الإستفزازية والشعارات العنصرية مثل " الموت للعرب" و"جبل الهيكل لنا" و"إطردوا العرب" وسنفجر رؤوسهم وندفنهم أحياء" ....هذه الممارسات القمعية والتنكيلية المقرة من قمة الهرمين السياسي والأمني الصهيوني بحق المقدسيين،والتي تسير وفق استراتيجيات مترابطة ومتلازمة تعمل من أجل تهويد المدينة وتفتيت أحيائها واضعاف اللحمتين الوطنية والمجتمعية بين سكانها وتحويلها الى جزر متناثرة في محيط صهيوني واسع من خلال العمل على تكثيف المستوطنات والبؤر الإستيطانية في قلب القرى والبلدات المقدسية والعمل على عبرنة شوارع المدينة وازقتها ومداخل بوابة البلدة القديمة الرئيسية مثل مدخل باب العامود الشهير،الذي أطلقت بلدية الإحتلال على ساحته اسم مستوطنتين قتلتا في عمليتي مقاومة نفذها مقاومين فلسطينيين،لكي يصبح اسمها ساحة "هداس ملكا و"هدار فهداس" ......وبالتوازي مع سياسة التهويد والإستيطان والأحزمة الإستيطانية والإستيلاء على منازل المقدسيين وعقاراتهم وأرضهم،وطرد وتهجير أحياء مقدسية كاملة كما هو الحال في أحياء بطن الهوى والبستان ووادي الربابة وياصول في سلوان و" كرم المفتي" " وكبانية ام هارون" في الشيخ جراح ....كانت تدور عجلة "ذبح" الحجر الفلسطيني بسرعة قياسية،حيث الهدم اليومي والإخطارات بالهدم للمنازل الفلسطينية مستمرة ومتواصلة ،إما بواسطة جرافات وبلدوزرات الإحتلال او بإجبار المقدسي على هدم بيته بيديه تحت طائلة التهديد بجعله يتحمل تكاليف الآلات ومعدات الهدم والقوات التي تحضر لهدم بيته ...ومن بعد ما يسمى بصفقة القرن الأمريكية شهدنا "تغولا" و"توحشا" غير مسبوقين على المقدسيين،بحيث جرى منع أي نشاط أو فعالية مقدسية ،وتعرضت الكثير من المؤسسات الى الإقتحامات والإعتقال بحق القائمين عليها،ناهيك عن إغلاقها،وكذلك منعت دولة الإحتلال أي شكل ومظهر من مظاهر الوجود والسيادة الفلسطينية في القدس من اجل حسم سيطرتها وسيادتها على المدينة ....وأخضعت المرجعيات الرسمية لها من وزير ومحافظ وامين عام مؤتمر شعبي الى سلسلة من الإجراءات العقابية وتقييد حركتهم وفعلهم ونشاطهم ودورهم في القدس تحت شعار" لا سيادة غير السيادة الإسرائيلية في القدس"....ولعل حجم القمع والتنكيل بالمقدسيين و" التسونامي" التصعيدي والقمعي بحقهم،جاء من بعد ما جرى من بعد توقيع العديد من دول النظام الرسمي العربي لما يسمى بإتفاقيات " ابراهام" التطبيعية مع دولة الإحتلال، الإمارات والبحرين في 15/ أيلول والسودان في 23/تشرين اول والمغرب في 22/كانون أول من العام الماضي،تلك الإتفاقيات التي دعمت مخططات ومشاريع الإحتلال في الضم والتهديد وتكثيف الإعتداءات والإقتحامات على ولل الأقصى من أجل تغيير الأوضاع القانونية والتاريخية والدينية فيه،عبر ايجاد موطىء قدم لليهود في الأقصى يسمح لهم بتقسيمه مكانياً عبر السيطرة على القسم الشرقي منه ما يوازي ثلث مساحته طولياً من مصلى باب الرحمة والذي سيقام مكانه كنيس يهودي ضخم بإتجاه باب الرحمة فمقبرة بباب الرحمة فالقصور الأموية وصولاً الى ساحة حائط البراق المستولى عليها.


ولم تكتف دول الهرولة والتطبيع العربي ونسج التحالفات الإستراتيجية العسكرية والأمنية معه بسفورها ووقاحتها التطبيعية،بل اخترعت لنا دولة الإمارات ما يسمى بالديانة الإبراهيمية، صلاة وطقوس يؤديها المسلمين واليهود والمسيحيين معاً،عبارة عن طقوس أشبه بالطقوس التلمودية والتوراتية وركعتين فقط،مع حق اتباع الديانات بالوصول بحرية الى الأماكن الدينية،وهذا عنى حق اليهود كما ورد في صفقة القرن الأمريكية واتفاقيات " ابراهام" الصلاة فيما يسمى بجبل الهيكل"،أي المسجد الأقصى.


الإحتلال بات يعتقد بأن كل التطورات الداخلية الفلسطينية من ضعف وانقسام وانهيار للنظام الرسمي العربي وتعفنه والمشاركة الأمريكية المباشرة الى جانبه في العدوان على شعبنا،توفر له الفرصة والظروف " لكي يسرح ويمرح " في القدس دون حسيب أو رقيب،يقمع،ينكل،يعتقل ،يبعد،يهود،يأسرل،يطرد،يهجر ويمارس كل أشكال البلطجة والزعرنة قانونية او غير قانونية من أجل فرض وقائع التهويد والأسرلة،ليس فقط عبر بوابة التقسيم المكاني للمسجد الأقصى ونزع الوصاية الأردنية عنه واضعاف دور الأوقاف الإسلامية الإداري في الإشراف عليه،بل بمنع حتى الجلوس والتجمهر للمقدسيين في ساحات البلدة القديمة،وكأن المحتل يقول للمقدسيين سأحصي عليكم أنفاسكم،وحتى تنفسكم يحتاج الى إذن مني،واطلق المحتل العنان لزعران سوائب مستوطنيه لكي يصعدوا من مسلسل عدوانهم على المقدسيين وممتلكاتهم وعقاراتهم  ومركباتهم ومقدساتهم،وهذا راكم غضب داخلي عند المقدسيين،حيث شعروا بالإهانة والمس بكرامتهم ووطنيتهم ومشاعرهم الدينية وحتى الإنسانية،ولتأت بداية شهر رمضان الفضيل، هذا الشهر الذي أراد المحتل ان يفرض  فيه المزيد من الوقائع على المقدسيين التي تحد من حركتهم  وتمعن في شل الحركتين التجارية والإقتصادية في المدينة،المشلولة أصلاً بفعل جائحة "كورونا"،حيث عمد الى اغلاق ساحة باب العامود التي يستغلها المقدسيون بعد الإفطار وصلاتي العشاء والتراويح لممارسة العديد من الأنشطة والفعاليات ثقافية وفنية،وكذلك الترويح قليلاً عن النفس بتناول المشروبات الخفيفة والحلويات الرمضانية،وفي نفس السياق المحتل قال كلمته  في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية  بأنه لن يسمح بإجرائها في القدس حتى بشروطها المذلة التي جرت عليها في عامي 1996 و2006،بمشاركة عدد محدود منهم بالإنتخاب في مراكز البريد الإسرائيلية ،والبقية يصوتون في مراكز اقتراع في ضواحي مدينة القدس،خارج سيطرة بلدية الإحتلال،وعمدت اجهزة الأمن الإسرائيلية الى منع أي تجمع مقدسي له علاقة بالإنتخابات التشريعية الفلسطينية،من تهديد للمرشحين الى اعتقال عدد منهم .


اغلاق الإحتلال ساحة باب العامود والقمع والتنكيل الممنهج من قبل أجهزة الإحتلال الشرطية والعسكرية والأمنية،والقمع غير المسبوق بحق من يتواجد من الشبان المقدسيين في الساحة وإستعانة شرطة الإحتلال بالزعران من سوائب المستوطنين من أجل الإعتداء على الشبان المقدسيين  وإرهابهم وتخويفهم،والدعوات التي صدرت عن  قادة الجماعات المتطرفة  مثل منظمة " لهافا" و" تدفيع الثمن" وغيرها،من أجل الحشد والتجمع في شارع يافا وميدان سفرا في القسم الغربي  من المدينة  مساء امس الخميس للزحف على ساحة باب العامود مسلحين بكل الأسلحة الهجومية من مسدسات صعق كهربائي وغاز وقنابل غازية وسكاكين "وبوم" للكم وغيرها من الأسلحة،والعبارات التي تم إطلاقها" سنفجر رؤوس العرب" و " سندفنهم أحياء"  تحت شعار استعادة " الشرف القومي" اليهودي،دفعت بالشبان المقدسيين الى تكثيف تواجدهم واستعدادهم للتصدي لهذه السوائب المنفلتة من عقالها،والتي تريد ان تقتلع وجودهم في هذه المدينة وان تعمل على تغيير طابعها العربي الإسلامي ومشهدها الكلي من مشهد عربي- إسلامي الى مشهد يهودي .


انفجر الغضب المقدسي على نحو واسع فتيان وشبان مقدسيين متسلحين بالإرادة والقناعة بان قدستهم لن تتلقح بغير العربية ..تصدوا لغزوة المستوطنين المدعومة من قبل جيش وشرطة الإحتلال،هذه السوائب التي أحرقت ودمرت العديد من الممتلكات والمركبات الفلسطينية في البلدة القديمة من القدس والشيخ جراح والتلة الفرنسية،لقنها الشبان والفتية المقدسيين دروساً قاسية بأن القدس لن تكون لقمة صائغة،والقدس كانت دوماً صانعة الحدث والهبات والإنتفاضات الشعبية،واتت هبة ساحة باب العامود على نحو أشد وأكثر جرأة من هبة البوابات الألكترونية في تموز /2017،وهبة باب الرحمة شباط/2019،هبة أرسلت أكثر من رسالة للمحتل تقول بأن المقدسيين لا يخضعون بالقوة والبطش ولن يرحلوا او يسمحوا بطردهم من مدينتهم،وهي عصية على الكسر،ووجودهم فيها أصيل وليس طارىء،كما هو حال غزاتها،والرسالة الأخرى للسلطة والقيادات والفصائل الفلسطينية،ان الإرادة الشعبية والتحرر من الوهم والخوف قادرة على أن  تغيير في الواقع وتفرض الوقائع،وبأن سياسة الإستجداء والوقوف على اعتاب الأمم المتحدة  ومجلس الأمن والبيت الأبيض والإتحاد الأوروبي لن تجدي نفعاً في جعل الإحتلال يوافق على إجراء الإنتخابات التشريعية الفلسطينية في القدس حتى في صيغتها الهزيلة،والحقوق تنتزع ولا تستجدى، ومن يريد انتخابات تشريعية في القدس،فعليه أن يناضل من أن تجري انتخاباً وترشيحاً ودعاية انتخابية  في القدس ببلداتها وقراها ال 21 داخل جدار الفصل العنصري،وعبر صناديق اقتراع  تشرف عليها لجنة الإنتخابات المركزية، لا عبر البحث عن بدائل لشروط إجرائها متكيفة مع شروط الإحتلال.


وختاماً الشبان والفتيان المقدسيين يقولون بالفم المليان،انهم لن يسمحوا لأي كان  أن يوظف هباتهم وإنتفاضاتهم خدمة لأجندات ومصالح خاصة او فئوية...فمن يريد القدس عليه أن يعيد فلسطين للقدس،والقدس ليست بحاجة الى شعارات وبيانات  شجب واستنكار،أهل القدس وشبانها وفتيتها يعرفون طريقهم جيداً،ولكن المرتعشون والتائهون والمترددين في القيادة هم وحدهم من ضلوا الطريق.

العراقيّونَ مُعجِزةُ التَّاريخ وقُدْوَةُ وأحبابٌ وأنسابٌ وأُخْوَة/ فاضل البياتي


 

 هو العراقيُ ذُو عزَّةِ نَفْسٍ ؤحَمِيَّةٍ

 وصاحبُ نَخْوَة 

 يَنهضُ مِن عُمقِ التَاريخ

 بأشَدِّ صَحْوَة

ماردٌ عِمْلاقٌ وثابٌ في كلِ جولةٍ وغَزوة  

مُحِبٌّ لجَميعِ الأَنَامِ

والخَلْقِ والاقَوْمِ  

عَميقٌ عَرِيق الجذورِ

لأجدادٍ وأمٍ وأب

بَديعُ الشّمائِل

مُنذُ سومر وأكد وگلگامش وأنكيدو

وآشور 

وسرجون وأور

وحمورابي وبابل

قَد تَعلمَ وتَرَبَّى وتشرَّبِ وشَبَّ

كَيفَ يَكونُ رحيمٌاً ومُنْصِف وعادِل. 

 هو العراقيُ

 عائدٌ من جَديدٍ يَتأملُ أرضه 

من عَلْيَاءِ الْمَجْدِ عِندَ ذُرْوة

 يَتَساءلُ.. 

 ماالذي قَد جَرى بَينَ غَفْلَةٍ 

وخلوةٍ وغَفوة 

ماالذي جَعلَ للمُحتَلِّ   

في بلادي سَطْوة.

*

 حاولوا أن يَخدَعوا أهل العراق

حيناً مِن الزَمَن

ليَستَبيحوا الَوطِن

ويُشعِلوا الفِتَن

بعُنْوَةٍ وقَسْوَة..

لكنَ كل الناسِ

كَشفوا لُعبَة الدَخِيلِ المُخَادِعَةِ المُسْتَتِرة  

وسَخروا مِن الْأَعِيبٍ بائسةٍ مُستَنكَرة 

فالعراقُ ليسَ مَلْعَبَاً لصِراعِ وحروبِ الأثرياء المُفلِسيّن 

إنهُ وَطَنُ الأنِبياء والطاهرين

ومهدُ بُطولة وحَضارة

وأهل العراق مُعجِزةُ التَّاريخ وقُدْوَةُ

وهم أحبابٌ وأنسابٌ وأُخْوَة  

عاشوا فيه آمِنِيّنَ 

إنها أقدَسُ ثَروة. 

فَتُعسَاً لهَوسِ الفِتنِ والنِزَاع 

فَهوَ طَيْشٌ وخسرانٌ ونَزوة 

 فالعراقيّونَ جَسَدٌ واحِدٌ  

 فإن تَحدِثُ بين الروحِ والفؤادِ لحَظة جَفوة 

  تَختَفي وتُنسى 

تَتَلاشى بَعدَ هُنَيْهَةٍ 

ومَسير الجَسَد خُطوة. 

فيا شَعبي العراقيُّ الشُجاعُ الأبيُّ الذي لايَنكَسر  

سَتَزدادُ على مَرِ الزمانِ تَعْظيماً وقُوةً

وهَيبةً ورِفْعَةً وحُظْوَة

وبِكَ الزمانُ يَفتَخِر.    

  * 

ضُيوف بلادي المَلايين أهلاً بِهم مُكرَميّن

صَفْوَةً وأُسْوة 

يُشاركوننا زاداَ هَنياً مِن سِنيّن 

وسَقيناهم أعذَبُ مَاء وأطيبُ قَهوة  

وطني الجَميلُ بأهلهِ

في الأهوارِ والصَّحَارِي

بَينَ الجَبَلِ وسَهله 

والفرات ودجلة

وَهَبَ الله إليهِ فَيض نِعمَة

مِن شموسٍ وربيعٍ وسماءٍ وسَحَاب

وطَني يُغدِقُ بالعطاءِ مِن تَحتِ وفَوق التُّراب..

وفي العِزِّ والمَجْدِ لهُ مَكانٌ وصَهَوة 

فَمِن عَجَبِ العِجابِ

أن يَنقصَ الأبرارُ الأباةُ أهلهُ 

أماناً ورَغيفاً وكُسْوَة.

فيا شَعب العراق الأبيُّ الشُجاعُ الذي لاينكِسر

 بكَ الزمانُ يَفتَخِر   

  فَلن تَجزع فى الخُطوبِ 

سَتَفوزُ بالسَعادَةِ والسَكينَةِ والسَلامِ والطُيُوبِ

ويَصدّحُ نَصركَ في كل مَكان

 كأروعِ إِنْشادٍ وغِنوة

وسَتَزدادُ على مَرِ الزمانِ

تَعْظيمَاً وقُوةً

وهَيبةً ورِفْعَةً وحُظْوَة.