قادة أحزاب 14 آذار: انبطاح وغباء ونرسيسية/ الياس بجاني

عملياً وواقعاً معاشاً وملموساً فإن أحزاب 14 آذار الشركات التجارية والعائلية كافة هي المسؤولة بالكامل عن الحال الإحتلالي والاستعبادي المزري التي يعاني منها الوطن والمواطن على كل الصعد وفي كل المجالات بما فيها فضيحة أطنان القمامة التي تملئ الشوارع وتتسبب بأمراض وكوارث بيئية لا تعد ولا تحصى.

واقع هذه الأحزاب المأساوي والإنبطاحي لا يسر ولا يطمئن حيث على مستوى قادتها التجار بكل ما في المصطلح من معاني يعم الضياع والأنانية والأجندات الشخصية وعمى البصر والبصيرة وانعدام الرؤية والكيدية وقصر النظر والغياب الكامل لأي مشروع وطني إنقاذي مستقبلي واضح فيما عدى الشعارات الجوفاء والوعود والعهود الكاذبة والتي باستمرار يلحسونها وينقلبون عليها بجحود وكفر.

أصحاب هذه الشركات الأحزاب التجارية والعائلية سرقوا ثورة الأرز وقرشوها للمحتل الإيراني على خلفية الجبن والمكر والأطماع الذاتية السلطوية والنفوذ والمال والتشاطر والتذاكي والحرتقات السياسية الغبية.

يدعون الانتصارات الوهمية وهم حقيقة يلحسون المبارد ويتلذذون بملوحة دمائهم حتى أمسوا مجرد أصنام لا فائدة ولا رجاء ولا أمل منهم.

يتقاتلون كالديوك مع بعضهم البعض بكراهية وحقد وغرائزية دفينة على الفتات التي يرميها لهم المحتل الإيراني متعامين عن سابق تصور وتصميم عن واقع الاحتلال الإرهابي والفارسي البغيض وعن مشروعه التوسعي والإلغائي الهادف وعلناً لاقتلاع وتدمير لبنان وكل ما هو لبناني من تاريخ وتعايش وثقافة وهوية وحضارة وحريات وديموقراطية ودولة وشعب ومؤسسات.

يمذهبون أتباعهم ويسخفون ويسطحون عقولهم ويغرقونهم أكثر وأكثر في أوحال الغوغائية والجهل والغرائزية والتعصب الجاهلي والغباء، وما نشهده حالياً من تراشق إعلامي دركي مهين للعقول وللأخلاق والذوق بين زلم وأتباع وصنوج وأبواق هذه الأحزاب هو خير دليل على الحال المأساوي الذي وصل البلد إليه بسبب مكر وقلة إيمان وانعدام رجاء قادة هذه الأحزاب الشركات.

منذ العام 2005، تاريخ ولادة ثورة الأرز الشعبية، وقادة الأحزاب ال 14 آذارية الحاليين، والسابقين كافة، والواحد تلوى الآخر يخونونها وينقلبون عليها ويطعنوها بخناجرهم الخيانية والنرسيسية المسمة حتى أفشلوها ودمروها فأمست جثة هامدة، وباتوا هم غرباء عنها وعن الشعب وعن الوطن بالكامل.

مسلسل ذلهم وركوعهم وانبطاحهم واستسلامهم للمحتل الإيراني، الذي هو حزب الله الإرهابي، مستمر بوتيرة غير مسبوقة.

وفي هذا السياق الإستسلامي لم يتركوا شيئاً ذي قيمة وأهمية في البلد ولم يسلموه طوعاً وعلى خلفية طروادية وملجمية لهذا المحتل، وكان أخرها موقع رئاسة الجمهورية حيث يتقاتلون ويتناحرون مع بعضهم البعض على تأييد مرشحين هم زلم وأتباع ورهائن لدى المحتل.

باعوا ثورة الأرز، وخانوا آمال وأماني الشعب وسرقوا لقمة عيشه وحرموه الأمن ورهنوا قميص الوطن.

فاشلون وأنانيون يتلهون بالقشور والمنافع والمصالح الذاتية والآنية ويتسابقون بغباء ودون خجل أو وجل لنيل رضا حزب الله الإرهابي، ودائماً تحت حجة أنهم أم الصبي حتى قتلوه وقتلوا معه الوطن.

في الخلاصة، إن هؤلاء القادة التجار الجشعين لا فائدة ولا رجاء منهم، وبالتالي لا خلاص معهم.

أما الحل فيكمن في استبدالهم بقيادات وطنية مؤمنة وصادقة تخاف الله وتحسب حساباً لحساب يوم الحساب

إنها حقبة صعود النساء إلى قمة السلطة/ د. عبدالله المدني

في وقت ترجح فيه كل المؤشرات إحتمال وصول أول سيدة إلى هرم السلطة في كبرى دول العالم ممثلة في الولايات المتحدة ــ إلا إذا وقع حدث مزلزل يخلط الأوراق ــ نرى أن حليفة واشنطون الصغرة في الشرق الأقصى (تايوان) قد سبقتها واختارت في السادس عشر من يناير الجاري السيدة "تساي إينغ ـ وين" كأول رئيسة للجمهورية في تاريخها، ولتصبح هذه المرأة التي لم تبلغ الستين عاما بعد أول سيدة تتولى قيادة الأمة الصينية منذ الإمبراطورة "وو شيتيان" التي تولت السلطة في مطلع القرن الثامن الميلادي.

وهكذا إنضمت تايوان رسميا إلى قائمة الدول الآسيوية القريبة منها او البعيدة من تلك  التي سبقتها في تسليم زعامتها إلى النساء عبر صناديق الإنتخاب، وكانت آخرها نيبال مع وجود بورما على قائمة الانتظار. صحيح أنّ الانتخابات الرئاسية السابقة شهدت دخول سيدات تايوانيات إلى المعترك الانتخابي كمترشحات عن أحزابهن ــ بما فيهن السيدة تساي نفسها التي ترشحت في انتخابات 2012 ــ إلا أن الحظ لم يحالفهن بسبب النزعة الذكورية الشديدة للمجتمع التايواني الذي لا يحبذ رؤية النساء في مناصب الدولة الرفيعة. فما الذي حدث، وغيـّر بالتالي هذه النزعة، وجعل أكثر من خمسة ملايين تايواني يمنحون صوتهم للحزب التقدمي المعارض بقيادة السيدة تساي فيرجحون فوزها بنسبة ساحقة على مرشح حزب الكومنتانغ الحاكم "أريك شو" الذي لم يحصد سوى ثلاثة ملايين صوت؟

إن إجابة السؤال السابق التي اتفق عليها معظم المحللين هي الخوف من المستقبل! وبعبارة أخرى عاقب الناخب التايواني حزب الكومنتانغ الحاكم بقيادة الرئيس المنتهية ولايته "ما يينغ ـ جيو" على سياسات التقارب التي انتهجها منذ أكثر من ثمانية أعوام مع بكين، والتي لقيت معارضة الكثيرين من سكان الجزيرة البالغ تعدادهم 18 مليون نسمة ممن يخشون إبتلاع بلادهم من قبل شيوعيي بكين وحرمانهم من حرياتهم السياسية والدينية مثلما فعلوا مع شعب هونغ كونغ بعد استحواذهم على الأخيرة في عام 1997.

كما عاقب التايوانيون الكومنتانغ على فشل وعوده القائلة بأن تحسن العلاقات مع الصين، صاحبة ثاني أقوى إقتصاد في العالم، سيساعد على انتشال الاقتصاد التايواني من ركوده. حيث أن المواطن التايواني العادي لم يستفد من سياسة الباب المفتوح مع بكين، وإنما الذي إستفاد هم كبار رجال الأعمال والمؤسسات المالية الكبيرة فقط.

والحقيقة أن فوز تساي، الأكاديمية الحاصلة على ماجستير القانون من الولايات المتحدة ودرجة الدكتوراه من كلية لندن للإقتصاد والعلوم السياسية، يمثل ضربة للجهود الرامية لتحسين العلاقات بين بكين وتايبيه والتي كان أوضح تجلياتها انعقاد القمة التاريخية الأولى بين زعيمي البلدين منذ انفصال تايوان عن الصين قبل 66 عاما. تلك القمة التي عقدت في سنغافورة في الاسبوع الأول من نوفمبر 2015، وتنبأ لها المراقبون النجاح والتكرار.

أما لماذا يعني فوز تساي، المعجبة كثيرا بسيدة بريطانيا الحديدية "مارغريت تاتشر"، والمستشارة الألمانية " أنجيلا ميركل"، ضربة للجهود المذكورة وإعادة لعقارب الساعة إلى الوراء فلإن تساي ضد فكرة أن تكون بلادها جزءا من الدولة الصينية أي على العكس من سياسات بكين المرتكزة على مبدأ أن تايوان إقليم متمرد ويجب أن تخضع لسيادة الصين، وأن أي محاولة من جانبها لإعلان الإستقلال سوف تواجه بالقوة.

غير أنه بالعودة إلى ما فعله الرئيس التايواني الأسبق "تشين شوي بيان"، الذي كان أول شخصية تفوز برئاسة تايوان في عام 2000 من خارج حزب الكومنتانغ التاريخي، والذي ما كان ليصل إلى سدة الرئاسة لولا تبنيه شعار حق التايوانيين في اعلان دولتهم المستقلة عن الصين، نجد أن ما يُقال عادة بحماس اثناء حملات الترشيح يتم ترشيحه وفلترته لاحقا ليصبح أخف وقعا وأكثر واقعية.

فمثلا خلال ولايتين رئاسيتين للرئيس بيان لم يقرن الرجل وعوده بأفعال لجهة إعلان إستقلال البلاد، بل حافظ على الوضع القائم. ومن المرجح أن السيدة تساي، الإبنة الوحيدة في عائلة من 11 ولدا لرجل عصامي من مالكي ورش تصليح السيارات، سوف تفعل الشيء ذاته، أي أنها ستعمل كل ما في وسعها لبناء علاقات طيبة مع بكين، لكن ليس على حساب سيادة بلادها وكرامة شعبها. بل أنها أعلنت شيئا من هذا القبيل في أول تصريح لها بعد فوزها، حينما قالت: "سوف نعمل على الحفاظ على الوضع الراهن من أجل السلام والإستقرار في مضيق تايوان، لتحقيق أكبر قدر من الفوائد للشعب التايواني، وأؤكد أن كلا الطرفين لديه مسئولية لإيجاد وسائل مقبولة للتعاون تستند إلى الكرامة والمعاملة بالمثل".

وأخيرا فإن ما لا يعرفه الكثيرون عن هذه الإمرأة، ذات الوجه الدائري والشعر القصير والنظارات الأنيقة، أنها تعيش وحيدة في شقة متواضعة داخل أحد أحياء تايبيه، ولا يقاسمها حياتها سوى قطتان، وتفتخر بأنها ترتدى نفس الزوج من الأحذية منذ أكثر من 16 عامًا، ليس بخلا وإنما تشبها بالفئات الشعبية البسيطة. ولعل هذا خدمها كثيرا في سعيها لإقناع الناخبين بالاقتراع لها، بدلا من الاقتراع لمنافسيها الارستقراطيين.

د. عبدالله المدني
*أستاذ في العلاقات الدولية متخصص في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة : يناير 2016
البريد الإلكتروني: Elmadani@batelco.com.bh

عبارة الهامش:
ترتدى نفس الزوج من الأحذية منذ أكثر من 16 عامًا، ليس بخلا وإنما تشبها بالفئات الشعبية البسيطة

نساء يعانقن الشمس بعطائهن/ سحر حمزة

ما زالت المرأة في كافة أنحاء الوطن العربي خاصة وبالعالم أجمع  تواجه التحديات كي تحقق أهداف سامية تخدم البشرية جمعاء،وتعمل المرأة بجد  كي يصل صوتها إلى الآخر ليتفهمها ويساندها ليست المرأة العربية فقط تعاني بل كل النساء  في كافة أنحاء المعمورة تبحث عن سند ودعم  لها مثل المال بشكل خاص  والرجال بشكل عام بحيث لا يستخدمنها كسلعة صائغة سهلة.
فالمرأة هي المرأة منذ الأزل خلقت من أجل آدم وهي  تعطي بلا حدود من أجل الخير والأسرة والمجتمع ، ومن أجل العطاء نفسه متناسية نفسها فتقدم التضحيات الجسام  من أجل أسرتها ومجتمعها ولا تنتظر الثناء والتكريم وقلما يحدث ذلك من البشر ، إلا من خالقها الذي كرمها ويكرمها دوما بمنحها أمانة كبيرة متمثلة في أروع وظيفة إنسانية آلا وهي الأمومة وتربية الأجيال المستقبلية  الصالحة لبناء مستقبل مزهر بالعطاء لكل من حولها .
وتبقى المرأة رمزا للعطاء والجمال والحب فهي  تعانق الشمس التي تمنح النور للجميع دون استثناء دون تمييز ، ومع شروق الشمس في  كل يوم متجدد بالحب والحياة والإنتاجية والإنجاز  تعمل المرأة من أجل أن من حولها منذ طفولتها تدخل البسمة على قلوب الجميع بطيبها وبراءتها ثم تكبر وتجتهد في تحصيل نتاج جهدها في الدراسة ثم في العمل ثم في تقديم العون والمساعدة دون انتظار كلمة شكر أو إطراء لإنها تؤمن أن خالقها سيكافئها بحياتها بمنجزات عدة منها إنجاب الأطفال وإنتاجية لأجيال المستقبل وبناء الأسر التي هي نواة المجتمع ورمز تقدم الشعوب والأمم .
ومن النساء قلة من يحملن صفة الأنانية لأنهن ولدن بفطرتهن على الحب والعطاء وقلة منهن غير منتجات بحكم ظروفهن المحيطة  والبيئة التي يولدن فيها ،فقد تكون بيئة تقتل الإبداع غير محفزة وقد تكون بيئة خصبة للابتكار والعطاء وهي تجتهد كي تقدم ما بوسعها للجميع وما بين التحديات والاجتهاد تبقى المرأة رمزا للحياة وتشبه الشمس في عطاءها وخيراتها  تنعكس على من حولها رغم بعض المنغصات التي تعيق ما تهدف إليه من الخير والعمل الصالح فالمرأة والشمس توأمان بالدفء والنور والحب دون تمييز وتبقى المرأة الشيء الأرقى والأجمل في حياة البشر وتبقى هي الأولى بالحب والتحفيز والدعم من أخيها الرجل الذي قلما يتفهم ذلك.

ارحمينا بالترقيع يابنت علوش/ زهير الفتلاوي

يبدو ان مشكلة الخدمات في بغداد سوف تبقى بدون حلول جذرية ، وحين جاءات أمينة بغداد ذكرى علوش بعد ان سبقها بهذا المنصب الثمين شلة من "القفاصة" والمرتشين من صفة "56"  وهم الان مستولون على دور وممتلكات الامانة هم واقاربائهم دون حسيب ورقيب  .  علوش   قالت سوف أنظف بغداد وبعدها صرحت  نحن نعمل بالحلول الترقعية ، هذه الحلول مرحب بها من قبل سكان العاصمه لما لها من دور كبير، ولكن تلك الاعمال الترقعية اصبحت دعاية يتخللها الكذب والتدليس والنتيجة هي التغليس والتسويف اسوة ببقية الوزارات خاصة الكهرباء والبلديات والصحة والزراعة والصناعة ودوائر المرور،  وكل تلك المسميات تقفص وتحتال على عموم الناس . مشكلة تقديم الخدمات في أمانة بغداد ليست مستحيلة ولا مكلفة بل بأمكان الأمانة ان تعالج تلك المشاكل ولكن المشكلة تكمن بالفساد وبمناصب المدراء للوحدات البلدية ووكلاء الامانة وتعاطيهم للرشوة واقتسام الغنائم وتمتعهم بالفرهود بلا حدود ،  هل يتوقع سكان العاصمة من مسؤول يقدم الخدمات اليه وهو يتقاضى رواتب شهرية من المتجاوزين والمعامل المخالفة وأصحاب البسيطات على الأرصفة ويدعم تقسيم الأراضي ويبع للمتجاوزين المساحات الخضراء والمشاتل وهو ينظم حملات روتينية وشكلية لغرض بثها في القنوات الفضائية فيما يزداد الخمط يوميا لقد كتبت عشرات المقالات عن سوء الخدمات في بغداد واهمال الامانة لواجباتها وانشغالها بالفرهود وتقاسم المغانم ، دائما يكون الرد من الأمانة لماذا هذا الاستهداف لامانة بغداد وترك بقية الوزارات والمؤسسات وهي مرتع للفساد والخراب ، او يكون الرد ماهي المشاكل والعقبات التي تواجه المواطن البغدادي والامانة فشلت في الاصلاح والتقديم للخدمات ، سوف نذكر بعض المشاكل الحقيقية التي ذكرنها سابقا والامانة تغلس وتكذب ولم تستجيب لنداءات واستغاثات الناس ، منها معاناة منطقة الثعالبة وهي مهملة لا ماء ولا مجاري وتحيطها اطنان من القمامة والمياه الثقيلة والأسنة ، كثرة القمامة والنفايات امام المدارس في منطقة الشعب ، اهمال المناطق التراثية والاثرية في البتاويين ، اهمال شارع الرشيد وبقية المناطق في شارع الكفاح والفضل والشيخ عمر ، اهمال المجمعات السكنية في الصالحية والسيدية وزيونة ، القمامة تحيط بمجمع الصالحية السكني ، وكسور في انابيب المياه وهدر كميات كبيرة من المياه الصالحة للشرب بسبب نقص "طوافة" الخزان الذي تشرف عليه الامانة  ، اهمال الأحواض الرئيسية التي تضخ المياه لهذه المجمعات ولم يتم تنظيفها منذ خمسة سنوات وأصبحت المياه ملوثة وغير صالحه للشرب ، باعت علوش المدينة للجرذان التي لانعلم متى تبدأ بألتهام اطفالنا الذين يغرقون بالقمامة في مجمع الصالحية السكني ، وعلى ابواب مدارسهم ..اي جريمة نكراء ان تكون القمامة مكبها في ابواب مدارس اطفالنا ..اي جريمة تكون المياه الثقيلة وسيلة لاغراق ومرض اطفالنا  ..غرقت بغداد ..ثم ستغرق ..وبعدها ستغرق ..حتى نموت كلنا ليس بسبب الارهاب بل بسبب فساد وهمال الامانة . مشكلة كثرة الحفريات والطسات التي اصبحت تعيق حركة السيارات وتسبب العديد من الحوادث والامانة تركت تلك الحفريات وسط الشوارع على الرغم من كل الامكانيات وهدر المليارات على مدى 13 عاما ، وكأنها ترفع شعار"الإهمال والفساد" هدفنا  تلك الصفات تعمل بها الامانة بكل جد واخلاص ، اقل الامطار سوف تغرق بغداد وتقوم بصرف مليارات التعويضات وتترك المعالجات الجوهرية انه فساد امانة بغداد واهمالها لواقع المدينة التي كانت اجمل  حبيبة وعروس العرب ..احالها فساد امانة بغداد و موظفيها الى خربة ..ودمار وربما تصل الى الاندثار ! .
 المشكلة الاخرى تعمل  كوادر الامانة على عدم احترام القانون اذ تعد هي الجهة الوحيدة التي لم يعرف من يراقبها على الرغم من انها تعادل من ثلاثة وزارات  ومن يدقق مشاريعها ومن يقيم ويعاقب المقصر فهي تدعي الاستقلالية وترفض التدخل بعملها وهذا لم يحصل في كل الوزارات والهيئات وبقية المؤسسات ، وطالما  يقرر مجلس محافظة بغداد، بالاجماع إقالة وكلاء الامانة ومدير دائرة المجاري من مناصبهم او استبدالهم ولكن الامانة ترفض وتعد القرار مخالف للقانون نطالب  رئيس لجنة الخدمات النيابية ناظم الساعدي ايضاح هذا الامر وان يجتمع مع امينة بغداد ويحل لنا هذا اللغز الرهيب و يعالج  كثرة الفساد المستشري بالمشاريع وعدم إدارة الأمانة بصورة صحيحة والى متى تبقى الامانة بعيدة عن الرقابة والمحاسبة بسبب تخصيص الأراضي للمسؤولين وغض النضر عن المفسدين كلنا امل باستجابة سريعة من أمينة بغداد ، امانة مجلس الوزراء ، لجنة الخدمات البرلمانية رئيس مجلس المحافظة ومن يهمه ويعنيه  الامر انقذونا من الاهمال ونقص الخدمات يرحمكم الله.
zwheerpress@gmail.com

 

النَمِرُ والحجرُ/ د. عدنان الظاهر

 ( إلى الشيخ الخالد نَمِر النمر )
حَجرٌ أسودُ مجدورُ
أسقطهُ نَجمٌ مأزومٌ مغرورُ 
شقَّ الأرضَ الرملاءَ العطشى
فتفجّرَ بئرا 
في وادٍ صخريٍّ مهجورِ
لا مِنْ ضِرْعٍ أو زَرْعِ
ما كانتْ زَمْزمُ تَسقي أو تُسقى 
عَبدتهُ أقوامٌ بادتْ كادتْ
تتَضرعُ تنحرُ نُوقا 
تحرقُ كافوراً ورحيقاً مختوما
مِسكاً وعطورا
أجسادَ شِواءٍ في النارِ
للحَجرِ الأسودِ قُربانا
يتمايلُ من طَرَبٍ في سِلْمٍ أو حرْبِ
جَسَداً يتشكّلُ تكعيبا 
يقرأُ أشعاراً فوقَ الجُدرانِ شريطاً مرئيّا
 تُستنسَخُ تعليقا 
حتّى فارَ التنّورُ وجاءَ السيلُ عَرَمرمَ مسعورا
يجرفُ أفيالاً تتقدّمُ أحباشاً سودا
فانقضَّ الطيرُ أبابيلا
تمطرُهمْ أحجاراً  سِجّيلا  
( جعَلَتهمْ عَصْفاً مأكولا )
سادَ الصمْتُ رهيبا
ليلٌ يمخُرهُ مِسمارٌ مِسبارُ
الكوثرُ في زَمْزمَ طينُ
نَمِرٌ يرميهِ في بئرٍ ذيبُ
تخطفُ شاراتُ الأحجارِ السودِ
تتقفّاها آثارُ سقوطِ الزلزالِ شِهابا
ذا ذَنَبٍ مرجومٍ 
الكونُ سقيمُ
يتأبطُ عُكّازاً من قَصبِ الأهوارِ
تخنُقهُ أفعى
سبعونَ ذِراعاً طولا
فمتى يومُ الدينونةِ يأتي
ومتى تنفتحُ الأبوابُ حشودا
للضجّةِ في جلْبةِ مفخورِالصلصالِ 
جُنْدُ السَرمدِ أحداقٌ حُمْرُ
قُضبانٌ تتوهّجُ من نارِ جَمْرا
علَّ الذكرى تنفعُ في يومِ الحَشْرِ
يتساوى فيها الناسِكُ والكافرُ والساقطُ في بئرٍ والعاصي
طارُ الفيلُ وحطَّ الباشقُ " جبريلُ "
يحملُ في غارٍ قنديلا
للنورِ يُرتّلُ آياتٍ ترتيلا
هذا السيّدُ مخبولٌ ... قالوا
يتكهنُ مسحورا
معزولٌ منبوذٌ مطرودُ
يرطنُ بالفُصحى شِعراً مُوحى
لم يسمعْهُ بشرٌ قَبْلا
هذا السيّدُ مسكونُ
مِزواجٌ مجنونُ
عاليهِ أسفلَ من دكّةِ أَرْمَلةٍ جاوزت الخمسينا
تبغي بَعْلا  ... قالتْ :
ما طارَ الحجرُ الأسوَدُ ما طارَ الفيلُ
الكونُ كيانٌ من حجرٍ أسودَ يسقطُ مقتولا
صَرْحٌ يتهاوى بُنيانا
البرجُ العالي والسورُ  عويلُ
" نَمِرٌ " في القبضةِ والساحةُ تكبيرُ
يطرحُ كِلْكامشُ أنكيدو أرْضا 
عِشتارُ تنادي وا يا " إنليلُ "
نَمِرُ الأحساءِ قتيلُ
الحجرُ الأسودُ مخنوقٌ مشلولُ
يتدلّى في حبلٍ من نارِ
سومرُ غرقى
في سُمِّ أفاعي قَصَبِ الأهوارِ .

مأزق التناقض/ سهى بطرس قوجا

دائما لنا وقفات في كل محطة من محطات الحياة، نقف فيها لنتذكر ونستذكر ما مرّ فيها وما لحق بها ، هي وقفات نكون فيها من أجل وداع ما خدش الروح ومن أجل استقبال ما يستعيد الروح عافيته ويرممه. والإنسان دوما بحاجة إلى هذه الوقفات بين الحين والاخر، وقفات تفيقه من عبث ما يصدمه، إفاقة تكون حافزا له من أجل التجديد والاستمرار وعيش الحياة كما هي بصورتها الطبيعية الجميلة. وهذا بالتأكيد لن يكون ألا حينما الإنسان نفسه تولد في داخل نفسه الرغبة والقناعة بصنع الشيء وولادته.
أراد أن يكتب قصة نادرة لمسيرة حياته ولكن هذه الندّرة أوقعته في خطأ ومأزق! عاش التحرر ولكن فقط في حدود ذاته ولم يفكر بالمقابل وبأنه كيان مثله وبحاجة إلى مساحة من الحرية، أباح لنفسه وحرم لنفس غيره، أراد التحرر من برمجة المجتمع وإيقاعاته ويحصر غيره فيه، وهنا كانت المفارقة والصدمة حينما أراد العيش بين قضبان فكره! لم يصل مسامعه غير ايقاعات المجتمع المرتفعة والفارغة والتي تكون فيها الوصاية مقيدة بشدة، متناسيا أن تلك الشدة سوف تطاله وتعيشه في إرتباك مع مرور الزمن به حينما يمارسها على غيره.
أنني أتحدث عن إنسان حينما يحاول أن يهمش الآخر مثيله مهما اختلفت صفته بالنسبة إليه، محاولا أن يعيشه في تراكمات نفسه المريضة، جاعلا نفسه واعظا وصاحب قضية وكاملا وهو ما زال لم يتعدى محدودية بيئته! مسكين هو من يتمركز عند نقطة يصم فيها أذانه عما حوله ... أنه إنسان مسلوب الإرادة من قبل نفسه يحاول الصعود رغما عن ذاته  ... أنه إنسان كالقشة في مهبات الريح يحاول التمسك للبقاء على حساب ضياع غيره.
مع الاسف كثيرون في الحياة ليس لهم إدراك لمعنى حياتهم ومن أجل ماذا وجدت الحياة أو من أجل ماذا وجدوا فيها؟! أن سألت أحدهم عن هذا فلن يتمكن من إعطائك أية نتيجة، كونهم لا يصدعون رؤوسهم بمثل هكذا تساؤلات!
كثيرون يعيشون على الهوامش بسبب ضيق فكرهم ومحدوديته .
 كثيرون يتسرعون ولا يسرعون في الطموح والهدف .
 كثيرون يعيشون الازدواجية والخصومة .
كثيرون يشكلون معادلة خاصة بهم تختلف عن معادلات الافراد الآخرين.
كثيرون يتمادون في الإساءة والافتراضية .
كثيرون يمارسون العبور والفرض .
كثيرون يسعدون بتعاسة الآخرين وعجزهم .
هؤلاء الكثيرون يسعون من أجل إيقاع الأكثرية في ظلام نفسهم .... من أجل ماذا ... لا نعلم؟! وبسبب ذلك نجد لوحة الحياة قد اصطبغت بلون افقدها معناها وجماليتها! حركاتهم  .. تعبيراتهم  .. آدابهم  .. عاداتهم .. ممارساتهم .. أساليبهم .. تعتمد على معنى محدد للحياة، معنى فريد صادر من حكم نفس وعقل منفرد.
للكون قصة وللحياة قصة وللإنسان كذلك قصة يبدأها حينما يولد وتنهيها الحياة حينما تريد، لذلك يجب على كل واحد أن يضع هذا أمام عينيه حتى حينما تكتمل عنه لا يكون قد ترك في نفس أحد عتبًا من ناحيته. فالحياة أقصر مما تتصور، تدركك وأنت لا تعلم متى؟! لكل إنسان موسم يغادر فيه إلى المجهول ، إلى باطن الأرض، لذلك كن فيها كالزهر الذي يفوح عطره في الارجاء ويشمه كل من يتنفس عبق الحياة من أجل أن يستمد المعنى الجميل للحياة ويعيش البقاء من أجل استمرار بقاء الآخر.

باكستان تتمرد على الضغوط السعودية/ نقولا ناصر

(وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف: باكستان لن تلجأ إلى الخيار العسكري ضد أي دولة إسلامية ولن تنضم إلى أي تحالف معاد لإيران)

أيا كانت الأسباب، فإن التمرد الباكستاني على الضغوط السعودية للانخراط في الصراعات الطائفية والإقليمية التي تقودها المملكة لا يمكن إلا أن يكون تطورا ايجابيا مرحبا به لاحتواء هذه الصراعات وهو تطور يبشر بنزع فتيل الاقتتال الطائفي الناجم عنها، فحياد دولة "سنيّة" كبرى كباكستان فيها من شأنه التمهيد لإطفاء نار الفتنة الطائفية التي أوقدها الغزو الأميركي للعراق ولملمة الصفوف الإسلامية والعربية التي تكاد هذه الفتنة تمزقها.

في خضم الاستقطاب السياسي الإقليمي الراهن الذي يمزق الوطن العربي ومحيطه الإسلامي بواجهة طائفية كانت باكستان تبدو محايدة وسلبية تنأى بنفسها عن الصراع الدموي المحتدم، غير أن استفحال هذا الاستقطاب لم ينجح في جرها إلى الانحياز فيه بين الأقطاب الإقليمية المتصارعة لكنه أخرجها عن حيادها السلبي إلى حياد ايجابي بادرت فيه إلى لعب دور الوسيط.

وهذا تحول باكستاني مرحب به من كل حريص على وقف الاقتتال الانتحاري بين العرب والمسلمين.

فإعلان العربية السعودية عن عضوية باكستان في "التحالف العربي" للحرب على اليمن ثم في "التحالف الإسلامي" ضد الإرهاب قد أدخل حيادها في اختبار صعب زاد في صعوبته انفجار الأزمة الدبلوماسية والسياسية السعودية – الإيرانية التي أخرجت باكستان عن حيادها السلبي لتختار، بالرغم من الضغوط السعودية، لعب دور الوسيط من أجل نزع فتيل هذه الأزمة كي لا تتدحرج نحو حرب عربية إيرانية ثانية تكرر كارثة الحرب العراقية الإيرانية.

وهذا تحول تاريخي في سياسة باكستان الخارجية في ما تسميه المصطلحات الباكستانية والهندية "غرب آسيا"، أو "الشرق الأوسط" في المصطلحات الغربية، أي الوطن العربي ومحيطه الإسلامي.

فقد كانت باكستان منذ استقلالها عام 1947 حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة طوال "الحرب الباردة" بين القطبين الدوليين الأميركي والسوفياتي، وكانت منحازة إقليميا إلى الدول العربية والإقليمية التي تدور في الفلك الأميركي، وساهمت مع هذه الدول في التصدي لحركة التحرر الوطني العربية داخليا وإقليميا، وانضمت إلى الأحلاف الغربية في المنطقة كحلف بغداد في خمسينيات القرن العشرين المنصرم، وكانت رأس حربة للتحالف الأميركي العربي لإخراج القوات السوفياتية من أفغانستان، واستقوى الأردن بحكمها العسكري ضد منظمة التحرير الفلسطينية عام 1970، وساهمت عسكريا في "عاصفة الصحراء" الأميركية لإخراج القوات العراقية من الكويت عام 1991.

ولم تزل العلاقات الباكستانية وثيقة مع الولايات المتحدة ومع دول الخليج العربية المتعاونة معها، لكن مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية ذات الأهمية الاستراتيجية للأمن الوطني الباكستاني لعبت دورا حاسما في التزام باكستان بالحياد في الصراعات الإقليمية الراهنة.

وكما أظهر موقف باكستان من "التحالف العربي" الذي تقوده السعودية في الحرب على اليمن، ومن التحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي أعلنته الرياض، فإن إسلام آباد ترفض الانخراط أو الانحياز عسكريا في الصراعات الإقليمية من دون أن تتخلى عن إعلان التزامها بالدفاع عن سلامة الأراضي الاقليمية لحلفائها التاريخيين في شبه جزيرة العرب ضد أي تهديدات خارجية لها، لا بل إنها تسعى إلى التوسط في الصراعات والمنازعات بين الدول العربية والإسلامية كما ظهر في موقفها من الأزمة السعودية – الإيرانية الحالية.

وهذا الموقف أقدم نسبيا من الرفض الباكستاني للدعوة السعودية للمشاركة في الحرب اليمنية، فبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 رفضت إسلام آباد الدعوات الأميركية والبريطانية المتكررة لنشر قوات حفظ سلام باكستانية في العراق لأن ذلك "سيكون مثل القفز في النار" بسبب "الانتفاضة ضد قوات الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة والفوضى الداخلية هناك"، بالرغم من العلاقات الباكستانية – العراقية السيئة قبل الغزو بسبب الاعتراف العراقي بانفصال بنغلادش عن باكستان.

وكانت السياسة المعلنة لباكستان مؤخرا هي أنها ترفض نشر قواتها خارج حدودها إلا لمهمات حفظ السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، وقد رفضت مرتين في الأقل دعوات أميركية لها للانضمام إلى التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية "داعش" للسبب ذاته.

وعندما تأقلم وتدوّل الصراع على سورية خالفت باكستان مواقف حلفائها الأميركيين والعرب في الخليج وعارضت "التدخل العسكري الأجنبي في سورية" وأعلنت دعمها الكامل ل"وحدة الأراضي الإقليمية للجمهورية العربية السورية" ورفضت "أي محاولة لاسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد" كما أعلن وزير خارجيتها عزيز أحمد شودري أواخر كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

وفي نيسان/ ابريل الماضي صوت البرلمان الباكستاني بالاجماع على الحياد في الحرب السعودية على اليمن، وكان تأييد باكستان للتحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي أعلنته السعودية بعد ذلك مثقلا بالكثير من التحفظات، بالرغم من تحالفها الاستراتيجي التاريخي مع العربية السعودية ووجود أكثر من مليوني باكستاني يعملون في المملكة، ناهيك عن الدعم السعودي المالي السخي لباكستان.

فعلى سبيل المثال أعلن وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف في العشرين من هذا الشهر أن بلاده لن تلجأ إلى الخيار العسكري ضد أي دولة إسلامية ولن تنضم إلى أي تحالف معاد لإيران بالرغم من انضمامها إلى التحالف السعودي ضد الإرهاب، لأن أي خيارات كهذه "تضعف الأمة الإسلامية" كما قال رحيل شريف رئيس أركان الجيش الباكستاني.

يوم الأحد الماضي نفى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وجود وساطة باكستانية بين المملكة وبين إيران، لكن رئيس الوزراء الباكستاني محمد نواز شريف، الذي زار البلدين برفقة رئيس الأركان رحيل شريف بعد اندلاع الأزمة بينهما، أعلن من لندن في اليوم التالي استعداد بلاده لاستئناف وساطتها بينهما مؤكدا انتظار ردهما على "مقترحات" قدمها لهما لخفض التوتر بينهما.

وفلسطينيا، باكستان من الدول الإسلامية الكبرى اتي ما زالت  لا تجد حرجا في أن تكون فلسطينية أكثر من الفلسطينيين كما لم تفعل معظم الدول العربية والإسلامية، إذ بالرغم من اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة الاحتلال الإسرائيلي ما زالت باكستان ترفض الاعتراف بها منذ أدلت بصوتها ضد قرار تقسيم فلسطين الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947، وعندما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إلغاء قرارها رقم 3379 الذي ساوى بين الصهيونية وبين العنصرية أدلت باكستان بصوتها ضد إلغاء القرار، ولم يغير الاختلاف المذهبي بين مؤسسها محمد علي جناح "الشيعي" وبين من خلفوه من قادتها "السنة" في هذا الموقف.

وبالرغم من علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، نأت باكستان بنفسها عن تبني الموقف الأميركي من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" واستقبلت وزير خارجية السلطة الفلسطينية والقيادي في "حماس" محمود الزهار عام 2006، ونأت بنفسها عن الانقسام الفلسطيني بين منظمة التحرير وبين الحركة فاستقبلت الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مثلما نأت بنفسها عن الخلاقات البينية العربية والإسلامية على حد سواء.

وجمهورية باكستان الإسلامية "النووية" هي ثاني أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان إذ يقارب عدد سكانها مائتي مليون نسمة منهم ثاني أكبر تجمع للشيعة بعد إيران ولها سواحل تمتد لمسافة تزيد على ألف كيلومتر على "بحر العرب" و"خليج عُمان" وحدود مشتركة مع إيران.

وهذان العاملان الديموغرافي والجغرافي سوف ينعكسان سلبا بالتأكيد على أمنها الداخلي والاقتصادي في حال انحيازها بين السعودية وبين إيران، وهي بالتأكيد لا يمكنها أن تنحاز ضد إيران ليس لأسباب اقتصادية فحسب بل لأن أي انحياز كهذا سوف يحاصرها بين نزاعها التاريخي مع الهند في الشرق وبين استعداء إيران في الغرب.

ومن العوامل الأخرى لهذا التحول الاستراتيجي في سياستها الاقليمية استفحال الفتنة الطائفية في الإقليم كخطر يهدد وحدة المجتمع والأمن الوطني فيها، وما يسمى تعميما الانسحاب الأميركي من المنطقة نحو جنوب شرق آسيا، ودخول روسيا إليها بقوة لأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عبر البوابة السورية.

غير أن العامل الأقوى في هذا التحول الباكستاني هو العلاقات الوثيقة المتنامية عسكريا وأمنيا واقتصاديا بين باكستان وبين الصين، وكما كتب حمزة شاد في "البوابة" التي تصدرها جامعة شيكاغو الأميركية في منتصف الشهر السادس من العام المنصرم فإنه "من الناحية التاريخية، كانت العربية السعودية هي الحليف الأوثق لباكستان في الشرق الأوسط، بينما لعبت الصين ذلك الدور في آسيا"، وكانت باكستان توازن بين حليفيها، لكن التطورات الأخيرة جعلت "من الأصعب عليها" الاحتفاظ بذلك التوازن بينهما، فبين السعودية في الشرق الأوسط وبين الصين في آسيا يبدو عامل الجذب الصيني لباكستان "هو الأقوى بصورة واضحة في الوقت الحاضر"، و"يوجد سبب للاعتقاد بأن الصينيين لعبوا دورا مباشرا في القرار الذي اتخذته باكستان" بشأن الحرب السعودية على اليمن ... "فالصين كانت واضحة، إلى جانب روسيا وإيران، في عدم موافقتها على التدخل العسكري في اليمن".

وهكذا يبدو الحياد الباكستاني في صراعات المنطقة امتدادا وانعكاسا للحياد الصيني فيها.

* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com

جمال عالم الطفولة بتجربة الأديبة عايدة خطيب/ نبيل عودة

ضمن برامجه الثقافية ، قام "نادي حيفا الثقافي – المجلس الملي الوطني الأورتوذكسي : بتنظيم حفل تكريم للأديبة عايدة خطيب، من مدينة شفاعمرو، وهي كاتبة معروفة للأطفال وشاعرة، لها عشرات الاصدارات الأدبية للكبار والصغار. وهذا نص كلمتي في حفل تكريمها.
*****
نلتقي اليوم بمناسبة هامة أعتبرها علامة مميزة لمسار ثقافي هام، تكريم الأدباء وهم احياء وعدم تجاهل المبدعات من النساء وإنتاجهم الأدبي.
في السنوات الأخيرة ألاحظ أن المرأة تأخذ حيزا يتزايد باستمرار في المشهد الأدبي
العربي داخل اسرائيل.
للأسف هناك عوائق كثيرة تشكل الكثير من العوامل السلبية على تطور ثقافتنا بمجملها، سأذكرها بدون توسع:
1.    مشكلة النشر والتوزيع
2.    غياب الصحافة ألثقافية، هناك محاولات آمل ان تنجح وان نرى مجلة ثقافية فكرية كما كانت مجلة "الجديد" في وقتها.
3.    غياب نسبي كبير للصفحات الثقافية من الصحف المطبوعة.
4.    مؤسسات الجماهير العربية بكل انواعها وتشكيلاتها لا تقدم لتطوير الحياة الثقافية أي دعم . وغير ذلك الكثير...
تعرفت على عايدة خطيب عبر نشاطها الثقافي وبالتحديد بكتاب " اشعار للأطفال" الذي وقع تحت يدي بالصدفة، فشدني بروحه وصوره الشعرية التي نقلتني لعالم الطفولة المذهل بجماله ألرائع، برونقه، بالوانه وكان أول كتاب محلي للأطفال أقرأه .. ليس قصورا مني انما لم أجد ما يشدني ضمن مشاغلي الكثيرة لأتعرف على هذا الجانر الأدبي ، الذي لا اقلل من أهميته وقيمته الإنسانية والجمالية لتطوير وعي أطفالنا.
في السنوات الاخيرة تعرفت على ابداعات كتاب آخرين.. وأستطيع القول ان الكتابة للأطفال اصبحت ساحة مخترقة من عدد كبير من الأسماء بعضها رائع حقا وبعضها لم اجد به ما يخدم الهدف من الكتابة للأطفال...
هل التهافت على الكتابة للأطفال ، الذي تشهده ثقافتنا العربية داخل إسرائيل هو تهافت طبيعي ام يخفي وراؤه اهدافا لا تخص النشاط الثقافي ومتطلبات تطوير أجندة تخص عالم الطفولة؟
أقول بوضوح، ما عدا قصص قليلة ولأسماء قليلة جدا من كتاب الأطفال لم أجد إلا كتابات تتراوح بين الإجادة والإجادة المتوسطة من جهة والثرثرة المؤسفة والمضرة من الجهة الأخرى.
يهمني بهذه المناسبة أن اتناول بعض المميزات لدى الأديبة عايدة خطيب في تناولها لعالم الطفل وهو عالم مركب جدا ، آسر جدا بجماله، تتحكم فيه أجمل المشاعر الانسانية وأكثرها براءة ونقاء. اقول بثقة ووضوح ان عايدة خطيب فاجأتني وأعادتني طفلا وأنا أقرأ اول كتاب لها "أشعار للأطفال". وقد لاحظت انها تعمل بلا كلل على تطوير تجربتها في الكتابة القصصية والكتابة الشعرية للأطفال.. وقد اصدرت حتى اليوم اكثر من اربعين قصة وديوان شعر يخص الأطفال.
المميز الهام لدى عايدة خطيب هي قدرتها على الدخول الى عالم الطفل وتفكيره وردود فعله، حيث استطاعت ان تحافظ على رونق عالم الطفولة مثلا قصيدتها "أحب اللعب بالكبريت" نقرأ:
" أحب أن العب
بعلبة الكبريت
فتفزع أمي
تصيح يا عفريت...
كم لاعب بالنار
أحرق كل الدار
وحينما تذهب
أمي الى المطبخ
لتطبخ الطعام
وتشعل الكبريت
أعدو وراءها وأصيح
يا عفريته..."
من منا لم يعش هذه القدرة الطفولية على الربط بين الظواهر وليس بين المضمون. من هنا ينبع جمال عالم الطفولة الذي عرفت عايدة ان تتسلل اليه وتنقله لنا.
لغة عايدة تتميز بالبساطة والسهولة وتضفي لونا اضافيا على النص ما هو أهم من اللغة هي القدرة على دخول عالم الطفولة المسحور والأسطوري والكشف عن نمو شخصية الطفل وتكوينها. ان اسلوب اكتشاف الأطفال لذاتهم، لواقعهم وإدراكهم لعالمهم ليس أمرا سهلا. في قصيدة "أحبكم ان تسمعوني" تقترب عايدة أكثر للتفكير الطفولي:
" حين تموء قطتي
وتطلب الطعام
انهرها بشدة
فنحن بالصيام"
في قصيدة موجهة بالأساس للأهل، عبر الرؤية بعيني طفلة، وكأني بها توبخ الكبار خاصة بموضوع التفضيل الذي يحظى به المولود الذكر عن المولودة الأنثى، في قصيدتها "لماذا أمي حزينة" تمس عايدة قلب ألمشكلة بكلمات تنغرز بالقلب بألم:
"يظل فكري حائرا
أياما كثيرة
فأمي تبدو دائما
تعيسة حزينة
لأن أمي أنجبت
أختي أمينة
ولا أخ في بيتنا
ونشتهي البنينا"
أعترف ان أدب الأطفال بدأ يشدني منذ قرأت "أشعار للأطفال " للأديبة عايدة خطيب، حيث اكتشفت الكثير من الأفكار والعمق الانساني الذي بدأنا نفتقده في عالم "الشاشات الألكترونية" التي تملأ كل زوايا بيوتنا. في بعض ما يكتبه الكبار للصغار بدأت ألمس تطور "النص الألكتروني".. ضجيج لا يقول شيئا.. ربما لغويا لا بأس بالنص.. لكنه خطاب لا يصل للعنوان الصحيح.
على عكس ذلك عايدة خطيب نجحت بنقل عالم الطفولة بتوهجه . الموضوع ليس لغة فقط مع أهمية اللغة والمفردات التي نختارها لمخاطبة ألطفل انما النجاح بتقمص تفكير الطفل الساحر والأسطوري ولنحلم بلا خجل كالأطفال ، ربما عندها نستطيع ان نحلم كالكبار، فبدون ان نحلم لا معنى لكتاباتنا. الكتابة في جوهرها هي العلاقة بين الحلم والواقع. اتمنى لعايدة خطيب ان تواصل الحلم مع الأطفال وتمنحنا كبار وصغارا لحظات من الجمال والمتعة.
لن اطيل الحديث عن ديوانها الشعري للكبار " أحلام مؤجلة" انما بعض الملاحظات. في ديوانها شعرت انها لم تعد بحاجة لقدراتها الخاصة في اختراق عالم الطفولة فهي تنشد لعالم تعيشه بصعوده وهبوطه ، بأمله ويأسه، ببؤسه وفرحه، فتلاشت من الديوان الكثير من الأحلام او انها أجلتها كما اعلنت بالاسم الذي أطلقته على مجموعتها الشعرية للكبار "أحلام مؤجلة".
وهل تؤجل الأحلام ؟ هل نؤجل الشعر الذي كله أحلام؟ وماذا ينفع الشعر للإنسان اذا صار قدريا؟
انت تعرفين الجواب يا عايدة فما بالك تتعثرين؟ الشعر لا يعرف التردد والحياة لا تعرف التردد، الحياة لمن يروضها كذلك الشعر.
رغم ذلك في قصائدها للكبار ظلت تحمل تأثرا واضحا من قصائدها للصغار. من هنا جاءت بعض التعابير نثرية مباشرة، كان بإمكانها ان تلجأ للشفافية أكثر وان تتركنا نحن الكبار نجتهد لنفهم ما وراء الكلام ، الست انت التي تقولين في "خمائل وجدانية":
" اتسعي ما شئت
بل عانقي الغمام
ان أردت"
في الديوان عدد من القصائد العامية ، أعتقد انها أكثر حرارة وأكثر حركة وتمردا لاقترابها اكثر من البساطة كما في قصيدة اعتراف
"وشعري على كتافي
ربيته الك"  
وهي قصيدة تكاد تكون وحدة متكاملة حتى وجدت صعوبة في اقتطاع مقاطع للدلالة عليها.
انهي مداخلتي بالإشارة الى قدرات عايدة على الصياغة اللغوية المنسابة بهدوء واطمئنان وقدرتها على الاستعارة و حتى النحت باللغة. تتميز بعض مقاطعها بما يسمى "اللغة ألتصويرية" لكن اكثر ما لاحظته هو خيط رفيع من الحزن لا ينقطع ، يرافق القارئ من بداية الديوان وحتى نهايته، بحيث يبدو الفرح في بعض القصائد كإعلان للتمرد الذي سرعان ما يذوى وراء الحزن المتواصل في الديوان. بعض القصائد زخرت بالشعاراتية وهو حقا موقف صادق لكنه لا يخدم الشعر. اما المميز لأكثرية قصائد الديوان فهو انسيابها ألهادئ الخجول أحيانا، ربما "الطفلة" عايدة تشعر بارتباك عند مخاطبة الكبار ومن المثير معرفة نفسية الشاعرة في الحالتين. وكما كتبت عايدة على الغلاف الأخير "يحق لنا ان نسافر بأحلامنا".. وبشعرنا أيضا فهو هويتنا وهو "حكم القدر، اذا وجد مثل هذا الشيء!!
nabiloudeh@gmail.com

ورقة معراب هي استنساخ لورقة تفاهم عون وحزب الله/ الياس بجاني

بصراحة ودون مواربة وشهادة للحق والحقيقة واحتراماً لدماء الشهداء نقول إن ورقة معراب هي حقيقة وفي الجوهر استنساخ لورقة تفاهم عون مع حزب الله سنة 2006.

للأسف الهمروجة الإعلامية التي تدافع عن ورقة معراب هي محصورة بأتباع الشركتين فقط لا غير أو من يدور في فلكهما.

(القوات والتيار شركتين وليسا حزبين طبقاً لكل معايير الأحزاب في كافة البلاد الحرة والديموقراطية، وما ينطبق على هاتين الشركتين ينطبق على كل أحزاب لبنان الشركات)

أما أراء غالبية المثقفين والإعلاميين والسياسيين من غير ربع الشركتين فهم في غير واد ولا يرون في الورقة إلا جنوحاً قاتلاً باتجاه إيران وذراعها العسكرية في لبنان، حزب الله.

في هذا السياق نرى أنه من الغريب والعجيب ومن المهين للوطنية أن ندافع عن ميشال عون السياسة والمواقف والتحالفات والنرسيسية والعائلية والانحرافات والفساد والإفساد لأننا إن فعلنا نكون قد فقدنا ذاتنا ووجداننا والضمير وقتلنا بداخلنا كل ما هو حرية واحترام للذات وثقة بالنفس.

عون من خلال ورقة معراب تم تعويمه ومكافئته على كل ارتكاباته والأخطاء والخطايا أضافة إلى ترشيحه لأعلى مركز مسيحي في الجمهورية وهو لا يزال في أحضان إيران والأسد وحزب الله ولم يبدل ولم يغيّر فاصلة واحدة من تبعيته والغنمية. ونقطة ع السطر.

ورقة معراب كما نراها ونقرأ فيها شخصياً لا تختلف بشيء في الجوهر والأهداف عن ورقة تفاهم عون مع حزب الله وهذه حقيقة علينا أن لا نتجاهلها لأي سبب كان. إنها ورقة التخلي عن المبادئ والإستسلام للأمر الواقع الإحتلالي، لا أكثر ولا أقل

أما ظاهرة هوبرات وهيجان أتباع الشركتين على الفايسبوك والتوتر وهم أهلنا، فهي عادية جداً وليست غريبة في حياتا السياسية حيث عبادة الزعيم والسير خلفه ع عماها هي القاعدة لدى كثر من أفراد شرائح مجتمعاتنا.

حقيقة جارحة وصارخة ومهينة ومأساوية، ولكنها الحقيقة دون تجميل وذمية وتقية.. ويقول المثل من لا يعترف بعلته، علته تقتله.

الجواهري: أجب أيها القلبُ، وأزح عن صدرك الزّبدا ـ الحلقة الثانية/ كريم مرزة الأسدي

أجب أيها القلبُ الذي لستُ ناطقاً ***إذا لم أشاوره ولستُ بســـامع ِ
وحدّثْ فأنّ القومَ يدرونَ ظــاهراً ***وتـُخفى عليهم خافيات الدوافع ِ
وفجّر قروحاً لا يطـاقُ آختزانها *** ولا هي ممـــــا يتقى بالمباضعِ ِ
تلفـّتُّ أطرافي ألمُّ شتــــــــــائتاً ***  من الذكرياتِ الذاهباتِ الرواجع ِ
تحاشيتها دهراً أخافُ آنباعثـها  ***على أنّها معدودة ٌ مــن صنائعي  

ودّعتك على أمل اللقاء بك وعداَ ، ووعد الحرِّ دينً عليه ، سأواصل  المسيرة ، وهذا مشوار العمر أخيره ، ولو أن  العين ضريرة  ، لكن الذاكرة بصيرة ، ليست هذه بشكوى ، وإنّما هو التّحدي لأي نائبة من نوائب الدهر صغيرة كانت أم كبيرة ، ولعن الله كلّ من باع ضميره !!!
  هذا " ذكرياتي" بين يدي ،  قلبت ورقة الإهداء، فإذا بصورة الجواهري إبان مطلع شبابه تصافح عيني ،  بجبته وعباءته ونحافته وعمّته ، واقفاَ باعتدال قامته الشامخة ، سابلاّ يده اليمنى على كرسي بجواره، وواضعا يده اليسرى عليها ،  لا تبدو على ملامحه نظرات التحدي ، وتعبيرات التصدي ، وإن كان في شعره  غيره في صورته ، مما يعطيك انطباعاً ، أن الرجل في الأصل طبعه الهدوء والسكينه والوداعة والألفة الطيبة ، والعلاقة الحميمة ،  وما الثورة والتمرد والهيجان إلا  حالات عابرة تنتابه بين حين و آخر ، إثر  موقف جماهيري، وصدمة قوية ، أو عقبى انفعال شديد وحادث جلل ، وغالبا ما  يسكبها شعرا مبدعا ،أو يكتبها نثرا رائعا ، وعندما يأتيه الإلهام الشعري " أشبه إلى الوحي" فيضاً ،  ينعزل منفردا ، ويغضب على من يأتيه قاطعا ، حتى أنّ أروع قصائده ( يا دجلة الخير ) نظمها في ليلة براغية واحدة !!  .
وقبل أنْ أقلب ورقة الصورة المعممة ، تأملت قليلا متسائلا عن سرِّ اختيار هذه الصورة من بين آلآف الصور التي أخذت له كشخصية شهيرة ،  طيلة عمره المديد  ،  ألم يقل ذات يوم بحقها ؟! :
قال لي صاحبي الظريف وفي الكفّ  ***ارتعاشٌ وفي اللسان انحبــاسه :
أين غــــادرتَ "عمّة ً" واحتفاظــــاً  ***قلت : إنّي طرحتها في الكناسه
عضضت على شفتي ، وقلت  ربما الأمر عابر ،  وورد على باله خاطر ،  لا بأس الصورة معبّرة و عابرة  ،  وله ما يشتهي ويتشهّى ، غلقت الكتاب ، فوقع نظري على غلافه الأخير ،  فإذا بصورة ثانية للجواهري المعمم تحتله كاملاً ،  وهذه المرّة واضعا نظارته على عينيه  ،  واقفا بشموخه المعتاد ،  ويبدو أكثر هيبة ووقارا ، وأكبر عمرا , قلت مع نفسي لآتصفح الكتاب ، فوجدت صورة ثالثة على الصفحة  173 تشغل حيزها تماما , إذن الأمر مقصود لرغبة نفسية جامحة عارمة ،  تنطلق من اللاوعي المكبوت، وربما  يدعمها وعيه  بحدود ، ولا اعرف بالتأكيد ما كان يدور في مخيلته أبان طفولته المبكرة ، إذْ تتراكم العقد في العقل الباطن للإنسان ، فهل كانت العمامة لديه ترمزالى وقار أبيه ،  أو علم جده صاحب الجواهر،أو جذور عائلته ، أم انّها تمثل عمائم عمالقة الشعر ، عمامة المتنبي العظيم ، وعمامة العبقري الخالد ابن الرومي ،وعمامة أبي العلاء الشاعر الفيلسوف العتيد؟ ولم أذكر عمامة الشاعر الشاعر الفنان المبدع البحتري ،  لعلمي أنّ الجواهري يعشق شعر الأخير، لريشته الفذة ،  وزجالته الرائعة ، ويكره شخصيته لإنتهازيته الفجة ، المهم لا يهمني كثيرا ما قال ،  أو ما لم يقل الجواهري بهذا الشأن ! فانا لا أعيد " ذكرياته" ، وإنّما أسجل انطباعاتي على أعتابها ،  ولكن بالتأكيد هذا التغيير  في لباسه ،  سيان لعمامته  بطاقيته ، أوغترته - الوشاح الأبيض الطويل الذي ارتداه إبان فترة سجنه - أم لعباءته و جبته  بطاقمه ورباط عنقه ... لا يعبرعن  دهاءٍ سياسيٍّ ،  ولا عن نفاق ٍ اجتماعيٍّ ، ولا هم يحزنون، لأن ببساطة  القول  الشاعر العملاق لم يخلق لهذه الأشياء ، فهو أكبر منها ، وأعرف بها ،  والبيتان اللذان قالهما في مدح الملك فيصل الأول، ليشير فيهما إلى حسن تمرسه في السياسة ،  و ألمعيته في الدهاء - وهما يحملان الضدين المدح والقدح - لا ينطبقان على الجواهري نفسه ، بأي شكل من الأشكال ، أو حال من الأحوال ، اقرأ  معي وتمعن ! :
لبّاس أطوار ٍيرى لتقلب الـ **أيّـام ِ مُدّخراً  سقاط ثيابِ
يبدو بجلبابٍ فإن لم  *****  ينزعهُ منسلاً إلى جلبابٍ !!
 لم تفتني الأبعاد المجازية ، والصيغ البلاغية للبيتين ، كما تتوهم ، بل ألعب اللعبة نفسها ، رجاء تابع معي ، الرجل خلع عمامته ، لا كرهاً لها  ، ولا سخطاً عليها ، ولا تخلصا منها ،  وله أن يطرح صورتها المزيفة  في الكناسة بجلسة عبثية ، وإنـّما ابتعادا عنها ، نشداناً لحريته ، وتكيفاً لبيئته ، واحتراماً لخلفيته ،وإلا فهي مخبؤة في دمه ، مزروعة في وجدانه ، فاعادها إلى مقامها ، وارجعها إلى هيبتها، متباهيا بها ، فهي الشعر وإصالته ، والتاريخ ومهابته ، والكلام وبلاغته ، هذا ما تقوله لي أعتاب " ذكرياتي" ،  وإنْ خُفيت الأمور على الجمهور :
أجب أيها القلبُ الذي لستُ ناطقاً ***إذا لم أشاوره ولستُ بســـامع ِ
وحدّثْ فأنّ القومَ يدرونَ ظــاهراً ***وتـُخفى عليهم خافيات الدوافع ِ
وفجّر قروحاً لا يطـاقُ آختزانها *** ولا هي ممـــــا يتقى بالمباضعِ ِ
تلفـّتُّ أطرافي ألمُّ شتــــــــــائتاً ***  من الذكرياتِ الذاهباتِ الرواجع ِ
تحاشيتها دهراً أخافُ آنباعثـها  ***على أنّها معدودة ٌ مــن صنائعي  
الآن قلبت ورقة الصورة ،ووصلت إلى ورقة تحمل عنوان ( المقدمة ) ، والبيتين الموجعين  :
أزحْ عن صدركَ الزّبدا ***ودعهُ يبثُّ ما وجدا
وخلِّ حطـــــامَ مَوْجدةٍ *** تناثرُ فوقــــهُ قصَدا
البيتان من قصيدة ما بعدها قصيدة في الروعة !! فإنْ كانت (يادجلة الخير ) رمزالحنين والشوق  ومناجاة الأوطان ،  و(أخي جعفر) عنواناً لجرح الشهيد، ودم الثائر ...، أمّا هذه  فهي منتهى صدق ما تبثُّه  النفس البشرية من مكنونات أليمة مكبوتة ، تقطع نياط القلب ، بجرأة متناهية في عصر ٍلا يرحم  ! قال عنها  الجواهري نفسه هنا ( الجواهري ينتصر للجواهري ) !  وكتب إلى مجلة الديار اللبنانية ، التي نشرتها في عددها المؤرخ (15 - 21 أذار 1976) ، قائلا : " آخر ما لدي، ومن أعزُّ قصائدي إلي " ، حصل من خلالها الشاعر على جائزة ( اللوتس ) العالمية لسنة 1975م , فاقامت  جمعية الرابطة الأدبية في النجف الأشرف حفلاً تكريميا له بالمناسبة ، وذلك مساء الخميس ( 2 / 11 /1975م) في قاعة الاجتماعات التكريمية ، وألقى الشاعر قسماً منها ، فعدد أبياتها (124) بيتاً ، فإليك عدّة أبيات ونعقب :
ولا تحفلْ فشــقشـــــقة ٌ**مشتْ لكَ أنْ تجيش غدا
ولا تكبتْ فمِــــن حقبٍ *** ذممتَ الصبرَ والجــلدا
أأنتَ تخافُ  مـــن أحدٍ *** أأنــــــــتَ مصانعٌ أحدا
أتخشى الناسَ أشجعهمْ ***يخافك مغضبـــــاً حردا
ولا يعلــــــوكَ خيرهمُ *** ولستَ بخيـــــرهمْ أبــدا
ويدنو مطمحٌ عجـــبٌ ***  فتطلبُ مطمحا بَـــــــعدا
ويدنو حيثُ ضقتَ يداً **  وضعتَ سدىً وفاتَ مدى
أفالآنَ المنى منــــــحٌ *** وكانتْ رغـــــــوة ً زبدا؟
وهبكَ أردتَ عودتــها ***وهبكَ جُهــــدتَ أن تجـدا
فلستَ بواجدٍ أبـــــــداً ***على السبعين مــــــا فقدا
صفق الجمهور هنا كثيرا ، ودعوا له بطول العمر، أريدُ منك أنْ تتساأَل معي، وتساعدني على الإجابة, لماذا كان يكبت الجواهري، ويصبر حتى ذمم صبره والتجلدا؟! وممنْ كان يخاف شيخنا فيصانعه حتى سكب لوعته  مستنكراً حرداً على نفسه؟! ومن هو أشجع الناس الذي كان يخاف الجواهري إذا غضب؟! ومن هو خيرهم الذي لا يعلو شاعرنا منزلة ؟!! 
والقصيدة طويلة ، ولا أريد أن يغلب شعرُهُ مقالثي، وينجرف القارىء الكريم معها ، ويتركني منفردا ,وينسى في غمرة النشوة لذة الفكرة  ! ديوانه متوفر وافر , والقصيدة من مجزوء الوافر ( مفاعلتن مفاعلتن     مفاعلتن مفاعلتن) ، عروضتها صحيحة ، وضربها مماثل لها ، ويعتري أبياتها جوازات الوافر ، ومعظمها من  زحاف القضب ، وهو حسن ، تتحول فيه ( مفاعلـَتن)  الى ( مفاعلـْتن) ، بإسكان الخامس ، فتصبح  التفعيلة (مفاعيلن) ، واختار الجواهري ، أو انطلق - على الأصح - من اللاوعي ,  هذا - أو من هذا - البحر السريع المتلاحق  - يأتي في المرتبة الثانية بعد الكامل في سرعته - لبث همومه المتراكمة كسيل جارف للأحقاد و الإعلام الزائف ، وما ألف إطلاق قافيتها الاّ دليل الشموخ والانطلاق للمارد العملاق !
أزحْ عن صدركَ الزّبدا***وهلهلْ صادحاً غردا
وخلِّ البـــومَ ناعبــــة ً ** تقيء الحقدَ والحسدا
بمجتمــع ٍ تثيرُ بـــــهِ *** ذئابُ الغابـــةِ الأسدا
بهمْ عــــــوزٌ إلى مددٍ ***وأنتَ تريدها مــــددا
  كفى من القصيدة مددا ، وبعد انتهاء الحفل العائلي النجفي ، والتكريم المعنوي ، وكعادة أهله الأصيلة  ، ورفقته العريقة ،  دهدى بيتين من الشعر،كأنهما عند سامعيه  جوهرتان من الدرّ:
مقــــامي بينكمْ شكرُ **ويومي عندكمْ عمرُ
سيصلحُ فيكمُ الشـّعرُ**  إذا لـم يصلح ِالعذرُ
ونحن نعتذرإليك،ونرجو أن يصلح الأمر ، ففي الإطالة مللٌ ، وفي الترقب أملٌ ، والجواهري لا يمُلُّ،ولله الأمر من قبلُ ومن بعدُ ...

زواج بكيزة وزغلول في معراب/ موسى مرعي

المصالحة الوطنية ليست كلمة تقال او نغمة تلفظ على لسان كل من يريد ان يتحدث من السياسيين عن أوجاع لبنان وشعبنا . المصالحة الوطنية واقع وطني يجب ان نهتم به ونلمسه ونتحسس هذا الواقع . ولا يمكن ان تنجح المصالحة الوطنية ويتم الوفاق بين كل الاطراف ولوعلى مبدأ موحد الا اذا كانت الدولة حاضرة بقوة وقادرة على بسط نفوذها وشرعيتها في كل مكان من لبنان وقادرة على حماية لبنان تمتلك القدرات لردع العدو, ولكن دولة بدون رئيس جمهورية لا تكون دول لها شرعيتها بين الدول ولا هيبة و التأكيد على ذلك , في اجتماع القمة العربية الاخير معالي وزير الخارجية جبران باسيل رفض باسم لبنان طلب ما تريده المملكة السعودية من العرب  علق عليه أحد امراء بني سعود وقال لبنان ليس في الحسبان او بمعنى لبنان ليس دولة معترف بها . انا ارد على هذا الامير باختصار ان لبنان جزء من الامة السورية وتاريخه حضاريا 7000 عام وعمر الامة منذ ظهور الانسان العاقل 75000 وليقرأ التاريخ ويعرفه من مدينتي صيدا وصور وجبيل من جنوبه حتى شماله . أنا أسأل سموه هل بامكانه ان يثبت لنا عن تاريخ بلاده وكم سنة عمرها المملكة السعودية التي أنشأتها بريطانيا عام 1932. نعم هناك محاولات مستمرة لعرقلة الحل السلمي في لبنان وبالذات لترشيح رئيس جمهورية والعرقلة هي من الخارج دول خارجية اولهم  أمريكا والسعودية واسرائيل يضعون العصي في الدواليب ليبقى لبنان مضعضع والاوضاع متأزمة بين اللبنانيين سياسيا وطائفيا وايضا اقتصاديا . بسبب مواقفه البطولية بوجه اسرائيل وحلفائها و ايضا تخوفهم من وحدة الامة وتماسك شعبنا مع قيادييه بمواجة المؤامرات المستوردة من العدو الخارجي وعملائهم . المصالحة الوطنية في لبنان لا يمكن ان تتم اوتتحقق الا بارادة الشعب اللبناني ورئيس للجمهورية وبمشاركة الاحزاب اللبنانية عامة ودون استثناء لاي حزب ولكن بأولوية الاحزاب الوطنية والقومية والاسلامية اللبنانية  والقوى المسيحية . اذا تم الاتفاق بينهم ولم يعد هناك من يرد على الخارج ولا يلتقون بسفراء هذه الدول المعادية لوحدة لبنان واستقراره المؤيدة لاسرائيل سوف ننجح ولكن ينقصنا ايضا شيئ في القانون اللبناني ان يعدل به هذه المادة التي قد تطبق في جميع دول العالم . ان كل مجرم ارتكب الجرائم بحق المواطنين او خائن للوطن او معادي لدولة شقيقة هي جزء من الوطن اوالوطن جزء منها مثل سورية أو فلسطين يمنع من ممارسة النشاط السياسي منعا باتا الى مدى الحياة وخاصة اذا كان قد يعترف بالكيان الغاصب العدو الاسرائيلي و ان لم يعترف بشهداء المقاومة الذين سقطوا في سبيل لبنان وشعبنا . هذا ايضا يعزل اجتماعيا . وليس كل واحد ينصب نفسه زعيما يظن انه هو الذي يدير امور الشعب والوطن كما يريد اوهو الوحيد الذي يختار الرئيس او الحاكم حتى ولو كانت معه طائفته لان يحق لباقي الطوائف ان يكون لها الرأي بالمرشح لرئاسة الجمهورية  . الزعامة لا تأتي من خلال المنصب أو قيادة حزب او المركز, بل من خلال العلم والقدرة والمعرفة والعقيدة التي يتبناها الفكر والاخلاق والثقة بالنفس وبالآخرين وبرائته من سفك دماء شعبه حتى تجد القدرة على تأثير الناس بك علميا وعقائديا واخلاقيا وليثقوا بك هكذا اصبح انطون سعادة زعيما وسماحة السيد حسن نصر الله قائدا حرا من امة حرة استطاع ان يفي بوعده الصادق انتصر وبل نصرنا جميعا باسم لبنان على العدو الذي قهر بالماضي العالم العربي والاسلامي ولم يشارك بسفك دماء المواطنين . الزواج الذي حصل في معراب بين بكيزة وزغلول انا كمواطن من الكيان اللبناني وقد عشت اكبر جزء من عمري في الوطن وتعايشت مع مآساته ومآسات شعبنا وشاركت في الصراع ضد المتآمرين في الداخل وبمواجهة العدو على الحدود المتربص بنا وبالوطن ولم ازل اعمل واقدم ما اقدر عليه من بلد الاغتراب وبما يسمح لي قانون البلد التي حضنتني بعد الوطن الام . لست ضد ترشيح العماد عون هويمثل شريحة كبيرة ومهمة من اللبنانيين ومن خلال حزبه التيار الوطني الحر وايضا من اهم حلفاء المقاومة ولكنه لم يعسكر عناصر حزبه لمحاربة العدو الاسرائيلي , لقد نال اعجابنا به واعطيناه ثقتنا ومحبتنا بقدرثقتنا وحبنا للاستاذ سليمان فرنجية الذي تربى وترعرع على مبدأ ان للبنان اعداء يجب محاربتهم ولذلك جعلوه يتيما من طفولته حرموه من حضن وحنان والديه وبالرغم من الظلم الذي تعرض له حاول ان يتناسى حرمانه واوجاع طفولته كيتيم الام والاب والاخ والاخت . برأيي وبتصوري اي مصالحة تخرج من معراب على يد سمير جعجع او اي طرف من امراء الحواجز الطيارة في الحرب الاهلية  1975 وحرب الجبل 1983 او مفجر الاسواق وديور العبادة او له يد باغتيال اي شخصية ساسية وغير سياسية في لبنان او من اطراف ليس لها مواقف وطنية نضالية على الحدود في مواجهة العدو الاسرائيلي والاسلامي المتطرف مثل الوهابيين وفروعهم الدواعش والنصرة تعتبر مصالحة ساقطة فاشلة ان لم يكن هناك مخطط لفتنة كبيرة بين اللبنانيين او الفصل بين التيار الوطني الحر وبين حزب الله وحلفائه المقاومة او لطلاق الزواج القديم باعتبار ان الزوجة الجديدة لا تقع على ضرة  . ولا ننسى ان العماد ميشال عون لم يحظى باحترام رئيس حزب القوات سمير جعجع بحفلة الزفاف في معراب , مسكه بيده وهو يصعد كم طبقة على  الدرج او السلم وايضا مسكه بيده وهو نازل ماذا يقصد سمير جعجع من هذه الحركات ؟ وايضا من انتبه لاستهزائه بمعالي وزير الخارجية الاستاذ جبران باسيل وأضحك القاعة عليه بسبب مواقف باسيل الوطنية المشرفة . اترك الاجوبة للقارئ  ولا نستبعد انه يكون يحضر نفسه لرئاسة الجمهورية بعد ان يقدم الرجل العجوز الى رئاسة الجمهورية بحجة ان قلبه على لبنان واللبنانيين وانه قد يتزعم المسيحيين وثم يرشح نفسه فهذه الفكرة صعبة عليه. نحن ضد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لانه يتعامل مع السعودية التي تدعم علينا  العدو الاسرائيلي وبمؤامراتها على لبنان ومقاومته , ولكن من الاساس انا كنت اتسأل لماذا سليمان فرنجية لم يترشح  لرئاسة الجمهورية , اذا لم يكن يوجد شخصية مستقلة ومعادية للعدو الاسرائيلي فليكن سليمان هو احق بهذا المنصب لان بحياته لم يكن على خلاف مع الاحزاب الوطنية ولم يعادي الكيان الشقيق سورية وبل سياسته الوطنية ممتازة من خلال مواقفه ضد العدو الخارج والاقليمي وبمواقفه الوطنية اتجاه الشعب اللبناني دون تمييز تسامح وتنازل عن حقه الطفولي وفي اليتم ورئيس حزب القوات لم يحفظ هذا العفو والجميل بل اراد قطع الطريق عليه بالرغم ما قدمه فرنجية من تنازل عن حقه في حرمانه من ابويه . أصبح في شك بأن هناك خطة خطيرة . وذهاب عون الى معراب واقاموا الافراح وفرشوا الموائد وما طاب ولذ من اللحوم والشراب والفاكهة والرقص على الموسيقى الرومانسية اصبح لدينا الشك بأنه يضع مصلحته فوق كل مصالح لبنان واللبنانيين كان الاولى به ان يرشح شاب من حزبه وهو يحتفظ بزعامة الحزب و خلد للراحة ولا ننسى انه بصم من قصد لسمير جعجع بالعشرة لكل مايريده من منه . ولا ننسى  أيضا باقي اللبنانيين الغير موارنة لهم رأي في ترشيح رئيس الجمهورية وهذا وبكل صراحة ليس سمير ولا عون هم من يمثلون كل اللبنانيين لايحق لهم وحدهم ان يختاروا وينصبوا علينا من يريدوا ومن لا يريدوا . اي نعم نحن مع ان تكون او تبقى رئاسة الجمهورية للطائفة المارونية ولا نريد غير ذلك ولكن زمن اول يختلف عن زمننا اليوم ولكل زمان له ناسه . نحن نقول ان لبنان ديمقراطي ولكن هل الديمقراطية مطبقة ؟
مفوضية سيدني المستقلة  

جثث ترفض الطائفية والتقسيم/ الدكتور رافد علاء الخزاعي

في بعض الاحيان تحدث حكايات اغرب من الخيال وكانها دراما سينمائية مكتوبه بحبكة ومهارة ولكن واقعيتها تفرض عليك التبصر والتأمل بها من اجل استخلاص الدروس والعبر وانت وسط المأساة والدموع والحزن تضحك وتبرز اسنانك البيضاء الناصعة مثل ابتسامة هووليود كما يكتب اطباء الاسنان في دعايتهم وبعض الاسنان الضاحكه صفراء وبعضها مكسرة  تخرج مع الضحكة رذاذات ماطرة واصوات محشجرة تعطي للضحكة رنين موسيقى مختلف اليوم تحدث لي صديقي طبيب الكسور  عن حادثة غريبة ان احد اقربائهم وهو رجل كبير توفي بعد يومين من الانفلونزا والبرد الشديد في ردهات المستشفى ووضع في ثلاجة الموتى وان ابنائه وبناته جاؤ يتباكون ويلطمون عند سماعهم الخبر رغم انهم لم يزوروا اباهم  عند دخوله المستشفى لاعتمادهم على اخاهم الصغير في مدارته هكذا هو حال الناس يصبح الانسان عزيز عندهم عند سماع خبر الموت والمهم تكفل  اخاهم الصغير باجراءات اكمل شهادة الوفاة واخذ اباهم المتوفي الى البيت لغرض  اجراءات ليلة الوداع وفي الفجر الباكر توجهوا الى النجف  لغرض الدفن وكما هو معروف ان مقبرة النجف او مقبرة وادي السلام كما يحلو للبعض تسميتها لانها تضم الموتى وهم لامشاكل بينهم لذلك عم السلام داخلها وهي اكبرة مقبرة في الشرق الاوسط والعالم الاسلامي ويدفن شيعة العراق وبعض الميسورين من شيعة الخليج وايران موتاهم فيها على امد القرون الستة الماضية ونعود الى ميتنا المسجى في مغيسل بير عليوي  حيث حدثت الصدمة ان اهل المتوفي عرفوا وانذهلوا انه ليس ميتهم او ليس اباهم وهكذا عادوا بالجثة للمستشفى في بغداد وليعرفوا انه حصل تبادل مع جثة اخرى لمريض متوفي اخر وبعد الاستقصاء والحصول على رقم هاتف اهل المتوفي الاخر عرفوا انهم  سيدفنوه في مقبرة الكرخ في ابو غريب وهي اكبر مقبرة للسنة من اهالي بغداد بعد منع المحافظة في دفن الموتى في مقبرة الغزالي ومقبرة الشيخ معروف وهكذا ذهبوا اهل المتوفي مسرعين الى مقبرة ابوغريب وهو رجل كبير وحيد هاجر اغلب ابنائه الى خارج العراق وتكفل بدفنه بعض اقربائه البعيدين وجيرانه وبعد الاخذ والرد والكشف عن الكفنين تعرف كل من الاهالي على ميتهم ليدفنوه في مقبرته المخصصة لهم هولاء في ابو غريب والاخرين في النجف  ولكن ان كل المتوفين هم معلمين متقاعدين عاشوا في هذا الوطن الواحد لم تفرقهم الظروف والايام  والنحل والملل عن وطنيتهم وعراقيتهم وهكذا عبرت جثتيهما نوع من التظاهر لزيارة المقبرتين قبل الدفن في تراب العراق الواحد الموحد رغم الموامرات  والتحديات التي تعصف بهذا البلد عبر التاريخ

أشهر الأخطاء المطبعية في تأريخ الصحافة العالمية/ جــودت هوشيار

الأخطاء المطبعية قديمة قدم الطباعة نفسها ، وهي طريفة في معظم الأحيان وتدخل المرح الى نفوس القراء  بتغيير الكلمات واعطائها معاني جريئة وجديدة . ففي عام 1648 نشر البروفيسور ( فلافيني ) اطروحة لاهوتية ، ورد فيها نص مقتبس من إنجيل متى: "وأنت ترى القذى في عين أخيك، ولا تشعر بالخشبة التي في عينك " . كانت الجملة منقولة نصاً باللغة اللاتينية . ولكن كلمة ( العين ) ocular تحولت بعد الطباعة الى كلمة كلمة culo التي لا تعني العين على الأطلاق في اللغة الأيطالية ، بل هي قريبة من الكلمة اللاتينية culus بمعنى العجيزة . ولم ينقذ فلافيني سوى الأعتذار العلني الذي أقسم فيه بأغلظ الأيمان ، أنه لم يحاول قط تحريف نص مقدس. وظل البروفيسور يلعن منضد الحروف حتى وهو على فراش الموت .
ولكن أخطاء الطباعة في الكتب مهما كانت غريبة وشنيعة وتحرج المؤلف ، وقد ينتابه الغضب أو الأمتعاض ، ولكنها تكون أحياناً ، مصدر مرح وترفيه للقراء ، اذا كانت المعاني الجديدة طريفة ومسلية ، ولكن مع ذلك  يظل تأثيرها محدوداً بالقياس الى الأخطاء المطبعية ، التي رافقت الصحف الأوروبية منذ ظهورها في القرن السابع عشر.ولم تختف حتى اليوم ،بعد إستخدام مكائن الطباعة الرقمية والكومبيوتر في العمل الصحفي.. ويمكن القول أنه لا توجد صحيفة ، مهما كانت شهيرة ويعمل فيها صحفيون أكفاء ، بمنجى عن الأخطاء المطبعية التي تحدث في العادة ، من جراء الأندفاع في العمل من اجل صدور الصحيفة في موعدها المقرر . وغالبا ما تحدث هذه الأخطاء نتيجة  تبديل أو حذف احد الحروف في كلمة ما ويؤدي الى افساد المعنى أو تغييره .
أخطاء الطباعة في الصحف والمجلات ،  شديدة التنوع ، متباينة التأثير ، والكثير منها أخطاء طريفة مثيرة للضحك أكثر من أي نكتة يمكن أن يتخيلها انسان ، وأخرى مزعجة أو مؤلمة لصاحب الشأن ، وبعضها يؤدي الى تداعيات ، قد تكون وخيمة ، خاصة اذا حدث عند تغطية أخبار أحد الملوك أوالرؤساء أو سياسي متنفذ. في الفقرات اللاحقة عينات مختارة من الأخطاء المطبعية الشهيرة التي وقعت فيها كبريات الصحف الغربية  والروسية .
في نهاية عام 1880 نشرت احدى الصحف الألمانية مقالاً سياسياً يتحدث عن سعي الأمير أوتو فون بسمارك للحفاظ على علاقات جيدة مع كل القوى المؤثرة . ولكن كلمة  (Machten) التي تعني القوى المؤثرة بالألمانية تم تبديلها خطأً بكلمة (Madchen)  التي تعني فتاة شابة أومراهِقة . أي أن السياسي العجوز الذي كان قد تجاوز السبعين عاما يسعى للحفاظ على علاقت جيدة مع كل المراهقات .
في الفترة ذاتها نشرت احدى الصحف الفرنسية  خبرا عن الحالة الصحية لسياسي فرنسي شهير - ، تقول فيه : " تحسنت الحالة الصحية للسياسي السيد (N) وانفتحت شهيته للأكل ونأمل أن تكون الرعاية التي يلقاها فخر دولتنا كفيلة باستعادة صحته وقوته " . ولكن بدلا من كلمة الرعاية (soin) طبعت كلمة (foin ) التي تعني ( القش ) باللغة الفرنسية . أي ان صحة السيد (N) تحسنت بضل تناوله القش في فترة النقاهة .
ولعل أشهر وأطرف خطأ مطبعي في تأريخ الصحافة هو ما حصل في نهاية القرن التاسع عشر ، عندما نشرت احدى الصحف الفرنسية اعلاناً عاديا عن تأجير مزرعة ، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان ، بعد أن حل حرف (f)  محل حرف (r) في كلمة المزرعة (ferme ) وبذلك تحولت الى ( femme) التي تعني ( المرأة ) باللغة الفرنسية ، واكتسب الأعلان معنى جديداً تماماً بصيغته الجديدة  " إمرأة جميلة للأيجار أو البيع ،عند التعامل معها بشكل صحيح خصبة للغاية "
(«Belle femme a vendre ou a louer; tres productive si on la cultive bien»)
وقد ورد ذكر هذا الخطأ المطبعي في كل طبعات موسوعة لاروس (Larousse) الفرنسية الشهيرة .
وفي الفترة نفسها كتبت جريدة ال(تايمز) اللندنية الشهيرة مقالاً عن الميول الدينية لرئيس الوزراء البريطاني آنذاك غلادستون تقول فيه أنه يؤمن ايماناً راسخاً بالمذهب الأنجليكاني (anglican)  .ولكن يبدو أن ذهن المنضد كان مشغولاً فطبع كلمة أفغاني ( afghan) بدلاً من كلمة ( anglican) ولم يفهم أحد من القراء ما هو هذا المذهب الأفغاني !.   
في عام 1940  كان الرأي العام الأميركي قلقاً على صحة الرئيس روزفلت ، ونشرت صحيفة ( الواشنطن بوست ) الأميركية خبراً على صدر صفحتها الأولى وبمانشيت كبير تقول فيه أن ( فرانكلين ديلانو روزفلت  في الفراش بسبب نزلة برد ) مع اختصار اسم الرئس : FDR IN BED WITH COLD. ، ولكن ما ظهر على الصفحة كان شيئاً مختلفاً تماما : FDR IN BED WITH COED   ( الرئيس في الفراش مع طالبة ) . ويقال أن الخبر كان مسلياً للرئيس روزفلت الذي اتصل بأدارة الجريدة طالباً ارسال مائة نسخة من الجريدة لغرض توزيعها على أصدقاءه . ولكن الرئيس لم يحصل ولا على نسخة واحدة ، فقد بادر مكتب التوزيع في الجريدة الى شراء كافة نسخ هذه الطبعة واتلافها ، وصدرت الجريدة في اليوم ذاته بطبعة جديدة بعد تصحيح عنوان الخبر بطبيعة الحال .
أكثر الأخطاء المطبعية خطورة على رؤساء التحرير ، تلك التي تمس الملوك والأباطرة ورؤساء الدول ، وهي بطبيعة الحال أخطاء عفوية غير متعمدة ، ومن أطرف وأخطر هذه الأخطاء ، ما حدث في أوائل القرن العشرين .- وهي السنوات الأكثر ليبرالية في تأريخ روسيا -  عندما نشرت صحيفة ( كيفسكايا ميسل) خبرأ عن زيارة الأمبراطورة الأرملة ماريا فيودوروفنا ( والدة الأمبراطور ) الى فنلندا ، في صدر صفحتها الأولى و تحت عنوان " مكوث الأمبراطورة الأرملة ماريا فيودوروفنا في فنلندا "ولكن حدث خطأ في كلمة (prebivaniya– الروسية وتعني مكوث) حيث حل حرف (o) محل حرف ( r) فتحولت كلمة مكوث الى كلمة (مُجامَعَةُ ) مما أثار الضحك في بعض الصالونات الأرستقراطية، وتم جمع ما تبقى من النسخ من الأسواق وصدرت الجريدة في اليوم التالي وفيها اعتذار شديد من العائلة المالكة ) .
كان الخطأ فظيعا ، وتم تقديم رئيس التحرير الى المحاكمة بتهمة إهانة العائلة المالكة . ولكن القصر الأمبراطوري الروسي أدرك بسرعة أن عرض القضية على المحكمة سيجعل هذا الخطأ على كل لسان وتلحق ضررا معنوياً فادحا بالأمبراطورة الأم ، لذا تم التكتم على الخطأ ، وصرف النظر عن المحاكمة . وكان ذلك عين العقل ومر الأمر بسلام ، ولم يتحول الى فضيحة مكشوفة تلوكه الألسن ، بفضل حكمة العائلة المالكة .
واذا كانت الأمبراطورة الأم لم يلحق بها أذى يذكر ، فأن شارل لويس بونابارت (إبن شقيق نابليون بونابارت )  اضطر أن يتعايش مع الخطأ المطبعي الذي لصق به طوال حياته .
 فقد اعتلى عرش فرنسا في عام 1852 ، بعد عودة الملكية الى فرنسا واتخذ اسم عمه الشهير ،  كوريث لسلالة نابليون . وفي الأيام التي سبقت حفل التتويج ، عملت المطابع الفرنسية بأقصى طاقاتها من اجل طباعة آلاف المناشير لأعلام المواطنين الفرنسيين بيوم تتويج ملك جديد على فرنسا . كان عنوان المنشور بالبنط الكبير " يحيا نابليون !!! " ولكن منضد الحروف – اليدوية في ذلك الوقت - لم يفهم   الخطوط العامودية المتجاورة الثلاث (!!!) ، وهي علامات التعجب وطبع بدلاً منها رقم واحد بالأرقام الرومانية  ثلاث مرات (I I I) .
في يوم التتويج جلس على العرش من عرفته فرنسا بأسرها بأسم نابليون الثالث ، رغم أنه لم يكن ثمة نابليون الثاني في التأريخ الفرنسي .
وقد حاول  البعض تبرير هذه التسمية بالقول ان لويس بونابرت اقترح أن يطلق عليه اسم بونابرت الثالث احتراما لذكرى ابن نابليون الذي كان يمكن من الناحية النظرية أن يحمل اسم نابليون الثاني لو امتد به العمر واسترد عرش والده ، ولكن المؤرخين لم يصدقوا هذا الزعم ، لأن الحقيقة لا تخفى .
ستالين وأخطاء الطباعة "
كل الصحف في الأتحاد السوفيتي كانت تنطق بأسم الحكومة أو الحزب أو المنظمات والأتحادات الخاضعة لهما ، ولم تكن هناك  صحيفة مستقلة واحدة . وكان جهاز المخابرات السوفيتي في عهد ستالين لا يتسامح مع أبسط خطأ مطبعي في المطبوعات الدورية وخاصة تلك التي لها علاقة بستالين. كان ثمة تعميم رسمي موجه لرجال الأمن بضرورة أن يكونوا في أقصى درجات اليقظة في النضال ضد العدو الطبقي الذي يحاول التسلل الى الصحافة ونشر الدعاية المعادية للسلطة السوفيتية تحت ستارالأخطاء المطبعية .
 ففي منتصف الثلاثينات من القرن الفائت نشرت جريدة ( ازفيستيا ) السوفيتية خبراً عن استقبال ستالين للسفير البولوني ، وقالت أن اللقاء كان ناجحاً . ولكن حدث خطأ عند طباعة كلمة السفير (росол ) بالروسية ، حيث سقط الحرف الأول وتحولت الكلمة الى (  осол) أي ( الحمار ) .
ولكن عندما قدّم رئيس جهاز الرقابة على المطبوعات تقريره عن الحادث الى ستالين ، إنزعج الأخير بعض الشيء ، وقال : "  لا تعاقبوا كادر الصحيفة لأنها قالت الحقيقة . فالسفير يستحق هذا الوصف فعلاً " .
واذا كان ستالين قد سمح لتحويل سفير الى حمار ، الا أنه لم يكن يتسامح مع أقل خطأ في طباعة اسمه ، مهما كان هذا الخطأ بسيطاً . ففي ذات مرة ورد اسم ستالين في صحيفة اقليمية بصيغة ( ستادين ) ، وكان جزاء العاملين في الصحيفة الفصل الجماعي . وفي حالة أخرى طبعت احدى الصحف المركزية  اسم ستالين بصيغة ( سالين ) فحكم على رئيس التحرير بالسجن خمس سنوات مع الأشغال الشاقة . 
ولكن أفدح خطأ في اسم القائد الملهم أرتكبته صحيفة تنطق بأسم منظمة الحزب في مقاطعة ( ماخاجكالينسكايا ) حيث جاء اسم ستالين بصيغة ( سرالين ) وهي كلمة بذيئة في اللغة الروسية العامية .
وأود أن اختم هذا المقال بعيداً عن كل ما يذكرنا بجوزيف فيساريونوفيتش جوغاشفيلي الذي عرف بأسمه المستعار ( ستالين ) .
في أواخر القرن التاسع عشر تسلل عدد من طلبة جامعة اوكسفورد الى مطبعة محلية تطبع كراساً عن حفلات الزواج . وكانت اللائحة تتضمن سؤالاً تقليدياً يوجهه الكاهن الى العروسين عند عقد قرانهما ، وهذا السؤال لم يتغير حتى يومنا هذا : هل يلتزم كلاكما بأن يحب ويحترم الآخر ما دمتما على قيد الحياة ؟ so long as you both shall live
 وقام الطلبة بتبديل حرف (v) في كلمة (live) بحرف (k)  فتغير معنى السؤال تماماً وأصبح كالآتي : (so long as you both shall like (  أي ما دام كل واحد منكما يحب الآخر .وكانت فضيحة سجلتها كتب التأريخ اللاهوتي .    

سفر بغير وداع/ محمد محمد علي جنيدي

وتلتقط أنفاسها الأخيرة في أمواج الفضاء العاتية، فتطفو تارة وتختفي تارة أخرى حتى غزا الظلام نسيج السماء، وبدت النجوم باحثة عن عروس الليل ومحياه المضيء، وتسري قوافل الليل في انتظار مريب وصمت مهيب يبوح بخوف وحيرة سؤال، تُرى.. لماذا افتقد الليل في هذا المساء عروسه بعد طول انتظار.
 - مصر
m_mohamed_genedy@yahoo.com

ونحن نربي الأمل/ جواد بولس

على غير عادتي، وصلت باحات المحكمة العليا قبل موعد جلستي بحوالي الساعة. القدس أفاقت من ليلة بيضاء كتلك التي يشتهيها الأطفال الحالمون بصباح كلّه ثلج وكسل؛ أما أنا، فقضيت ساعاتي ورفيقي ليل كله ليل وسفر. فماذا سأفعل لو سدت الطرقات وسجنني الأبيض في بيتي ؟ وهل سيتقبل محمد القيق تبريراتي وقسوة الحظ وخيانة المطر؟
دخلت إلى غرفته في مستشفى العفولة، الذي لا أحبّ زيارته، ففيه سلّم بعض أحبابي أماناتهم ومضوا في رحلة الغيم الطويلة. كان نائمًا وعلى وجهه بقايا صلاة ودعاء. من حوله ثلاثة سجّانين يمارسون فروض الكهنة في معابد تربي العمى. شعره كث يتشاقى كخيوط شمس ناعسة وتحتها فم سرق الجفاف منه رونقًا فبدا كحز تفاحة شققته الريح.
ناديته مرتين فتململ، فاطمأنيت على أنه حي ويسمعني، انتظرت قليلًا وربّت على كتفه ففتح عينه اليسرى التي كانت كأول الربيع، خضراء متعبة وجميلة، حييته وسألت عن صحّته.
حاول أن يخفي عني آلامه، لكنّها كانت ممدّة أمامي وناطقةً. جرّب أن يجيبني، كما كان يفعل في زياراتي السابقة له، لكنه كلّما همّ  تعثرت الحروف ووقفت على رأس لسانه. لقد بدا عليه الارهاق، بياض عينيه اكتسى بحمرة مقلقة، حديثه صار متقطّعًا وغير مفهوم، كان يتنفس كالغريق .
مع اقتراب موعد الجلسة يمتلئ بهو المحكمة الفسيح بسنونوات أولى من وسائل الاعلام العربية والأجنبية، ربما في خطوة وفاء خجولة من زملاء صحافيين لزميلهم الصحفي الذي يرقد بعيدًا عنهم ويصارع الموت من أجل أن يحظى بحياة كريمة، إن لن تكون فالموت لأجلها أشرف !
عند اقتراب الساعة من الحادية عشرة والنصف، ملأت وفود المتضامنين القاعة الكبرى، فتمنيت لو كان محمد حاضرًا ليرى ويسمع ويفرح ويقنع، لكنها المحكمة هي التي أمرت، لخطورة وضعه الصحي، حرسَ السجون بعدم جلبه لحضور جلسته.
في الصفوف الأولى برز عدد من أعضاء الكنيست العرب ووراءهم وفود عن منظمات حقوقية يهودية وعربية وبينهم بعض الناشطين المقدسيين في قضايا الأسرى، وعدد من المحامين.        
نقف جميعنا عند اعلان الحاجب عن دخول القضاة ونجلس بعد جلوسهم على الكراسي. أنظر في وجه رئيس الهيئة فأجده أحمر قانيًا وقد ألفته زهريًا طافيًا؛لاحظت أنه، فور دخوله، حملق في صحن القاعة المملوء حتى الشفة، فغلبته المفاجأة، وهو الذي اعتاد وزملاءه من القضاة مثلي، أن نسمع تلك القضايا وندير جلساتها وكأنها عروض خاصة بنا وبدون جمهور.
وقفت كي أبدأ مرافعتي، فقاطعني رئيس الهيئة، بدماثة، مشيرًا علي أن أختصر كلامي وأن أتنازل عن مقدّماتي التي درجت أن أتلوها عليهم لافتًا أنه يلاحظ أن القاعة طافحة وذلك في إشارة منه ونصيحة لي أن لا أستغل المنصة للشؤون والمواضيع السياسية العامة.
شكرته على ملاحظته ولفت انتباهه على أنني تعوّدت وعوّدتهم أن أبدأ جميع مرافعاتي بمقدمات عامة، لكنها دائمًا تكون ذات صلة بمواضيعنا، ولطالما فعلت ذلك في قاعة خالية من الجمهور وعلى مسامعهم فقط، ولذلك، لا أرى سببًا، هكذا بإصرار واضح أتممت حديثي، أن لا أفعل ذلك في هذا اليوم لأن من يهمونني هم من يسمعوني من الأمام وليس من هم ورائي، وأملي أن تسمعوني، خاصة وقد جئتكم باسم الأمل، الذي حدثتكم عنه في ملفات سابقة كما تلته روايات شعرائكم أما اليوم فساعلّمكم كيف يجب أن تربوه، فنحن وأولادنا نربيه على طريقة الدرويش.
لم أنتظر إذنهم ومضيت أقرأ عليهم سيرة شعب ينقب عن دولة نائمة: " هنا عند منحدرات التلال، أمام الغروب وفوّهة الوقت، قرب بساتين مقطوعة الظل، نفعل ما يفعل السجناء، وما يفعل العاطلون عن العمل : نربي الأمل."
أدار رأسه صوبي، فأحسست ببسمته تنفر من بين شقوق شفتيه، وسألني عن عائلته وكيف يمضون الوقت في عالم أبرد من الزمهرير وتغزوه الثلوج.
حلّفني أن أنقل رسائله البسيطة، التي كانت كرسائل الحمام، لكل من يحبهم ومن يحبونه، هنا وفي العالم، فهو سيمضي، قانعا، إلى حيث رأس الحكمة، وليعذروه إن خانه جسد وأضاعه الطريق.
اتفقنا على موقفنا، بعد أن قيمنا معًا معظم الاحتمالات، وعلى أن لا نعوّل على عدل محكمة نذهب إليها غير مؤمنين بانصافها، بل كي نستنفد هوامش أتاحها لنا، نحن معشر المحامين، احتلال خطط كي تكون محاكمه كسوة لعوراته المجلجلة وساترًا لفضائحه؛ واتفقنا،كذلك، اننا نذهب إلى تلك المنصات كي نتلو، مرّة أخرى، أمام العالم وأنفسنا، تراتيل الخسارة والرهانات الخائبة، عسانا، من فرط الوجع، أن نوقظ من أعرض عن حق شعب ما فتيء ينقب عن ثورة نائمة، أو ربما كي نقنع الرعاة في حقولنا  كيف يجب أن تحلب أثداء الزمن وتقرع أجراس الأوطان.
 نظر إلي وقال: لقد دعوت لك ولعائلتك بصلاتي أمس، فاذهب وتقديري، إلى حيث البرد والثلج والملتقى. خبأت دمعتي وانسللت وفي صدري عاصفة من زهر. وسألته قبل أن أتركه، إذا كان يعرف أن اليأس أبرد من الزمهرير ؟    
لم أخبر القضاة عن دمعتي، فأنهيت مرافعتي أمامهم مطالبًا بالافراج عن محمد فورًا أو بتقديمه إلى محكمة يستطيع أمامها أن يدافع عن نفسه.
 خرجنا وعدنا إلى القاعة بعد حوالي الساعة وقد أنهى القضاة جلسة مكتومة مع ممثلي جهاز المخابرات العامة، استمعوا فيها إلى ما لا نعرفه وقرأوا فيها مواد لم نشاهدها، وتلوا علينا قرارهم العجيب. 
" لقد اطلعنا على ما يكفي من البيّنات السرية التي من شأنها أن تثبت خطورة الملتمس، محمد القيق، على أمن وسلامة الجمهور، ولذلك نرى أن أمر الاعتقال الإداري الصادر بحقه محق ومبرر، ولكننا لن نعطي قرارًا نهائيًا اليوم بل سنعلق ذلك إلى بضعة أيام على أن نستلم خلالها، وبشكل يومي، تقارير طبية، وبناءً على ما سيرد فيها سنعطي قرارنا النهائي".
وقفت، وقبل أن أستفسر عن معنى هذا القرار خرجت الهيئة من القاعة، وبقيت مع من أحاطوني نتساءل، هل يعقل أن القضاة يتوقعون وينتظرون إمكانية من اثنتين: فإذا استعاد محمد صحته سيبقى سجينًا ، كما كتبوا، وإذا ساءت حالته وفقد وعيه أو استشهد فسيصير حرًا!
هل يعقل.

د أنور غني الموسوي؛ الكتل التعبيرية المتوهجة عند كريم عبد الله

التوهج النصي المتقوم بالادهاش و التكثيف من اهم مميزات كتابات كريم عبد الله ، و الظاهر لكل من يطالع اي نص من نصوص كريم عبد الله يجده لا يقبل ابدا ان يكتب نصا الا بكلمات متوهجة تتلألأ . انك حينما تقرأ نصا لكريم عبد الله تشعر و كأنك ترى سماء صافية و نجوم مشعة تبهر و تدهش .
هنا سنحاول تتبع الخصائص الابداعية في كتابات كريم عبد الله و التي تعطيها هذا الوهج الجمالي الفتان ، و الميزة الاهم لكتابات كريم عبد الله الجمع بين الفنية العالية بمثل هذا التوهج النادر و بين العذوبة و القرب  و في الواقع اننا ندعو دائما الى ادب قريب و ممتع و في نفس الوقت احترافي و عالي الفنية ، يجمع بين الابداع و القرب و بين الفنية العالية و الامتاع ، وهذا ما لا يجيده الا قليليون من كتاب الادب اليوم ، لكن و بصراحة الشعر السردي و  السردية التعبيرية قد مهدت الارضية لهكذا ادب نادر و فذ ، و شعراء مجموعة الشعر السردي قد حققوا تلك الغايات ، وهذا امر مهم و تأريخي .
  هنا سنحاول تتبع تلك الميزات و الخصائص الجمالية و التعبيرية في قصيدة (  كلّما أناديكِ تتعطّرُ حنجرتي )وهي نموذج لكتابات كريم عبد الله في هذا الشكل الكتابي  .
 كريم عبد الله ؛ كلّما أناديكِ تتعطّرُ حنجرتي
 هذا النص قصيدة تعبيرية باسلوب الشعر السردي ، يجمع بين البوح الرقيق و القرب و الامتاع و بين التوهج العالي للمفردات و التراكيب و الفنية العالية محققا كما و كيفا ابداعيا حسب قانون الابداع في جوانب معادلته من الاصالة و التجديد و الرسالية .
بخلاف الفنون البصرية  فان الكتلة التعبيرية – و هي الوحدة المادية التي يشتغل عليها المبدع لانتاج فنه – و التي تتوحد في الفنون البصرية  ، فانها في الفنون السعمية  كالنص هي في الاصل متعددة  ، فالوحدة الكتابية   في الاصل تعتمد البناء الطولي الزماني و ليس  العرضي المكاني البصري ، فلدينا المفردة ثم الاسناد بين مفردتين او اكثر ثم الجملة ثم النص ، فهذه اربع وحدات كتابية كل منها يمكن ان تكون كتلة تعبيرية ابداعية . و لقد اجاد كريم عبد الله في ابداعه الادبي على المستويات الاربعة ، فعلى مستوى المفردة هو معروف باستخدام خاص للمفرادت و التطعيمات و على مستوى النص هو معروف بالنص المفتوح و المجانية و على مستوى الجملة ايضا معروفة كتابته بالكثافة و الومضة و الضربة الشعورية ، و اما على مستوى الاسناد وهو العمل على جزء الجملة فهذا مما يتقنه كريم عبد الله فعلا وهو ما خصصنا هذا المقال له لان الحديث عن المستويات الاربعة يطول فعلا ، كما ان كلامنا هنا اي على مستوى الاسناد وجزء الجملة سيكون نموذجا لتبين جماليات التعبير عند كريم عبدالله في المستويات الاخرى .
و بخصوص الفردية و الاسلوب الخاص الذي تتميز به كتابات كريم عبد الله ،  فان اي متتبع و متأمل في تلك لكتابات سيجد واضحا الضربة التأثيرية  التي يعتمدها كريم عبد الله في اجزاء الجمل معطيا اياها توهجها الخاص المستقل عن الجملة ، بمعنى اخر ان كريم عبد الله ليس فقط يعمد الى التأثير الجملي و توهج الجملة الشعرية   ، بل انه يعمد الى تركيب الجملة و تكوينها من اجزاء متوهجة لها تأثيرها الجمالي الخاص .
  ان فهمنا للكتلة التعبيرية كمؤثر جمالي ضمن ادوات النقد التعبيري يختلف عن الفهم الاسلوبي له الذي يتمحور حول الشكل و النص و العلاقات النصية لذلك كان الانحراف و الانزياح و الذي هو فهم متطور للمجاز مركزيا في الاسلوبية . اما النقد التعبيري الذي نتبناه فانه ينظر الى التوهج اكثر من النظر الى الانحراف ، و يرى الفردية و التفرد في تلك القدرة على تعظيم الطاقات التوهجية للوحدات التعبيرية ، و ما الانزياح الى جزء من ذلك التوهج ، ذلك التوهج الذي يمتد في عمق النص باعتباره كلاما و نظاما لغويا و في الانظمة الماوراء نصية باعتبارها انظمة جمالية  و تأثيرية و شعورية و انسانية ، بمعنى اخر ان النقد التعبيري يهتم بالانظمة الجمالية للوحدات التعبيرية اللغوية اكثر من لغويتها و نصيتها . وهذا الفهم يعطي مساحة و فهم اوسع للظواهر الجمالية و الادبية . لذلك يمكننا وصف النقد التعبيري بانه تجاوز للفهم الاسلوبي و انه يمثل مرحلة ( ما بعد الاسلوبية )للحقائق التي بيناها .
 في قصيدة ( كلما أناديك تتعطر حنجرتي )  و اضافة الى  نراه من ان هذا العنوان وخحده نص تقليلي متكامل ، و بجانب الابهار و الضربة الشعورية و الجمالية في هذه الجملية الشرطية و   الرابطة لانسانية العميقة التي يصورها ، فاننا نلاحظ ان التوهج في عبارة  ( تتعطر حنجرتي ) غير مقتصرا على الانزياح ، و انما هناك عمق تعبيري حقيقي ، و أثر جمالي يعطي للكلمات معان اخرى وهذا ما نسميه ( الرمزية النصية ) حيث تصبح للكلمات رمزية و معان تختلف عن معانها و دلالاتها خارجه ، كما ان هذا التوصيف للشعور الانساني الذي يصف بها الشاعر نفسه ، اي تعطر حنجرته يعد من حالات بلوغ الحدود الشعورية القوى ، اي ان المعبرقد  بلغ اقصى درجات و مستويات التجربة الانسانية في هذا الشأن و هذا حقيقة يذكرنا بالشعر العذري عند العرب ، حيث انهم يبلغون مثل تلك المستويات القوى جدا في تعبيراتهم و تعلقهم و وضعهم الانساني مع من يحبون  ، و لقد وصفناه في كتابات لنا ( بالبوح الاقصى ) وهذا بلا ريب عامل من عوامل الصدمة و كاشف عن معادل جمالي عميق يتحرك في مجال ما وراء النص في وعي القارئ و الانسانية . و من المهم التأكيد ان التأثير التعبيري و الجمالي و الشعوري عموما بل و الانساني لا يوجد في النص حقيقة بل يوجد في عوامل الوعي الانساني و المجالات الجمالية و اللغوية  الماوراء نصية ، و وظيفة الشاعر ليس اختيارات نصية فقط ، بل اختيارات ماوراء نصية ، بل الشاعرية  تكمن في امساك الشاعر بتلك المعارف الماوراء نصية ثم يترجمها الى عوامل نصية تعبيرية
ان كريم عبد الله في نصه هذا لا يرى الكلمات فقط بل يرى الشعور الانساني حتى انك تشعر انه  عوالم شعورية و تأثيرية عميق في الوعي  قبل ان يرا التعابير مكتوبة وهذا ما بديع الادب فعلا ، اذ يقول في قصيدته هذه :
( هذا الأثيرُ يحملُ عطرَ تصاويركِ وحدها تتنفتّحُ في ليلِ عيوني )
العذوبة و الهزة لا تكمن في التصوير البديع و البوح الرقيق  ، و انما في الوقفات الانسانية في اجزاء هذه الجملة  ،حيث نجد عمقا صوتيا شعوريا في اسم الاشارة و بدله في عبارة ( هذا الاثير ) و في الحقيقة لا يعطينا كريم عبد الله و في بداية قصيدته الا ان نلفظ هذه العبارة بهذه الكيفية ( هذااااااااا.. أل …أثيييييييي…ر ) و بقدر النًفًس و عمقه تضرب هذه العبارة في عمق الانسانية و الشعور الانساني ، و تخبرنا و بوضوح ان الادب ليس نصا فقط بل هو عالم كبير واسع ، ثم يتقدم الشاعر في بناءاته الكتابية حتى يصل الى كتلة تعبيرية اخرى ايضا تضرب في العمق تتمثل بعبارة ( عطر تصاويرك )  و من الواضح اتقان كريم عبد الله لتجريد الاشياء من خصائصها المعروفة و تحويلها الى كيانات اخرى فالبصري المادي الجمادي يلبس صفة العطر وهذا المجاز و الانحراف بل و المجانية احيانا و ان كان فنا عاليا و بديعا لكن في العبارة و كما اشرنا ما هو اكثر عمقا و ابهارا الا وهو رؤية الشعور الانساني و تجسيده  و  تجلي الأثر الجمالية ، أي رؤية الكيانات و الانظمة الماوراء نصية العميقة في الوعي المنتجة لكم كبير من المعاني الجمالية و التأثيرية اللانصية و تجليها بقوة في الكتابةو لقد نجح الشاعر في ذلك.
 تتكرر هذا الظاهرة الابداعية  في باقي مقاطع النص حتى يقدم لنا الشاعر لوحة فريدة تقول كل شيء و تبوح بكل شيء و تدخل في مصافي البوح الانساني  الجميل بما بذل الشاعر فيه من وقفات تعبيرية و ما قصده من تأثير جمالي و شعوري و توهج للمعاني في الوعي الانساني الكبير و العميق .  ففي مقطع اخر :
( تمطرُ أحلاماً غزيرةً تسبحُ في ينابيعها الجديدةِ أصواتُ صبواتي )  و ايضا يتكرر البوح التعبيري الاقصى و بلوغ المستويات العليا من البوح و التعبير بعبارة ( تمطر احلاما ) وهو المناسب لهذا النص الوجداني الجياش .
و هكذا نجد ذلك الاداء و تلك القوة التعبيرية و الطاقات الواضحة في اجزاء الجمل كعبارات ( ألمَّ بريقَ عينيكِ) و ( النجوم تستجدي أنْ تغسلَ عتمتها ) و لا نحتاج الى كلام للاشارة الى بلوغ اعلى مستويات الانبهار الذي حل بالشاعر تجاه المثال الذي يحاكيه متمثلا في  ( عتمة النجوم )،  و عبارة (  أكاليلُ الأزهار تصطفُّ كلَّ صباحٍ على شرفتكِ ) و عبارة ( أسرابٌ مِنَ الطيور تحطّ ّ ُ على مائدتكِ لعلَّ فُتاتَ صوتك يجعلها تغرّدُ ) و عبارة (  فقبلَ أنْ أناديكِ تتعطّرُ حنجرتي )  لقد اراد كريم عبد الله ان يكتب هذه التجربة  الانسانية الرفيعة قصيدة خالدة  حيث يقول ( فأكتبكِ قصيدة خالدة ) و قد نجح فعلا .

انتم صنعتم داعش/ كفاح محمود كريم

 ربما يظن كثير من الناس إن داعش وما قبلها من قاعدة ومن ماثلهم في العقيدة والسلوك إنتاج حملة إيمانية أو نزعة دينية فقط بقدر ما هم نتاج تراكم سلوكي وتربوي لعشرات السنين من الحكم الدكتاتوري الممنهج فكرا وسلوكا في مختلف دول الشرق العربي والاسلامي، ولا يختلف اثنان من العراقيين على سبيل المثال من إن نظام البعث احدث تغييرات مهمة في البنى التحتية للدولة العراقية بعد هيمنته على السلطة أواخر ستينيات القرن الماضي، ونفس الاستنتاج يتفق عليه المصريون أيضا بعد تولي الضباط الأحرار مقاليد الحكم في مصر عام 1952، وكذا الحال مع القذافي أيضا، لكنما التغييرات المهمة التي أحدثتها تلك الأنظمة لم تشمل الإنسان ولا البنية الاجتماعية لتلك الدول، بل على العكس أوصلتها إلى حافة الانهيار الذي شهدناه عند مرور أولى نسمات الحرية فيما سمي ظلما بالربيع العربي، وان حقيقة أخرى رافقت تلك العمليات وأظهرت بشكل جلي إن ما كان يجري لم يتجاوز إلا البناء الكونكريتي، الذي رافقته عملية تهديم هائل لشخصية الفرد وتدمير منظم للبنى الأساسية والنسيج الاجتماعي للمكونات، حيث اقتُرفت خلال السنوات الأربعين من حكم حزب البعث في العراق، أبشع أنواع الجرائم والكوارث بحق الأهالي سواء في كوردستان أو في بقية العراق وسوريا، وكانت بحق حقبة سوداء تدحرجت فيها الحياة في كلا الدولتين إلى ما نشهده اليوم من كوارث ومآسي يندى لها جبين الإنسانية.
     لقد استهدفوا كرامة الإنسان وهويته ولم ينجو منها حتى أولئك المصنفون بالانتماء العرقي أو القومي لهم، فقد صادروا أي محاولة لإبداء الرأي أو حرية التعبير أو الانتماء، إلى الدرجة التي أباحوا فيها إبادة من يتعرض لعقيدة حزبهم أو رئيسهم أو قيادتهم حتى الدرجة الثالثة من الأقرباء، وذهب ضحية ذلك آلاف مؤلفة من خيرة شباب وشابات العراق بكل مكوناته، حتى تطاول غيهم وطغيانهم إلى دفن مئات الآلاف من الكورد والشيعة ومن ناصبهم العداء من السنة في قبور جماعية وهم إحياء، وبسبب تلك التراكمات الهائلة من الجرائم التي اقترفتها تلك الأنظمة تولد شعور مطبق بالإحباط واليأس يقبل أي بديل آخر غير تلك الأنظمة، ولذلك لم نشهد أي مقاومة حقيقية للذين اسقطوا تلك الأنظمة أو عملوا على إسقاطها، فلقد أسقطت الولايات المتحدة نظام صدام حسين لأنه تحول إلى غول متوحش لم يعد باستطاعة أي قوة محلية أو إقليمية إسقاطه، وكان يفترض إقامة نظام مختلف تماما على أنقاضه، لكن يبدو إن القائمين على ذلك المشروع نسوا أو تناسوا آثار عشرات السنين من التربية الخطأ ابتداء من كتاتيب الجوامع ومنابرها وانتهاء بالجامعات وما قبلها من ابتدائيات وثانويات وما رافقها من أحزاب وجمعيات ساهمت بشكل أو بآخر في الإبقاء على ذلك النهج الخطأ بإشكال من الشمولية والدكتاتورية الفردية، حتى تحول الرئيس أو الوزير أو المدير أو المحافظ إلى أنصاف آلهة إن لم يكونوا آلهة وأنبياء؟
     لقد اقترفت الأنظمة البديلة جرائم بشعة بحق المعاني السامية للحرية والديمقراطية، وعملت على استخدام سلالمها للصعود إلى دفة الحكم وتسخير آلياته لتكثيف وجودها بذات الأساليب التي كانت الأنظمة الدكتاتورية تستخدمها في النفوذ والهيمنة والاحتواء، حتى أجبرت شعوبها في كثير من المناطق والأحايين إلى تفضيل أي بديل آخر عنها، حيث وصل الأمر لدى الكثير من المحبطين إلى تمني أن يحكم الاستعمار بلادهم بدلا من هؤلاء المستبدين الجدد، كما حصل هنا في العراق حيث شقت عصابات داعش طريقها عبر آلام وإحباط الأهالي وفشل حكومة المالكي ومؤسساته المهلهلة إلى اعرق مدن العراق وأكبرها نينوى والانبار وصلاح الدين وديالى وبعض من كركوك، حيث البيئة المتخلفة وبقايا نظام البعث، وتغافل مقصود وموجه من قبل إدارة المالكي في انتقام ساذج وبدائي من خصوم مفترضين ( السنة والكورد).
     ونتذكر جميعا هنا في العراق وفي سوريا وليبيا واليمن، وكل مواطن الدكتاتوريات البشعة كم كان كثير من الأهالي يتمنون أن تحكم إسرائيل تلك البلدان بدلا من ظلم أنظمتها التي أذلتها أكثر من أي مستعمر في تاريخ المنطقة، بل إننا لو أحصينا عدد ضحايا تلك الأنظمة وقارناها مع ضحايا كل الحروب التي خاضتها تلك الدول مع إسرائيل أو غيرها، لتبين لنا إن من قتل على أيدي الأنظمة الدكتاتورية أو بسببها أكثر أضعاف المرات من عدد ضحايا تلك الحروب مع إسرائيل التي وظفوها لكي تكون جواز بقاء كل الأنظمة!؟
     داعش ليست وليدة السنوات الأخيرة بل هي إنتاج البعث ومن شابهه عبر التاريخ من الأحزاب والحركات العنصرية الفاشية، ليس في بلاد الرافدين فحسب بل في كل دكتاتوريات العالم، من صنعاء وحتى مقاديشو، مرورا بدمشق الأسد وطرابلس القذافي ومن ادعى انه حزب الله أو وكيله على الأرض، وصولا إلى أولئك المنحرفين القادمين من أصقاع أوربا وأمريكا وشوارعها الخلفية المظلمة، تبا لكم انتم صنعتم داعش وان نكرتم!

ومازالت المهزلة مستمرة/ أنطوني ولسن

   نشر موقع وظائف في مصر، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي، طلباً لوظائف خالية ببنك مصر. وكان من اللافت للانتباه أن أحد شروط التقدم للوظيفة هي أن يكون المتقدم مسلم الديانة!

   أثار هذا الإعلان العنصري البغيض، موجة من الغضب العارم عبر كل وسائل التواصل؛  مما جعل الصفحة تقوم بحذف هذا المنشور!

   ثم نفى بنك مصر ما تداوله النشطاء على صفحاتهم حول توافر وظائف بالبنك، وإشتراط أن يكون المتقدم مسلم الديانة، وأكد عبر صفحته الرسمية، بلغة تحذيرية أن الإعلان عن شغل وظائف شاغرة بالبنك لا يتم إلا من خلال صفحته الرسمية!

   والسؤال الذي يفرض نفسه: أين كان المسئول عن الوظائف، عندما كُتب، وتم نشره، وقرأه من قرأ؟!..

   ألا زلنا في الماضي التعصبي البغيض، عندما كان الأستاذ الجامعي، يسأل عن اسم الطالب إلى آخر جد ـ قبل أن يمتحنه ـ ؛ ليصل إلى حقيقة ديانته؟!..

   يبدو أن السياسة الأفرازية لا تزال في عنفوانها، ولا يزال الاسم الذي كان يشي بديانة صاحبه، سيبقى دائماً السبب في منعه أن يكون معيداً في الجامعة، ومحافظاً على محافظة، وغيرها من الوظائف السيادية، والمهمة!

   كان على البنك ـ بدلاً من التحذير ـ، أن يتبرأ رسمياً من لغة الإعلان القاسية، وأن يعتذر لمن جرح مشاعرهم، وأن يرسل بكاتب الإعلان إلى إدارة الشئون القانونية؛  لمحاسبته ومجازاته بتوقيع أشد العقاب الصارم عليه!

   يا ليت الذين يمارسون مثل هذه المهازل المستمرة، أن يدركوا عن يقين ثابت: ان مصر لكل المصريين، وأن الدين لله!

    

.. وأيضاً هي مشكلة غياب المعارضة الرشيدة/ صبحي غندور

تشهد المنطقة العربية صراعاتٍ عُنفية، ولو بنِسَبٍ مختلفة، لكنّها صراعات ارتبطت بشعار "إسقاط النظام"، كما تشهد بلدان المنطقة "حوادث" إرهابية و"أحاديث" طائفية تخدم مشروع إسقاط الأوطان نفسها، لا الأنظمة وحدها. فهو "زمنٌ إسرائيلي" الآن على مستوى أولويّة الصراعات في المنطقة، إذ جرى تهميش "الصراع العربي/الصهيوني"، وتنشيط الصراعات الأخرى في عموم "الشرق الأوسط"، بحيث ضاعت معايير "الصديق" و"العدوّ" وطنياً وإقليمياً ودولياً!.
قبل خمس سنوات، تردّد في "ميدان التحرير" بالقاهرة شعار "الشعب يريد إسقاط النظام". ثمّ أصبح هذا الشعار عنواناً لانتفاضاتٍ شعبية عربية في أكثر من مكان. لكن لم يكن واضحاً في كلّ هذه الانتفاضات "كيف سيكون إسقاط النظام" ثمّ ما هو "البديل الذي يريده الشعب"، وأيضاً، ما هو الخطّ الفاصل بين "إسقاط النظام" و"عدم سقوط الوطن". فهذه الانتفاضات بدأت بإرادة شعوبٍ مقهورة، لكنها اتجّهت في مسارٍ معظمه نحو تفتيت الأوطان وتدويلها.
حتّى الآن، وحدها التجربة التونسية استطاعت إلى حدٍّ ما أن "تسقط النظام" بطريقةٍ سلمية ودون تداعياتٍ خطيرة على أمن الوطن ووحدته، وعلى وحدة الشعب فيه. فتجارب الانتفاضات العربية الأخرى سادها ويسودها الكثير من أساليب العنف أو غموض المصير الوطني. لكن رغم أهمّية "التجربة التونسية"، فإنّ تأثيراتها الإيجابية بقيت في حدود مكانها، بينما ما يحدث الآن في البلدان العربية الأخرى هو الذي سيقرّر مصير الأمّة كلّها معاً.
ولقد شهدنا في الفترة الماضية تفسيراتٍ مختلفة للتراجع الحاصل في عموم المنطقة العربية، وللهواجس التي تشغل الآن بالَ كلّ إنسانٍ عربي، لكن قلّة من هذه التفسيرات تضع الإصبع على الجرح العربيِّ الأكبر. فأساس المشكلة هو أصلاً بالمجتمعات العربية نفسها، وبكلِّ من فيها، وليس فقط بحكّامها أو بما هو قائم من مشاريع ومؤامرات أجنبية.
فأين العرب الآن من المكوّنات الأساسية لمجتمعاتهم، والتي تقوم على الوطنية والعروبة والإيمان الديني؟. فالرسالات السماوية تدعو إلى التوحّد ونبذ الفرقة. و"العروبة" تعني التكامل ورفض الانقسام. و"الوطنية" هي تجسيد لمعنى المواطنة والوحدة الوطنية. فأين العرب كلّهم من ذلك كلّه؟.
إنّ الصراعات الداخلية الدموية الجارية الآن في أكثر من بلدٍ عربي، وبروز ظاهرة "داعش" وأعمالها الإجرامية التقسيمية للأوطان وللشعوب، لم تصل كلّها بعدُ بالعرب إلى قاع المنحدر، فما زال أمامهم مخاطر كثيرة قبل أن تتّضح صورة مستقبلهم. وإذا كانت الحكومات هي المسؤولة أولاً عن حال شعوبها وأوطانها، فإنّ المعارضات هي المسؤولة أخيراً عن مصير هذه الشعوب والأوطان.
إنّ حركات المعارضة السليمة والرشيدة تحتاج إلى آفاق فكرية واضحة المعالم، وإلى أطر تنظيمية سليمة البناء، وإلى قيادات مخلصة للأهداف وليس لمصالحها الخاصّة، وإلى أساليب سليمة لا تتناقض مع شرف الغايات .. فهل هذه العناصر كلّها تتوفّر في الحركات السياسية العربية المعارضة اليوم؟.
وما هي العلاقة بين حرّية الوطن وبين حرّية المواطنين؟ وكيف يمكن الجمع بين الديمقراطية وبين الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي في كلّ بلد؟ وهل يمكن القبول بديمقراطية تمرّ في تدخّل عسكري أجنبي وفي تجزئة الكيانات الوطنية وإخضاعها للسيطرة الأجنبية؟.
ثمّ ما هي آفاق هذا التغيير المنشود الذي سعت إليه المعارضات العربية من حيث مسألة الموقف من إسرائيل، وأيُّ منطقٍ عربي أو إسلامي يُفسّر الآن كيف أنّ هناك هدنةً في الأراضي الفلسطينية المحتلّة اقتضت وقف العمليات العسكرية ضدَّ الاحتلال الإسرائيلي، بينما تتصاعد حدّة العنف المسلّح في عدّة دولٍ عربية وتحت شعاراتٍ إسلامية؟! وهل هي بصدفةٍ سياسية أن يتزامن ذلك كلّه مع ارتفاع التعبئة الطائفية والمذهبية والإثنية في كلّ البلاد العربية!! وبحضور مشاريع التقسيم والحروب الأهلية التي تجعل المنطقة كلّها تسبح في الفلك الإسرائيلي؟!.
هذه تساؤلاتٌ مهمّة وتستدعي وقفةً مع النّفس العربية عموماً، والمعارضات منها خصوصاً، للتساؤل عمَّ حدث ويحدث في المنطقة العربية من أعمال عنف مسلّح تحت شعاراتٍ دينية إسلامية من جهة، أو من أجل المطالبة بالديمقراطية من جهة أخرى!.
فالواقع العربي المرير الآن هو مسؤولية مشتركة بين الحاكمين والمعارضين معاً، ومِن المهمّ جدّاً إدراك مسؤولية المعارضات العربية عن مستوى الانحدار الذي عليه بعض الأوطان، حيث تحوَّل مطلب تغيير الحكومات إلى مقدّمة لتهديم مجتمعات وكيانات وطنية.
    إنّ المعارضات العربية السليمة هي التي تقوم على مبدأ نبذ العنف في العمل السياسي وفي تغيير الحكومات، وعلى اتّباع الدعوة السلمية القائمة على الإقناع الحر، وعلى التمييز الحازم بين معارضة الحكومات وبين تهديم الكيانات، حيث هدّمت عدّة قوى عربية معارضة خلال صراعها مع السلطات، عناصر تماسك المجتمع ومقوّمات الوحدة الوطنية.
وجيّد أن يُدرِك الآن الكثيرون من العرب ما كنّا نحذّر منه منذ بداية الانتفاضات الشعبية من مخاطر غموض طبيعة الثورات وعدم وضوح برامجها ومن يقودها، ومن التبعات الخطيرة لأسلوب العنف المسلّح ولعسكرة الحراك الشعبي السلمي، وأيضاً من عبثية المراهنة على التدخّل العسكري الخارجي، ونتائجه على وحدة الشعوب والأوطان.
نعم هناك ضرورةٌ قصوى للإصلاح والتغيير في عموم المنطقة العربية، ولوقف حال الاستبداد والفساد السائد فيها، لكن السؤال كان، وما يزال، هو كيف، وما ضمانات البديل الأفضل، وما هي مواصفاته وهويّته؟! فليس المطلوب هو هدم الحاضر دون معرفة بديله في المستقبل، أو كسب الآليات الديمقراطية في الحكم بينما تخسر الأوطان وحدتها أو تخضع من جديد للهيمنة الأجنبية، إذ لا يمكن الفصل في المنطقة العربية بين هدف الديمقراطية وبين مسائل الوحدة الوطنية والتحرّر الوطني والهويّة العربية. فهل نسي البعض ما قامت به إدارة بوش الابن بعد غزوها للعراق من ترويجٍ لمقولة "ديمقراطية في الشرق الأوسط"، تقوم على القبول بالاحتلال والهيمنة الأجنبية ونزع الهويّة العربية وتوزيع الأوطان إلى كانتونات فيدرالية؟ ألم يكن ذلك واضحاً في نتائج حكم بول بريمر للعراق، وما أفرزه الاحتلال الأميركي للعراق من واقع سياسي تسوده الانقسامات الطائفية والإثنية بل والجغرافية للوطن العراقي؟! ألم يحدث ما هو أخطر من ذلك في السودان من تقسيم لشعبه وأرضه؟! ومن ثمّ صراعات دموية حادّة في جنوب السودان نفسه ممّا أكّد أنّ المشكلة لم تكن في وحدة السودان، بل في صراعات القبائل والتنافس على الثروات والسلطة، وفي دور القوى الخارجية التي شجّعت على الانقسام والتقسيم.
إنّ ما يُبنى على خطأ سيؤدّي إلى نتائج خاطئة. هكذا هو الآن حال الأوضاع العربية كلّها. هو حال معظم الحكومات كما هو أمر معظم المعارضات. فحينما يتمّ بناء دول على أسس خاطئة، فإنّ ذلك هو دعوة للتمرّد ولمطلب التغيير والإصلاح. لكن في المقابل، حينما تكون حركات التغيير الإصلاحية هي نفسها مبنيّة على أفكار أو أساليب خاطئة (أو الحالتين معاً)، فإنّ ذلك سيؤدّي إلى مزيدٍ من تراكم الأخطاء في المجتمع، وإلى مخاطر جمّة على الوجود الوطني كلّه.
ولماذا تشهد سوريا هذا الحال السيء جداً، وما فيه من دمٍ ودمارٍ ومخاطر على وحدة الشعب والوطن والأرض، رغم وجود "نموذج" إسقاط النظام في ليبيا بفعل القوة العسكرية، وكذلك التدخّل العسكري الأجنبي فيها؟! أليس ذلك "النموذج" بدلالةٍ كبرى على مخاطر "عسكرة" الحراك الشعبي وعلى خطيئة ارتباط "الثائرين" المسلّحين بقوى خارجية لها أجنداتها الخاصة، والتي لديها أيضاً خصومات وصراعات مع قوى خارجية أخرى؟!. فأوضاع ليبيا الآن هي محصّلة التدخل العسكري الأجنبي الثاني في المنطقة، في مطلع هذا القرن (بعد العراق)، من أجل تغيير نظام بالقوة العسكرية تحت شعار تحقيق "الديمقراطية". وهذه هي نتيجة "عسكرة" الحراك الشعبي وثمن الارتباط بجهاتٍ خارجية. فإلى أين ستصل الأمور في سوريا ومنطقة مشرق الأمّة ومغربها بعدما برزت جماعات "داعش" و"القاعدة" كقوة أساسية في الصراعات السائدة الآن؟!.
هناك حتماً أبعادٌ خارجية مهمّة للصراعات المسلّحة الدائرة في عدّة بلدان عربية، وهي صراعات إقليمية/دولية على المنطقة، لكنّ "الاحتكام للشعب" هو الحلّ المطلوب لما يحدث من نزيف دم في الجسم العربي، تتحمّل مسؤوليته الآن بشكلٍ مشترَك قوى الداخل والخارج، وأطراف الحكم والمعارضة معاً. فلا حلاً للأزمات الدموية العربية المشتعلة من خلال الوسائل العسكرية بواسطة أي جهة داخلية أو خارجية. الحلّ هو في وضع تسويات سياسية تفرض نفسها على كلّ الأطراف، ولا تقبل بأيّ شروطٍ من طرفٍ على الطرف الآخر. وليكن الشعب فعلاً هو المرجعية مستقبلاً لتقرير مصير وطنه وحكمه، من خلال مراحل انتقالية قصيرة، متلازمة مع المواجهة الأمنية المطلوبة ضدّ كل الجماعات الإرهابية المجمع الآن على خطرها.
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com