حسناء/ جورج عازار



في ذلك الدَّربِ

مرَّت تسيرُ الهوينى

كأنَّها خيالٌ يحومُ

أو فراشةٌ تطيرُ

تزيح ُبرفقٍ 

حيز هواءٍ من حولِها

وتُشعلُ في الخواطرِ 

حرائق من هوىً

 فتكوي الأفئدةَ نيرانٌ

ويستعِرُ الَّلهيبُ


تُراقص النسيمَ في مِشيتها

جيداءُ في حُسنِها وبهائِها

تكادُ تُمسكُ الغمامَ في عُلُوٍ

باِتزانٍ يعايرُ خطواتِها

فيتأرجحُ الفُتنُ في ميلِها

ويتوهُ في تفاصيلِ ملمَحِها

 الُّلبُ والبصرُ


حازت على كل ما حبَاها

اللهُ مِن نِعمِ المَلاحةِ

حتى كادت قنصلاً للحسن

أو سفيراً تُنَصَّبُ

وكأن كلَّ ما فيها

من روعةِ النَّضارة 

 مستوفى ومكتملُ 

فالوجه نورٌ والعيون سِحرٌ

والشفاه ُإغراءٌ وإِيحاءُ

والنَّاظرُ مثل ظامئٍ 

تاهِ دهراً في قيظ بيداءٍ 

وقطرة ماءٍ جُلَّ الأماني

 وغاية الآمالِ والأَرَبِ

تتركُ فضاءاتً من فَوْحِ رَيَّاها

فيحارُّ المَرءُ 

إن كان يشتمُّ فَوْعَةَ الطِّيبِ

أم يعاينُ مِنها الطَّيفَ

قبل أن يغيبَ الأثرُ


تنأى عنَّا وتبتعدُ

تختفي في معارجِ 

الدَّربِ اللئيمِ 

القصيرُ إن رُمْتَ ألَّا ينتهي

والطويلُ حين تسلُكُهُ

مديدٌ ومُنهكٌ وعسيرُ

تودُّ لو صارت المسافات 

دُهوراً تَطولُ

ولكن هيهاتٌ فالبدايات

تُغلِقُها خواتمٌ

ويُنهيها أُفولُ


يلتهمُ الغيابُ أَثرَها

ولا يَبقى في مرايا العيونِ

غير بضعةِ خيالاتٍ

تتبدَّدُ في الحنايا

رويداً رويداً

فيطغى سُكونٌ وإطراقٌ

ويحلَّ صَّمتٌ ووجومُ


وشذى عطرٍ يفوحُ

 يداعبُ الأجواءَ

عِبرَ الأثيرِ

 نسيمٌ بَخيتٌ

 كان في خدَّيِها

 قد التصقَ

ومن رَحيقِ أريجِها 

مِسكَ العبيرِ

وبعضَ الطِّيبِ من وجنتيها

 قد سرقَ 

    

ستوكهولم-السويد


بكِ وحدكِ أكتفي/ كريم عبدالله



القلبُ هو ممتلئٌ أيضاً كحدِّ الامتلاء بعشقِ الوطن يُقطّرُ حنيناً لا ينضب بكِ ثملاً بزخّاتِ نعناعكِ المتبختر وقورٌ كما ليلكِ نستمعُ فيهِ إلى حكاياتنا الناضجة لمْ يكنْ فظّاً فتتفرق أزهاركِ الفتية رويداً رويداً يتلاشى ظلٌّ واحدٌ لنا يغني :( تعالْ لحبّكْ آنا أشتاﮒ ولشوفتك أتمنى )* لقد ولّى زمنُ الجلّاد وأقبلَ زمنُ العشّاقَ التعساء لا توقظيني مِنْ أحلامي المترفة بكِ وغطّي حماقات رعونتي بسيلِ قُبلاتٍ تلمّعُ براكينَ اشتياقي حدّقي جيداً في رغباتها وحدكِ مَنْ تحملُ تفاصيل هذهِ القصة المتباهية الجرعات البراقة كم استبسلنا نقاومُ الأيام الهزيلة نعانقُ تصحرَ الحياة , كلَّ صباحٍ أُطلقُ سراح عصافيري مِنْ قفصِ صدري تبحثُ عنكِ بين أزهارِ روحك ، وفي المساء أُطلق العنان لأحلامي الجريئة تجولُ في هذا المدى لعلّها تأتيني بقبسٍ مِنْ تصاويركِ الخجولة, وما بينَ هذا وذاك أجلسُ رفيقي همسكِ العذبَ أكتبُ لكِ قصائد باهظة الدهشة ,عصفورةٌ واحدةٌ في يدي خيرٌ مِنْ الفِ عصافير الدنيا الجميلة .


* تعالْ لحبّكْ آنا أشتاﮒ ولشوفتك أتمنى : مقطع من اغنية عراقية .

البئرُ والسكرانُ/ الدكتور عدنان الظاهر



شُهُبٌ حُمْرٌ حُمْرٌ حُمْرُ

لا أثرٌ لسقوطِ النيزكِ ذي الجهدِ العالي

لا ذِكرَ لخُطّةِ طورِ اللوحةِ فيها

تركوني أسقطُ في ماءِ النهرِ الخابطِ صيفا  

لم أغرقْ وحدي

غَرِقتْ قبلي أختٌ صغرى  

أُفٍّ يا دُنيا !

السيّدُ فيها إخشيدٌ كافورُ.

....

رَكِبَ البحرَ وفي العينِ خُلاصةُ دمعِ حبيباتِ الرُمّانِ 

حُزنُ اللونِ الأسودِ يطغى مدّا ـ جَزرا  

الصاري في الساحلِ مُنقلِبٌ مكسورُ

خوفٌ ممّا يأتي 

خوفٌ ممّا يأتي يحملُ ما لا يأتي

خَدَرٌ في جوهرِ طبعِ الدُرِّ  

غَبَشٌ في شمسِ الكأسِ الماسي      

يتريثُ في الرشفةِ تلوَ الأخرى 

يفعلُ ما يفعلُ عُشّاقُ العنبرِ في حاناتِ المِسكِ  

 في المرأى صَخَبٌ يدنو ـ ينأى عينا  

سَفَرٌ في قلعِ الفُلكِ التائهِ في إخدودِ القصدِ  

يمخرُ في بحرِالماءِ الصاعدِ مِلحاً مُرّا     

عافَ حِراسة بوّاباتِ الجوفِ البحري     

تركَ الأُفُقَ الأعلى لمسافاتِ همومٍ أُخرى

قايضَ ما في الدُنيا بخسا

دقَّ الناقوسَ فصاحتْ جُدرانُ كنيسِ القسيسِ   

قامَ كما قامَ الموتى     

 يتقفّى آثارَ مجرِّ كعوبِ الأقدامِ

فُوضى فُوضى

قنواتُ هواءِ التنفيسِ عُطولُ  

الفَلَكُ المُهتزُّ الدوّارُ خُوارُ    

يمخرُ في لُجّةِ أمواهِ الملحِ الصخريِّ 

تيّاراتٌ أقوى من ضجّةِ ناموسِ الفُوضى  

تضربُ رأسَ العاصي  

في رأسِ قتيلٍ في المَوصلِ مفصولِ 

يبحثُ عن دارٍ أنقى 

لا جنةَ فيها لا داعشُ لا نارُ

لا يأكلُ فيها بشرٌ بعضا. 

....

طَرَقتْ سمعي خفقاتُ البابِ الخلفي   

قامتُ أطرافي قبلي 

مرَّ الصَرْصَرُ ينفخُ نارا 

في قَصَبِ الصُورِ الممرورِ  

 بَشَرٌ يتعثّرُ في إبريقِ مُدامِ السُكرِ 

يكرعُ جُرحَ البحرِ ويُثخِنُ إدمانا  

 البئرُ المسكونُ بقتلى أزهارِ الدفلى 

مُرٌّ مُرٌّ مُرُّ

سقطتْ فيهِ السلوى أُختاً صغرى.

بقايا رماد/ جورج عازار



عيناك أحجيةٌ

واشتياقي حقيبةُ سفر

كيف أطوي ليلي

والشمس أبعد من القمر

في قلبي طَعنةُ مِدية

وفي ذاكرتي تفاحةُ حواءٍ

وصرخةُ شيطانٍ

ودموعٌ باردةٌ عصيَّة

أنا بعضٌ من ذكرى

أنا لون الشفق

أنا للتاريخ

صفحةٌ أخيرةٌ يتيمة

نوحٌ في البراري

وزمهريرُ حنين

وانتظارٌ لعربةِ

قطارٍ خاوية

بضع زفراتٍ 

لجمرةٍ مُحتضرة

وبقايا من رمادٍ

تعبث في أعوامي الغابرة

أرتشف جرعة الكأس المتبقية

وحيداً أُتمتمُ صلواتي

أقرأُ فصلاً في كتابي

أُطفئ شموعي الحزينة

وأودعُ مركبي المهجور

أمسك بتلابيبِ الرُّوح

أتسلَّلُ بعيداً

عن حانات السَّهر

أُسدلُ ستارةً سميكةً

على نافذتي

أندسُّ تحت بوحِ الصَّبابةِ

وأغفو إلى أن يُدركَ

النُعاسُ وجهَ القمر


ستوكهولم -السويد


تعبيرية الأثر الفني بين الأبدي والزمني/ د زهير الخويلدي



مقدمة

غالبًا ما ادعى العمل الفني، نتاج العبقرية الخلاقة للإنسان، أنه وسيلة للوصول إلى المطلق، وهو من أجل ما هو فوق الحس، ومن أسمى القيم الإنسانية. وهكذا، عندما نستخدم مصطلح "عمل فني"، فإننا نستخدمه قبل كل شيء، ليس كمصطلح وصفي ومحايد، ولكن كمصطلح يشير ضمنيًا إلى قيمة. من المفترض أن تعبر الأعمال الفنية، في اللاوعي الجماعي لدينا، عن ماهية نظام المطلق، لتتيح لنا الوصول إلى ما هو "متعالي". تعتبر قطعًا منفصلة، ونحن نولي اهتمامًا كبيرًا بالحفاظ عليها (عصرنا هو حقًا عصر "المتحف")، ولكن هل يمكن أن يصل العمل الفني إلى حد مطلق؟ كيف يكون هذا ممكنا، إذا كان المطلق في الجوهر هو ما لا يعتمد على أي شرط، وأكثر من ذلك، على أي شرط غير معقول؟ ألم يستنكر أفلاطون إخضاع الفن لعالم العقل، وبهذا، ألم يُظهر أن الفن غير قادر على إظهار المطلق؟ لكن فرضية أفلاطون تفترض أن المطلق لا يظهر نفسه: لذلك يجب أن نفكر هنا في شروط إمكانية الكشف المعقول عن المطلق. ربما سيكون من الضروري تجاوز التجلي المعقول / الازدواجية المطلقة، من أجل التمكن من التأكيد على أن العمل الفني يمكن أن يظهر مطلقًا. هل العمل الفني فقط "شيء حسي"؟ ألا يمكن أن تظهر لنا شيئًا أبعد من ذلك، تكشف لنا وجودًا غير قابل للاختزال للعقل على هذا النحو؟ كيف يظهر المعنوي في العمل الفني؟ وأين يتجلى البعد الزمني فيه؟ ولماذا يجد الفن صعوبة في ترجمة المطلق؟


I- أفلاطون : العمل الفني ، نسخة من المحسوس ، بعيد كل البعد عن المطلق.

بالنسبة لأفلاطون، لا يمتلك العمل الفني الوسائل لإظهار المطلق، بالنظر إلى أنه يخضع للحس المعقول. إن الوجود المطلق بحكم تعريفه يتجاوز العالم المحسوس، الوسيلة من حيث الماهية هي أكثر الوسائل غير ملائمة للوصول إلى المطلق هو المظهر المعقول - وبالتالي الفن!


1) العمل الفني هو تقليد للطبيعة الحسية.

يعتبر أفلاطون من المسلمات أن العمل الفني هو تقليد للطبيعة. يتكون من نسخ الظواهر الحساسة.


2) نوعا المحاكاة.

في السفسطائي، 235 ب-263ج ، يميز بين نوعين من المحاكاة: ان الهدف هو تحديد خصوصية تقنية إنتاج الصور. بعد أن عرّف الصورة أعلاه بأنها محاكاة، نسخة، لشيء ما، يميز هنا نوعين من المحاكاة:

الغريب: أرى فيهم، من ناحية، تقنية تتمثل في عمل النسخ. يتضح هذا بشكل خاص عندما ينتج شخص ما ، مع مراعاة نسب النموذج في الطول والعرض والعمق ، تقليدًا يحترم أيضًا الألوان المناسبة لكل شيء.

ثياتيتوس: وماذا في ذلك؟ ألا يحاول كل المقلدين القيام بذلك؟

الأجنبي: ليس هذا هو الحال بالنسبة لأولئك الذين ينتجون أو يصممون أعمالاً ضخمة. لأنهم إذا أعادوا إنتاج النسب الحقيقية للأشياء الجميلة، فأنت تعلم جيدًا أن الأجزاء العلوية ستبدو صغيرة جدًا، والأجزاء السفلية كبيرة جدًا، لأننا نرى بعضها من بعيد والبعض الآخر عن قرب.


ثياتيتوس: نعم بالتأكيد.

الغريب: ألا يتجاهل هؤلاء الفنانون الحقيقة، وينتجون في الصور، على حساب النسب الحقيقية، تلك التي ستبدو جميلة؟ أليس من الصواب إذن تسمية النوع الأول من التقليد "نسخة"، لأنه في الواقع "نسخة"؟  وجزء التقليد المتعلق به ألا يُسمَّى كما قلنا "تقنية إنتاج النسخ"؟ وماذا في ذلك؟ ما يبدو جميلًا، ببساطة لأنه يُنظر إليه من منظور خاطئ، ولكن إذا نظر إليه شخص لديه القدرة على رؤيته بوضوح، سيفقد ذلك المظهر، هذه الصورة، فماذا يجب أن نسميها؟ إذا كانت تبدو وكأنها نسخة، دون أن تكون مثلها، أليس ذلك وهمًا؟ لكن، يشكل هذا الوهم جزءًا كبيرًا ليس فقط من الرسم، ولكن أيضًا من التقليد بشكل عام. ألن يكون من العدل إذن وصف هذه التقنية بأنها "مخادعة، لا تنتج نسخًا، بل أوهامًا؟  فهذان هما شكلا تقنية إنتاج الصور التي تحدثت عنها: نسخة، وذاك من الوهم. "أفلاطون، السفسطائي، 235 ب 263 ج . " أولاً، هناك نسخة مقلدة، تتكون من نسخ الشيء بأمانة، ولكن دون أن يكون لديك طموح لاستبداله (إنها علاقة تشابه وليست علاقة هوية) ؛ ثم هناك تقليد يسمى "إيكاستيك" ، يسعى إلى استبدال الشيء نفسه. للقيام بذلك، من الضروري دراسة قوانين الإدراك الحسي، "لتكون قادرًا على خلق الوهم". لا يمكن للعمل الفني إلا أن يحل محل الكائن أو يتنافس معه من خلال خلق الوهم. وبالتالي فإن العمل الفني ينتمي لأفلاطون إلى مجال الصورة والحساسة. لكن، كل ما في ترتيب الصورة هو لأفلاطون، من رتبة الكينونة الأدنى. ما هو حقيقي وحده هو الفكرة، وهي مطلقة فوق المعقول لا تعتمد بأي شكل من الأشكال على الظروف والقوانين التي تحكم العالم المعقول. لا يقتصر الأمر على كون العمل الفني صورة، إذًا، شيئًا حسيًا، بل بالإضافة إلى ذلك، فهو حرفيًا خاضع للحساسية، ويخدع ويزيف.


3) الفن والوهم أو الفن أدانته الفلسفة

يفضل العمل الفني الحساس كوسيلة للتعبير، وبالتالي يدينه أفلاطون باسم الفلسفة. في الواقع ، يؤمن الفن بأن المطلق أو الفكرة في المعقول ، لكن الدرس المستفاد من الكتاب السادس للجمهورية (راجع الرمز الشهير للكهف) هو جعلنا نرى أن المطلق مختلف تمامًا عن المعقول. ، ولا يمكن بلوغه بالوسائل المعقولة. ليس من خلال دراسة المظاهر ووسائل مضاعفتها أننا سنكون قادرين على الوصول إلى المطلق، أو حتى إظهاره. الأشكال الفنية مقطوعة بشكل صارم عن الفكرة أو المثال أو النموذج الواضح، الموجود في عالم فوق الحس. إنه الفيلسوف الذي يبتعد عن المعقول بمساعدة عقله يصل إلى المطلق. يوجد. ما يسميه أفلاطون مبدأ "اللاامكانية"، وهو مبدأ غير مشروط، يتم التوصل إليه بعد رحلة طويلة، من خلال نوع من الحدس الفكري، وهو نوع من الإبهار، ولكنه ليس بأي حال من الأحوال إعلان حساس. إن الفكرة المطلقة، فكرة الخير، يمكن مقارنتها بالفعل بإضاءة الشمس، لكنها تظهر في عين العقل أو العقل، وليس لعين الجسد ... الكتاب العاشر للجمهورية، 597 أ ، العمل الفني بعيد عن الحقيقة بثلاث درجات - هنا يمكننا استبدال "الحقيقة" بكلمة "مطلقة" ، لأنه بالنسبة لأفلاطون ، قلنا ، ما هو مطلق هو أكثر ما هو حقيقي ". وبالتالي هناك ثلاثة أنواع من الأسرة؛ واحد موجود في طبيعة الأشياء، ويمكننا أن نقول، على ما أعتقد، أن الله هو المؤلف؛ - وإلا فمن سيكون؟ (...) والثاني هو النجار وثالث ، الرسام (...) وهكذا ، الرسام ، والنجار ، والله ، هناك ثلاثة يرأسون على طريقة هذه الأنواع الثلاثة من الأسرة (...) والله (...) صنع هذا السرير الذي هو حقًا السرير. ؛ لكن سريرين من هذا النوع ، أو أكثر ، لم ينتجهما الله أبدًا ولن ينتجهما أبدًا (...) الرسام هو مقلد لما عمل الاثنان الآخران (والأسوأ من ذلك ، أنه ينسخ ما تم تعلمه بالفعل فقط) وبالتالي فإن التقليد بعيد كل البعد عن "أفلاطون ، الجمهورية ، 597  أ" وهكذا ، ما هو الفرق بين السرير الذي يمثله الفنان ، والسرير التجريبي المستخدم للنوم والذي يصنعه الحرفي ، وفكرة السرير؟ لا ينسخ سرير الفنان إلا شيئًا خاليًا بالفعل من الواقع، بدلاً من نسخ الفكرة مباشرةً. من ناحية أخرى، يتمتع السرير المصنوع يدويًا بميزة "عكس" أو إظهار السرير الموجود بالفعل، فكرة السرير. الفنان جاهل، لا يعرف كيف يكون النموذج الحقيقي. كيف يمكنه إذ أن دراسة المعقول تحرفه عن أي وصول ممكن إلى المطلق؟


وهكذا، يبدو أن العمل الفني غير قادر أساسًا على أن يكون قادرًا على إظهار المطلق. إذا كان عالم الظواهر أو العالم المحسوس عبارة عن نقص في الوجود، "مظهر" خالص، فعندئذ، إذا كان العمل الفني وسيلة معقولة لنسخ المعقول، فلا يمكن أن يظهر شيئًا مطلقًا، لأن الجوهر هو ما يتجاوز معقول ويعارض بشدة أي شكل من أشكال الظهور. الظهور أو التظاهر لا يسمحان لنا بالوصول إلى الوجود التجريبي، وحتى أقل من كوننا "في حد ذاته". لا يمكن للتصوير المعقول أن يتنافس بجدية مع الرؤية الفكرية، ويبدو أن الفن محكوم عليه بشكل نهائي بأنه مجرد مظهر نقي ...


II- هيجل : المطلق الذي لا يعارض المظاهر الحسية ، يمكن للعمل الفني أن يُظهر بشكل صحيح المطلق ، أو حتى المطلق.

لكن هل ظهور الفن مخادع للغاية، وغير قادر على إظهار أي شيء آخر غير المظهر المعقول؟ وهل من المستحيل حقًا، وعلى عكس المطلق، الظهور؟

ربما يبدأ التخفيض الأفلاطوني لقيمة الفن من افتراضات خاطئة. ستتمتع بميزة السماح لنا برؤية شروط الإمكانية التي يتعين علينا تسليط الضوء عليها حتى نتمكن من القول إن العمل الفني يمكن أن يظهر مطلقًا. إنها بالفعل مسألة تساؤل عما إذا كان العمل الفني، حتى لو كانت وسائل التعبير الخاصة به حساسة بشكل واضح، لذا فهو يخضع لمجال الحسي، وإذا كان المطلق في جانبه مقطوعًا جذريًا عن مجال المظهر.


أ- أرسطو: الفن لا يقلد الطبيعة بالمعنى الدقيق للكلمة، بل ينافسها.

أولاً، يجب تحديد أن الفن ليس نسخة خالصة من الطبيعة، وحتى أقل من المظاهر. يبدو أن استجابة أرسطو لأطروحة أفلاطون القائلة بأن الفن سيقتصر على محاكاة الطبيعة، يسمح بالفعل للفن بأن يكون قادرًا على الادعاء بالوصول إلى شيء يتجاوز المعقول. في الواقع، يخبرنا أرسطو في كتاب الفيزياء، أن الفن لا يدعي أنه يقلد الطبيعة بصرامة، بل ينافسها. وهو ما يدفعه إلى القول، كما نرى في الكتابين 4 و 9 من الشعر، أن الفن ليس فقط (في هذه الحالة، الشعر) فلسفيًا، لأنه، على عكس التاريخ، يتميز بأنه عقلاني وعامة، ولكن في بالإضافة إلى ذلك، يسمح لنا بالوصول إلى ما تخفيه الطبيعة عنا والمراقبة الطبيعية أو التجريبية للظواهر. يكشف لنا الفن عن أشياء لم نكن نعرف كيف نراها في الطبيعة، ويكشف لنا أشياء "خفية". هنا يتم الكشف عن إمكانية أن يظهر العمل الفني بشكل مطلق - على الأقل يمكن أن يمنحنا بالفعل الوصول إلى ما لا يظهر بشكل عفوي في الواقع. لا يرى أفلاطون أن العمل الفني هو أي شيء آخر غير التقليد (الشاحب) للطبيعة، وأنه يمكن في الواقع أن يشير إلى شيء آخر غير المجال المعقول.


ب- إعادة تقييم الظهور في هيجل.

هذا ما رآه هيجل بالتأكيد في مقدمة علم الجمال؛ معه، من الممكن تمامًا أن يظهر العمل الفني بشكل مطلق. في الواقع، أولاً، يوضح لنا هيجل أن للفن مظهره الخاص، وأن الحجة المستمدة من حقيقة أن الفن ينتمي إلى مجال المظاهر لا تصمد لانتقاد ادعاءه بإظهار المطلق؛ ثم يخبرنا أن المطلق يجب أن يظهر نفسه بالضرورة. المظهر، عالم المحسوس، الذي يظهر، باختصار، كل ما كان عند أفلاطون غير ضروري للمطلق وبالتالي غير مناسب لتفسيره أو الوصول إليه، يتم إعادة تقييمه هنا.


1) للفن مظهره الخاص.

وهكذا يخبرنا هيجل أن الفن له مظهر خاص به، وليس "مجرد مظهر". ماذا يقصد بذلك؟ لفهم هذا جيدًا، يجب تحديد أن هيجل يعتبر أن المظاهر المباشرة، أو الطبيعة، بطريقة ما هي نقص في الوجود، وهم. ولكن على وجه التحديد، فإن مظهر الفن، والإحساس الذي يتجلى في أعماله، يرتبط بهذه "المظاهر التي تروج للمحكمة"، التي وضعها عمل العقل؛ الحساسية التي يتجلى بها الفن هي حساسة روحانية. انه "بعيدًا عن الوجود، بالنسبة للواقع الحالي، مجرد مظاهر أو وهم، فإن مظاهر الفن تمتلك واقعًا أعلى ووجودًا أكثر صحة". إن المادة التي يُمارَس عليها الفن هي بالتأكيد مادة حسية، لكنها حسية روحانية.


2) ماهية المطلق هو إظهار نفسه.

يقول أيضًا أن جوهر المطلق هو إظهار نفسه: "يجب أن تظهر كل ماهية، كل الحقيقة، حتى لا تبقى مجرد تجريد المظهر يشكل لحظة ماهية ". من هيجل، لم يعد بإمكان المرء أن يعتقد بجدية أن الأساسي ينقطع جذريًا عما يظهر. في الواقع، نحن نعلم أن ما هو حقيقي وحده هو ما هو ملموس. كما يقول في المقدمة الشهيرة لمبادئ فلسفة الحق، "ما هو عقلاني واقعي، وما هو واقعي هو عقلاني". المطلق ليس لهيجل شيء يمكن أن يوجد في عالم "معقول". أي أنها ليست مجردة؛ إذا كان لا بد من وجودها، يجب أن تجعل نفسها موجودة، وبالتالي يجب أن تظهر نفسها. إن الفكرة الهيجلية المطلقة، التي ليست سوى روح العالم التي تدرك نفسها من خلال تاريخ البشر، لم تعد بالتالي حقًا ما لا يمكن للفن الوصول إليه بشكل أساسي.


3) المطلق (الروح، الفكرة) يمكن الوصول إليه بوسائل محسوسة

على العكس من ذلك، يعتبر هيجل أن العمل الفني هو إحدى الوسائل المميزة لإظهار المطلق. من المسلم به أن المنتجات الفنية دائمًا ما تتمتع بمظهر حسي وطبيعي، لكن لها محتوى روحيًا بارزًا. يكشف لنا الفن حقًا الروح والروحانية. في إحساس الفن، يتم الكشف عن حضور الروح ذاته. كما يقول: "في مظهره ذاته، يعطينا الفن لمحة عن شيء يتجاوز المظهر: الفكر". الفن، مثله مثل الدين والفلسفة، هو "شكل من أشكال التعبير عن الإلهي، عن أسمى احتياجات ومتطلبات الروح" و "أودعت الشعوب في الفن أسمى أفكارها". يتمتع الفن بالقدرة على إعطاء هذه الأفكار النبيلة تمثيلًا حساسًا يجعلها في متناولنا.


4) لا يمكن اختزال العمل الفني إلى مادة حسية

يذهب العمل الفني دائمًا إلى ما هو أبعد مما يظهره لنا، فهو لا يقتصر على مادته ووسائله في التعبير الحسي؛ محتواه روحي. في العمل الفني، يجب نسيان الخاص أثناء فحصه؛ "يرتبط معنى العمل بشيء يتجاوز المظهر المباشر؛ العمل الفني ليس مستنفدًا تمامًا في الخطوط والمنحنيات والأسطح والأجواف والقطع في الحجر، وما إلى ذلك، ولكنه يشكل مظهرًا خارجيًا الحياة، والمشاعر، والروح، ومحتوى الروح ". إنها تتحدث إلينا بشكل رائع عن الفن اليوناني، الذي يصل إلينا لتمثيل المطلق بطريقة مناسبة تمامًا؛ يخبرنا هيجل أنه في الفن اليوناني، حيث يتم تمثيل الإله بالشكل البشري، هناك اتحاد كامل بين الحساس والروحي: عرف الفن اليوناني كيف يجسد المطلق الذي هو الله. لذلك فإن شكل الفن هنا مناسب تمامًا لتمثيل وإظهار محتواه، وهو أمر مطلق. وبالمثل، يحلل هيجل الرسم الهولندي من خلال إظهار القوة التي تتمتع بها هذه الأعمال في الكشف، والتعبير، المطلق، سواء كان ذلك هو روح هذا الشعب المعين، أو حضور الروحاني بشكل عام. لذلك يبدو أنه ضد أفلاطون، العمل الفني قادر على إظهار المطلق؛ فيه نجد حضور الروح، بل إنه يسمح لنا أن ندرك أسمى اهتماماتها. هذا لأن العمل الفني لا يمكن اختزاله إلى مادته الحساسة، كما سيرى سارتر بطريقته الخاصة، في التحليلات الشهيرة لصورة تشارلز السابع التي نجدها في مقال المخيال " العمل الفني هو، يقول لنا غير واقعي. إن وجوده الحسي هو مجرد "تناظري" ، وسيلة حساسة لجعلنا حاضرين ، لإظهار في الواقع ما لا ينتمي إلى هذا العالم ولكنه أبدي ومستقل عن الظروف المكانية والزمانية للعالم الحسي.


ثالثًا- العمل الفني هو وحده الذي يجعل من الممكن الوصول إلى المطلق

ليس العمل الفني قادرًا تمامًا على إظهار المطلق فحسب، بل يبدو أيضًا أنه، على عكس أفلاطون، هو الوحيد القادر على القيام بذلك: يبدو لنا أنه الوسيلة المميزة للوصول إلى المطلق. في الواقع، لقد رأينا أن العمل الفني يتجاوز، بوسائله الفنية، ومظهره، والحس. إنه يظهر وجود الشيء المطلق، المستقل عن أي حالة محسوسة، بوسائل معقولة حتى الآن. لذلك يجب أن ينتهي بنا الأمر ضرورة إلى عكس العلاقة التي أسسها أفلاطون بين الفلسفة والفن والقول إنه ليس العقل أو الفلسفة هي التي يمكن أن تصل إلى المطلق. الفن وحده هو القادر على القيام بذلك لأنه يتجلى بدلاً من محاولة قول ما لا يمكن قوله بحكم التعريف.


1) المفهوم الرومانسي للفن: الفن يجعل من الممكن إظهار ما لا يوصف أو غير مفهوم أو غير معروف

على الرغم من التناقض الذي قد يبدو عليه، فإن العمل الفني يجعل من الممكن التغلب على القيود المكانية والزمانية. على أي حال، هذا ما حافظ عليه الرومانسيون. لفهم أطروحتهم تمامًا، يجب أن نتوقف هنا للحظة عن الفلسفة الكانطية للمعرفة، التي فتحت الطريق لاستبدال الفلسفة بالفن، للأطروحة التي وفقًا لها فإن محتوى الفلسفة، الذي هو مطلق، هو كشفها الفن. في الواقع، أظهر كانط، في نقده للعقل الخالص، أنه نظرًا لأن المفاهيم صالحة فقط داخل التجربة، فإنها تخضع لشروطها وقيودها: فإذا كان بإمكاننا معرفة "الظواهر" بشكل حقيقي أو موضوعي، وذلك بفضل مقولاتنا، لا يمكننا بذلك أن نصل إلى الأساس المطلق للظاهرة، "النومان". تمنحنا جميع فئاتنا إمكانية الوصول إلى حقيقة أنشأتها الملكات المتعالية للإنسان. المطلق، النومان، أو الشيء في حد ذاته، الذي هو أساس الواقع، أساس الظواهر، كونه مستقلاً عن كل الظروف، لا يمكننا أبدًا أن نرى الوصول إليه. نحن نعلم أن كانط انتقد مطولاً، في ديالكتيك المتعالي، ادعاءات الميتافيزيقيا بالرغبة في التفكير، من خلال العقل، في شيء مطلق، مثل الروح، أو العالم، أو الله. لا يمكننا، بحكم التعريف، معرفة أي شيء يتجاوز التجربة الممكنة، ما هو غير المشروط.


2) كانط، نقد ملكة الحكم، § 49 و 57: الأفكار الجمالية أو التحالف غير المبرر بين الخيال والذهن

علاوة على ذلك، تحدث كانط، في الفقرتين 49 و 57 من نقد الدينونة، عن قدرة الإنسان على الإبداع كقدرة على إظهار ما لا يوصف، من خلال الأفكار الجمالية، حتى لو لم نستطع التظاهر باستنفاد ما "يعطوننا للتفكير". عن"؛ وبذلك كان يوضح لنا أن هناك وسيلة محددة، لا تعتمد على المفهوم، لـ "إظهار" ما لا يمكن طرحه في الخطاب. ما هو من نظام التصوير يمكنه وحده، على ما يبدو، أن يدعي أنه يخبرنا، ولكن ليس في الوضع المفاهيمي، ما هو مطلق، لأن عدم الخضوع للمفهوم عندئذٍ، يكون الخيال حرًا.


3) لذلك فإن الفن أفضل من الفلسفة

وهكذا حذر الرومانسيون من أن المطلق لا يمكن الوصول إليه من المفهوم، وأن الخطاب الفلسفي أو حتى العلمي لا يمكن بأي حال من الأحوال السماح لنا بالوصول إلى ما يهم وحده، إلى معنى الحياة، في أصل العالم، وما إلى ذلك، سيقدر أن الفن هو الوسيلة الوحيدة الكافية لإظهار المطلق. لا يخضع العمل الفني للمفهوم، ولا للخطاب، بل يُظهر الحقائق بأسلوب الحدس؛ إنه يقع قبل كسر الموضوع - الموضوع الذي يمنع كل الحقيقة. وهكذا بالنسبة لشوبنهاور، في الجوهر الحميم للفن (في العالم كإرادة وتمثيل) يقول إن الفن، الذي له أيضًا جذور مشتركة مع الفلسفة، يجيب على سؤال مشكلة الوجود على نمط الحدس. إنه يلتقط الجوهر الحقيقي للأشياء، للحياة، للوجود. يقال لنا إن الفن يمزق حجاب المظاهر.


4) هيدجر، أصل العمل الفني: الفن والحقيقة

يوضح لنا هيدجر، في أصل العمل الفني، أن الفن وحده هو القادر على إظهار حقيقة الوجود لنا. يجب تحديد أنه بهذا، لا يعني هايدجر بأي حال من الأحوال أن العمل سيُظهر لنا بشكل كاف حقيقة شيء تجريبي معين، بل يُظهر الحقيقة شخصيًا عندما يتعلق الأمر بالفقس. يُظهر لنا العمل الفني المطلق نفسه، والذي ليس سوى الطريقة التي تظهر بها الحقيقة، من خلال جعلها حاضرة لنا. وهكذا كشف لنا تحليل أحذية فان غوغ، ليس ما هي الأحذية في الحقيقة، ولكن الطريقة التي تظهر بها الحقيقة، وطريقة تأسيسها الأصلية. وبالمثل، فإن الهيكل هو مظهر من مظاهر المطلق، للحضور الأصلي للكائن (قبل أي تدخل للإنسان ومفاهيمه في العالم). يتجلى العمل الفني بطريقة مميزة للغاية، بشكل مطلق، إلى ما بعد.


رابعا- هل كل عمل فني يعبر عن مطلق؟

من المسلم به أن العمل الفني يبدو قادرًا على إظهار المطلق، لكن يجب ألا ننسى أن الفن "مفهوم مفتوح"، لاستخدام تعبير فتجنشتاين، وأن أي عمل فني لا يبدو قادرًا على إظهار المطلق. ألن تكون في الواقع فقط أعمال الماضي الغابر، والتي كانت قادرة على إظهار المطلق؟


1) هل الفن المعاصر فن؟

لنقم بجولة في متحف للفن المعاصر: يبدو لنا أنه من المستحيل حقًا التأكيد على أن الأعمال الفنية الموجودة هناك قادرة على إظهار المطلق! ما لم نقول، كما قد يغري البعض أن يفعل، أن الأعمال الموجودة في هذه المتاحف ليست تحديدا أعمالا فنية ... وهكذا، كيف يمكننا أن نقول أن فونتين ، من قبل دوشامب ، وهي مبولة بسيطة تم شراؤها جاهزة وموقعة مع اسم الفنانة ، وعرضها في متحف ، هل يمكن أن تعبر عن أي مطلقة؟ أليست لفتة ساخرة في ضوء العمل المزعوم "المقدس" للفنان، الذي يمثله هذا العمل بالنسبة لنا؟ ولكن ماذا عن حتى اللوحات التجريدية لـكاندينسكي، والتي تبدو وكأنها ألعاب خيال خالصة على الأشكال والألوان، لا تقدم لنا أي محتوى فائق (على الأقل للوهلة الأولى)؟


2) هل انتهى الفن؟

لكننا نعلم أن هيجل قد أعلن بالفعل أن الفن شيء من الماضي، وأن مهمته الميتافيزيقية قد انتهت. في الواقع، إذا كان الفن بالنسبة له هو المظهر الملموس للفكرة، وبالتالي، للمطلق، فإنه لا يظل دائمًا الوسيلة المفضلة لتحقيقها. في الواقع، لقد أنجزته مرة واحدة فقط، في ذروة الفن اليوناني. بعده، تولى الدين، ثم الفلسفة، زمام الأمور ونجح في التعبير عن المطلق على نحو ملائم أكثر فأكثر. أخيرًا بالنسبة لهيجل، فإن عيب الفن دائمًا، على الرغم من كل ما استطعنا أن نقوله عنه، هو أن يكون سجينًا للمادة الحسية؛ الفلسفة هي الطريقة الأنسب للتعبير عن الروحانية، والتي هي في النهاية المفهوم، الفكر المعبر عنه بوضوح؛ لا يزال الفن غارقًا في الحساسية ... حتى أن المهمة الميتافيزيقية للفن قد انتهت بمجرد أن عرف الدين بشكل أفضل أنه كان يمثل الإله المسيحي. (هذا مطلق هناك، وبالتالي لا يمكن للعمل الفني إظهاره). علاوة على ذلك، يبدو أنه إذا كان العمل الفني مادة استطاعت الشعوب أن تودع فيها أسمى أفكارها، فإن المطلق الذي نجحوا في الوصول إليه، في الظهور، ليس بلا شك واحدًا. - محددة زمنيا إنها فقط حقبة مطلقة، وبالتالي فهي مصممة نسبيًا ... يمكننا القول إن هيجل كان قادرًا على التنبؤ بالحالة الفنية الحالية: لكن، لن يكون هناك المزيد من الفن، كل شيء ممكن، على أي حال، بعد الدين والفلسفة ، لن يكون العمل الفني قادرًا على إظهار المطلق. .


3) الفن التجريدي كلغة الروح.

ومع ذلك، دعونا نعود إلى فن كاندينسكي التجريدي. هل هي حقًا مجرد لعبة عشوائية وبدون أي محتوى؟ على العكس من ذلك، يخبرنا كانديسكي، في كتابه عن الروحاني في الفن، وفي الرسم على وجه الخصوص، معلقًا على عمله، الذي أسيء فهمه في أيامه الأولى، أن عمله هو الوسيلة الوحيدة الموجودة بحيث يمكن للمرء. هيجل "فن الماضي" ، ليشعر بوجود الروح ، وهو وحده القادر على محاربة المادية المهيمنة ، باختصار ، ليجعلنا ندرك المصالح العليا للروح ؛ الغرض منه هو "جر العربة المتمردة للإنسانية" ، لدفعها للأمام ، وأعلى من أي وقت مضى ... الفنان في مقدمة هذه العربة ، أو ما يزال يسميه "المثلث الروحي" ، وهو في هذه الحالة كانديسكي هنا ، هو الوحيد الذي يرى المطلق (سوف يفكر المرء هنا في الشخص المحظوظ الذي ، بعد طرده من الكهف الأفلاطوني ، يمكنه أخيرًا التفكير في الضوء المبهر للوجود) ، وهو الوحيد القادر على إظهاره لأولئك الذين هم متخلفة. في الواقع، الفن التجريدي هو فن خالص، فهو لا يعمل على تصوير الطبيعة، ولكنه يستخدم اللون والشكل النقي للتحدث إلى روحنا. الفن، ولا سيما الفن التجريدي، هو لغة الروح، وهو الوحيد الذي يمكن أن يكون.


4) ماذا تفعل مع المواد الجاهزة؟

لكن سيتم إخبارنا بأن الأعمال التي تعتبر اليوم أكثر مساومة فيما يتعلق بأطروحتنا التي بموجبها يكون العمل الفني مطلقًا، والتي يبدو أنها تؤكد الفرضية الهيغلية التي وفقًا لها فقط الأعمال الفنية من ماضٍ مضى. لقد نجحوا وكان لديهم الوجهة الصحيحة لإظهار المطلق الجاهز، أو حتى ما يسمى بالفن الشعبي أو الفلكلور. صحيح أننا لا نتصرف تجاههم على الإطلاق كما لو كانوا قادرين على إظهار أشياء مطلقة مثل "مقدسة". حامل الزجاجات أو المبولة من دوشامب ، أندي وارهول بريلو بوكسيس ، هي بعد كل شيء مجرد أشياء عادية ، والتي تنتمي إلى حياتنا اليومية. تُسمى هذه الأعمال فقط الأعمال الفنية ، وفقًا لبعض منظري الفن ، مثل آرثر دانتو ، لأننا نختمها بهذه التسمية - لكن لا يمكننا هنا ، دون تجاوز حدود موضوعنا ، التوسع في هذه المشكلة المعقدة ، التي نوقشت على نطاق واسع في الوقت الحاضر. على أي حال، هذه الأعمال ليست هي تلك التي نحتفظ بها في المتحف كأشياء مقدسة، ولا يمكن الحفاظ عليها، كما أنها ليست "أصلية" بأي شكل من الأشكال، بمعنى أنها قابلة للاستنساخ؛ وبالتالي، في "العروض"، يمكننا إعطاء تعليمات تسمح للفنون التشكيلية بإعادة العمل في مكان آخر أو في وقت آخر، إلخ. باختصار، هنا، يبدو أننا ملزمون حقًا بالقول إن الأعمال الفنية المعاصرة ليست قادرة على الإطلاق على إظهار مطلق، أو إثارة حضور، أو حضور حسي لشيء روحي أو أبدي أو مقدس. ومع ذلك، يبدو لنا أنه من المبالغة في دعم مثل هذه الأطروحة. في الواقع، فيما يتعلق بإظهار المجال الروحي لمصالح الروح، يبدو لنا أن هذه الأعمال تستمر في هذا الطموح المناسب للفن في كل العصور. تشير هذه الأعمال إلى أنها تعبر عن معنى يتجاوزها؛ وهذا المعنى يتيح لنا الوصول إلى شيء لا يوصف، إلى ما لا "يقوله" الفلاسفة أو العلماء. وهكذا، على سبيل المثال، تعيدنا أعمال وارهول إلى حقيقة حالتنا، في هذا المجتمع الاستهلاكي الحاضر بشكل مباشر، ولكن بطريقة تثير الفكر. علاوة على ذلك، فهي تعبر عن روح العصر!

لذلك تُظهر لنا الأعمال الفنية المعاصرة شيئًا مطلقًا، وليس لأنها تستخدم مثل هذه الوسائل الملموسة التي يصعب علينا أحيانًا التمييز بينها وبين الأشياء العادية، وهو ما لا يمكنها ذلك. حتى لو اعتبر هيجل أن الأعلى ارتقى إلى ما وراء الوسائل المعقولة لإظهار المطلق، كان تمثيله أفضل، فقد أظهر بعد كل شيء أنه لا وجود لاستحالة هنا من حيث المبدأ.


خاتمة

ليس العمل الفني، على عكس ما قلناه لأول مرة مع أفلاطون، مظهرًا خادعًا، من شأنه أن يقتصر على عكس أوهام الإدراك دون تجاوز، نحو ما يشكل حقيقة هذه المظاهر؛ إنه ليس شيئًا حسيا للغاية، إنه ليس نوعًا من كونك أدنى من المطلق الوجودي الذي سيساعد على إخفاءه عنا. على العكس من ذلك، لا يمكن اختزال العمل الفني إلى جانبه الحساس: إنه وسيلة حساسة لاستحضار شيء يتجاوز الحساسية. علاوة على ذلك ، لقد رأينا بوضوح أن المظهر المعقول لم يعد يشكل ، منذ هيجل ، عقبة من حيث المبدأ للوصول إلى المطلق. يتجلى العمل الفني بشكل مطلق، فهو يتيح لنا الوصول إلى وجود الروح نفسها، ويتجاوز الحدود التي تفرضها علينا معرفتنا اليومية بالعالم. لذلك نحن نفهم من خلال هذا سبب كون علاقتنا بالفن علاقة خاصة: فنحن نعتبر الأعمال الفنية أشياءً منفصلة عن الأشياء اليومية، ونمنحها قيمة؛ وعلى عكس ما يؤكده بعض المتخصصين المعاصرين في علم الجمال، يبدو لنا هذا الموقف مبررًا تمامًا. بل إنه، بطريقة معينة، وهذا ضد هيجل، فيما يتعلق بالأعمال الفنية المعاصرة. يُظهر كل عمل فني مطلقًا، وطالما كان هناك عمل، بأي شكل من الأشكال، ستتاح للإنسان فرص لمحاولة إطفاء عطشه إلى حد ما إلى المطلق، والذي لم يعد من الممكن بالتأكيد أن يكون عن طريق الميتافيزيقيا. مما يعني أنه، كما قال كانديسكي ، بفضلهم ، سوف ندرك ما هو روحاني لما له أعلى قيمة ...فكيف تعبر المظاهر الزمنية الوثنية المسجمة في العمل الفني عن قيمته المطلقة أكثر من طابعه الروحاني ورمزيته الأبدية؟

خطة الحسم، مفتاح الحرب بأيادي اليمين الاسرائيلي/ جواد بولس

 


يبدو أن الحكومة الاسرائيلية الجديدة عازمة، في أقرب أجل منظور، على إنجاز سن جميع التشريعات التي اعلنت عنها ضمن خطة وزير القضاء يريف ليفين، أو ضمن ما اشتملته الخطوط الأساسية للائتلاف الحكومي. وعلى الارجح، ألّا تفلح الاحتجاجات الشعبية، رغم زخمها، كما شاهدناها في الاسابيع الأخيرة، في ردع رئيس ووزراء هذه الحكومة، فهم ممعنون بالتقدم نحو "اسقاط القلعة" واحكام سيطرتهم عليها بالكامل، رغم كل التحذيرات الموجهة لبنيامين نتنياهو من عشرات الجهات السياسية والمؤسسات الأكاديمية والمرافق الاقتصادية والاجهزة الامنية من داخل إسرائيل ومن عدة دول صديقة لها.  

لقد كتبت كثيرًا عن الواقع السياسي الجديد الذي سنواجهه، نحن المواطنين الفلسطينيين، وعن الفوارق بين نظام حكم اعتمد قواعد فصل السلطات وسيادة القانون والاعتراف بحريات الفرد الاساسية، واتاح لنا، رغم سياسات حكوماته المتعاقبة العنصرية والقمعية بحقنا، قلة من هوامش الديموقراطية وممارسة حرياتنا الاساسية، وبين نظام سيهدم جميع تلك القواعد والمسلّمات وما ترتب عليها من واجبات ومن حقوق، واستبدالها بأنظمة قمع عرقية خالصة. 

لن أعدد لوائح الاختلاف بين النظامين السالف والحالي، خاصة في كل ما يتعلق بممارسة حياتنا اليومية كأفراد وكمجتمع؛ ومن المؤسف ألا نستوعب ما ستفضي اليه مجموعة القوانين التي بدأت الكنيست بالتصويت عليها، وكيف ستغيّر تبعاتها مفهوم علاقاتنا مع اجهزة الدولة كما مارسناها كمواطنين من درجة ثانية، منذ البدايات حتى يومنا هذا ، إلى "أغيار" تسري عليهم أحكام التوراة، أو عبيد في دولة هم أسيادها.  

لا يمكننا أن نقرأ فصول خطة قلب نظام الحكم، التي تسعى الحكومة الجديدة لإنجازها بصورة مجزأة؛ فالسيطرة على منظومة القضاء وفي طليعتها المحكمة العليا، وتحكم الحكومة بتعيين القضاة، مثلًا، لا يعني فقط استبدال قضاتها بقضاة موالين للحكومة ووزرائها. ولو وقفت القضية عند هذا الفارق فسيكون الحق ساعتها مع من يدعي انه لطالما ظُلمنا نحن المواطنين العرب من قرارات قضاة المحكمة العليا خلال العقود الخالية، اذ لطالما وقف هولاء، أصحاب النظريات الليبرالية، مع سياسات حكوماتهم العنصرية وبيّضوا صفحاتها وسوّغوا موبقات الاحتلال للارض الفلسطينية وقمع حقوق الفلسطينيين. علينا ان نقرأ هذه التغييرات سوية مع سائر فصول المخطط المرسوم؛ فعلى سبيل المثال اصرارهم على اضافة " فقرة التغلب" من شأنه تزويد الكنيست، التي يتمتعون بها باغلبية مطلقة، بقوة فائقة ستمكنهم من تحييد دور المحكمة العليا في مراقبة القوانين والغاء امكانية تدخلها في حالة عدم توافق تلك القوانين مع قيم الحريات الاساسية والمساواة. وكذلك يتوجب علينا ان نفهم لماذا يطالبون بالغاء "حجة المعقولية" التي تلجأ اليها المحكمة العليا احيانا خلال تعرضها لقانونية قرارات الحكومة او الكنيست، مثلما حصل مؤخرًا عندما أبطلت المحكمة العليا قرار تعيين اريه درعي كوزير في حكومة نتنياهو بحجة "عدم معقولية" ذلك التعيين بعد ان كان ادين بتهم فساد، وبكونه تعيينًا لا يتماشى مع احكام العقل السليم. 

 لسنا بحاجة للمرور على جميع فصول خطتهم المعلنة وما خفي منها وما بان؛ فهدفهم، بالمختصر، هو الاستيلاء على الحكم وهدم جميع أركانه القديمة، وتخويلهم كحكومة "منتخبة من الشعب" أن يحموا الدولة من جميع اعدائها، الخارجيين، ومن بداخلها، وبكل الوسائل التي يرونها كافية وملائمة، وأن ينشروا الأمن في شوارعها، حتى لو اقتضى الامر الى بناء وحدات من "الحرس الوطني" الخاص واعفاء عناصره من تعقيدات الانظمة الوضعية ومحاذير القوانين المقيّدة. في سبيل ذلك لن تقف في طريقهم معارضة تتكلم باسم الديموقراطية ولا ما يسمى "سيادة القانون" أو القيم الانسانية؛ ولن يعيقهم مستشارون قانونيون حياديون ولا نظام قضائي مهني قوي ومستقل، ولا قضاة يرون، اذا ارادوا أن يعدلوا، ضرورة لتفعيل العقل السليم، أو قضاة قد يعيقون تنفيذ ما يخططون له في الاراضي الفلسطينية المحتلة، لانهم جاؤوا كي يحسموا قضية فلسطين والفلسطينيين ، مرة وكما شاء ربهم.  

لقد نشر الصحفي المعروف رون بن يشاي يوم الاثنين الفائت مقالا لافتا في موقع "واينت" العبري تحت عنوان "للانقلاب القضائي هدف اضافي: الابرتهايد". من الجدير قراءة المقال كاملا، لانه يتحدث عن وثيقة كان قد نشرها الوزير بتصلئيل سموطريتش عام 2017  تحت عنوان "خطة الحسم، مفتاح السلام موجود بأيادي اليمين " وقصده طبعًا حسم الصراع معنا كفلسطينيين، كل الفلسطينيين. واليوم ، هكذا يكتب الصحفي بن يشاي: "في هذه الحكومة حاز سموطريتش على الوسائل كي يبدأ بتنفيذ خطته، وكي لا تعيقه المحكمة العليا اراد تحييدها ". ثم يضيف: "من الجدير ان يعلم الجمهور ان هدف الانقلاب القضائي، علاوة على ما أعلن ، هو وضع الاسس القانونية لخدمة عمليتين سياسيتين من شأنهما تغيير وجه الدولة وتغيير أساليب حياتنا بشكل لا عودة منه. ستضمن العملية الاولى ضمّ كل المناطق الواقعة بين نهر الاردن والبحر بدون اعطاء حق المواطنة للفلسطينيين؛ والعملية الثانية ستعتمد على سن قانون اساس يتطرق الى مكانة المواطنين داخل دولة اسرائيل، وتوزيعهم لثلاث فئات حسب معايير تعتمد على المشاركة في المجهود الامني الاسرائيلي، والمشاركة في سوق الانتاج والعمل، ودفع الضرائب، حيث سيكون، كما هو متوقع، المواطنون العرب في اسفل السلم. 

يعتبر سموطريتش ان السلام مع الفلسطينيين هو أمر مستحيل، وذلك لان الفلسطينيين غير مستعدين ولن يكونوا مستعدين ان يجسّد اليهود حقهم في تقرير مصيرهم على اي قطعة ارض بين النهر والبحر؛ ولذلك، برأيه، قد فشلت كل محاولات احقاق السلام في الماضي. لا يؤمن سموطريتش بحل الدولتين بل يؤمن بضرورة تغيير الوقائع على الارض واتمام ضم المناطق الفلسطينية وتخيير الفلسطينيين بين البقاء في "يهودا والسامرة" ليعيشوا في جيوب سكانية تخضع للسيادة والحكم الاسرائيليين، أو هجرة من لا يرغب منهم بهذا، وعندها ستساعدهم اسرائيل وتسهل عملية هجرتهم؛ اما الخيار الثالث، فسيواجهه من لا يقبل بالخيارين المذكورين، وحينها على الجيش "أن يعرف كيف يهزم الارهابيين في زمن قصير؛ وقتل من يجب قتله وجمع السلاح حتى الرصاصة الاخيرة واعادة الامن لمواطني دولة اسرائيل".  فهل لنا بماذا يجري في شوارع جنين ونابلس والقدس حكمة؟ 

من الضروري ان نتوقف عند هذا الكلام  لاهميته ولتأثيره على مستقبلنا وعلى مصير الفلسطينيين في الاراضي المحتلة؛ فما نحن بصدده ليس كما يحاول البعض تبسيطه وافهامنا ان الحرب بين المعسكرين اليهوديين ليست الا حربًا بين جسمين وفكرين متشابهين حتى التطابق .. فلندعهم ينزفون وننتظر حتى يأتينا "خراجهم" .

اشاعة هذه المقولات من قبل شخصيات سياسية قيادية ومؤسسات بحثية عمل بعضهم أو يعمل في كنف الديموقراطية الاسرائيلية العرجاء، وبعضهم كان قد استنجد، من اجل بقائه في الحلبة السياسية، بهوامش هذه الديموقراطية  "وبعدل " محكمتها العليا، وتجنّد بعض مراكز الدراسات والابحاث خدمة لوصايات أو لأجندات سياسية حزبية فئوية، ونشرهم ما يسمى "دراسات تحليلية" أو "أوراق تقدير موقف" موجهة، وتغييب النقاشات الحرة والمسؤولة بين النخب وشرائح المثقفين والاكاديميين - جميع هذه العوامل أدى الى انتشار حالة العزوف عن المشاركة في الفعل السياسي الاحتجاجي، لا كمشاركين في مظاهرات اليهود الضخمة التي تشهدها المدن الاسرائيلية وحسب، انما داخل المدن والقرى العربية نفسها؛ فمن أراد إبعاد العرب عن شوارع تل ابيب، لم يسع لاخراجهم الى شوارع الطيرة والناصرة ورهط.    

نحن، الفلسطينيين المواطنين في اسرائيل، نعاني من أزمة هوياتية حادة، ومن فراغ  في أداء دور القيادة المسؤولة؛ بينما يعاني بعض مفكرينا ومثقفينا من كسل فكري شجعته مواطنتهم الاسرائيلية القلقة لكنها المرغوبة، وبعضهم يؤثر الاسترخاء في ظل ترف التهرب من مواجهة معضلاتنا الوجودية.

نحن، في الحقيقة، لم نختر بارادتنا المفاضلة بين نظام حكم يهودي عنصري ونظام حكم يهودي ديني وفاشي عرقي، كما يحاول بعض كتّابنا ومثقفينا التحذير منه ويطالبوننا بعدم التعاطي مع هذه "العملة" ثنائية الوجهين؛ فنحن لم نختر ذلك. ولكن اذا كان هذا هو واقع الحالة الاسرائيلية اليوم، أيصح أن نقف بلا أي حراك مجدٍ أو فعل سياسي معارض، وأن نكتفي بإعداد التحاليل وإطلاق الامنيات، كما يفعل كثيرون من اصحاب نظرية الانتظار والتمني أن تطول حرب المعسكرين حتى تنتصر في النهاية قهوتنا وتضحك شرفات منازلنا المحاصرة ؟     

قراءة في الغربة الطويلة: قصيدة "مجنون عم يسأل"/ محمود شباط

 


أنينُ ناي حنينهِ لترابِ الوطنِ لم يُسقِطْ شربل بعيني في فخِّ الجُّحود ونكران الجّميل لأستراليا، الوطن الذي استضافه.

في قصيدة "مجنون عَم يسأل" ، إحدى قصائده المَنسُوجَة بخيطان من روحه في ديوانهِ "الغربة الطويلة" يتلوّى، على لسان الوطن المضيف، شعراً يضج بِعتَبِ المُحِب:

"كَحْشُوكْ: ضِبَّـيتَـكْ

بَغضُوكْ: حِبّـيتَـكْ

جِـمّعِتْ مالي : سْـخِـيتْ عَ بْلادَكْ

تْزوَّجِت مِـنِّي : حْرِمِـتني وْلادَكْ

لَـيـشْ مُشْ قِـنعَانْ؟!

عَايِـشْ بِـقـلبي .... وقَـلْـبَـكْ بْـلـبْـنـان" !!

مُوجعةٌ جداً تلك الانفصامية الوطنية الإنتمائية التي التاثَ بها الكثير من المغترين، يتأرجحون بين عطشهم لنسائم الحرية واللقمة الكريمة،  وبين شوقهم لوطنهم "كيفما كان" ، على الأخصّ أولئك الذين ابْـتَـلعت الغربة مُعظمَ سِني عُمرهم كما يقول أحدهم في شعره:

"يَــا طَـيْـرْ صَـرْلـِـي مْـغْـتِـرِبْ مِـدِّهْ

الفْـراقْ مـزْمِـن .. 

والألَـمْ جَـدِّي

يَـا مَـا إلِـي مْـحِـبّـيِـنْ بِـيْـقُـولُـو

خَـتْـيَـرْت !! حَـلَّـكْ تـجِـي

هَـالْـقَـدّْ بِـيْـقَـدِّي

وكُـلْ مَـا ابْـتَـعَـدْ فِـيِّـي الـزَّمَـنْ

وتْـرَاكَـمُـو اثْـمَـانْ الـثَّـمَـنْ

والِّـلي خَـلَـقْـنْـي وخَـالْـقَـكْ يَـا طَـيْـر

كِـيْـفْـمَـا بْـطِـيْـرْ بْـضَـيْـعْـتِـي بْـهَـدِّي"


نادِرون هُم الذين حَباهُم الله بموهبةِ صياغةِ الشِّعر المُوَشَّحِ بالنّـثر، أو النّثر المُوشّح بالشعر، بالقدر الذي ناله شربل وريشته، سِيما في آخر قصيدة "مجنون عَم يسأل":


"جِيتِكْ أنا وِزغير

وِنسيت تا إجهَلْ

تْعِبت فِيكي كتيرْ

والعُمر عَمْ يِطوَلْ ..

... ووَينْ بَدَي صير؟!

مَجنون عَم يِسأل!!"


وإلى اللقاء في قراءةٍ قادمة عن قصيدة "غَريبة" في ديوان "الغربة الطويلة".


محمود شباط

عيحا في 24/02/2023


تمثيلات الصور النمطية في وسائل الإعلام/ حسن العاصي



غالبًا ما تُظهر وسائل الإعلام صورة مبسطة وثابتة للأفراد والجماعات. إنها عملية تؤثر على تصور الناس لكيفية النظر والتصرف تجاه الآخرين، ومن سوء الحظ أن كثير من الأفراد يؤمنون على نحو شبه أعمى بما يرون أو يسمعون.

وسائل الإعلام لا تُكسبنا المزيد من المعرفة فقط، بل إنها تؤثر أيضاً على الطريقة التي نعتقد أننا يجب أن نكون بها كأشخاص - كيف يجب أن ننظر للأشياء، وكيف يجب أن نلبس، وكيف يجب أن نتصرف تجاه الآخرين.

لذلك تتحمل وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة فيما يتعلق بنقل المعرفة عن المجتمع بطريقة موضوعية. ومع ذلك، تساعد وسائل الإعلام أحياناً في إنشاء قوالب نمطية وتعميمات حول مجموعات مختلفة من السكان.

الصور النمطية لوسائل الإعلام

غالباً ما تحدث الصورة النمطية عندما نقوم بعمل وصف مبسط لمجموعة من الأشخاص دون مراعاة الفروق الفردية. في ضوء ذلك تستخدم وسائل الإعلام الصور النمطية لمنح القراء أو المشاهدين ملخصاً سريعاً وعاماً لشخص أو مجموعة من الأشخاص. يمكن أن يكون هذا على سبيل المثال، فيما يتعلق بعرقهم أو جنسهم أو مجموعتهم الاجتماعية. الأمر الخطير في القوالب النمطية هو أنه يجري تعميمها، ولا يعود الأشخاص الموصوفون أفرادًا بخصائص مختلفة، ولكن بدلاً من ذلك يصبحون مجرد جزء من مجموعة أكبر.

وسائل الإعلام تخلق قوالب نمطية مؤسفة

تتلقى وسائل الإعلام الكثير من الانتقادات بسبب التمثيلات النمطية. نعني بالقوالب النمطية صورة مبسطة لفرد أو مجموعة من الأشخاص الذين لديهم بعض الخصائص المشتركة. لذلك يعتقد النقاد أن الأشخاص الذين نلتقي بهم في وسائل الإعلام يظهرون كرسوم كاريكاتورية. وبهذه الطريقة يساهم الإعلام في إعطاء الناس صورة مشوهة للثقافات والأشخاص والمجموعات البشرية.

يتم انتقاد الأفلام والإعلانات التجارية والبرامج التلفزيونية لتركيزها فقط على الأشخاص المناسبين وذوي المظهر الجيد. تعرضت الصحافة وبعض المسلسلات الإجرامية لانتقادات لتصوير أصحاب البشرة السمراء، والمسلمين على وجه الخصوص، على أنهم أشرار وإرهابيون. وهذا يشكل أساساً للحديث عن التنميط.

في الصحافة الإخبارية غالباً ما توجد خصائص معينة تجعل المصدر مثيراً للاهتمام، وبالتالي فإننا نحصل بسرعة على قوالب نمطية مثل السياسيين والمجرمين والمشاهير. ولا يتم تقديم المصادر كأشخاص ذوي جوانب وخصائص مختلفة. في القصص الخيالية أيضا والأفلام الترفيهية والمسلسلات التلفزيونية، وفي كثير من الأحيان تُستخدم الشخصيات النمطية لأنها تجعل القصة أسهل في سردها.

ليس الأشخاص وحدهم من يمكن تصويرهم بنمطية. بل يمكن تبسيط العلاقات الشخصية وتنميطها، مثل العلاقة الرومانسية بين الرجل والمرأة، أو العلاقة بين الرئيس والموظف، أو العلاقة بين مدير الحالة والمستخدم، عندما يتم تصويرها في وسائل الإعلام.

أهي بهذا السوء؟

من السهل الحصول على انطباع بأن التنميط يؤثر علينا نحن البشر بطريقة سلبية للغاية. لكن هناك العديد ممن يعتقدون أنها ليست بهذا السوء. وحجتهم أن وسائل الإعلام ليست هي المكان الوحيد الذي نحصل منه على المعلومات، ونحن لا نشكل نظرتنا للعالم من خلال وسائل الإعلام فقط. وليس الأمر كأننا ببساطة "نتقبل" أو نصدق كل ما نراه. عادة لا تتغير معاييرنا وقيمنا لمجرد أننا نرى شيئاً ما في وسائل الإعلام.

لكن التأثير السلبي لوسائل الإعلام يحظى باهتمام كبير، رغم أن الطريقة التي نتواصل بها اجتماعياً عبر وسائل الإعلام يمكن أن تكون إيجابية أيضاً. على سبيل المثال، نتعلم لغات جديدة، ونعرف أشياء عن الثقافات الأخرى، ونحصل على معلومات تفيد في كيف نتوقع أن نتصرف في المواقف المختلفة.

لسنوات كان الباحثون مهتمين بالطريقة التي نتواصل بها اجتماعياً عبر وسائل الإعلام ، لكنهم لم يتفقوا إلى الآن على تقديم إجابات واضحة ومحددة. لأنه ليس من السهل تحديد دور وسائل الإعلام في تشكلنا كبشر وبأي طريقة. ذلك أن الأشخاص المختلفون يفسرون ويتأثرون بشكل مختلف عن بعضهم البعض.

سوف يتلقى ويفهم الناس الرسائل الإعلامية بشكل مختلف وبالتالي يتأثرون بشكل مختلف. ستعتمد طريقة إدراكك لما يقال وفقاً لما هو مكتوب على هويتك، ومستواك الدراسي، والخلفية الثقافية، ونوع التجارب التي لديك، وما هو رأيك في الأمر من قبل. سوف يفسر معظم الناس ما يرونه ويسمعونه بطريقة تتوافق مع الاهتمامات والمواقف التي لديهم بالفعل.

وبالتالي فإن الحملة ضد التدخين ستجعل غير المدخنين أكثر قوة في الاعتقاد بأن التدخين ضار، في حين أن المدخنين قد ينظرون إلى الحملة باعتبارها تأكيد على أن الدولة ستتحكم في خصوصيتهم. سيكون لديك حظ أفضل مع "المشككين". قد يتأثر المدخنون الذين فكروا بالفعل في الإقلاع عن التدخين لاتخاذ الإجراءات اللازمة. وهكذا نرى أن مثل هذه الحملات لا يزال من الممكن أن يكون لها تأثير.

قوالب وأفكار نمطية

كانت الصورة النمطية المنتشرة في أمريكا الشمالية هي أن الأمريكيين الأفارقة لديهم شهية غير عادية للبطيخ.

القوالب النمطية هي تمثيلات اجتماعية مشتركة. القوالب النمطية هي مسارات متعددة، ولكنها عادة ما تكون تمثيلات قوية ومبسطة وغالبًا ما تكون مبالغ فيها وسلبية. تم استخدام القوالب النمطية سابقًا بشكل مرادف لمصطلح التحيز، ولكن التحيز في علم النفس يعتبر الآن موقفاً.

يمكن أن تكون القوالب النمطية من خلال الجنسية، والعمر، والإعاقة، والجنس، والوظيفة، والجنس، والجمال، والعرق.

 تُظهر العديد من الصور النمطية أنه على سبيل المثال، يُنظر إلى الأمريكيين على أنهم ماديون، والإيطاليون عاطفيون للغاية، والسود موسيقيون للغاية، والألمان واليابانيون مجتهدون للغاية، والإنجليز محافظون جداً، واليهود طموحون وجشعون جداً، والأيرلنديون مضطربون، والصينيون موالون جداً للعائلة. أظهرت دراسة أخرى أن الألمان ينظرون إلى أنفسهم على أنهم عمال مجتهدون. كان الفرنسيون ينظرون إلى الألمان على أنهم مستبدون ويعملون بجد.

تعتبر الصورة النمطية الشائعة أن النساء ذوات الشعر الأشقر يتمتعن بمظهر جيد، ولكنهن ضعيفات الموهبة.

غالبًا ما يستخدم مصطلح الصورة النمطية بمعنى مهين حول تصور أحادي البعد لإنسان ما، أو تصوير أحادي البعد لشخص ما في رواية، أو فيلم، أو مسرحية، أو ما شابه ذلك. يعتمد التصوير أو التصور النمطي لشخص ما على سلسلة من المفاهيم المعتادة الشائعة التي يمكن أن يكون لها طابع التحيزات المعممة، ولكن يمكن أيضاً أن تكون خيالية تماماً ومبتكرة لأغراض سياسية، أو أيديولوجية، أو فكاهية، أو فنية.

كانت الصور النمطية عنصراً معتاداً في العروض المسرحية الشعبية منذ العصور القديمة، وكان نوع الفيلم الكوميدي الشعبي خاص لجميع أفراد الأسرة إلى درجة متميزة بناءً على الصور النمطية وفرحة الاعتراف في نفس الاتصال. يعتمد قدر كبير من النكات المسطحة وفكاهة الأفلام المصورة على مثل هذه الكليشيهات النمطية.

فيما يلي بعض الأمثلة النموذجية لهذه الكليشيهات:

الإسكتلندي البخيل، الشقراء الغبية، الطفل المدلل، اليهودي الجشع، موسيقى السود، الإيطالي المحب للمرح، الدنماركيون الأبرياء، السويدي الجاد، الألماني الغاضب، النرويجي المتفاخر، الفنلندي الحزين، المكسيكي الكسول.

الأقليات في الإعلام

يخلق استخدام وسائل الإعلام للتعميمات قوالب نمطية مختلفة في صورة الوسائط. يمكن أن تكون الصور النمطية إيجابية أو سلبية، لكنها غالباً ما تكون سلبية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأقليات. بعض الصور النمطية الأكثر انتشاراً في الدنمارك على سبيل المثال، حول الغجر الذين يوصفون بأنهم غير أكفاء ومعظمهم من المجرمين. هناك صورة نمطية أخرى مستخدمة على نطاق واسع وهي عن الجيل الثاني من الفتيان المهاجرين الذين يوصفون بأنهم مثيري الشغب الذين لا يريدون أن يكونوا جزءًا من المجتمع. ومن الأمثلة الأخرى الصورة النمطية للشباب الذين يشربون بكثرة والعاطلين عن العمل الذين لا يكلفون أنفسهم عناء فعل أي شيء.

في فبراير 2008، كانت هناك اضطرابات في Nørrebro في كوبنهاغن، ذات الأغلبية السكانية من المهاجرين، سارعت حينها وسائل الإعلام الدنمركية في تسميتها "أسوأ أعمال شغب مهاجرين في تاريخ الدنمارك". لكن كيف أثرت تغطية وسائل الإعلام للاضطرابات على الصورة العامة لسكان نوريبرو؟

في كثير من الأحيان تستخدم وسائل الإعلام الصور النمطية لتنشر قصصاً بشكل أكثر بساطة حتى لا تغرق في التفاصيل. لكن في أحيان أخرى تنبثق الصورة النمطية من تحيزات الصحفيون أو جهلهم. يحدث هذا على سبيل المثال، إذا وصفوا مجموعة بناءً على ما يؤمنون به عنها - وليس بناءً على ما يعرفونه. وبما أن معظم التحيزات سلبية، فإن الصور النمطية تصبح سلبية أيضاً.

ونظراً لأن وسائل الإعلام لها تأثير كبير في الدنمارك، فإن صورتها النمطية لها أيضاً تأثير كبير في المجتمع. يقال إن الصور النمطية لوسائل الإعلام معدية. عندما يشار إلى منطقة Gellerupparken في آرهوس على أنه غيتو مليء بالمجرمين الشباب، فإنه يؤثر على تصور العديد من القراء للمكان. عندما توصف منطقة لولاند بأنها جزء من أطراف الدنمارك التي يسكنها متلقو المساعدات، فإنها تعزز الصورة السلبية في أذهان الجمهور. بهذه الطريقة تساعد وسائل الإعلام في إنتاج وإعادة إنتاج الصور النمطية.

لا تميز القوالب النمطية بين الأشخاص الذين ينتمون إلى مجموعة معينة ، مثل الغجر أو المسلمين أو المثليين جنسياً: ترتبط سمات وخصائص خاصة بجميع أفراد المجموعة، دون مراعاة كيف يتصرف الأشخاص في المجموعة بشكل فردي، أو ماذا يفعلون. مثل، ما هي المواقف التي لديهم أو من أين أتوا. تعطي الصورة النمطية صورة واحدة فقط عما يعنيه أن تكون غجرياً أو مسلماً أو مثلياً.

التنميط الاجتماعي في وسائل الإعلام

من أجل إنشاء وسيلة مفهومة ومقبولة من قبل جمهور واسع، يستخدم العديد من المرسلين الصور النمطية التي من شأنها أن تثير بعض الارتباطات. بهذه الطريقة لا توفر وسائل الإعلام المعلومات والترفيه فحسب، بل تؤثر أيضاً على حياتنا من خلال تشكيل مواقفنا ومعتقداتنا. استمرار أدوار الجنسين هو مثال على الآثار الاجتماعية السلبية لاستخدام الصور النمطية. في المجتمعات التي قطعت شوطاً طويلاً فيما يتعلق بالمساواة، لا يتم تتبع الصور النمطية للجنس في وسائل الإعلام وتساعد في الحفاظ على سرعة التنمية منخفضة.

بشكل عام ، غالبًا ما يتم عرض النساء في الإعلانات لأنهن (ما زلن) يعتبرن مسؤولات عن المشتريات اليومية.  في معظم الأحيان يتم عرض الرجال في إعلانات السيارات، أو السجائر، أو منتجات الأعمال، أو الاستثمارات، بينما يتم تمثيل النساء في إعلانات مستحضرات التجميل والمنتجات المحلية. كما يتم تصويرهن في كثير من الأحيان في المنزل على عكس الرجال الذين يظهرون في الهواء الطلق. الاختلاف المهم الآخر هو ظاهرة "الوجوه" في الإعلان، والتي تتمثل في إظهار أجساد النساء بالكامل، في حين يتم تصوير الرجال من خلال لقطات مقربة لوجوههم.

يتم تخصيص أدوار مختلفة للنساء في الإعلانات. الأكثر شعبية هي ربة منزل مهووسة بإزالة البقعة من مفرش طاولة جديد أو امرأة مشكلتها الأكبر هي عدم وجود أفكار لتناول العشاء، أو تلك الفاتنة المثيرة، التي يرغب فيها الرجال التي يكون شاغلها الرئيسي الحفاظ على جمالها.

يعلن النوع الأول من النساء عن مستحضرات التجميل أو يظهرن في الإعلانات الموجهة للرجال. أما النوع الثاني فيتعلق بإظهار نمط حياة صحي من خلال ممارسة النشاط البدني، على سبيل المثال. وبالمثل نميز بين القوالب النمطية المختلفة للذكور. الصورة النمطية الأكثر وضوحاً هي "الرجل الحقيقي" حيث يتم تقديمه كرجل أعمال رياضي مع امرأة جميلة إلى جانبه، ولديه سيارة باهظة الثمن وهاتف ذكي أيضاً.

النوع الثاني من الرجال أقل شعبية، ويُظهر أن الرجال يقضون الوقت مع العائلة. نادراً ما يظهر الرجال وهم يقومون بتنظيف الرأس ـ وإذا كانوا كذلك ـ فهذه صورة ساخرة. يظهرون هنا على سبيل المثال، كخبراء يقدمون المشورة للنساء حول كيفية ترتيب الغسيل بشكل صحيح. تستفيد الإعلانات أيضاً من الصورة النمطية للصداقات الذكورية، والتي يمكن تسميتها "قصص الأصدقاء"، حيث يتم تقديم صداقات مثلية للرجال: في مباراة كرة قدم أو في حانة وبنفس المواقف والاهتمامات.

تدمير القوالب النمطية الجنسانية

حاولت بعض وكالات الإعلان الكبرى مواجهة الصور النمطية للجنسين في إعلاناتها. الإعلان الأكثر شيوعاً والأقل نمطية هو من ماركة Dove للعناية بالشعر والبشرة. إنه إعلان يستهدف النساء من جميع الأعمار وبأجسام مختلفة ويحاول التأكيد على الجمال الطبيعي بدلاً من الأشكال النمطية "المثالية".

تفضل المشاهدات عادة رؤية النساء اللواتي يمكنهن التعرف عليهن وقد أثبتت الحملة نجاحها الكبير. وبالمثل ، تولى منتجات Ajax للمنظفات المسؤولية وقام ببناء إعلان يظهر فيه الرجال الوسيمون يدخلون مجال منتجات التنظيف. ونرى مثالاً على ذلك حيث يقوم الرجل بخلع الملابس لشريكته (الأنثى) في نفس الوقت الذي يلقي فيه الملابس في الغسالة. هذا الوضع هو عكس الوضع التقليدي والأكثر نمطية للمرأة المهتمة بالنظافة والمسؤولة (والمثيرة).

لذلك فإن الإعلان هو أداة فعالة تساعد على تكوين وتشكيل مفاهيم وآراء الناس حول النوع الاجتماعي. من خلال تبسيط الرسالة. يعمل الإعلان كواحد من أكثر الأساليب شيوعاً لإقناع الجمهور بشراء منتج ما، وفي الوقت نفسه إدامة ونقل وجهة نظر نمطية للعالم. 

جسر الا عوده/ غسان منجد



أيها العابر في الاعبور 

والمستثنى من العبور 

هل تحطمت خطاك على جسر العدم 

وحوم هواك الصدى في شساعة الرحيل 

أيها الضوء الذي لم يبحثون عنك 

هل كنت في جلودهم عندما داهمتهم جفاف العتمه 


اصنع من كلماتي زهورا لتتلقفها فراشات الامل 

وتبتعد عن برتقالية الضوء القاتل 

كم كانت شقائق النعمان تغني لعشتروت عندما 

أتاها أدونيس بعين الشمس وحومت حولها 

الوان الرقه 


في زمن سادية العقل 

اصبح الامعقول حافظا لوجوه مسخنة بالسواد 

هل كانوا مزيفين عندما حفظوا ثقافة الذل 

أم انها إنتصبت لهم ولم تريهم قش الخلاص منه 

غياب طال في سادية عقل سادي 

وشرع في إجازته في هجير صحراء التشرد 


أحلام غدر بها ظلام ليل 

وألبسها ثوب غيابه 


اغصان روح لم تستظلها شجيرات زمن آيل 

وإنكسرت في مركبة جداول 

هل ضاع في الجهات 

هو الذي تشرد في زحمة عتمه 

وتعرى منه المدى 

هل جدران وجهه دائرية 

ام في جسده صدى يستغيث 


لا مكان لنوافذ متصدعة 

ولا لقدمين تجهل الطريق 


يدعوني لمائدته الفارغة في بحر من الهموم 

يحدثني غاضبا 

انا الذي لم أؤسس لمكان تحت السماء 

انا الهدف بدون هدف 

وانا الطير على مدارج ريح عاصف 

انا اشبه بزورق بدون مرساة وقيده يؤلمني 

اتكلم مع نفسي ويتهمونني بالجنون 

يرتكبون المعاصي 

ويتهمونني بأني عاص 

أتدرج على سلم حياة طفولية

انا الشيخ الذي لم يسكن في قلب عشتروت 

ولم تعاشرهً

اعشرها بمخيلتي ويتهمون جسدي بطماع الشهوه 

طيف ٌ في زمن الطوفان ِ / الدكتور عدنان الظاهر

 


يتمددُ ظلي 

يتراءى  ممتدا ً ظلينِ

يتبارى  سمتُ الأول  والثاني

يتقاتل ممتشقاَ سيف َ الذلِّ 

يتخانقُ حتى يسقطَ منجدلا ً في الساحةِ قرب َ التمثال ِ .

أتمددُ بعد السقطةِ ميؤوساً مني

أتذكرُ جولات ٍخانتني

أتذكرُ ضربات ِ سيوف ٍ  حُمر ٍ في نِحري 

أتذكرُ طعنات ِ رماح ٍ في صدري    

أتحسس ُ حرَّ الصيف ِ ونارَ الرمل وهجر َ الأهل ِ

أتمنى أن ْ لا ينهض َ مني ظلٌّ أو بعض ٌ من ظلي    

بعد الرجعة ِ من وحشات ِ القبر ِ وكسر ِ القفل ِ .

يئسوا مني ... 

أهلي وبقايا أصحابي

تركوني جسداً يتآكل ُ  يبحث ُ عن بقيا عظم ٍ في الرأس ِ .

مرَّ الألفُ الأولُ يتبعهُ ألف ٌ ثان ٍ 

فتوسطنا دربَ المأساةِ وما زلنا

نلتحفُ الرمل َ وخيمة َ  صفوان ِ 

نتذكر ُ أحباباً سقطوا ... غابوا ...

مرّوا لكأنا كنا غربان َ خرائب ِ شؤم ِ . 

...

أتلفتُ لا أحسبُ أني

أتقاسمُ تاريخَ المحنة في ظني

لا أقرأُ  خطاً معطوباً 

كتبته ُ المحنة ُ  في سفر ِ الكابوس ِ المُضني

ماذا ؟ ماذا يبقى مني

في دار ٍ دكتهُ الرجفة ُ في صرعة مجنون ٍ  دكّا

فتعاوت ذؤبانُ البيد ِ  

وتنادت ْ ضبعانُ الأنفال ِ وقطعان النملِ

ماذا ؟ 

كارثة ٌ تتمدد ُ من حد ٍّ للموت ِ إلى حد ِّ

الصورة ُ مقلوب ٌ أعلاها

يتملاها مصلوب ٌ يتعلق ُ في جذعة ِ نخل ِ

والوحش ُ المجلوب ُ هناك يقلّب ُ أسفارا 

فيها أسماءُ القتلى 

والجرحى والثكلى 

وقوائم ُ أخرى ما عادت تُحصى . 

الآنَ يدق ُّ المفصل ُ بالمفصل ِ أسمعُ إنذارا

فأُصيخ ُ السمعَ : نفيرُ الجلبة ِ يفضح ُ أسرارا

ويُصفّي الوضع َ بخردلة ٍ يتوازنُ فيها القسطاس ُ

ضيزى ... ضيزى

ضيزى هذا المقسومُ وأكثرُ من ضيزى 

أشتمه ُ قَدرا ً مفروضا ً مقسوما .

يا ليتَ القادر َ يُصغي لي

يُصغي يوما ً لأعدّد َ آهاتي

لأريه ِ العلة َ في جذر ِ الأسنان ِ  

لأناقش َ أزمات ِ شهور الصيف ِ وأعوام ِ الهجران ِ

لأدير َ شريط َ مسجلة ِ الصوت ِ 

كي يسمع َ صرخات ِ الربّة عشتار ِ .

في بابلَ ناحت عشتارُ

غلّقت الأبوابَ وناحتْ

لطمتْ ... 

ضربت بالقامة ِ أعلاها

تشكو للقادر ِ فقدان َ بنيها

[ بالأمس ِ كانوا هنا واليومَ قد رحلوا ]

من يسمعُ شكواها عَلنا ً أو سرّا  

مَن يخطب ُ ود َّ امرأة ٍ نائحة ٍ ببنيها ثكلى

مَن يرحمها ؟

دعها تبكي ...

فلعل َّ الرحمة َ تأتيها

في ساعة ِ سُكر الجاثم ِ في مثواها

دعها تبكي وتوّلول ُ فالصوت ُ الباكي 

يتضاعف ُ أصداء ً أصداءَ

فيزلزل ُ أرضا ً ما عادت ْ بكرا !!

(( هل من أمل ٍ في العودة ِ والهامة ُ للأعلى تمتد ُّ 

أم أبقى

أحلم ُ في إحدى دورات ِ وردّات العصر ِ المقلوب ِ 

أجتر ُّ الذكرى

وأقاوم ُ باقي علّاتي

أتمنى ...

معجزة ً تختصر البلوى )) .

هل قامت ْ  في بابلَ عشتار ُ ؟

ما بابل ُ إن ْ غابت ْ عشتار ُ ؟

أم ُّ بنيها عشتارُ ...

 لو يدري الجزّار ُ ـ المُختارُ  !!

لو يدري أنّا ما زلنا

في الموقف ِ نعبُدُها عشتارا

 نذبح ُ أنفسَنا قربانا

نضرع ُ أنْ تتكاثر َ فينا عشتار ُ

 أن ْ تنسينا

زلزالَ مدينتا 

أن ْ تبقى عنوان َ رجولتنا ...

أمّا ً لبنيها عشتار ُ .

سقف ٌ زمني ٌّ أعياني

أسقط َ أسناني

أركبني جحشا ً مقلوبا

سيّرني كالنائم ِ في حُلُم ٍ يقظانا

أرتاد ُ الساح َ الغضبان َ ولا أخشى

قنبلة ً تتفجر ُّ في الشارع ِ والمقهى

حتفا ً يترصّدُني أنّى شاءت أقداري

فالدرب ُ طويل ٌ جدا  

والدرب ُ عسير ُ .

 زمجرة ٌ في السُرفة ِ ترفضها أحجار ُ الشارع ِ والقارُ

ترشقها الصبية ُ بالرمل ِ وبالعيدان ِ

تشتمها النسوة ُ أصواتا ً تتعالى من بين الأستار ِ

 تتفلق ُ فيها النيران ُ الغضبى .

رُحماك َ أبي

علّمت َ الأجيال َأهازيج َ الأبطال ِ :

 [[ الطوب ْ أحسن ْ لو مكياري ]] ؟

مَن علمني حرفا 

مَلكني عبدا !

جرحتني الحرب ُ وغاب َ صحابي

غابوا ...

ما بين قتيل ٍ سهوا ً 

وقتيل ٍ  يتعبّد ُ في حُرمة ِ محراب ِ 

قتلونا ...

صلبونا 

قتلتنا فوضاهم.



السلطة و"غولدستون" الجديد والوهم المتجدد/ راسم عبيدات

 


لا اعرف لماذا هذه السلطة تصر "على تجريب المجرب" وشراء الأوهام والأكاذيب والخداع والتضليل،...والإستمرار في سياستها التجريبية والإنتظارية والمقامرة بحقوق شعبنا الفلسطيني،وكأنها تريد أن "تستحلب الثور"، فأمريكا وأوروبا الغربية توجهان الصفعة تلو الصفعة لشعبنا الفلسطيني وتعلنان بشكل واضح بأن لا حل سياسي للقضية الفلسطينية،والحل فقط اقتصادي وتحسين لشروط وظروف حياة الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال....وهذه القيادة تدرك وتعرف ذلك جيداً، والرئيس الأمريكي المتطرف بايدن في زيارته الأخيرة للمنطقة في تموز من العام الماضي ولقائه بالرئيس عباس في بيت لحم،قال للرئيس عباس بأن مطالبه بوقف الإستيطان واعادة فتح القنصلية الأمريكية في القسم الشرقي من المدينة واعادة فتح مكتب المنظمة في واشنطن والعمل على اعادة فتح أفق سياسي، تحتاج الى عودة المسيح لكي يحققها ....وما تبع ذلك من صلف وعنجهية امريكية لتصل حد السعي في مجلس الشيوخ الأمريكي لتشريع قانون يطال حق العودة،بإعتبار أحفاد اللاجئين ليسوا بلاجئين،وكذلك معاقبة كل من يقول ويدعو لمقاطعة دولة الكيان وسحب الإستثمارات منها،والمقصود هنا حركة المقاطعة الدولية (بي دي اس) ،والتأكيد على الحق التوراتي لدولة الكيان في فلسطين " أرض اسرائيل"،ومعاقبة وتجريم كل من يتحدث او يدعو او يحرض او يمول اي عمل م ق او م...

هذه السلطة التي تعيش حالة إرتجاف سياسي وغيبوبة سياسية وانفصال عن الواقع،تدرك بأن رصيدها وشعبيتها في الشارع الفلسطيني عامة والمقدسي خاصة في تراجع وتآكل ...وأن تعاملها مع حقوق شعبنا وقضاياه الإستراتيجية من زاوية المصالح والنفعية والتكتيك البائس والرهان على تغير الحكومات الإسرائيلية والإدارات الأمريكية، ثبت بأنه لن يجلب حقوقاً ولن يعيد أرضاً ولا يحميها من "غول" الإستيطان....ألم تتراجع تلك القيادة في عام/2009 عن طرح تقرير"غولدستون" على مجلس الأمن الدولي،والذي يتهم دولة الكيان بإرتكاب جرائم حرب في عدوانها على قطاع غزة 2008 -2009 مقابل وهم العودة للمفاوضات مع دولة الكيان ومساعدات مالية واقتصادية .؟؟؟.والنتيجة كانت تخلي أمريكا عن وعودها ،وألم توجه لنا امريكا الصفعة في قضية الشهيدة الصحفية شيرين ابو عاقلة، بتسليمها الرصاصة الإسرائيلية التي قتلت بها شيرين،ولكي يخرج تقرير أمريكي صاغته دولة الكيان،يبرىء دولة الكيان من عملية الإغتيال ..؟؟...وكم مرة هذه السلطة قالت بانها ستتحلل من التزامات اوسلو،ولن تبقى ملتزمة بها ما دام الطرف الآخر لم ولن يلتزم بها ،ولن تنفذ وعودها المتكررة،وكذلك قضية وقف التنسيق الأمني كم مرة قالت بأننا اوقفنا التنسيق الأمني ،ونحن نعرف بأن ذلك فقط من زاوية تكتيكية لتحسين شروط وظروف تفاوضها ،وبما يضمن بقائها وخدمة مصالحها ...ألم تذهب السلطة الى مجلس الأمن بعد اقتحام المتطرف بن غفير للأقصى في الثالث من كانون ثاني من العام الحالي، للحصول على قرار بإدانة عملية الإقتحام تلك والتاكيد على اسلامية المسجد الأقصى،وعدم فرض أية وقائع جديدة تغير من طابعه الديني والقانوني ...والنتيجة الإكتفاء بمناقشة عامة حتى دون صدور بيان رئاسي من مجلس الأمن،رغم أن مثل هذا البيان قيمته صفر في السياسة ....واليوم تعود السلطة لوهمها المتجدد ولخياراتها البائسة والمدمرة والتي تمد طوق حبل النجاة لدولة الكيان ولأمريكا ...وكذلك تعمل على توسيع دائرة حلف التطبيع مع دولة الكيان،حيث تخلت كما هو متوقع عن طرح القرار على مجلس الأمن ،الداعي الى الوقف الإستيطان في القدس والضفة الغربية بشكل فوري،واعتبار كل الأنشطة الإستيطانية غير شرعية ...بعد ضغوط كبيرة مورست عليها من قبل أمريكا وأوروبا الغربية الإستعمارية والعديد من الدول الوظيفية العربية ....لكي تتراجع عن طرح مشروع القرار على مجلس الأمن،رغم كل التعديلات التي ادخلها بلينكن عليه،وجعلته فارغ المضمون،بل في بعض جوانبة يشكل إدانة للنضال الفلسطيني الناعم،ولتستعيد عن ذلك بقبول بيان رئاسي عن مجلس الأمن ،قيمته السياسية صفر،وبالمناسبة هو لن يدين فقط الإستيطان والأنشطة الإستيطانية،بل والعمليات التي نفذها م ق ا م ون فلسطينيون...والثمن البخس الذي ستقبضه السلطة مقابل ذلك..هو وعود واوهام بتأجيلات لإضافة أبنية استيطانية جديدة في المستوطنات القائمة وتأجيلات لهدم منازل المقدسيين في القدس ومناطق "سي" لعدة شهور...وللعلم اهالي جبل المكبر في إنتفاضتهم في شباط وأذار/2022 ضد هدم منازلهم،حصولوا على تأجيل لمدة عام بعدم هدم منازلهم ...وكذلك وعود أمريكية متكررة بإعادة فتح قنصليتهم في القسم الشرقي من المدينة،ووعود بعقد لقاء بين الرئيس الأمريكي والرئيس عباس في واشنطن ،وتقديم حزمة من المساعدات المالية للسلطة،على ان تلتزم السلطة بقبول خطة الجنرال الأمريكي فنزل الأمنية، لتصفية بؤر ا ل م ق ا و م ة وقواها في جنين ونابلس واعادة فرض سيطرتها عليها ...وان تعيد التنسيق الأمني .

ما أقدمت عليه السلطة بالموافقة على هذه الصفقة،هو انحراف سياسي خطير، حيث أن "البناء الاستيطاني" لم يعد يمثل "خطرا سياسيا" أو شكلا من اشكال "جرائم الحرب"، وبأن الفرق الاستيطانية ليست "مجموعات إرهابية"، يجب ملاحقتها وفقا للقانون الإنساني العام والشرعية الدولية، مع السماح بحركة استئناف التوسع الاستيطاني بعد "أشهر" تنتهي خلالها حركة الاحراج الأمريكي، وما يعيشه "تحالف الفاشية الرباعي" الحاكم في تل أبيب.

الموافقة على الصفقة الأمريكية بمجملها تمثل جريمة سياسية كبرى، مقابل كلام في كلام لا قيمة له أبدا، في مسار الصراع وطبيعته الجوهرية.

نحن ندرك جيداً بأن امريكا ليست معنية بالتصعيد في المنطقة وانفجار الأوضاع في شهر رمضان،لأن اولوياتها الحرب الأوكرانية والملف النووي الإيراني والصراع مع الصين،ولذلك هي ارسلت قياداتها الأمنية والسياسية للمنطقة من مستشار الأمن القومي جاك سوليفان ومدير المخابرات المركزية وليم بيرنز ووزير الخارجية بلينكن ومساعد نائب وزير الخارجية للشأن الفلسطيني- "الإسرائيلي ،هادي عمرو ومساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأدني والخبيرة في تدمير لبنان وحصاره وتجويعه باربارا ليف، وأشركت اطراف عربية ،لكي تقوم بدورها الأمني في الضغط على السلطتين في رام الله وغزة و وحركتي ا ل ج ه اد و ح ما  س ...ولكن جهود منع التصعيد لم تثمر،لأن حكومة الكيان تعمل على تجسيد قناعاتها الأيدولوجية والسياسية وبغض النظر عن المرحلة السياسية،...وهي لن تلتزم مجدداً بالتفاهمات التي رعتها امريكا ....وستواصل مشاريعها ومخططاتها الإستيطانية وفرض الوقائع في القدس والأقصى، وستستمر السلطة في أداء دورها الوظيفي وتنسيقها الأمني وحصولها على الأموال مقابل بقائها وتقويتها.


 

القرأنُ الكريمُ نورٌ أبَديٌ على الوجودِ والخَليقةِ والأكوانِ/ فاضل البياتي



القرأن الكريم العظيم هو ربيع الأرواح والقلوب والعيش بمحبة وأخوة بينَ كلِ الناسِ. نحنُ في الأيامِ الأولى من شهر شعبان المبارك وقريباً إن شاء الله نستقبل شهر رمضان المعظم. أهلاً رمضان المبارك وأهلاً ليلة القدر المباركة والتي فيها كان نزول القرأن الكريم العظيم. بهذه المناسبات الطيبة هذه قصيدتي الجديدة الجميلة والرائعة.




1

الحياة أبهى وأجمل وفي نعيمٍ دائمٍ مع القرأن

إذ يمنح الثبات والسَلاَم والهناء

للنفوس وينعش الوجدان

في ليلةِ القدر الجَليلةِ نزل الوحي في رمضان

تَنَزّلَ القرأن معجزة الله للعالمين الخالق الرحمن

أسمى وأقدس نبأ عظيم

أَبَدِيٌّ خالدٌ مع الأزمان

مُنذ النبي آدم أبو البشر لعهدٍ نوح والطوفان.

2

القرأن الكريم المجيد الْمُبِينِ والْهُدى وَالْفُرْقَانِ

في نزوله المقدس على النبي المُصطفى محمد

الصادقُ الأمين وخاتم النبيين

أشرقت بقُوة إرادة اليقين

ونِعْمَة الإيمان

بأطهر وأعظم الآيات والسور تَنعمُ بالإِعْجازِ والعرفان

والدروسِ والعِبَر والجمالِ والعذوبةِ والبلاغة والبيان.

3

القرأن الكريم كتاب الله الجَلِيل

وكلام الله العظيم ونداء الله الرحمن

فيه الحياة واليقين والبركات والغفران

القرأن الكريم دنيا من الخلود

للزمان والخليقة والأكوان

ونور أَزَلِيّ مُشرقٌ على الوجود والإنسان

وربيع للأرواح والقلوب والعيش بأطمئنان

ومحبة وأخوة بينَ كلِ الناسِ في كلِ الجهاتِ والبلدان.

4

الله يحفظ قدسيةٌ القرأن

وفي الأفئدة والأرواح محروسٌ ومُصان

وحَيٌّ دائماً يعيشُ مشرقاُ 

وساطِعاُ معطراُ ومزهراُ ويمنح الأمان

على مَدَى الدهُور مضيء ومُبجلٌ القرأن

وجميع خلق الله مٍبتهجٌ في قُدسيته وفرحان

ماآعظم القرآن دليلاُ وسبيلاً للحياة وبُرْهَانٌ

وسيبقى للأبد طاهراُ ومُهاباً وحبيباً

في كل مكان وزمان.

قراءة وتلاوة القرأن وسماعه وحفظه

جميعها سعادةٌ وبَهْجَةٌ في أرواحنا تباركُ الأيمان

فالحياة أبهى وفي نعيمٍ وهناءٍ دائمٍ مع القرأن

إذ يمنح الثبات واليقين للنفوس

وينعش الوجدان والمحبة والحنان.


فاضل صَبّار البياتي

19 شباط  2023 

عالقونَ في براثنِ الزمن والعشق/ كريم عبدالله

 


أنا المُثقلُ بهمومي كهذي البلاد وأنتِ فتنةُ العشق الوافدة على قصائدي وحدكِ تجمّلين مشاعري وتعيدينَ إليها البريقَ, أيتها الملتهبة والأوفرَ حظّاً في قلبي يا منعطفاً فريداً ينادي بالسلام وينعكسُ بهجةً يا مَنْ تكفلُ الهدوءَ لمثلي حينَ يداهمنا الخريف بغتة , وحدي أقفُ مذعوراً قبالةَ سواحل زمنكِ غرقت أيامي وتناقصت فرصة النجاة , ها هي أحلامي تكادُ تختفي أسفلَ أمواج الزمنِ العبوس , كلّما أتشبثُ بساريةِ الأمل تتحطمُ وسطَ بحرٍ مِنَ الأسى أكافحُ عبثاً , عائدٌ أنا مِنْ رحلتي وقلبي يتدفأُ وسطَ جبالٍ مِنَ الجليد الأصم , هاربُ تهاجمني الذئاب تبحثُ عن طعامِ يملأُ أكبادَ حقدها , بحذرٍ أعبرُ الأسوارَ إلى أسرارِ حكايتنا القديمة  وشتاء العمر المطعم بالعشقِ الشقي يقرصُ فرصةَ اللقاء المشتهى , يا للحظاتِ الباهرة لو ذابت الثلوج النائمة وتشابكت القلوب المضيافة وانتهتْ أزمنةُ الحروب وعادتْ طيورَ الحبّ ترفرفُ فوق تويجاتِ أزهارنا التي لوثتها أحذية العساكر اللعينة !! .

**

سيوف الحقد المظلمة

أما آنَ لي أنْ أُلقي سيوفَ الجهادِ الأسود وأزرع بساتينَ نرجسٍ حولَ قبورِ مَنْ رحلوا ظلماً ؟! , متى سنهجرُ ساحاتَ الحروب الكاذبة ونوقفُ تدهورَ الحياة ونحمي الأرضَ مِنْ شرورنا المتعاظم وننصرَ العشق ؟! , متى يتغلبُ ضميرنا الأخلاقي على ضميرنا الديني ونتألمُ لأوجاعِ الإنسانية لأننا شركاءَ في هذهِ الدنيا ؟! , كمْ نضمرُ في قلوبنا المعتمة مِنَ الضغائن والقُبحَ ؟! , ممتلئةٌ هيَ بالكراهيةِ للآخرَ واللاإنتماء  لهذا العالم الفسيح , متى سنتضامنُ معَ ضحايا الحقد ونُشفِقُ على المظلومينَ ونتصالحُ مع العقل ؟! , إن لمْ نكنْ قادرينَ على حمل غصنِ زيتونٍ في زمنِ الحرب فنحنُ سنهلكُ جميعاً وسنقودُ أنفسنا إلى معضلةٍ عبثية , كيفَ فقدنا الشعورَ بسخريةِ القدر واللامبالاة وتقبّلنا الموت وفقدان الهوية ! , مِنَ المحزن يا حبيبتي أن لا ينتشلنا العشق مِنْ محنتنا وينتصرَ الشرّ ! , ها هي ملابسنا أصبحت ضيقةً علينا وأجسادنا باليةً ينهشها الخوف ,نحنُ التائهونَ في وطننا حولونا وحوشاً ضاريةً تأكلُ بعضها , ندخلُ في أنفاقٍ ملتوية لا نهايةَ لها نبحثُ عن الضوء .   


هجاء طفيليٍّ بخيل/ الدكتور حاتم جوعيه



     -   من الشعر الساخر  -

    هذه القصيدة في هجاءِ طفيليٍّ بخيل يأكلُ دائما في المناسبات وعند الناس والأصدقاء بشراهةٍ ويلتهمُ الصحون وأطباق الطعام والحلويات بجنون كأنه يعيش ويحيا  في مجاعة  وفي حياته لم  يرَ شكل الطعام .. وأما في بيته فهو في  منتهى البخل والإنحطاط  ولا يسقي أحدا من الذين يزورونه  لو بالخطأ كأس ماء. وحدث أن زارهُ بعضُ الأصدقاء في بيته ، في فصل الشتاء ، بعد مدة طويلة من زياراته المكثفة والمتواصلة لهم في بيوتهم..وكانوا في البداية يحترمونه  ولا يعرفون حقيقته ويبالغون  كثيرا  في استقباله  وإكرامه  رغم شراهته في الطعام..وبدل أن يقابل أصدقاءَه وضيوفه  بالمثل في بيته  ويقدم لهم واجبَ الضيافة أجلسهم خارج البيت ، وكان الطقس  باردا وماطرا  ولم يسقهم  لو كأس ماء  فغادروا بيته  متذمرين  حاقدين عليه  وقطعوا علاقتهم 

نهائيًّا  معه . ولقد نظمتُ هذه القصيدة في هجاء هذا البخيل على لسانهم .

        ومما يثيرُ الضحكَ والإستغراب أن هذا المأفون والطفيلي البخيل كان دائما  وعندما  يذكرون  في  كل  مناسبة  وجلسة  موضوع   وسيرة  البخل والبخلاء يردِّدُ هذه الجملة باستمرار :(( إن البخيل عدو الله ))  وينسى نفسه أنه في قمة البخل والنذالة والإحنطاط ، وهوعدو الله والدين والمجتمع والقيم والأخلاق  .     لو عاش هذا الرجل البخيل وغريب  الأطوار زمن الجاحظ ( ابو عثمان عمرو بن  بحر) لألفَ  فيه  كتابا ضخما عن  نوادره في البخل أهم بكثير من  كتابه الشهير (البخلاء) الذي حقق شهرة واسعة جدا على مرِّ العصور وترجم إلى العديد من لغات العالم .

مثالُ    الشُّؤمِ    دومًا    والبلاءِ     وَينعقُ  في الصّباحِ  وفي المساءِ

وكم  عُقدٍ   يُعاني  الوغدُ   منها      رواسبُ   ليسَ  منها   من  شفاءِ 

نراهُ   في   الولائمِ    مثلَ   ثور     ويبقى الرأسُ  دومًا   في  انحِناءِ

ويلتهمُ   الصُحونَ   بلا    حياءٍ      ودومًا    قالعٌ     شرشَ   الحياءِ 

وعندَ   الأكلِ    مقدامٌ    جسورٌ     وفي الإكرامِ    يبقى  في   اختباءِ

وصنديدٌ    بشربٍ   أو    طعامٍ      وَرِعديدٌ     بجودٍ     أو    عطاءِ

طفيليٌّ    يُشعوذُ   دونَ    ردع      توغّلَ    في    النذالةِ     والهُرَاءِ

ويبقى  الدّهرَ في قرفٍ  وخزي      ومنهُ     كلُّ    داءٍ     أو    وَباءِ

يُجَدِّفُ   بالإلهِ ...  يتيهُ     كفرًا      ويعصَى   وَيْحَهُ   حُكمَ   القضاءِ

وكلُّ  الناسِ  عنهُ   اليوم   تنأى      كإيدسَ    وَيْحَهُ    وبلا     مِراءِ

رأوهُ   جيفةً   لا    قربَ   منها       ولصًّا       للأذى      والإفتراءِ      

عليهِ   الذمُّ    لا   ينفكُّ   يهوي      يذمُّ     بكلِّ    رُكنٍ     أو    فناءِ

وما   كذبوا  إذا   نعَتُوهُ  ضبعًا      ويبقى الضبعُ  يمرحُ  في  الخلاءِ

كمثلِ  الضيع  في  بوقٍ  وغدر ٍ    وإنَّ    الخيرَ    منهُ    في    بَراءِ

وفيهِ الحُمقُ   قد  أضحَى  مثالًا      لداءِ   الحُمقِ   أنّى   من    شفاءِ 

هوَ  الدبُّورُ  لا   يعطيكَ   شهدًا      وَعضريط   ويلسعُ   في  الخفاءِ

هوَ  الزنديقُ   في  نهج   وقولٍ      يُعكّرُ    جوَّنا      بعدَ     الصَّفاءِ

ومهزلةُ  المهازلِ  يظلُّ  مَسْخًا      ومنزلهُ     هنا      دونَ    الحذاءِ

ويمرحُ  في المزابلِ والمجاري     ويسعى    للمآبقِ     في    انتشاءِ

ومن  إبليس  يأخذُ  كلَّ  رجس      رماهُ    الله    في    أشقى    شقاءِ

ويأكلُ   صحنَنا   ويبولُ    فيهِ       يُضرِّطُ  في الغداءِ  وفي  العشاءِ

معاني الخزيِ  فيهِ   قد  تجلّتْ       يُجسِّدُهَا     ومن     الفٍ     لياءِ  

سنمسحُ فيهِ هذه الأرضَ مسحًا       يُحلّقُ    صيتُهُ    فوق    الفضاءِ

وإنَّ    غدا    لناظرهِ     قريبٌ       سيقضي العمرَ  دومًا  في اختباءِ 

سنجعلُ  صُبحَهُ النّجمات  تبدُو       ويُكثِرُ   من   جعيرٍ   أو   عواءِ  

ويلطمُ  مثلَ  ثكلى وسطَ  جمع        ويغدُو    عيشَهُ    مثلَ    الجراءِ   

غدا    بجهنّمِ   الحمرا   سيغدُو      عليهِ  اللعنُ   من   ربِّ   السَّماءِ

وراءَ  الموبقاتِ   يسيرُ   دومًا       وفي   إصلاحِهِ   ما   من  رجاءِ

وعقلهُ   مثلُ   تيسٍ   أو    ككُرٍّ      وَسِعرُهُ   دون  فلس  في  الغلاءِ 

وأسلالكٌ   لهُ   صدئتْ   برأس       وَبُوصلةٌ       بمُخٍّ         للوراءِ 

عدوُّ  اللهِ  يرتعُ   في  المخازي      ولصٌّ    في   حوانيتِ    الشراءِ 

ويملأ   جيبهُ   من   كلِّ   نوع       بلا   ثمن    وَمن   دونٍ  اختشاءِ

كمثلِ البغلِ  يرفسُ  كلَّ  شيىءٍ      بلا     شبع     سيبقى    وارتواءِ

هُوَ  البوَّاقُ  لا   يرعَى   ذمامًا      يبوقُ    الأهلَ     كلَّ     الأقرباءِ

هُوَ   المأفونُ   والمهذار   يبقى     كرامُ   الناسِ   عنهُ    في   جَفاءِ 

هوَ  المأفونُ  لا   ينفكُّ    يهذي      وَمنَّا   كم   سيلقى   من    هجاءِ

ومنّا  سوفَ   يلقى   كلَّ   هول      ويصمتُ  عن  هُرَاءٍ   أو   رياءِ

رفعناهُ  ...   نعتناهُ        بكلبٍ      وإنَّ     الكلبَ    عُنوانُ     الوفاءِ 

هو   البوَّاقُ   عُنوانُ   انحطاطٍ      وَيُضمِرُ    للدُّنى    كلَّ     العداءِ

تسربلَ  بالمخازي  طولَ  دهر      فبئسٌ    منهُ    من   هذا   الرّداءِ

ويحظى   بالشَّتائمٍ    كلَّ   يومٍ       بعيدٌ    عن    مديحٍ    أو     ثناءِ

ومنهُ    ما    رأينا    أيَّ    نفعٍ      عدوٌّ         للكرامةِ        والإباءِ

عليهِ   قد   تكأكاَ   كلُّ   رجس      وعنهُ   افرنقعَتْ   سُحبُ  الضياءِ

وسيرتهُ    هنا    تبقى     مثالًا      وتُضحِكُ  كلَّ   ثكلى  في  الخباءِ

عدوُّ    اللهِ   ما    منهُ    رجاءٌ       وعنهُ   قد   نضَا   زيفُ  الطلاءِ

وهذا  الوغدُ   قد  زرناهُ   يومًا      وكنَّا   نحنُ   في   فصلِ   الشتاءِ

وكانَ  الطقسُ  بردًا.. أيُّ   بردٍ     وأمطارٌ    توالتْ    في     سخاءِ

بقينا   خارجًا   والبردُ   صعبٌ      فأجلسنا     بعيدًا    في    العَراءِ

وقهوتُهُ   المُشَعوذُ   ما   شربنا      ولا   يسقي  ضيوفهُ   كأسَ   ماءِ

لئيمٌ      حاقدٌ     وغدٌ      حقيرٌ      بخيلٌ   قد   تمرَّغَ    في  الخراءِ

هو   المُرتدُّ   شيطانٌ     رجيمٌ       وَعنهُ    ارتدَّ    كلُّ    الأصدقاءِ

وَمعتُوهٌ     وَمَمْسُوخٌ     وضِيعٌ       وَمنبُوذٌ        لكلِّ        الأوفياءِ 

يظنُّ       بأنّهُ       فذّ     حكيمٌ       يراهُ    الكلٌّ     أغبَى   الأغبياءِ

تركتنا    بيتهُ   المشؤُومَ    حالًا     كأنّا    نحنُ    كنا    في    عزاءِ