حسناء/ جورج عازار
في ذلك الدَّربِ
مرَّت تسيرُ الهوينى
كأنَّها خيالٌ يحومُ
أو فراشةٌ تطيرُ
تزيح ُبرفقٍ
حيز هواءٍ من حولِها
وتُشعلُ في الخواطرِ
حرائق من هوىً
فتكوي الأفئدةَ نيرانٌ
ويستعِرُ الَّلهيبُ
تُراقص النسيمَ في مِشيتها
جيداءُ في حُسنِها وبهائِها
تكادُ تُمسكُ الغمامَ في عُلُوٍ
باِتزانٍ يعايرُ خطواتِها
فيتأرجحُ الفُتنُ في ميلِها
ويتوهُ في تفاصيلِ ملمَحِها
الُّلبُ والبصرُ
حازت على كل ما حبَاها
اللهُ مِن نِعمِ المَلاحةِ
حتى كادت قنصلاً للحسن
أو سفيراً تُنَصَّبُ
وكأن كلَّ ما فيها
من روعةِ النَّضارة
مستوفى ومكتملُ
فالوجه نورٌ والعيون سِحرٌ
والشفاه ُإغراءٌ وإِيحاءُ
والنَّاظرُ مثل ظامئٍ
تاهِ دهراً في قيظ بيداءٍ
وقطرة ماءٍ جُلَّ الأماني
وغاية الآمالِ والأَرَبِ
تتركُ فضاءاتً من فَوْحِ رَيَّاها
فيحارُّ المَرءُ
إن كان يشتمُّ فَوْعَةَ الطِّيبِ
أم يعاينُ مِنها الطَّيفَ
قبل أن يغيبَ الأثرُ
تنأى عنَّا وتبتعدُ
تختفي في معارجِ
الدَّربِ اللئيمِ
القصيرُ إن رُمْتَ ألَّا ينتهي
والطويلُ حين تسلُكُهُ
مديدٌ ومُنهكٌ وعسيرُ
تودُّ لو صارت المسافات
دُهوراً تَطولُ
ولكن هيهاتٌ فالبدايات
تُغلِقُها خواتمٌ
ويُنهيها أُفولُ
يلتهمُ الغيابُ أَثرَها
ولا يَبقى في مرايا العيونِ
غير بضعةِ خيالاتٍ
تتبدَّدُ في الحنايا
رويداً رويداً
فيطغى سُكونٌ وإطراقٌ
ويحلَّ صَّمتٌ ووجومُ
وشذى عطرٍ يفوحُ
يداعبُ الأجواءَ
عِبرَ الأثيرِ
نسيمٌ بَخيتٌ
كان في خدَّيِها
قد التصقَ
ومن رَحيقِ أريجِها
مِسكَ العبيرِ
وبعضَ الطِّيبِ من وجنتيها
قد سرقَ
ستوكهولم-السويد
1 comments:
إرسال تعليق