أشهر شعراء النجف: مختارات شعرية / كريم مرزة الأسدي

يقول الجواهري :
أجب أيها القلبُ الذي لستُ ناطقاً **إذا لم أشاوره ولستُ بســـامع ِ
وحدّثْ فأنّ القومَ يدرونَ ظاهراً ** وتـُخفى عليهم خافيات الدوافع ِ
وفجّر قروحاً لا يطـاقُ آختزانها ** ولا هي ممـــــا يتقى بالمباضعِ ِ


مختارات شعرية  لأشهر شعراء النجف ( ولادة أو نشأة) ، وحشرت نفسي  ، وهم من عمالقة الشعر  العراقي و العربي ، رتبتهم حسب أقدمية سنوات ميلادهم :
 1 - السيد محمد سعيد الحبوبي ، 2 -  السيد جعفر الحلي ، 3 - الشيخ محمد جواد الشبيبي الكبير ، 4 -  السيد رضا الهندي الموسوي ، 5 -  الشيخ محمد رضا الشبيبي ، 6 - الشيخ علي الشرقي ، 7 -  الشيخ محمد علي اليعقوبي ، 8 - الشاعر الكبير أحمد الصافي النجفي ، 9 -  الشاعر الكبير محمد مهدي  الجواهري  ،  10 - الدكتور عبد الرزاق محي الدين ، 11 - الشاعر محمد صالح بحر العلوم  ،   12 -  الشيخ عبد المنعم الفرطوسي ،  13 -  السيد مصطفى جمال الدين ،  14 - الشيخ أحمد الوائلي ، 15 -  الشاعر الشريد عبد الأمير الحصيري ، 16 -  كريم مرزة الأسدي .

1 - شعر وتشبيب وغزل السيد محمد سعيد الحبوبي ( 1266 -- 1333هـ / 1850 -- 1915 م) :
لُحْ كوكباً وإمشِ غُصناً والتفِتْ ريما
 فأن عداكَ آسمها لـــــم تعدك السيما
يامن تجلّ عــــــــن التمثيل صورته
 أأنتَ مثَّلتَ روح الحـــــسن تجسيما
نطقت بالشعر سحــــراً فيك حين بدا
 هاروت طرفُكَ يُنشــــي السحر تعليما
فلو رأتك النصـــــــــارى في كنائسها
 مصوراً رّبعـــــــــــــــت فيكَ الأقانيما

ويقول في (ياغزال الكرخ) :

هزَّت الزورآء اعطاف الصَفـــا
فصفت لي رغدةُ العيش الهَني
فارعَ مِن عهدك ما قد سَلفــــا
وأعِدْ يافتــــــــــــــــنة َ المُفتَتِن
****
ياغزال الكرخ واوجدي عليك
كاد سري فيـــــــك أن يُنتَهكا
هذه الصهبآء والكـأسُ لديــك
وغرامي فــي هــواك إحتَنكـــا
فآسقني كأساً وخُذْ كأساً اليــك
فلذيذ ُ العيش أن نشتـــــــــركــا
إترع الأقـــــــــــــداح راحاً قرقفاً
وآسقني وآشرب او آشرب واسقني
فلمُاك العـــــــــــــــذبُ أحلى مرشفا
من دم الكرم ومـــــــــــــــآء المُزن
****
أيها العذال كفّوا عَذلَكُــــــــــــم
بالهوى العذري عذري اتضحا
وامنحوا يا اهل نجد وصلــــكم
مستهاما يتشكى البرحـــــــــــــا
واذكروني مثل ذكراي لكــــــــم
ربّ ذكرى قرّبتْ مـــــــــن نزحا
الوفا ياعرب يـــــــــا اهل الوفا
لا تخونوا عهـــــــــد مَن لم يَخُنِ
لا تقولوا صدّ عنـــــــــــــــا وجفا
عندكم روحي وعــــــــــندي بدَني

2  - من غزل وتشبيب السيد جعفر الحلي ( 1277 -- 1315 هـ / 1861 - 1898 م)  :
  اني شكرت نحول جسمي بالمها **اذ صرت لم امنع بكل حجاب
ان اغلقت بابا فقلبي طائرٌ **** والجسم ينفذ مـــــــن شقوق الباب
فانا بعكس ذوي الهوى! اذ دأبهم ****ذم النحول, وشكره من دابي
ويقول مشبباً :
يا قامة الرشأ المهفهف ميلي***بظماي منك لموضع التقبيل ِ
فلقد زهوت بأدعج ومـــــزجج *** ومفلج ومضــرج واسيلِ
رشأ اطل دمي وفي وجناتـــه  ****وبشأنه اثر الدم المطلول
يا قاتلي باللحظ اول مـــــرة *** اجهز بثانيـــــة على المقتول
مثل فديتك بي ولو بك مثّـلوا** شمس الضحى لم ارش بالتمثيل
فالظلم منك عليّ غـــــير مذمم *** والصبر مني وردها المطلول
ولماك رّي العاشقين فهل جرى***ضرب بريقك ام ضريب شمول
وتشبيب ثالث  :
بالغلس انسلّت الى حبيبها ********* تخطو وعيناها الى رقيبها
ساحبة الابراد في مرابع  **********  ارجاؤها تضوعت بطيبها
مرت بها ريح الشمال فاغتدت****تحمل طيب المسك في جيوبها
فرشت احشاي لها لكنني  ********خشيت ان تضجر من لهيبها
عانقتها كأن كفيّ التقت **** ****من قضب الجرعا على رطيبها
حشاشتان التقتا كلٌّ ترى **** ***ان ليس في الاخر كالـــذي بها
تحبها الناس ولكن ان مشــــت  ********كأنها تمشي على قلوبها
فكم شكت عشاقها لها جوىً *******شكاية المرضى الــــى طبيبها



3 -  الشيخ جواد الشبيبي الكبير  (1281-1363هـ \1864-1944م)   :

يطارحني في الدوح من ليس قلبه ** كقلبي ولا اوكاره كمطارحي
ان كان كل المجد بعض مطامعي**   فنيل الثريا من اقل مطامحي
وظن سماك الشهب اني اعزل **وكم اعزل يقوي على طعن رامح
عبرت له نهر المجرة ضاربا *** * *   لاسنة الامواج في يد سابح
تلاحقني في ضفتيه نجومه *** **  فهل كنت في الافلاك اول سائح
كأني من تحت النيازك حاسر *** *** تهاوت عليه بارقات الصفائح
من السعد لونصل الهلال يريحني *** * فاصبح مذبوحا لاشرف ذابح
فكن ياضراح الشهب موضع حفرتي ***فما في ثرانا موضع للضرائح
تجاور فيها الجائرون واسسوا ****** بهذا الفضا احدوثة من فضائح
قرون حديد اطلعوا من سقوفها  ****  وقالوا لها هذي السماء فناطحي

ويقول :
أجيالنا الماضون عز خضوعهم ** وسكوتهم لمصارع الاجيال
درجوا ,وأبقوا بعدهم أفعالهم ******** عبروا لاسماء بلا أفعال
تركوا البلاد,وخصبها مستوعب**** ***ما بين أجواز الى أجيال
والخصب ليس بمسمن سكانها **** *ان كان محفوفا بقحط رجال
ويقول :
  كان الضعيف اذا مد القوي يدا  **** ****لظلمة ردها مدفوعة بيد
واليوم ظل ضعيف القوم مضطهدا**** وارحمتاه لمظلوم ومضطهد
كم شجة ارضخته وهو معتدل **** *****كما تعاقب طراق على وتد
يبيت مضطربا في موطن قلق  **** ****** كأنه زئبق في كف مرتعد
ويقول :
أمثقف  القلم     الذي *** من دونه الرمح المثقف
تجري  سلافة   ريقه ***   فتعبها  الافكار  قرقف
و رد الفصاحة لم يكن ***  لولاه  بالاملاء    يقطف
جوف العدو يضيق من ***  نفثات  ارقمه   المجوف
فكأنه   قلم     القضا ****   ان  جر  يوما ما   توقف

4 - السيد رضا الهندي الموسوي(1290-1362هـ \  1873-1943م)
يقول في القصيدة الكوثرية :
أمُفلّـجُ ثَغركَ أم جوهـرْ***و رحيقُ رضابـِك أم سُكّرْ
قَـد قال لثغرِكَ صانِعـهُ ****إنّــا أعطينـاكَ الكَـــوّثَرْ
والخالُ بخـدكَ أم مِسـكٌ ***نقطتَ بـهِ الـوَردَ الأحمرْ
أم ذاكَ الخالُ بِذاكَ الخَـدُ ****فتيـتُ النـّدّ على مَجمـرْ
عجباً من جَمـرتِهِ تَذكـو*****وبـها لا يحتـرقُ العنـبرُ
يا مَن تبـدو لي وَفـرَتُهُ ****في صُبحِ محَيـاهُ الأزهـرْ
فأجـنُّ بـه بالليـل إذا*****يغشـى والصُّـبحِ إذا أسـفرْ
إرحَمْ أرِقاً لو لم يَمـرَض **بنُعـاسِ جُفونكَ لم يَسـهرْ
تَبيـضُ لهَجْـرِكَ عَينــــاهُ ****حُـزناً ومـدامِعُـهُ تحمَرْ
يا للعُشّــاقِ لمفتـــــــونٍ***يَهــوى رَشَأً أحوى أحورْ
إنّ يَبْـدُ لَذي طرَبٍ غنّى *****أو لاح لذي نُسُــكٍ كبّـرْ
أمنــتُ هــوىً بنُبّوتِــــهِ  *****وبعينيهِ ســحرُ يُؤثَــرْ
أصْفيتُ الـوُدُّ لِذي مَـلـــــلٍ***عَيـشـي بقطيعِتِــه كــدّرْ
يا مـن قَـد آثَرَ هجْراني ******وعَـلَيَّ بلقُيـاهُ اسـتأثـرْ
أقسـمتُ عليكَ بـما أوْلتْـكَ***النّضرَةُ من حُسنِ المَنظَرْ
وبوجهِـك إذْ يحمَـرُّ حيـاً****وبـوجهِ محبّـك إذّ يصــفّرْ
وبِلُـؤلؤِ مَبْسَمِـك المنظـومِ *****ولـؤلُؤِ دَمـعي إذّ يُنثَـرْ
أنّ تترُكَ هذا الهَجـرَ فليـسَ ****يَليـقُ بمِثـلي أن يُهجَـرْ
فأجْل الأقداحَ بصرفِ الرّاحِ ــ ــ عسـى الأفراحُ بها تنشَرْ
وأشغَل يَمناكَ بصَبّ الكـأسِ *****وَ خَـلِّ يَسـاركَ للمِزهَرْ
فَدَمُ الُعنقودِ ولحـنُ العـــــودِ****يُعيـدُ الخـيرَ ويَنفي الشّرْ
بّكّر للسُّكرِ قُبَيـلَ الفجــــــرِ*****فصَفـوُ الدَّهـــر لِمَـن بَكّرْ
هذا عَمَلي فاسـلُكْ سُبُلــي ****إن كُنـتَ تَقِـرُّ علــى المُنكرْ
فلقد أسرفتُ وما أســـــــلفتُ ***** لنفـســي ما فيــــه أعّرْ
سـوَّدْتُ صحيفةَ أعمـالــــــي *****ووكلـتُ الأمـر إلى حَيدرْ
هو كَهفي من نُوبِ الدّنيـا ******وشَـفيعي في يومِ المَحشـرْ
قـد تَمَّـت لـي بوَلايَتِـــــــه******* نِعَـمٌ جَمَّـت عن أن تُشكـرْ
لأُصيبَ بهـا الحظَّ الأوفـــــى*****وأُخصَّصَ بالسـهم الأوفـرْ

ويقول مشبباً في مطلع قصيدة :

أقبل من أهواه بالكــــــأس*** فتهت بين البدر والشمـس
مَلك على عرش الجمال أستوى** فأقرأ عليه آية الكرسي
بل ملك اضحت على حسنـه ****وقفاً عيون الجن والإنس
وردٌ على خديه من شأنــه **** أن يصبغ العشاق بالورس

ويقول في (الاستعداد للموت ) :

أرى عمـــري مـؤذنا بالذهـــابِ*** تمـر لياليـــــهِ مـرّالسحـاب
تفـــاجـأني بيــض أيامــــــــــه**** فتسـلخ مني سواد الشبـاب
فمن لي إذا حان مني الحمــام**** ولم أستطـع منـه دفعا لمابي
ومن لي إذا قلـــــبتني الأكــف**** وجـردني غاسـلي من ثيـابي
ومن لي إذا سرت فوق السرير*** وشـــيل سـريري فوق الرقاب

5 - الشيخ محمد رضا الشبيبي (1889 -- 1965 م) :

 يقولون: اتيان الكبائر جائز *** وفعل الخطايا المنكرات مباحُ

أخي هذه الأخلاق للجنس نهضةٌ *** وللبشر الآتين منه فلاحُ؟

يريدون للدنيا ضماداً وأنهم **** بجثمان هذا الاجتماع جِراح
ويقول عن الشباب : :
أنْتُـمُ - مُتّعْتُـمُ بالّـسّـؤْدُدِ** ياشبابَ اليَوْمِ - أشْياخُ الغَـدِ
ياشَبابـاً دَرَسُـوا فاجْتَهًـدوا ***لِيَنالـوا غايَـةَ الْمُجْتَـهِـدِ
وَعَـدَ اللهُ بِكُـمْ أوطانَـكُـمْ ****ولَقَـدْ آنَ نَجـازُ المَـوْعِـدِ
أنتُـمُ جِيـلٌ جَديـدٌ خُلِقُـوا *****لِعُصُـورٍ مُقْـبِـلاتٍ جُــدُدِ
كَوّنوا الوَحْـدَةَ لا تَفْسَخُهـا ***نَزَعـاتُ الـرّأْيِ والمُعْتَقَـدِ
أنـا بايَعْـتُ عَلـى أنْ لاأرَى** فُرقَةً،هاكُمْ عَلـى هـذا يَـدِي

6 - يقول الشيخ علي الشرقي (1890 - 1964 م ) :
لِلَّـســـــع ِ نَـعـمَـلُ دَائِــمَــــاً
وَالـنَّـحـلُ تـَـعـمَـلُ لِـلـعَـسـَل
بـَــلَـدِي رُؤوسٌ كـُـلـُّـــــــــهُ
أرَايـتَ مَـزرعـَة َ الــــــبَصَل
ويقول :
مَا أكثرَ الشّوك المُؤلِمَ لِلـحَشَی
في ذِي البِلادِ،وَ مَا أقلَّ الشّیحَا
عَمّ البِلی فَلَو أنَّ طُوفـَـــانَا أتَی
هَذَا الوَرَی لَم یَبقَ مِنهُم نُوحَا
مِن كـلِّ مَن مَلأ الـــضّلالُ رِدَاءَهُ
وَالّإفك یـَمــلءُ ثـَغـرَهُ تَسبِیحَا
فَلـأنصَحَنَّ قَومِي وَ إن جَلبَ الرّدَی
فَالعُودُ یَحرُقُ نَفسَهُ لـِـــــیَفُوحَا

ويقول ، ولا نذكر المناسبة !! :
 يا رامي الشجر العالي بأكرته
هلا تعلمت اخلاقا من الشجــــر
ترميه بالحجر القاسي لترجمـــه
وانه دائمـــــــــــــا يرميك بالثمر
قدست من بشر لــــــولا مجاملة
لقلت في حقه قدست من بقـــــر.
قل للجآذر ظلما انت مــــــــن بقر
ان ينسبوك وهذا الوحش من بشر

 7 - يقول الشيخ ا محمد علي اليعقوبي  ( 1895 -- 1965 م) :
أأرتاحُ بالكرسيِّ مزدهياً بـــهِ *** وتهتزُّ منْ شوق ٍإليَّ المنـــابرُ ؟
وأضرعُ مأموراً لناه ٍ وآمرٍ ***وـلي مقولٌ ٌ في الشّعب ناه ٍ وآمرُ
رضيتُ لنفسي في الحياةِ بمقنعٍ ٍ* من العيشِ يأباهُ خطيبٌ وشاعرُ
ولمْ أدخرْ غيرَ القناعةِ ثــــروةً*** وتلك التي تبقى وتفنى الذخائرُ
ويقول عن الانتخابات النيابية :
  للانتخابات قـــــــــامت *** معـــــاركٌ ومعامعْ
لكلّ حزبٍ  هـتـــــــافٌ ***تستك منه المسامعْ
فللشباب  طمــــــــــوحٌ **و(للشيوخ)  مطامعْ
سوق  الضمــــائر فيها*** مابين شارٍ وبائــــعْ
ذرائعُ  القـــــــوم شتى ***والمال بعض الذرائعْ
وليس يــــــــــربح إلا ** من رشّحته المـــراجعْ

8  - يقول أحمد الصافي النجفي (1897 -- 1977م) :


سألتـْني الشعراءُ أيـن أميرُهمْ؟  *** فأجبـتُ : إيليـا بقـولٍ مطلقِ
قالوا : وأنت ! فقلتُ : ذاك أميرُكمْ *** فأنا الأميرُ لأمـةٍ لم تُخْلَقِ
ويقول :
إذا البحرُ لمْ يلهمْكَ منهُ معانيـــا ****فأَنْتَ غريــبٌ، لا يكلِّمُكَ البحرُ
فلستَ بكفءِ البحرِ، حتى تؤمَّهُ ***لأَنَّكَ صخرٌ جامدٌ، كفؤكُ الصَّخرُ
كذا الحسنُ ملكُ الشَّاعرينَ، لأنَّهُ ** يكلَّمُهم، والقولُ منهُ، هو الشعرُ
ويقول عندما وقع أمر فك سراحه بين أربع دول ...!!:
حکومةُ لبنانَ قد راجعت ***** فرنسا لفکِّي فلم تسطعِ
وراحت فرنسا إلی الإنکلیزِ *** تراجعُهم جَلَّ مِن مرجعِ
وقد راجعَ الإنکلیزُ العراقَ *** وللیومِ بالأمرِ لم یُصدَعِ
فقلتُ: إعجبوا أیّها السامعونَ ** ویا أیّها الخلقُ قولوا معي:
أمِن قوّتي صرتُ أم من ضعفِهم *** خطیراً علی دولٍ أربعِ؟
قدم له صديق قديم مبلغاً من المال داخل رسالة في مناسبة من المناسبات فحار الصافي في رفض المبلغ أو قبوله، وقد عبّر عن هذه الحيرة في أبيات، منها:
ونبيلُ قومٍ جادَ لي برسالـــــــةٍ *******فواحـــــةٍ من لطفِهِ بعبيرِهِ
وإذا بها ملغومةٌ بسخائِــــهِ ****** فأحترتُ بين مسائتي وسرورِهِ
حاولتُ ردَّ سخائِهِ فخشيتُ أن *****أقضي علي نبعِ السخا بضميرِهِ
فرضيتُ منكسراً بجرحِ كرامتي **وقبلتُ جرحي خوفَ جرحِ شعورِهِ

9 - الشاعر الكبير  محمد مهدي الجواهري ( 1899 -- 1997م ) :

يقول :
 عجيبٌ أمركَ الرجراجُ   *** لا جنفــــــاً ولا صددا
تضيقُ بعيشــــــةٍ رغدٍ *** وتهوى العيشةَ الرغدا
وتخشى الــزهدَ تعشقهُ *** وتعشـــقُ كلَّ من زهدا
ولا تقوى مصـــــامدةً  *** وتعبـــــدُ كلَّ من صمدا

ويقول :

أجب أيها القلبُ الذي لستُ ناطقاً ***إذا لم أشاوره ولستُ بســـامع ِ
وحدّثْ فأنّ القومَ يدرونَ ظــاهراً ***وتـُخفى عليهم خافيات الدوافع ِ
وفجّر قروحاً لا يطـاقُ آختزانها *** ولا هي ممـــــا يتقى بالمباضعِ ِ
تلفـّتُّ أطرافي ألمُّ شتــــــــــائتاً ***  من الذكرياتِ الذاهباتِ الرواجع ِ
تحاشيتها دهراً أخافُ آنباعثـها  ***على أنّها معدودة ٌ مــن صنائعي
ويقول في ( دجلة الخير :

حييتُ سفحكِ عن بعدٍ فحَييني "*** " يادجلة الخير , يا أمَّ البساتين ِ
حييتُ سفحَك ظمآناً ألوذ به " ****" لوذ الحمائِم بين الماءِ والطين
يادجلة الخير ِيا نبعاً أفارقه " ***" على الكراهةِ بين الحِينِ والحينِ
إني وردتُ عُيون الماءِ صافية "**** " نَبعاً فنبعاً فما كانت لتَرْويني
وأنت ياقارباً تَلوي الرياحُ بهِ " ******" ليَّ النسائِم أطراف الأفانينِ
ودِدتُ ذاك الشِراعَ الرخص لو كفني " " يُحاكُ منه غداة البيَن يَطويني
يادجلة َ الخيرِ: قد هانت مطامحُنا " " حتى لأدنى طِماح ِ غيرُ مضمونِ


10 - الشاعر محمد صالح بحر العلوم (  1908 -- 1992م ) :

من قصيدنه الشهيرة ...أين حقي:
 
رحت أستفسر من عقلى وهل يدرك عقلى
محنة الكون التى استعصت على العالم قبلى
ألأجل الكون أسعى أنا أم يسعى لأجــــــــلى
وإذا كان لكل من فيه حق: أيـــــــــن حقى؟
********
فأجاب العقل فى لهجة شكاك محاذر
أنا فى رأسك محفوف بأنواع المخاطر
تطلب العدل وقانون بنى جنــــسك جائر
ان يكن عدلا فسله عن لسانى: أين حقى؟
**********
ما لبعض الناس لايحسب للتفكير فضلا
ومتى ناقشته الرأى تعداك وولـــــــــــى
زاعما ابقاء ما كان على مـــــا كان أولى
من جديد يعرف الواقع منه: أين حقى ؟
*************
ليتنى أسطيع بعث الوعى فى بعض الجماجم
لأريح البشر المخدوع من شـــــــــــر البهائم
وأصون الدين عمـــــــــا ينطوى تحت العمائم
من مآس تقتـــــــــــل الحق وتبكى: أين حقى
***********
يا ذئابا فتكت بالناس آلاف القرون
أتريكنى أنا والدين فما أنت ودينى
أمن الله قد استحصلت صكاً فى شؤونى
وكتاب الله فى الجامع يدعو: أين حقى؟
***********
بان هذا الثوب مشقوقا لأرباب البصائر
فاستعار القوم ما يستر سوءات السرائر
هو ثوب العنصريات وهذا غير ســـــــاتر
وصراخ الأكثريات تعالى: أين حــــــقى؟
***************

كيف تبقى الأكثريات ترى هذى المهازل
يكدح الشعب بلا أجر لأفراد قلائــــــــــــل
وملايين الضحايا بيـــــــــن فلاح وعهامل
لم يزل يصرعها الظلم ويدعو: أين حقى؟
**********
حرروا الأمة ان كنتم دعاة صادقينـــــــــا
من قيود الجهل تحريرا يصد الطامعينــــا
وأقيموا الوزن فى تأمين حق العامليــــــــنا
ودعوا الكوخ ينادى القصر دوما: أين حقى؟

11 - الدكتور عبد الرزاق محيي الدين (1910-1983م) ، وهنالك من يرى ولد 1904م :
يقول :
أرى دين عيسى مثل دين محمدٍ*** ولكن هـــــــــــذا الاختلاف لمن دانوا
هما شرعـــا دين الموأخاة بيننا ****وكل بني الإنسان في الأرض أخوان
  ويقول في قصيدته ( رثاء الفكر) :
أبيت رثاء الفكر يلحد في رمــس**** ويومض في عين ويشرق فــــي نفس
سرى سريان الغيث للبحر بعدمـــا ***تحلب في ضرع ونور فـــــــــي غرس
واشــــــــــــهد أن الضفتين نديةٌ**** وان جرها قحط الرجـال إلــــــــى يبس
وان جفاء مـــــــن بقايا رواسبٍ***** طغت وطمت في الشاطئين على الرس
وان عصامياً من الشعب صاعـداً**** تبوأ فــــــــــــــي آفاقها مطلع الشمس
وأن فروقاً فــــي العقائد واللغى ***** توحد في سعي وتشرك فـــــــــي حس
وأن وهادا فــــي البطائح تلتــــقي**** وشاهقة فــــــــــــي بنجوين علـى أس
بنو وطن مــــــنٍ مائه وشرابـــــهِ***** نعمنا فما جنس يفرق عـــــــــن جنس
وأن التـــــي كانت تشاع خرافة يروجها *****الساعون فـــــي النا**س بالدس


ويقول في قصيدته عن الدكتور طه حسين :
ويسألونك مـــــا طه ولـــــــــــــو خبروا** ما عندهم عنه لاستغنوا بما خبروا
والغيث يشربه الظمآن مــــــــــــــن قللٍ ***وربّما سأل الأنواء مـــــــــا المطر
والرأي صوت مصونٍ ليـــــــس يمنحهُ*** من زمروا ويقاضى فيه مــن جأروا
الرأي بالرأي لا ســــــوطٌ يهـــــــــــددهُ ***ولا زبانيةٌ تشــــــــــــــــــلي فتأتمر
والدين محض قناعاتٍ متــى أخــــــذتْ***** بالكره آمن مــــن دانوا بمن كفروا
 من جردوا الناس من رأيٍ بأنْ حجروا ****عاشوا الحياة بــــــلا رأي بأن حجروا



12 -الشيخ عبد المنعم الفرطوسي ( 1916 - 1983م) :

من ملحمته  العقائدية المطولة حتى الملل ، إذ تتجاوز أربعين  ألف بيت يفول : 
 هاك قلبي مضرجا بدمائــــي ***قطعا في سلاسل من ولائــي
هي من منبع العقيدة وحـــي ****لم يكدر منه معين الصفاــء
وهي أغلى من كل عقد نفيس ** ذهبي مهما ارتقى في الغلاء

 ومن قصيدته  (بواعث الشجون) :
لترى عفاة أنفقوا أعمارهم ***عسرا وجاءك منهم الإيسار
لترى عراة من نسيج أكفهم*** يعلوك زهوا مطرف وازرار
غرثى البطون وحولهم أطفالهم ***غرثى فلا قوت ولا أطمار
ويقول :
شعب الجزائر يا أبا السط *** وات والفتك العنيد
رصعت اكليل المفاخر *** من جهادك  في  عقود
وكسوت أمجاد الكرا ***مــة من دمائك في  برود
وفتحت للأجيال مــــد****رســة البطولة من جديد
ونشرت درسا خـــــــالدا****للتضحيات   وللجهود
ورفعت راية  يعـــــرب******خفاقة   فوق   البنود
حييت ياشعب الجهــــا****د وطاب مهدك من صعيد

13 - السيد مصطفى جمال الدين:
ثورة على مناهج التدريس الدينية:
هذي المناهج أطمـــــــار مهلهلة
            مرت على نســـجها الاحداث والعصر
وسوف يأتي زمان لا تــرون بها
 الا خيوطا لهمــــــس الريح تنتـــــــشر
ويقول عن العر الشعر :

فاذا اللحن نبعــــــــــة في يد الفنـ
            نان والعــــــــــود صخرة صماء
يولد الشعر كيف شــاء وتبقى الـ
            خمر خمرا مهما استجــــد الاناء

ويقول :

لملم جراحك واعصف ايها الثار*** ما بعد عار حزيران لنا عارُ
وخل عنك هدير الحق في اذنٍ****ما عاد فيها سوى النابال هدارُ
وخض لهيب وغى لابد جاحمها **** يوماً فإن بريق السلم غرارُ
ان تحرق البغي ،تجلوا ذُلَّ موقفنا  * أو تَحتَرق فطريق الجنة النارُ

ويقول :

بغداد ما اشتبكت عليكِ الاعصرُ – إلا ذوت ووريق عمرك أخضرُ
مرّت بك الدنيا وصبحك مشمسٌ-- ودجت عليك ووجه ليلك مقمرُ
وقست عليك الحادثات فراعها –ــــــــــ ان احتمالك من أذاها اكبرُ
حتى اذا جُنت سياط عذابها --ــــــــ راحت مواقعها الكريمة تسخرُ
فكأن كِبركِ اذ يسومك تيمرٌ –ــــــــــ عنتاً – دلالُك اذ يضمك جعفرُ

 14 -  الشيخ أحمد الوائلي ( 1928 - 2003 م ) :
يقول في رسالة الشعر :

يا ( مهرجانَ الشعرِ ) عِبْؤُكَ مُجْهِدٌ
فإذا نَهَضتَ بِهِ .. فإنَّــــــــــكَ أَروَعُ
أنا إن شَدى بِكَ مِزْهَرِيٌّ ، فلأنَّــــكَ
اللَّحنُ المُحَبَبُ والنَشِيـــــدُ الأرْوَعُ
ولأنَّ أهدافاً تُوَحِّـــــــــــــــدُ أو دَمَاً
غَمَرَ العُرُوُقَ ، قَرابَــــــــةٌ لا تُقْطَعُ
سُدْنَا فما سادَ الشُــــــعُوُبَ حَضارَةُ
أَسْمَى ، ولا خُلُقٌ أَعَـــــــفُّ وَأَوْرَعُ
عَفواً إِذا جَمَحَ الخيالُ فَلَمْ أُجِـــــــىْء
للأَمسِ أَمْرِيَ الضَّرْعَ أوْ أَسْتَـــرْضِعُ
لكِنَّها صِوَرٌ جَلَوْتُ ، لِيُرْسَمَ الفَجْــــرُ
المُشَرِّفُ .. والأَصِيلُ المُفْجِـــــــــــعُ
* *
يا « مهرجانَ الشعرِ » حَسْبُ جِرَاحنَا
أَنَّ الهَوى مِمَّا تُعَتِّقُ يَكْــــــــــــــــــــــرَعُ
كُنّا نَهُبُّ على الزَّعِيـــــــــقِ، وَمُذْ طَغَى
صِرْنا نَنَامُ علــــــــــــى الزَّعيقِ وَنَهْجَعُ
فالمَجْدُ يَحْتَقِرُ الجبـــــــــــانَ لأــــــــــنَّهُ
شَرِبَ الصَّدى، وعلى يَدَيْهِ المِنْـــــــــــبِعُ
* *
أَوْ أَنْ يُوَّشِّي الكأسَ في سَمَرِ الهَوَى
لِيُضَاءَ لَيْلُ المُتْرَفِينَ فَيَسْــــــــــــطَعُ
أَوْ أَنْ يُبَاعَ فَيَشْتَرِي إِكْلِــــــــــــــــيلَهُ
تاجٌ مِنَ المَدْحِ الكَذُوبِ مُرَصَّـــــــــعُ
بغدادُ يا زَهْوَ الرَّبيعِ عـــــــلى الرُّبَى
بِالعِطْرِ تَعْبَقُ وَالسَنى تَتَلَفَّــــــــــــــعُ
يا أَلْفَ لَيلَةٍ ما تَزالُ طِيُوفِــــــــــــــها
سَمَراً على شِطْئانَ دِجْلَــــــــــــةِ يُمْتِعُ
وَيَدٌ تُكَبَّـــــــــــــــــــــــلُ وَهِيَ مِمَّا يُفْتَدَى
وَيَدٌ تُقَبَّلُ وَهِيَ مِمَّـــــــــــــــــــــــــا يُقْطَعٌ
وَيُصَانُ ذاكَ لأَنَّهُ مِـــــــــــــــــــــنْ مَعْشَرٍ
وَيُضامُ ذاكَ ، لأنَّـــــــــــــــــــــــهُ لا يَرْكَعُ
* *
لا تَطْرِبَنَّ لِطَبِْهَا ، فَطُبُوُلُها
كانَتْ لِغَيْرِكَ قَبْلَ ذلِكَ تَقْرَعُ

ما زِلْتُ أَرْعُفُ في يَدَيْها مِنْ دَمِي
عَلَقاً ، وهل تَنْسَى ضَنَاها المُرْضِعُ ؟

أّيَّامَ نَقْتَسِمُ اللّظَى وَصُدُوُرُنا
تَضْرَى ، فَيَمْنَحُها الوِسامَ ،المِدْفَعُ

وَدِمَاؤُنا امْتَزَجَتْ سَوَاءُ ، فَلَمْ تَكُنْ
فِرَقَاً ، يُصَنِّفُها الهَوَى وَيُنَوِّعُ

وَتَعَانَقَتْ فَوْقَ الحِرابِ أَضالِعٌ
مِنّا ، فما مِيْزَتْ هُنَالِكَ أَضْلُعُ

حَتّى إذا أَرْسى السَّفِينَ وَعَافَهُ
نَوْءٌ ، زَحَمْنًا مَنْكَبَيْهِ ، زَعْزَعُ

عُدْنا وَبَعْضٌ للسّفِينِ حِبَالُهُ
والبَعْضُ حِصَّتُهُ السَّفيِنَةَ أَجْمَعُ

وَمَشَتْ تُصَنِّفُنا يَدٌ مَسْمُوُمَةٌ
مُتَسَنِّنٌ هَذا وَذَا مُتَشَيِّعُ

يا قَاصِدِي قَتْلَ الأُخُوَّةَ غِيْلَةً
لُمُّوا الشِّبَاكَ ، فَطَيْرُنا لا يُخْدَعُ

غَرَسَ الإِخَاءَ كِتَابُنا وَنَبِيُّنا
فَامْتَدَّ ، وَاشْتَبَكَتْ عَلَيْهِ الأَذْرُعُ



15  - الشاعر الشريد :عبد الأمير الحصيري (1942 -- 1978 م) :

أجائع ! أي شيء ثم يا قلـــــــــق **أ***من حطامي هذا يمطر العبق
إذا تصبيت روحي دونما تعــــــــب ***يطغى تلظي هواك القائم الخفق
ان كنت تحلم في قلبي ، فأن دمي **من جوعه بات في الجوع يحترق
وهو القائل كذلك ..
أنا الإله ومن حولي ملائكتي ****والحانة الكون والجلاّس من خلقوا
ويقول:
ما زلتَ طفلاً غريراً، كيف تَقربني
أنا التشرد والحرمـــــــان والأرقُ؟
أنا الشريد!! لماذا الناسُ تذعر من
وجهي؟ وتهربُ من قداميَ الطرق
وكنتُ أفزع للحانـــــــــات، تشربني
واليوم!! لو لمحت عيني، تختنـــــق
قَدْ بِتُّ أمضغ أعراقي وأوردتـــــــــي
وأرتوي من جراحاتي.... وأنسحق
شَنقتُ قلبي على أ حلامه.. فإذا
بها، وضحكتها الخضراء تنشنقُ
وجِبتُ حتى زوايا الغيب، ليسَ صدىً
فيها، يُروّي صدى نفسي، ولا ألق

16  - كريم مرزة الأسدي ( 1946 م -- ...) :
لا تقتل الأملَ البصيصَ لصــغرهِ *** فلربّمــــا   ثمراتُـــه   القمــرانِ
كم ذي المروءاتُ الّتي بضمـائرٍ  *** ماتتْ   ولطـف ُالله ِ ليس   بفان
هذي الحياة ُ ترى الممات َ بدايةً  *** لتفتح  الأجيـال ِ في     الزمكانِ
فتعيدُ نشأتها ،وتسحقُ سلفـها *****  وتركّبُ  الإنسانَ      بالإنسانِ
*************************
 حنانيك لي بين الفراتين ِ أضلعُ ****تُلملمُ أنـــوارَ الجهامِ وتسـطعُ
 تَهيَّجَ قلبي  لوعةً بعـــــــدَ فرقةٍ ****تهيمُ بآفاقِ الغروبِ وتَبـــــدعُ
 ألا يا قوافي العينِ للشوقِ أدمعٌ****فيالكِ مـــــنْ عينٍ وعينِيَ تدمعُ
عـــراقٌ توسّدنا (الثويّةَ) ليلهُ******ونــغرفُ،إذْ ضوءُ الثريّةِ يَلمعُ
 ولمْ تكُ بينَ الصحوِ والنـومِ غـلّةٌ **يضيقُ بها وسعُ النهارِ ومضجعُ
 وكانتْ ربوعُ الأرضِ تزهو بأهلها **ظِلالاً ، وأغصانُ الشبيبة تُمتِــعُ
 ولمّا وضعنا الشمسَ رهنَ صراعِنا **توخّى فؤادي كبدُهُ،وهـو موجعُ
  فضاعَ شبابُ العمرِ يَلهمُ روحـهُ***وهيهـاتَ ما قدْ ضيّعَ الدهرُ يرجـعُ

ويقول :

 مالتْ عليكَ الحادثاتُ وتبدعُ **** تتزعْزعُ الدّنْيا ولا تتزعْزعُ
 لنْ ترْكعَ الهاماتُ حتّى حتفها **خسئ الذي والى سواكَ ويركعُ
 يا موطني قدْ كان أمسكَ ساطعاً *إنْ زلَّ يومكَ، ذا غدٌ فستسطعُ
 يا موطني كمْ ذا حسبتكَ جنّتي***منْ بعدِ أرضِك كلُّ أرضٍ بلقعُ
 روعاً لنفحكَ،إذ يطلُّ صباؤه**يهبُ الحياةَ وأنتَ أنتَ الأروعُ
 هذي هـي البيداءُ شرعٌ تُربُها ** وطنٌ يوحّدنا ، وضادٌ يجمع
 لغةٌ تفيضُ بها الخواطرُ لمحةً * تأتي القوافي،والقريضُ يقطّعُ

ويقول في ( بلادي وأحزانها) :
 لو كان دفءُ الحقِّ في ضبابها
والشمـسُ لا تـأتي إلى أبوأبـها
وأمطرتنـي مـن لظـى عذابـهـا
والهمسُ يعلو من جوى شبابها
والطيرُ يشدو في ربــى هضابها
لما نظمتُ الحزنَ فـــي غيابــها
ويقول عن وزارة (الثقافة) العراقية من قصيدة :

هدْهدْ بشعركَ ما أهـدتْ ليالينا *** باتتْ ثقـافتـُنا تغـري أغــــانيننا
وغضّتِ الطّرفَ عنْ نونٍ وما سطـرتْ *أقلامُها للنهى والذّكرِ تبْيينا
كأنَّ بغدادَ ما كانتْ بحاضــرة ٍ****ولا الرشيدً، ولا المأمونَ ماضينا
فـ (دار حكمتِها) تاهـتْ نواجزُها *** بـحاضراتٍ تعرّتْ مــن مآسينا
إنّـي أعــــرّي زماناً بَيْعــــهُ أفقٌ *** للحالمينَ بنهـــبٍ مــن أراضينا
إنَّ الــدنانيرَ حيــنَ العودِ داعبها ** توهّمتْ ، فـزهتْ زهــوَ المُغنـّينا
تبّـــاً لذاكرةٍ قـــد أغفلتْ قممــاً **** مـــن العلوم ، ونخلاتٍ لــوادينــا
لا تعذل ِالقـومَ نسياناً ، فيومهمو ***نهْب الصراع ، فما يدريكَ يدرينـا
الفكرُ سلطانُ أجيال ٍ ، ومـا نجبتْ ***واللحدُ يتربُ للجهل ِ الســلاطينا
شــاد (المعرّي) بشدو ٍحين قينتهُ ***في(دار سابورَ) ، قد لاقتْ معرّينا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 ملاحظة : كتبت عدّة حلقات عن بعضهم ، واستطراداً  عن آخرين ، الجواهري ( خمس حلقات) ، الشبيبي الكبير ( ثلاث حلقات) ،  السيد جعفر الحلي ( ثلاث حلقات) ،الشيخ اليعقوبي ( ثلاث حلقات ) ، وكتبت استطراداً بمقالات أخرى  عن الحبوبي ، الوائلي،  جمال الدين ، الصافي ، الهندي ، بحر العلوم  ... ترقبوا مقالاتي عن الشاعر الكبير أحمد الصافي النجفي .
  كريم مرزة الأسدي

الانا ... وطقوس الشاعر في خلق القصيدة/ كريم عبدالله

هذا الأثيرُ يحملُ عطرَ تصاويركِ وحدها تتفتّحُ في ليلِ عيوني , تمطرُ أحلاماً غزيرةً تسبحُ في ينابيعها الجديدةِ أصواتُ صبواتي , كيفَ لي أنْ ألمَّ بريقَ عينيكِ وهذي النجوم تستجدي أنْ تغسلَ عتمتها بزرقةِ شطآنكِ !
هكذا تبدأ القصيدة وفي هذه الاجواء المشحونة بالعواطف الهائجة والمتأججة بالذكريات الغابرة وحضورها القويّ في حاضر ينزف الماً واضطرابا ...
أكاليلُ الأزهار تصطفُّ كلَّ صباحٍ على شرفتكِ تنتظرُ متى تنهضينَ مِنْ نومكِ وتمنحينها العطر , أسرابٌ مِنَ الطيورِ تحطّ ّ ُ على مائدتكِ لعلَّ فُتاتَ صوتكِ يجعلها تغرّدُ بعذوبةٍ شديدةٍ ...
المكان له الحضور القويّ والمؤثر في أجواء وطقوس خلق القصيدة وكذلك الزمان ما ينفكّ يدغدغ الروح المستشعرة بالغربة واللاانتماء ...
فانتِ تنهمرينَ عليَّ كلَّ ليلةٍ وَفَراً يطهّرُ همجيتي , فترفرفينَ باجنحةِ الأشتياقِ فوقَ أنهاري وتتوغلينَ في مدني .
على القصيدة ان تهذّب الذات وتمنحها بريقا وأناقة تسمو بها عن كل الحماقات والدناءات وتعيد تهذيبها من جديد ...
انّها تأتي ( القصيدة ) رغما عني وقتما تريد هي وتشتهي مثلما حالة الولادة عند الام لا تدري باي ساعة ستحين ولا باي مكان ستكون , ربما أثناء الحرب وتحت أزيز الرصاص والمدفعية تداهمني القصيدة أو أثناء سياقة السيارة وفي وسط الزحام تعلن عن بدأ ولادتها وربما وانا منهمر في ساعات العمل اليومي او حين تطفأ الانوار ويحين موعد النوم فتقظّ مضجعي فتسهّدني وربما حين الاستماء الى موسيقى معينة تهيّج الذكريات الغافية على حافة الايام المنسيّة وربما عند سماع اصوات الباعة المتجولين في درابين مدينتي او حين التدقيق والابحار عميقا في عينيّ حبيبتي الجميلة او في لحظة بكاء بصمت في محرابها تتكالب عليّ فتهاجمني القصيدة .
في خضم هذه الاجواء المشحونة بالالم والخوف والقلق تأتي بواكير القصيدة , فأنزوي بعيدا عن العالم الخارجي واذهب وحدي الى عوالم بعيدة عن الواقع فأتشبث بعالم ما وراء الحلم وأستغرق في تأملاتي منتشيا في عزلتي أكتبها بعمق وتوهّج في ذاكرتي نعم اكتب القصيدة اولا في ذاكرتي , وكلّما انقطع عن هذه العوالم لاسباب معينة أدوّن في أوراقي الى اين وصلت , فأعود اليها مرة اخرى ومرّات كثيرة أهندسها واشذّبها وأضفي عليها مما أعاني الشيء الكثير والكثير .
 ولكوني اعمل في مجال الطب النفسي ومنذ سنوات طويلة لاشعوريا سيكون للنفس ومعاناتها نصيا كبيرا وحيزا في هذه القصائد , ربما يكون المسرح حاضرا معي اثناء ذلك ( لكوني اكتب وأخرج للمسرح وبالخصوص مسرح السايكودراما ) فاتقمص الشخوص في القصيدة وألعب الادوار جميعها مع نفسي وكذلك لشغفي الكبير بالفن السريالي وممارستي للرسم تحت ظلّ هذه المدرسة ( السريالية ) يجد المتلقي جميع قصائدي ونصوصي مزدحمة ومكثفة وللرمزية فيها شيء غير قليل , وكذلك ولعي الشديد في السينما وعشقي لها سيجد المتلقي انني اقتطع مشاهد ولقطات ضاربة في عمق النفس البشرية وأستعيدها حاضرة في هذه القصائد . كلنا نمتلك خيالا وبدرجات متفاوتة ولكن الشاعر الحقيقي يتميّز بخيال خصب يجيد استعماله بطريقة ابداعية خلاّقة تبعث على التأمل وتفتح ابوابا شاسعة للتأويل فالخيال أهم من المعرفة كما يقول اينشتاين لهذا أمارس لعبة الخيال الخصب وأسكبه فيما أكتب ايضا . على الشاعر ان يستثمر موهبته اقصى ما يستطيع من اجل كتابة قصيدة حقيقية , ولهذا حاولت واحاول وسأحاول  ان اكتب قصائد تصلح ان تقرا في كل مكان وزمان هي محاولة اعمل أن أفلح فيها .
بعد مخاضات كثيرة ومعانات مؤلمة وحلما تكتمل الصور واللوحة ( القصيدة ) تكون جاهزة اذهب الى الورق ارسمها عليه , نعم تأتي مرحلة الرسم بعد ان اكون قد كتبتها في ذاكرتي , فاجد المتعة الشديدة كلما بدات ملامحها تزدهي وتتوهّج ألوانها .
وحدهُ أسمكِ يفضحني فقبلَ أنْ أناديكِ تتعطّرُ حنجرتي وتعزفُ أوتارها سمفونيةَ هذا العشق , كلَّ اللواتي دخلنَ قفصَ صدري مِنْ خرمِ إبرةٍ خرجنَ معَ الزفيرِ يندبنَ حظهنَّ العاثرَ , إلاّ أنتِ تتمرّجحينَ بأوردتي فتزداد نبضات القواميسَ فأكتبكِ قصيدةً خالدة .
بعد هذه المرحلة قد اترك القصيدة جانيا وأتنفس بعمق شديد وكأنني تخلّصت من همّ كان جاثما على صدري وأعود أمارس طقوسي اليومية العادية , بينما يكون الفكر يعمل بهدوء على إنضاج القصيدة , فقد ارجع بين فترة واخرى اليها وأحاول ان اكون مونتيرا شجاعا احذف اللقطات ( الكلمات ) التي ترهّل النصّ وقد أضيف كلمات اخرى توهّج النصّ اكثر وتمنحه بريقا مشرقا . غالبا ما اكون حنونا على اللغة واتعامل مها برقّة وعذوبة وحسّاسية شديدة فاستمر هكذا حتى تولد القصيدة وتنتهي معاناتي بنهاية كتابتها فأعود مكلاّلا بالبهجة والارتياح بعد هذه المسيرة  العسيرة والمخاض الشديد وأعلن عن مولود جديد أعتزّ بها كثيرا .

بغداد
العراق

هوية... وضغط مرتفع/ عبد العالي غالي

أجمل ما كان يمكن ان يثير انتباهي، ويخرجني من حالة الانبهار والاحباط التي جعلتني انزوي في ركن مقهى بجانب المصحة التي ظلت محافظة على اسمها الأوروبي بجانب اسمها الجديد بعد مغربة الأسماء والأطر، والتي اممتها وجهي فما أعطت الاعتبار الا لجيبي، ولعلها أولى حسنات المغربة أن أصبحت القدرة على امتصاص الجيوب بطاقة انتماء لهذا العصر الوضيع... جلست احتسي على غير عادتي فنجان قهوة سوداء بلا سكر، علها تنسيني مرارة ابتزاز طبيب قدرت فيه الرصانة والتجربة الطويلة وهدوء الملامح.... فما كان منه الا ان رد التحية بأحسن منها فطلب مني مبلغا محترما تحت الطاولة بعد أن نال ما طلبه من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، وأديت للمصحة ما قالت عنه "فارق القيمة".... وحتى لا يجرني الكلام ذي الشجون اعود الى أجمل ما أثار انتباهي وهو مشهد أطفال امامي، قدرت أنهم من طينة خاصة، رأيتهم يصطفون بشغب هادئ ليلجوا مدرسة السيدة العذراء بما يحمله الاسم من معاني الطهارة والصفاء وسبيل خلاص للمصطفين من جراثيم الانتماء والهوية التي لا تنفك تغرسها وتعمق جذورها مدارس التعليم العمومي المعوق فتحا وكسرا.... وان كان من عجائب الزمان أن الكل مجمع ان من تلامذتها من تفوقوا في كل ميادين المدارك والمعارف على اقرانهم الذين فضل آباؤهم أن يخبئوهم في مدارس البعثات ومدارس الخمس نجوم الخصوصية... وعذرهم في ذلك أن الأهالي من المدرسين قد تشددوا حبا واشتطوا غيرة حتى اتهموا بجهلهم لأصول التربية الحديثة، وبضعف تكوينهم وهي اتهامات لا تنقصها الوجاهة بالقدر نفسه الذي لا تنقصها الوقاحة....

علمت، بعدما تلصصت سمعا، أن المدرسة قبالتي وقبالة المصحة، قد فتحت أبوابها ليلا لتعليم اللغة الفرنسية بأثمنة ليست رمزية لطينة أخرى من التلاميذ قدرهم دائما أن يتسللوا ليتسلقوا. فما كان مني الا ان هيأت جوارحي وحواسي لاستقبال مشهد اللقاء ‑ الفراق بين مجموعة الطينة الخاصة والطينة الأخرى من بني البشر، فكان مشهدا له جمالية الغرابة والطرافة....

اصطفت عند السادسة مساء سيارات فارهات وامهات يلبسن آخر صيحات الألبسة تنتظرن أبناء وبنات الخاصة... وخلال هنيهات الانتظار القليلة يتم الكلام عن قاعات الرياضات والتجميل وعن أستاذ البيانو والكمان الذي ينتظر الابن او البنية بعد لحظات لدرس في الموسيقى، ولا شك انهن يعنين ذاك الكمان المحمول على الكتف لا ذاك المتربع على الركبة.... ويتواصل الحديث الرطب عن كرة المضرب وملعب الغولف الذي لم يفتح بعد ابوابه.... كل هذا جعلني أسأل نفسي: ماذا يا ترى تركوا للآخرين والأخريات؟ ... لأتذكر انه بقي لنا الكمان المتربع على الركبة والرقص ما أفلح فيه الجسد... هكذا وختم المشهد الدسم بابتسامات ترتسم على وجوه المدرسين الأجانب اذ يودعون أطفال الطينة الخاصة وانفض جمع الأمهات الأنيقات وهن يصحبن أطفالا مبرمجين لا مكان لانفلات في سلوكهم...

وقبلهن طبعا كانت قد تجمعت أمهات بجلاليبهن يصحبن أطفالا منهكين بفعل المشي وازدحام الحافلات... يفترشن عشب الحديقة الأنيقة بعد ان احترمن المسافة بينهن وبين الأخريات... ووسطهن يجلس الأطفال ليتلقوا حصة محترمة من النميمة التي قد تبدأ بالجار السكير الى المطلقة اللعوب... والأطفال قد ألهاهم كل هذا عن اللعب....

وبعد أن يأتي مدرسون انهكتهم القروض وانتظار الترقيات فبحثوا لأنفسهم عن تزكية تعطيهم حق إعطاء دروس للدعم في المدرسة المعلومة فيدخل الأطفال شاهرين وصولات الأداء، لترفع معها الرقابة عن الأمهات فينخرطن في أحاديث بلا تحفظ.... وان كنت لا أدري أي تحفظ بعد كل الذي قيل... وهكذا يخرج الأطفال وقد لقنوا حصة لغة فرنسية أدى الآباء صكوكها لتبدأ رحلة العودة الموغلة في صخب الحافلات وازدحام سيارات الأجرة الكبيرة...

اخرجني من كل هذا رنين الهاتف اذ كانت ممرضة من المصحة على الطرف الآخر تطلب مني بغير قليل من الصرامة الحضور العاجل للتكلف بإحضار ثلاثة أكياس دم من مركز تحاقن الدم، مؤكدة علي ان أحضر معها وصل الأداء لأثبت للمصحة انني قد اديت ثمن الدم كاملا غير منقوص ... مع ضرورة الإسراع لأن المريض موضوع العملية الجراحية الذي هو والدي في حاجة مؤكدة للأكياس الثلاثة قبل خروجه من غرفة العمليات... فوقفت مهرولا ابحث عن شباك اوتوماتيكي اسحب منه ما به اشتري لوالدي دما كثيرا ما تبرعت به ونظمت حملات للتبرع به في بلدتنا المنزوية نسيانا حد القذارة... وطارت بي الذاكرة اللئيمة واللائمة الى آيات قرآنية وأحاديث نبوية كانت موضوع ملصقات تحث المواطنين على التبرع بالدم قبل وصول البعثة الصحية لمركز تحاقن الدم التي أتقنت لغة كلها تبشير للمتبرعين بالجزاء الأوفى في الآخرة مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا... وقبل ان يرتد اليها طرفها كنت بباب المصحة شاهرا وصل الأداء ومعي أكياس من دم متبرع له مني اصدق الدعوات... أليست الأعمال بالنيات؟؟...

ورغم كل القرف وسوء الأحوال الوجودية الا أنني لم اتلعثم اذ أقول لرفيق وجدته بباب المصحة في انتظاري، وقد جاء كعادته متضامنا في المحن، وهو الذي عرفته بعينين مشعولتين بغد تمنيناه معا ونحن شباب في ساحات الجامعة، نبني وطنا بأحلام ضاربة الجذور في الممكن المستحيل، فما اسعفتنا جهودنا ولا مكر اللئام... أقول له بحزم ما تبقى من حنين زمن التوهج الانساني الذي بدأت أخشى خفوته، أنني ما زلت وسأبقى دائما أومن بوطن هادر رائع لا يموت مهما صنع نعشه من يطربهم زواله... فكان أن أخذنا الحديث ذات الشمال وذات اليسار بحثا عن جواب لسؤال "ما العمل؟" وقد زاد يقيننا أن اليمين يملك ملكات فائقة اللؤم... لنختتم معا تلك الليلة الليلاء تائهين في شوارع المدينة بحثا عما نسد به رمقا ونحن نتذكر معا ذاك الذي علق على باب مرآب يافطة كتب عليها بخط يد متعلم "اصلاح هياكل السيارات والعجلات وأكلة خفيفة" متمنين عليه أن يضيف الصحة والتعليم بين العجلات الأكلة الخفيفة...  

بدائل خطرة للهوية القومية: ذكرياتٌ حزينة أمْ دوافع لتغييرٍ سليم؟/ صبحي غندور

عقْد الخمسينات من القرن الماضي كان عصر ازدهار واشتعال تيّار القومية العربية والهُويّة العروبية، وذلك حصل بفضل "ثورة 23 يوليو" عام 1952 ووجود قيادة سليمة لمصر، التي جسّدت دور قيادة الأمّة العربية في تلك الحقبة من الزمن. ولقد انتهى عقد الخمسينات بإعلان "الجمهورية العربية المتحدة" بين مصر وسوريا كنواة لمشروع الوحدة العربية الشاملة وللتكامل بين كلّ أقطار الأمّة العربية.
لكن ما كان ممكناً للمتضرّرين الإقليميين والدوليين من "عصر ازدهار العروبة" أن يسمحوا باستمراره، فحدثت مؤامرة فصل سوريا عن "الجمهورية المتحدة" في 28 أيلول/سبتمبر، ثمّ اشتعلت حرب اليمن التي تورّطت بها مصر لسنوات، ثمّ حدثت حرب العام 1967 ونتائجها الخطيرة على مصر والمنطقة كلّها، ثمّ توفّي جمال عبد الناصر في العام 1970 (أو اغتيل كما تؤكّد الكثير من المعلومات) في يومٍ أسود آخر من شهر سبتمبر، هو أيضاً يوم 28 سبتمبر، بعدما كان يحاول عبد الناصر لأيامٍ متواصلة وقف الصراع الدموي الكبير بين الجيش الأردني والمقاتلين الفلسطينيين.
طبعاً، هي ليست بصدفة زمنية فقط أن تختار إسرائيل لاحقاً شهر أيلول/سبتمبر ليكون شهر "أفراحها" بعد الذي حدث في شهر سبتمبر من العام 1970. فمعاهدات إسرائيل مع مصر في "كامب ديفيد"، ومجازر "صبرا وشاتيلا" في لبنان، وتوقيع "اتفاق أوسلو" مع "منظمة التحرير الفلسطينية".. حدثت كلّها في شهر سبتمبر من أعوام مختلفة!.
لكن الفوز الحقيقي لإسرائيل وللقوى الكبرى الطامعة بالهيمنة على المنطقة العربية كان، وما يزال، هو في تراجع تيّار العروبة منذ مطلع عقد السبعينات لصالح الصراعات العربية البينيّة، والتي بدأت كخلافات بين حكومات ثمّ أصبحت الآن بين شعوب البلدان العربية نفسها، في أشكال مختلفة من الحروب الأهلية المدعومة إقليمياً ودولياً.      
إنّ المنطقة العربية تختلف عن غيرها من بقاع العالم بميزاتٍ ثلاث: فأولاً، تتميّز أرض العرب بأنّها أرض الرسالات السماوية؛ فيها ظهر الرسل والأنبياء، وإليها يتطلّع كلّ المؤمنين بالله على مرّ التاريخ، وإلى مدنها المقدّسة يحجّ سنوياً جميع أتباع الرسالات السماوية من يهود ومسيحيين ومسلمين.
وثانياً، تحتلّ أرض العرب موقعاً جغرافياً هامّاً جعلها في العصور كلّها صلة الوصل ما بين الشرق والغرب، ما بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وبين حوض المتوسّط وأبواب المحيطات. ومن هذا الموقع الجغرافي الهام خرجت أو مرَّت كلّ حضارات العالم، سواء القديم منها أو الحديث.
وثالثاً، تمتلك أرض العرب خيراتٍ طبيعية اختلفت باختلاف مراحل التاريخ لكنّها كانت دائماً مصدراً للحياة والطاقة في العالم. فهكذا هو الحال منذ أيام الإمبراطورية الرومانية التي كانت خزائن قمحها تعتمد على الشرق العربي، وصولاً إلى عصر النفط والغاز المليئة الأرض العربية بمصادرهما.
وهذه الميزات الإيجابية جعلت المنطقة العربية دائماً محطّ أنظار كلّ القوى الكبرى الطامعة في السيطرة والتسلّط. فتحْتَ شعار "تحرير أرض مهد السيد المسيح" برّر الصليبيّون غزواتهم للمنطقة العربية، بينما كان الهدف الحقيقيّ منها السيطرة على المنطقة العربية وخيراتها الاقتصادية في ظلّ الصراعات والأزمات التي كانت تعصف بأوروبا. وتحت شعار استمراريّة "الخلافة الإسلامية"، برَّر العثمانيون سيطرتهم على معظم البلاد العربية. وتبريراً لإقامة حاجز بشري يفصل المشرق العربي عن مغربه، كانت فكرة إقامة دولة إسرائيل في فلسطين بحجّة أنّها أرض هيكل سليمان!!
كذلك الأمر بالنسبة للموقع الجغرافي والخيرات الطبيعية؛ منذ الإسكندر الكبير الذي احتلّ مصر وبنى الإسكندرية ليصل إلى شرق آسيا، وحتّى مرحلة حملة نابليون، ثمّ الاحتلال البريطاني وبناء قناة السويس لتسهيل السيطرة على المحيط الهندي.
وكان السياق العام لتاريخ المنطقة هو أنّ "الخارج الأجنبي" يتعامل مع "الموقع العربي" كوحدة متكاملة ومتجانسة، في الوقت نفسه الذي يدفع فيه هذا "الخارج" أبناء "الداخل العربي" إلى التمزّق والتشرذم!.
لكنّ سلبيّات الواقع العربي الراهن لا تتوقّف فقط على المخاطر الناجمة عن إيجابيات "الموقع العربي"، بل أيضاً على أحوال أصحاب الأرض العربية، وكيفيّة رؤيتهم لأنفسهم ولهويّتهم ولأوضاعهم السياسية والاجتماعية. ففي هذا الزمن الرديء الذي تمرّ به المنطقة العربية، تزداد مشاعر اليأس بين العرب وتصل ببعضهم إلى حدّ البراءة من إعلان انتمائهم العربي، وتحميل العروبة مسؤولية تردّي أوضاعهم.
لكنّ الانتماء الوطني والقومي، ليس ثياباً نلبسها ونخلعها حين نشاء، بل هو جلد جسمنا الذي لا نستطيع تغييره مهما استخدمنا من أدوات مصطنعة. وسواء رضينا بذلك أم لم نرضَه، فتلك طبيعة قانون التطوّر الاجتماعي الإنساني الذي ينتقل بالناس من مراحل الأسر والعشائر والقبائل إلى مرحلة الأوطان والشعوب والأمم.
إنّ الحالة العربية السوداويّة الراهنة هي مسؤولية الرافضين لانتمائهم العربي قبل غيرهم، لأنّهم عرفوا أنّ هناك مشكلة في أوطانهم العربية، إلا أنّهم عوضاً عن حلّ المشكلة أو المساهمة بحلّها قدر الإمكان، هربوا من المشكلة، إمّا إلى الأمام لانتماءاتٍ أممية (بأسماء دينية أحياناً)، أو للخلف بالعودة إلى القبلية والطائفية والعشائرية.
إنّ الشعوب تنتقل خلال مراحل تطوّرها من الأسرة إلى العشيرة ثمّ إلى القبيلة ثمّ إلى الوطن والأمم، فلِمَ يريد البعض أن يعيد دورة الزمن إلى الوراء؟ بل ماذا فعل العرب حتى تبقى أوطانهم واحدة تتطوّر وتتقدّم وتتكامل بدلاً من دفعها للعودة إلى حروب القبائل والطوائف؟!
لقد تفاعلت خلال العقود القليلة الماضية قضايا عديدة في المنطقة العربية وفي العالم، كانت بمعظمها تحمل نتائج سلبية على الهويّة العربية المشتركة، فتنقلها من كبوةٍ إلى كبوة، وقد امتزجت هذه السلبيّات مع انجذابٍ أو اندفاعٍ في الشارع العربي إلى ظاهرة "التيَّارات الدينية والطائفية" التي دعمتها عوامل كثيرة، داخلية وخارجية، والتي ساهمت بأن يبتعد المواطن العربي عن "هويّته العربية" وأن يلتجئ إلى أطرٍ سياسيةٍ وفكرية تحمل مشاريع ذات سمات دينية/طائفية أو مذهبية، اعتقاداً بأنّها هي الأساس الصالح لمستقبلٍ أفضل.
لكن المشكلة أنّ هذه "البدائل" كانت وما تزال مصدر شرذمة وانقسام على المستويين الوطني والديني، خاصّةً أنّ معظم البلاد العربية قائمة على تنوعٍ طائفي أو مذهبي أو إثني، كما هو الحال في بلاد المشرق والمغرب معاً، أو تحديداً كالتي هي الآن محور الصراعات المتفجّرة في المنطقة كالعراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، حيث التحدّي الكبير مع مشاريع التمزيق والتقسيم والتدويل، وحيث المواجهة هي مع بعض هذه الحركات الدينية العنفية التي شوَّهت في ممارساتها الدين نفسه.
لم تدرك جماعاتٌ كثيرة بعد أنَّ "القومية العربية" أو "العروبة" هي هويّة ثقافية وليست مضموناً فكرياً وسياسياً قائماً بذاته، وبأن بديل ما نرفضه الآن من انقسامات وطنية وطائفية ومذهبية هو التمسّك بالهويّة العربية، التي تستوعب أيضاً تحت مظلّتها كل الخصوصيات الإثنية الأخرى. فالهويّة العربية مثلها كمثل "الهويّة الأميركية" التي استوعبت مئات الملايين من أصول عرقية وإثنية ودينية مختلفة، ونجحت في جعل كل الأميركيين يعتزّون ويفخرون بهويتهم المشتركة. ولم يتحقّق ذلك للأميركيين إلاّ بعد قيام اتحاد بين ولاياتهم الخمسين على أساس دستوري سليم، رغم خوضهم لحربٍ أهلية دامية.
ألا يحقّ للعرب، وهم يعيشون الآن كابوس حاضرهم، أن يعملوا من أجل مستقبل عربي أفضل يكون عماده بناء "الولايات العربية المتحدة" القائمة على أوضاع دستورية مدنية سليمة؟! ألم يقل تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني، فوراً عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية التي دمّرت فيها دول أوروبا بعضها البعض، بأنّه يرى بعد نصف قرنٍ من الزمن أوروبا موحّدة؟!. 
استعادة الدور الإيجابي الطليعي لمصر في قضايا الأمّة العربية، وتصحيح المفاهيم والممارسات الخاطئة باسم الدين والعروبة، وبناء أوضاع دستورية سليمة، والتمسّك بالوحدة الوطنية وبالهويّة العربية، هي ركائز أربع لأي عمل عربي جاد يستهدف بناء مستقبلٍ أفضل للأوطان وللشعوب العربية كلّها.

* مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
sobhi@alhewar.com

تصفية حتر محاولة لإسكات صوت مناهض/ د زهير الخويلدي

لقد توقع المفكر النبيل والمثقف الصادق ناهض حتر في كلماته الأخيرة المصير الذي انتظره في زمن تعولم الاضطراب والجهل المقدس ولقد وقع بقرارة نفسه حدث الشهادة الذي يداهم كل ذات ثورية. وعلى الرغم من حملات المساندة والدعم التي قام بها المثقفون العرب لشخصه ومناداتهم بالكف عن مضايقته والعزوف عن تهديده حصل المكروه وأزهقت روحه وأريق دمه في وضح النهار وأمام الملأ.

لقد كشفت هذه الواقعة الأليمة المخاطر الجسيمة التي تهدد الكتاب والمثقفين وجنون السلطة وعبثية العالم وعار البشرية وفضيحتها الكبرى وعدم قدرة الإنسان بمفرده تامين وجوده في الفضاء القانوني للدولة الرخوة.

بهذا المعنى لا يملك المثقف العضوي من عتاد غير فكره الملتزم وضميره الساهر ولا يحوز إلا على هشاشته التكوينية ومحدوديته الأنطولوجية في معركته القاسية من أجل الدفاع عن بقائه ولا يستعمل في مواجهته لطبقات الميراث سوى أسلحة الكلام وفضائل الشجاعة والجرأة والإقدام والجسارة والحرية.

لقد آمن ناهض حتر بالأمة العربية قلبا وقالبا في كيانه ووجدانه وحمل همومها وقضاياها بمشاعره ووعيه الشقي وعقله المتيقظ ودفع ضريبة الانتماء إلى جبهة الممانعة وتيار التصدي للرداءة والارتداد. لكن ماهي الدوافع الخفية والأسباب الحقيقية التي حفت بالاغتيال؟ وهل يتعلق الأمر بثأر شخصي أم بالنظام العام؟

لقد وجد ناهض حتر المسيحي نفسه في تناقض مع الاتجاه المحافظ في الإسلام وبان الاختلاف بين توجهه الوحدوي المقاوم والمنزع القطري والعشائري الذي ظهر على الثقافة في أشكالها المحلية والخصوصية. أضف إلى ذلك دفعته قناعاته اليسارية إلى مجابهة النزاعات الليبرالية والرد على أمواج التطبيع مع الكيان الغاصب والانتصار إلى جبهة الممانعة وسعى حثيثا إلى إحداث التغيير الديمقراطي في الأنظمة التقليدية.

في هذا السياق تكاثر حوله الأعداء واتهمه البعض بالإساءة إلى الذات الإلهية وازدراء الأديان واعتبره البعض الآخر مزعجا للسلطة القائمة وذلك لما تمثله كلماته من تقويض للاستقرار والتعايش بين الطوائف والمذاهب وقذ انتهى الأمر إلى منعه من الكتابة والنشر في بلده ومقاضاته ومحاكمته وبعد ذلك تصفيته بعد الجولة الأولى.

في الواقع تحاول الديماغوجيا السوقية للسلطة وحراس التاريخ التذكاري أن يخمدوا النفوس التائقة إلى الإنعتاق والاستفاقة وأن يمنعوا الناس من التمتع بالأنوار الكونية والحرية الفكرية ولكنهم يجهلوا العاقبة المنجرة عن ذلك الصد والاستبعاد والنتائج الكارثية عن تصفية واغتيال القامات المعرفية وأنهم بصنعهم بأنفسهم قد أسقطوا من رصيد الأمة في الارتقاء والسؤدد وقللوا من حسابها في الاستئناف والاسترجاع.

إن التحريض على المتنورين من الكتاب والعلماء وتتبعهم بالمحاكمات في قضايا حول الحرية الفكرية هي إجراءات ردعية من السلطة القائمة للدفاع عن نفسها تتنصل فيه من مسؤولية حمايتهم وضمان أمنهم وتوقيع على صك من بياض للقوى الشعوبية المغالية ليتم ملاحقتهم ونبذهم وتهميشهم والقضاء عليهم.

من حيث المبدأ ومن جهة الممارسة ليس الاختلاف في التفكير والرأي المضاد والاجتهاد الشخصي والخروج عن المألوف وعدم الاتفاق مع الرأي العام جريمة يعاقب عليها القانون وإنما حرية الضمير تكفلها الأديان وتنص عليها الدساتير ولكن غياب الديمقراطية وعدم احترام حقوق الإنسان وانتشار ذهنية التحريم وثقافة الإقصاء وتبييض الإرهاب وتعويل النظم السياسية على طاعة الجمهور ورضاهم وبالتالي استمالتهم بإعادة إنتاج التراث هي من الأمور المؤدية إلى تفشي الغلو والتشدد والتفكير والعنف والتسلط.

لقد خسرت الحركة الديمقراطية العربية كاتبا ملتزما حاول تغيير شروط اللعبة وناقدا لاذعا للتيارات الدينية المتشددة ودارسا لحركات التحرر الوطني ومناصرا للمقاومة ومناهضا للمشروع الليبرالي الجديد وباحثا عن الوئام بين الطوائف والأديان والمذاهب وعن التعايش السلمي والتنوع الثقافي والاجتماعي.

كما فقدت القضية الفلسطينية أحد فرسانها الذين ناصبوا العداء للحركة الصهيونية ودافعوا على الهوية الوطنية للقدس وعروبة الأرض وآمن بخيار الكفاح والتحرير الاجتماعي من نير الاستيطان الإسرائيلي.

جملة القول أن ما حصل هو اغتيال جبان ومدان وأن مصير الظالم والمستبد والمستعمر والمستوطن هو الزوال وأن نور المدنية سيشع على العرب وأن صوت العقل الحر لن يسكت عن النطق بالكلمة الحرة. أليست الأصوات الناطقة بلسان الحقيقة تظل مسموعة مهما تعاظمت محاولات الإسكات وأشكال التعتيم؟

كاتب فلسفي   

عمان هي الجمر والماء/ جواد بولس

دائمًا أحببت أن أزور عمان، فهي عدا عن كونها قريبة إلينا ووصولها يعد نسبيًا سهلًا علينا، أشعرتنا، نحن الفلسطينيين الجليليين الأقحاح، أنها الأقرب لمن حُمّلوا شارة النكبة الكبرى ورقم النحس الأشهر الذي "وسمنا" به الأخوة وأسمونا (عرب ٤٨) بعد أن كنا عندهم عرب إسرائيل حاف!، واستقبلتنا دومًا بإلفة تلقائية ودفء طبيعي لافت ؛ مع دخولنا اليها كنا نذوب مباشرة  بين أهلها ونحس بأمن وأمان.
 عمّان كانت لكثيرين منا بمثابة الرئة التي أعادت لصوتنا إيقاع "العين" في العُرَب. في كل مرّة كنت أغادرها إلى حضن الوطن كان يتملكني، وأنا على ذلك الجسر الخشبي، حنين ورغبة بزيارتها مجددًا لأنني أحببتها ولم يفتش قلبي فيها عن سبب.
وصلتها قبل أسبوع ملبيًا دعوة د. أسعد عبد الرحمن، رئيس منتدى المدارس العصرية ومؤسسة فلسطين الدولية في عمان؛ صديق عرفته منذ منتصف التسعينيات، حين عاد إلى فلسطين مع من عادوا على أجنحة تلك "الأوسلو" التي ما زالت تغرق في بحر الالتباس، وبخلاف كثيرين عرفتهم لم يترك هو للتفاصيل، مهما كانت محزنة أو مخيبة ، قاسية أو مهمة، مجالًا لتحدّ من نشاطه الدؤوب وتمنعه من أن يستمر في مسيرة عطائه وتقديم ما يتيحه صدر عمان وغيرها لصالح قضيته الفلسطينية التي واكب محطاتها في الصدارة منذ الستينيات الأولى، وما زال حتى يومنا هذا .
اخترنا عنوانًا مرنًا لا يقيّدني بأحكام الأكاديمية التي لا أميل إليها منذ آثرت شغب المحاماة على برود النصوص الجاهزة والخطابة الرتيبة، ويتيح لي الخروج عن نص"المفكر" والمشي حافيًا حتى على أرصفة شائكة، فحيث يكون الوجع يكون التحدي أجدى وأنفع.
 "هل الحركة الفلسطينية أمام منزلق خطير"  كان تساؤلنا الذي حاولت معالجته أمام جمهور مميز حضر في  ندوتين متتاليتين، الأولى في قاعة المدارس العصرية، والثانية في النادي الأرتوذكسي.
ما أهون الإجابة على هذا السؤال، يقول المتعجل. فمن يتابع مجريات الأحداث في الأراضي الفلسطينية قد يحسم جوابه بأن القضية الفلسطينية  قد وصلت إلى ما بعد مرحلة المنزلق الخطر، وهي لذلك تواجه سؤال المصير أو: ماذا بقي من مشروع التحرر الوطني في زمن يعيش فيه الاحتلال الإسرائيلي، هكذا يبدو من بعيد وقريب، حقبته الذهبية ويمارس سيادته على الأرض الفلسطينية وأهلها بخفة وسهولة ومن دون مقاومة تذكر أو ثمن يدفعه. وهو يستفيد بالطبع من حالة انقسام فلسطينية داخلية دامية، لا يبدو أن الأطراف معنيون برأبها أو قادرون على ذلك؛  فحركة حماس المستأثرة والحاكمة في قطاع غزة فاقدة لقدرتها على اتخاذ قراراتها باستقلالية، لأنها عمليًا هي جزء من كل، أو حركة أسيرة للحركة الأم، وتخضع لمحاور القوة والدول الشريكة في رسم خوارط الشرق الجديدة، حيث تراجعت مكانة فلسطين فيها ولم تعد قضيتها الوطنية هي الواجهة والصمغ الموحد العربي والإسلامي، على الأقل ليس على مستوى اهتمام معظم الأنظمة اللاعبة في منطقتنا وبين كثير من الشعوب العربية والإسلامية المتشظية لقبائل متناحرة وحمائل متحاربة وملل متصارعة حتى الدم.
من جهة ثانية نجد حركة فتح، وهي الأكبر والأقوى والمرشحة لتكون راعية الوحدة وصانعتها، تعاني من ضعف شديد وتمزقات داخلية كثيرة تحول دون قدرتها على أن تقود عملية إعادة وحدة شطري الوطن المحتل واستعادة وحدة الشعب المنقسم بشكل عمودي خطير وأفقي أخطر . هذا علاوة على ضعف فصائل اليسار الفلسطيني التي فقدت مجتمعة من قوتها بشكل ملموس وكبير حتى كاد دورها يتلاشى أو يصبح هامشيًا بشكل مؤسف ومحزن.
ما أصعب الجواب على هذا التساؤل! يقول المتفكر. فمن يتايع ما يجري في الدول العربية وما آلت إليه أحوالها المتداعية، ومن يقرأ كيف تحولت الجامعة العربية من قلعة أريد لها أن تحمي العروبة وتجمع دولهم في وحدة من شأنها أن تصد عنهم كل شر وبلية، أصبحت عمليًا وكالة تابعة لتأثيرات خارجية وأداة يضرب بها الأخ أخاه في العروبة، ويجلد من خلالها المسلم أخاه المسلم، فلم تعد جامعة ولا عربية.
من يشاهد هذه التطورات الخطيرة المحيقة في فلسطين وبمصالحها الوطنية قد يتوصل، من خلال استقراء البواطن ومقابلة البدائل، إلى نتيجة أن القضية الفلسطينية ، رغم ما خططوا لها، لم تصل إلى نقطة اللاعودة أو إلى ذلك القاع الذي يؤدي إليه ما أسميناه بالمنزلق الخطير، ففي خوابيها ما زال بعض الزيت.
يالمقابل، إذا لم تجر الحركة الفلسطينية الوطنية بكل مركباتها الفصائلية وتلك النخب المستقلة مراجعة جذرية وإعادة حسابات شاملة، فقد ينجح مشروع من خطط لإنهائها  أو على الأقل سينجح بإبقائها تراوح على محاور الدم والوجع وضياع الأمل القريب. فنحن الذين نعيش في فلسطين نعي ونشعر، وعلى الرغم مما سيق أعلاه من تشخيصات صحيحة لضعف الحالة الداخلية الفلسطينية، وهو غيض من فيض، أن  إمكانيات النهوض الوطني الفلسطيني ما زالت واردة، وقد نشهد على ما يدعم هذه الاحتمالية قريبًا ونحن نقترب على بلوغ الاحتلال سن الخمسين.
كان تفاعل السادة الحضور في الندوتين مثريًا ولافتًا. وقد تكون مساهمة السياسي العريق والشخصية الفذة السيد عدنان أبو عودة في الندوة الأولى كاشفًا لما لمسه البعض قاسمًا مشتركًا ظهر بين العديد من المحاورين والسائلين، وذلك حين نبّه في مداخلة قصيرة، إلى غياب عامل " الزمن " في التفكير العربي السائد وخلو الذهنية العربية من أثره وتأثيره، على الرغم من أن السياسة مذ كانت أقرت بان " الزمن يغيّر الأولويات" ، فكيف لقوم لا يكترث لوجود هذا العامل في حياته أن يضع أولوياته النضالية السليمة .
 كل الحاضرين كانوا من داعمي الحق الفلسطيني،  لكنني نجحت بتشخيص محورين بارزين من هذا الجمهور المساند الكريم - رغم أنني كنت في عمان لكنني أفترض أنها حالة قائمة بتفاوت مقاديرها في جميع الدول العربية-  الأول: مجموعة رغم مرونتها في استيعاب الطاريء وتمييزها بين الثابت والمتحول إلا أنها تشكو من نقص في المعلومات الأساسية خاصة بما يتعلق من مستجدات وتغييرات أخذت مجراها في بلادنا منذ كانت فيها إسرائيل بنظر أكثريتهم ليست أكبر من درنة طارئة أو دويلة مزعومة أجزموا في حينه على أن محوها سيكون مهمة هينة، وبين واقع هذه الدولة كما هي عليه الآن؛ فنقص المعلومات بهذه المقادير يحجب عن هؤلاء الداعمين قدراتهم على ممارسة عملية تحليل سليمة وتفكير صحيح واتخاذ المواقف الصائبة التي من شأنها أن تساعد الفلسطينيين على صمودهم ومقاومتهم للاحتلال الإسرائيلي بشكل عملي ناجع ومؤثر .
الفئة الثانية: هي من تلك الأجيال التي عاصرت النكبة والنكسة معًا أو إحداها، وخزنت في نفوسها رفضًا بنيويًا يحول دون خروج أصحابه من معادلات الماضي وقوالبه.  بعضهم يعرفون المستجدات بحذافيرها لكنهم يقاومون بإصرار هو أقرب علميًا إلى كونه حالة إنكار نفسية واضحة يعيشونها مقدّسين ذهنيات "تخثرت" منذ عقود ومقولات حفرت عميقًا في بئر الهزيمة الأولى؛ فمنهم من آمن باشتراكية عظمى رغم سقوطها ما زالوا يستجيرون بها وكأن خروتشوف وجيوشه تخيم على ضفاف النهر، ومنهم من آمن بالوحدة العربية وبالعروبة ماردًا رغم هزيمته ما زالوا يستحضرونه روحًا منقذة على أناشيد محمد سلمان وصحبه من ذلك الزمن الجميل حين كنا ننام ونصحو على "لبيك يا علم العروبة كلنا نحمي الفدا، لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلّما" .
 إنهم يعشقون فلسطين وفلسطين تحبهم كذلك، لكننا نؤكد أن هذه الدولة المارقة، إسرائيل، لن تهزم بالعشق والدعوات وأناشيد الحماسة وبالشعارات الجميلة، فالفلسطينيون الذين يعيشون في ظل أعقاب بنادق الاحتلال الإسرائيلي وموبقات سوائب المستوطنين يعرفون هذه الحقيقة برسم دمائهم المسفوكة وحياتهم البائسة وقهرهم وصمودهم بما يستطيعون إليه سبيلا.
كانت زيارتي لعمان هذه المرة بطعم شهي مختلف. قابلت فيها الأصدقاء والأقرباء الأحباء وأناس يهيمون حبًا ويتفانون بدعمهم لفلسطين الكئيبة. تبادلنا الأحاديث. توافقنا واختلفنا باحترام ومحبة وتقدير، ففي عمان وجدت كل القلوب تأخذك إلى فلسطين.
عدت إلى القدس، وفي صباح اليوم التالي أفقت على نبأ اغتيال الكاتب ناهض حتر. خفت على عمان وهي التي قلت فيها قبل سنوات:
 "في كل مرة أعود إليها تنسيني همومي وتأخذني إلى رصيف الفرح، ففيها لا أكون سائحًا يتوجس صيد الليالي. رحبة تكفي لإيواء الأمل. وديعة كما يشتهي عصفور. عمان أسقتنا حين جفف الأخوة البئر وتركونا فرائس" للصدأ" فإليها نخف كلّما احلولكت ليال وتثاقل عبث". أغضبني هذا القتل.
خفت على فلسطين، فعمان في القلب هي الجمر والماء.
يتبع..     
                   

مــزامــيـــــــر/ نبيل عودة

1
عشقتك مع انطلاقة الفجر
تهت في صبابة الحب
رسمت طريقي بالنار
أنشأت من صراخ الأطفال حواجزا
تفجر الخبر
 فما عاد للمبتدأ ضرورة
بحثت عن معاني التجلي
بحثت طويلا عن ذاتي
غرقت بوجوه المحتلين
وفقدت أسباب الانتحار
عدت...
عدت لأجل عينيك
نهر يزغرد في دمي
طفل ينشئ المتاريس
يشعل الإطارات
يفجر الغضب الدفين
يصرع الماضي
يبني جسورا للغد
لأجل عينيك
عدت من رحم المأساة
صنعت لغة من الحجارة
بثثتها مع الأثير
حملتها عشقي
حملتها غضبي المتنامي
موجة وراء موجة..
بحرا وراء بحر...
طوفانا وراء طوفان..
2
هل يعرف بعض الثوار
أن جديلة حسناء
أقوى من هراوة محتل؟
3
هل يعرف بعض الثوار
ان حجارة طفل
اقوى من خطبة ثورية؟
4
هل يعرف بعض الثوار
ان زغرودة أم شهيد
تعادل جحفلا مسلح؟
5
ابي من قرية في أعالي الجليل
يوم تسللت إلى أطلالها
 خنقتني الدموع
واعتراني يأس قاتل
لولا عينيك
لفقدت بوصلتي
 لولا عينيك
لتهت في مأساتي
وعصف بي الضياع
ومزقني القهر
لولا عينيك
لفقدت لغة الكلام
وغمرني الصمت
وضعت في العدم
يوم وقفت مرة أخرى
فوق أطلال قرية أبي
ورأيت انسياب الطبيعة الخلاب
تيقنت ان سر الجمال
ينبع من هنا
وددت تقبيل الوهاد
وددت معانقة الروابي
تمنيت ان أتحول إلى حجر
في أرض بلادي
إلى تراب في حقولها
إلى نبتة خضراء في جبالها
لم اصدق ان وطني الجريح
يفيض بهذا الجمال والابهة
انحنيت
أخذت بكفي حفنة تراب
تنشقتها
ضغطتها بقوة إلى صدري
ونثرتها مع الريح
لعلها تحملها إلى المنافي
حيث الشوق والحنين
لرائحة تراب الوطن
6
عشقتك مع انطلاقة الفجر
تهت في صبابة الوجد
عصفت بي نيران العشق
عشقت وديانك
عشقت جبالك
عشقت ترابك
عشقت نباتك
عشقت حزنك
عشقت فرحك
عشقت خشونتك
ولأجل عينيك
 صنعت لغة الحجارة
7
خرجت من ذهول الضياع
 الى ذهول التحدي
خرجت من رتابة الضياع
الى رتابة الانفجار
رحلت إلى وراء المنطق
بكل ما أملك من منطق
شاهدت هبوط الزمن
أوصدت الباب على الماضي
ورفعت اسمك
 علما يحلق في الفضاء
8
طوبى للمقهورين
طوبى للمقموعين
انتم ملح الوطن
انتم رافعي رايته
طوبى للثاكلين أحبائهم
انتم ملح الأرض
ان فسد ملحكم
بماذا يملح؟
انتم زغرودة الأرض
حين تعانق الأرض عشاقها
طوبى لهم
يخرجون كالمارد من قمقمهم
9
-    ما بالك حزينا؟
-    حائر بين حبيبتين
-    تنازل عن واحدة
-    كيف؟
-    إختر الأفضل..
-    لا يمكن تجزأتهما
-    صرت فيلسوفا ولم نعد نفهمك
-    أنا سكران بحبهما
-    السكر رجس من عمل الشيطان
-    عاش الشيطان
****
يعتريني اغتراب
يتوه فكري
يتشتت وعيي
وتنطلق صرخة مزعجة:
-    حاجز
نقف على ارض وطننا مذلين
وجبة الصباح الأولى
في الطريق الى المدرسة
وجبة لن تهضمها معدنا
مهما عبر عليها الزمن
10
طوبى للأطفال الودعاء
قاذفي وداعتهم حجارة
في وجه الشيطان
طوبى لهم مردة صغار
أمام جبروت القهر
والأعقاب الوحشية
طوبى لهم
لأنهم يملكون الحب
وسيرثون الأرض!!
****
طوبى لصانعي المجد
يتحدون الرصاص والفولاذ
بلحمهم
بدمهم
 بأرواحهم
ويصنعون الفجر الآتي
فجر ملكوت الأرض
****
عشقتك مع بداية التاريخ
أغنية خضراء
حبا قاتلا
 لا مفر منه
لأجل عينيك
عشقت لغة الحجارة
أشعلت الحرائق
أوقدت ألمي
حرقت صبري
وجاهرت بالحب
جاهرت بالحقد
جاهرت بالغضب
جاهرت بالانفجار
بشرت بميلاد الإعصار!!
11
ركبت المترو والطائرة والصاروخ
سرقت كل الألحان الخطرة
من الأوراس وكوبا
من كمبوديا وفيتنام
لأقدمها لطفل فقد أباه
وينتسب إلى خيمة مختفية في ظل بناية الأمم المتحدة
ليضع على أوزانها أغانيه
يطلقها في العرس الكبير
حين يستعيد شرف والده
التقيت بجندي
اعترف لي:
كما يربي الإنسان عنزة ليوم العيد
تربي الأم طفلها ليوم الحرب
أجبته:
تعلمت كل فنون الحرب
من البيانات العسكرية
وأصبحت خبيرا
بالهجومات الفجائية
وتدمير الطائرات
وعبور الحواجز المائية...
قاطعني:
لا يطولني الا وجع الرأس
من كلماتك المنصوبة كالفخ
سألته:
ماذا لو سقط ألف قتيل آخر؟
أجابني:
ستنشأ مجموعة أخرى من الأغاني
وتعقد الأمم المتحدة اجتماعا
وتتلو قرارا..
قلت:
وتشتم مغنية مسطولة أم العرب
ويتأخر موسم التزلج سنة أخرى
وينزل الثلج على أرواح الجنود في الصحراء
فغضب واتهمني بالعداء للدولة
****
خرجت من العتمة إلى الضوء مباشرة
كانت العتمة تحتل حتى الذرات الجوية
ومع ذلك رأيت طريقي واضحة!!
12
إذا عطشتم اشربوا البحر
وإذا جعتم كلوا الرمل
وإذا زاركم "اليانكي" ارقصوا السامبا
ولكن...
تمزقنا ونثرتنا الريح
لم يعد لنا ما نخسره
ضعنا في كل دروب الأرض
اجتزنا كل معابر الموت
صرنا لوحة في متحف
صرنا لونا
صرنا كلمة مسموعة
صرنا صوتا
صرنا كلمة مكتوبة
صرنا حرفا
****
سادني توتر شديد
لم يخلصني منه إلا نشيد الرجال:
اليوم قبل الغد
والآن قبل بعد
لنرفع لواء الشمس
لنخطو نحو العودة
لندفع ثمن العودة
دما يمتزج بالنهر
حبا يجمعنا بالأرض.
****
هلموا يا شعراء وكتاب
يا شحاذي الكلمة
اشحذوا لنا جسرا وكلمة
جسرا يروي للأجيال
حكاية عشق لا يموت
على لحن وقع الأقدام
 الزاحفة نحو الغد
وكلمة انتماء للإنسان
نطرزها على لواء العودة
الزاحف فوق الهامات
المندفعة نحو الغد
****
هلموا يا أطفالا
باتوا أمس بلا طعام
شيلوا معاولكم الموروثة
عن آباء شهداء
فقد حان الوقت
ولواؤنا مشتاق للأيدي
والأرض يقتلها الشوق للساعد
المنفي وراء النهر
ووراء الصخر
ووراء الصحراء.
تحركوا..
وليكن...
فأسوأ مما كان
لن يكون!!

(الناصرة – 1988 – لم تنشر هذه النصوص سابقا ، بعضها أدخلته باطار نصوصي القصصية، ولم اعد لهذا اللون من النصوص لأسباب قد اوضحها لاحقا.)

سداد ديون عبد الناصر في ذكراه‏/ أشرف دوس

في مثل هذا اليوم 28من سبتمبر غاب عن دنيانا الزعيم والقائد جمال عبد الناصر حيث داهمته نوبة قلبية رحل علي إثرها عن هذا العالم ولم ينهِ بعد الثانية والخمسين من عمره
حياة أي إنسان وديعة خالقه يستردها حين تشاء إرادته، ولكن تظل  أعمالة شاهدة على حبة لوطنه و تفانيه في  عملة
الله يرحم زمانك كم نحن مشتاقون كلمة أيها الإخوة المواطنون أن هذه ساعة للعمل وليست ساعة للخزن رحمك الله
ورغم  وجود العديد من السلبيات الواضحة  المعالم في عصره لكن الإيجابيات كانت أكثر كثيرا و هي السبب والدافع الرئيسي في حب الملايين له . ورحلت معه آمالنا وأحلامنا في بناء الوطن العربي الكبير.فهو زعيم الأمة وحبيب الملايين
أدعو الجميع لأن يتكاتف ويعمل على محو أكبر أخطاءة ونتج عنها ملايين المظلومين حتى اليوم، الزعيم عبد الناصر بشر وعلينا أن نمسح دموع من ظلمهم بحسن نية.
أتحدث عن قانون الإيجارات الأبدية الذي تسبب في أن الملاك صاروا تحت رحمة المستأجرين،  توريث عقد الإيجار الذي تسبب أن المالك يبحث لابنه عن شقة بينما المستأجر يدفع عشرة جنيهات إيجار شقة تساوي الآلاف،  اتقوا دعوة المظلوم وكفاية إهمال وتردد في معالجة هذا الأمر الذي يتنافى مع كل قوانين العالم وضد كل الدساتير، كما أنه يخالف الشريعة الإسلامية.
كلنا بنحب  عبد الناصر رغم أننا لم نعش  في  عصره و يجب أن ننادي بتسديد ديونه، وهذا القانون هو أكبر ديونه ولعلنا جميعا نتذكر مقولة كأثرين آشتون أوروبا كلها تحترم عبد  الناصر لأنه كان خصما شريفا تولى رئاسة مصر في أحلك ساعات التاريخ المصري ولو عاش عبدا لناصر لكانت مصر دولة عظمى أكبر من روسيا في الشرق الأوسط الله يرحمك يا زعيم الأمة، فقد عشت بطلا ومت بطلا وسيخلد التاريخ ذكراك لأنك كنت مخلصا لدينك ووطنك،    

وماذا عن الهجرة الشرعية؟/ مرمر نور

استوقفتني مقولة للإمام  على بن ابي طالب تقول " الفقر في وطني غربة ، والغني في الغربة وطن .....

أمتلأت القلوب بالأمل عندما سمعنا العبارة الشهيرة ( مصر أم الدنيا وحتبقى أد الدنيا ) وتجدد أنذاك الأمل أننا سنصبح أد الدنيا ، وساعتها أمتلات الافواه بعبارة  تحيا مصر ؛  نعم تحيا مصر ألاف المرات ، ولكن هل المقصود أن تحيا مصر برجال أعمالها وبحدها وبحدودها أم تحيا بشبابها وأملها القادم ؟ الذين ذهبوا ليتفقدوا مصر ولم يجدوها الا في شعارات أستهلكت من الستينات بداية من أرفع رأسك يا أخي فقد مضي عهد الاستبداد ومروراً بي ، لو سألتك أنت مصري إلي أن وصلنا لتحيا مصر التى صارت شعارات تردد فقط .

ونظرأ أن هذه الشعارات لا تغني ولا تسمن من جوع تطلع الشباب إلي الشاطئ الاخر من البحر لعلهم يجدون حياة أخري ليس فيها شعارات تنهك حنجرتهم دون جدوي وقد علموا أنه ربما ينتظرهم الموت بين الامواج ولكنهم عمدوا إلي المثل القائل وقوع البلاء ولا انتظاره ؛ فكم فقدت مصر من ثروة بشرية فلماذا تحيا مصر إذن ؟ وكل من عليها مقتول ؟ لم تنتحب مصر علي أولادها !؟ فهل تراهم أبناء غير شرعيين ؟ أم أنهم ليسوا المعنيين ؟

ومما يثير الدهشة إصدار أمر من وزير الاوقاف بتوحيد خطبة الجمعة تحت شعار أخطار الهجرة الغير شرعية وحرمتها !! فهل ياوزير الاوقاف تُخرج لنا فتوي بهجرة شرعية لعلنا نجد أم تحيا بنا وبشبابنا ؟ بما انك حرمت الهجرة الغير شرعية ؟

ويا أجهزة الدولة الذين ماتوا في البحر بشهادة موظفين الدولة مصريين الا يستحقوا الحداد ولو من باب الشهادة الصحية المنصوص عليها في مكاتب الصحة ؟
وإلي برلمان مصر الا نستحق منك الوقوف حداداً واتخاذ بعض الاجراءت لصالح الشعب بدلاً من أن يطل علينا أحد نوابك ويقول اللي ماتوا غير محزون عليهم أيها النائب ( إلهامي عجينة ) أنت نائب عن اللي ماتوا وليس عن اولاد عمهم !!!! وأخيراً تحيا مصر بس خليها تحيا لوحدها

دموع على خفقات القلب/ صبحة بغورة

ما أعجب أن ينتهي بها المشهد تماما كما بدأ مع تهالك لياليها المتعبة تحت وسادة وجعها ، هكذا نشأت"بهية" في بيت كانت هي أكبر أخوتها وكلهن بنات ، تنام وتقبع في زوايا حجرات قلبها الصغير أحلامها البعيدة ورغباتها البريئة، ويشاء العلي القدير أن يهب  أسرتها الذكر بعد شوق كبير فكان المدلل دائما ثم كبر وهو المسيطر الذي يأمر وينهي ولا يرد له مطلبا، تحملت بهية المسؤولية وهي لم تزل طفلة صغيرة وكان عليها أن تتحمل أيضا تصرفات أخيها العبثية والطائشة  حتى كادت تفقد حق التنفس أمامه عاد أخوها  يوما من المدرسة كعادته مسرعا وطلب منها أن تحضر له طبقه المفضل البطاطس المقلية المقرمشة ، ولكنها اعتذرت لأن موعد انصرافها إلى عملها قد حان وعليها أن تكون في الموعد ، صرخ مناديا والده فأتاه مهرولا وأجبر بهية أن تحضر له ما طلبه قبل ذهابها إلى عملها بالرغم من أنها كانت قد أعدت طعام الغداء وأتمت تحضير المائدة ولكنه أصر على طلبه  فاضطربت وأسرعت وبدأت في التحضير وبينما هي تهم بوضع البطاطس في الزيت المغلي انقلبت المقلاة بين يديها فأحرق الزيت يديها وشوه جمالهما التي بهما كانت تساعد والدها وتعينه على توفير ما تحتاجه  أخواتها والمنزل ، التحدي الذي يملأ قلبها دفعها إلى الذهاب للعمل ، كان إصرارها كبيرا على أن تواصل الوقوف إلى جانب والديها في تنشئة أخواتها وأن تكافح من أجل إسعادهم ، ومرت عليها الأيام متشابهة ، تراها دائما مهتمة بمحاولة تحقيق التوازن في معادلة إرضاء جميع أفراد العائلة ، وعلى صعوبته كانت تقابل طلباتهم بابتسامة عريضة حيث كانت تجد في ذلك متعة ،وكثيرا ما كانت مضطرة تحت ضغوط جائرة أن تلتحف وشاح الصمت وتشرع بوابة السمع ببلاهة وتدخل في شبه حالة تفقد فيها نبرات صوتها وتضيع ملامحها بين أصوات أخرى ولكنها تصبر على أمل أن تغمرها مياه الدهشة الباردة حينما تباغتها المفاجأة على مدرج العمر، ثم أتى ذلك اليوم الذي التقت فيه فارس أحلامها ، يعمل موظفا بإحدى الإدارات التابعة لجهة عملها ، استلطفته لما احترمت فيه أخلاقه الطيبة ، ثم تمتعت بأيامها وهي تعيش أجمل الحكايات التي كتبها لها القدر بشذى ورود الدنيا، وكان يبادلها نفس الاحترام والإعجاب الشديد ببريق عينيها التي امتلأت فرحا لا تخفيه نظراتها الآسرة ، لقد رأت فيه حلمها الملون الذي زرع الأمل بين ضلوعها ، عبر لها عن رغبته في التقدم  لخطبتها مقتنعا بأن سماحة شخصيتها تمكنها من التعايش مع كل أفراد عائلته ، وفي اليوم الموعود تأخرت بهية في تحضير ملابسها وزينتها وبينما هي منهمكة وأفراد العائلتين يتبادلون أطراف الحديث الباسم طلبت أمها أن تقوم أختها " نرجس" باستدراك الموقف سريعا  فقامت بتقديم المشروبات والحلوى للحاضرين ، وما كادت تنتهي حتى حلت "بهية" وكانت على مسمى في أبهى حلة وأزهى زينة، ولكن المفاجأة كانت كبيرة وأصبحت كابوسا بمليون مخلب وألف رأس وكل رأس بلسان يمتص لون أحلامها وتسقط كلماتها الشاعرية التي أجلتها إلى موعد خطبتها في سراديب الصمت ، واحترقت فراشاتها المحملة بالأماني المنتظرة ، وتوقفت شفتاها عن الشدو، إذ بعدما رأى الخاطب أختها " نرجس" انبهر بجمالها فهمس من توه إلى أهله من حوله أنها هي من جاء لخطبتها  ووافقت عائلتها وتظاهرت بهية بالانشراح قليلا  بعدما وجهها أبوها إلى ضرورة الصمت والقبول بالأمر فلدية الكثير من البنات يريد لهن الستر العاجل ،وبأصداء فرح أجلته بعدما خاب أملها تراخت الظلمة على جسدها المستلقي في آخر الليل أغنية حزينة تبحر بها ألحانها الشجية إلى آت مجهول، سعادة أختها تهمها ولا يهمها نفسها ، ما تزال مستعدة للتضحية في كل وقت من أجل أخواتها ، مرت السنون سريعة لفرط ما عرفته من مناسبات سعيدة ومسرات فقد تزوجت كل أخواتها البنات ينما بقت هي تجلدها السنون بسياط من جمر الحياة ، كلام الناس لا يرحم ، قاربت على الأربعين من عمرها وأصبح شبح العنوسة يلوح لها في اليقظة والمنام كأقرب ما يكون.
لدى خروجها يوما من عملها مهرولة نحو الصيدلية لشراء دواء السكري لوالدها اضطرت حتى لا تتأخر بالدواء عن أبيها المريض إلى استئذان أحد الشباب كان ينتظر دوره للشراء ، فسمح لها بالمرور قبله لما رآها على عجلة ، راق له أدبها ولياقتها خاصة عندما شكرته ، لقد كانت الصدفة  التي خلقت الفرصة ليجري بينها التعارف سريعا ، ثم كان أن طلبها للزواج رغم فارق السن حيث كانت تكبره بعشر سنوات، كانت دخيلتها تحدثها أن عليها أن تثبت لمن لم يرحمها بلسانه أنها لا تزال مرغوبة ولم يفتها قطار الزواج ، وتم كل شيء بسرعة وانتقلت للعيش معه في بيته المتواضع، أخلصت له وساعدته بمالها الخاص وباعت ما كان لديها من ذهب لتوفر له معها الحياة الكريمة ، ولكنها تصطدم بواقع مغاير لشخص أعمى الطمع والجشع بصيرته،وذاقت منه كل أنواع الذل والمهانة لكنها كانت تكتم سرها عن أهلها ،أدركت أنها عبثا تقف أمام شلال العمر وعبثا ترسم بمفردها تضاريس جزيرة الحلم الجميل، قصدت يوما الطبيب بعدما أحست توعكا بعد الشجارات اليومية بينهما ،كان قد أنهكها حظها التعيس والشؤم الذي لا يبارحها ، أفاقت على صوت الطبيب يبارك لها حملها في توأمين ، استبشرت بحملها وأقنعت نفسها بأن كل ما يحدث حولها ليست إلا مواجع مؤقتة ولاشك أن الخبر سيفرح زوجها والأهم أنه لن يعيرها ثانية بأنها أصبحت عجوزا لا تقدر على الإنجاب، أعدت لهذه المناسبة السارة مساءا رومانسيا بعشاء فاخر، ولكن انهارت أحلامها التي زرعتها بطفليها اللذين لم يريا النور،إذ انهال عليها بالضرب المبرح فور سماعه بحملها ،أدخلها المستشفى وفيها أجهضت حملها ، لقد أصبحت مجرد امرأة مهزومة تغازل أطياف الشمس المرتحلة مخلفة وراءها السنين التي ضاعت وانقضت معها صفحة من  زمن العمر الحالم زرعتها لمستقبل ليس لها ، لقد أنهكتها المسافات وأرهقها الركض وراء تفاصيل الأمل الذي انتظرته منذ أينعت أنثى ،وبعدما خانتها أصوات النوارس المتلهفة  قررت في لحظة تجاوز واقعها المرير وحالها البليد ،عادت إلى منزل أهلها خائبة ، أضاعت مالها ولم يسعفها الوقت للإنجاب ، انه جنون اللحظة يخترق ذاكرتها الغارقة بهموم الحياة وتقلبات الزمن ، كل أشرعة أحلامها ممزقة حيث أصبحت مسألة استمرارها مع حكيم مستحيلة بعدما تعاظمت نسبة النكران والجحود والألم الذي يفترسها ومضى قطار العمر بها وحيدة وفي إحدى محطاته يتجدد أملها مرة أخرى إذ عبر أحد معارف عائلتها رغبته في الزواج منها قبلت به لأن لم يبقى لها أحد يؤنس وحدتها بعدما فقدت والديها، كان " وحيـد" في مثل حالها ، كان ثريا وفر لها كل أسباب السعادة والراحة والهناء ، وكانت هي سعيدة به تعامل أهله بكل الحب و الحنان ومن بينهم ابن شقيقة زوجها الذي حذرها من طمعه خاصة في سن المراهقة التي يمر بها ومن طلباته التي لا تنتهي ونصحها بأنه من الأفضل أن لا تعوده على التقرب منها أكثر ، ولكن بهية أرادت أن تحتويه وأن يحبها مثل أمه وهي المحرومة من نعمة الأطفال ، كانت تحاول جاهدة تغيير نظرات كل من حولها برسم صورة للغد أجمل تعيش فيه بأمان وسط عائلة جديدة دون عداوة.
وقفت تنظر من وراء شرفتها إلى حيث تشرق الشمس كعادتها في كل يوم جديد علها تجد في أشعتها الدافئة الطاقة المتجددة للصبر وفرجة الأمل حتى يختفي ذاك الإحساس الرهيب بالوحدة والفقدان،لا تزال تحاول تغيير زمنها القاتم والموحش ، وفي منعرجات الأقدار التي قادتها لم تدر أن معاملتها الطيبة لم تشفع لها عند ابن شقيقة زوجها الذي استغل غياب زوجها عن البيت ليتوجه إليها يطالبها بمبلغ مالي كبير، وجدت طلبه غريبا ، وما كادت تستفسره عن حاجته له حتى صرخ في وجهها ووجه لها ضربة قوية على رأسها بقضيب حديد أسقطها أرضا وقام بسرقة ما تيسر له  ثم أحرق البيت كله بما فيه، لم يتبق منها بعدما تم إخماد النار إلا آثار الحرق القديم على يديها، ماتت تاركة حياة سرق فيها كل من حولها ابتسامتها عنـوة .

وجهان وقصائد أخرى للشاعر نزار حنا الديراني

وجهان
22-4-1986 ـ في القطار المتجه من بغداد الى الموصل

وجهان عليك ان تختار احد منهما
الاول ! ساذج وعاري
يكتنفه الوهن
ممتلئ .. بالخدع
والثاني ...
قناعه درع ...
مادته ثقافة
يتهرب من الحقيقة ويطعنك من الظهر
انه ... ماكر
في قلبه يكمن البغض
رشح احد الوجهين
اختار من بينهم الاصلح

الى الشهيد جلال يوسف 
16-5-1986

كنا ... سبع اشخاص
نتقاسم الخبز والخمر
نتقاسم الابتسامات والسلام
كنا ..
ندرس سوية .. ونبتسم
كنا نقول ... كنا نكتب ... نشرب ... ناكل ...
ولكن آه ..
فاحدهم اسير .. والثاني مفقود ... والثالث
شهيد ... والرابع جريح
اما الخامس ! فقطعت اخباره عني
والسادس !!!
لا اراه الا في التعازي ... او الشارع
اما انا السابع ! من يدري
ان كان هناك من يكتب عني شئ
هذه .. هي الحرب ...
لا بل الدمار
سبع اشخاص ... كنا نتقاسم الاحاديث
وقصصات الورق
اردنا ان نرسم الوطن
فبدأنا من القرية ... الى القضاء
وقبل ان نصل المدينة افترقنا
ولكننا اقسمنا ان نواصل المسير
في الجامعة ... او في ساحة الوغى
لنكمل صورة الوطن
ولاننا افترقنا ..
فلم استطيع ان اتعلم الرسم
يبقى صديقنا جلال
وحده وبلحظة
رسم الوطن بدمائه
على رمال العمارة
وكلمة الشهيد
احبك .. ام لا احبك
الى قنتا ...22-3-1986

احبك .. ام لا احبك
حين اراك ...    
يرتجف جسمي
وتتسارع دقات قلبي
واقرر ان لا اراك ثانية
وفي لحظة الفراق
يتاجج حبي
فاشتاق لرؤياك واقرر ان لا افارقك الا في
الممات
احبك .. ام لا احبك
اتركك ام .. لا اتركك
اي صراع انا فيه
فان تركتك ولدت ضمآنا في الصحراء
وان بقيت على حبك
يغتالني كبرياؤك
وان كنت تجهلين حبي
فاسألي حدائق المسبح
لتقول لك كم من مرات طبعت حبي على المصطبات
لتعرفي ... رغم اني عاشرت المئات
ولكن لم اختار غيرك من بين الجميلات
كم مرة اصطدم شعاع عينيك بشعاعي
ليمد جسرا يربط بطينة قلبك بشرياني
ومن خوفي عليك استعرت لك اسما يلائم الحاني
فكل الاسماء توشحت باسمك
حتى صرت اسما للديار

البائع المتجول
24-3- 1986  مهدات الى الشهيد دانيال
كل صباح كان ينهض ليدفع عربته
ويودع اولاده بالتمنيات
وزرع الابتسامات
يسير .. وتسير العربة وهو يقول :
برغل .. حبية .. جريش ...
لم يكن يتصور يوما ... لحظة الفراق
ولم يكن يتصور الحرب والاهات
فلولا اطفاله .. لاكتفى برغيف خبز
كل ما كان يهمه ان يعود وفي كيسه الشمس والقمر
لتتوشح بهما عائلته وتزهو في العيد
لم يكن يتصور يوما
ان يستبدل القدر
الشمس والقمر بليل حالك السواد
او ان تحمل عربته تابوته
فشكرا ايتها العربة
سيتذكرك الاخرون بما كان لديك من الامجاد
اريد البياض
24-3-1986
اماه ...
اريد ان امشط شعري واتوشح بالبياض
اريد غصنة زيتون وانشودة الميلاد
غدا.. سنفرش ارض الكنيسة بالبياض
وغصن الزيتون ... وستتعالى اصواتنا في الاعالي
وسنقول في استقبال المسيح
المجد لله في العلى وعلى الارض السلام
فالسلام يا اماه .. لا يحب السواد
فدعيني .. ولو لبرهة اغتال السواد
لاتوشح بالبياض والابتسامات
فالمسيح قام ... وقامت معه حناجر الاجداد
اه .. يا جميلتي
لقد اغتال الطغاة البياض والافراح
وقلعوا الزيتون من الديار
فانى لي ان اجلب لك البياض
والحيطان مزينة بالسواد
الى الشهيد منير بطرس 
24-3-1986

انتظري ... ايتها الزوجة
فانا قادم
غدا ... ساضع في جيبي عقد الزواج
لاقول لامر الكتيبة البارحة كان حفل الزفاف
وساعود ... ومعي كل البطولات
لنسافر .. الى حيث الشمس وزقزقة العصاقير
لنقول للشمس توقفي عن المغيب
فاليوم هو عرسي من جديد
جلست .. في الصباح وهي تودعه
وعيناها ابت ان تفارقه
وهي تنتظر دقة الباب
ها سياتي منير ... قبل الغروب
ليكمل العرس
ولكن ... اه
ففي الفاو كان عرس جديد
وسماؤها ... زغردت بوابل رصاصات
وتحول صوت الطبل والاوركن .. الى قرقعة الدبابات
ومن تحت اقدامها كست الرمال الجثث
عشرة ايام ... والجميع يفتشون عن منير
وزوجته ... تقف في الباب لتصلب اشعة الشمس
وهي تقول سيأتي منير ومعه عقد الزواج
لم تكن تدري انه في اجازة الى اللاعودة
لم تكن تدري سياتي وهو راكب التابوت
لم تكن تدري ... سيكون شهر العسل مع البندقية والرمل
في الجنوب
لم تكن تدري ... اشجار الفاو قد حبلت بالبنادق والمدافع
ها قد عاد منير الى البيت
ولكنه ...

طريق الحرية17-9-1986

طريق الحرية صعب
حاولوا ان يجتازوه السود والبيض
ولكنهم لم يفلحوا
مشى فيه الانبياء ولا يزال وعر
مشوا فيه الاف السنين
ولا يزال الجميع يراوح في نقطة
فطرها الصفر
مشكلتنا ... ليس لكوننا ضعفاء
ولا لاننا نخاف السير او الجوع
فاراضينا ... تفوح برائحة الازهار
وصوت الخرير ..
وطعم البترول
نسير ... ولا نفكر الا بما تشتهيه البطون
ترانا !
نشرب لكي نسكر
نقرا لكي نثرثر
نتزوج .. لكي نشبع
لذا ترانا .. عميان يقودهم جاهل اعمى
نسير .. ولا ندري الى اين
نكافح .. ولا ندري الا ترديد الشعارات
مئات السنين ... والنتيجة تحت الصفر
طريق الحرية صعب
أهل تريد الحرية ؟
وهل تسنطيع ان تدفع الثمن
ولكن !!
الحرية ليست شرب الخمر وممارسة الجنس
طريق الحرية صعب
ولكن من يستطيع اجتيازه ؟
مئات السنين نحارب ونكافح
والنتيجة هي الصفر
مئات السنين نقول :
يسقط الاستعمار
ونحن مقتنعون باننا مستعمرين للابد
مئات السنين نفتش عن حقوق الانسان
ونحن مقنعون بالذل والفقر
ونمارس الارهاب
طريق الحرية صعب
لانه اقتحموه من هم اكثر برابرة
من نيرون وهولاكو وسلاطين العثمان

الزمن يطول ويقصر/ غسان منجد


أنا  غصن من شجره لم تتعرى بعد
وانا اخضرار لتربة لا تشبهني 
ابكي على مرآة  أنجبت ثعبانا
وأبكي لسعته 
اسأل عن شبهي الذي اختفى في وجه حجر 
واسال.  عن شبهه 
احس برحيل الى عدمه 
وأشم راءحة التبغ  في أصابعه 
أراه في صورتي 
ويراني  في ظل اخضر 
أشبه غيمة اليوم
ولكن غيمة الغد لا تشبهني 
احلم بأنني زهرة على سياج زمن حن 
لتنفسي  في غناء كناري 


حلقات من مذكراتي (الحلقتان ٣٩ و٤٠)/ رفيق البعيني

     ٣- المراقبون  Observateurs

مخاطرة جديدة: في مقر قائد جبهة الجيش في سوق الغرب:
قدم لي قائد اللواء العاشر المجوقل العميد نسيب عيد المتمركز  في سوق الغرب ولرئيس فريق المراقبين الفرنسيين النقيب دافيد دعوة للغداء في مقره مردفاً القول : بتسترجي تجي تتغدى عندي  بكره ؟ ( قال ذلك متحدياً ومعتقداً انني لا أجرؤ على الدخول الى جبهة تقاتل حزباً أنا حليفه وأمثله في المراقبه) فأجبته :" انا ابن مزرعة الشوف ولا أخاف ، سنذهب بكل تأكيد". ركبت  في اليوم التالي سيارة الجيب المكشوفة الى جانب النقيب دافيد، وقبل ان يهم بقيادتها استوقفنا أحد الاشتراكيين قائلا ؛ الرفيق عصام( الصايغ) يريد محادثتك. فقال لي عصام : انت مجنون ! وين رايح؟ بدك يقتلوك؟ قلت له : انا ألبي دعوة فيها تحدي وإذا أُسرتُ أو قتلت عليكم أن تتصرفوا ولكن قبل مضي ساعتين على الأقل خلال وجودي بينهم اعتبر ان أي رصاصة تطلق من قبلكم ستصيبني أنا شخصياً.
اخترقت صفوف مقاتلي الجيش والقوات سيارة المراقبين الفرنسيين وعليها كلمة : Observateurs ويمتطيها ضابطان يعتمران خوذة المراقبين هما النقيب دافيد وأنا الى ان وصلنا الى مقرالقائد حيث يتمركز في مدرسة اسعاد الطفولة او المدرسة الفلسطينينية كما يعرفها الجميع وقد حوّلت الى ما يشبه القلعة تحيطها الدشم المرتفعة من الاسمنت وأكياس الرمل. دخلنا من بابها الرئيسي بطريقة الانحناء لأنه كان بحجم نصف قامتنا. ولما دخلنا الى مكتب العميد عيد فوجىء وقال والدهشة تظهر على وجهه : والله اعملتها يا ابن البعيني ما كنت مفكرك أبداً لح تجي !!! قلت له : الهيئة ما حضرت لنا غدانا . لقد وعدتك ووفيت بوعدي. معنا ساعتين فقط بعدها سيعتبرني الاشتراكيون مأسورين ويبدأون بالقصف.
أطلعنا العميد عيد على أمكنة سقوط القنابل الاشتراكية والاضرار اللاحقة بالبلدة وحدثنا عن شراسة المعارك التي كانت تدور على هذه الجبهة وعدد الشهداء الكبير الذي سقط من الفريقين. ثم أقام لنا مأدبة غداء عسكرية جرى خلالها شرح أمور تتعلق  بعمل المراقبة.  ثم عدنا الى خيمتنا وسط ذهول الفريقين المتخاصمين واستغرابهم .
تجدر الاشارة الى أننا تسلمنا في اليوم التالي من العميد عيد والدة المرحوم صالح العربضي التي كانت قد اعتقلتها قواته بعد أن ضلت طريقها ودخلت بقعة عمليات الجيش

سفير فرنسا والاعلام الفرنسي على تلة ٨٨٨:
حضر في أحد الأيام الى خيمة المراقبين الفرنسيين في التلة السفير الفرنسي في لبنان مع وفد اعلامي فرنسي كبير قوامه محطات تلفزة مختلفة وصحافيون ممثلون لكبريات الصحف الفرنسية وحضر معهم اعلاميون لبنانيون .
النقيب دافيد وأنا تحدثنا عن مهمتنا وأجبنا على اسئلة الصحافيين ومراسلي محطات التلفزة خلال مؤتمر صحفي عقدناه واختتمه سفير فرنسا بشكرنا والمسؤولين عن الجبهتين في التلة ( الجيش والاشتراكيون ) والاشادة بسلامة الدور الذي نقوم به والذي أدى للهدوء الكامل وعدم حصول أي اشتباك.
تلى المؤتمر الصحفي حفلة غداء أقامها وفد المراقبين الفرنسيين على شرف سفيرهم  والوفد الاعلامي المرافق  دعيت إليها مع قائدي الجبهتين من الجيش والاشتراكيين .
وأوجز التلفزيون اللبناني مساءً هذا الحدث بصور وحديث قصير لي وللسفير الفرنسي.
الاشتراكيون يحتلون مربض الجيش:
اتصل بي العقيد ناصيف قائد المراقبين ذات يوم قائلاً بلهفة : لقد احتل الاشتراكيون مربض الجيش وأسروا الجنود في المربض والجيش سيقوم بالهجوم لاستعادة مربضه .
حاول ان تتدارك الأمر .سارعت للاتصال بالعميد عيد طالباً منه التريث ريثما أصل الى التلة لاعالج الأمر وأخبرته انني في بيروت  ثم اتصلت على الفور بالاستاذ وليد جنبلاط الذي أكد لي بأنه لم يكن على علم بما جرى وسيتصل فوراً بقطاع عاليه لاعطائهم التعليمات بالتنسيق معي واجراء ما يلزم.
تنفس الجنود  المأسورون لدى قيادة  القطاع الصعداء عندما رأوني داخلاً . وبعد حديث قصير مع قائد القطاع عصام الصايغ تسلمت العسكريين الاسرى ونقلتهم بسيارتي وسلمتهم لقيادتهم . ثم أخليت المربض المحتل من قبل الاشتراكيين ، الذين كانوا قد اقدمو على تحوير اتجاهه بحيث جعلوه يواجه الجيش بعد ان كان في مواجهتهم ، وأعدته لاصحابه . سلمت الجيش لاحقاً أسلحة الاسرى التي كان الاشتراكيون قد استولوا عليها ماعدا بندقية واحدة أصروا على عدم اخذها من الجنود.
خاتمة: أنهت القيادة مهمتنا كضباط مراقبة وأبقت على العسكريين غير الضباط الذين تابعوا مهمتهم مع الفرنسيين .
 علمت فيما بعد أنه استشهد للمراقبين الفرنسيين ضابطاً برتبة نقيب على أثر اشتباك حصل على التلة .
أخيراً استطيع القول بأنه من خلال مهمة المراقبة تسنى لي ان أقوم بمهمة سلام استطعت خلالها ان اوقف الاشتباكات على اخطر الجبهات وان ابني جسور التفاهم والثقة بين المتخاصمين وأكسب صداقتهم وصداقة الفريق الفرنسي الذي عاونني بكل محبة واخلاص. راجياً لابناء بلدي التآخي والوحدة ، ولوطني السلام الدائم

المصالحة الفلسطينية.. مبادرة ومبادرة مضادة/ راسم عبيدات

واضح بأن الأطراف العربية والإقليمية بمحاورها المختلفة المتقابلة والمتصارعة،تسعي لكي يكون أي ترتيب او مصالحة فلسطينية تتم  تخدم مصالحها واهدافها واولوياتها في المنطقة والساحة الفلسطينية،وهي تنطلق بمبادراتها تلك ليس حبا لا بفلسطين ولا بالشعب الفلسطيني وبمصالحه العليا.فما ان طرحت "الرباعية" العربية مبادرتها القائمة على خارطة طريق  لترتيب البيت الفلسطيني كما قيل،ترتيب اوضاع حركة فتح أولاً وبعدها اوضاع السلطة ومن ثم المنظمة ومن بعد ذلك التحرك السياسي والمفاوضات على أساس المبادرة العربية،هذه المبادرة استشعرت السلطة الفلسطينية وقيادة حركة فتح  منها انها تريد ان تفرض عليها شروط وإملاءات وتدخل في شؤونها الداخلية،هدفه العمل على ايجاد ترتيبات سياسية لمرحلة ما بعد الرئيس عباس تخدم اهدافها ومصالحها،وتؤمن لها وجود  قيادة فلسطينية  تتفق معها في الرؤيا والموقف،ولذلك قال الرئيس عباس بأنه على الذين لديهم امتدادات عربية في الساحة الفلسطينية والشأن الفلسطيني قطعها قبل ان يقطعها.ويبدو ان الجهد والمسعى الرباعي العربي قد أمكن صده من حركة فتح والسلطة الان،ولكن  لا اعتقد بأن حركة فتح بواقعها الراهن ومحاورها وتكتلاتها قادرة على الصد والتصدي لهذه المشاريع مستقبلاً،وخصوصاً بان ترتيب البيت الفتحاوي والفلسطيني،بات مطلباً داخلياً قبل ان يكون عربيا واقليميا،طبعا مع اختلاف المنطلقات والمصالح والأهداف.

لم يمر وقت طويل حتى إستشعرت كل من قطر وتركيا بأن مشروع "الرباعية" العربية يستهدف تطويق حليفتهما حركة حماس،تلك الحركة التي تتقاطعان معها في الفكر والمصالح والأهداف،حيث قطر وتركيا تتوليان مسائل الإعمار ومشاريع التنمية والإغاثة في القطاع،ولذلك يجري الحديث الان عن طرح مبادرة سياسية جديدة للمصالحة بين فتح وحماس برعاية قطرية،وهذه المبادرة تاتي في إطار التصدي لمبادرة "الرباعية" العربية وإجهاضها،وانا أرى انها تندرج في إطار المشاغلة والمناكفات السياسية،وترك الساحة الفلسطينية تائهة في زحمة المبادرات.

شعبنا الفلسطيني صغيره قبل كبيره،يدرك بان المصالحة الفلسطينية،ليست بحاجة الى أي عاصمة عربية او إقليمية،لكي ترتب اوضاعها واوراقها وبيتها الداخلي،فهناك اكثر من مبادرة طرحت من فصائل وقوى وشخصيات فلسطينية ،تحتاج فقط الى إرادة سياسية ونضج قيادي وتغليب المصالح العليا للشعب الفلسطيني على المصالح الفئوية والتنظيمية ونبذ الصراع على سلطة منزوعة الدسم،يسيطر الإحتلال على فضاءها وبرها وبحرها،ولسنا بحاجة الى ان نكون جزء من المحاور والصراعات العربية والإقليمية،تلك العلاقات والتدخلات التي انعكست سلبا على شعبنا وقضيتنا ومشروعنا الوطني،وحتى على وجودنا في تلك الدول،فنحن شعب واقع تحت الإحتلال،بحاجة الى أن تقف الى جانبنا كل الدول العربية والإقليمية،ويجب ان نعمل على نكون طرفاً جامعاً وموفقاً بين تلك الأطراف،لكي تشكل السند والداعم لنا.

أما اذا استمرينا في رهن اوراقنا ومصالحتنا الى قوى عربية او اقليمية، فلا اعتقد بأننا سنصل بقضيتنا ومشروعنا الوطني الى بر الأمان،حيث كل طرف يتدخل في شأننا الداخلي سيعكس وجهة نظرة ومصلحته قبل مصلحة الشعب الفلسطيني،وهذا لا يقربنا من المصالحة،بل يبعدنا عنها كثيراً،فالجميع بات يدرك بأن بقاء الحالة الفلسطينية ضعيفة ومنقسمة على ذاتها،ليس فقط تشجع العدو على اللعب على هذا الوتر والقول بغياب الشريك الفلسطيني،بل هذا يجعله "يتغول" و"يتوحش" على شعبنا وحقوقه المشروعة،ويكثف ويصعد ويزيد من حجم ووتائر استيطانه بشكل كبير جداً في القدس والضفة الغربية،لتصل الأمور حد السعي لضم الضفة الغربية الى دولة الكيان،وطرح المشاريع السياسية التي تعود بالضفة الغربية الى عهد روابط القرى البائدة ونظام "المخترة" من قبل وزير الدفاع الصهيوني المتطرف "ليبرمان" أو ما يسمى بسياسة "العصا والجزرة" والثواب والعقاب،وخلق أجسام فلسطينية محلية،يجري التفاوض معها كبديل عن السلطة الفلسطينية،وما نشهده اليوم من عمليات قتل واعدامات ميدانية بحق اطفالنا وشبابنا،في ظل حالة من الإنسداد للأفق السياسي،وعدم قدرتنا على رسم وبناء استراتيجية فلسطينية موحدة للمواجهة والتصدي لهذا الإنفلات والعربدة الصهيونية،سببه المباشر ضعفنا وإنقسامنا.

علينا ان نعي جيداً بأن التطورات العربية والإقليمية والدولية تسير بوتائر كبيرة جداً،وتوفر أي مناخات وإنفراج لحلول سياسية تقودها روسيا وامريكا في المنطقة،ستكون الساحة والقضية الفلسطينية جزء منها،ولذلك في ظل شرذمتنا وإنقسامنا،لن نكون قادرين على مواجهة ودحر أية مشاريع سياسية قد تشكل خطراً على قضيتنا وحقوقنا الوطنية وثوابتنا،وخصوصاً أننا نرى بان الحالة العربية "مندلقة" على التطبيع بشكل غير مسبوق مع دولة الإحتلال،وبالتالي قضيتنا لم تعد لا بوصلتها ولا جوهر اهتماماتها واولوياتها،ولذلك يجب ان نحصن انفسنا بوحدتنا وإنهاء إنقسامنا،لكي نمنع اختراق ساحتنا من أية مشاريع سياسية مشبوهة او حلول سياسة قد تفرض علينا،تفكك مشروعنا الوطني وتنهي قضيتنا وتقودنا نحو كارثة حقيقية.

الحلول لخلافاتنا وتحقيق المصالحة،لا يتم طبخها أو استولادها في العواصم العربية والإقليمية،وأي عاصمة عربية تقدم لنا العون والمساعدة على قاعدة مصلحتنا الفلسطينية اولاً،فنحن سنقدرها ونحترمها،ونرى بان ذلك ما يمليه الواجب الوطني والقومي عليها،اما ان تربط تلك المساعدة او العون باجندات ومصالح،وان نكون جزء من محاور وتكتلات،فهذا يحتم علينا ان  نبتعد عنها،فالضرر الواقع علينا سيكون أضعاف الفائدة المتحققة منها،والتجارب امامنا كثيرة ومؤلمة،تدخلاتنا في الشأن المصري والسوري وغيرها،تركت نتائج وخيمة على شعبنا ووجودنا.

ولسنا بحاجة لمبادرات للمصالحة من أي عاصمة عربية او إقليمية،بل إذا ما امتلكنا إرادتنا،فنحن قادرون على تحقيق المصالحة وإستعادة وحدتنا.

ان مات أدينا بندفنه وإن عاش أوربا تشربه/ الدكتور ماهر حبيب

بنفس منطق الحشيش فى فيلم العار.... إن كان حلال أدينا بنشربه وإن كان حرام أدينا بنحرقه تتعامل الحكومة المصرية وكل البلاد المجاورة لنا فى قضية الهجرة بالمراكب أو بالنط على الحدود بنفس المنطق حيث تكاتفوا على أوربا المسكينة التى وقعت فى إيدين ناس ما بترحمش فأردوغان ماسك البوابة الشرقية لأوربا يفتح الحنفية ويقفلها بمزاجه وشغال قبضاى زى القوادين بتوع بيوت الدعارة يا تدفع يا تنضرب وبياخد الأتاوة يورو وأسترلينى ودولارات وحسب الفاتورة يعدى مهاجرين أو يرجعهم من الحدود وكله بحسابه.

 أما البوابة الجنوبية لأوربا فتتحكم فيها حكومات مصر وبلاد المغرب العربى وهؤلاء تخرج منهم موجات المراكب تحمل كل ما تستطيع أن تحمله من مهاجرين وإرهابيين وتلك الدول سعيدة بتلك المراكب فمن ذهب بالمركب فى ستين داهية سواء عاش أو مات فإن مات أدينا بندفنه وإن عاش اهو غار عن وشنا ...وبالتالى ستشربه أوربا كأس سما باردا تتحمل مسئوليته تكسوه وتدفع نفقاته والأوربيين مثل الحمار الذى يحمل أسفارا يشرب المهاجر ولا يستطيع إعادته أو حتى تأهيله فيبقى بفكره ولما تشوفه بعد عشرات السنين تقول عنه كما كان الشاويش عطية يصرخ ..هو رجب هو بغباوته .
طبعا بعد كارثة المركب الذى غرق بمئات المهاجرين ستعمل حكومتنا ودن من طين وودن من عجين وقد تحبس صاحب المركب وقد يقوم عبعال بتمثيلية تنتهى بقرار من البرطمان بتشديد العقوبة على الهجرة غير الشرعية وستستمر المراكب تحت سمع وبصر حرس الحدود فإن عدى المركب وفات أهو مع ألف سلامة والقلب داعى لك وإن غرق أهو رزق السمك هما يعنى مغسلين وضامنين جنة.
أهم حاجة إنك تعمل المصيبة وبعدين تعمل نفسك من بنها وأهو مركب تموت ولا حد يفوت وما توجعوش دماغ حكومتنا بقى خلى العدد يقل وإللى عاوز يغرق يغرق وإللى عاوز يطفش يطفش هى كانت خلفتكم ونسيتكم وخلينا عايشين فى فيلم العار ونصرخ ونقول إن مات أدينا بندفنه وإن عاش أوربا بتشربه