قبل أسابيع، اطل علينا بمجموعة قصصية تحت عنوان " دخان البنفسج "، وهي محموعة قصصية صدرت عن دار الجنان للطباعة والنشر في العاصمة الاردنية عمان ،مكونة من عشرون قصة قصيرة جاءت في كتاب من مئة وخمس وثلاثون صفحة من القطع المتوسط.غلفت بلوحة فنية للفنان التشكيلي محمد الشريف هيمن عليها اللون الازرق الغامق الغارق باللون الاسود والدال على التراجيديا الحزينة والضعف، والشعور بالحرية والكرامة والإرتبط بالخيال الواسع والذي يتقاطع مع مع اسم المجموعة الذي هو اسم لقصة إجتماعية جاءت في الترتيب الخامس بين القصص، ليسقط اللون الخارجي للغلاف على لون الخيال وعمق التفكير ورفاهية الإحساس ورقة العاطفة.وفي رؤيتك للوحة تجد طيوا بيضاء تخرج من عمق العتمة رمز من خلالها الفنان محمد الشريف للأمل والأحلام والأماني ورحلة بحث عن الأرواح النقية عن مكان الطهر والأمن والسلام، اما الشمس البارزة في عمق الصورة،فقد أضافت لمسة خاصة من الغموض وزاد اللوحة سحراً من الإبداع.
المدخلات
تتكون الصفحات الأولى من المجموعة من إهداء ،يليه تقييم وتقديم فخم يليق بهذه المجموعة وقعه الفلسطيني الدكتور عمر عتيق، يليع تقدم ثان هذه المرة بقلم العربيّ المغربيّ المهندس والاديب رفعت خالد، تبعه تعريف بالكاتب، ثم تاتي العشرون قصة وقد رتبت على نحو مواضيعها ومناحيها، فهي تسع قصص إجتماعية فلسطينية وعربية وأحدى عشر قصة في النضال والكفاح الفلسطيني وترتيبها جاء كما يلي: عيون الفقراء، أسامة وحناء العيد، حقي فيك يا أبي، قيدوه بهدوء، دخان البنفسج، إستحضار الصورة، في ظل التكبيرات، إياد وكلمات الشيخ، المكافأة، إياد والرحلة المؤجلة، الدوامة، يا أبت هذا يوسف، باقة ورد، بين قطرتين، قاضي الملاعب، كواشين العودة، زغرودة أم علي، دمعة بالهيل، شجاع، وصال.
الخصال الفنية
أما حجم الكتاب: ١٣٥ صفحة من القطع المتوسط، وقد صمم الكتاب وراجعه: المهندس رفعت خالد ،وقد صدرت المجموعة في طبعتها الأولى في سنة ٢٠٢٠ عن دار الجنان في العاصمة الأردنية عمان. وقصص المجموعة تتصف بالتماسك في قوامها من حيث البناء المحكم، والعبارة المقصودة، والصفة المتعمدة، والحبكة المنطقية التي تتصاعد لتصل إلى النهايات فلا تقفز على الأحداث أو الشخصيات، كما لم يسهب الكاتب في الوصف الممل والذي عصم القصص من الترهل،وقد كان نفس الكاتب هادئاً وسلساً من حيث الاستعمال اللغوي وبلاغة الوصف، وإتفاق نسق العبارات في السياق هذا ما منح نماذجه القصصية قدرة على تحقيق التواصل السهل مع المتلقي.
ونظراً لثراء هذه النصوص فهي مفتوحة على قراءات كثيرة يمكن أن تكون لغوية أو اجتماعية أو سياسية أو نفسية، كما أنها استطاعت أن تؤصل لأدب المقاومة حيث عكس فيها الكاتب حقباً زمنية مختلفة من الصراع الفلسطيني ضد المحتل.فالقصة القصيرة كسائر أجناس الأدب تحاول علاوة على الإمتاع تمرير تطلعات الكاتب وتأملاته وتخليد ذاكرته المليئة بالأحداث.
الخاتمة
يقول الكاتب فياض، أن مجموعته هذه هي حصاد عشرون عاما من الكتابة القصصية التي تأثرت بعدة محطات إجتماعية ونضالية من تاريح مجتمعنا الفلسطيني، وان هذه المجموعة التي خرجت إلى النور آخيرا، وهذا ما جعل هذه القصص تخرج على نار هادئة لتأخذ حقها في التعبير العميق عن احداثاها ومراميها، ولتعطي العبرة منها، ويضيف فياض،أن الكاتب مؤرخ، يشارك التاريخ في توقيق الاحداث، ولكن التريخ ينقل الصورة بحالها، أما الكاتب فإنه ينقل صورة الحدث بأحاسيسه وعواطفه وتجلياته.
هذا الكلام للكاتب فياض يجعلنا أكثر طمأنينة عندما يقرأ ابناؤنا وأحفادنا تاريخينا بلغتين لغة التتريخ ولغة الأدب، لغة صماء جامدة تسرد الاحداث ولغة إحساس ومشاعر كأنها مادة تحنيط إن جاز التعبير، تسمح لبقاء الاحساس وتحافظ على شكله ومحتواه حتى للازمان القادمة، وهذه بحد ذاتها فلسفة وجدانية نكتشفها في حبر القلم
0 comments:
إرسال تعليق