جسرٌ للبحرِ/ د. عدنان الظاهر

1ـ ( قبلَ عبورِ الجسرِ )
إمسكْ رأسَكَ بين القضبانِ
جَهِّزْ فحمَ الروحِ وقودا
البردُ القادمُ لا يرحمُ للهاربِ عَظْما
إيّاكَ وبردَ الجُدرانِ الخُرسِ
الريحُ حواسمُ شنعاءُ
تقلعُ في بغدادَ قِلاعاً
لعروشِ الجنِّ وأبراجِ حصونِ " الخضراءِ "
واهاً بغدادُ وآهاتٍ فوق جسورِ المنفى قَسْرا
كَسْرٌ في السدِّ يلوحُ قريبا
يطغى الطوفانُ فتصرخُ بغدادُ ويصرحُ مّنْ فيها
لا " فُلْكٌ " ينفعُ لا " نوحُ "
موجٌ يعلو أمواجاً صخّابُ
يفترشُ الساحلَ رَمْلا
يحملُ أجسادَ الغرقى
يقلعُ مكسورَ الصاري
ما جدوى أنْ تبقى
أعلامٌ فوقَ الصاري حالتْ لونا
الموجةُ قًرصانٌ عاتٍ
يفترسُ الأحياءَ ويلفظُ أجسادَ الغرقى.
 

2 ـ عابرُ الجسر
لا يتوانى
لا يأبهُ كيفَ يكونُ عبورُ الجسرِ
لا يخشى أنْ يهوي مكسورَ الظهرِ
لا يتقهقرُ لا ينأى
يتجّنبُ تأخيرَ سَدادِ النِذرِ
يوقدُ في عينِ الحوتِ الفتّاكِ شموعا
قنديلاً قنديلا
لِتُنيرَ البحرَ ويغدو البحرُ طريقاً ميسورا
يُحصي أعدادَ الغرقى
لا يُخفي سِرّا
الظاهرُ منها في الباطنِ مؤودا
جرّبْ حظكَ في هذا الطابورِ
جرّبْ أنْ تعبرَ جسراً ليلا
هل يُفصِحُ عمّا أخفى من قتلى ؟
طفلٌ يطفو جسداً بضّا
آخرُ يغرقُ بحثاً عن أرضٍ آُخرى
بَشرٌ يتمدّدُ مقتولاً منفوخا
يلتفُّ بأعلامٍ لا يدري كمْ لوناً أو نجماً فيها
الموتُ زؤامُ
الموتُ مُقامُ !

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق