المعروف انه بعد اتفاق الطائف وتعديل الدستور اللبناني ان الرئيس لا يملك تلك الصلاحيات المطلقة التي كانت قبل الطائف والتي تحول معظمها الى رئيس الوزراء ومجلس مجلس الوزراء.
ما هي الموجبات التي سرعت في ملء الفراغ الرئاسي في لبنان بعد أكثر من سنتين وشهرين، ولماذا لم تمارس القوى الخارجية تلك الضغوط في وقت سابق.
منذ "طوفان الأقصى" (2/10/2023) شهدت المنطقة تغييرات جيوسياسية كان آخرها
انهيار النظام السوري وقد سبقه استشهاد قائد المقاومة السيد حسن نصرالله والعدوان الاسرائيلي على لبنان.
بعد هذه التطورات أصبح من الملح لدى القوى الدولية وعلى راسها الولايات المتحدة والقوى الاقليمية التي تدور في فلكها ملء الفراغ الرئاسي في لبنان بتعديل الدستور او بدون تعديل أو بفذلكة قانونية، او سمها ما شئت، اذا اردت ان تمارس الطقية السياسية او تعيين او فرض او امر اذا ما اردت ان تستثنى من جنة الحكم وتكون من المغضوب عليهم ولا الضالين من أجل الحفاظ على الدستور.
طبعاً، للولايات المتحدة أسبابها واهمها تثبيت الانجازات التي حققتها وعليه يجب أيجاد الآلية التي تنظم وتسير الاموربما يناسب المصالح الأميركية ومصالح حلفاءها.
لبنان يقع في قلب خط الزلازل السياسي في المنطقة فكان من الضروري من وجهة نظر الاميركي إعادة بناء المؤسسات الدستورية والإدارية ابتداءاً من رئاسة الجمهورية والسبب الرئيس والوجيه ان التوقيع على المعاهدات الخارجية والاتفاقيات الدولية والتي ستطل براسها من ترسيم الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة والشرقية والشمالية والبحرية مع سوريا وقبرص بالاضافة الى مسالة تنفيذ القرار 1701 وتنظيم العلاقة مع الأمم المتحدة وقواتها العاملة في الجنوب وتلك المعاهدات والاتفاقيات بحاجة لتوقيع الرئيس حتى تصبح سارية المفعول.
وان ننسى، لن ننسى اتفاقيات استخراج النفط والغاز اللبناني والذي وضعت في طريق استخراجه الكثير من العوائق الخارجية والاميريكية خصوصاً والذي من اجله خيضت وتخاض كل الحروب في المنطقة وعلى شعوبها للأستواحذ عليها والتحكم بعملية بيعها وتصديرها لأسباب استراتيجية منها عزل روسيا والتضييق على الصين وإيران والامساك باوروبا.
وعلى المستوى الداخلي هناك حاجة لتشكيل حكومة أصيلة تتولى تسيير شؤون البلاد واعادة انتظام عمل المؤسسات على اعتبار ان الرئيس لا يحكم ويلعب دور حامي الدستور وهذا ما يتطلب:
اولاً، ان يكتمل العقد بتسمية رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة حتى تكتمل المقومات الدستورية للعهد الجديد من رئاسة وحكومة ومجلس وزاري حتى يتم ملء الشواغر في المراكز الإدارية والمالية والقضائية والعسكرية والأمنية لتأمين الانطلاقة بموظفين اصيلين بعيدا عن التكليف المؤقت او بالنيابة المعمول به على سبيل المثال لا الحصر في مصرف لبنان والامن العام وقيادة الجيش التي شغرت بعد انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية في 9/1/2025.
قد يقول قائل، وما هي الضمانات بأننا لن نذهب إلى أزمة تشكيل حكومية كالتي حصلت في مرات سابقة بعد تكليف الرئيس تمام سلام او الرئيس سعد الحريري او الرئيس حسان ذياب او الرئيس نجيب ميقاتي والتي امتدت لعدة شهور.
على ما أعتقد أن التكليف وتسمية الرئيس سيتم بسرعة رغم كثرة الأسماء المطروحة ومحاولة البعض ممارسة لعبة التسميات والتسميات المضادة والتي بدأت تطل براسها في محاولة من بعض الافرقاء لحجز مناصب في التشكيلة الحكومية القادمة.
اما التشكيلة الحكومية فسوف ترى النور وبسرعة ولنفس الأسباب التي انهت الفراغ الرئاسي، لان وقت قوى الوصاية الخارجية لا يملك ترف الانتظار وغنج اللبنانيين او مسرحياتهم والتهريج الاعلامي الذي سبق انتخاب رئيس الجمهورية.
لقد رأينا كيف "بنشرت" سيادة السياديين تحت ضغط الخارج واوامره عندما وصلت كلمة السر الرئاسية وقضى الله امر كان مفعولا، وهذا ما سيحصل بخصوص التشكيلة الحكومية والتي ربما تكون جاهزة خصوصا اذا ما عمل بالاتفاق والضمانات التي قدمت للثنائي الشيعي لانتخاب عون بعد الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة والتي حصل فيها على 71 صوتاً والتي كما قيل ان المالية سوف تعطى للثنائي بالاضافة الى غيرها من الضمانات.
إذن، قد يكون هناك نوع من الشد والجذب بين القوى الأخرى على ما يسمى الوزارات السيادية او الوزارات الدسمة او ما تعارف عليه في عهد الرئيس ميشال عون حصة الرئيس وقبله في عهد الرئيس اميل لحود وميشال سليمان، وهل سيعمل بهذا مجددا ويكون للرئيس جوزيف عون حصة وزارية، ولكن ذلك لن يكون عائقاً جدياً.
وتبقى العبرة بالخواتيم، خصوصاً ونحن على عتبة مرحلة جديدة بكل أبعادها السياسية والجغرافية والديمغرافية مع تلاشي واضمحلال دول سايكس بيكو حيث بدأت الحدود الجديدة ومناطق النفوذ تظهر وتتشكل.
لكن يبقى السؤال كيف سيكون شكل المنطقة الجديد والنهائي ومنها لبنان، وهل هو قدر محتوم؟
لننتظر ونرى
0 comments:
إرسال تعليق