تولى أفيغودور ليبرمان وزارة الحرب الإسرائيلية، وباشر أعماله فيها، وبدأ في تعيين طاقم مكتبه الخاص، وتسمية مستشاريه المقربين، ممن يوصفون بأنهم الأشد تطرفاً والأكثر عنفاً في جيش العدو، وهم مجموعة من الضباط المتقاعدين، الذين يمثلون جميع القطاعات العسكرية الإسرائيلية، وقد صدرت الأوامر بتعيينهم بسرعة، ومباشرة أعمالهم فوراً، ليعوضوا الجهالة وقلة الخبرة لدى أفيغودور ليبرمان المجرد من الخبرة العسكرية، والخالي من النياشين والتنويهات وشهادات التقدير العسكرية، والذي لا تذكره الأكاديميات ولا تحفظ سجلات الجيش اسمه، ولا يشهد له ضباطه بالخبرة أو الأقدمية، ولهذا جاءت التعيينات العسكرية الجديدة لطاقم مكتبه لتستر عورته، وتعوضه عن جهالته العسكرية والأمنية.
لم تمض ساعات على دخوله مكتبه في وزارة الحرب ومباشرته لمهامه، حتى أصدر أمراً بإعادة تشكيل قيادة الجبهة الجنوبية التي تشمل قطاع غزة، حيث قام بتعيين العميد أمير أبو العافية قائداً لوحدة الفولاذ في الجبهة الجنوبية، التي ينطوي تحتها لواء جفعاتي ولواء الناحل وتشكيلة النار، وتشكيلة رام، وكلها من قوات النخبة العسكرية، علماً أن العميد أمير أبو العافية ينتمي إلى الطائفة الدرزية التي يخدم عددٌ كبيرٌ من أبنائها في جيش العدو الإسرائيلي، وهو من المشهود لهم بالولاء والقوة والخبرة والرغبة في ترك بصمةٍ وإثبات الذات، ولكن تعيينه في هذا المنصب لم يكن بناءً على رغبة ليبرمان، وإن كان تعيينه يتوافق مع أهوائه وأفكاره، وإنما تمت بموجب توصية قيادة أركان جيش العدو، الذي يبدو أن رئيسها وضباطه الكبار لا يرغبون في إطلاق يد ليبرمان في الجيش.
أدرك ليبرمان الذي كان يسخن ويحمي، ويرغي ويزبد ويهدد قبل دخوله وزارة الحرب، أن الظروف داخلها تختلف كلياً عما كان يتوقعه أو يتخيله، وأن الواقع على الأرض غير ذلك الذي يرسمه في الفضاء وعبر وسائل الإعلام، وأن الشعارات السياسية لا تتحول بسهولةٍ إلى خططٍ وبرامج عسكرية، إذ كان يتخيل أنه سيدخل إلى الوزارة فارساً لا يشق له غبار، ووزيراً لا يرد له طلب، ولا يناقش له أمر، بل يأمر فيطاع، ويوجه فيستجيب الجميع له، وأنه لن يكون هناك من يملي عليه أو يعارض توجهاته، أو ينتقد سلوكياته وتصريحاته، بل سيخضع له الضباط الكبار والصغار، وسيمتثلون لأوامره.
لم يستطع ليبرمان أن يخفي جهالته العسكرية، أو أن يزين ضحالته الأمنية، إذ أدرك بسرعةٍ أن البدلة المدنية التي يلبسها لا تشبه في شئٍ الزي العسكري، وأن للثانية أثرٌ وانعكاسٌ على من يلبسها ولو كان جندياً، بينما الأولى التي تخدع وتخفي تحتها عوراتٍ لا تمنحه القيمة والقدر وإن ادعى ذلك أو حاول إيهام الآخرين بامتلاكها، إلا أنه لم يكن يتوقع أن الانقلاب في المواقف سيكون سريعاً، وأن التراجع عن الوعود سيكون لافتاً، وأن حجم الشماتة ودرجة التشفي فيه من قبل خصومه ستكون سريعة وقاسية.
إذ نقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة أقوالاً له تثبت تراجعه عن تهديداته، وتبرز مسؤوليته العقلانية التي لم يكن يدركها، والتي بدا قبل الوزارة أنه يقامر بها، أو لا يلتفت إليها كثيراً، فقد نقلت عنه قوله "أنه في حال تصادم قيم وحدة الشعب ووحدة الأرض، فإن وحدة الشعب ستكون الأهم".
اعتبر العديد من المراقبين أن هذا التصريح يعتبر نقلة نوعية في عقلية ليبرمان، وأن هذه المفاهيم الجديدة عليه هي نتاج حواراته ومشاوراته مع كبار ضباط جيشه، الذين يشعرون أنهم أوصياء عليه، ويملون عليه ما يجب أن يقوله وما ينبغي القيام به، وربما أنه وجد نفسه مضطراً أن يقدم لهيئة أركان جيشه عربون عقلانية وبراهين مسؤولية، ليتراجعوا عن الحجر عليه، والوصاية على صلاحياته، وليمنحوه بعض الثقة في منصبه الذي بدا عليه فضفاضاً واسعاً، وأكبر من قدراته وخبراته.
ونقلت عنه الإذاعة نفسها قوله "إن إسرائيل قادرة على خوض حروبٍ لا مناص منها، وعليها الانتصار فيها، لكننا نحن في غنىً عن حروب استنزافٍ مستمرة"، وفي هذا تراجع واضحٌ عن سلسلة تهديداته بضرب المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وتفكيك خلاياها العسكرية والأمنية في الضفة الغربية، وتلقين حزب الله في لبنان الدرس الأخير، الذي سيكون مقعداً له وللبنان كله، وكان ليبرمان قبل توليه منصبه الجديد قد أصدر عدداً من التصريحات الخطيرة التي تتناول قادة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وهدد أنه سيقوم بتصفيتها خلال مدة أربعٍ وعشرين ساعة في حال لم يستجيبوا للشروط والمطالب الإسرائيلية، التي سيكون من أهمها تسليم من لديهم من الأسرى الإسرائيليين، وقد هدد السياسيين والعسكريين، وأطلق جام تهديداته وكأنه لن يواجه مقاومة ولن يلق رجالاً تصده، ولا شعباً يرده.
يقول الكثير من المراقبين العسكريين والمهتمين بالشأن الإسرائيلي من الإسرائيليين أنفسهم ومن غيرهم من المعنيين والمتابعين، أن أفيغدور ليبرمان سيلقى مصير وزير الحرب الأسبق عامير بيرتس، الذي أصبح أضحوكة العسكريين، وشماعة الفاشلين، الذين ألقوا عليه فشلهم، وحملوه مسؤولية عجزهم، وساعدهم على ذلك أنه كان مهيأً بجهالته وقلة خبرته لتحمل كل هذه المسؤوليات، وقد حكم على نفسه بعد منصبه بالانتحار السياسي، إذ تنحى بعده عن الحياة العامة، وابتعد عن السياسة والمسؤولية، وانزوى يقلم أظافره ويعض أصابعه ندماً على ما فرط وضيع، وعلى ما خسر وفوت.
أما الفلسطينيون فلا يعيرون ليبرمان اهتماماً، ولا يظنون أنه سيحمل معه لهم شراً أكبر مما حمله السابقون، الذين رحلوا وقد اهترأت أحذيتهم وتغبرت، وتمزقت ثيابهم وتبعثرت، وسقطت نياشينهم وما نفعت، واخترق الرصاص خوذاتهم وشاب من تحتها خوفاً وفزعاً شعر رؤوسهم، وقد قتل جنودهم ويأسوا، وخافوا العودة وجبنوا، وغرق قادة أركانهم وساخت في رمال غزة أقدامهم، ونطح أقرانهم في جبال الضفة رؤوسهم، وما أجدت خبرتهم، ولا نفعت مشورتهم، ولا ساعدت على الانتصار تعييناتهم، فسيعلم ليبرمان أن العطار آيزنكوت لن يصلح عجزه، ولن ينتشله من ورطته، ولن ينقذه من وحله، وسيرحل كما رحل من قبله السابقون، الفاشلون الإرهابيون المجرمون القتلة، وسيبقى الفلسطينيون من بعده أقوى وأصلب، وإلى النصر أقرب.
لم تمض ساعات على دخوله مكتبه في وزارة الحرب ومباشرته لمهامه، حتى أصدر أمراً بإعادة تشكيل قيادة الجبهة الجنوبية التي تشمل قطاع غزة، حيث قام بتعيين العميد أمير أبو العافية قائداً لوحدة الفولاذ في الجبهة الجنوبية، التي ينطوي تحتها لواء جفعاتي ولواء الناحل وتشكيلة النار، وتشكيلة رام، وكلها من قوات النخبة العسكرية، علماً أن العميد أمير أبو العافية ينتمي إلى الطائفة الدرزية التي يخدم عددٌ كبيرٌ من أبنائها في جيش العدو الإسرائيلي، وهو من المشهود لهم بالولاء والقوة والخبرة والرغبة في ترك بصمةٍ وإثبات الذات، ولكن تعيينه في هذا المنصب لم يكن بناءً على رغبة ليبرمان، وإن كان تعيينه يتوافق مع أهوائه وأفكاره، وإنما تمت بموجب توصية قيادة أركان جيش العدو، الذي يبدو أن رئيسها وضباطه الكبار لا يرغبون في إطلاق يد ليبرمان في الجيش.
أدرك ليبرمان الذي كان يسخن ويحمي، ويرغي ويزبد ويهدد قبل دخوله وزارة الحرب، أن الظروف داخلها تختلف كلياً عما كان يتوقعه أو يتخيله، وأن الواقع على الأرض غير ذلك الذي يرسمه في الفضاء وعبر وسائل الإعلام، وأن الشعارات السياسية لا تتحول بسهولةٍ إلى خططٍ وبرامج عسكرية، إذ كان يتخيل أنه سيدخل إلى الوزارة فارساً لا يشق له غبار، ووزيراً لا يرد له طلب، ولا يناقش له أمر، بل يأمر فيطاع، ويوجه فيستجيب الجميع له، وأنه لن يكون هناك من يملي عليه أو يعارض توجهاته، أو ينتقد سلوكياته وتصريحاته، بل سيخضع له الضباط الكبار والصغار، وسيمتثلون لأوامره.
لم يستطع ليبرمان أن يخفي جهالته العسكرية، أو أن يزين ضحالته الأمنية، إذ أدرك بسرعةٍ أن البدلة المدنية التي يلبسها لا تشبه في شئٍ الزي العسكري، وأن للثانية أثرٌ وانعكاسٌ على من يلبسها ولو كان جندياً، بينما الأولى التي تخدع وتخفي تحتها عوراتٍ لا تمنحه القيمة والقدر وإن ادعى ذلك أو حاول إيهام الآخرين بامتلاكها، إلا أنه لم يكن يتوقع أن الانقلاب في المواقف سيكون سريعاً، وأن التراجع عن الوعود سيكون لافتاً، وأن حجم الشماتة ودرجة التشفي فيه من قبل خصومه ستكون سريعة وقاسية.
إذ نقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة أقوالاً له تثبت تراجعه عن تهديداته، وتبرز مسؤوليته العقلانية التي لم يكن يدركها، والتي بدا قبل الوزارة أنه يقامر بها، أو لا يلتفت إليها كثيراً، فقد نقلت عنه قوله "أنه في حال تصادم قيم وحدة الشعب ووحدة الأرض، فإن وحدة الشعب ستكون الأهم".
اعتبر العديد من المراقبين أن هذا التصريح يعتبر نقلة نوعية في عقلية ليبرمان، وأن هذه المفاهيم الجديدة عليه هي نتاج حواراته ومشاوراته مع كبار ضباط جيشه، الذين يشعرون أنهم أوصياء عليه، ويملون عليه ما يجب أن يقوله وما ينبغي القيام به، وربما أنه وجد نفسه مضطراً أن يقدم لهيئة أركان جيشه عربون عقلانية وبراهين مسؤولية، ليتراجعوا عن الحجر عليه، والوصاية على صلاحياته، وليمنحوه بعض الثقة في منصبه الذي بدا عليه فضفاضاً واسعاً، وأكبر من قدراته وخبراته.
ونقلت عنه الإذاعة نفسها قوله "إن إسرائيل قادرة على خوض حروبٍ لا مناص منها، وعليها الانتصار فيها، لكننا نحن في غنىً عن حروب استنزافٍ مستمرة"، وفي هذا تراجع واضحٌ عن سلسلة تهديداته بضرب المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وتفكيك خلاياها العسكرية والأمنية في الضفة الغربية، وتلقين حزب الله في لبنان الدرس الأخير، الذي سيكون مقعداً له وللبنان كله، وكان ليبرمان قبل توليه منصبه الجديد قد أصدر عدداً من التصريحات الخطيرة التي تتناول قادة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وهدد أنه سيقوم بتصفيتها خلال مدة أربعٍ وعشرين ساعة في حال لم يستجيبوا للشروط والمطالب الإسرائيلية، التي سيكون من أهمها تسليم من لديهم من الأسرى الإسرائيليين، وقد هدد السياسيين والعسكريين، وأطلق جام تهديداته وكأنه لن يواجه مقاومة ولن يلق رجالاً تصده، ولا شعباً يرده.
يقول الكثير من المراقبين العسكريين والمهتمين بالشأن الإسرائيلي من الإسرائيليين أنفسهم ومن غيرهم من المعنيين والمتابعين، أن أفيغدور ليبرمان سيلقى مصير وزير الحرب الأسبق عامير بيرتس، الذي أصبح أضحوكة العسكريين، وشماعة الفاشلين، الذين ألقوا عليه فشلهم، وحملوه مسؤولية عجزهم، وساعدهم على ذلك أنه كان مهيأً بجهالته وقلة خبرته لتحمل كل هذه المسؤوليات، وقد حكم على نفسه بعد منصبه بالانتحار السياسي، إذ تنحى بعده عن الحياة العامة، وابتعد عن السياسة والمسؤولية، وانزوى يقلم أظافره ويعض أصابعه ندماً على ما فرط وضيع، وعلى ما خسر وفوت.
أما الفلسطينيون فلا يعيرون ليبرمان اهتماماً، ولا يظنون أنه سيحمل معه لهم شراً أكبر مما حمله السابقون، الذين رحلوا وقد اهترأت أحذيتهم وتغبرت، وتمزقت ثيابهم وتبعثرت، وسقطت نياشينهم وما نفعت، واخترق الرصاص خوذاتهم وشاب من تحتها خوفاً وفزعاً شعر رؤوسهم، وقد قتل جنودهم ويأسوا، وخافوا العودة وجبنوا، وغرق قادة أركانهم وساخت في رمال غزة أقدامهم، ونطح أقرانهم في جبال الضفة رؤوسهم، وما أجدت خبرتهم، ولا نفعت مشورتهم، ولا ساعدت على الانتصار تعييناتهم، فسيعلم ليبرمان أن العطار آيزنكوت لن يصلح عجزه، ولن ينتشله من ورطته، ولن ينقذه من وحله، وسيرحل كما رحل من قبله السابقون، الفاشلون الإرهابيون المجرمون القتلة، وسيبقى الفلسطينيون من بعده أقوى وأصلب، وإلى النصر أقرب.
0 comments:
إرسال تعليق