هل كان في تقدير ممثلي 50 دولة عندما صاغوا ميثاق عمل منظمة الأمم المتحدة في يونيو 1945في سان فرانسيسكو / كاليفورنيا، في الولايات المتحدة الأمريكية ، أن تسيء احدى الدول " العظمى" دائمة العضوية في مجلس الأمن صلاحية استخدام حق الاعتراض " الفيتو" على قرارات مجلس الأمن فتجهر بعداءها للمجتمع الدولي وتعلن رفضها لإرادته في تحقيق الأمن والسلم والاستقرار ؟؟
لقد صوتت 143 دولة يوم الجمعة 10 مايو الجاري بالجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة على مشروع قرار يمهد لمنح فلسطين العضوية الكاملة بالمنظمة ، والمنتظر أن تجري إحالة مشروع القرار إلى مجلس الأمن ، والمنتظر أيضا أن تعترض أمريكا عليه مثلما دأبت على ذلك منذ عشرات السنين ، فكانت أمريكا بحق صادقة في دعم دولة الاحتلال ظالمة أو مظلومة .
لقد تم من قبل اجهاض العشرات من مشاريع القرارات الأممية التي كانت أبعادها في حقيقة مضمونها حافظة للسلم والأمن الدوليين ، ولكن لم تكن في تقدير من بيده الفيتو تخدم مصالح البعض ممن أخذوا ما هو ليس حقا لهم من يد من لا يملكونه، كانت مشاريع قرارات ترأب بعض الصدع الدولي وتواري ما لحق بالمنظمة من العار الدولي إذ لم تعد منظمة لنصرة حق الشعوب في الحرية والسلام، والمصيبة ليست هنا ولكن في أن هذا الفيتو بات " حق أبدي " في يد من لا يرى في الكون من يستحق العيش غيره ، وفي أن لا سبيل للخلاص من شره.
الحديث الدائر حول حتمية إصلاح النظام الداخلي لمنظمة الأمم المتحدة يقتضي التفكير في معالجة هذه المعضلة ، وفي تقديري الخاص أن أمر التخلص نهائيا منه سيكون مرغوبا فيه من غالبية الدول الأعضاء بالمنظمة ، ولكنه سيواجه مقاومة شديدة قد تؤدي إلى انهيار المنظمة وزوالها ، وقد يكون من المفيد في حالة استحالة إلغائه ، أن تجري معالجة توفيقية من خلال الإبقاء عليه مع تحديد مرات استعماله بمرتين اثنتين فقط في العام الواحد لكل دولة من الدول الخمسة دائمي العضوية ، والإبقاء بالطبع على التصويت مع الأخذ بالأغلبية .
من شأن هذا التحديد تخفيف حدة العداء لإرادة المجتمع الدولي ، وعدم إهدار الجهد الدبلوماسي والوقت وتكاليف نفقات السفر والإقامة وبدلات التمثيل ... الخ . إن تطور الفكر الإنساني ورقي القيم يأبى أن تجتهد الدول الأعضاء في صياغة مواقفها على خلفية تجسيد اهتمامها بالقضايا الدولية العادلة ثم تفاجأ بتبخر كل هذا بمجرد أن تعترض في كل مرة دولة واحدة فقط من الدول دائمي العضوية. لابد من تحديد مرات الاعتراض سنويا، لأنه ليس ديمقراطيا، ولا يعكس الالتزام بالعمل على سيادة القانون الدولي العام والإنساني، لابد من مواجهة الأمر بموقف واحد، موحد للقضاء على لعنة الفيتو الأبدية .
0 comments:
إرسال تعليق