جُمعةُ الأحزانِ/ جورج عازار



ديكٌ يصيحُ ولا يَمَلُّ

وصخرةٌ تنكُرُ قُدوسَ المَطرِ

وأثمانُ دمٍ 

ثَلاثينَ من فِضَّةٍ

على المَفارقِ تَنتَثِرُ

في داخلِه ثُعبانٌ يَجولُ

والنَّفسُ بالشَّرِّ تأتَمِرُ

بالأمسِ معي كانوا

وللمُعجِزات صَفَّقوا

واليوم وِزر مالم أفعل حمَّلوني 

ولِحُكمِ إعدامي هلَّلوا 

وذاك الَّذي بالأمسِ تقاسمَ جَسدي

وشرِب من دَمي كؤوساً مُترَعةً

عند طُلوعِ الفَجرِ

إلى قيافا سَلَّمَني

"من يأكلُ معي الخُبزَ 

رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ "

عَجباً يَنكُرُني الصَّديقُ

وقاطِعُ طَريقٍ يُصدِّقُني 

كَأنَّي ما مشيتُ على الماءِ

وما شفيتُ مَرضَاهُم 

ولا أحييت مَوتَاهُم

ولا عُميانُهم أبصَروا

ببضعةِ دُريهماتٍ إلى الجَلَّادِ باعوني

ووسطَ أثَمَةٍ أَحْصَوني

ولي تُهماً من كُلِّ الألوانِ لَفَّقوا 

"نفسي حَزينةٌ حتَّى المَوتِ"

"أهكذا ما قَدِرتُم أن تَسهروا معي ساعةً واحدةً ؟"

بالأمسِ أطعمتُهم خبزاً وسمكاً

واليوم هتفوا: اصلبوه اصلبوه

"من مِنكُم يُبَكِتُني على خطيئةٍ؟"

غَسلتُ أرجُلَهم

وصرتُ خادمَهُم

فأحكموا الوِثَاقَ حول عُنُقي

أنا النُّورُ وصَوتُ الحَقِ

لكِنَّهم أبداً ما عَرَفوني

وفي يومِ جُمعةٍ على خَشبةٍ رَفَعوني

"اقتسموا ثيابي فيما بينهم 

وعلى لِباسي ألقوا قُرعةً "

أوصيتُهم أحبُّوا بعضَكُم

فأتقنوا الكُرهَ والحِقدَ اِمتهنوا

استباحوا مَقابرَ الأَجدادِ

وملايين المرَّات جسدي صلبوا

نشروا نيرانَهم

فوق رقابِ الأطفالِ

وبعثروا كّلَّ السَّلامِ الَّذي لَهُم تَركتُ

وسَقوا شَجرةَ الزَّيتونِ

ما تبقَّى مِن دَمي

طلبتُ منهم ألا يكنزوا 

على الأرضِ مَالاً

فامتلكوا مَصارفَ

تكفي لِخزنِ كُلِّ أحزاني

وزادوا في جِراحاتي

وبي نَكَّلوا

غداً حين أعودُ 

ماذا تريدون أن تكونوا

شُركاء نِعمةٍ

أَم مُستَحقي نِّقمَةٍ؟

ما أردتم سِوى ذَهباً ومَالاً 

وأنا لا ذهباً أقتني

ولا مَالاً أمتلِكُ

لأنَّ مملَكتي 

ما كانت يوماً من هذا العَالمِ

«أنتُم مِلحُ الأرضِ

وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ

 فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟

***


 ستوكهولم السويد

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق