توقفت جموع السيارات والحافلات قرب الإشارة الضوئية. رحت أتفرج كعادتي على المارة في الجهة الأخرى. خليط من النساء والرجال والأطفال يمشون بخطوات قلقة. هي فوضى المدينة وسرعة الوقت لا ترحم أحدا. عاد القابض يسأل عن ثمن الحافلة. تحسست جيبي فوجدت بعد الدنانير. دسست ثمن التذكرة في راح كفي. وبعد وصوله ناولته ما يستحق. استوقفتني منبهات السيارات لحظة تغير لون الإشارة إلى الأخضر.
تزاحم الناس للنزول من الحافلات يفاجئني يوميا. لا أدري كم استغرقت من الوقت للوصول إلى الجامعة. أعترف أننا في الجزائر لا نعرف أهمية الوقت كغيرنا من الأجانب. ألقيت نظرة سريعة على ساعة يدي. أيعقل؟! تأخرت نصف ساعة عن المحاضرة الأولى. تنهدت وقد غمرني شعور بالاكتئاب لأنني لن أتمكن من الدخول. أستاذي صارم في مواعيد إلقاء المحاضرات. أسرعت إلى المكتبة فوجدت ضجيجا لا يحتمل وسط قاعة المطالعة. هناك لا يمكن التركيز في القراءة أو الكتابة. علي أن أبحث عن جملة من الكتب والقواميس حتى أستطيع إعداد مذكرة الماستر. صحيح هي آخر سنة لي في كلية الآداب واللغات. أحيانا أعجب للسنوات كيف تمضي. أتذكر أول تسجيل لي في الليسانس قمت به منذ أربع سنوات في نفس المكان.
عاد ضجيج الطلبة يسحبني من ثنايا دهاليز الذاكرة. أسرعت الخطى مرة أخرى ووضعت بطاقة القارئ على الطاولة. دخلت المكتبة ملقيا تحية السلام. جلست على الكرسي. فتحت ملف الكمبيوتر وكتبت كلمة مفتاحية. واجهتني على الشاشة قائمة معتبرة من عناوين لكتب تتعلق بعنوان البحث. أمسكت ورقة صغيرة ودونت جملة من الأرقام المفتاحية. توجهت نحو رفوف المكتبة باحثا عنها. وجدتها رفوفا محشوة بالكتب. كتب للأسف الشديد يتآكلها الغبار. بالضبط كالأيام التي تطغى عليها الرتابة. لقد أدركت أن أيام الإنسان مهما طالت فهي سوى رحلة عمر قصيرة ولسوف تنتهي. فلما لا يستفيد من أوقات فراغه في أشياء تفيده جسديا وفكريا. أدركت هذه الحقيقة منذ أن دخلت مدرجات الجامعة واختلطت بجميع العينات من الطلبة، الغني والفقير.. المثابر والمستهتر.. وحتى الأساتذة نجد بينهم المتشدد.. ومنهم المتسامح لأقصى الحدود.. وكأنني كنت أقرأ كتابا بفصول متعددة العناوين تروي تفاصيل يوميات طالب جزائري يجد نفسه في غالب الأحيان بين مفترق طرق. وقوفي اليوم أمام رفوف المكتبة جعلني أدرك معنى حياتنا الرتيبة التي أصبحت تخلو من أشياء كثيرة كالاستمتاع بمطالعة الكتب. لحظتها استوقفني كتاب لطه حسين عنوانه "الأيام". تناسيت مراجع مذكرة الماستر لحظتها وقررت قراءته. شعرت حينها بارتياح نفسي. ألقيت نظرة على ساعة يدي. ربع ساعة وسيلتحق الجميع بالحصة الثانية. خرجت بخطوات واثقة لألتحق بالمحاضرة الموالية وقبل دخول المدرج استنشقت هواء نقيا متناسيا رتابة أيامي.
تزاحم الناس للنزول من الحافلات يفاجئني يوميا. لا أدري كم استغرقت من الوقت للوصول إلى الجامعة. أعترف أننا في الجزائر لا نعرف أهمية الوقت كغيرنا من الأجانب. ألقيت نظرة سريعة على ساعة يدي. أيعقل؟! تأخرت نصف ساعة عن المحاضرة الأولى. تنهدت وقد غمرني شعور بالاكتئاب لأنني لن أتمكن من الدخول. أستاذي صارم في مواعيد إلقاء المحاضرات. أسرعت إلى المكتبة فوجدت ضجيجا لا يحتمل وسط قاعة المطالعة. هناك لا يمكن التركيز في القراءة أو الكتابة. علي أن أبحث عن جملة من الكتب والقواميس حتى أستطيع إعداد مذكرة الماستر. صحيح هي آخر سنة لي في كلية الآداب واللغات. أحيانا أعجب للسنوات كيف تمضي. أتذكر أول تسجيل لي في الليسانس قمت به منذ أربع سنوات في نفس المكان.
عاد ضجيج الطلبة يسحبني من ثنايا دهاليز الذاكرة. أسرعت الخطى مرة أخرى ووضعت بطاقة القارئ على الطاولة. دخلت المكتبة ملقيا تحية السلام. جلست على الكرسي. فتحت ملف الكمبيوتر وكتبت كلمة مفتاحية. واجهتني على الشاشة قائمة معتبرة من عناوين لكتب تتعلق بعنوان البحث. أمسكت ورقة صغيرة ودونت جملة من الأرقام المفتاحية. توجهت نحو رفوف المكتبة باحثا عنها. وجدتها رفوفا محشوة بالكتب. كتب للأسف الشديد يتآكلها الغبار. بالضبط كالأيام التي تطغى عليها الرتابة. لقد أدركت أن أيام الإنسان مهما طالت فهي سوى رحلة عمر قصيرة ولسوف تنتهي. فلما لا يستفيد من أوقات فراغه في أشياء تفيده جسديا وفكريا. أدركت هذه الحقيقة منذ أن دخلت مدرجات الجامعة واختلطت بجميع العينات من الطلبة، الغني والفقير.. المثابر والمستهتر.. وحتى الأساتذة نجد بينهم المتشدد.. ومنهم المتسامح لأقصى الحدود.. وكأنني كنت أقرأ كتابا بفصول متعددة العناوين تروي تفاصيل يوميات طالب جزائري يجد نفسه في غالب الأحيان بين مفترق طرق. وقوفي اليوم أمام رفوف المكتبة جعلني أدرك معنى حياتنا الرتيبة التي أصبحت تخلو من أشياء كثيرة كالاستمتاع بمطالعة الكتب. لحظتها استوقفني كتاب لطه حسين عنوانه "الأيام". تناسيت مراجع مذكرة الماستر لحظتها وقررت قراءته. شعرت حينها بارتياح نفسي. ألقيت نظرة على ساعة يدي. ربع ساعة وسيلتحق الجميع بالحصة الثانية. خرجت بخطوات واثقة لألتحق بالمحاضرة الموالية وقبل دخول المدرج استنشقت هواء نقيا متناسيا رتابة أيامي.
0 comments:
إرسال تعليق