مُقدِّمة ٌ: الشَّاعرُ والكاتبُ والصَّحفي الأستاذ " أحمد سلامه " من سكان مدينةِ " قلنسوه "- المثلث - ، يكتبُ الشِّعرَ والمقالة َ الأدبيَّة والسياسيَّة منذ أكثر من ثلاثين عامًا . عملَ مُحرِّرًا ومُراسلا ً في أكثر من جريدة محليَّة ، وكانت لهُ زوايا أسبوعيَّة ثابتة في بعض الصحف مثل : " الإتحاد " و " كل العرب " ، ولكن كان نادرًا ما ينشرُ قصائدَهُ الشعريَّة . وعملَ أيضًا في مهنةِ التدريس وقبلَ بضع ِ سنوات خرجَ للتقاعد . ولهُ إنتتاجٌ وكمٌّ كبيرٌ من الشعر والنثر والمقالات المتنوِّعة ... ولكن لم يصدرْ لهُ حتى الآن أيُّ كتابٍ أو ديوان ٍ شعري ، ومن حقِّ هذا الإنتاج القيِّم الذي لديهِ أن يُطبعَ في كتبٍ وإصدارات ويرَى النورَ .
مَدخَلٌ : في مجال ِ الشِّعر ِ ومن ناحيةٍ شكليَّةٍ يكتبُ أحمد سلامه الشِّعرَ الكلاسيكي التقليدي - في بعض الأحيان - وهوَ مُقِلٌّ فيهِ ، وبشكل ٍ مُكثَّفٍ يكتبُ على نمط ِ شعر ِالتفعيلةِ ، فهوَ متمكِّنٌ من معرفةِ الأوزان ِ الشِّعريَّة ومتمكِّنٌ وضليعٌ في اللغةِ العربيَّة وقواعدِها ونحوها وصرفها ، وكما أنهُ يملكُ ثقافة ً واسعة ً ولديهِ إلمامٌ في شتَّى المواضيع والمجالاتِ الأخرى غير الأدب والشعر ... فجميعُ هذه العناصرالأساسيَّة التي ُذكِرَتْ مندمجة مع موهبتِهِ الفنيَّة الفطريَّة البارزة المُتوقدة وتجاربه العميقة وخبرتِهِ في الحياة ( التجارب الذاتيَّة والثقافيَّة ) عملتْ بشكل ٍ كبير ٍ على صقل ِ موهبتهِ وبلورةِ مفاهيمِهِ الفنيَّةِ فتطوَّرت أدوَاتهُ الكتابيَّة شعرًا ونثرًا . وعندما نقرأ أيَّة َ قصيدةٍ لأحمد سلامه نتفاجأ كيفَ أنَّ شاعرًا مبدعًا في هذا المستوى لا يوجدُ لهُ ديوانُ شعر واحد مطبوع حتى الآن ... ولا توجدُ لهُ شهرة ٌ واسعة ٌ ومكانة ٌ بارزة ٌ في الوسط الأدبي ، والكثيرون من كتابنا وأدبائنا المحلِّيِّين يجلُّونهُ ويحترمونهُ إنسانا وأديبًا وشاعرًا قديرًا - ( وخاصَّة الكبار في السِّ والمخضرمين إبداعًا وتجربة ً الذين يعرفونهُ عن كثبٍ واطلعوا على كتاباتِهِ وشعرهِ )، وهو جديرٌ وأهلٌ للشُّهرةِ والإنتشار الواسع نظرًا للمستوى الرَّاقي الذي يكتبُ فيهِ . ولكن السَّوادَ الأعظم من جيل الشَّباب يجهلونهُ .
إنَّ شعرَهُ جميعهُ موزونٌ ، وفي قصائدِهِ الغزليَّةِ والوجدانيَّة نرى أنَّ طابَعها غنائيٌّ ورومانسيٌّ وحالمٌ ، وهو يُذكِّرنا بشعراءِ المدرسةِ الغنائيَّةِ الحديثة ، مثل : الشَّاعر المصري الكبير " أحمد رامي " الذي كتبَ أجملَ القصائدَ والأغاني التي ُلحِّنتْ وغنتها المطربة ُ الرَّاحلة " أم كلثوم "، وكما أنهُ في بعض ِ قصائِدِه قريبٌ نوعًا ما في أسلوبِهِ ومنهَجهِ إلى شعراءِ مدرسة " أبولو " ، مثل : الشَّاعر " أبو القاسم الشَّابي " و " علي محمود طه " ، و" محمود حسن إسماعيل "... وإلى شعراء المهجر . ونجدُ لديهِ دائمًا عناصرَ الجمال اللفظي والصور الشِّعريَّة الجميلة الشَّفافة والمُتألِّقة ... حتى أنَّ الصُّور المُكرَّرة والمقتبسة أحيانا هو يعملُ على ترميمها من جديد وتطويرها بلاغة ً وفنًّا . ويُكثرُ في قصائدهِ من وصفِ الطبيعةِ وسحرها وجمالها ومباهجِها ، ومن التَّحَدُّثِ عن الحياةِ والأمل ِ والتفاؤُل والجمال ِ، وبكلِّ ما يتعلَّقُ بالحُبِّ والمَشاعر ِ والرُّوحانيَّات والأمور المعنويَّة والجوهريَّة في هذهِ الحياة . وغزلهُ يختلفُ في أسلوبهِ ومن ناحيةِ المستوى والمضمون والشكل والبناء الخارجي وهو يتأرجحُ ويتماوجُ ما بين اللون ِ والطابع الحسِّي والمادِّي المترع والمُؤَجَّج بالتعابير والإيحاءات الجنسيَّة وبين الطابع الرُّوحي ... ونستطيعُ أن نسَمِّي أسلوبَ " أحمد سلامه " بالغنائيِّ الحديث لأنَّ فيهِ تطوُّرٌ وتجديدٌ فلا يكتفي بالقوالبِ القديمة والصُّور ِ الحسِّيَّةِ الجاهزة والمستهلكة ، بل يعملُ على تطوير ِ تلكَ الصُّوَر والتشبيهات ، ولكن نجدُ لديهِ أيضًا الكثيرَ منَ المعاني والصُّور ِ المألوفةِ والمستعملة بإستمرار ٍ ، وشعرُهُ في جميع ِ مواضيعِهِ وأهدافهِ يُواكِبُ روحَ العصر ، ونشعرُ أننا نقرأ لشاعر ٍ مُعاصر ٍ يعيشُ الآنَ في هذا القرن ويُواكبُ مسيرَتنا الحياتيَّة والفكريَّة والثقافيَّة والإنسانيَّة . ونلاحظ ُ أيضًا أنهُ يوجدُ تفاوتٌ وتنوُّعٌ واختلافٌ كبير في أسلوبِهِ من موضوع ٍ لموضوع ٍ ، فمثلا ً : أحمد سلامه يختلفُ أسلوبُهُ بشكل ٍ واضح ٍ ، في شعرهِ السِّياسي والوطني ، عن شعرهِ الغزلي والوجداني ، فشعرُهُ السياسي لا نجدُ فيهِ الطابعَ والعالمَ الرُّومانسي الشَّفاف الحالم ، بل نجدُ الفكرَ والمَنطقَ هُما المُهَيْمِنان وليست العاطفة الرَّقيقة ُ والخيالُ والأحلام . وفي شعرهِ القومي والسِّياسي نحِسُّ بنفس ِ وبروح ِ بعض الشُّعراءِ العربِ الكبار، مثل : البياتي ، السَّيَّاب ومُضفَّر النوَّاب .. وغيرهم . ومن جميل ِ شعرهِ أختارُ لهُ هذهِ النماذج والعيِّنات - فيقولُ في قصيدةٍ بعنوان :( " كتبتُ للحَدَث " - " في الرَّدِّ على مُدَّع ٍ " ) :
( " كتبتُ للحَدَثْ // فعانقتْ قصيدتي // روحَ الشَّهيدِ // لهَا شَرَفْ //
يا أيُّهَا الغرُّ // ما هذا الخَرَفْ //
نصَّبْتَ نفسَكَ حاكمًا // يا للعَسَفْ //
قد جاءَ رأيُكَ فارغًا ... // كشِعركَ // كنثركَ ... // هَرَفٌ هَرَفْ //
سطحيَّة ٌ غلبتْ عليكَ فما أصَبتَ ولا هَدَفْ //
نفعيّة ٌ قادَتْ خطاكَ // فانحَرَفتَ ولمْ تعفّْ //
يا أيُّهَا " النيتشي " // نيتشي ، في ثراهُ // تقلَّبَ ... وارتجَفْ
مِن ذكركَ إيَّاهُ // جهالة ً ... فيها سَخَفْ //
فالقشُّ ما كتبتْ // يداكَ ... // .. ضآلة ً ، // حرفا ً ... بحَرفْ // " ) .
ويقولُ من قصيدةٍ أخرى بعنوان : " حُزن المُغنِّي " :
( " أنا حَزينٌ يا رفاقُ // وقيثارتي مثلي حزينهْ //
ولماذا بعضهُم يغضبُ منَّي !؟ //
لأنَّ قيثارتي تأبى تغنِّي // للقيدِ ... للذلِّ ... للهَزيمَهْ //
أم أنَّهُمْ يعشقونَ النَّميمَهْ //
والسُّجُودَ والرُّكوعَ !! // يتلونها صباحَ - مَسَاءْ //
لِغرانيقَ سَقِيمَهْ //
للدُّمَى ترجفها // أيدٍ أثيمَهْ // " ) ... ألخ .
ويقولُ في قصيدةٍ غيرها أيضًا بعنوان : " الزَّهرة والدَّهر " :
( زهرة ٌ في البَرِّ مَادَتْ // تتهَادَى بالحَنينْ
زهرة َ الحُبِّ تعَاليْ // َنتناجَى .... حالمين //
في رُؤًى عذب مُناهَا // إنتظرناهَا سنينْ //
وَسَمَونا في عُلاهَا // وانتشينا هانئِينْ //
أنتِ يُنبوعُ حَنان ٍ // أنتِ عرق ُ الياسمينْ //
******
وَحَسَبنا الدَّهرَ يصفو // مثلما الخلّ الأمينْ //
فإذا الأحلامُ يومًا // أثرًا لا يَستبينْ //
أطبقَ الدَّهرُ عليهَا // فشَجَاهَا بالأنينْ //
فتهاوَتْ .... تتلوَّى // تحتَ لفح ِ - الخماسِينْ //
يا رياحَ الشُّؤم ِ وَلِّي // هلْ تغاري مِنْ - حَنينْ ؟! // " ) .
ويقولُ في قصيدةٍ أخرى بعنوان : " أذكريني " :
( " قالتْ : إنِّي مُسَافرة ٌ غدَا
جَاشَتِ الآلامُ ، والقلبُ فدَى
أحَبييبَ العُمرَ ... يا قطرَ النَّدَى
يا خفيفَ الظلِّ ... يا رجعَ الصَّدَى //
يا ربيعَ العُمر ِ ... والعُمرُ بدَا //
في مَدَى الأيَّام ِ ... َيسْتافُ المَدَى
أ . ذ . ك . ر . ي . ن . ي
*******
قالتْ :
سيكونُ الحُبُّ زادي في الطَّريقْ //
ُتضرمُ الذكرى بأحنائي حريقْ //
ليسَ يطفيها سوى ثغر ٍ رقيقْ //
ألهبَ الأحشاءِ والقلبَ الشَّفيقْ //
وَأذابَ الشَّوقَ في طعم ِ الرَّحيقْ
*** *****
أذكريني كلَّما الطيرُ شَدَا
في ضُحَى الأحلام ِ ... في ظلِّ الأصيلْ
أذكريني كلَّما النَّهرُ جَرَى
في دُجَى الّليلاتِ ... في الفجر ِ يسيلْ //
أ . ذ . ك . ر . ي . ن . ي // " ) .
ويقولُ في قصيدة أخري :
( " كنا بقربِ الشَّمس ِ
نتلو طقوسَ عشق ِ الفصُول
نرقبُ عرباتِ النور ِ المَسْحُورَه
والفراشات الحوريَّاتْ
يُبهجُنا سحرُ البداياتْ
وصيحاتُ طيور ِ المساءْ
يا أيُّهَا الشَّفقُ ، الأرجوانيُّ اللَّهيبْ
أينِ تمضي وتغيبْ .....
كنا هناك ، //
نشهدُ رحيلَ العَرَباتْ
ونتلو طقوسَ آلهةِ الغاباتْ
نتمرَّى في العَرَاءْ
فلماذا بعدَ أن دارَتِ الشَّمسُ
صَارتِ الأشياءُ هَبَاءْ " ) .
ويظهرُ هنا بوضوح ٍ التفاوتُ والإختلافُ في الأسلوب من قصيدةٍ لقصيدةٍ ... وسأكتفي بهذا القدر ِ من إستعراض بعض القصائد .
خاتمَة ٌ : إنَّ " أحمد سلامه " ظاهرة ٌ شعريَّة ٌ وأدبيَّة ٌ مُبدعة ومُمَيَّزة ٌ ( محليًّا ) ، ولكنهُ مُقِلٌّ في النشر ، وهذه المقالة ُ الموجزة ُ التي كتبتها تتناولُ بعضَ القصائد التي أرسَلهَا لي الشَّاعرُ وهي أوَّلُ دراسة نقديَّة عنهُ ، ولم يكتبْ عن إبداعاتِهِ الأدبيَّة التي ُنشِرتْ في الصحافةِ المحلِّيَّة حتى الآن أيُّ ناقدِ وكاتبِ محلِّي وللأسف .... ونأملُ منهُ قريبًا أن يُتحِفنا ببعض ِ الإصداراتِ والدواوين الشِّعريَّة المطبوعة ليتسنى للكتابِ والنقادِ ومُحِبِّي الأدب الإطلاع على شعرهِ وأدبهِ وللكتابةِ عنهُ بشكل ٍ مُوَسَّع ٍ ولكي يأخذ َ مكانتهُ وحقَّهُ وشهرتهُ محلِّيًّا وعربيًّا ( خارج البلاد ) أسوة ً بالشُّعراءِ والأدباءِ المُبدعين والمُمَيَّزين
مَدخَلٌ : في مجال ِ الشِّعر ِ ومن ناحيةٍ شكليَّةٍ يكتبُ أحمد سلامه الشِّعرَ الكلاسيكي التقليدي - في بعض الأحيان - وهوَ مُقِلٌّ فيهِ ، وبشكل ٍ مُكثَّفٍ يكتبُ على نمط ِ شعر ِالتفعيلةِ ، فهوَ متمكِّنٌ من معرفةِ الأوزان ِ الشِّعريَّة ومتمكِّنٌ وضليعٌ في اللغةِ العربيَّة وقواعدِها ونحوها وصرفها ، وكما أنهُ يملكُ ثقافة ً واسعة ً ولديهِ إلمامٌ في شتَّى المواضيع والمجالاتِ الأخرى غير الأدب والشعر ... فجميعُ هذه العناصرالأساسيَّة التي ُذكِرَتْ مندمجة مع موهبتِهِ الفنيَّة الفطريَّة البارزة المُتوقدة وتجاربه العميقة وخبرتِهِ في الحياة ( التجارب الذاتيَّة والثقافيَّة ) عملتْ بشكل ٍ كبير ٍ على صقل ِ موهبتهِ وبلورةِ مفاهيمِهِ الفنيَّةِ فتطوَّرت أدوَاتهُ الكتابيَّة شعرًا ونثرًا . وعندما نقرأ أيَّة َ قصيدةٍ لأحمد سلامه نتفاجأ كيفَ أنَّ شاعرًا مبدعًا في هذا المستوى لا يوجدُ لهُ ديوانُ شعر واحد مطبوع حتى الآن ... ولا توجدُ لهُ شهرة ٌ واسعة ٌ ومكانة ٌ بارزة ٌ في الوسط الأدبي ، والكثيرون من كتابنا وأدبائنا المحلِّيِّين يجلُّونهُ ويحترمونهُ إنسانا وأديبًا وشاعرًا قديرًا - ( وخاصَّة الكبار في السِّ والمخضرمين إبداعًا وتجربة ً الذين يعرفونهُ عن كثبٍ واطلعوا على كتاباتِهِ وشعرهِ )، وهو جديرٌ وأهلٌ للشُّهرةِ والإنتشار الواسع نظرًا للمستوى الرَّاقي الذي يكتبُ فيهِ . ولكن السَّوادَ الأعظم من جيل الشَّباب يجهلونهُ .
إنَّ شعرَهُ جميعهُ موزونٌ ، وفي قصائدِهِ الغزليَّةِ والوجدانيَّة نرى أنَّ طابَعها غنائيٌّ ورومانسيٌّ وحالمٌ ، وهو يُذكِّرنا بشعراءِ المدرسةِ الغنائيَّةِ الحديثة ، مثل : الشَّاعر المصري الكبير " أحمد رامي " الذي كتبَ أجملَ القصائدَ والأغاني التي ُلحِّنتْ وغنتها المطربة ُ الرَّاحلة " أم كلثوم "، وكما أنهُ في بعض ِ قصائِدِه قريبٌ نوعًا ما في أسلوبِهِ ومنهَجهِ إلى شعراءِ مدرسة " أبولو " ، مثل : الشَّاعر " أبو القاسم الشَّابي " و " علي محمود طه " ، و" محمود حسن إسماعيل "... وإلى شعراء المهجر . ونجدُ لديهِ دائمًا عناصرَ الجمال اللفظي والصور الشِّعريَّة الجميلة الشَّفافة والمُتألِّقة ... حتى أنَّ الصُّور المُكرَّرة والمقتبسة أحيانا هو يعملُ على ترميمها من جديد وتطويرها بلاغة ً وفنًّا . ويُكثرُ في قصائدهِ من وصفِ الطبيعةِ وسحرها وجمالها ومباهجِها ، ومن التَّحَدُّثِ عن الحياةِ والأمل ِ والتفاؤُل والجمال ِ، وبكلِّ ما يتعلَّقُ بالحُبِّ والمَشاعر ِ والرُّوحانيَّات والأمور المعنويَّة والجوهريَّة في هذهِ الحياة . وغزلهُ يختلفُ في أسلوبهِ ومن ناحيةِ المستوى والمضمون والشكل والبناء الخارجي وهو يتأرجحُ ويتماوجُ ما بين اللون ِ والطابع الحسِّي والمادِّي المترع والمُؤَجَّج بالتعابير والإيحاءات الجنسيَّة وبين الطابع الرُّوحي ... ونستطيعُ أن نسَمِّي أسلوبَ " أحمد سلامه " بالغنائيِّ الحديث لأنَّ فيهِ تطوُّرٌ وتجديدٌ فلا يكتفي بالقوالبِ القديمة والصُّور ِ الحسِّيَّةِ الجاهزة والمستهلكة ، بل يعملُ على تطوير ِ تلكَ الصُّوَر والتشبيهات ، ولكن نجدُ لديهِ أيضًا الكثيرَ منَ المعاني والصُّور ِ المألوفةِ والمستعملة بإستمرار ٍ ، وشعرُهُ في جميع ِ مواضيعِهِ وأهدافهِ يُواكِبُ روحَ العصر ، ونشعرُ أننا نقرأ لشاعر ٍ مُعاصر ٍ يعيشُ الآنَ في هذا القرن ويُواكبُ مسيرَتنا الحياتيَّة والفكريَّة والثقافيَّة والإنسانيَّة . ونلاحظ ُ أيضًا أنهُ يوجدُ تفاوتٌ وتنوُّعٌ واختلافٌ كبير في أسلوبِهِ من موضوع ٍ لموضوع ٍ ، فمثلا ً : أحمد سلامه يختلفُ أسلوبُهُ بشكل ٍ واضح ٍ ، في شعرهِ السِّياسي والوطني ، عن شعرهِ الغزلي والوجداني ، فشعرُهُ السياسي لا نجدُ فيهِ الطابعَ والعالمَ الرُّومانسي الشَّفاف الحالم ، بل نجدُ الفكرَ والمَنطقَ هُما المُهَيْمِنان وليست العاطفة الرَّقيقة ُ والخيالُ والأحلام . وفي شعرهِ القومي والسِّياسي نحِسُّ بنفس ِ وبروح ِ بعض الشُّعراءِ العربِ الكبار، مثل : البياتي ، السَّيَّاب ومُضفَّر النوَّاب .. وغيرهم . ومن جميل ِ شعرهِ أختارُ لهُ هذهِ النماذج والعيِّنات - فيقولُ في قصيدةٍ بعنوان :( " كتبتُ للحَدَث " - " في الرَّدِّ على مُدَّع ٍ " ) :
( " كتبتُ للحَدَثْ // فعانقتْ قصيدتي // روحَ الشَّهيدِ // لهَا شَرَفْ //
يا أيُّهَا الغرُّ // ما هذا الخَرَفْ //
نصَّبْتَ نفسَكَ حاكمًا // يا للعَسَفْ //
قد جاءَ رأيُكَ فارغًا ... // كشِعركَ // كنثركَ ... // هَرَفٌ هَرَفْ //
سطحيَّة ٌ غلبتْ عليكَ فما أصَبتَ ولا هَدَفْ //
نفعيّة ٌ قادَتْ خطاكَ // فانحَرَفتَ ولمْ تعفّْ //
يا أيُّهَا " النيتشي " // نيتشي ، في ثراهُ // تقلَّبَ ... وارتجَفْ
مِن ذكركَ إيَّاهُ // جهالة ً ... فيها سَخَفْ //
فالقشُّ ما كتبتْ // يداكَ ... // .. ضآلة ً ، // حرفا ً ... بحَرفْ // " ) .
ويقولُ من قصيدةٍ أخرى بعنوان : " حُزن المُغنِّي " :
( " أنا حَزينٌ يا رفاقُ // وقيثارتي مثلي حزينهْ //
ولماذا بعضهُم يغضبُ منَّي !؟ //
لأنَّ قيثارتي تأبى تغنِّي // للقيدِ ... للذلِّ ... للهَزيمَهْ //
أم أنَّهُمْ يعشقونَ النَّميمَهْ //
والسُّجُودَ والرُّكوعَ !! // يتلونها صباحَ - مَسَاءْ //
لِغرانيقَ سَقِيمَهْ //
للدُّمَى ترجفها // أيدٍ أثيمَهْ // " ) ... ألخ .
ويقولُ في قصيدةٍ غيرها أيضًا بعنوان : " الزَّهرة والدَّهر " :
( زهرة ٌ في البَرِّ مَادَتْ // تتهَادَى بالحَنينْ
زهرة َ الحُبِّ تعَاليْ // َنتناجَى .... حالمين //
في رُؤًى عذب مُناهَا // إنتظرناهَا سنينْ //
وَسَمَونا في عُلاهَا // وانتشينا هانئِينْ //
أنتِ يُنبوعُ حَنان ٍ // أنتِ عرق ُ الياسمينْ //
******
وَحَسَبنا الدَّهرَ يصفو // مثلما الخلّ الأمينْ //
فإذا الأحلامُ يومًا // أثرًا لا يَستبينْ //
أطبقَ الدَّهرُ عليهَا // فشَجَاهَا بالأنينْ //
فتهاوَتْ .... تتلوَّى // تحتَ لفح ِ - الخماسِينْ //
يا رياحَ الشُّؤم ِ وَلِّي // هلْ تغاري مِنْ - حَنينْ ؟! // " ) .
ويقولُ في قصيدةٍ أخرى بعنوان : " أذكريني " :
( " قالتْ : إنِّي مُسَافرة ٌ غدَا
جَاشَتِ الآلامُ ، والقلبُ فدَى
أحَبييبَ العُمرَ ... يا قطرَ النَّدَى
يا خفيفَ الظلِّ ... يا رجعَ الصَّدَى //
يا ربيعَ العُمر ِ ... والعُمرُ بدَا //
في مَدَى الأيَّام ِ ... َيسْتافُ المَدَى
أ . ذ . ك . ر . ي . ن . ي
*******
قالتْ :
سيكونُ الحُبُّ زادي في الطَّريقْ //
ُتضرمُ الذكرى بأحنائي حريقْ //
ليسَ يطفيها سوى ثغر ٍ رقيقْ //
ألهبَ الأحشاءِ والقلبَ الشَّفيقْ //
وَأذابَ الشَّوقَ في طعم ِ الرَّحيقْ
*** *****
أذكريني كلَّما الطيرُ شَدَا
في ضُحَى الأحلام ِ ... في ظلِّ الأصيلْ
أذكريني كلَّما النَّهرُ جَرَى
في دُجَى الّليلاتِ ... في الفجر ِ يسيلْ //
أ . ذ . ك . ر . ي . ن . ي // " ) .
ويقولُ في قصيدة أخري :
( " كنا بقربِ الشَّمس ِ
نتلو طقوسَ عشق ِ الفصُول
نرقبُ عرباتِ النور ِ المَسْحُورَه
والفراشات الحوريَّاتْ
يُبهجُنا سحرُ البداياتْ
وصيحاتُ طيور ِ المساءْ
يا أيُّهَا الشَّفقُ ، الأرجوانيُّ اللَّهيبْ
أينِ تمضي وتغيبْ .....
كنا هناك ، //
نشهدُ رحيلَ العَرَباتْ
ونتلو طقوسَ آلهةِ الغاباتْ
نتمرَّى في العَرَاءْ
فلماذا بعدَ أن دارَتِ الشَّمسُ
صَارتِ الأشياءُ هَبَاءْ " ) .
ويظهرُ هنا بوضوح ٍ التفاوتُ والإختلافُ في الأسلوب من قصيدةٍ لقصيدةٍ ... وسأكتفي بهذا القدر ِ من إستعراض بعض القصائد .
خاتمَة ٌ : إنَّ " أحمد سلامه " ظاهرة ٌ شعريَّة ٌ وأدبيَّة ٌ مُبدعة ومُمَيَّزة ٌ ( محليًّا ) ، ولكنهُ مُقِلٌّ في النشر ، وهذه المقالة ُ الموجزة ُ التي كتبتها تتناولُ بعضَ القصائد التي أرسَلهَا لي الشَّاعرُ وهي أوَّلُ دراسة نقديَّة عنهُ ، ولم يكتبْ عن إبداعاتِهِ الأدبيَّة التي ُنشِرتْ في الصحافةِ المحلِّيَّة حتى الآن أيُّ ناقدِ وكاتبِ محلِّي وللأسف .... ونأملُ منهُ قريبًا أن يُتحِفنا ببعض ِ الإصداراتِ والدواوين الشِّعريَّة المطبوعة ليتسنى للكتابِ والنقادِ ومُحِبِّي الأدب الإطلاع على شعرهِ وأدبهِ وللكتابةِ عنهُ بشكل ٍ مُوَسَّع ٍ ولكي يأخذ َ مكانتهُ وحقَّهُ وشهرتهُ محلِّيًّا وعربيًّا ( خارج البلاد ) أسوة ً بالشُّعراءِ والأدباءِ المُبدعين والمُمَيَّزين
0 comments:
إرسال تعليق