8- انتصاراً للمرأة العربية
1 - المشهد الأول : أبيات من قصيدة لكاتب هذه السطور عن صحيفة (المثقف) الغرّاء تحت عنوان ( وهلهلَ الشعرُ يشـدو في علا الرّتبِ...!!) - من البحر البسيط - :
(ميّادةُ) الشعرِ والذوقِ الرفيعِ وما***جادتْ قريحتُــها العلياءُ بالأرَبِ
شعّتْ تحاورنا ، في لطفِها أدبٌ **** كأنّها شــعلة ٌمـن (نـازكِ) الأدبِ
مرحى ففي حلبةِ الأشعارِ تُلهمنا ****بنتُ الذكاء ، فولّــتْ ابنـةَ العنبِ
" قالوا بمن لا ترى تهذي فقلتُ لهمْ"* صاحَ الرجاءُ : ولودٌ أمّة العربِ
2 - المشهد الثاني بقراءتين نقديتين تحليليتين :
أ - مقدمة الديوان ، للفنون شجون وشؤون :
تضع الشاعرة ميّادة أبو شنب في مقدمة ديوانها (رسائل من بريد السنونو) هذه الأبيات من البحر المتقارب ، تحت عنوان :
لماذا السنونو؟
لأنّي عشــــــقتُ بها الإنطلاقا
وعشق الفضاء النقي الرحيبْ
وحبُّ الحيـــاةِ وروح التحـــدي
وجرأةُ قلبٍ شـــــجيّ الوجــيبْ
ونهجًاً يفــــوحُ بإنـــسٍ وبشــرٍ
وشكلًا يبـــــوحُ بــــسرٍ عجيـبْ
ماذا أبقيت لنا - يا سيدتي - ؟!!
بمقطوعة شعرٍ قصيرة من ( المتقارب) الشجي ، أخذت الدنيا كلها بانطلاقتها وعشقها وفضائها ونقاوتها ورحابها وحبّ حياتها وروح تحديها وجرأة قلبها بشجيِّ وجيبه ...الله الله ثم تطلُّ عليك بأنوثتها الفواحة بعطر الياسمين ، وإنس الجمال ، وابتسامة الثغر المفلج ... سأتوقف من التمادي مع الميادة ، لأن الشطر الأخير ، يوحي لي أنها أدركت قد منحت من اللين واللطف والدلع ، ما يستوجب الإشارة إلى الشكل بسرّه العجيب ، وعلى ما يغلب ظني أنها تعني الاعتداد بالنفس والشموخ والكبرياء الأنثوي ومن يريد أن يتغزّل بها ، فبها وحدها ، لا شريك لها ...!!!
اقرأ معي ما تقول في مقطع من نص آخر :
مهما أجمعَت كل النساء
انك عاشق محترف
فلن تكون في ظلالي
إلا عاشقا مبتدئا
تقسيم ولا أروع ، وبلاغة ولا أبدع ، وخيال ولا أوسع ، وسنونو ولا أجمع ...يذكرني متقاربها بمتقارب أبي القاسم الشابي ، وقوله :
خُلقتَ طَليقاً كَطَيفِ النسيمْ ***وحُرًّا كَنُورِ الضُّحى في سَمَاهْ
تُغَرِّدُ كالطَّيرِ أَيْنَ اندفـــعتَ ****وتشدو بمـــا شاءَ وَحْيُ الإِلهْ
وتَمْرَحُ بَيْنَ وُرودِ الصباحْ ****وتنعَمُ بالنُّـــــورِ أَنَّـــــى تَرَاهْ
كذا صاغكَ اللهُ يا ابنَ الوُجُودِ **وأَلْقَتْكَ في الكونِ هذي الحيَاهْ
فما لكَ ترضَى بذُلِّ القيــــــودِ *****وتَحْني لمنْ كبَّلوكَ الجِبَاهْ
أبيات شاعرتنا جامعة مانعة ، ( كفت ووفت ) وأمتعت وأطربت ، وتفلسفت ، وفلسفت ، ولمّا تطرقنا للوفاء ، فمن الوفاء أن نذكر وفاءها لأستاذها ، إذ عندما أرسلت لي الأبيات ، أقرنتها ، بهذه الكلمات : " هذه الابيات كتبتها كمقدمة لمجموعتي الشعرية بإرشاد أستاذي الشاعر د. عناد جابر، فقد أُعجبَ جدًّا بأسباب اختياري للسنونو كعنوان لكتابي واقترحَ أن أضع هذه الفلسفة البسيطة كمقدمة للكتاب.
فله كل الشكر والتقدير على الرعاية والتشجيع."
كلمة (الفلسفة) الواردة بالفقرة مجازية ، وإلا فالشعر فن وجمال ، وليس بعلم أو فلسفة ، بارك الله فيك وبأستاذك الجليل ...
ب - نص الغلاف الخلفي ، يدهشني فأفرده...:
أين نريد الآن أن نذهب ...؟!! مثلما تصفحنا المقدمة ، لاريب أن نلقي نظرة عابرة على ما كتبت على وجه الغلاف الخلفي لديوانها ( الرسائل... السنونية) من قصيدة وسمتها بـ ( سوء تفاهم ) .. إليك ، ونعقب كما نرى نحن من زاويتنا ، لا كما ترى هي من زاويتها ، فالنقد هو نصّ إبداعي أدبي تابع للنص الإبداعي الأصلي ، والتابعية ليست بالضرورة أن تكون الثانية ، فالنص النقدي نصٌّ آخر ...!! ، نص شاعرتنا يخاطب الرجل على الخصوص مزدوج الشخصية :
أخافك خريفا مراهقا
وأنا ورقة شجر
أخافك بردا وثلوجا
وأنا تائهة
يغرقني رذاذ المطر
وبكل حواسي الأنوثية
أخافك رجلا صحراويا
يدعي التحضّر
خلجات نفسٍ لعواطف شاعرية صادقة ، متفهمة واعية لطبيعة مجتمعها ، بل لتطبّعه على أن يكون ظاهره غير باطنه ، وهذا ما أشار إليه عالم الاجتماع الشهير الدكتور علي الوردي في (لمحاته الاجتماعية) عند التطرق في حديثه عن الشخصية العراقية خصوصاً ، والعربية بوجه عام ، فهو في طبعه أو تطبعه - بكلمة أدق - بدوي ، وإن اكتسى قناع التحضر والمدنية ، وهذا مرض اجتماعي شائع ، الشخص يعيش بوجهين ، كل وجه يدرك ما يفعله الوجه الآخر ، سيان بوعي أو لا وعي ، أي من عقله الظاهر ، أو من تراكمات العقل الباطن نتيجة لعقد نفسية منذ الطفولة المبكرة ، وهذا غير المرض العضوي الخطير المسمى بانفصام الشخصية ، وفي هذه الحالة ، يكون الشخص بشخصيتين منفصلتين تماماً ، لا تدري ولا تدرك ولا تعرف ما عملت أي من الشخصيتين الشخصية الأخرى...!!
والحق رسمت لنا الشاعرة المائزة صورة الرجل المزدوج اجتماعياً بأروع الصور الفنية والبلاغية واللغوية بما تضمنت من استعارات مكنية متتالية ..خريفاً ..برداً ...ثلوجاً... وبتشبيهات بليغة ...ورقة شجر ...تائهة .. وبصور تخيلية خارقة ..خريفية ..شتائية ..الثلوج تتراكم ... ورذاذ المطر يتساقط ... وموجات البرد القارس يلسعك ... والأنوثة بمسكها وزينتها وزهوها ودفئها تحتضنك ، وتنسيك الدنيا بما فيها ومن فيها ، وإذا بك ذاك البدوي الصحراوي المتعجرف الأقلح ...الأملح ...!!
هذه الصور الرائعة الخيال الريفي الخريفي الشتوي بطقوس ثلوجه ، ورذاذ مطره ، وموجات برده ، وأوراق شجره ، وامرأة حسناء تائهه حتى الثمالة ، وأحاسيسها الأنثوية المغرية حتى الأمومة ، بما سبقها من تحليلات علمية اجتماعية ونفسية ليست مني ، وإنما من الميادة ...!!!!
هذه الميادة أنثى حتى النخاع ، أكمّل معك قصيدتها (سوء تفاهم ) ، وقصتها مع الصحراوي المتحضر ...!! :
لغة أخرى
لو كانَ ألعشقُ مُسدّساً
لأفرغتُ رصاصاته النحاسية
في قلبكَ
أو كان قوساً جاهلياً
لمَزّقتُ بسهامه
صَدرَكَ
حتى تفهمني...
حين اقول: أحبّكَ .
(ميّادةُ) الشعرِ والذوقِ الرفيعِ وما***جادتْ قريحتُــها العلياءُ بالأرَبِ
شعّتْ تحاورنا ، في لطفِها أدبٌ **** كأنّها شــعلة ٌمـن (نـازكِ) الأدبِ
مرحى ففي حلبةِ الأشعارِ تُلهمنا ****بنتُ الذكاء ، فولّــتْ ابنـةَ العنبِ
" قالوا بمن لا ترى تهذي فقلتُ لهمْ"* صاحَ الرجاءُ : ولودٌ أمّة العربِ
2 - المشهد الثاني بقراءتين نقديتين تحليليتين :
أ - مقدمة الديوان ، للفنون شجون وشؤون :
تضع الشاعرة ميّادة أبو شنب في مقدمة ديوانها (رسائل من بريد السنونو) هذه الأبيات من البحر المتقارب ، تحت عنوان :
لماذا السنونو؟
لأنّي عشــــــقتُ بها الإنطلاقا
وعشق الفضاء النقي الرحيبْ
وحبُّ الحيـــاةِ وروح التحـــدي
وجرأةُ قلبٍ شـــــجيّ الوجــيبْ
ونهجًاً يفــــوحُ بإنـــسٍ وبشــرٍ
وشكلًا يبـــــوحُ بــــسرٍ عجيـبْ
ماذا أبقيت لنا - يا سيدتي - ؟!!
بمقطوعة شعرٍ قصيرة من ( المتقارب) الشجي ، أخذت الدنيا كلها بانطلاقتها وعشقها وفضائها ونقاوتها ورحابها وحبّ حياتها وروح تحديها وجرأة قلبها بشجيِّ وجيبه ...الله الله ثم تطلُّ عليك بأنوثتها الفواحة بعطر الياسمين ، وإنس الجمال ، وابتسامة الثغر المفلج ... سأتوقف من التمادي مع الميادة ، لأن الشطر الأخير ، يوحي لي أنها أدركت قد منحت من اللين واللطف والدلع ، ما يستوجب الإشارة إلى الشكل بسرّه العجيب ، وعلى ما يغلب ظني أنها تعني الاعتداد بالنفس والشموخ والكبرياء الأنثوي ومن يريد أن يتغزّل بها ، فبها وحدها ، لا شريك لها ...!!!
اقرأ معي ما تقول في مقطع من نص آخر :
مهما أجمعَت كل النساء
انك عاشق محترف
فلن تكون في ظلالي
إلا عاشقا مبتدئا
تقسيم ولا أروع ، وبلاغة ولا أبدع ، وخيال ولا أوسع ، وسنونو ولا أجمع ...يذكرني متقاربها بمتقارب أبي القاسم الشابي ، وقوله :
خُلقتَ طَليقاً كَطَيفِ النسيمْ ***وحُرًّا كَنُورِ الضُّحى في سَمَاهْ
تُغَرِّدُ كالطَّيرِ أَيْنَ اندفـــعتَ ****وتشدو بمـــا شاءَ وَحْيُ الإِلهْ
وتَمْرَحُ بَيْنَ وُرودِ الصباحْ ****وتنعَمُ بالنُّـــــورِ أَنَّـــــى تَرَاهْ
كذا صاغكَ اللهُ يا ابنَ الوُجُودِ **وأَلْقَتْكَ في الكونِ هذي الحيَاهْ
فما لكَ ترضَى بذُلِّ القيــــــودِ *****وتَحْني لمنْ كبَّلوكَ الجِبَاهْ
أبيات شاعرتنا جامعة مانعة ، ( كفت ووفت ) وأمتعت وأطربت ، وتفلسفت ، وفلسفت ، ولمّا تطرقنا للوفاء ، فمن الوفاء أن نذكر وفاءها لأستاذها ، إذ عندما أرسلت لي الأبيات ، أقرنتها ، بهذه الكلمات : " هذه الابيات كتبتها كمقدمة لمجموعتي الشعرية بإرشاد أستاذي الشاعر د. عناد جابر، فقد أُعجبَ جدًّا بأسباب اختياري للسنونو كعنوان لكتابي واقترحَ أن أضع هذه الفلسفة البسيطة كمقدمة للكتاب.
فله كل الشكر والتقدير على الرعاية والتشجيع."
كلمة (الفلسفة) الواردة بالفقرة مجازية ، وإلا فالشعر فن وجمال ، وليس بعلم أو فلسفة ، بارك الله فيك وبأستاذك الجليل ...
ب - نص الغلاف الخلفي ، يدهشني فأفرده...:
أين نريد الآن أن نذهب ...؟!! مثلما تصفحنا المقدمة ، لاريب أن نلقي نظرة عابرة على ما كتبت على وجه الغلاف الخلفي لديوانها ( الرسائل... السنونية) من قصيدة وسمتها بـ ( سوء تفاهم ) .. إليك ، ونعقب كما نرى نحن من زاويتنا ، لا كما ترى هي من زاويتها ، فالنقد هو نصّ إبداعي أدبي تابع للنص الإبداعي الأصلي ، والتابعية ليست بالضرورة أن تكون الثانية ، فالنص النقدي نصٌّ آخر ...!! ، نص شاعرتنا يخاطب الرجل على الخصوص مزدوج الشخصية :
أخافك خريفا مراهقا
وأنا ورقة شجر
أخافك بردا وثلوجا
وأنا تائهة
يغرقني رذاذ المطر
وبكل حواسي الأنوثية
أخافك رجلا صحراويا
يدعي التحضّر
خلجات نفسٍ لعواطف شاعرية صادقة ، متفهمة واعية لطبيعة مجتمعها ، بل لتطبّعه على أن يكون ظاهره غير باطنه ، وهذا ما أشار إليه عالم الاجتماع الشهير الدكتور علي الوردي في (لمحاته الاجتماعية) عند التطرق في حديثه عن الشخصية العراقية خصوصاً ، والعربية بوجه عام ، فهو في طبعه أو تطبعه - بكلمة أدق - بدوي ، وإن اكتسى قناع التحضر والمدنية ، وهذا مرض اجتماعي شائع ، الشخص يعيش بوجهين ، كل وجه يدرك ما يفعله الوجه الآخر ، سيان بوعي أو لا وعي ، أي من عقله الظاهر ، أو من تراكمات العقل الباطن نتيجة لعقد نفسية منذ الطفولة المبكرة ، وهذا غير المرض العضوي الخطير المسمى بانفصام الشخصية ، وفي هذه الحالة ، يكون الشخص بشخصيتين منفصلتين تماماً ، لا تدري ولا تدرك ولا تعرف ما عملت أي من الشخصيتين الشخصية الأخرى...!!
والحق رسمت لنا الشاعرة المائزة صورة الرجل المزدوج اجتماعياً بأروع الصور الفنية والبلاغية واللغوية بما تضمنت من استعارات مكنية متتالية ..خريفاً ..برداً ...ثلوجاً... وبتشبيهات بليغة ...ورقة شجر ...تائهة .. وبصور تخيلية خارقة ..خريفية ..شتائية ..الثلوج تتراكم ... ورذاذ المطر يتساقط ... وموجات البرد القارس يلسعك ... والأنوثة بمسكها وزينتها وزهوها ودفئها تحتضنك ، وتنسيك الدنيا بما فيها ومن فيها ، وإذا بك ذاك البدوي الصحراوي المتعجرف الأقلح ...الأملح ...!!
هذه الصور الرائعة الخيال الريفي الخريفي الشتوي بطقوس ثلوجه ، ورذاذ مطره ، وموجات برده ، وأوراق شجره ، وامرأة حسناء تائهه حتى الثمالة ، وأحاسيسها الأنثوية المغرية حتى الأمومة ، بما سبقها من تحليلات علمية اجتماعية ونفسية ليست مني ، وإنما من الميادة ...!!!!
هذه الميادة أنثى حتى النخاع ، أكمّل معك قصيدتها (سوء تفاهم ) ، وقصتها مع الصحراوي المتحضر ...!! :
لغة أخرى
لو كانَ ألعشقُ مُسدّساً
لأفرغتُ رصاصاته النحاسية
في قلبكَ
أو كان قوساً جاهلياً
لمَزّقتُ بسهامه
صَدرَكَ
حتى تفهمني...
حين اقول: أحبّكَ .
مُحاكمة
كشهابٍ حَطُمَ زجاجة السماء
وعلى الأرض ... لم يَرضَ السقوط
ذنبٌ لن أغفرَه
والعقابُ: قبلة
لا بدّ أن تموت
في لغتها الأخرى ومحاكمتها ، هي أنثى ما بعدها أنثى ، لا يعرف الرجل معنى المرأة تماماً ، ولا ينحسس بعشقها وتعشّقها حتى الذوبان ، ولا يتلذذ بقبلتها حتى الموت ، إذا لم يستملكها بالتمام والكمال دون غيره من الرجال ، وإلا لم تعد زوجه كما أرادت غريزته - ناهيك عن الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والتقاليد الاجتماعية - ، وغريزة التملك نفسها عند المرأة ، ودافعها الجنس ، لأن الرجل والمرأة نوع واحد ، والحق الأنواع المتباينة لا يمكن لها التزواج ، إلا ما ندر ، ويكون نسلهما عقيم كالبغل ، من هنا يجب أن نفهم ونتفهم أن المرأة هي نفسه الرجل غريزيا ، وإن تعددت الزوجات عند الرجل ، لا يعني هذا إلى إلغاء الغريزة أو ضعفها عند المرأة ، بل تتنافس الزوجات بشتى الوسائل لتكون هي الأولى والأخيرة في حياة زوجها ، من هنا دون تعمد من الشاعرة لكل هذه التفصيلات ، وضعت صوراً رائعة حتى الإلهام ،وبجرأة متناهية صادقة العواطف والأحاسيس والمشاعر ، ولا تخفى المسحة الساخرة والرسوم الكاركتيرية فيها ...!!
وسأنقل لك صورة أخرى تتضمن الأحاسيس الإنثوية نفسها ، من امرأ ة أميرة مقتدرة على قول ما تختلج بها نفسها ، وتعكسه شعرا ملهماً دون تردد ولا خوف ولا وجل ، ألا وهي الولادة ابنة المستكفي بالله الأموي الأندلسي ، عاشت بين ( 994 - 1091 م) ، نشأت علاقة بينها وبين الوزير والشاعر الشهير إبن زيدون ، واتَّقدت جذوة الحب بينهما حتى الانصهار والصهر ...!! ، لكن نشبت خلافات بينهما بسبب جاريتها التي تتمتع بصوت جميل ، جرفت شاعرنا إلى حيث الشبهة ، أو قل الخطيئة ، المكشوفة ، والمرأة بحدسها الأنثوي الرهيب ، لا تخفى عليها بواطن الأمور ، لو أفسم عشيقها بألف ألف يمين ، المهم الولادة ، رمت عليه أبياتها التالية ، ولم تتزوج من بعد طيلة حياتها ، وقاربت القرن أو تكاد ...!!:
لو كنتَ تُنصِفُ في الهوى ما بيننا *** لـم تهـوَ جـاريتي ولـم تتـخيَّـرِ
وَتـركـتَ غـصـناً مثمـراً بجـمـالـه *** وجنحْتَ للغصنِ الذي لم يثمرِ
ولقـد عـلـمْـتَ بـأنّـني بـدر الســمـا *** لَكن دهيت لشقوتي بالمشتري
وعُرفت ولَّادة بكتابتها لبيتين شهيرين من الشعر تزهو فيهما بنفسها، وكان كل واحد منهما منقوشاً على جهة من ثوبها، تقول فيهما
أنـــا والله أصــلُـحُ للـمـعـــالي *** وأمشي مشـيتي وأتيـهُ تيـهـا
أُمَكِّنُ عاشقي من صحْنِ خدِّي *** وأُعطي قُبلتي مَن يَشـتهيهـا
تكتفي بهذا القدر الوافي ، لندخل عالم ميادة من حيث نشأتها ، شهاداتها ، منشورتها ، ما قيل عنها ، وكتب عن شعرها تحليلاً وترجمة .
3 - المشهد الثالث : تقديمي لها - من هي ميادة أبو شنب ...؟؟؟
شاعرتنا وإعلاميتنا من مواليد مدينة عكا الفلسطينية التاريخية - منذ الألف الثالث قبل الميلاد - تقع في الطرف الشمالي لخليج عكا ، وقد حمت أسوار المدينة العريقة أهلها من التهجير سنة النكبة.
درست شاعرتنا في معهد هندسة "البيئة" ، وحصلت على شهادة Landscape Architect
، ثم درست علم الآثار والفنون التشكيلية في جامعة حيفا ، وفي سنة (2002) شاركت في حفريات أثريّة ، وفي إصدار تقرير مفصّل باللغة الانجليزية عن نتائج الحفريات بإشراف قسم الابحاث في جامعة حيفا، تمّ توزيعه في أنحاء العالم، وشاركت في عدّة دورات تدريبية في مجال علم الاجتماع ، وعلم النفس والتربية ، والترجمة الفورية ، فهي تجيد اللغة العربية والعبرية والانجليزية.
في سنة 1992 شاركت في إصدار مجموعة أدبية لنخبة من الأدباء الشباب "الغد المشرق" بمبادرة وإشراف الشاعر القدير ميشيل حداد.
نشرت العديد من النصوص في المجلات الأدبية : المواكب والمجتمع (في فلسطين)
شاركت في عدّة ندوات أدبية
وفي سنة 2002، قبل هجرتها إلى كندا بفترة قصيرة، أصدرت مجموعتها الشعرية الأولى بإشراف الشاعر القدير د. عناد جابر ، بعنوان "رسائل من بريد السنونو" وقد تولّى الشاعران القديران د. عناد جابر و د. جمال قعوار توزيعها.
تعمل حالياً في التدريس والترجمة في كندا ، وتشارك في تحرير صحيفة المثقف ، وحصلت على شهادة تقديرية من "المثقف" (2012) بعد فترة قصيرة من انضمامها لأسرة تحريرها. ثم حصلت على " درع المثقف للثقافة والأدب والفن" 2014 كإعلامية في صحيفة "المثقف"
4 - المشهد الرابع - انتصاراً للمرأة العربية : آراء تشعُّ من كتاباتها ومقالاتها عن المرأة :
في مقالة لها تحت عنوان (المرأة في عصر الجاهلية الجديدة) ، تطلق صيحتها الواعية المتألمة بمناسبة يوم المرأة العالمي، للتضامن مع المرأة المسلوبة الإنسانية كما ترتأي قائلة :
" من صميم الألم نطلقها، إلى كل نساء الكون في يوم المرأة العالمي، من صحيفة ومؤسسة "المثقف"، للتضامن مع المرأة مسلوبة الإنسانيّة.
دعاء بالرّحمة من ربّ الرّحمة وصلاة استسقاء لمطر من المفاتيح تفكّ إسار كل إمرأة مكبّلة بالتخلّف والجاهليّة، وأن تمنّ عليها يد الخالق بالإنعتاق وتحرسها عينه حتى عودتها إلى مملكتها الآمنة - بيتها- وأهلها.
لا يوجد دولة في العالم قد منحت المرأة حقوقها الكاملة، فانتهاكات حقوق المرأة هي وصمة عار على جبين الحضارة الانسانيّة. لكنهم يثابرون من أجل أن تكون المرأة آمنة من العنف، متمتّعة بحقوق الإنسان، وقادرة اقتصادياً من خلال تكافؤ فرص التعليم والعمل والمشاركة باتخاذ القرارات."
وتكرر أديبتنا الشاعرة الإعلامية النشطة على هذه النقطة وغيرها بقولها في مقال آخر وسمته بـ
(المرأة واستراتيجية الفعل السياسي) :
" إن القانون المدني يخاطب المرأة كمواطن يتمتع بكافة الحقوق كشريكها الرجل، لكن قانون الأحوال الشخصية يساهم في ترسيخ دونية المرأة التي تنسجم مع معتقدات أفراد المجتمع محدودي الوعي. وهذا يلجم طموح المرأة في خوض الميادين ذات "الطابع الذكوري" ... إن تبوء المرأة أعلى المناصب في القيادة والسياسة منذ فجر التاريخ لهو الدليل الدامغ على قدرتها، التي لا بدّ أنها تطوّرت مع مرّ العصور، في اتخاذ القرارات وريادة الشعوب.
نظرا لاهمية دور المرأة سياسيا ومساندة لسعيها الحثيث في انتزاع حقها في الحضور الفاعل في مراكز اتخاذ القرار وفي الساحة السياسية، ولان كل خطوة عملية تسبقها رؤية نظرية، لذا قررنا ان يكون موضوع ملف يوم المرأة العالمي لهذا العام ....."
ونحن نركز على كلمة (المشاركة باتخاذ القرارات) السيادية فعلاً ناجزاً ، وإلا فهنا مكمن الخلل الكبير لانقلاب الأمم عاليها دانيها ، لا من حيث وجوب الالتزام بالقوانين المدنية ، والتجاوب مع الصرخات الداعية للمساواة ... كلاّ ... وإنما التوازن الحيوي الطبيعي سنّة فرضتها الحياة ، نعم الحياة سر وجودها وتحضرها ، وازدهارها ، وسعادتها بالتوازن الطبيعي لكل الكائنات الحية وغير الحية في الطبيعة ، والكون ، فعندما يحدث خلل كبير في التوازن تحدث الكوارث والحروب ، وهلاك البشر والحشر والشجر والحجر ، والرجل والمرأة خلقهما الله متكاملين تماماً ، لا بمتوازيين ولا بمتساويين ولا بمتنافسين ، لذلك المرأة تسدد الخلل السلوكي ، الفكري ، التخطيطي ، الاقتصادي ، الصحي ، التعليمي ، التربوي ...، وكذلك الرجل مثله مثلها ، لذا يجب أن تكون القرارات السيادية لتسيير دفة حياة المجتمع بالاشتراك الفعلي الناجز ، وأنا من وجهة نظري لو كان الأمر كما نوهنا ، لما رأيت الحروب والمجاعات والأمراض والجهل والفقر بهذا المستوى الرهيب ، ولا تنسوا المرأة أم ، ولديها غريزة الأمومة ، وهي الأقوى من بين كل غرائز الإنسان ، أرجو أن لا يحرف رأينا لأمور شخصية هامشية ، كالحجاب والسفور ... والتبرج ... وتربية الأطفال ، والأسرة ، هذه أمور شخصية وعائلية يتفاهم عليها الرجل والمرأة ...!! الذي أريد أن أقول ، المطالبة بالانتصار للمرأة لايعني التبرج ، والتفكك الأسري ، كما يهمشون ويمشون ..!!
لقد شخصت ميادة المرأة في مقالة لها بعنوان (المرأة والمجتمع .. الطموحات والقابليات) العوائق التي تقف أمام قدراتها ، وميّزت إيجازاً بعض هذه القدرات ، وهي تفقه ما تقول ، وإليك قولها :
" أول درجة في سلم الارتقاء هي تحنيط الاعراف والتقاليد، خاصة المستوحاة وفق تفسير خاطيء من الدين، وفتح كل الابواب امام المرأة كي ترقى علميا ومعرفيا. فهي مَن حباه الخالق بقدرات ذهنية مميزة: كالنظرة الحاذقة للمستقبل، والدقة في تقييم قضايا العصر، والصبر على عاديات الدهر، وتخطّيها بعزيمة جبّارة من أجل البقاء. وعلى قمة هذا الهرم من الميّزات، نعمة الأمومة والحدس الانثوي."
5 - المشهد الخامس : تقديم قصيدتها " استِعارةٌ مَوسِميّة " ، توقّفتْ فوقفتُ ، لنكون شركةً بعد هذا !! فهاك بعض ما قال من علق عليها متسلسلاً لا منتخباً :
استِعارةٌ مَوسِميّة :
على بساطِي الخَمرِي ... يَختالُ
ذاكَ الضّياعُ المَنفِي.
يدخلُ جنّةَ ... ناري،
ينفخُ شهوةَ التّشردِ في لهيبِها الأسطوري،
روحاً تُشاكسُني...
وتُحلّقُ في خُرافةِ الألوان،
حين تنزح هالة شمالك
إلى أقاليم النسيان.
يتسلّلُ من ظِلِّ قوسِ النّصرِ مَيْساني،
ليُؤنسَني بلحنِ الضّوءِ اللّقيط.
أتَفقدُني خِلسةً في خريفِ خوائِكَ،
رعشةَ رهامٍ ...
تَميدُ في أنفاسِ المَغيب.
أستعيرُ حواسَكَ الموسِميّة،
ألامسُني ... بأناملكَ الطّيفِ
في فَجْرِ أنوثَةِ السّنابل.
ألثِمُني ... بجمرِ شفةٍ تَسْكنُ حُلمَ المَوقدِ.
أهمسُ لي سيمفونيةَ البونِ
في مدِّها اللّجلاجِ ...
وأعاتبُ الوترَ
إنْ حادَ عن جَزْرِ الوَميض.
سأفركُ كُلَّ مصَابيح الجنّ المنسِيّة
من سَالفِ الحبِّ
وغابرِ النّشوةِ والأنِين
مع تَغلغُلِ اللّيلِ الأيهَمِ في عهدِ الوعودِ،
فَلن يَقهرَ النّزفَ المختالَ في مَدارِ الجِراح
إلا تَمائمَ الصّبرِ على هَوْدجِ السّنين.
مَيْسان: كلُّ نَجم شديد اللّمعان.
نيسان 2014
إليكم مقتطفات بعض مما علق على هامشها متسلساً حتى السعود ، ولدى السعود عود ...!!
مصطفى المهاجر
مونولوج داخلي مثير و ممتع... الحوار مع الذات في لجظات الصمت ، أبلغ من الصراخ في وديان الضوضاء الصاخبة...!!!!
جواد غلوم
لو كان هذا نيسانك طافحا بمثل هذا الشعر فمرحبا بطلّته
ليذهب الصبر والنزف والالم الى الجحيم
ميّادة ابو شنب ردا على : جواد غلوم
كان في نيسان يوم ككلّ الأيام
أصبح في نيسان يوم هو كلّ الأيام
زاحم جهاد مطر
والى متى نلوذ بتمائم الصبر يا ميادة.
اردنا الحياة ولكن :
لم يستجب القدر ولا القيد انكسر بل تبدل
الشاعرة المثقفة بامتياز شكرا على هذا النص المفعم و الكتنز بالفخامة .
د هناء القاضي
يتسلّلُ من ظِلِّ قوسِ النّصرِ مَيْساني،
ليُؤنسَني بلحنِ الضّوءِ اللّقيط.
أتَفقدُني خِلسةً في خريفِ خوائِكَ،
هل قدر البعض منّا أن يظل مصاهرا للحلم ؟؟ فنغتنم مرور شعاع أو دغدغة نسمة لتشعل فينا ذلك الجمر .
ميّادة ابو شنب ردا على : د هناء القاضي
حين يقذفنا القدر بعشوائيته... وننأى عن "هلالنا الخصيب"، لن تنمو أحلامنا إلا على عصارة الحنين.
لمرورك على ضفاف نصّي عبق بستان ورود
سعود الأسدي
ميّادة الشوق!
هذا الشعر مذ زمنٍ
لـم تُسعدينــــا بــه والنصـــرُ مَيْسـاني
وأغْصُنُ الميس في نيسانَ قد رقصتْ
كأنّمـــــا حلــــمُ الأشجـــــارِ نيســـاني
والصبـحُ إطلالــــةٌ بالنــــورِ تُؤنـسُني
وبهجـــــة الروح غنّتْ : ليس تنساني
قد تيــــأسُ الناسُ ممّا قد ألــمَّ بهـــــا
أمّـا أنـــا فسأبقى غيـــرَ يأســـــــــانِِ
ولـــيس ذلك منــي عـــــــن مكابـرةٍ
فالشعرُ الليــلُ لي من بعض فرساني
باحترام ومودة
ميّادة ابو شنب ردا على : سعود الأسدي
الشاعر الشاعر سعود الأسدي
ينهل حرفي من أغادير إبداعك على مهل... فيزهر ويضوع شذاه حين تجيزه باطلالتك الطافحة شعراً ولحناً.
ممتنّة لتقييمك الميساني
6 المشهد السادس تقديم بنظرات خاطفة لترجمة نصوصها ، و لمسات من التعليقات :
أ - ترجمة إلى الإنجليزية لنص الأديبة
استِعارةٌ مَوسِميّة / ترجمة: فرياد ابراهيم
...........................................................................
بعض ما ورد تعليقاً على الترجمة متسلسلاً :
ماجد الغرباوي
نص (استعارة موسمية) نص ثري في مداليله ومعانيه، باذخ في صوره الشعرية، مكتنز في رموزه وايحاءاته. ترجمة موفقه، دمت اديبا قديرا.
جمعة عبدالله javascript:void(0);
يحمل في طياته روائع الشعر , من الايحاء الى الرمزية , الى التوغل العميق في الروح , انها قصيدة مميزة.
حسن البصام javascript:void(0);
اختيار مدروس لنص تتوفر فيه غواية الترجمة ..اعتقد ان في مثل تلك النصوص تلاقي المترجم صعوبات في صياغات الجمل الشعرية المكتنزة والضاجة بالتاويلات.
بهجت عباس javascript:void(0);
ترجمة باذخة لنصّ عميق المعنى ذي رموز تتطلّب تفكيراً وجهداً لفهمها قالم بها مترجم حاذق وقد أجاد حقّاً في ترجمتها. ولكنّي وقفت لحظة عند هذا المقطع.....
ب - والدكتور بهجت عباس نفسه يترجم إلى الألمانية لثلاثة من نصوصها :
سوء تفاهم
....................
عناد
لأن موعدنا
مع شروق الشمس
تأجّل الفجر
لصباح غير مسمّى
فكان موعدنا
مع الغروب
لتنسى الشمس معنى المغيب
وحين كان موعدنا
بعد خسوف القمر
لم يعد القمر
..................
خرافة السّنونو
هلّلتْ طيور السّنونو
عند ولادتك
إذ استقبلتْ أجمل سنونوه
وفراشات المونارك
أقامت على ثوبك
عسى أن تنال مزيداً من الجمال
والرياح هدأت
حين لمست عطركِ
والزهور..... من بعيد
ترقب غصنك
فقد جاء الربيع
احتفاءً بكِ.
ميّادة ابو شنب تعقب على ترجمة أ.د. بهجت : javascript:void(0);
بهجة ما بعدها بهجة، حين يختار حسّك المرهف بوحي الغرير ويحتضنه بأمانة تحت كنف إبداعك الوارف.
رعايتك لحرفي وريّه بمحبة ليتفتّح وروداً في بساتين جديدة، لهي وسام فخر أعتز به جداً.
اختيارك لهذه النصوص من مجموعتي الشعرية الأولى دليل تفاعلك مع الكلمة التي تحمل معان انسانية وتترجمها حتى لا تبقى حكراً على القارئ العربي.
شموع مضيئة في محراب المحبة ودعاء من القلب العامر بالعرفان والامتنان لوجدانك العاشق للجمال لأنه يعيه ويحياه
أ. د. بهجت عباس يجيب : javascript:void(0);
والحق إنّها نصوصك الرائعة بمعناها العميق ولغتها المنسابة هي التي جعلتني أنقلها إلى لغة أخرى ليعرف الطرف
الآخر مفهوم الحياة لدينا المُعبَّـر عنها ، وخصوصاً في الشعر الأنثوي، والتي نحياها،
والإبداع الذي لا يكون محصوراً في شعب دون آخر، أو فئات معينّة. كما قد تفيد العرب
الذين يدرسون اللغة الألمانية أو الألمان الذين يتعلمون العربية . حاولت جهدي أن أكون
أميناً في نقلها وأن أضعها في نغم مشابه لهذه النصوص، وأن أحافظ على روح النصّ.
أرجو أن أكون وُفِّقت في مهمّتي، والغاية هي خدمة الثقافة بصورة عامة وتقديم ما أستطيع
والشاعر المترجم جميل حسين الساعدي ، وهو يجيد الألمانية ، وله ترجمات مشهود لها منها وإليها يبدي رأيه الحصيف خول ترحمة أ. د. بهجت قائلاً
الشاعر المبدع والمترجم الحاذق د. بهجت عباس
هذه الترجمة متميزة عن ترجماتك السابقة, رغم
أن جميعها ترجمات أمينة ورائعة, لكن هنا شعرت
وكأن شاعرا ألمانيا مثل هسة أو هاينرش هاينة , قد كتب هذه القصائد
تحياتي للأخت ميّادة أبو شنب
ولك حصيصا باقات من الورود من أجمل الورود
لهذه الترجمة المبهرة
ومثلما قلت من يقرأها يعتقد أن كاتبها شاعر ألماني وليست ترجمة.
7 - المشهد السابع : موجز خاطف لقراءآت نقدية من نصوصها :
أ - ماجد الغرباوي :
ميادة ابو شنب ونصها: "استِعارةٌ مَوسِميّة" .. قراءة أولية))
منذ مطلع القصيدة تفاجؤنا الشاعرة ميادة أبو شنب في نصها الجديد (استِعارةٌ مَوسِميّة) باسلوب رمزي، يدعو للتأمل في سياقات النص بحثا عن مآلاته ضمن المنحى الفكري والثقافي لها. فهي شاعرة رهيفة ترتكز في كتاباتها إلى خلفية فكرية وثقافية، يؤكد ذلك ديوانها الأول الصادر سنة 2002م بعنوان: "رسائل من بريد السنونو" إذ تجد الشاعرة تعمل في أكثر نصوصها على ثيمتين: "حرية المرأة". و"تداعيات العلاقة بالرجل المتخلّف" او (الصحراوي) كما تسميه، حيث لازمها خوف مرير من رجل لا يفهم المرأة الإنسان،
أخافك خريفا مراهقا
وأنا ورقة شجر
في نصها الجديد، (استِعارةٌ مَوسِميّة) ظلت الشاعرة وفية لمنهجها في الكتابة الواعية لأهدافها فعالجت في نصها الجديد موضوع الغربة والاغتراب والبعد عن الأحبة والأوطان، واشكالية
أتَفقدُني خِلسةً في خريفِ خوائِكَ،
رعشةَ رهامٍ ...
تَميدُ في أنفاسِ المَغيب.
فهي تعيشه لحظة سحرية، لا يتوارى عن عينها ووجدانها، مهما كان البعد، ومهما بعدت الشقة، لذا رغم اليأس تعود الشاعرة لتعزف سيمفونية الأمل، ما يعكس قوة تعلقها بميسانها / بحبيبها، وعمق العلاقة الروحية والعاطفية، فاختارت أسلوبا رمزيا بارعا في التعبير عن أمنياتها المشوبة باليأس، ضمن قدسية الأمكنية والأزمنة التي احتضنت حبهما.
بنية النص بلاغيا
أولا: الضياع والغربة والخوف من خسارة الحبيب وتبدد الحلم.
ثانيا: بدأت الشاعرة نصها بأفعال مضارعة كي تمنح المشهد الشعري ديناميكية وحيوية واستمراية تضع القارئ في مداراته، وتشده لمتابعته.
ثالثا: رغم ترميز النص وثرائه الدلالي، إلا إن المنحى التأويلي فيه ظلّ متوازنا لا يتطلب جهدا تأويليا كبيرا. وهذا ليس نقصا بل ضرورة فرضتها معمارية النص وميكانيكية اللغة
رابعا: نقطة اخيرة، إن كثافة الترميز برأيي اقتضتها صعوبة المشهد، مشهد غياب الحبيب / الأحبة / الوطن في ظل غربة قاتلة، وللضرورات أحكامها، وليس هناك أي خلل بنائي بسبب الكثافة الرمزية.
.........................................................
أبو شنب تشيد بنص الغرباوي :
قراءتك لخفايا نصي جعلتني أغبطه... بل أحسده، إذ أثار قدرتك النقدية الكامنة وأستشفّ منها ذروة الفنيّة وعمق التأويل... كنسمة زائرة من بحر صيفي وديع تزيل الرمال عن زنابق الساحل في أوج رونقها...وحدها تجرؤ على تحديد موعد لقائها مع أشعة الشمس دون أن تخدش لونها أو شذاها...
قراءتك المبهرة هي قراءة خلجات وجدانية اجتاحت سكون ليل أيهم وأوقعتني في أسر مزيج من المشاعر التي تآمرت على بقايا آمال... فكان لا بدّ من النّزال بكفاءة تصون كينونة الوعود التي تتناسل منها رغبتنا في الحياة.
ب - سردار محمد سعيد:
(ميادة ابو شنب ورسائلها في بريد السنونو .. قراءة نقدية )
نصوص مكثفة لا ترهل فيها والعنوان يصرخ بالمتلقي أولا ً وبعد قراءة ديوان "رسائل من بريد السنونو" للشاعرة المائزة ميادة أبو شنب يلحظ أن النصوص صرخة أنثى بوجه المجتمع الذي استفحلت الذكورة فيه وهيمنت على المجتمع الأمومي ولكنها كأنثى طبيعية وهي محض انسان تحب الحياة وتعشقها تتحدى الذكورة بجرأة......
الخطاب في الديوان عامة يجري على لسان أنثى تفخر وتعتز وتعتد بحقيقة الأنوثة التي لا يستغني عنها ذ َكر من غير اسفاف أو إيروسية متعمدة غايتها جلب أنظار الذكورة للنص وتحفيزها لدغدغة المشاعر البدائية:
خذ تفاحتي
تلذذ بطعمها
ولا تتردد
وهذا يذكّر بتفاحة حواء وثمرة عشتار التي طلبت من جلجامش التلذذ بها .......
إن ما يجري على لسانها هو لسان حال النساء جميعا ً اللواتي قهرتهن وظلمتهن الذكورة طوال دهور، وإن أنكرت ذلك عبدات الذكورة فخشين قولة أحبك وأعشقك إذ سيوقعن أنفسهن تحت طائلة عقاب الذكوريين.......
تصدع ميادة بالأنوثة وتفخر بها فلا تغلف نصوصها باستعارات لفظية كما تفعل غيرها من الشواعر فهي تتحدث عن الحب والعشق بصراحة الأنثى الواثقة من أنوثتها التي فرضتها عليها الطبيعة .....
نصوص ميادة ناتجة عن وعي بالتاريخ فلا يعقل أنه بعد آلاف من السنين من صدح عشتار بالحب يعترض الذكوريون والذكوريات على صدح ميادة:
تعال ياجلجامش وكن عريسي
وهبني ثمرتك أتمتع بها
موقف النقد الثابت في النظر إلى جيد النصوص من رداءتها وصوره البنيويه في التاكيد على البلاغة دون النظر إلى العوامل الخارجية والطبيعة الفردية معا ًوالتي تقلل من الغاية النقدية كما تقلل من فخامة وروعة النصوص.....
شعر ميادة يتوجه نحو سر الذات وآلامها، يتجاوز الوجهات الجاهزة والثابتة في أي شعر فلا تخشى صولة فكرها ورأيها في التعبير بأي كلمة أو لفظة أو خطاب يمكن التعبير به في خدمة النص الشعري..... .
وتزيد فتبدو الأنوثة وقد انهارت أمام الذكورة:
يثير وحشيتي
لأنني أنانية مثلك
ولا بد ان أتلذذ بخسارتك......
ميادة الشاعرة لا تجعل من الأنثى مثالية ولا من الذكر مثالي وهما متكاملان في المجتمع الإنساني ما للذكر ما للأنثى وليس أكثر ولا يفضل أحدهما الآخر إلا بصدق المشاعر والنيات.
فيك أحيا ربيعا ً آخر
تتوجني مليكة لكل الألوان
وتنصب عرشي على أعلى التلال........
.....................................................
ميادة أبو شنب تشيد بقراءة سردار النقدية :
" كنت فريسة الانتظار منذ حضور مفرداتي بحلتها الطفولية إلى مختبر الفن والجمال... ومثولها على شريحة مجهرك الأبجدي...
وغدوت مع تقييمك وتحليلك الغائر في وجداني الأنثوي، ريشة في فضاء من أثير البهجة والحبور...
قراءتك التأمليّة نثرت على نصوصي رذاذاً من ألوان النبض وغرست في ظلالها شموعاً مضيئة كشفت تنهداتها المستترة...
تناثرت حروفي نشوة في جنّة نصك... فلملمتها لأغزل منها سرباً من نجمات تتلألأ بوهج الشكر والامتنان لحرفك الشمس..."
شكراً لكم لمرافقتي لتفهم بعض جوانب ميادة أبو شنب كشاعرة وإعلامية وامرأة وناشطة ، انتصاراً للمرأة العربية، وهذا ديدني ، حسب وجهة نظري تحليلاً ونقداً وتقدمة ، وقد أوجزتُ ما قدّمه المترجمون والنقّاد الآخرون لنصوصها ، وشكراً لها لِما زوّدتني من معلومات عن نشأتها وشهاداتها ومشاركاتها ، ضمنتها في المشهد الثالث .
والله الموفق لكل خير ، والسلام .
على المرءِ أن يسعى بمقدارِ جهدهِ *** وليس عليهِ أن يكونَ موفقا
كريم مرزة الأسدي
كشهابٍ حَطُمَ زجاجة السماء
وعلى الأرض ... لم يَرضَ السقوط
ذنبٌ لن أغفرَه
والعقابُ: قبلة
لا بدّ أن تموت
في لغتها الأخرى ومحاكمتها ، هي أنثى ما بعدها أنثى ، لا يعرف الرجل معنى المرأة تماماً ، ولا ينحسس بعشقها وتعشّقها حتى الذوبان ، ولا يتلذذ بقبلتها حتى الموت ، إذا لم يستملكها بالتمام والكمال دون غيره من الرجال ، وإلا لم تعد زوجه كما أرادت غريزته - ناهيك عن الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والتقاليد الاجتماعية - ، وغريزة التملك نفسها عند المرأة ، ودافعها الجنس ، لأن الرجل والمرأة نوع واحد ، والحق الأنواع المتباينة لا يمكن لها التزواج ، إلا ما ندر ، ويكون نسلهما عقيم كالبغل ، من هنا يجب أن نفهم ونتفهم أن المرأة هي نفسه الرجل غريزيا ، وإن تعددت الزوجات عند الرجل ، لا يعني هذا إلى إلغاء الغريزة أو ضعفها عند المرأة ، بل تتنافس الزوجات بشتى الوسائل لتكون هي الأولى والأخيرة في حياة زوجها ، من هنا دون تعمد من الشاعرة لكل هذه التفصيلات ، وضعت صوراً رائعة حتى الإلهام ،وبجرأة متناهية صادقة العواطف والأحاسيس والمشاعر ، ولا تخفى المسحة الساخرة والرسوم الكاركتيرية فيها ...!!
وسأنقل لك صورة أخرى تتضمن الأحاسيس الإنثوية نفسها ، من امرأ ة أميرة مقتدرة على قول ما تختلج بها نفسها ، وتعكسه شعرا ملهماً دون تردد ولا خوف ولا وجل ، ألا وهي الولادة ابنة المستكفي بالله الأموي الأندلسي ، عاشت بين ( 994 - 1091 م) ، نشأت علاقة بينها وبين الوزير والشاعر الشهير إبن زيدون ، واتَّقدت جذوة الحب بينهما حتى الانصهار والصهر ...!! ، لكن نشبت خلافات بينهما بسبب جاريتها التي تتمتع بصوت جميل ، جرفت شاعرنا إلى حيث الشبهة ، أو قل الخطيئة ، المكشوفة ، والمرأة بحدسها الأنثوي الرهيب ، لا تخفى عليها بواطن الأمور ، لو أفسم عشيقها بألف ألف يمين ، المهم الولادة ، رمت عليه أبياتها التالية ، ولم تتزوج من بعد طيلة حياتها ، وقاربت القرن أو تكاد ...!!:
لو كنتَ تُنصِفُ في الهوى ما بيننا *** لـم تهـوَ جـاريتي ولـم تتـخيَّـرِ
وَتـركـتَ غـصـناً مثمـراً بجـمـالـه *** وجنحْتَ للغصنِ الذي لم يثمرِ
ولقـد عـلـمْـتَ بـأنّـني بـدر الســمـا *** لَكن دهيت لشقوتي بالمشتري
وعُرفت ولَّادة بكتابتها لبيتين شهيرين من الشعر تزهو فيهما بنفسها، وكان كل واحد منهما منقوشاً على جهة من ثوبها، تقول فيهما
أنـــا والله أصــلُـحُ للـمـعـــالي *** وأمشي مشـيتي وأتيـهُ تيـهـا
أُمَكِّنُ عاشقي من صحْنِ خدِّي *** وأُعطي قُبلتي مَن يَشـتهيهـا
تكتفي بهذا القدر الوافي ، لندخل عالم ميادة من حيث نشأتها ، شهاداتها ، منشورتها ، ما قيل عنها ، وكتب عن شعرها تحليلاً وترجمة .
3 - المشهد الثالث : تقديمي لها - من هي ميادة أبو شنب ...؟؟؟
شاعرتنا وإعلاميتنا من مواليد مدينة عكا الفلسطينية التاريخية - منذ الألف الثالث قبل الميلاد - تقع في الطرف الشمالي لخليج عكا ، وقد حمت أسوار المدينة العريقة أهلها من التهجير سنة النكبة.
درست شاعرتنا في معهد هندسة "البيئة" ، وحصلت على شهادة Landscape Architect
، ثم درست علم الآثار والفنون التشكيلية في جامعة حيفا ، وفي سنة (2002) شاركت في حفريات أثريّة ، وفي إصدار تقرير مفصّل باللغة الانجليزية عن نتائج الحفريات بإشراف قسم الابحاث في جامعة حيفا، تمّ توزيعه في أنحاء العالم، وشاركت في عدّة دورات تدريبية في مجال علم الاجتماع ، وعلم النفس والتربية ، والترجمة الفورية ، فهي تجيد اللغة العربية والعبرية والانجليزية.
في سنة 1992 شاركت في إصدار مجموعة أدبية لنخبة من الأدباء الشباب "الغد المشرق" بمبادرة وإشراف الشاعر القدير ميشيل حداد.
نشرت العديد من النصوص في المجلات الأدبية : المواكب والمجتمع (في فلسطين)
شاركت في عدّة ندوات أدبية
وفي سنة 2002، قبل هجرتها إلى كندا بفترة قصيرة، أصدرت مجموعتها الشعرية الأولى بإشراف الشاعر القدير د. عناد جابر ، بعنوان "رسائل من بريد السنونو" وقد تولّى الشاعران القديران د. عناد جابر و د. جمال قعوار توزيعها.
تعمل حالياً في التدريس والترجمة في كندا ، وتشارك في تحرير صحيفة المثقف ، وحصلت على شهادة تقديرية من "المثقف" (2012) بعد فترة قصيرة من انضمامها لأسرة تحريرها. ثم حصلت على " درع المثقف للثقافة والأدب والفن" 2014 كإعلامية في صحيفة "المثقف"
4 - المشهد الرابع - انتصاراً للمرأة العربية : آراء تشعُّ من كتاباتها ومقالاتها عن المرأة :
في مقالة لها تحت عنوان (المرأة في عصر الجاهلية الجديدة) ، تطلق صيحتها الواعية المتألمة بمناسبة يوم المرأة العالمي، للتضامن مع المرأة المسلوبة الإنسانية كما ترتأي قائلة :
" من صميم الألم نطلقها، إلى كل نساء الكون في يوم المرأة العالمي، من صحيفة ومؤسسة "المثقف"، للتضامن مع المرأة مسلوبة الإنسانيّة.
دعاء بالرّحمة من ربّ الرّحمة وصلاة استسقاء لمطر من المفاتيح تفكّ إسار كل إمرأة مكبّلة بالتخلّف والجاهليّة، وأن تمنّ عليها يد الخالق بالإنعتاق وتحرسها عينه حتى عودتها إلى مملكتها الآمنة - بيتها- وأهلها.
لا يوجد دولة في العالم قد منحت المرأة حقوقها الكاملة، فانتهاكات حقوق المرأة هي وصمة عار على جبين الحضارة الانسانيّة. لكنهم يثابرون من أجل أن تكون المرأة آمنة من العنف، متمتّعة بحقوق الإنسان، وقادرة اقتصادياً من خلال تكافؤ فرص التعليم والعمل والمشاركة باتخاذ القرارات."
وتكرر أديبتنا الشاعرة الإعلامية النشطة على هذه النقطة وغيرها بقولها في مقال آخر وسمته بـ
(المرأة واستراتيجية الفعل السياسي) :
" إن القانون المدني يخاطب المرأة كمواطن يتمتع بكافة الحقوق كشريكها الرجل، لكن قانون الأحوال الشخصية يساهم في ترسيخ دونية المرأة التي تنسجم مع معتقدات أفراد المجتمع محدودي الوعي. وهذا يلجم طموح المرأة في خوض الميادين ذات "الطابع الذكوري" ... إن تبوء المرأة أعلى المناصب في القيادة والسياسة منذ فجر التاريخ لهو الدليل الدامغ على قدرتها، التي لا بدّ أنها تطوّرت مع مرّ العصور، في اتخاذ القرارات وريادة الشعوب.
نظرا لاهمية دور المرأة سياسيا ومساندة لسعيها الحثيث في انتزاع حقها في الحضور الفاعل في مراكز اتخاذ القرار وفي الساحة السياسية، ولان كل خطوة عملية تسبقها رؤية نظرية، لذا قررنا ان يكون موضوع ملف يوم المرأة العالمي لهذا العام ....."
ونحن نركز على كلمة (المشاركة باتخاذ القرارات) السيادية فعلاً ناجزاً ، وإلا فهنا مكمن الخلل الكبير لانقلاب الأمم عاليها دانيها ، لا من حيث وجوب الالتزام بالقوانين المدنية ، والتجاوب مع الصرخات الداعية للمساواة ... كلاّ ... وإنما التوازن الحيوي الطبيعي سنّة فرضتها الحياة ، نعم الحياة سر وجودها وتحضرها ، وازدهارها ، وسعادتها بالتوازن الطبيعي لكل الكائنات الحية وغير الحية في الطبيعة ، والكون ، فعندما يحدث خلل كبير في التوازن تحدث الكوارث والحروب ، وهلاك البشر والحشر والشجر والحجر ، والرجل والمرأة خلقهما الله متكاملين تماماً ، لا بمتوازيين ولا بمتساويين ولا بمتنافسين ، لذلك المرأة تسدد الخلل السلوكي ، الفكري ، التخطيطي ، الاقتصادي ، الصحي ، التعليمي ، التربوي ...، وكذلك الرجل مثله مثلها ، لذا يجب أن تكون القرارات السيادية لتسيير دفة حياة المجتمع بالاشتراك الفعلي الناجز ، وأنا من وجهة نظري لو كان الأمر كما نوهنا ، لما رأيت الحروب والمجاعات والأمراض والجهل والفقر بهذا المستوى الرهيب ، ولا تنسوا المرأة أم ، ولديها غريزة الأمومة ، وهي الأقوى من بين كل غرائز الإنسان ، أرجو أن لا يحرف رأينا لأمور شخصية هامشية ، كالحجاب والسفور ... والتبرج ... وتربية الأطفال ، والأسرة ، هذه أمور شخصية وعائلية يتفاهم عليها الرجل والمرأة ...!! الذي أريد أن أقول ، المطالبة بالانتصار للمرأة لايعني التبرج ، والتفكك الأسري ، كما يهمشون ويمشون ..!!
لقد شخصت ميادة المرأة في مقالة لها بعنوان (المرأة والمجتمع .. الطموحات والقابليات) العوائق التي تقف أمام قدراتها ، وميّزت إيجازاً بعض هذه القدرات ، وهي تفقه ما تقول ، وإليك قولها :
" أول درجة في سلم الارتقاء هي تحنيط الاعراف والتقاليد، خاصة المستوحاة وفق تفسير خاطيء من الدين، وفتح كل الابواب امام المرأة كي ترقى علميا ومعرفيا. فهي مَن حباه الخالق بقدرات ذهنية مميزة: كالنظرة الحاذقة للمستقبل، والدقة في تقييم قضايا العصر، والصبر على عاديات الدهر، وتخطّيها بعزيمة جبّارة من أجل البقاء. وعلى قمة هذا الهرم من الميّزات، نعمة الأمومة والحدس الانثوي."
5 - المشهد الخامس : تقديم قصيدتها " استِعارةٌ مَوسِميّة " ، توقّفتْ فوقفتُ ، لنكون شركةً بعد هذا !! فهاك بعض ما قال من علق عليها متسلسلاً لا منتخباً :
استِعارةٌ مَوسِميّة :
على بساطِي الخَمرِي ... يَختالُ
ذاكَ الضّياعُ المَنفِي.
يدخلُ جنّةَ ... ناري،
ينفخُ شهوةَ التّشردِ في لهيبِها الأسطوري،
روحاً تُشاكسُني...
وتُحلّقُ في خُرافةِ الألوان،
حين تنزح هالة شمالك
إلى أقاليم النسيان.
يتسلّلُ من ظِلِّ قوسِ النّصرِ مَيْساني،
ليُؤنسَني بلحنِ الضّوءِ اللّقيط.
أتَفقدُني خِلسةً في خريفِ خوائِكَ،
رعشةَ رهامٍ ...
تَميدُ في أنفاسِ المَغيب.
أستعيرُ حواسَكَ الموسِميّة،
ألامسُني ... بأناملكَ الطّيفِ
في فَجْرِ أنوثَةِ السّنابل.
ألثِمُني ... بجمرِ شفةٍ تَسْكنُ حُلمَ المَوقدِ.
أهمسُ لي سيمفونيةَ البونِ
في مدِّها اللّجلاجِ ...
وأعاتبُ الوترَ
إنْ حادَ عن جَزْرِ الوَميض.
سأفركُ كُلَّ مصَابيح الجنّ المنسِيّة
من سَالفِ الحبِّ
وغابرِ النّشوةِ والأنِين
مع تَغلغُلِ اللّيلِ الأيهَمِ في عهدِ الوعودِ،
فَلن يَقهرَ النّزفَ المختالَ في مَدارِ الجِراح
إلا تَمائمَ الصّبرِ على هَوْدجِ السّنين.
مَيْسان: كلُّ نَجم شديد اللّمعان.
نيسان 2014
إليكم مقتطفات بعض مما علق على هامشها متسلساً حتى السعود ، ولدى السعود عود ...!!
مصطفى المهاجر
مونولوج داخلي مثير و ممتع... الحوار مع الذات في لجظات الصمت ، أبلغ من الصراخ في وديان الضوضاء الصاخبة...!!!!
جواد غلوم
لو كان هذا نيسانك طافحا بمثل هذا الشعر فمرحبا بطلّته
ليذهب الصبر والنزف والالم الى الجحيم
ميّادة ابو شنب ردا على : جواد غلوم
كان في نيسان يوم ككلّ الأيام
أصبح في نيسان يوم هو كلّ الأيام
زاحم جهاد مطر
والى متى نلوذ بتمائم الصبر يا ميادة.
اردنا الحياة ولكن :
لم يستجب القدر ولا القيد انكسر بل تبدل
الشاعرة المثقفة بامتياز شكرا على هذا النص المفعم و الكتنز بالفخامة .
د هناء القاضي
يتسلّلُ من ظِلِّ قوسِ النّصرِ مَيْساني،
ليُؤنسَني بلحنِ الضّوءِ اللّقيط.
أتَفقدُني خِلسةً في خريفِ خوائِكَ،
هل قدر البعض منّا أن يظل مصاهرا للحلم ؟؟ فنغتنم مرور شعاع أو دغدغة نسمة لتشعل فينا ذلك الجمر .
ميّادة ابو شنب ردا على : د هناء القاضي
حين يقذفنا القدر بعشوائيته... وننأى عن "هلالنا الخصيب"، لن تنمو أحلامنا إلا على عصارة الحنين.
لمرورك على ضفاف نصّي عبق بستان ورود
سعود الأسدي
ميّادة الشوق!
هذا الشعر مذ زمنٍ
لـم تُسعدينــــا بــه والنصـــرُ مَيْسـاني
وأغْصُنُ الميس في نيسانَ قد رقصتْ
كأنّمـــــا حلــــمُ الأشجـــــارِ نيســـاني
والصبـحُ إطلالــــةٌ بالنــــورِ تُؤنـسُني
وبهجـــــة الروح غنّتْ : ليس تنساني
قد تيــــأسُ الناسُ ممّا قد ألــمَّ بهـــــا
أمّـا أنـــا فسأبقى غيـــرَ يأســـــــــانِِ
ولـــيس ذلك منــي عـــــــن مكابـرةٍ
فالشعرُ الليــلُ لي من بعض فرساني
باحترام ومودة
ميّادة ابو شنب ردا على : سعود الأسدي
الشاعر الشاعر سعود الأسدي
ينهل حرفي من أغادير إبداعك على مهل... فيزهر ويضوع شذاه حين تجيزه باطلالتك الطافحة شعراً ولحناً.
ممتنّة لتقييمك الميساني
6 المشهد السادس تقديم بنظرات خاطفة لترجمة نصوصها ، و لمسات من التعليقات :
أ - ترجمة إلى الإنجليزية لنص الأديبة
استِعارةٌ مَوسِميّة / ترجمة: فرياد ابراهيم
...........................................................................
بعض ما ورد تعليقاً على الترجمة متسلسلاً :
ماجد الغرباوي
نص (استعارة موسمية) نص ثري في مداليله ومعانيه، باذخ في صوره الشعرية، مكتنز في رموزه وايحاءاته. ترجمة موفقه، دمت اديبا قديرا.
جمعة عبدالله javascript:void(0);
يحمل في طياته روائع الشعر , من الايحاء الى الرمزية , الى التوغل العميق في الروح , انها قصيدة مميزة.
حسن البصام javascript:void(0);
اختيار مدروس لنص تتوفر فيه غواية الترجمة ..اعتقد ان في مثل تلك النصوص تلاقي المترجم صعوبات في صياغات الجمل الشعرية المكتنزة والضاجة بالتاويلات.
بهجت عباس javascript:void(0);
ترجمة باذخة لنصّ عميق المعنى ذي رموز تتطلّب تفكيراً وجهداً لفهمها قالم بها مترجم حاذق وقد أجاد حقّاً في ترجمتها. ولكنّي وقفت لحظة عند هذا المقطع.....
ب - والدكتور بهجت عباس نفسه يترجم إلى الألمانية لثلاثة من نصوصها :
سوء تفاهم
....................
عناد
لأن موعدنا
مع شروق الشمس
تأجّل الفجر
لصباح غير مسمّى
فكان موعدنا
مع الغروب
لتنسى الشمس معنى المغيب
وحين كان موعدنا
بعد خسوف القمر
لم يعد القمر
..................
خرافة السّنونو
هلّلتْ طيور السّنونو
عند ولادتك
إذ استقبلتْ أجمل سنونوه
وفراشات المونارك
أقامت على ثوبك
عسى أن تنال مزيداً من الجمال
والرياح هدأت
حين لمست عطركِ
والزهور..... من بعيد
ترقب غصنك
فقد جاء الربيع
احتفاءً بكِ.
ميّادة ابو شنب تعقب على ترجمة أ.د. بهجت : javascript:void(0);
بهجة ما بعدها بهجة، حين يختار حسّك المرهف بوحي الغرير ويحتضنه بأمانة تحت كنف إبداعك الوارف.
رعايتك لحرفي وريّه بمحبة ليتفتّح وروداً في بساتين جديدة، لهي وسام فخر أعتز به جداً.
اختيارك لهذه النصوص من مجموعتي الشعرية الأولى دليل تفاعلك مع الكلمة التي تحمل معان انسانية وتترجمها حتى لا تبقى حكراً على القارئ العربي.
شموع مضيئة في محراب المحبة ودعاء من القلب العامر بالعرفان والامتنان لوجدانك العاشق للجمال لأنه يعيه ويحياه
أ. د. بهجت عباس يجيب : javascript:void(0);
والحق إنّها نصوصك الرائعة بمعناها العميق ولغتها المنسابة هي التي جعلتني أنقلها إلى لغة أخرى ليعرف الطرف
الآخر مفهوم الحياة لدينا المُعبَّـر عنها ، وخصوصاً في الشعر الأنثوي، والتي نحياها،
والإبداع الذي لا يكون محصوراً في شعب دون آخر، أو فئات معينّة. كما قد تفيد العرب
الذين يدرسون اللغة الألمانية أو الألمان الذين يتعلمون العربية . حاولت جهدي أن أكون
أميناً في نقلها وأن أضعها في نغم مشابه لهذه النصوص، وأن أحافظ على روح النصّ.
أرجو أن أكون وُفِّقت في مهمّتي، والغاية هي خدمة الثقافة بصورة عامة وتقديم ما أستطيع
والشاعر المترجم جميل حسين الساعدي ، وهو يجيد الألمانية ، وله ترجمات مشهود لها منها وإليها يبدي رأيه الحصيف خول ترحمة أ. د. بهجت قائلاً
الشاعر المبدع والمترجم الحاذق د. بهجت عباس
هذه الترجمة متميزة عن ترجماتك السابقة, رغم
أن جميعها ترجمات أمينة ورائعة, لكن هنا شعرت
وكأن شاعرا ألمانيا مثل هسة أو هاينرش هاينة , قد كتب هذه القصائد
تحياتي للأخت ميّادة أبو شنب
ولك حصيصا باقات من الورود من أجمل الورود
لهذه الترجمة المبهرة
ومثلما قلت من يقرأها يعتقد أن كاتبها شاعر ألماني وليست ترجمة.
7 - المشهد السابع : موجز خاطف لقراءآت نقدية من نصوصها :
أ - ماجد الغرباوي :
ميادة ابو شنب ونصها: "استِعارةٌ مَوسِميّة" .. قراءة أولية))
منذ مطلع القصيدة تفاجؤنا الشاعرة ميادة أبو شنب في نصها الجديد (استِعارةٌ مَوسِميّة) باسلوب رمزي، يدعو للتأمل في سياقات النص بحثا عن مآلاته ضمن المنحى الفكري والثقافي لها. فهي شاعرة رهيفة ترتكز في كتاباتها إلى خلفية فكرية وثقافية، يؤكد ذلك ديوانها الأول الصادر سنة 2002م بعنوان: "رسائل من بريد السنونو" إذ تجد الشاعرة تعمل في أكثر نصوصها على ثيمتين: "حرية المرأة". و"تداعيات العلاقة بالرجل المتخلّف" او (الصحراوي) كما تسميه، حيث لازمها خوف مرير من رجل لا يفهم المرأة الإنسان،
أخافك خريفا مراهقا
وأنا ورقة شجر
في نصها الجديد، (استِعارةٌ مَوسِميّة) ظلت الشاعرة وفية لمنهجها في الكتابة الواعية لأهدافها فعالجت في نصها الجديد موضوع الغربة والاغتراب والبعد عن الأحبة والأوطان، واشكالية
أتَفقدُني خِلسةً في خريفِ خوائِكَ،
رعشةَ رهامٍ ...
تَميدُ في أنفاسِ المَغيب.
فهي تعيشه لحظة سحرية، لا يتوارى عن عينها ووجدانها، مهما كان البعد، ومهما بعدت الشقة، لذا رغم اليأس تعود الشاعرة لتعزف سيمفونية الأمل، ما يعكس قوة تعلقها بميسانها / بحبيبها، وعمق العلاقة الروحية والعاطفية، فاختارت أسلوبا رمزيا بارعا في التعبير عن أمنياتها المشوبة باليأس، ضمن قدسية الأمكنية والأزمنة التي احتضنت حبهما.
بنية النص بلاغيا
أولا: الضياع والغربة والخوف من خسارة الحبيب وتبدد الحلم.
ثانيا: بدأت الشاعرة نصها بأفعال مضارعة كي تمنح المشهد الشعري ديناميكية وحيوية واستمراية تضع القارئ في مداراته، وتشده لمتابعته.
ثالثا: رغم ترميز النص وثرائه الدلالي، إلا إن المنحى التأويلي فيه ظلّ متوازنا لا يتطلب جهدا تأويليا كبيرا. وهذا ليس نقصا بل ضرورة فرضتها معمارية النص وميكانيكية اللغة
رابعا: نقطة اخيرة، إن كثافة الترميز برأيي اقتضتها صعوبة المشهد، مشهد غياب الحبيب / الأحبة / الوطن في ظل غربة قاتلة، وللضرورات أحكامها، وليس هناك أي خلل بنائي بسبب الكثافة الرمزية.
.........................................................
أبو شنب تشيد بنص الغرباوي :
قراءتك لخفايا نصي جعلتني أغبطه... بل أحسده، إذ أثار قدرتك النقدية الكامنة وأستشفّ منها ذروة الفنيّة وعمق التأويل... كنسمة زائرة من بحر صيفي وديع تزيل الرمال عن زنابق الساحل في أوج رونقها...وحدها تجرؤ على تحديد موعد لقائها مع أشعة الشمس دون أن تخدش لونها أو شذاها...
قراءتك المبهرة هي قراءة خلجات وجدانية اجتاحت سكون ليل أيهم وأوقعتني في أسر مزيج من المشاعر التي تآمرت على بقايا آمال... فكان لا بدّ من النّزال بكفاءة تصون كينونة الوعود التي تتناسل منها رغبتنا في الحياة.
ب - سردار محمد سعيد:
(ميادة ابو شنب ورسائلها في بريد السنونو .. قراءة نقدية )
نصوص مكثفة لا ترهل فيها والعنوان يصرخ بالمتلقي أولا ً وبعد قراءة ديوان "رسائل من بريد السنونو" للشاعرة المائزة ميادة أبو شنب يلحظ أن النصوص صرخة أنثى بوجه المجتمع الذي استفحلت الذكورة فيه وهيمنت على المجتمع الأمومي ولكنها كأنثى طبيعية وهي محض انسان تحب الحياة وتعشقها تتحدى الذكورة بجرأة......
الخطاب في الديوان عامة يجري على لسان أنثى تفخر وتعتز وتعتد بحقيقة الأنوثة التي لا يستغني عنها ذ َكر من غير اسفاف أو إيروسية متعمدة غايتها جلب أنظار الذكورة للنص وتحفيزها لدغدغة المشاعر البدائية:
خذ تفاحتي
تلذذ بطعمها
ولا تتردد
وهذا يذكّر بتفاحة حواء وثمرة عشتار التي طلبت من جلجامش التلذذ بها .......
إن ما يجري على لسانها هو لسان حال النساء جميعا ً اللواتي قهرتهن وظلمتهن الذكورة طوال دهور، وإن أنكرت ذلك عبدات الذكورة فخشين قولة أحبك وأعشقك إذ سيوقعن أنفسهن تحت طائلة عقاب الذكوريين.......
تصدع ميادة بالأنوثة وتفخر بها فلا تغلف نصوصها باستعارات لفظية كما تفعل غيرها من الشواعر فهي تتحدث عن الحب والعشق بصراحة الأنثى الواثقة من أنوثتها التي فرضتها عليها الطبيعة .....
نصوص ميادة ناتجة عن وعي بالتاريخ فلا يعقل أنه بعد آلاف من السنين من صدح عشتار بالحب يعترض الذكوريون والذكوريات على صدح ميادة:
تعال ياجلجامش وكن عريسي
وهبني ثمرتك أتمتع بها
موقف النقد الثابت في النظر إلى جيد النصوص من رداءتها وصوره البنيويه في التاكيد على البلاغة دون النظر إلى العوامل الخارجية والطبيعة الفردية معا ًوالتي تقلل من الغاية النقدية كما تقلل من فخامة وروعة النصوص.....
شعر ميادة يتوجه نحو سر الذات وآلامها، يتجاوز الوجهات الجاهزة والثابتة في أي شعر فلا تخشى صولة فكرها ورأيها في التعبير بأي كلمة أو لفظة أو خطاب يمكن التعبير به في خدمة النص الشعري..... .
وتزيد فتبدو الأنوثة وقد انهارت أمام الذكورة:
يثير وحشيتي
لأنني أنانية مثلك
ولا بد ان أتلذذ بخسارتك......
ميادة الشاعرة لا تجعل من الأنثى مثالية ولا من الذكر مثالي وهما متكاملان في المجتمع الإنساني ما للذكر ما للأنثى وليس أكثر ولا يفضل أحدهما الآخر إلا بصدق المشاعر والنيات.
فيك أحيا ربيعا ً آخر
تتوجني مليكة لكل الألوان
وتنصب عرشي على أعلى التلال........
.....................................................
ميادة أبو شنب تشيد بقراءة سردار النقدية :
" كنت فريسة الانتظار منذ حضور مفرداتي بحلتها الطفولية إلى مختبر الفن والجمال... ومثولها على شريحة مجهرك الأبجدي...
وغدوت مع تقييمك وتحليلك الغائر في وجداني الأنثوي، ريشة في فضاء من أثير البهجة والحبور...
قراءتك التأمليّة نثرت على نصوصي رذاذاً من ألوان النبض وغرست في ظلالها شموعاً مضيئة كشفت تنهداتها المستترة...
تناثرت حروفي نشوة في جنّة نصك... فلملمتها لأغزل منها سرباً من نجمات تتلألأ بوهج الشكر والامتنان لحرفك الشمس..."
شكراً لكم لمرافقتي لتفهم بعض جوانب ميادة أبو شنب كشاعرة وإعلامية وامرأة وناشطة ، انتصاراً للمرأة العربية، وهذا ديدني ، حسب وجهة نظري تحليلاً ونقداً وتقدمة ، وقد أوجزتُ ما قدّمه المترجمون والنقّاد الآخرون لنصوصها ، وشكراً لها لِما زوّدتني من معلومات عن نشأتها وشهاداتها ومشاركاتها ، ضمنتها في المشهد الثالث .
والله الموفق لكل خير ، والسلام .
على المرءِ أن يسعى بمقدارِ جهدهِ *** وليس عليهِ أن يكونَ موفقا
كريم مرزة الأسدي
0 comments:
إرسال تعليق