١-
كُلّمَا رأيتُهُ يبتسمُ
أقولُ فِي سرّي:
أهذا العِراقُ؟!!.
فيجيبُني المهجرُ بمثَلٍ شهيرٍ:
يخلقُ مِنَ الشّبهِ أربعين!.
٢-
بلادي ترقدُ
فِي صالةِ ولادةٍ قيصريّةٍ
فالولادةٌ مُتعسِّرةٌ!
الجميعُ كأبٍ ينتظرُ مولودًا بترقّبٍ...
والطّبيبُ كالشّعبِ
فِي لظًى مِنْ أمرِهِ
بَيْنَ الحاويةِ والمحتوى!
وَمَا كَانَ ذَلِكَ الجنينُ الوَلِيدُ
سِوَى طفلةٍ جَميلَةٍ
تُدعى تشرينَ!.
٢-
أيَّتُها الغُربةُ
النصُّ الَّذي يكتبُني لغيركِ
انتعلَ طريقًا مُغايرًا
وفرَّ مَعهُ القَلَمُ
فكيف تودّينَ الاِنتِهاءَ إِليّ
وعقلي طردَكِ
مِنَ البابِ الخلفيِّ لقلبي؟!.
تمهّلي قليلاً
دعيني أدقُ أسفينًا آخرَ
في نعشِ اللّقاءِ.
٣-
أيُّها النّهْرُ
أعلمُ أنّكَ انتظرتني طويلاً
مِنْ أجلِ سيلفي قصيرٍ
لَكِنّي ما عدتُ أرغبُ فِي المضيّ إلَيْكَ!
فساقُ سيجارتي لا يسيرُ
لِنهرٍ بِضفةٍ واحدةٍ
لِذَا سأوقدُ سِيجَارةً عَلَى رُوحِ الّلقاءِ
وتَنَفَّسْ ما تبقى
مِنْ أُوكْسِجِينِ وداعي!
فكُلُّ لقاءٍ فراقٌ
وَمَا مِنْ يَومٍ
سألَ الفراقُ عَنِ التّلاقي.
٤-
كُلّمَا لجمَ فيَّ التّرحالُ لُغةَ الصّلاةِ
أُحدّقُ فِي السّماءِ وأصمتُ
لأنَّ اللهَ يعرفُ البقيّةِ...
٥-
بَلدي
ولأنّني إنكيدو زماني
أخشى عليكَ مِنْ نزالِ حاكمٍ
خشيةَ الجيادِ عَلَى الفارسِ!
٦-
حِينَ يكونُ مزاجُ قلمي حسنًا
أطلقُ سراحي للحَيَاةِ
وأنسى العِراقَ لبرهةٍ!
٧-
ألفتُ الفواجعَ فِي بَلدي
وصرتُ كاتبًا لَهَا
أتصيّدُ مآسيَ الهمِّ اليوميِّ
فِي بَلدٍ تُبللُّ الدّموعُ خديهِ...
حينًا أتلصّصُ عَلَى فواجعهِ بوجعٍ
وحينًا آخرَ أُطاردُها كأسدٍ جريحٍ
حَتَّى أمسى مذاقُ الوَطَنِ فِي فمي
مريرًا كالعلقمِ!.
٨-
حملتْني عربةُ الوَطَنِ
إِلَى منفًى بعيدٍ
فأبيتُ وأنَا أكتبُ
مِنْ وراءِ قضبانِ الغُربةِ
إِلَّا أنْ أكونَ نوحَ القلمِ وأيّوبَ الكلمةِ
فِي سبيلِ عراقٍ
استوطنَ حُبُّهُ قَلْبِي
يجولُ فِي ذاكرتي الموجوعةِ
ولا يُبارحُها أبدًا...
ولَكِنْ
مَاذَا ينفعُ المغتربُ
لو انتشرَ فِي كُلِّ الأوْطَانِ
وخسرَ وطنَهُ؟!.
٩-
بلادي
كلانا كالقمرِ!
لنا وجهانِ
أحدُهما مظلمٌ والآخرُ مضيءٌ!
كُلَّمَا تَقَوَّضَ كسوفُ أَحَدِنا
اِستَقَامَ بدرُ الآخَر!!.
١٠-
يَا الّلهُ
فِي التّاسعِ مِنْ نَيْسَانَ
كَذبُوا عَلَيْنَا أُكْذوبةً....
حَتّى صارَ الوَطَنُ
كَذبَةَ نَيْسَانَ!!
١١-
أيُّهَا الوطنُ المَسْلُوبُ
لا تَبكِ عليَّ!
فَقَطْ تَذَكَّرْ
كَمْ مِنْ مرّةٍ وَكَمْ
رفعوني قُرْبَانًا
عَلَى مَذْبحِكَ!
كَفكفْ دمعَكَ
ولَا تفتّشْ عَنْ مفتاحٍ....
عقلي مغلقٌ بالشّمعِ الأحمرِ!
وَلَا تبحثْ عَنْ طريقةٍ
فَقَدْ دخلَ التّرحالُ فُؤَادي
مِنْ بابِ عقلي...
فَلَسْتُ أنَا
مَنْ يَبْنِي عُشًّا فَوْقَ السَّحَابِ!
لِذَا لَا تَبكِ وَلَا تَنحَب...
يَوْمًا ستُشَفَى مِنّي.
١٢-
عام ٢٠٠٥ غازلتني الغُربةُ:
أعرفُكَ عَنْ بعدٍ
ولَكِنْ رُوحي تعرفُكَ عَنْ قربٍ
أوَلا يكفي التقاء روحينِ للتّعارفِ..
فعَلاَمَ تهابُ مِنّي؟!.
أجبتُها: ويحكِ
وَكَيفَ أهابُ وأنَا المَهِيبُ!.
ومِنْ حينِها طلّقَنيَ العِراقُ بِالثّلاثةِ
واكتفى مَعِي بالسّلفي!.
مِنْ ديوان ( سيلفي مع الوَطَنِ)
عَنْ دار ميزوبوتاميا
بغداد٢٠٢٠
0 comments:
إرسال تعليق