أسمهان عمّان/ د. عدنان الظاهر

( ليالي الأُنسِ في فيينا / من أغاني أسمهان الشهيرة )
كلاّ ... فيتو !
أُنسُ الدنيا في زُرقةِ عينيها فانوساً سحريّا
عاشقها يسهرُ في حاناتِ الخمْرِ
تسقيهِ الأكْؤسَ صِرفا
لا يدري هل مرَّ الليلُ أمْ الدهرُ
جَبَلٌ يحميها ظلاّ
يُسمِعُها وقتَ الأسحارِ لحوناً تُشجيها
يجثو حيثُ البوّابةُ تُدنيها
  يتقصّى أخبارَ الأسفارِ
عاشقُها السريُّ خضيدٌ مكسورُ
يبعثُ مكتوباً بالحِبْرِ المخفي
تقرَأُهُ وتفسّرُهُ حرفاً حرفا
الحبُّ كمالُ الأسماءِ الحُسنى
يعبدُها لاتاً أو عُزّى جَهْرا
مُذْ أنْ نحتَ الجبلُ العالي
من ماسةِ عينيها نوراً شذريّاً برقيّا
يفديها بالأنفسِ والأغلى
لا يرهبُ زوبعةً أو نوءاً في بحرِ
آهٍ عمّانَ اللوعةِ والجبلِ الأعلى والأشقى
خففْ واخفضْ إنْ مرّتْ رأسا
 الطيبُ يُقلّدُ ممشاها ظِلاّ
يقفو آثارَ الثغرِ إذا ما نطقتْ حَرْفا
ماذا
ماذا يجري خلفَ الصخرةِ والبُرجِ العالي
هل تسمعُ سيّدتي صوتا
يسألُ عن مملكةٍ مَسَحتها مشيا
في تَدْمُرَ أقدامُ أميرةِ إلهامِ الشعرِ
يهديها أختامَ الحَجرِ السحريِّ عقيقا
أطيافَ القمرِ المشحونِ شجونا
لولاها خسفتْ أقمارُ الزينةِ في مأواها
يا سيّدةَ الضربِ على أوتارِ قلوبِ العُشّاقِ
كوني الصوتَ الأسمى في سُلّمِ أنغامِ الأوتارِ
كوني الشعلةَ في كوّةِ مِشكاةِ الدارِ
حَجَراً من ماسٍ مصهورٍ مسكوبِ
تتمناهُ الحورُ قلائدَ أجيادِ
يفديكِ الجبلُ الساقطُ يحني رأسا
لمرورِ فخامةِ سيّدةِ الأطوارِ العليا
أنتِ الأجملُ والأكملُ حُسْنا  
ثغرُكِ جمرٌ مخمورُ
مَنْ يقربُ جمراً مخمورا في ثغرِ ؟
إفراطٌ في الزهدِ كثيرُ
وتعافين صعودَ مدارجِ أشواقِ الجبلِ الأعلى شأنا
حيثُ العاشقُ يسجدُ للسوسنِ عَبْدا
يمسحُ أختامَ الأقدامِ طُهورا
يصرخُ " ما هذا بشرٌ ... حاشا "
آنَ أوانُ صياحِ ديوكِ الفجرِ
عودي ودعي غيَرَكِ في أعلى الطورِ يُكلّمُ ربّا
عودي للبيتِ وصلّي من أجلي
فصلاتُكِ في عمّانَ دُعاءُ .
أمسحُ أجفاني
بالطيبِ وأفضلِ ما في الدنيا من عطرِ
أتجاسرُ أدنو منها بابا
أبحثُ عن حلِّ اللُغزِ
في لوحاتِ الرسم وقاعاتِ النحتِ
واأسفا ... ضاعتْ منّي !
تأتي ؟ ... لا تأتي
دَعْها للأقدارِ الخُرْسِ
الليلُ هو الأَزَلُ الباقي دهرا
جَبلٌ في كهفٍ يسعى
أنْ يدفنَ فيهِ أمرا
ماذا لو كشفته أُنثى
تحملُ سرَّ يمامةِ زرقاءِ العينِ 
تقرأُ شُفراتِ التأريخ الهجري والميلادي
الكنزُ المخبوءُ يموءُ
يكشفُ ما لم يكشفهُ الفانوسُ السحري
عن حبِّ تُخفيهِ راهبةُ تتعبّدُ في سينا
تتعاطى النجوى شِعْرا
في خطفِ البرقِ الساقطِ من عينيها شَذْرا .

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق