تطالعنا روايات وأخبار عن مشاكل وضغوطات يتعرض لها أولياء أمر تتمحور حول عدم تمكنهم من الاستحصال على وثيقة ولادة مولودهم أو امتناع ورفض بعض المؤسسات التربوية تسليم طلابها إفادات مدرسية لأسباب مالية.
من هنا، نشير إلى أنه لا يجوز للطبيب أو لإدارة أي مستشفى الامتناع عن توقيع وثيقة ولادة وتسليمها لأهل طفل بحجة انه يتوجب للمستشفى دين، لأن ذلك يشكل تعدياً على حق الطفل في أن يجري قيده وفقاً لأحكام القانون الالزامية التي لها طابع نظام عام اجتماعي آمر لاتصاله بحق الدولة بتنظيم قيود ووثائق الأحوال الشخصية وضبطها وفقاً للأصول.
وتكفل اتفاقية حقوق الطفل لجميع الأطفال حقوقهم في الحصول على اسم وجنسيّة والحماية والرعاية اللازمتين لهم. وان هذه الاتفاقية التي انضم إليها لبنان بموجب القانون رقم 20/1990 تشكل مصدراً من مصادر القاعدة القانونية تتقدم في التطبيق على أحكام القانون الداخلي، ولبنان ملتزم أيضاً بالإعلان العالمي لحقوق الانسان.
ولا ينبغي لأي نزاع بين الولي والمستشفى أن يؤثر على حقوق الطفل نفسه. وفي الإطار عينه، وعلى سبيل الاستئناس، لا يجوز لإدارة مدرسة أن ترفض تسليم طالب افادة مدرسية، بحجة وجود دين بذمة الأهل لصالح المدرسة، ولا يمكن لأي نزاع بين هذه الأخيرة وولاة أمر طالب أن يؤثر على حقوقه التعليمية، إذ أن ذلك المنع من شأنه أن يعيق حق الطالب في الانتساب إلى مؤسسة تربوية أخرى ويلحق به ضرراً (قاضي الأمور المستعجلة في النبطية، رقم 119 تاريخ 31/8/2020. وأيضاً: قاضي الأمور المستعجلة في جويا، تاريخ 12/10/2012. وفي نفس المعنى: محكمة الاستئناف المدنية في لبنان الشمالي، تاريخ 3/7/2008). ويمكن للمدرسة أن تسلك الطرق القانونية من أجل المطالبة بحقوقها وبالأقساط المدرسية المتوجبة بذمة أهل الطالب من دون أن يؤثر ذلك على حقوق هذا الأخير. وبالتالي، إن قرار المحكمة لا يهدر حق المدرسة بتحصيل حقوقها المادية، بل يحيلها إلى أساليب قانونية أخرى مثل مداعاة ولي الأمر أو التنفيذ على أملاكه، لكن المحكمة ترفض استغلال الإفادة وحجزها وحرمان طلاب من التعليم الذي يناقض الهدف الذي يفترض أن يكون قد ارتكز عليه أصحاب المدرسة لتأسيسها.
إخلال بعض المستشفيات والمؤسسات التربوية بواجباتها الاجتماعية والتنظيمية
إن تنظيم وثيقة الولادة التي يطلبها الأهل ويوقع عليها الطبيب ويصادق المختار عليها يخضع للمادة 11 من قانون قيد وثائق الأحوال الشخصية. ويمكن بموجب أمر على عريضة، إلزام إدارة مستشفى بتسليم وثيقة ولادة إلى المستدعي تحت طائلة دفع غرامة إكراهية عن كل يوم تأخير في التنفيذ من تاريخ التبليغ (قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، رقم 74 تاريخ 8/7/2006). ويمكن فرض غرامة إكراهية رفعاً للتعدي الواضح على الحقوق (محكمة التمييز المدنية، رقم 11 تاريخ 29/1/2002).
لذلك، لا يجوز لإدارة مستشفى الامتناع عن تسليم وثيقة ولادة طفل تحت أي ظرف وإلاّ كان موقفها مخالفاً للنظام العام (قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، تاريخ 25/11/2006). والوضع ذاته، بالنسبة لإدارة المؤسسات التربوية. وفي كافة الأحوال، يعود لقاضي الأمور المستعجلة صلاحية اتخاذ التدابير اللازمة لإزالة التعدي الواضح على الحقوق والأوضاع المشروعة ويكفي ثبوت حقوق أو أوضاع مشروعة وتعد واضح لتبرير هذا التدخل ويستثبت ذلك من ظاهر المستندات والمعطيات الواردة في الملف (محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، رقم 236 تاريخ 7/2/2019. وأيضاً: محكمة الاستئناف المدنية في لبنان الشمالي، تاريخ 25/10/2018).
ختاماً، يقتضي الحفاظ على الحقوق الأساسية وعدم هدرها والتنازل عنها وضرورة التمسك بها.
0 comments:
إرسال تعليق