What Did Sir Charles Warren Write about his Short Visit
to the Samaritans about a Century and a Half Ago, and an Appendix of Quotations from J. Mills Twenty Years before that
מה כתב האדון צ’ארלז וארֶן אודות ביקורו הקצר אצל
השומרונים לפני מאה וחמשים שנה בערך ונספח של ציטטות
ממה שכתב ג’ מילז עשרים שנה לפני כן
Haseeb Shehadeh
Helsinki University
Charles Warren, Underground Jerusalem: An Account of some of the Principal Difficulties Encountered in its Exploration and the Results Obtained. With a Narrative of: An Expedition through the Jordan Valley and a Visit to the Samaritans. London: Richard Bentley and Son, 1876 (594 pp.).
تشارلز وارين ، القدس تحت الأرض: سرْد لبعض الصعوبات الرئيسيّة التي تمّت مواجهتها في استكشافها والنتائج التي تمّ الحصول عليها. مع سرد: رحلة استكشافيّة عبر وادي الأردن وزيارة السامريّين. لندن: ريتشارد بنتلي وابنه ، 1876 (594 صفحة).
لا شكّ أنّ الكثيرين من السامريّين، لا سيّما الكبار في السنّ، قد سمِعوا الاسم الأجنبيّ، وارن، الوارد في بعض القِصص الشعبيّة السامريّة، وما أكثرها (اُنظر: בנימים צדקה, אוצר הסיפורים העממיים של הישראלים השומרונים, חלק א’. מכון א. ב. ללימודי השומרונות, הרגרזים –חולון –2021، ص. 181-185; 224-226; 275-281; 289-292; 303-312; חלק ב’ עמ’ 340-336، 463–466. بخصوص ترجمة عربيّة لتلك القِصص، اِبحث في محرّكات البحث عن عُنوان القصّة بالعربيّة واسم المترجم حسيب شحادة). ولكن ذلك الاسم هو (1919-1847) Edward Kirk Warren، وهو رجُل صناعة، ومخترع أمريكيّ ثريّ، تعرّف على السامريّين في فلسطين في العام 1903، وقدّم لهم مساعداتٍ مثل شِراء خيام السيوان لإيوائهم، خلال أيّام عيد القُربان/الفِسْح على جبل جريزيم، وشراء ماكنات خياطة لتعليم البنات، وفتح مدرسة لهم، للبنين والبنات. وثمّة مجموعة من المخطوطات السامريّة، التي كانت بحوزته، وهي الآن محفوظة في أمريكا (اُنظر: https://www.israelite-samaritans.com/samaritan-manuscripts/).
لكن الحديث هنا، يدور عن وارن آخرَ، إنّه جِنِرال، وعالِم آثار، ورسّام خرائط بريطانيّ (1840-1927)، كان من أوائل الأوروبيّين الذين أجْروا حفريّاتٍ في مِنطقة الحرم الشريف في القدس. وهو من مؤسّسي ”صُندوق استكشاف فلسطين“- (PEF) Palestine Exploration Fund- الشهير بدوريّته العلميّة العام 1865، وكان من أبرز الأعضاء في الصندوق، الكولونيل وعالم الآثار والدبلوماسيّ والكاتب البريطانيّ، لورنس العرب، Thomas Edward Lawrence, 1888-1935. كما كان السير تشالرز وارن هذا، عضوًا في اللجنة التنفيذيّة للصندوق منذ العام 1871 وحتّى وفاته. دافع وارن عن الاستيطان اليهوديّ في فلسطين [اُنظر كتابه: The Land of Promise: Or, Turkey’s Guarantee, 1875] ورأى أنّ فلسطين بحدودها الطبيعيّة تستطيع ٱستيعاب 15 مليون نسمة، إذا اُستغلّت مواردُها كما يجب. وهنالك كتاب عن حياة وارن هذا:
W. W. Williams (1941), The Life of the General Sir Charles Warren.
في الكتاب ذي العلاقة هنا، ”القدس تحت الأرض… “ المذكور تحت العُنوان أعلاه، والمتاح بالمجّان على الشبكة العنكبوتيّة، فصل قصير نسبيٍّا، ص. 206-235، عن زيارة السير رتشاردز وارِن للطائفة السامريّة في نابلس، في خلال الفترة الممتدّة من 16 نيسان إلى 22 منه من العام 1876. في ما يلي، خلاصة لما ورد في هذه الصفحات عن السامريّين.
يلي ذلك ملحق ضمّنته اِقتباساتٍ مختارة من الكتاب:
John Mills, Three Months’s Residence at Nablus, and an Account of the Modern Samaritans. London, 1864.
جون إدوارد ميلز (1812-1873)، اِهتمّ بالموسيقى، وعمل مبشِّرًا ليهود لندن، وزار فلسطين مرّتين لتحسين أدائه التبشيريّ لدى الميثوديّين الويلزيّين الكالڤينيّين. له إضافة للكتاب المذكور: يهود بريطانيون، لندن، 1858 و فلسطين باللغة الويلزيّة/الويلشيّة، 1858.
كنتُ قد قرأت هذا الكتاب في بدايات سبعينيّات القرن العشرين، خلال إعدادي لأُطروحة الدكتوراة في الجامعة العبريّة بإرشاد المرحوم البروفيسور زئيڤ بن حاييم (1907–2013)، ولكنه الآن متوفّر بترجمة عربيّة ومُتاح بالمجّان على الشبكة العنكبوتيّة.
ثلاثة أشهر في نابلس، الطائفة السامريّة عن قرب، جون ميلز، ترجمة الدكتور عامر أحمد القبَّج. قسم التاريخ/ كليّة العلوم الإنسانيّة، جامعة النجاح الوطنيّة. نابلس- فلسطين. شؤون الدراسات العليا والبحث العلميّ في جامعة الأقصى-غزّة - فلسطين،/ عمّان: دار دجلة ناشرون وموزعون 2020.
جون ميلز زار نابلس في العامين 1855 و 1860(قبل وارن بعشرين سنة تقريبًا) ومكث فيها ثلاثة أشهر، سكن في بيت عبدالله أبو دهود ورافقه شاب مترجم، على ما يظهر، باسم يوحنا ودأب، كما صرّح، على الاجتماع بالكاهن الأكبر آنذاك سلامة بن غزال المتوفّى عام 1857 ومن ثمّ بابنه عمران بن سلامة يوميّا، كما التقى كثيرًا بيعقوب بن هارون بن سلامة بن غزال الكاهن، الخازن وراعي الطائفة. ويعقوب هذا هو الذي أرى جون ملز درج أبيشع على عجل، عندما كان عمّه الكاهن الأكبر عمران في زيارة للقدس، وهو الذي أعدّ ملبّيًا طلب عمّه قائمةً بأسماء ثلاثة وثلاثين كتابًا في حوزة الكهنة وقدّمها لميلز. ذكر فيها بناء على طلب ميلز: العنوان، المؤلِّف، اللغة، التاريخ والموضوع. يشار لوقوع أخطاء واضحة في هذه القائمة مثل القول بأنّ كتاب الكافي ليوسف العسكري يعود إلى القرن السابع ميلادي إلخ. الجدير بالذكر أنّ ما وُضع بين قوسين () هو إضافة منّي؛ ويلاحظ اهتمام ميلز بمقارنة ما سمعه ورآه بما هو وارد في الكتاب المقدّس وأحال القارىء إلى ذلك.
إنّي على استعداد لأرسال نسخة إلكترونيّة من هذه الترجمة لكل من يطلبها منّي على العنوان:
Haseeb.Shehadeh@Helsinki.Fi
يستهلّ وارن حديثه بعِبارة مقتبسة من الشاعر البريطانيّ المعروف، جون مِلْتون (John Milton 1608-1674)، مفادها ”دخان على جريزيم، أُضحيتي“ - Smokes on Gerizim my sacrifice-. ثم يكتب وارن في بداية زيارته، اليوم السادس عشر من شهر نيسان من العام 1876, أنّه بدأ بالاستعداد لها، بالرغم من حالته الصِّحّيّة السيّئة جدّا، إلّا أنّه قرّر أن يُلبّيَ دعوة صديقه السامريّ، يعقوب الشلبي -Yacoob esh Shellaby- الناطق باسم الطائفة. كما تلقّى وارن معلوماتٍ قيّمةً من صديقه الألمانيّ البروتستنتيّ (لا يذكر اسمه)، الذي كان مدير مدرسة، والذي لم يكن على علاقة حسنة مع يعقوب المذكور، ولم يعرف من السامريّين سوى الكاهن عمران، ونعت نابلس بالمكان المتزمّت.
بلغ عدد سكّان نابلس المسلمين آونتَها، في العام 1876، عشرة آلاف، وعدد المسيحيّين، الأرثوذكس واللاتين والبروتستنت، خمسمائة وعدد اليهود مئتان، وعدد السامريّين مائة وخمسون. مارست الأكثريّة التعصّب الأعمى بدون أن تتعرّض لعقاب. نابلس أكثر مدن سوريا الكبرى تعصّبًا، ولا يعرف وارن سبب ذلك، أهو المناخ أم دم السكّان. لكلّ سكّان جبل إفرايم روح عنيفة عائبة، إنّهم ليسوا راضين عن أيّ شيء، وهم بخِلاف سائر سكّان فلسطين، بمثابة مصدر لإثارة المشاكل للحكومة التركيّة، التي كانت تسعى لتطويق عاداتهم ولكن بدون نتيجة. ولكن وجود السامريّين في نابلس، يجعلها مثيرةً جدًا للاهتمام. وقبل سنوات قليلة كان لهؤلاء الناس الغريبين بؤر استيطانيّة في دمشق ومدن أخرى في سوريا، ولكنّ الاضطهاد والعوز، أو عوامل طبيعيّة، جعلتهم يتضاءلون ويجتمعون تحت جبلهم المقدّس في نابلس.
وهم يختلفون في لباسهم وفي مظهرهم عن الآخرين، إذ أنّهم يغطّون الرأس بقُماش كتّان أحمر - red linen cloth- (المقصود، الطربوش لتمييزهم عن الآخرين). والمسلمون -Saracens- يلبَسون الطربوش الأبيض، والرجال المسيحيّون الساكنون في البلاد يلبسون الطربوش الأزرق الهنديّ، ولليهود الطربوش الأصفر. هذا ما وجد مكتوبًا في القرن الرابع عشر، وهو موجود حتّى اليوم: الطربوش الأحمر أو البنيّ للسامريّين باستثناء وقت الصلاة. بنيامين التطيلي اليهودي (ت. 1173 م.) الذي زار هذه المنطقة المثيرة للاهتمام، كتب أنّ في نابلس مائة من الكوتيين الذين يؤمنون بالتوراة فقط، واسمهم السامريون. لديم كهنة متحدّرون من هارون ويسمّونهم Aaronim، وهم يقرّبون الأضاحي في كُنُسهم على جبل جريزيم، كما ورد في التوراة، ويدّعون بأنّه الهيكل المقدّس. وفي عيد الفسح والأعياد، يقدّمون القرابين على المذبح الذي بَنَوْه على الجبل من الحِجارة التي جمعها بنو إسرائيل بعد عُبورهم نهر الأردن. يذكر الكاتب وارن هنا، رأيَ المؤرّخ اليهوديّ، فلاڤيوس يوسيفوس، (ت. 100م.) ورواية سِفر الملوك الثاني 17: 24-28 حول أصل السامريّين، إنّهم كوتيّون من كوت في العراق، أُرسلوا لاستبدال سبط إفرايم، الذي نقل إلى بلاد ما بين النهرين.
إنّ أتباع إبراهيم، السُّمَرة، عادوا لتقديم القُربان على جبل جريزيم، بعد أن منعهمُ المسلمون مدّة أربعين سنة وذلك بجهود السيّد Finn القنصل الإنچليزيّ (James Finn,1846-1862، ساعد السامريّين، مثل الرجوع عام 1852 والاحتفال بعيد القربان). نصب السامريّون الخيام على جبل جريزيم وكذلك السير وارن ورفاقه (لا يُفصح عنهم) في خِيام مجاورة. مرض وارن في الحلْق.
إنّ مدينة نابلس كانت منذ القِدم مدينة المياه، يذكر أن (النبي) محمّد Mahomet، أحبّ هذه المدينة أكثر من أيّة مدينة أخرى. Mejr-ed-din (مجير الدين الحنبلي العليمي؟) يقول بأن السُّمَرة سَمّوا نابلس بالقدس-El-Kuds- نابلس بقعة محبّبة في فلسطين، إذ فيها فقط تجري المياه بغزارة في كلّ فصول السنة. فيها ينابيع، أهي 33 أو 83 متدفّقة دوما (جون ميلز في كتابه المذكور آنفًا يذكر ما يقرب من 30 إلى 40 ينبوعا). موقع نابلس رائع، بين جبليْن عيبال في الشمال، وجريزيم في الجنوب. وقبر يوسف يبعد عن بئر يعقوب حوالي نصف ميل (حوالي 804,5 م). الأوّل تحت عيبال، والآخر تحت جريزيم. (اُنظر يوحنا 4: 5). بئر يعقوب كانت بحاجة للتنظيف.
بخصوص قبر يوسف، فإنّ التقليد الاسلاميّ يقول إِنّه في الخليل. قيل الكثير عن الجبلين، عيبال المقفر وجريزيم الخصب، ولكن في الواقع، ثمّة فرق بسيط بينهما، السفوح الجنوبيّة لكليهما جرداء، في حين أنّ الجهة الشماليّة لكليهما مُثمرة. هنالك طريقان يؤديان إلى جريزيم، جبل البركة. يرتفع جبل جريزيم 3000 قدم (914 م.) عن سطح البحر (في الأصل ocean، المحيط). أُجريت حفريّات على الجبل في العام 1866 من قِبل Major Wilson و Captain Anderson. يذكر قِبْلة السمرة- Kibleh- وهي عبارة عن صخرة طبيعيّة على الجبل. يذكر مكان كنيسة يوسْتِنْيان المثمّنة، ذات ثماني زوايا وأضلاع، وإلى الغرب من القلعة تقوم الاثنا عشر حجرًا التي وضعها، كما يعتقد السامريّون، يهوشع الملك، ولكن بالنسبة للعين الأوروبيّة فإنّها تبدو كأنّها جزء من الصخور الطبيعية. لا سِفْرَ للسُّمَرة بعد سِفْر يهوشع الذي كان نبيّا، كاهنًا وملكًا، بالنسبة للسمرة. هيكل القدس عبارة عن أُسطورة/myth. وفي الجهة الجنوبيّة للصخرة المقدّسة، يوجد تجويف، ويسمّيه السمرة قُدْس الأقداس، وإلي الجنوب من هناك مكان تقديم إبراهيم لابنه إسحاق. جبل السامريّين المبارك. في هذه المنطقة، قدّم إبراهيمُ إسحقَ، التقى ملكي تسيدك بإبراهيم وتسلّموا عشوره. هنا حلمَ يعقوب حُلْمه، وسمّى المكان بيت إيل، ولكن اسم تلك المدينة كان لوز. وهنا كان المذبح الذي أقامه يعقوب بعد رجوعه من فدان أرام، وسمّاه إيل إلوهي يسرائيل. يكتب وارن اللفظة ”مقدّس“ هكذا: Makdas (بقلب القاف كافًا). مع مثل هذا التبجيل لجبلهم، ومثل هذا الازدراء لليهود لدرجة أنّهم يسخرون منهم، لأنّهم لم يتركوا نظامًا منتظمًا للكهنوت، فهل يمكن أن نتساءل عمَّا إذا كان يجب أن تظل روح التنافس القديمة موجودة بين الناس؟ حتّى الآن، بعد تعرّضهم للضرب، والإحباط، وتضاؤل عددهم، لا يزالون يحتفظون بضراوة بأنفسهم ويحتقرون الآخرين.
Dean Stanley (Arthur Penrhyn Stanley, 1815-1881، عميد كهنة وِستْمِنستر ومؤرّخ لتاريخ الكنيسة، أحد مؤسسي PEF المذكورة آنفًا) وصف السامريّين، كما كتب تشارلز وارن، بدون إحالة لمصدر:
يتميّزون بفراستهم/ بخصائصهم (physiognomy) النبيلة ومظهرهم الفخم عن جميع فروع عِرق بني إسرائيل الأخرى. ولكنّه يعقّب على ذلك بقوله: لن أقول هذا، لم آخذ هذا الانطباع. بتخرقش راسي/مخّي بالعامّيّة -this did not strike me- باستثناء واحد وهو يعقوب الوسيم (يعقوب يوسف صدقة الشلبي الدنفي المولود في العام 1829، كان أوّل سامريّ سافر إلى الغرب، إنچلترا في العام 1854 وعاد إلى نابلس في خريف العام 1856. ويعقوب هذا كان قد ساعد جورج چروڤ عام 1861 على رؤية درج أبيشع. الجدير بالذكر، أنّ السيّدة ماري إليزا روجرز، 1828-1910، في كتابها المعروف Domestic Life in Palestine الصادر بطبعته الأولى العام 1862 كتبت: الرجال السامريون وسام عادة، طوال القامة، معافون وأذكياء، الذين يعرفون القراءة والكتابة قلائل جدّا. اُنظر https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=583903 )، أي يعقوب الشلبيّ آنف الذكر، فإنّ السامريّين يتمتّعون بمظهر متوسّط عاديّ، حسّي، منعكسٌ جيّدًا في صورتنا، ”وليس لديهم الهواء الحر لليهود“ أي: لا حريّة، انفتاح وثقة بالنفس، وربّما بقسط ما من نبل الشخصيّة، فهم ليسوا عبيدًا أو خدّامًا لأحد، -and have not the free air of the Jews-، سواء كانوا سفارديم أو أشكناز: ومع ذلك، نادرًا ما يكون من العدل مقارنتهم (أي السامريّين) بأبناء الجنس العبريّ، الذين كانوا منذ مئات السنين في المنفى خارج فلسطين (وارن لا يذكر أنّ السامريّين هم من بني إسرائيل، من ٱبني يوسف-إفرايم ومنشه- ولاوي، فهو أتى بما ورد في سفْر الملوك الثاني 17: 24، بخصوص أصلهم). بحسب رأيه يجب مقارنتهم بـالمسيحيّين الأصليّين وبمسلمي المدينة والفلّاحين والبدو، فإنّهم لا يتحلّون بأيّة خصائص متفوّقة، فهم عاديّون. هناك رجال ونساء وسيمون/جميلات بشكل لافت للنظر، بين السكّان الأصليّين في فلسطين. ووارن لم يرَ أحدًا كأولئك بين السامريّين.
قبل وصول وارن لنابلس، حدث انقسام بين السامريّين. لقد تمّ الاتّفاق على أن تضحّي العائلات بأغنامها بشكل منفرد، وأن تأكل لحم عيد الفسْح في المنزل، أو بمفردها، كما يفعل اليهود في الوقت الحاضر، كما فعل السامريّون قبل حوالي ثلاثين عامًا، عندما تمّ منعهم من تقديم الأضحية على الجبل. يبدو أنّه في عيد الفسح السابق، أخذ بعض الرجال، أكثر جشعًا من الباقين، أكثر من نصيبهم من العيد، واعتقد آخرون أنهّم تعرّضوا للخداع. كان يعقوب الشلبي يأمل أن يستفيد ماديًّا من زيارة وارن هذه لطائفته، إلّا أنّه واجه الكثير من المتاعب مع أفراد الأطراف المتضرّرة، وأقنعهم مرّة أخرى بالالتقاء كأُسرة سعيدة على قمّة الجبل المقدّس. كانوا على الجبل، في خيام متقاربة، باستثناء اثنتين، حيث تواجدت فيهما بعض النساء لأسباب دينيّة.
في الثامن عشر من نيسان سنة 1876، الموافق لليوم الرابع عشر من شهر الربيع، حلَّ قربان الفسح. تجمّع على الجبل حوالي خمسة وأربعين سامريًّا مُسنًا وشابًا باللباس الأبيض، أما النساء فبقين في الخيام. الكاهن كان يقرأ من توراة قديمة جدّا ولكنّها مجلّدة وشبيهة بتلك التي اقتنتها السيدة Ducat (لا علم لي بهذه المعلومة ولا بهذه السيّدة). عمق الفرن/الحفرة ستّة أقدام والقطر ثلاثة أقدام وأشعلوا فيه/ا حطبَا أخضر، سبعة خِراف، وبضعة جزّارين يلّوحون بسكاكينهم، يُلقون الخِراف على الجانب، وخلال ثوانٍ قليلة يتمّ النحر، ويُرشّ الدم على جبين الأولاد.
بعد منتصف الليل بالضبط سُمع صُراخ، يعلن أنّ العيد جاهز، والرائحة المنبعثة من فوهة الحفرة /pit لم تكن جيّدة/طيّبة/سائغة. حتّى هذه المرحلة، كلُّ شيء مرّ على ما يرام. فجأة، شيطان الجشع استولى عليهم، واندلع خصام شديد حول تقسيم اللحم، وسُرعان ما تلاشت روح الإيمان. تدخّل يعقوب (الشلبي) وعمران وفضّا الخلاف مؤقّتا لتفادي الفضيحة أمام عيون الأجانب. وكلّ واحد أخذ حصّته على عَجَل.
بعد عودته للقدس التقى السير تشارلز وارن بالدكتور روزين (Georg F. W. Rosen 1821-1891، قنصل بروسيا في القدس) الباحث المعروف عن الشرق، وسأله عن المخطوط الذي أعطاه إياه يعقوب الشلبي وكلّفه خمس ليرات إسترلينيّة، ولم يكن الشلبي راضيًا عن هذا، إذا توقّع قبض خمسين ليرة.
اليوم الحادي والعشرون من نيسان العام 1876، كان اليوم الأخير للسير وارن على الجبل. في اليوم التالي رحل مع رفاقه/مرافقيه من الجبل للغور، وكانت مئات من الحشرات، أبو مقصّ/ earwig تغصّ في الملابس. ويذكر السير وارن بأنّ يعقوب (الشلبي) جاء إليه إلى الخيمة فأعطاه خمسمائة قرش/بياستر مقابل ما أحضر له ولمرافقيه من طعام. ألحّ يعقوب على تقبيل يد المانح. كما التقى وارن برؤساء السمرة، وأعطاهم خمسمائة قرش/پياستر أيضا لما صوّر، وأعطى عمرام والكاهن الشاب مائة قرش/پياستر.
وأخيرًا، يشير السير وارن بأنّ تحضير القهوة البدويّة استغرق ساعة. قُدِّمت القهوة بفناجينَ صغيرة حتّى نصفها، إذ لا يجوز ملأ الفنجان لشخصٍ ذي رتبة كالفرانك، إذ تملأ الفناجين للرعاة فقط.
الملحق
ثلاثة أشهر في نابلس، الطائفة السامريّة عن قرب، جون ميلز، ترجمة الدكتور عامر أحمد القبَّج. قسم التاريخ/ كليّة العلوم الإنسانيّة، جامعة النجاح الوطنيّة. نابلس- فلسطين. شؤون الدراسات العليا والبحث العلميّ في جامعة الأقصى-غزّة - فلسطين،/ عمّان: دار دجلة ناشرون وموزعون 2020.
العرب
* عدد السكان ثمانية إلى عشرة آلاف، 9400 مسلمون والمسيحيون 500 أو 600، السامريون 151 واليهود 100.
* تعصب أعمى. عِمامة زرقاء للكاهن المسيحي.
* ولكن طريقة التقبيل الخاصة بهم غريبة؛ إنهم لا يقبلون الشفاه أبداً، كما يفعل الأوروبيون، بل الخدين والكتفين فقط. يقبّل أولاً الخد الأيمن، ثم الأيسر، وقد يكتفون بذلك ولا يقبّلون الأكتاف، وإذا قبّلوا الأكتاف فيقبّلون الأيمن ثم الأيسر أيضًا، مثلما فعلوا في العصور القديمة (التكوين، 33: 4؛ 45: 14، 15؛ لوقا، 15: 20).
* المسلمون، بشكل عام، لا يقومون بتوجيه التحية لأي شخص أو عناقه ما لم يكن مسلماً وأخًا في الإيمان.
* عندما يدخل الكاهن أو القسّيس؛ يقبِّل جميعُ الأطفال الحاضرين ظهر يده، وكذلك يفعل بعض البالغين في الكنيسة أو في أي مكان.
* ربما لا يوجد أشخاص أكثر مراعاةً لعلامات التميُّز ولا أكثر حرصاً على الحصول عليها من العرب. يبدو أن عطش التباهي العبثي متأصل بعمق في طبيعتهم.
* ومما شاهدته أن الناس هنا من أكثر الشعوب شغفاً بالتدخين وأشدهم شراسة في تعاطيه؛ لقد رأيت أكثر من اثني عشر مدخناً يتعاطونه سوياً في الغرفة نفسها. وكان بعضهم مدمنًا على تعاطيه لدرجة أنهم لا ينفصلون عن أنابيبهم إلا عندما يأوون إلى الفراش.
* وبعد حفلة الأرجيلة يأتي دور القهوة، فالعرب مغرمون جداً بها، إذ يشرب الواحد منهم عدة أكواب في اليوم، وتعد القهوة دليلاً على كرم الضيافة تجاه الزائرين، وإذا أراد المضيف إهانة زائره وتجاهله؛ فإنه يمتنع عن تقديمها له. وبعد أن ينتهي الفرد من الشرب يعيد الفنجان، وخلال ذلك يميل رأسه قليلاً ويلمس جبهته بيده اليمنى ويُحيي المُضيف، فيقوم المضيف بدوره بنفس الحركات.
* ما أشعل غضبه (الزوج) أكثر، فشتمها (زوجته) وأمها وأصدقاءها وأقاربها، كما يفعل العرب. وثمة سمة غريبة جداً للشخصية العربية، لم أكن قد لاحظتها من قبل: مقاطعتهم لبعضهم خلال الكلام، علاوة على الصراخ والفوضى والاندفاع العاطفي.
* لعل من الأمور الشائعة لدى العرب؛ الإسراع في الزواج بعد وفاة الزوجة، وعدم الانتظار، وبخاصة إذا ما توفرت العوامل والظروف التي تنسجم مع الأعراف والتقاليد الشعبية.
* ولم ينكر محاورونا اتِّسام العرب بجملة من الرذائل والمثالب، ولكن اعترافهم بوجودها لا يأتي بهدف إبداء الأسف عليها أو من أجل عقد العزم على تجاوزها والإقلاع عنها؛ وإنما من أجل تبريرها والتنصل من المسؤولية عنها.
* ولكن العرب تفوقوا على غيرهم في حُبه (أي المال) وعبادته. ومن أجل الحصول عليه دون جهد كبير؛ يلجأ العربي إلى التوسل، والكذب، وقد يفعل أي شيء، وكل شيء، من أجله. ولا تتلألأ عيون اليهودي أو غير اليهودي بصورة أكثر سطوعاً؛ إلا عندما يحصل على قطعة النقد المعبودة. أَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ" (الرسالة الأولى إلى ثيموثاوس، 6: 10).
* حب المال، الكذب، الخداع وعدم النزاهة، (المزامير 12: 2)، غياب الورع والتقوى، ممارسة عادة الشتم، قسوة ووحشية.
* صديق يهودي، حاخام في القدس، حدثني يوماً عن الحالة الأخلاقية لمجتمعه، فقال: سأخبركم بحالتنا في بضع كلمات، نحن نعيش اليوم حالة مشابهة لما كانت عليه أوضاع أجدادنا أيام إرميا: لا يوجد ثقة بين الناس، ولا يثق الأخ حتى بأخيه، والافتراءات بين الناس هي سيدة الموقف، وكذلك الخداع والكذب. وبذلك يكون قد أعطى صورة واضحة عن الحالة المجتمعية التي نعيش.
* والعربي بارع أيضاً في إخفاء مشاعره.
* ويمكن القول أن العربي يعامل فرسه بلطف ورقة أفضل مما يعامل زوجته وأهل بيته.
* وعلى الرغم من كل ما ذكر؛ فإن العرب يملكون بعض صفات الوفاء والرجولة والشهامة، مختلطة مع شخصيتهم بطريقة غريبة. وهذه الصفات والشمائل غير موجودة لدى كثير من الأشخاص ممن ينتمون إلى نفس الطبقة في أوروبا. فعندما تحوز ثقتهم، فإنهم يظهرون الكثير من اللطف وكرم الضيافة. كما لا يمكن لأحد إنكار رجاحة عقلهم، وفي هذا فإنهم يمثلون أنموذجاً يُحتذى. وكما قال غيريوس مزبر: سيصبح العرب شعباً محترماً عندما يشاء الله أن يمنحهم طبيعة أفضل.
السامريّون
* ويعتقد السامريون أنهم الوحيدون من أبناء إسرائيل الأنقياء وغير المختلطين، وينحدرون من نسل يوسف الصديق وأبنائه، … يحاول السامريون البرهنة على أنهم الممثلون الحقيقيون الوحيدون لبني إسرائيل الذين دخلوا فلسطين بقيادة يوشع بن نون، وأن عائلة كاهنهم الحالي يقع نسبها في سلسلة غير منقطعة تصل إلى هارون؛ أول كاهن للأمة.
* السامريون يعيشون في نابلس فقط، على غرار الغيتو.
* كان عدد السامريين في العام 1855 مائة وخمسين فردا تابعين لأربعين عائلة. وبعد خمس سنوات لم يزدادوا إلا بشخص واحد.
* وإذا ما انتقلنا للحديث عن الشخصية السامرية؛ أشير أنني عايشت عرباً ويهوداً في المنطقة؛ ولكني لم أجد أحداً يمكن مقارنته بهم، إذ يتسم السامريون بالنبل، ويتميزون عن غيرهم بصفات شخصية فسيولوجية خاصة: طول القامة وشموخها، وبجبهة مستقيمة وعالية، وجبين كامل ممتلئ، وعيون كبيرة على شكل حبات اللوز، وأنف معقوف، وفم كبير إلى حد ما، وذقن حسن الخلقة، مع استثناءات قليلة.
* المسؤولون السامريّون: سلامة بن طابيه (غزال)، كاهن الربّ العليّ في نابلس، كما وقّع إلى جانب اسمه، زاول استحضار الأرواح والسحر، أضمر عداوة وحقدًا تجاه يعقوب الشلبي؛ عمرام بن سلامة المولود عام 1816 تزوج ثانية لإنجاب ذكر يخلفه وتم له ذلك. دأب ملز بالجلوس مع عمرام يوميًّا بضع ساعات؛ لقد كان الأفضل من بين جميع السكان الأصليين الذين التقيت بهم على اختلاف عقائدهم، باستثناء اثنين أو ثلاثة كانوا متأثرين بشدة بالحقائق الإيمانية الإنجيلية. وسأحتفظ لهذا الكاهن بكل آيات الشكر والاحترام، لأنني مدين له بكل المعلومات التي حصلت عليها حول الطائفة السامرية؛ يعقوب بن هارون ابن أخ عمرام.
* وتجدر الإشارة هنا أنه لا يوجد في العالم شعبٌ أكثر اهتماماً بموضوع النسل وشغفاً به من شعب فلسطين. وهذا ليس بجديد؛ فمسألة إنجاب الأطفال لم تزل تستحوذ على اهتمامه العاطفي والفطري منذ أقدم العصور. فهكذا كانت حنة -Hannah-في قديم الزمان (صموئيل الأول، 1: 5-6).
* التمييز بين الذكر والأنثى شائع في الشرق.
* ومن أهم الأيام التي تجلب الحظ الحسن لدى السامريين؛ يوم الخميس، وهو اليوم الوحيد الذي يحددونه للخطبة.
* اللغة العبرية القديمة الأصلية، وهي لغة لسانها غير معروف سوى لعدد قليل جداً من الناس.
* الطلاق ممنوع لدى السامريين، بعكس جيرانهم اليهود والمسلمين، ليس بسبب النظرة المجتمعية لقدسية رابطة العلاقة الزوجية، ولكن السبب يكمن في المقام الأول بندرة الإناث.
* يعقوب شلبي، الذي تحدثنا عنه، حيث قام السامريون بمنح عروسه خلال وجوده في إنجلترا لشخص آخر، وذلك بسبب سلوكه المخزي خلال سفارته كرسول لهم إلى إنجلترا.
* لا حليتساه عند السامريّين، أي زواج شقيق الزوج المتوفّى من أرملته.
* وأما بخصوص موضوع الطهارة؛ فهناك سبعة أشياء تنجس، أربعة تخص كلا الجنسين، وثلاثة تقتصر على الجنس الأنثوي: أولاً: الجِماع . ثانياً: الاحتلام الليلي، أي وقوع الجنابة بدون فعل جنسي حقيقي. ثالثاً: لمس جسد الميت. رابعاً: لمس الطيور غير النظيفة، ورباعيات الأرجل والزواحف. خامساً: الدورة الشهرية، وتبقى المرأة نجسة سبعة أيام. سادساً: الأنثى خلال النزف -Haemorrhage- إذا ما استمر بعد انقضاء أيام الدورة الشهرية لأكثر من سبعة أيام. سابعاً: الولادة، وتبقى الأم نجسة لمدة واحد وأربعين يوماً إذا كان الطفل ذكراً، وإذا كانت أنثى؛ لمدة ثمانين يوماً.
* صلاة السامريّ الصباحية كالعادة بالعبريّة القديمة طويلة ومملّة وهي قبل الطعام، الشرب أو التدخين. وهذه العبرية مقدّسة عند السامريّ والقِبلة نحو جبل جرزيم. والسامريون لا يميزون بين الذكور والإناث في صلاة الصبح كما يفعل اليهود. الفرق الوحيد بين الجنسين لدى السامريين هو أن صلاة الإناث أقصر قليلاً من الذكور.
* عندما يجلس السامريون لتناول الطعام تُعلن البركة، أي النعمة والشكر، قبل تناوله؛ ويشكرون الله مرة أخرى عند الانتهاء منه، وهذا الواجب يقع على عاتق ربّ الأسرة تمشياً مع شريعة موسى وسنّته.
* ويحرص السامريون على إعداد طعامهم بأنفسهم، لأنهم لا يأكلون أي طعام مطبوخ خارج بيوتهم، ولا يأكلون طعاماً أعده اليهود أو الوثنيون.
* وبعد خروج الروح تبدأ على الفور طقوس غسل الميت وتطهيره بعناية بالماء النظيف، على يد أشخاص من نفس الطائفة، مكلفين بهذه الخدمة؛ ويعتمد اليهود الطقوس نفسها، كما لا يستأجر الطرفان مسلمين أو مسيحيين لهذا الغرض. وبعد تغسيل الميت تقرأ آيات من الكتاب المقدس حتى الآية 1 من سفر العدد، إصحاح 30.
* ومن ناحية أخرى فإن السامريين لا يصلّون على الأموات أو من أجلهم في كل مناسبة كما يفعل اليهود. قال عمرام: نحن لا نصلي من أجلهم، ولا نصلي للأحياء أيضاً، نحن نصلي لله فقط.
* ومن الغريب أن نلاحظ أنه لا يوجد طائفة دينية أخرى تستخدم التوابيت غير السامريين. إنهم يفعلون ذلك تقليداً لما حدث مع أبيهم يوسف بعد موته (التكوين، 1: 26).
* ويُطلِق السامريون على المقبرة "بيت الموتى"، بينما يطلق اليهود بكل أقسامهم عليها "بيت الأحياء".
* ولعل أقدم الأماكن التي خصصت لدفن موتاهم (السامريون)، وفقاً لرواية عمرام، كانت عند أسفل سفح جبل عيبال، ليس بعيداً عن الطرف الشرقي من الوادي.
* من الصعب التمييز بين صلاحيات كل من الكاهن وراعي الطائفة أو إيجاد خط فاصل بينهما، إلا عندما يتعلق الأمر بالنطق بمباركة الكهنوت، وهذا من صلاحيات الكاهن وحده.
* وأما الأسماء التي يدعون بها الله؛ فهي: يهوه، إلوهيم، شاداي، وأدوناي. والأول هو الأكثر قداسة، يستخدمونه في معظم الأحيان، وعادة ما تبدأ رسائلهم بعبارة "باسم يهوه" -Beshem Jehovah-. (لا يذكر المؤلّف أنّ السامريّ لا يلفظ الاسم يهوه بل يقول شيما أي الاسم).
* الكاهن عمرام لفظ الكلمة שילה shalah, التكوين 49: 10، وسمع أن التاهب/المسيح سيأتي عام 1910.
* يؤمن السامريون بشدة بالحياة الأخرى.
* ومن الجدير بالذكر أن كنيسهم الحالي ليس قديماً، وأما السابق فيعود تاريخه إلى ما قبل العصر المسيحي، وكان، كما قيل لنا، مبنياً ببراعة وإتقان، وقبل 470 سنة صادره المسلمون منهم، وحوَّلوه إلى مسجد.
* وأثناء الصلاة يكون الوضع العام هو الجلوس على الأرض؛ نوع من القرفصاء. المسيحيون المحليون يقفون أثناء الخدمة الإلهية، باستثناء عدد قليل من البروتستانت الذين يتصرفون مثل السامريين عندما يجتمعون للصلاة.
* وخلال بعض أجزاء الصلاة يقف المصلون السامريون جميعاً، وفي أجزاء أخرى يسجدون نحو المذبح، ويمارسون عادة السجود في احتفالاتهم أيضاً. وأما اليهود فلا يسجدون أبداً إلا في يوم الغفران.
* خلال أداء الصلوات في الكنيس السامري يبقى المصلون معتمرين غطاء الرأس؛ فالرأس المكشوف وفق تقديرهم يشير إلى عدم إظهار الاحترام، كما أنهم لا يسمحون لأي زائر غريب بخلع قبعته أثناء تواجده في الكنيس، وفي هذا يتفقون مع اليهود، ومع جميع السكان المحليين الأصليين.
* وبالإضافة إلى ذلك، أخبرني عمرام أنه استحدث عادة لقراءة التوراة كلها مرة واحدة في الشهر.
* أما لغة الطقوس فهي العبرية القديمة، ولكنها تبدو كلغة ميتة، لأن المصلين لا يفهمون ما يسمعون، ما عدا الكاهن ورجال الدين المقربين وواحد أو اثنين من الحضور.
* وأما طابع طقوسهم فغريب جداً، ولكنه أكثر احتشاماً ولياقة مما هو متبع لدى المسلمين واليهود والمسيحيين، باستثناء بعض البروتستانت. ولم أر قط خلال العبادة الجماعية السامرية مشاهد عنيفة أو همجية كالتي شاهدتها في أماكن عبادة أخرى.
* فقد اقترحت مرة على عمرام أن القراءة البطيئة والأسلوب الأكثر هدوءاً ستكون مفيدة ومجدية أكثر. فأجاب أن الجماعة، وبعد أن اعتادت على هذه الطريقة؛ فمن الصعب إقناعها بأخرى.
* كان "شيوخ إسرائيل السبعون" قد ألفوا سبعين لحناً في زمن موسى، وفقا للرواية السامرية، وقيل لنا أيضاً أن هؤلاء كلهم كانوا موسيقيين.
* السامريون لا يقحمون الخدم والمساعدين من ديانات أخرى للقيام بأي عمل يخالف قدسية السبت، وأما اليهود فلديهم ما يعرف بالأغيار -Goim- يتخذونهم من غير اليهود، لإشعال النار وإيقاد الشموع (الخروج، 35: 3).
ففي أحد أيام السبت تلقيت رسائل من أصدقائي في القدس، ومنها واحدة لعمرام، فسلمتها له في ختام خدمة الصباح، ولم يتمكن من فتحها بسبب السبت، وعندما فتحت له؛ قام بقراءتها.
* والفكرة العظيمة المتمثلة في المحافظة على حرمة السبت هي أن يظلوا هادئين، وعلى السامري التزام الطاعة مهما كانت العواقب، حتى لو سرق اللصوص أغنامه، أو شبّت النار في بيته أو تعرضت حياته للخطر. بمعنى آخر؛ لا يجرؤ على التصرف بأي شكل من الأشكال من أجل الدفاع عن نفسه أو عن ممتلكاته.
* ولم أتمكن من معرفة إن كان لديهم طبق مميز بعينه ليوم السبت. ومن ناحية أخرى؛ لا يقلد السامريون طقوس اليهود في احتفالات كيدوش-Kidush- وهبدَلاه -Havdalah- وتوابعهما عندما يدخل السبت.
* آخر هذه الجداول المكتوبة كانت قد أُرسلت بواسطة سلامة، والد الكاهن الحالي في عام 1820م، إلى إخوانه المفترضين في أوروبا. إن طريقة الحساب السامرية بحد ذاتها مثيرة للفضول والاهتمام، وسأضيف إلى صفحات هذا الكتاب عينة منها، كتبها الكاهن السامري بنفسه.
* ومن الضرورة أن نعلم أن السامريين كاليهود؛ لديهم نوعان من السنوات، نوع مدني وآخر كنسي ديني. النوع الأول يبدأ مع شهر تشري، والثاني مع نيسان. ويتم تنظيم جميع الأحداث المرتبطة بشئون الحياة العامة وتوفيقها زمنياً بناء على التقويم السنوي المدني، وأما الأحداث والمناسبات الدينية فيربطونها بالتقويم السنوي الكنسي الديني.
* كان المسلمون قد منعوهم من إقامة الفصح على قمة الجبل لما يقرب من أربعين عاماً، فأقاموه في الحي الخاص بهم، في المدينة، إلى أن استعادوا حقهم في الصعود إليه منذ عشرين عاماً خلت، بوساطة السيد فِن -Mr. Finn-القنصل الإنكليزي في القدس.
* في وقت مبكر من صباح اليوم الرابع عشر، يغلق جميع أبناء الطائفة، مع بعض الاستثناءات القليلة، مساكنهم ويتسلقون جبل جرزيم، وينصبون خيامهم على قمته بشكل دائري، استعداداً للاحتفال بأكبر مناسبة قومية.
* وخلال إقامتي في نابلس في بداية عام 1860م، تلقيت دعوة من عمرام كاهن الطائفة السامرية لقضاء أيام الفصح في خيمته الخاصة. وبعد أن مكثت سبعة أيام في القدس، حضرت خلالها احتفالات المسيحيين بعيد الفصح؛ عدت إلى نابلس في الوقت المناسب لأشهده مع السامريين، وفي العام المذكور صادف حلول العيد يوم السبت، فكان لا بد من البدء بطقوسه يوم الجمعة الذي وافق الرابع من أيار. وهذا ما دفعهم إلى تقديم الإجراءات ساعة أقل من المعتاد حتى يتسنى لهم الانتهاء قبل دخول السبت.
* منع تصوير الاحتفال بعيد القربان.
* فتحت أقدامي توجد آثار المعبد الشهير المهدم، وعلى يساري، إلى الجنوب؛ الطريق، المكون من الدرجات السبع، الذي طرد منه آدم من الجنة. وإلى الجنوب قليلاً؛ المكان الذي عرض فيه إسحق للذبح. وبالقرب منه باتجاه الغرب كانت صخرة قدس الأقداس. وبالضبط، بالقرب من الحائط الذي وقفت بجواره، إلى الشمال الغربي منه، أحجار يوشع بن نون المشهورة.
* الفرن/حفرة الفسح عمقها ستة أقدام تقريبًا وقطرها ثلاثة.
* عدد المحتفلين البالغين الذكور 48 وعدد الخراف ستّة.
* النساء والأطفال الصغار بقوا في الخيام.
* وحينها (أي بعد نحر الأضاحي) قام الشبان بغمس أصابعهم في الدم وبدأوا يضعون جزءاً منه على جباه الأطفال وأنوفهم، ثم وضع الدم على جباه بعض الإناث وأنوفهن؛ أما الذكور البالغون فلا.
* وأزيلت أرجل الحملان الأمامية اليمنى التي تخص الكاهن، ووُضعت مع الأحشاء الداخلية فوق النار، وأضيف إليها الملح، وأُحرقت. وأما الكبد فتمت إعادته بعناية. ثم قاموا بإزالة أوتار عراقيب الحملان، ورشوا الملح في جوف كل منها. وبذلك تكون جاهزة للشيِّ.
* فنحاس بن إسحق تولّى توزيع اللحم المشويّ على المحتفلين. وطريقة تناوله مذكورة في سفر الخروج 12: 11. وفي أقل من عشر دقائق نفذ كل شيء ولم يبق سوى العظم والقليل من الفتات، التي نشطوا في جمعها، وفُحصت المنطقة بعناية، فالتقطت كل كسرة خبز أو بقية من طعام بالإضافة إلى العظام، وألقيت كلها في نار داخل حفرة أعدت لهذا الغرض: "وَلاَ تُبْقُوا مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ. وَالْبَاقِي مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ، تُحْرِقُونَهُ بِالنَّارِ" (الخروج، 12: 10).
* الخبز المستخدم في هذا العيد يطلق عليه السامريون: ماسات -Masat-، ويلفظونها بالعبرية: ماتسوث -Matsuth- وهو مطابق تماماً للماتسوث اليهودي، إلا أنه أكبر قليلاً، ومن أجل المزيد حول هذا الموضوع؛ يجب أن أحيل القارىء إلى كتابي "اليهود البريطانيون".
* السامريون مثل اليهود المتشددين يعلقون بعض الكعك في منازلهم حتى عيد الفصح التالي، بهدف الحماية وطرد السحر والشياطين، ومن أجل جلب البركة للبيت والأسرة.
* وفي اليوم التاسع (من الشهر السابع)، قبل ساعتين من غروب الشمس، يتطهر الجميع، ذكوراً وإناثاً، بمياه جارية نظيفة؛ وبعد ذلك يتناولون الوجبة الأخيرة قبل الصوم الكبير، وعملية التطهر هذه يجب أن تتم على الأقل قبل نصف ساعة من غروب شمس ذلك اليوم. وبعد الانتهاء من الوجبة؛ يبدأ الصيام الأكبر والأكثر صرامة حتى بعد انقضاء نصف ساعة من غروب شمس اليوم التالي، وبذلك يكونوا قد صاموا بشكل جماعي خمسة وعشرين ساعة (اُنظر سفر اللاويين 23: 27-32).
* وخلال فترة الصيام المذكورة (يوم الغفران)، لا يُسمح للرجل أو المرأة أو الطفل، ولا حتى المرضى أو الرضع، بتذوق أي كسرة خبز أو قطرة ماء، ولا يُسمح بأي تساهل، مهما كان تافهًا؛ صيام صارم جداً، وحتى الدواء ممنوع. وقبل حوالي نصف ساعة من غروب الشمس يجتمعون في الكنيس، حيث تبدأ الطقوس الدينية الخاصة بذلك اليوم ليوم واحد، ويتم أداؤها دون انقطاع في ظلام دامس طوال الليل، تتلى خلالها أسفار موسى الخمسة، إلى جانب الصلوات والأدعية التي تتم قراءتها بما يتناسب مع هذه المناسبة. وتتكرر هذه النصوص الدينية التوراتية من قبل الكاهن عمرام وابن أخيه بالتناوب، وأحياناً من قبل شخص آخر من المصلين. وتجدر الإشارة أن هذين المسئولين على دراية جيدة بطقوس المناسبة، وأنهما قادران على تلاوة التوراة عن ظهر قلب…
* وفي صباح اليوم التالي يخرجون في موكب لزيارة مقابر بعض أنبيائهم، ويقومون هناك بقراءة أجزاء من التوراة. وبعد عودتهم عند الظهر، يتم استئناف الطقوس في الكنيس كما كان من قبل. وعندما تقترب من نهايتها تقام أعظم المراسم لهذا اليوم، وذلك من خلال عرض الدَّرْج: اللفافة القديمة التي يؤمنون أن كاتبها هو أبيشوع (أڤيشع) الحفيد الأكبر لهارون.
* وبذلك تكون جميع طقوس يوم الغفران-Kibburim- المملة قد انتهت، وهنا يمكن أن نضيف أن المحتفلين يستخدمون العكازات ليميلوا عليها أجسامهم للاستراحة، وكذلك يفعل مسيحيو الشرق.
* في يوم الحادي عشر أي في الغد من يوم الكفارة، يبدأون ببناء المظال، التي يجب أن تكون جاهزة في صباح يوم الرابع عشر، ويجب أن تُنصب في الهواء الطلق، ولهذا الغرض يتم بناء ساحات لها. لم أتعلم طريقة بنائها، ولا الطريقة التي يستخدمون بها أربعة أنواع من الأغصان (اللاويون 23: 40، 42-43، ).
* في شهر شابات -Shabat- يحيي السامريون عيد فوريم أو بوريم -Porim-. أما اليهود فيحتفلون به في الرابع عشر من شهر آدار -Adar- إحياءً لليوم الذي أنقدت فيه الملكة اليهودية إستير -Esther- يهود فارس من المؤامرة التي دبرها زوجها لذبحهم. وكلمة بوريم تعني "جزء" أو "نصيب"، ولكن السامريين يحتفلون به في الشهر السابق، وتحديداً في السبوتات الثلاثة الأواخر من الشهر، ليس لخلاص اليهود على يد إستير، وإنما إحياء لذكرى الخروج من مصر بقيادة موسى. ولدى السامريين طقوس في هذا اليوم تستمر ست ساعات، تضم استعراضاً لتاريخ الحدث كما هو مسجل في التوراة، مع الصلاة، وترانيم البركات والأناشيد. والهدف من هذا العيد هو أن يكون إحياءً تذكارياً لمهمة موسى الكريمة والظروف المرتبطة بها. وهذا العيد غير إجباري كما قال الكاهن، الذي بدوره يسميه عيد الفرح.
* ويعد جبل جرزيم قِبلة السامريين الأولى والوحيدة في العالم. فمثلما يولي اليهودي في جميع أنحاء العالم وجهه في الصلاة شطر جبل الهيكل في القدس؛ كذلك يفعل السامري تجاه جريزيم، الذي هو جبل هيكلهم. ولا شيء يمكن أن يُعطي فكرة أفضل عن التقدير الكبير الذي يكنونه لهذا الجبل المقدس من الأسماء المختلفة التي يسمونه بها، وعددها ثلاثة عشر اسماً. وسوف اسميها كما وردت على لسان عمرام: …
* يُعدُّ أهالي نابلس أكثر أهل فلسطين المسلمين تعصباً وشراً، وما زاد الطين بلة؛ السياسة السيئة التي تنتهجها الحكومة المحلية تجاه شعبها، منذ عصور.
* ومن أهم العائلات المحلية التي نشطت في التنافس فيما بينها على الزعامة؛ عبد الهادي وجرّار وريّان وطوقان، فحققت نجاحات متفاوتة، ما خلق جواً من التوتر، وأبقى المنطقة في حالة صراع وحرب وسفك للدماء. فسجلت الفترة الواقعة بين 1805 و1842م إجراء ما لا يقل عن ثلاثة عشر تغييراً للحكام، ما جعل منطقة جبل نابلس تضطرم بالصراعات والمؤامرات لفترات طويلة، فأضر ذلك كثيراً الوضع المعيشي للسكان، وبخاصة إذا ما علمنا أن كل تغيير كان يرافقه رشاوى ثقيلة، مما سيجعل الحاكم الجديد مضطراً لسد العجز في موارد خزينته من خلال فرض ضرائب باهظة على السكان.
* كان السامريون من أكثر الناس معاناة واضطهاداً على يد المسلمين في ظل الأوضاع المذكورة، لأسباب سياسية ودينية.
* وفي عام 1841م، تعرضوا لشتى أنواع التنكيل، ولم ينقذهم من محنتهم سوى الإعلان الذي أصدره الحاخام اليهودي الأكبر في القدس. وسأقدم القصة كاملة كما رواها أحدهم: قبل العام المذكور بقليل، كانت أرملة سامرية قد تعرضت للخداع من قبل بعض المسلمين المؤثرين، فاعتنقت الإسلام. وكان لديها ابناً وابنة بقيا يعيشان عند السامريين، فقرر العلماء المسلمون أن عليهما اتباع دين أمهما واعتناق الإسلام، إلا أن حاكم المدينة لم يوافق على هذا الإكراه، وعارضه بشدة. فغضب العلماء منه بسبب معارضته لهذا الأمر الديني، ما أدى إلى إحداث مزيد من الفوضى، فاستغل محمود عبد الهادي، عمّ الحاكم، هذا الأمر وذهب إلى دمشق بحجة السعي لإصلاح الأمر، وهناك، عن طريق الرشوة والتضليل، حصل على مرسوم يمنحه الحق في الحكم، ما أدى إلى عزل ابن أخيه. وعند وصول محمود إلى نابلس؛ أخبره العلماء أنه لن يحظى بتأييدهم ورضاهم ما لم يعمل تطهير المدينة من الديانة السامرية، وطلبوا منه أن يقوم قبل ذلك بإكراه ابني الأرملة السامرية على اعتناق الإسلام. فرضخ الحاكم الجديد لمطالبهم، ونجح في حمل الصبي، ذي الأربعة عشر عاماً، على اعتناق الإسلام، بعد أن سجنه لمدة أسبوعين، تعرض خلالها للتهديدات والجلد المتكرر، كما أُجبر على تغيير اسمه من إسحق إلى محمد، وهو معروف الآن في جميع أنحاء جبل نابلس باسم محمد بن أسعد. أما أخته فماتت بسبب الخوف والتعذيب. وبعد إسلامه، تجمع العلماء وتآمروا على قتل جميع أبناء الطائفة السامرية ما لم يعتنقوا الإسلام. ومن قبيل الصدفة أن سامرياً اسمه مبارك كان من بين الحضور، فانزعج مما سمع، وأخذت نفسه تسوله بإبلاغ إخوانه، ولكن المسلمين هددوه وأجبروه على اعتناق الإسلام، ثم حملوه على ظهور الخيل وطافوا به أرجاء المدينة ابتهاجاً، وصاروا ينادون على أبناء الطائفة يدعونهم للإسلام. فشعر السامريون بالخوف، ما دفعهم إلى الاختباء، وهرب البعض من المدينة.
* ومن الجدير بالذكر أن السامريين، خلال السنوات الأربعين الأخيرة، سُحقوا تقريباً بسبب بربرية عبد الهادي وموسى بيك، ما اضطرهم للسعي مراراً لطلب حماية فرنسا وبريطانيا؛… عمد الباب العالي إلى إسناد مهمة حكم المدينة لحاكم تركي عام 1855م، فتحسنت أحوال السامريين.
* (تفيد المخطوطة المكتوبة عام 1772 بقلم أحمد أفندي التي يملكها د. لي Lee: عمائم السمرة يجب أن تكون مصنوعة من مواد خشنة غليظة وملابسهم كذلك؛ منع السامريون من ركوب الخيول والاقتصار على الحمير بدون سروج وفي ظروف ملحّة فقط وعند مرورهم بمسجد عليهم الترجل وأُجبروا على تعليق أحذيتهم القديمة على أكتافهم وبها أجراس؛ لا يسمح للسامريّ برفع بنائه أعلى من بناء المسلم الجار وبالأصل لا يسمح للسامريّ مجاورة المسلم.
لا بد لي من الإضافة هنا أن عدداً قليلاً من السامريين يمارس بعض الحرف اليدوية، ولكن أغلبيتهم تجار، يتاجرون بسلع مختلفة، وهم كطائفة؛ فقراء نسبياً، ومضطهدين.
* لغات السامريين ثلاث؛ يستخدمون العربية والسامرية في واجباتهم الاجتماعية الداخلية، والعبرية في طقوسهم الدينية، وأما لغتهم المحكية خارج مجتمعهم فهي اللغة العربية.
* النسخة السامرية وكذلك اليهودية انبثقتا من المخطوط الأصلي الذي كتب بخط موسى، وأما اختلافهما فسببه أعمال التنقيح التي جرت على المخطوط من جانب كل من اليهود والسامريين، وبمعنى آخر؛ فإن النسخة الأصلية هي ذاتها. وما أوردناه باختصار هو الرواية غير السامرية، أما هم أنفسهم فيقدمون رواية مختلفة للغاية، كما سنرى. خلال إقامتي بينهم في عام 1860م، أعار لي الكاهن نسخة من أسفار موسى الخمسة، وأعتقد أن مثل هذه النسخ لا يتم إعطاؤها لأحد من خارج مجتمعهم إلا بإذن وتصريح رسميين، باستثناء واحدة أُرسلت إلى إخوانهم المفترضين بواسطة هنتنغتون-Huntington- مكتوبة على ورق شرقي، على شكل كتاب ينقسم إلى مجلدين؛ الأول يحتوي على سفر التكوين والخروج، والثاني يحتوي على اللاويين والعدد والتثنية.
فالنسخة السامرية ليست خالية تماماً من الحركات، إذ أنها تحتوي عدداً قليلاً منها، وبخاصة: النقطة، وهي الأكثر شيوعاً، توضع بعد كل كلمة، ولا يتم حذفها إلا في نهاية السطر. ومن الحركات الأخر: الشَّرطة الصغيرة توضع فوق الحروف، والتي لديها غير دلالة واحدة، وذلك من أجل تمييز الكلمات المتشابهة حرفاً، المختلفة لفظاً. على سبيل المثال: אֶל وتعني إلى، to or at، أما אל بشرطة فوق الألف؛ فتعني: الرب. وأحيانا توضع الشرطة فوق التاء في את لتكون بديلاً عن الهاء אתה، ومن الحركات الأخرى: نقطتان رأسيتان بينهما خط، توضع للإشارة إلى ترقيم معين أو تشكيل ما، وهذه شائعة بكثرة. لا توجد قاعدة على ما يبدو في اختيار هذه الإشارات، بل تعتمد على خيال الكاتب، حيث نجدها مختلفة في نسخ عديدة.
* لكن الميزة الخاصة التي يراعي السامريون التقيد بها، أن يبدأوا المخطوطات على الصفحة الداخلية وليس على ظهرها من الخارج بأي حال من الأحول، ويلتزمون بهذه القاعدة بدقة وصرامة لا متناهية، وتتم مراعاة هذه القاعدة على هذا النحو في النسخ المطبوعة أيضاً، إن كان بوسعهم طباعتها.
* وأما النسخة السامرية فتسمي الأسفار: الكتاب الأول، الكتاب الثاني، وهكذا. ولكن من الأهمية بمكان أن نضع في اعتبارنا أن الفكرة الأصلية والفعلية للكتابة هي، أنه كتاب واحد فقط، وثيقة واحدة، ولا يوجد في العقل السامري أي وجود لخمسة كتب منفصلة، بل قانون إلهي واحد اسمه التوراة.
* ومن الجدير بالذكر أن النسخة السامرية تختلف عن العبرية في أكثر من ألفي حالة، وأن "السبعونية" تتفق مع النصوص السامرية.
* وكانت ملفوفة (درج أڤيشع) بغطاء الساتان الأحمر، المزين بالنقوش السامرية المطرزة بأحرف من ذهب. وعندما أزال الغطاء وجدت أن اللفافة كانت محفوظة في علبة فضية أسطوانية، وتُفتح إلى دفتين، بينهما ما يشبه المفاصل، بحيث يتم عرض عمود كامل للقراءة. وحينها استأنفنا النظر إلى اللفافة القديمة مرة أخرى، وكانت الكتابات على العمود المكشوف مطموسة، غير ظاهرة، بسبب قيام الناس عبر الأزمنة المتعاقبة بلمسه وتقبيله. فطلبت من يعقوب السماح لي بفكها وعرضها، فوافق؛ وحينها قمت بإعداد بعض الملاحظات، ومضمونها كما يأتي: (الرق قديم جدا، طول العمود 13 إنشًا والعرض 7،5 إنش، الكتابة صغيرة إلى حد ما، في كل عمود من 70 إلى 72 سطرًا، في اللفافة 110 أعمدة، التشقيل في سفر التثنية داخل ثلاثة أعمدة، اللفافة مهترئة وممزقة في العديد من المواضع، مصححة في مواضع، ثلثا النصّ الأصلي لا يزال مقروءا.
* وأخيراً؛ النسخة العربية، التي كتبها أبو سعيد في مصر في حوالي عام 1000م.
* لا يمكن أبداً مقارنة أدب السامريين، في أزهى أيامه، مع أدب اليهود؛ فالسامريون، نسبياً، مجتمع صغير، لم يقدم كثيراً للمسيرة الأدبية.
* وفي خضم حملات الاضطهاد التي تعرضوا لها خلال القرون الأولى من العصر المسيحي، وخاصة في ظل نظام كومودوس -Commodus- الفاسد والقاسي؛ فقد تم تدمير معظم كتبهم. ثم أضاف الحكم الإسلامي لفلسطين والبلدان المحيطة المزيد من الدمار، مما جعلهم عاجزين عن استعادة نشاطهم السابق. وعلى الرغم من ذلك؛ ظهر بينهم عدد من المؤلفين، ولكنهم فضلاً عن ندرتهم؛ لم يكونوا يتمتعون بنفس القدرات التي كانت للقدامى من أسلافهم الحكماء.
* أخبرني الكاهن الحالي أنه خالٍ من روح الانتقام الشخصية تجاه اليهود، مع أنهم، كما يقول، ملعونون منذ أيام رئيسهم إيلي، ولهذا؛ فمن المحظور، من الناحية القانونية، التزاوج والأكل والتعامل معهم.
0 comments:
إرسال تعليق