لماذا يكتب الشعراء .؟؟؟ .
لا يكتب الشعر ما لم تكن هناك قضية , ومحنة , وحالة نفسية ووجدانية يعيشها الشاعر , أو حالة من التضرع والطموح , أو لأجل مطمح مادي أو معنوي . المهم أن تأتي القصيدة ويسكب فيها الشاعر مشاعره الجيّاشة , ويصقلها بمعاناته وهمومه اليوميّة , وعند ولادة القصيدة وتشكّلها لابدّ من عنوان لها , يختزل كلما فيها , ويكون هو الباب / العتبة التي عن طريقها يمكننا الدخول الى عوالمها الخفية والبعيدة , لذا فأنّ عنوان القصيدة يعتبر اشارة سيميائية يعند الشاعر الى كتابته , ويحمّله كلّ أحمال القصيدة , فعنوان القصيدة يجب أن يكون قصيدة مختزلة إلى ابعد الحدود , وكلّما أحدثنا خرق معين في هذا العنوان تتدافع شلالات هائلة حيّة نابضة شظايا هذه القصيدة , بعدما كانت متجمّعة ومختزلة فيه .
من خلال متابعتنا لمجموعة السرد التعبيري , وقراءة القصائد التي يكتبها الشعراء والشواعر فيها , وجدنا كمّ هائل من الجمال والابداع والتفرّد , وهذا يدعونا إلى قراءتها بعناية فائقة وتروّي , قراءة تتناسب مع ما فيها من ابداع وجمال , لذا ارتأينا في هذه العجالة أن نركّز في مقالنا هذا حول (( العنوان )) في هذه القصائد الجميلة , لحين توفر الوقت المناسب لنا لإعادة قراءتها والإشادة لما فيها .
أنّ العمل الشعري الرصين يحتاج دائماً الى دلالات ورموز ونقاط دلالة وعلامات / عناوين فرعية / من خلالها نتمكن من الوصول الى قيمته الإبداعية وجماليته وتجتمع كلّ هذه الدلالات والرموز / الفرعية / تحت دلالة بارزة تهيمن عليها جميعا وتكون منطوية تحت لوائها / العنوان الرئيسي / , أي أن هذا العنوان الرئيسي سيجمع أو يكون معبّراً عمّا تحتويه هذه العناوين الفرعية / شاملاً / ومن خلاله سوف نتمكن من الوصول الى ثيمة العمل الشعري وقراءته ومن ثمّ الحكم عليه ., فعلى الشاعر أن يكون حاذقاً وواعياً لكل عنوان يختاره في عمله الشعري ويدرسه بتأنّ ووعي , لأنّ هذا العنوان سيختزل كلّ ما جاء بالعمل الشعري ويكون معبّراً عنه أصدق تعبير . اذاً العنوان يجب أن يكون قطعة متوهّجة لأنه يلعب دوراً محوريّاً في حركية القصيدة ويختزل لنا الكثير من الدلالات ويفتح لنا الأبواب مشرعة في عملية القراءة وأن يكون تلخيصاً توصيلياً إيحائياً لمضامين النصّ وإبرازاً لتجربة الشاعر . انّ العنوان الرئيسي للعمل الشعري هو البوابة الأولى و الواسعة التي من خلالها ندخل الى حرم وقدسيّة هذا العمل , ومن خلاله سنتعرّف على ما يردي الشاعر قوله وتوصيله الينا , اي أنّ العنوان الرئيسي هو النواة الأولى التي ستنشطر فيما بعد الى وحدات أصغر وهذه بدروها ستكشف لنا عن مقدرة هذا الشاعر الإبداعية أو فشله في هذا العمل , ومن خلال ذلك سنتعرف ايضاً على شخصية الشاعر وقيمة النصّ والأجواء النفسيّة التي كُتبتْ هذه النصوص تحت تأثيرها والبيئة التي انبثقت هذه النصوص منها واهتمامات الشاعر وثقافته وجمالية العمل ورساليته , اذن العنونة هي من الأسباب التي تجعل هذا العمل يمتلك خصوصية هذا الشاعر أو ذاك لأنها من مبتكراته وخلقه فلا يمكن التجاوز عليها وسرقتها لأنّها من صناعة الشاعر / س / كتبها في لحظة معينة ومكان معين وظرف معين وحالة خاصة به معينة أيضاً .
والان نبدأ بقراءة هذه العناوين بالتسلسل :
1 - رمق ضوء من أزمنة عجاف – للشاعرة : إنعام كمونة .
تخبرنا الشاعرة من خلال عنوانها هذا عن محنة الانسان في هذا العالم , فقد اختزلت محنتها به , من خلال هذا الرمق من الضوء في ازمنة خاوية عجاف , فما أن ندخل قصيدتها من بوابة عنوانها هذا حتى تتوالى وتتفجر وتنهمر عوام بائسة من الخيبات والحسرات والآلام والفجيعة , متمثلة بمفرداتها / عجاف / حيرى / عطشى / سمرة الشمس / الذبول / حافية / ملح السنين / اغتال / مضض / حسرات / أجهشت / الحزن / اليباس / الظمأ / المنهكة / العتمة / الضائع / تنزف / زمن مبحوح / متلعثمة / العواصف / مغبرة / الموت / طائشة / دمعاً , فيمّ الخبر وتنكشف العوالم الداخلية النفسية لدى الشاعرة , ونراها بوضوح من خلال أختزال كلّ هذه العوالم بهذا العنوان .
القصيدة :
رمق ضوء من أزمنة عجاف – للشاعرة : إنعام كمونة .
ذات خبر يقين من معالي بساتين عجاف متلاطمة الهمس سعفات حيرى, تؤكد رميم الخضرة: ثمة جذور ماء عطشى غرقت في سمرة الشمس..!! وهناك جنوبٍ قصي بأغصان خارطة الذبول ,تفوح اشتهاءات حلم لمحاذاة غيمٍ برائحةِ سدرة المطر, فما جاء من نبأ يتلوى على لسان غطرسة هدهد التاريخ: هنا ظلال طين حافية المواسم, فملح السنين اغتال عناق الموج لصفصاف الشواطئ , على مضض من حسرات النخيل الممشوقة الحزن , ألم ترى مزن اليباس تتسلق الانغماس بقعر أنهار الغرس ..؟, تشاكس فخامة نقيع الظمأ بأحضان التراب دون ارتياب..!! , فكلما أجهشت الاشتياق أقراط البرحي المنهكة الرضاب , يقدها نصل النسيان شهقات جروح , بأسراب يانعة العتمة تنادم ربيع عشتار الضائع في سدل الضفاف, علها تنزف رمق ضوء التذكر..!! فما تسمع غير طنين زمن مبحوح الصدى متلعثمة الحناجر ,تغني مغبرة الشعور: ستذرنا هُبل العواصف محض رمال طائشة في حواصل كثبان , منذورة الأرواح , قبل أن يرتد طرف الموت مشيعا فلينذر الجهر ويعم الخبر..!!, هزوا جذع الوطن فليتساقط عليكم دمعا جنيا ..!!.
9/ 9 / 2022 ...إنعام كمونة
2 - أما قصيدة الشاعرة : لينا قنجراوي – غابة الشعير .
فقد اختزلت هذا العالم بعنوانها وجعلته كغابة موحشة , تزقزق فيها / ذكريات الامان / بينما / فزاعات الفرح / تؤجج في النفس الانسانية / ضحكات ساخرة / وتتوالى مقاطها النصّية لتكشف لنا عوالم الذات الشاعرة / طريق الطين / حنينه لامرأة / حصون اوجاعه / مثواه الاخير / ملامح الطيبة المصلوبة / عواصف الحياة / الاستقامة المغيبة / متاهات نفوس / الربح والخسارة / رقاد أبديّ / رفات الاجداد / اصفرار سنابل السعادة / هجر العشاق / قلوب المحرومين / الجداول الصامتة / طحيم مهجّن / طوابير الانتظار / عابر سبيل / أفقده الجوع . وهكذا نجد كلّ هذه العوالم المتحركة والصمتة والصارخة قد اختزلتها الشاعرة في هذا العنوان الذي كانت هذه العوالم تتخفى وراءه .
القصيدة :
غابة الشعير - الشاعرة : لينا قنجراوي - سوريا .
الغابةُ موحشةٌ خلف باب الدار و عصافيرُ الرّوحِ تزقزقُ ذكريات الأمان. وحدها سذاجة حارس فزاعات الفَرَح كانت تثير في نفسي ضحكات ساخرةٍ و أنا أراه يسلكُ نفس طريق الطين في كلِّ مرَّةٍ يداهمُ حنينه لامرأة حصون أوجاعه النرجسية. لا أنكرُ أنني شيّعتُ فضولي إلى مثواه الأخير عندما بهتت ملامح الطيبة المصلوبة على بوابة عُمْرٍ أخطأتُ إذ تركتها مشرَّعةً أمام عواصف الحياة بينما كنتُ أعزفُ على رصيف الاستقامة المغيّبة في متاهات نفوس البشر المستنيرة بمواسم الربح و الخسارة في حقول حصادها رقادٌ أبديٌّ فَوْقَ رفاتِ الأجداد .تبدّلَتْ التواريخ وفقاً لاصفرار سنابل السعادة .جاء فلاّحٌ بسيطٌ كدّسَ حبّات الحنطة الجميلة في أكياس الخيش المكتظة بأعواد التِّبن اليابسة المرويّةِ بهَجرِ العشاق. كنت أجلسُ على عرشِ رابية النقاء و أصلّي لقلوب المحرومين أن ينعموا برغيف حُبٍّ دافئ أتقن ربُّ الكفاف صنعه من مياه الجداول الصامتة و طحينٍ مُهَجّنٍ لخليطٍ من الأرقام الهاجعة في طوابير الانتظار بعيونٍ تتلهفُ لعابر سبيلٍ أفقده الجوع قدرة التمييز على الطعوم لدرجةِ أنه كان ينادي الشّعيرَ. قمحاً.
لينا قنجراوي – سوريا
3 - اما قصيدة الشاعرة : جميلة مزرعاني – أوسمة الشرف – لبنان - الجنوب.
فنجد هنا الاعتداد بالنفس والأنفة والكبرياء والشموخ والتطلّع نحو غد باسم رغم كثرة المحن والعواصف السوداء , فنحن اذا في / بقاع مقدسة / فيها / صهوة المجد / بعزّة وإباء / العشق السرمديّ المتوارث / أوسمة شرف / شذى الرياحين الفجر / امبراطورية التغريد / يتفشّى سحرا / وسرعان ما يتحول حديث الذات الشاعرة إلى عالم آخر متمثلاً بـ / العيون الحاسدة / القلوب الحاقدة / سمّها القاتل / عقر الجمال / تعاقبت عليها المحن / خاصراتها مرمى السهام / شر مستطير / عواقب وخيمة / غمامة سوداء / نظرة حاسدة / فراب البين / هواجس الغربة . وهكذا صورّت لنا الشاعرة هذا العالم مختزلة إيّاه من خلال عنوانها .
القصيدة :
3- أوسمة شرف - للشاعرة : جميلة مزرعاني
بقاع القداسة منذ نعومة التّكوين تربض على تخوم القلب تتهادى فوق صهوة المجد بعزّة وإباء ، غائرة في شغف الحِداق الممتثلة للعشق السّرمدي المتوارث أبًّا عن جدّ ، أوسمة شرف تزيّن صدر التّاريخ العريق تنعم بخيرها الثّرّ وجمالها الأخّاذ تستميل المدى الرّحب تمتصّ شذى رياحين الفجر يغسل جلدها من ظلمة دامسة ، تستسيغ اغتصاب الشّمس لتراميها المنبسطة على كفّ الزّمان تستفزّ الطّيور تبني على قمم أنفتها إمبراطورية التّغريد الممطوط يتفشّى سحرًا في نفق الأنوف الشّامخة ، أوطاننا محطّ رحال العيون الحاسدة والقلوب الحاقدة تبثّ سمّها القاتل في عقر الجمال مذ تعاقبت عليها المحن وضعتها على صفيح ساخن الأزمات تبقي خاصراتها مرمى السّهام تقتصّ من ثرواتها الخيّرة ممّا يجعلنا غرباء على أرض واقع مرير يتآكل هناءتنا شرٌّ مستطير ينذر بعواقب وخيمة كلّما لاح في كبد الأرق غمامة سوداء غصّت مآقينا أو طالت نظرة حاسدة أطراف ثوبها الحريري فتمثّل لها غراب البين ينثر غيّه ينفح فينا هواجس الغربة توقفنا على أطراف أصابع الحيطة والحذر ، فمع كلّ غفوة ويقظة تسمو في خواطرنا مُنية تترعرع على ضفاف القلق ألا ليت يكون لجسدنا مرقد اطمئنان في ثراها الغضّ النّديّ ! .
جميلة مزرعاني
لبنان / الجنوب
4 - أما قصيدة الشاعر : محمد محجوبي – براكين الكلام – الجزائر .
فينبأ لنا عن براكين مستعرة متأججة فيها / تناسل اللغز / فتحجرت أمهات الافكار / وتاهت بناتها / بذيول البخار / بينما / الثورات العربية تجاهر علن العورات / منذ بكاء الأماسي / نتنة توجع كبد الماء / والفجر العربي تصفعه دماء هوجاء / قبعات مجاري من صديد / زرائب الشذوذ / المجاهيل العربية / الشرود العربي / سرادق الغزو / عذابات التمرد / زعيم ينفث اشباحه الساخطة . فنرى هنا هذا التشظّي والغربة والهزيمة وقد شحن كلّ هذه العوالم وسكبها في بوتقة عنوان قصيدته هذه , عوالم شاسعة خزّنها ورسمها بحرفية شاعر متمكن يجيد الابداع .
القصيدة :
4-براكين الكلام – للشاعر : محمد محجوبي – الجزائر .
تناسل اللغز أشباه الحجر . فتحجرت أمهات الأفكار . وتاهت بناتها بين فجوات تاريخ يتضاحك بذيول البخار . فوقعات الثورات العربية تجاهر علن العورات . منذ بكاء الأماسي والطيور العربية بين مخالب البحر مضغات نتنة توجع كبد الماء . منذ عقود زعامات الملح والفجر العربي تصفعه دماء هوجاء . وعلى مقود الفراغ اللامتناهي . تتعهر مآدب الشيوخ . تتغامز معاول الشحوب العسكري . قبعات مجاري من صديد أنفاس الى وثن النحاس . والليالي عشب موتى ينزح على عربات أنفاق تشعل رؤوس المدائن الحائرة. منسياتنا أزيز استعمار يبدع خرقات الوجوه الوطنية البائرة . ليجيء زعيم العطن يمتعنا زرائب الشذوذ . يزرع من عجينتنا طين النار .فنحن المجاهيل العربية نضمر غبن الورد المشنوق . نزاول فرجات التحايا الرمادية . في الشرود العربي تنام قصائد الأنين . تهزمنا منحدرات الغزل والتشبيب . تواكبنا مرايا التزييف . تتناسخ رغباتنا من تشبيه صور الشقراوات لمزاد الشبق السابح أزرقه الافتراضي لتمثيل عروض البغاء.فينا وإلينا تتوسع سرادق الغزو اللذيذ .لأننا نعيش من يبس الفكرة العجوز العقم .لأننا نشتري عذابات التمرد بكمد التفرد . فتفرد فينا خليط زعيم ينفث أشباحه الساخطة من جحافلنا المتوارية خلف زجاجها الملحي الكئيب .
محمد محجوبي / سنة 2018
5 - اما في قصيدة الشاعرة : سرية العثمان – سرّ المراعي - سوريا .
فأنّ العنوان يوحي لنا بعوالم فسيحة من الجمال , والمناجاة الروحية الشفيفة , والذات الشغوفة بتعلّقها بالطبيعة وانعكاساتها على الذات الشاعرة , وما أن نطرق باب قصيدتها حتى تندلع في ارواحنا هذه العوالم الزاخرة بالجمال , فمثلا نقرأ / كناعورة تئن على دلو مائها وغناء الصدى في صمت الصهيل / بهذه اللغة التجريدية تفاجئنا الشاعرة وتكشف لنا عن سرّ المراعي , وترسم لنا قمراً بلون اللوز يسكن قلبها الرهيف / رسمتك قمراً بلوز قلبي / أركب الشهب / ألملم قوس الله / وآتيك طوعاً / في رحى الشوق / أحمل كؤوس العبير / وصرير الوله / اسابق الريح / تحت شمس قلبك / ففاض البحر نورساً / . انّه عالم واسع جبّأته الشاعرة خلف عنوان قصيدتها هذه .
القصيدة :
5-سِر_المراعي – للشاعرة : سرية العثمان – سوريا .
كناعورةٍ تئنُ على دَلو مائِها وغِناءِ الصـدى في صمتِ الصهيل رَسَمتُكَ قمراً بِلوز قلبي سَاهرتُكَ حَدّ طلوعِ ظٍلّي على خَيمةِ أضْلُعي، أغارُ من كل النجمات كيفَ يقطفنً ضوؤك لِيصيرَ ليليَ قاتماً، أركبُ الشهب، أُلَملمٌ قوسَ الله، أُغادِرُ أرضيَ الراسِخةِ العُشب وآتيكَ طوعاً، وأنا المَكلومَةُ الفُؤاد مِثلُ حَبةِ قمحٍ في رَحى الشَوق، أحملٌ كُؤوسَ العَبير في رَقصةِ الثَمالة من فَيضِ الوَجد وَصَرير الوَله على جمرِ ثَلجِ الغِياب، أرفعٌ نَخبك، أُسَابِق الريح، تَتبَعثر ظِلالي المَزروعة تَحتَ شَمسِ قلبك بشهقةٍ من صُراخ شراييني حينَ التفّت على أطراف بَعثرتي نبتً العُشب و رَعى الغَزال فَفاضَ البحرُ نوارساً.
٢٠٢٢/٨/٣٠
سرية العثمان/سوريا
6- اما قصيدة الشاعر : كامل عبدالحسين الكعبي – عندما تعزف الريح – العراق
فمن خلال عنوانه نستوحي ذلك العزف والألحان المتفجرة من بين مقاطعه النصّية المدهشة , والذي / العوان – الريح / الذي يوحي لنا بكمية العذابات التي تعتمر في داخل الذات الشاعرة , لقد رزم كل معاناته وشكّلها وراء هذا العنوان , فها هو يفتح لنا باب قصيدته بـ / رأسي يتدلّى من شاهق وأقدامي ضلّت الطريق / عالم من الرعب والالم والغربة واللاإنتماء لهذا الواقع المرير , / فلم تجد غير اشواك بلا رحيق وسنابل شبّ فيها الحريق وأرض بلقع تعطش المطر كعطش السديم لشمس المغيب / , ويستمر الشاعر في فتح بوابات قلبه لنا لنرى عوالمه الخفية وهي تتفجر ألماّ , / أبقى صامتاً يحتويني الاحتراق اسفاً على دليل درب يسير عكس اتجاه العاصفة / , هكذا يتجلّى الجمال وراء عنوان مثير للجدل والدهشة والجمال .
القصيدة :
عندما تعزفُ الريح – للشاعر : كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي – العراق .
.............................
رأسي يتدلّى من شاهقٍ وأقدامي ضَلّتِ الطريقََ فَلَمْ تجدْ غيرَ أشواكٍ بلا رحيقٍ وسنابل شَبّ بها الحريقُ وأرضٍ بلقع تعطشُ المطرَ كعطشِ السَديمِ لشمسِ المَغيبِ ووجوهٍ لمْ يهدهد بساطَ سحابها الربيعُ ولمْ تُرطّبها انكساراتُ الريحِ فعندما كان لفظي عَسَلاً غطّى الذبابُ فمي ولمّا صارَ عَلْقماً أغلقَ الضجيجُ أُذنيّ وأنا بينَ هذا وذاكَ أبقى صامتاً يحتويني الاحتراقُ أَسَفاً على دليلِ دربٍ يسيرُ عكس اتجاهِ العاصفةِ أهُوَ حلمٌ ضبابيّ !؟ أمْ بياضٌ يستطيلُ مع بحرٍ صابهُ نزيفٌ !؟ تعانقَ البحرُ مع الهديرِ فغارَ جسدٌ مخمليّ في قاعٍ سحيقٍ وحلّقتْ زقزقاتُ العصافيرِ في فضاءات العروجِ بُعْداً لنفخةٍ في رمادٍ لمْ تخلف إلاَّ الغبار عبثاً كنتُ أحاولُ إشعال ذلكَ الضَوءِ الخافتِ فالظلامُ أَرْحمُ !! لا طائلَ من صرخةٍ بمَنْ لا يحسنونَ الطفرَ فوقَ الأَسْلاكِ الشائكةِ ، الحريرُ الناعمُ سلوةُ الخانعينَ فلينهار صوتي في دروبِ الرجاءِ ما دامتْ لغتي الحُبلى موؤدةً رهينةَ الإجهاضِ قبلَ اكتمال جنينها تُعساً لغيمتي التي هطلتْ على صحراءَ لا ينبتُ فيها زرعٌ ولا ينمو فيها ضَرْعٌ فَأَكِرّ راجعاً لجداري الخامسِ أُعَتّقُ غصصي بلفحاتِ الندمِ عَلِّي أجدُ في ركامِ أوردتي وفي خبايا شراييني رمالاً أدّخرُها لرياحٍ أُخَر .
كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي
العِراقُ _ بَغْدادُ
7- اما قصيدة الشاعرة زهرة النرجس ربيعة ازداد–إشراقة تخترق الظلام- المغرب .
فالعنوان هنا عبارة عن قصيدة مختزلة ومضغوطة بعناية فائقة , يوحي لنا بتلك الاشراقات الروحية وسط ظلام الواقع وقسوته , /ابسطي جناحيك الدافئتين لأتخلص من ثلج قلب جريح / الرغبة الجامحة في التخلص من الواقع والانعتاق , / يقتفي نور الشمس في ثغرك الباسم الزاهر بجواهر الكلم / , أفراح خجولة تنتظرني عند عتبة ميلادي الاخير / و نشّفي دمع الورد وقلّمي زعانف كربتي / تسري ألحاني بنقرات على نوتات أمومتك كسريان الماء في جوف بحيرة ظامئة / , هالة ترسمها ملامحك تغمرني طمأنينة وسرماً / , انّ الشاعرة هنا قد اشعلت وألهبت روحي المتلقي وهي تسكب لغتها العذبة فيها , فأصبحت تهدهد مشاعره وتعيد بعد طول ذبول رونق الحياة والازهار تصففها/ الكلمات / بعناية فائقة في / مزهريتي – روحها التواقة للجمال والابداع بعدما / طالها الذبول / , لقد أبدعت كثيرا الشاعرة وانوارها تخترق عنوة ظلام الأرواح المتعطّشة للأبداع الحقيقي والجمال .
القصيدة :
إشراقة تخترق الظلام – للشاعرة : زهرة النرجس ربيعة ازداد – المغرب .
ابسطي جناحيك الدافئتين لأتخلص من ثلج قلب جريح ،كليم ،ينافح ظالما سرق بريق زهرة الليلك البنفسجية ذات سطو رهيب ، يقتفي نور الشمس في ثغرك الباسم الزاهر بجواهر الكلم ،مُدِّي يديك ودغدغي خصيلات شعري لأنسى حزن الليالي المضطهدة، لعلع رعدها في أحشائي وهبت عاتيات سنيني البائسة لتحجب عني ثمة أفراح خجولة تنتظرني عند عتبة عيد ميلادي الأخير ،نشِّفي دمع الورد وقلِّمي زعانف كربتي براحة يديك لأثمل بقبلة منك تسقي براعمي الناتئة علني أزهر في عينيك الساحرتين اللتين تظهران جمال خلقك وتفضحان رقة مشاعرك ،تكلمانني في صمت ،أفهم قاموسك الضخم الذي تترجمه أمومتك في ضمة حنان منك ،استيقظي حبيبتي في صباحاتي الشتوية لتنثري غبار قمر ضرير ضاعت لغتي في فمه الضيق الصغير ،مزقي ضيم نجوم أخرستها هيمنة غيوم جائرة ،أوقفي خِبَّ بحري واضطراب موجي بحديثك الساجي وقربك الندي وأريجية روحك وجودي علي بأمطار حنانك تخمد عللي وتتبخر أشجاني وأكتب للوطن قصائد للحرية وللعشاق أسرد رواية عشق تراجيدية نابليونية الوقائع عذوبتها كشهوة النهارات الساقطة في حضن المساءات المقمرة ،أيتها السروة الدائمة الخضرة أنفاسك تعبق بعطر الحياة ، تسري ألحانك بنقرات على نوتات أمومتك كسريان الماء في جوف بحيرة ظامئة فتنفرج أساريرها عن ابتسامة عريضة …أنت أيتها المتوهجة في ظلمتي الحالكة تهدأ ثورة الرياح بلمسة تمررينها بأطراف أصابعك الجميلة نور يعلو وجهك الملائكي رغم ما يكسوه من غضون تحكي تجاعيده متاعب عمرك وأنت تشعلين شموع الفرح في القلوب ،هالة ترسمها ملامحك تغمرني طمأنينة وسلاما كأني ما عشت لحظة وسط أنياب ذئاب جائعة وما انهزمت حين توالت الحسرات القاتلة فطيفك دائما حاضر يهدهدني ،يهديني مفاتيح خلاصي ،يعيد الحياة لأزهار مزهريتي كلما طالها الذبول
أحبك!!!!!!!
زهرة النرجس ربيعة ازداد
تازة /المغرب
8- دندنة – للشاعر : ابن الحاضر - ليبيا .
أنّ الكلمة لا تطلق على الحروف والالفاظ فقط , وإنما هي أعمّ من الالفاظ والحروف , بل هي في الواقع عبارة عن الشيء الحامل للمعاني والاسرار , ولذلك يمكن أن تُعدّ جميع الاصوات والالحان في الطبيعة لأنها حاملة للمعاني والاسرار . هنا يأخذنا عنوان القصيدة الى أجواء موسيقية , نشاهد ونتلمس شفافية اللغة الشعرية المخبوءة من وراء عنوانه هذا / دندنة / , انه عزف تتراقص على أنغامه المفردات / وكأن شوقي حين تهيج به الاشواق اليك / , / يطلق صافرة الانذار مستغيثا / , / ترتل تعاويذ غواية النجم / , / حين تستسلم الاماكن لصرخة طفل جائع / , وهكذا نستمع لكل هذا الاصوات / لتستمر الحكاية في دندنة قادمة على ضفاف الروح في لحظة من وجل / .
القصيدة :
دندنة –ابن الحاضر – ليبيا .
وكأن شوقي حين تهيج به الاشواق اليك يفقد السيطرة تماما فترفض لوحة الاوامر له الاستجابة، يطلق صافرة الانذار مستغيثا حيث تختفى الاتجاهات لتصبح مسارا واحدا محتوما وهو الهبوط الإجباري بين هضابك الشامخة التي تمزق قممها خد السحاب وهى ترتل تعاويذ غواية النجم أو الانتحار غرقا في بحر عينيك الذي لا يرحم وكأقرب طريق للنجاة يختار بلا وعي الهبوط مستعينا بأمواج رضابك وانت تميطين الاذى عن شاطئ الحلم السابع قرب شجرة الاصيل في متاهة الوجد حيث تستوي كلفة الاقدام والرؤوس في راحة الانامل الخالقة حين تستسلم الاماكن لصرخة طفل جائع أو عجز مريض عن ثمن الدواء لتستمر الحكاية فى دندنة قادمة على ضفاف الروح في لحظة من وجل .
ابن الحاضر.
9- أناملي والعتق – بقلم الشاعرة : جميلة بلطي عطوي – تونس .
في هذه القصيدة نرى بوضح حركية مستمرة داخل النسيج الشعري , مما جعله متحركاً ويتطور بسرعة الحركة الدائرة والمستمرة فيه , فقد استطاعت الشاعرة هنا تجمع حركات حسّية ودلالية وفكرية وتبثّها داخل نسيجها الشعري , كلّ هذه الحركات كانت متواجدة خلف عنوان القصيدة , / أن أدفع بالحركة إلى المنتهى / , / أطلقُها الخطى فتتعلّم الرّكض دون هوادة / , / أعاند التّيّار / على قدر الهدوء والإعصار / , / يكسر القضبان / , لقد منحت الشاعرة قصيدتها هذه فسحة شاسعة من التأمل والتأويل حين تحرّكت أنامها وانعتقت فمنحتنا هذا الجمال .
القصيدة : أناملي والعتق / بقلم الشاعرة : جميلة بلطي عطوي – تونس .
في لحظة استثنائية قرّرت أن أحبس الوقت في قمقم منسي ، أن أدفع بالحركة إلى المنتهى ، أطلقُها الخطى فتتعلّم الرّكض دون هوادة .عند بوابة الدّهشة أستردّ مفاتيح الزّمن الغابر ، أفتحها الأبواب بابا بابا .أطوف في الزّوايا بل أتسلّق الرّفوف كشعاع ضوء بخاتل العتمة ، يأبق من كوّة نسيت بهرج الضّياء ، يأخذها الشّعاع فتركبه ، تميس معه يمنة ويسرة وأنا أشحذ البصر أخلع ظلّي عند انعراجة مباغتة .أعلنها رحلة العتق من الحدّ و الحدود ، منّي وقد أبِقتُ كمارد كسر زجاجة الحصار، أعاند التّيّار. في اللّوحة تمرح يدي ، هي من تشكّل الأشياء ، تبعثر الفصول بل تتمادى فتصنع خارطة خارج الإطار ، خارطة على قدر شوقي ، على قدر الهدوء والإعصار، على قدر رغبة في المزار . أضمّها يدي ، أقبّل الأنامل إصبعا إصبعا ، تمسك بتلابيبي تقودني كما طفلة غريرة إلى خضرة وماء ، إلى باحة يسكنها النّماء ، إلى الوطن المشتهى . هناك تتحوّل أناملي زهورا بألوان الطّيف واللّون، أفعوان يتحدّى الزّنازين والعجز ، يكسر القضبان .
تونس ....7/ 9/ .2022
بقلم.. جميلة بلطي عطوي
10- الشاعر بشير مقران - ثقب في راس المدينة – المغرب .
هنا نجد لغة قاموسيه يرتكز عليها العنوان , ومفردات مشحونة بطاقات تأويلية كثيرة , أن الثقب الذي أوجده الشاعر في / رأس المدينة / زاخر بمفردات توحي بعالم موبوء مشظي , بدأً بـ / ثقب – في راس المدينة / ’ فخلف هذا العنوان المثير للقلق والحيرة والدهشة نجد / فجوة / هروب / كئيبة / جراح / ضباب / تائهة / حقائب بلا أناس / بلا وجوه / ذبلت / تكابد / سذاجتها / فلول الظلام / تموت / تفتقت / حزن يوم طويل / مناطق مأهولة بالغبن / تائهة / مفقود – هكذا رسم لنا أو أوحي لنا عنوان قصيدة الشاعر : بشير مقران كل هذه العوالم خلف عنوان صادم مقلق مثير للحيرة والتأمّل .
القصيدة :
ثقب في راس المدينة
ابحث عن فجوة تستظل بالهروب لأقبع خارج مدينة كئيبة تضمد جراحها بضباب تقياته محطات قطار تائهة في حقائب أناس بلا وجوه ملامحهم ذابت في روائح عطنة و قارات بكل أحزانها اصطفت في طوابير بداياتها متعطشة للأنوار و نهايتها مازالت تكابد بسذاجتها فلول الظلام . هنا تموت كل البطائق البريدية التي سوقت للجاذبية و للأنوار و لورود تفتقت لتسقي العشق و لحانات تقرع فيها كؤوس اخفت برنينها حزن يوم طويل و لروايات استقال ابطالها قبل فجر العقدة و نام إلى الأبد بريق العيون في زوايا مناطق مأهولة بالغبن لا تستسيغها الخرائط. في باريس المؤجلة انوارها كتل من ناس تائهة تبحث عن ثقب لتتسلل إلى رائحة التراب الندية و إلى دفئ شمس مفقود.
بشير مقران/المغرب.
11 - حمراء تأتي .. تلك الحرية - الشاعر نصيف علي وهيب – العراق .
اما عنوان قصيدة الشاعر نصيف علي وهيب / حمراء تأتي .. تلك الحرية / , فمن خلاله نستشف مهمة الشاعر في رسم ملامح / الحرية / في بلد يفتقد اليها , أنّ ما جعل الشاعر يلجأ الى هذا العنوان أنما بسبب المعاناة والمكابدات والهزائم والخيبات , فحاول ان يرسمها لنا وهو على يقين بأن هذه الحرية / الحمراء / لن تأتي دون تضحيات وصراع وهمم ومطالبات , فمازالت / أفول الاحلام من قلق انتظار الخيط الابيض من سواد الفجر ليل / الاحلام مسروقة والذات الشاعرة تحاول ان تتمسك بالأمل رغم أن الفجر / الحرية / بعيدة , وفي القلب تتأجج الآمال رغم تشابهها مع الغروب , فـ / لاريب / سيأتي قبل الشمس .
القصيدة :
حمراء تأتي .. تلك الحرية - الشاعر نصيف علي وهيب .
أُفولُ الأحلام من قلقِ انتظارِ الخيط الأبيض من الأسودِ ليل، الفجرُ البعيد، حفزَ ملالتي، لتتزينَ بالأمل، تحلق بسلام القلب في فجرٍ، وإن تشابه مع الغروب من غيمِ يومٍ، سيأتي قبل الشمس، لا ريب.
نصيف علي وهيب
العراق
12- منى كامل بطرس - زوايا مضيئة – كندا .
هنا نجد أن الشاعرة : منى كامل بطرس , ترسم لنا من خلال عنوانها / زوايا مضيئة / من الذكريات والاحلام والامنيات البعيدة في الذاكرة الحيّة , / كلما أبحَرَ شعاع العين في الأُفق البعيد / يتراءى لنا عالم فسيح من الجمال الشفيف والرقيق / يتراءى لي وجهك الحبيب يا نور العين وبهجة القلب / انها هواجس القلب المولع بالجمال والنقاء والحبّ , اننا هنا نتحسس رذاذ لغتها العذبة ونتلمسها بأرواحنا , حين تتركنا نسرح معها في عوالمها البعيدة والجميلة في سيل من الذكريات / في سيل الذكريات يُطِلُّ طيفك وهو حُلُمي الأبَدّي يزورُني كُلَّ لحظةٍ / , وتأخذنا لغتها التعبيرية عميقا لتستفزنا بتلك العوالم الدفين وهي / انا نجمة مشتعلة تقترب من شاطئك العذب / . اننا امام لغة مضيئة غرقنا في جمالها فهي / انا مملوءة بحبك السرمدي منذ دهور .
القصيدة :
كلما أبحَرَ شعاع العين في الأُفق البعيد , يتراءى لي وجهك الحبيب يا نور العين وبهجة القلب , أمدُّ يدي واترك اصابعي تتَحسّس الطيف القادم , تغيب في الوهمِ والحذر تغرق , في سيل الذكريات يُطِلُّ طيفك وهو حُلُمي الأبَدّي يزورُني كُلَّ لحظةٍ , في الليل مصباحي شعاعَ امَلي , يسحبني الى هاويةٍ ليس لها قرار , حُلُمي يدورُ ويدور تحيطُ به الشموس و, انا نجمة مشتعلة تقترب من شاطئك العذب ! نجمة صغيرة انا تسبح في مجرّتك الكبيرة , يا نورك القادم نحوي اغرق فيه , يشدّني الى عليائك , اصعد واصعد ملتهبة غارقة في واحة امنياتي , اعترف , انا مملوءة بحبك السرمدي منذ دهور !,,,,
______
منى كامل بطرس \\ من كندا
13- الشاعرة : سما سامي بغدادي - شمعة خضر الياس – العراق .
/ شمعة خضر إلياس / عنوان يتحدث ويأخذنا الى الذكريات البعيدة في الذاكرة , ولإلي مناسبة وطقوس يمارسها الناس ’ مناسبة شعبية من المناسبات التي ظلّت في الذاكرة لارتباطها بمعاشهم وحياتهم اليوميّة , فمن خلال اللغة التجريدية التي صاغت منها الشاعرة قصيدتها هذه , ومن خلال عنوانها نستشف ما تقصده الشاعرة , ففي هذا اليوم توقد الشموع وترمى في نهر دجلة طلبا لقضاء الحوائج وتحقيق الامنيات , / عند ضفاف نهر عتيق الجريان تلاحق أطياف غيمة وتُملّي جناح يمامة قراطيس الاماني هباتٍ للريح / وتزرع على آخر باب دموع الياسمين وألق حكايةٍ لم تكتمل بعد / إلا إن هناك ما يستحق الانتظار / وهكذا تلاحق شمعتها المضاءة برقةٍ وتقرر ألا تعود أبداً وتختفي وظلها يمشط بساط الضفاف ليتحد بالنهر والافق .. وهكذا نلاحظ ما خفي من عوالم بعيدة مازالت عالقة في الذاكرة خلف هذا العنوان الجميل .
القصيدة :
شمعة خضر الياس
..........................
تُجدّل أشعة الشمس ضفائرها الذهبية , وتنتظر وتلوذ خلف أشعتها الدافئة تمحو ظلالاً معتمة ,عند ضفاف نهر عتيق الجريان تلاحق أطياف غيمة وتُملّي جناح يمامة قراطيس الاماني هباتٍ للريح , وتُشعل شمعة كمن يشقُ في كوةٍ ويتشبث بحافتها الاعمق , وتزرع على آخر باب دموع الياسمين وألق حكايةٍ لم تكتمل بعد , هناك دوماً ضفة مُشتهاة بالضرورة بحكم الغموض وفتنة المسافة وجمالية البُعد , تُزين خطى اللائذين بالعبور وتنهي الجدل ,مؤكدة إن المراكب لا تنتظر ، والامواج لا تقبل الهدنة , إلا إن هناك ما يستحق الانتظار , وهناك ما يدفع القلب للغناء ويُذّكر ملائكة هذا الكون بصوت مجذوب بوفرة الصمت والسكون ، وهكذا تلاحق شمعتها المضاءة برقةٍ وتقرر ألا تعود أبداً وتختفي وظلها يمشط بساط الضفاف ليتحد بالنهر والافق ..
سما سامي بغدادي
14- الشاعرة : سلوى علي - همسات لا تقوی علی الصراخ – العراق .
خلف هذا العنوان نجد الهمسات الدافئة والمبطنة بالصراخ , والصراعات النفسية الدفينة , والنيران المتأججة في اعماق الذات الشاعرة , / تلك الجمرات الصامتة مفارق احلامها قلقة تصارع عواصف الوحدة المملوءة بالضجيج بین زمهرير الانتظار واحضان الليل – هكذا يوحي لنا عنوان قصيدة الشاعرة : سلوى علي , وهي تتعملق في لغتها الفذّة ونسمع صدى بوحها الشفيف المجروح / تسمع صدی تلك الساعة وهي تتعملق بداخل الاشواق هناااااك / اننا امام لغة تعبيرية قادمة من اعماق القلب والروح , حاولت من خلالها الشاعرة أن تحلّق بعيدا في سماوات الابداع , وتصنع لها أجنحة رقيقة تعابث الريح وتطير من خلالهما الى مساحات بعيدة من الأبداع , وتختتم قصيدتها بهذا البوح المجروح / ٲواااااه لتلك الجمرات بین التیه والضیاع جاءت كغیمة ومضت كالمطر فوق ٲعشاب الحسرات .
القصيدة :
همسات لا تقوی علی الصراخ
تلك الجمرات الصامتة مفارق احلامها قلقة تصارع عواصف الوحدة المملوءة بالضجيج بین زمهرير الانتظار واحضان الليل ، تسمع صدی تلك الساعة وهي تتعملق بداخل الاشواق هناااااك ، تقايض الروح علی كتابة تلك الهمسات المتجولة بداخل رأسي وذاك الشوق الملتوي في وجع الساعات ، یمسك الفكر ویصنع له جناحان كي تطوف فوق مآذن الغیم وتزیح عباءة اللیل بلا رجوع لتبشرها بنبوءة اللقاء في قلاع الكوابیس بین تلك الفرادیس المتجذرة في فراغ الروح عله یهدهد ٲوراق العمر لتلك الدهالیز المغلقة التي لا تقوی علی الصراخ . ٲواااااه لتلك الجمرات بین التیه والضیاع جاءت كغیمة ومضت كالمطر فوق ٲعشاب الحسرات .
سلوى علي – العراق
15- عدنان جمعة/ بغداد- قبلة مؤجلة – العراق .
من خلال قبلة الشاعر : عدنان جمعة , تلك القبلة المؤجلة نتلمس تلك الطاقات الحسيّة الشعورية العنيفة في نفس الشاعر , ان اختيار أي مفردة في أي قصيدة لم يكن عبثا , وانما عن قصدية متعمدة من قب الشاعر , وهذا ما يكشف لنا عن الحالة النفسية في لحظة اختيار هذه المفردة , هكذا يتحدث لنا الشاعر : عندنا جمعة , وكأنه يحدث نفسه ويهمس لها بصمت ورجاء وتمني / أتأمل صورة، قطعة حلوى، وقبلة لسيدة ملكت الروح، بعبق الخمائل، أقلب البرد وشفاه خذلتني ألف مرة / ثم يستمر ليكشف لنا ما خفي وراء عنوان قصيدته / قبلة مؤجلة / ليت يزورني المطر، وتشرع الشمس لأطلق سراح عصفور يتلوى خجلاً، حاملاً بين جناحيه كفين من الحبِ ويشاطرني الألم / انها الامنيات المؤجلة كهذه القبلة , وتتداعى الافكار وتنهمر كالينبوع / أترقب نقطة ضوء وسط أمنيات عجولة عسى أن يتفتت هذا الليل وأهدأ، أنطلق وسط أزهاري البرية حيث الأرض عارية / انه الانتظار الذي أرّق الذات الشاعرة , وبثّ فيها حالة من الحزن والالم , وما ادخرت لي تلك الليالي قبلة مؤجلة من عام مضى.
القصيدة :
قبلة مؤجلة – للشاعر : عدنان جمعة – العراق .
أتأمل صورة، قطعة حلوى، وقبلة لسيدة ملكت الروح، بعبق الخمائل، أقلب البرد وشفاه خذلتني ألف مرة، ليت يزورني المطر، وتشرع الشمس لأطلق سراح عصفور يتلوى خجلاً، حاملاً بين جناحيه كفين من الحبِ ويشاطرني الألم، أترقب نقطة ضوء وسط أمنيات عجولة عسى أن يتفتت هذا الليل وأهدأ، أنطلق وسط أزهاري البرية حيث الأرض عارية، أغفو تحت قوس الخيال حينها ينتظرني الفرح، وما ادخرت لي تلك الليالي قبلة مؤجلة من عام مضى.
عدنان جمعة/ بغداد
16- الشاعرة : اعتماد الفراتي - أقاليم الروح الباردة – العراق .
هنا نجد الذات الشاعرة لدى الشاعرة : اعتماد الفراتي , وهي تتحدث عن مساحة الروح , فمن المعلوم بأن الإقليم يتحدث عن المكان , لكن الشاعرة هنا حاولت وأجادت من خلال انزياح لغتها ان تجعل للروح أقاليم ايضا , ومساحات , فها هي تقول / أتقنُ الانتظار يا وحدتي ..حين أكون قصائد وأحلام ، تنزُّ من مسامِّها رائحة الفقد، و حين يبدأ الصمت الطافح يُعرِّشُ على صقيع روحي / ثم تتداعى الافكار والهواجس وتنحرف اللغة بطريقة مذهلة / أيا أيها الجرح الذي تراودني كفاكَ ما عدتُ أذكرُ كيف عدتَ من الفراغ فأوقفتَ زمني ورفيف البوح في ذاكرتي لِتحطم أصداف المرايا بين أضلعي و تمتشق أيامي تتأمر ضدي تمتطي هودجها بأقاليم روحي الباردة تسكن ظلي / انها النجوى والشكوى والامنيات التي تمور في أعماق روح الشاعرة , وخلجات لا يمكن السكوت عنها / فيخاصرني الشغف المتوغل في قشور القصيدة على أرصفة الدهشة بين زَقَّة فجرٍ و ترنيمة بحرٍ ومراكب شوقٍ بأشرعتها الواعدة تقتربُ كلما ابتعدنا فتولد أبجدية الوجد تبلل وجه الصبح بالأسى وتغرز مخالب الليل في عنق النهار ..تراقص ظلال النجوم تحت شرفتي فلا مكان للوحدة بعد ان تركَ لي تحت وسادة نومي زهرة وغابَ في الخيال. / وهكذا راينا تلك الاقاليم التي تحدّثت عنا الشاعرة بعدما كانت مختفية وراء عنوان قصيدتها .
القصيدة :
أقاليم الروح الباردة - الشاعرة : اعتماد الفراتي – العراق .
أتقنُ الانتظار يا وحدتي ..حين أكون قصائد وأحلام ، تنزُّ من مسامِّها رائحة الفقد، و حين يبدأ الصمت الطافح يُعرِّشُ على صقيع روحي ،كلما تذكرتُ دفء صوته، يصافحني كل مساء و حين يمرُّ الوقت ، يُفتش في حقيبة الليل عن عناوين ضاعت في مدونة المطر و مرايا القمر..!! أيا أيها الجرح الذي تراودني كفاكَ ما عدتُ أذكرُ كيف عدتَ من الفراغ فأوقفتَ زمني ورفيف البوح في ذاكرتي لِتحطم أصداف المرايا بين أضلعي و تمتشق أيامي تتأمر ضدي تمتطي هودجها بأقاليم روحي الباردة تسكن ظلي، خلتهُ وحده يتبعني ونسيت ظل الأخرين، حين أبحث عن وجوههم الشاحبة يأكلني قلقي وتستعيد طفولتي لغة الشناشيل الملونة، فيخاصرني الشغف المتوغل في قشور القصيدة على أرصفة الدهشة بين زَقَّة فجرٍ و ترنيمة بحرٍ ومراكب شوقٍ بأشرعتها الواعدة تقتربُ كلما ابتعدنا فتولد أبجدية الوجد تبلل وجه الصبح بالأسى وتغرز مخالب الليل في عنق النهار ..تراقص ظلال النجوم تحت شرفتي فلا مكان للوحدة بعد ان تركَ لي تحت وسادة نومي زهرة وغابَ في الخيال.
اعتماد الفراتي / العراق
17- سيدة الفصول بقلم الشاعرة : يسرا طعمة – سوريا .
هنا نحن أمام انزياح لغوي رائع وجميل حين قرنت الشاعرة : يسرا طعمة / السيّدة / بـ / الفصول / , حيث اضافتها الى الفصول , وتركت للمتلقي فسحة شاسعة للتأمل والتأويل من خلال عنوان قصيدتها هذه , أنّ التأويل لهذا العنوان ولغيره يكشف لنا عن المعاني الخفية للكلمات في النسيج الشعري , يمنحنا فرصة البحث عن معان ومفاهيم جديدة داخل القصيدة , ويضفي عليها مساحة من الجمال والابداع , أذن نحن أمام / سيّدة / محترمة وذات مكانة مرموقة في المجتمع , / انتزع من ضعفي حواراً يعيد ترتيب العمر إلا سطراً من حضارة سيدة فصول ينهضُ نداها مهراً عالقاً بين بخور جِيدٍ تجّمر واحتمالات قبلة تحاور التراب والهواء والماء وهرج النار يطاردها غيبٌ سليماني البصمة / , وتحلّق عاليا الشاعرة حين تستخدم / الرمز / لتفتح لنا آفاقا كثيرة للتأويل وتعدد القراءات / قالوا إني مرافئ عازبة كل أربعة من الزمن تُنجب ملكاً يطفق مسحا بجدائل الذهب ينبش في الفناء الخلفي لنبضٍ ضاقَ عن التدوين واسقط من بين دفتيه أبحُر كلام يعبثُ بالباقيات الصالحات اللائي أتينَ بي إليك كبلقيس سبأ / , هكذا نرى هذا الزخم الجمالي الكثير قد توارى خلف عنوان قصيدة الشاعرة , / اهكذا نمضي إلى الفناء نلتاع في طابور القدر ظلاًّ ضالاًّ وجرحاً يئنُّ على الحصى يغرس في كفي البيضاء شَتَلاتِ مئةِ عامٍ من تضرُّعٍ واستغفار ونضجتْ كلُ ثمارِ تعبي ووهن عود القصب .
القصيدة :
سيدة الفصول بقلم الشاعرة : يسرا طعمة – سوريا .
أنتزعُ من ضعفي حواراً يعيد ترتيب العمر إلا سطراً من حضارة سيدة فصول ينهضُ نداها مهراً عالقاً بين بخور جِيدٍ تجّمر واحتمالات قبلة تحاور التراب والهواء والماء وهرج النار يطاردها غيبٌ سليماني البصمة قالوا إني مرافئ عازبة كل أربعة من الزمن تُنجب ملكاً يطفق مسحا بجدائل الذهب ينبش في الفناء الخلفي لنبضٍ ضاقَ عن التدوين وأسقط من بين دفتيه أبحُر كلام يعبثُ بالباقيات الصالحات اللائي أتينَ بي إليك كبلقيس سبأ ولدتُ مرتين لا تسلْ بعض الظواهر عجاب تُعيد ترتيب مخاض الزمن وتقسِّم الموت بلا سبب إنك لن تستطيع معي قهرا يا رب المعجزات علّمني لغة السحاب وكيد الريح فانا أجهلُ ثرثرة الغيم وشهادة زور الصحراء الوقت أزفْ والخريف يلملم بعباءته تفاصيلي كالسبايا عند صعاليك جغرفة شوّهها غزو اليباب أنا أبني خلف المطر وأنت تهدم السماء أهكذا نمضي إلى الفناء نلتاع في طابور القدر ظلاًّ ضالاًّ وجرحاً يئنُّ على الحصى
يغرس في كفي البيضاء شَتَلاتِ مئةِ عامٍ من تضرُّعٍ واستغفار ونضجتْ كلُ ثمارِ تعبي ووهن عود القصب هذي أولُ عشرين سافرة مضتْ كغيمة صمّاء نزقة لا تقبلُ العذر لها مع الرب ميثاقٌ حيث شاء تشد مآزرَ شتاءٍ يغسل السواد ويهادن عقوق شامتين على خدود التفاح من الخجل العشرون الثانية قصيدة تحرَّرتْ من عبودية نسبٍ قلِّم كل نظرة تطفلتْ وتسلَّقتً شاهقَ عطري الذي انتفض كانت تلبس حروفاً قصيرة جداً وعلى كتفيها تلقي وشاحاً زلال ترقص كلماتها كدرويش مغشيٍّ عليه من العتق أضادٌ متناحرة أمّارةٌ بالعطش تطفح عتباً على أذيال العشرين الثالثة رهبةٌ وحياء يطرق أبواب ربيعٍ قام يُنضِّد مفاتنَها
هواجسَ شعر يطاردُ مستحيلاً لأنوثةٍ لم تندمل كَخَرسِ الصبّار ظاهره أشواكٌ والباطن بلسم
يسرا طعمة
18- هيكلُ عشقٍ ما بعده عشق. بقلم الشاعرة : سامية خليفة / لبنان .
هنا نحن أمام فكرة اساسية حاولت الشاعرة : سامية خليفة أن تتوارى خلف عنوانها هذا , ان هذا العنوان مكون من كلمات معينة , ولكن لو دققنا النظر جيدا ونحن نقرأه بتمعن , لوجدنا بأنّ لكل لفظ وكلمة معنى واحد , ولا يدلّ على أكثر من معنى معين , غير أنّ انفتاح المجازات واتساع دائرة الاستعارات والتأويل يمهد الطريق لاكتشاف معان جديدة , وان المفردات ذات المعنى الواحد حينما تقع متلاحقة في نظام خاص متسق يمكن ان يوفر الفرصة لظهور معان جديدة وكثيرة , / قد تغتربُ الأجسادُ قسرًا، فتُعتقل سجينةً في أيِّ بلدٍ هجينٍ، أمّا الأرواح فتبقى فيها حرة طليقة تقيم مهرجانات الألوان ، في لوحاتٍ أو مشاهدَ فولكلوريّة / , هكذا يندلق الجمال الكثير المختبئ وراء هذا العنوان , / ، أصيخُ السّمعَ تجذبُني أصداءٌ تتعالى من وراء حجاب. تلمحُ بصيرتي انبعاثات أنوارٍ شاردةٍ كغزلان البراري من ثنايا أدغال أكفِّ الزمن. صاخبةٌ هي أهازيج المدنِ أهؤلاء المتلفعين بالأمجاد هم أجدادي؟ أهذا الجمالُ الذي يعلو ذرى الآفاقِ منبعثً من طيّاتِ تاريخِ وطني؟ أعود بعدَ إبحارٍ وسفرٍ معَ الخيالِ إلى شاشةِ الواقعِ، كم أمستِ المدنُ اليومَ عقيمةً!! كم أمستْ صامتةً كما الخرابُ / . يستمر الجمال يتوالى من خلال نسيج الشاعرة الشعري , ونفهم كمية الجمال المنبعث من وراء عنوان قصيدتها الصارخ .
القصيدة :
هيكلُ عشقٍ ما بعده عشق - الشاعرة : سامية خليفة / لبنان .
قد تغتربُ الأجسادُ قسرًا، فتُعتقل سجينةً في أيِّ بلدٍ هجينٍ، أمّا الأرواح فتبقى فيها حرة طليقة تقيم مهرجانات الألوان ، في لوحاتٍ أو مشاهدَ فولكلوريّة. تتنازعني الأشواق إلى أيامٍ خوالٍ، أشقُّ صدرَ التّاريخِ بمبضعٍ صدئٍ ، أصيخُ السّمعَ تجذبُني أصداءٌ تتعالى من وراء حجاب. تلمحُ بصيرتي انبعاثات أنوارٍ شاردةٍ كغزلان البراري من ثنايا أدغال أكفِّ الزمن. صاخبةٌ هي أهازيج المدنِ أهؤلاء المتلفعين بالأمجاد هم أجدادي؟ أهذا الجمالُ الذي يعلو ذرى الآفاقِ منبعثً من طيّاتِ تاريخِ وطني؟ أعود بعدَ إبحارٍ وسفرٍ معَ الخيالِ إلى شاشةِ الواقعِ، كم أمستِ المدنُ اليومَ عقيمةً!! كم أمستْ صامتةً كما الخرابُ، لا صوت يخترقُها سوى نعيقِ بومٍ وغربانٍ!! إلى متى يا طائرَ الفينيقِ سنحيا على الأمجادِ؟ إلى متى سنستنجدُ بك كلّما عصفتْ بنا النّكباتُ؟ أيا ليتكَ تقومُ من تحتِ الرّمادِ أيا ليتكَ تعيدُ لوطني بريقَه؟ يقولون بوقاحةِ مغتصبٍ أثيمٍ ...ارحلوا أخبريهم يا نسماتُ بلادي عن أحلامي، عن عشقي لحفنةِ ترابٍ تعانقُها جذورُ عروقي المتشبثةِ كأذرعِ أخطبوطٍ في أرضِ الطّهرِ، أخبريهم عن جوهرةٍ تسكنُ في كلِّ ذرّةِ رملٍ اسمُها الحنينُ. قد تهاجرُ النّوارسُ والبشرُ، قد تنتشلني الزّوابعُ من صقعٍ إلى آخر، لكنّ روحي ستبقى هنا، أيّتها الرّوحُ اعلمي أنّ مقرّكِ الأبديَّ ها هنا أنّ صومعتَكِ شيّدتُها بأهدابِ السّهرِ، هيكلَ عشقٍ ما بعدَه عشق.
سامية خليفة / لبنان
19- نعش رفاة مجثمي .بقلم الشاعر : أحمد عبد الحسن الكعبي العراق.
المتلقي حين يطالع هذا العنوان ومن خلال مفردتي / نعش / و / رفاة / , سيوحي له بحالة الفقد والغياب والموت , لهذا بإمكان المتلقي / المبدع / ان يصل من خلال الالفاظ المحدودة والكلمات المعينة الى معان غير محددة ولا متناهية , فها هو الشاعر : أحمد عبد الحسن الكعبي , يبوح لنا بهذا البوح الشجي ويرسم لنا هذا التصوير المشهدي الجميل في هيبة ووقار ومن خلال بناء جملي محكم / حملوه بكفوفٍ هشة و ساروا به بأقدامٍ رخوةٍ و خطواتٍ عمياء ثم كبكبوه فوق سطوحٍ متعرجة تداعبه ذراتُ رمال الإبلاس ليلقوه في رمسٍ أخمدٍ أدمس كي تستبيحه فكوك جحافل الديدان فتنحني الثوابتُ أمامَ سطوة الهيمنة و الجبروت و الطغيان متطأطئة هامات الوجود و رقاب الزمن مدنسة نقاوة الصفاء على أعتابِ بوابات الجنوحِ فترتسم على محيا الوجوه و أديم الارض عوالم التثبيط و خيبة الامل / .
القصيدة :
نعش رفاة مجثمي - الشاعر : أحمد عبد الحسن الكعبي العراق.
حملوه بكفوفٍ هشة و ساروا به بأقدامٍ رخوةٍ و خطواتٍ عمياء ثم كبكبوه فوق سطوحٍ متعرجة تداعبه ذراتُ رمال الإبلاس ليلقوه في رمسٍ أخمدٍ أدمس كي تستبيحه فكوك جحافل الديدان فتنحني الثوابتُ أمامَ سطوة الهيمنة و الجبروت و الطغيان مطأطئة هامات الوجود و رقاب الزمن مدنسة نقاوة الصفاء على أعتابِ بوابات الجنوحِ فترتسم على محيا الوجوه و أديم الارض عوالم التثبيط و خيبة الامل ...
أحمد عبد الحسن الكعبي العراق
20- على شفا سقوط المعنى!!-.بقلم الشاعرة: هنده السميراني –تونس-.
ان عنوان قصيدة الشاعرة / هندة السميراني / على شفا سقوط المعنى!!- / يوحي لنا بقوة وعظمة اللغة التجريدية الفذة التي تجيدها الشاعرة في أغلب قصائدها السردية التعبيرية , حيث تتخلى اللغة عن فائدتها التوصيلية على حساب نقل المشاعر والاحاسيس , فنحن امام كتل تجريدية / لغوية / ملوّنة , / من شاهق النّجوى، في أعالي الحلم تتزاحم الكلمات العاريات من الزّيف، تتعالى صرخات الصّمت المسكوب على لغتي وأهوي إلى قاع فؤاد خاو يملؤه فراغ منبتّ / , أن المعنى الذي يوحيه لنا هذا العنوان يأخذنا الى فضاءات شاسعة من الجمال والتأمّل والتأويل / متى يتطهّر وجود تأسره قضبان الحيف، من عبثيّة اللامعنى يتدحرج من قمّة السّقوط ويهوي في أحضان الحيرة تطبق على أنفاس الرّجاء؟ / , نعم أن عنوان القصيدة يتوارى خلفه الكثير من الابداع الذي يتطلب منا مساحات كبيرة وكثيرة من اجل الالمام به ومعرفت كنوزه الرائعة .
القصيدة :
على شفا سقوط المعنى!!- الشاعرة: هنده السميراني –تونس-.
من شاهق النّجوى، في أعالي الحلم تتزاحم الكلمات العاريات من الزّيف، تتعالى صرخات الصّمت المسكوب على لغتي وأهوي إلى قاع فؤاد خاو يملؤه فراغ منبتّ، يتطاير من عين الحقيقة شرر سؤال أعياه سبات العقول ويهذي الحرف
في برودة حارقة: كم لبثت وأناي في كهف عمر هارب؟ كم نام الصّبر في صدري وغفا الوجع بين أسوار أيّام تنقضي دون التفات؟ كم جاب الخطو مسافات العزلة يقتفي أثر امتلاء يبنيه صوت من غابر الإنتظار آت..كظلّ يأبى البقاء؟ متى يتطهّر وجود تأسره قضبان الحيف، من عبثيّة اللاّمعنى يتدحرج من قمّة السّقوط ويهوي في أحضان الحيرة تطبق على أنفاس الرّجاء؟ حتّام يا رؤاي أبتلع غصص الكلام ويشرق بي دمع جمد في عين الأسى؟ متى آمن من خوف عمّر وألف سؤال؟؟؟ تبتلعني دروب الكلم الوعرة..ويظلّ جرح الوقت فاغرا فم الذّهول!!!
هنده السميراني -تونس-
21- في الطريق للمدرسة : بقلم الشاعر: علاء الدليمي .
/ في الطريق للمدرسة / من خلال عنوان الشاعر : علاء الدليمي هذا , ينقلنا الى أجواء وعالم المدرسة بكل تفاصيلها , ولكن لماذا اختار الشاعر هذا العنوان ؟ ومالذي يريد من خلاله ان يقوله للمتلقي ؟ . / تتعثر خطوات القدر تسير عكس السير منذ عقدين من الزمن وهي تأخذني عنوة نحو مدينتي الفاضلة كي اتسكع في ممراتها دون أن يبصر أهل الشأن أمري! اوراقي عطشى غير مبللة بالكذب كلما دقَّ جرس الحصة الدراسية هرولتْ أقدامي تسبق صوت المدير إذ ينادي بأعلى صوته ( حللوا خبزتكم) دون خبزٍ آكلهُ أحللُ نهاري برفقة كتاب القواعد لعل الليل يهبني غفوة أو سكرة بين فصول الأدب الذي غادره طلاب الحداثة فلم يحفظوا إلا أسمه / , أن الشاعر هنا يريد ان يقول لنا قضية عانى منها ويعاني منها الكثير في هذا الزمن , / لا شكرَ تناله بعد تمام النسبة المئوية التي احرجت اصحاب المقامات بتدنيها بينما ظفرت بها أيها العلاء فقدركَ أن تكون محاضرًا لا نصيب له سوى كثافة الحصص، غير مهم طول المسافة بين القلب والسبورة فهما نبض مشترك يعزفهما قلم مدبب يغني شوقًا بنشوة ورغبة لتتراقص الشواهد على أصوات الطلاب! / انه الجحود والنكران وعدم تقدير ما يبذل من جهود حقيقية في هذا العالم / المدرسة / , هكذا يوحي لنا العنوان / النبض الهادئ في دروب القرية تشعلهُ اسئلة الابناء ليتردد صداهُ حتى أُغرمتْ به سياراتهم الفارهة فلا تعدوه قبل أن تهبه تحايا المحبة بينما تحرقهُ الشمسُ لعل عابر سبيل يتلطف بهِ ./ وهكذا سطّر الشاعر : علاء ابداعه بكل هذه الحرفية الجميلة .
القصيدة :
في الطريق للمدرسة - الشاعر: علاء الدليمي .
تتعثر خطوات القدر تسير عكس السير منذ عقدين من الزمن وهي تأخذني عنوة نحو مدينتي الفاضلة كي اتسكع في ممراتها دون أن يبصر أهل الشأن أمري! اوراقي عطشى غير مبللة بالكذب كلما دقَّ جرس الحصة الدراسية هرولتْ أقدامي تسبق صوت المدير إذ ينادي بأعلى صوته ( حللوا خبزتكم) دون خبزٍ آكلهُ أحللُ نهاري برفقة كتاب القواعد لعل الليل يهبني غفوة أو سكرة بين فصول الأدب الذي غادره طلاب الحداثة فلم يحفظوا إلا أسمه، لا شكرَ تناله بعد تمام النسبة المئوية التي احرجت اصحاب المقامات بتدنيها بينما ظفرت بها أيها العلاء فقدركَ أن تكون محاضرًا لا نصيب له سوى كثافة الحصص، غير مهم طول المسافة بين القلب والسبورة فهما نبض مشترك يعزفهما قلم مدبب يغني شوقًا بنشوة ورغبة لتتراقص الشواهد على أصوات الطلاب! النبض الهادئ في دروب القرية تشعلهُ اسئلة الابناء ليتردد صداهُ حتى أُغرمتْ به سياراتهم الفارهة فلا تعدوه قبل أن تهبه تحايا المحبة بينما تحرقهُ الشمسُ لعل عابر سبيل يتلطف بهِ .
علاء الدليمي
0 comments:
إرسال تعليق