عكست تلك المشاهد المروعة التي تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي لإعمال القمع والتنكيل الوحشية في مواطنين امريكان من قبل البوليس السري وأجهزة الشرطة الامريكية صورة المشهد بحقيقته وواقعيته وأول ما يمكن ان يتبادر للمتابعين لما يجرى من احداث وتظاهرات داخل المدن الامريكية الرافضة لسياسة ترامب وتكتله العنصري ان مؤسسات حقوق الانسان والتي طالما نسمع عنها في بيانات تدين ما يجرى في العالم العربي تقف عاجزة عن ادانة ما يجري من اعمال وحشية وقمع تتورط به الادارة الامريكية برئاسة ترامب وكان هذه الجمعيات والمؤسسات اعدت خصيصا لمتابعة مجريات الاوضاع في المجتمعات العربية وان عملها فقط يقتصر على مراقبة المشهد العربي وكل ما يجرى من مشاهد مروعة وغريبة بالمجتمع الامريكي من تنكيل واضطهاد عنصري هو بعيدا عن الادانة والمتابعة والمراقبة من قبل وسائل الاعلام الامريكية وحتى عدسات الكاميرا للقنوات العربية غابت عن نقل ما يجرى من ممارسات منافية لكل القيم والحقوق الانسانية وللقانون الدولي.
إن وحشية الشرطة الأميركية في واقعة مقتل جورج فلويد وراء الاحتجاجات في الولايات المتحدة والعالم حيث تواصلت وبالرغم من انتشار خطر وباء كورونا التظاهرات في العواصم الاوروبية ضد اعمال القمع وعنصرية النظام الامريكي وأن العمل الإجرامي ووحشية الشرطة أدى إلى الاحتجاجات واسعة النطاق في الولايات المتحدة الأميركية والآن امتدت في جميع أنحاء العالم.
ان مؤسسات حقوق الانسان والجمعيات الحقوقية الامريكية والإعلاميين ومراكز حقوق الانسان ومنابر التوصل الاجتماعي على مستوى العالم باتت تواجه تحديا عاجلا وهو وباء العنصرية وخاصة ان القانون الدولي ومواثيق ومعاهدات الامم المتحدة واضح جدا وهى تدين كل هذه الاعمال الوحشية وهذا الوباء العنصري الذي ينتهك ميثاق الأمم المتحدة بشكل واضح وعلني ويضعف القيم الأساسية للمجتمعات في جميع انحاء العالم بل يشجع الاخرين على الاستمرار في ممارسة العنصرية بشكل يهدد حياة الانسان.
ولعل من المهم ان يتحمل المسؤولية الاولي عن ضرورة التحقيق فيما يجرى مكتب الأخلاقيات التابع للأمم المتحدة وضرورة القيام بواجبهم بكل حيادية ونشرهم وتوثيقهم لكل اعمال القمع وما يجرى من انتهاكات لحقوق الانسان كونهم يشكلون النموذج الدولي لمهام اهم المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان على مستوى العالم وعدم ترك الامور بدون متابعة ومراقبة ورصد وتوثيق واتخاذ قرارات فاعلة وعقابية ضد من يخترق القانون الدولي وينكل بحرية الانسان وحقوقه وضرورة مواجهة العنصرية والكشف عن مرتكبيها.
ان تلك الاحتجاجات التي تتواصل في الولايات المتحدة قد اندلعت عقب مقتل المواطن الأميركي من أصول إفريقية جورج فلويد خنقا على يد شرطي ما أثار موجة غضب داخل أميركا وخارجها من أسلوب معاملة الشرطة للأميركيين من أصل إفريقي وكشفت هذه الوقائع زيف الادعاء بان الولايات المتحدة هي من يحمى حقوق الانسان ويحافظ على الكرامة الانسانية بل كشفت القناع بأنها أكثر دول العالم صخباً وضجيجاً بالحديث عن حقوق الإنسان وشعاراتها كما أنها الدولة الأكثر استخداما لورقة حقوق الإنسان في سياستها الخارجية إلا أنها على صعيد الممارسة الفعلية تعد الدولة الأخطر على مر التاريخ التي انتهكت وتنتهك حقوق الإنسان أما كل هذا الضجيج والصخب حول حقوق الإنسان لم يكن سوى ستارا وما أخفى خلفه نزعة التوسع والسيطرة وهكذا فان حقوق الإنسان كانت هي اللافتة التي اتخذتها ستارا لارتكاب أبشع ممارسات انتهاكات الإنسان في تاريخ البشرية.
0 comments:
إرسال تعليق