أما بعد ...
إننا أمام تجربة شعرية استهلتها ذات الحالة ( 2 ) بتوصيف للوضعية البدئية ، عبر حركة حدثية توترية ، تنذر باندلاع وشيك لآثار الدلالة ...( أورقي ) ... وتنهيها كذلك بحركة حدثية ، ناعمة وهادئة بعدما عاشت مخاض تجربتها عبر الانغماس في آثار الحدث الأسطوري الشبعادي.. ( أمسحي بمنديلك ...) ... فكيف تم تسريب الانتشار الدلالي أو بالأحرى الاشتغال السيميوزيسي ( 3 ) بين هاتين الحركتين ؟؟ !!
إن علاقة الشعر بالأسطورة ، في كثير من الإنتاجات الأدبية ، قائمة إما على التوظيف المباشر للتيمة الأسطورية ، أو على انزياح وتحويل خجولين ، وأحيانا على تعديل طفيف في مسارات الحدث ، كما تجلى ذلك في بعض قصائد السياب في مرحلته الشرية الأولى ( سربروس في بابل ) .. وعند الشاعر يوسف الخال في قصيدته ( السفر ) ، لأنه " من أكثر الشعراء المعاصرين ولعا بتكديس الرموز الأسطورية القديمة في شعره ، وعدم توفير المجال الحيوي اللازم لها في القصيدة " ( 4 ) .. بينما حاولت تجارب إبداعية أخرى امتصاص الحدث الأسطوري عبر عمق الرؤية ، وصدق التجربة ، كما هو شأن قصائد المرحلة الثانية من قصائد بدر شاكر السياب مع أسطورة عشتار وتموز وغيرهما ، ثم عند كل من صلاح عبد الصبور ، والبياتي ، ومحمود درويش ... وضمن هذا المسار تندرج تجربة الشاعرة المغربية رحيمة بلقاس في ديوانها الأخير ( رقص على عزف الغياب ) ، حيث استحالت الأسطورة السومرية " شبعاد " إلى رؤيا إنسانية ، بوصف هذه الأخيرة نوعا من الارتحال نحو اللاوعي الجمعي ، بعدما استبطنت الشاعرة جوهرها الإنساني ، فاختمرت أحداثها في دهاليز اللاوعي ، لتستحيل عبر مصفاة الذات ، رؤيا حلمية تخييلية ، تجربةً شعرية منفتحة على واقع الحياة ، مشكلة بذلك رؤى إنسانية ، تمتح نسغ وجودها من كشوفات واقع آسن ، توسلت الشاعرة بالبعد الجمالي ، لتحريك رواسب اللاوعي فيه ... بعدما عجز البعد المادي عن استئصال صور الوعي الزائف ، جراء رواسب التخلف والانبطاح ، التي هيمنت على علاقاته الإنسانية ...
معاناة إنسانية ، إذن ، انصهر فيها الذاتي بالوالموضوعي ، لمقاومة واقع قائم موبوء ... غدا مستنقعا لشتى الاحباطات ، واستفحال مظاهر الشطط في استغلال إنسانية الإنسان ، سواء على مستوى الغبن الاجتماعي و التفسخ الأخلاقي أو الاستيلاط السياسي بوصفها أوبئة أو قبائح تفسد التعايش الإنساني ... وذلك ما ستبوح به مسارات آثار الدلالة في هذه التجربة الشعرية طي قصيدتها " أيتهخا الجميلة " شبعاد " ... التي سأنطلق في التباوح معها عبرإحدى الفرضيات السيميائية ، التي لا تبحث عن الدلالة المكنونة ، بل تسعى إلى الكشف عن كيفية انبنائها ، عبر تنوع مسارات العلاقات ، التي ستنسجها العلامات ، وقد تجاوزت توظيفها الفني إلى انفساحها الجمالي ، بانفتاح الأكوان الدلالية على العمق الإنساني .. علامات تؤثثها حمولتَها الأبعاد التصويرية ، Les grandeures figuratives والإيقاعات المتناغمة ، والرؤى الإنسانية النبيلة ...خالقة بذلك طقوس رقصها الخاص على أنغام شجية .. لذاتٍ اكتوت بحرقة التسلط ، واستفزتها مظاهر التحبيك الاستغلالي للبراءة الإنسانية ...علامات حبلى غدت كينونة لتدفقات المشاعر الحارقة .. تنمو عبر رؤية أدبية ، توترية تشكل رحما لمسارات الدلالة .. كما سنرى .. تمتد على مستوى مساحتها الفضائية ، لكن في تصاد ، طبعا ، مع التجربة الكلية للديوان ..
فأين صدى " شبعاد " في هذه التجربة ؟ وأين آار التجربة في تعميقى مسارات أحداث هذه الأسطورة ؟
ــ العنوان :
يبدو أن تركيبة عنوان القصيدة / أيتها الجميلة شبعاد / تضمر تكثيفا توتريا حادا ألم بذات الحالة / الشاعرة ، اتجاه موضوع القيمة ، فتوسلت هذا الفضاء الأسطوري للبوح بمحنتها ، لا أقول الذاتية فقط ، بل الإنسانية خاصة ... لأن المساحة الشعرية المتعلقة بالذاتي ، ستمثلتها ، فقط ، الصورة الصوتية الأولى ، بينما مثلت باقي الصور البعد الإنساني فيها ..ولأن تركيبة العنوان شغلت مواقع حساسة ، سواء على مستوى الانتشار التركيبي والدلالي للقصيدة ، بوصفها نواة فاتحة لنمو الأحدات وللحالات والتحولات ، ، التي طالت ذات الحالة ، أو على مستوى الساحة الدلالية للديوان ككل ، باعتباره تجربة كبرى ... صورة كلية تناسلت تجارب صغرى ، منها هذه القصيدة ، تشكلُ سيميوزيسَها تلوينات طقوس الرقص وإيقاعات العزف الذي الديوان عامة ... عزف مصدره كينونة الغياب في تفاصيله السرية ... غياب لا يتم الإمساك به إلا عبر بوح الصور .. تدخه توتراتُ حالةِ ذاتٍ ، تواقة إلى واقع مأمول .. لذا كان حضور الصوت الأسطوري بكثافة ، وقصدية في هذه التركيبة ، مؤشرا على رغبة ملحة ، لذات الحالة في الإمساك بموضوع القيمة المفتقد .. عبر ثلاث علامات لمسمى واحدا ... :
أي / تها .../الجميلة / شبعاد /
فقد كان بالإمكان الاقتصار على اسم العلم " شبعاد " ، للإحالة على فضاء الأسطورة .. غير أن استحضار طقوس الأسطورة عبر هذا التكثيف الصوتي ، يشكل بؤرةَ الإشعاع الدلالي ، لكون تيم العنوان، تصدرت صور التجربة الأربعة .. طبعا ، إلى جانب صوت آخر " أيا " .. مما يؤشر على لهفة وإلحاح الذات في احتضان صوت الأسطورة ، بوصفه نمطا في الكينونة والوجود لممارسة الحياة ... إنه وجع الصوت مقابل صمت الواقع .. خالقا بذلك إيقاعا آخر لتوليد دلالة جنينية / القصيدة التجربة ، على إيقاعات صوتِ العزف وحركات الرقص / القيثارة الأسطورية ، مؤشراتٍ على عزف محزون ، لذات ترقص على أنغام واقع مغبون ...وهذا الانصهار الصوتي بين الأسطوري والشعري يخول لنا التماس تأويل مبدئي ..يجزئ التجربة إلى أربع صور صوتية ، باعتبار هذه الأخيرة طاقة جمالية وتخييلية ، نابعة من عمق التجربة ، ومولدة للرؤى الإنسانية ، عبر تشكيلها اللغوي ، الذي تنسجه بنية الخطاب ... :
الصورة الصوتية الأولى :
من : أيا أنتِ !......... إلى : بالثمار والأنغام .
الصورة الصوتية الثانية :
من : أيا أنتِ ! ....... إلى : ألوانها القزحية .
الصورة الصوتية الثالثة :
من : أيا أنتِ ! ..... إلى : في أدغال السواد .
الصورة الصوتية الرابعة :
من : أيتها الجميلة شبعاد ! ..... إلى آخر التجربة .
ــ توترات العزف والرقص :
1) الصورة الصوتية الأولى :
تنفتح مسارات الخطاب في الصورة الأولى ... على صوت الأنا ، مستدعيا المنادى الضمير :
أياأنتِ ! ..
دون توصيف له ، موقع يخوله احتلال بؤرة الإشعاع التركيبي و الدلالي .. لتوسطه العلائقي بين العنوان ومسار القصيدة ، موقع جعله لحمة تستمد مرجعيتها من ذاكرة الخطاب ، ( خطاب الذات ) ، لا من إحالة خارجية ... منبثقا عن العنوان وامتدادا له ... وفي الآن نفسه منفتحا على فعل حالةٍ وحركة :
أورقي ..
الذي يُصهر حدث التجربة الأسطورية في أتون تجربة الذاتي والإنساني .. لتستحيل تجربة ذاتية محضة ... وسيمثل الإوراق حدث تمويه ، بوصفه نواة المخاض لاندلاع التجربة .. بتحفيز من الحدث الأسطوري ، كما سنرى ، في الصورة الثانية ... لأن فعل / أورق / ( لسان العرب ) بوصفه علامة خطابية ، يمثل حركة نمو آلِمٍ ، يحيل على انبعاث لحالة اللاوعي التي اجتاحت ذات الحالة ، وقد تشربت حدث الأسطورة ، فاستحالت رؤيا شعرية ، لذات هدتها انكسارات الواقع ... ليتحول صوت الالتماس بوحا بآثار التجربة ، ومن ثمة ، تخلقت صورة التماهي بين حدث الأسطورة ، وحدث التجربة / القصيدة ، التي ستورق من دم ذات الحالة ، ليتوالى نزيف وتوليد الأحداث ، والحالات والتحولات ذاتيا ... لكن على إيقاع نغم أسطوري ، وحركات رقص لا تقل عنه أسطورية ، متناثرة ذررا دلالية ، تحكي محنة ذات جريحة في واقع كليل ... لتكتب مأساة واقعها بمداد دمها .. تقول :
أيا أنتِ !
أورقي في دمي كما الأشجار .
فاتحة بذلك كوة على ذاكرة اللاوعي الجمعي لقيم ماضيها... لأنها متمسكة بأصوله ، فمن لا ماضي له ، فلا حاضر ولا مستقبل له ...أناها الجمعية ( 5 ) ، التي مثل إنتاجها أسطورة القلب النابض بقيم الجمال في الإشعاع الإنساني ، المعرفي والكوني ...الذي أشع على الإنسانية عطاء وحبا وسلاما ... عكس هذا الواقع القائم الذي يرزح تحت وطأة التخلف و مظاهر التعنيف ... تقول :
واذكري يوم كان القلب
شجرة الغار
تدلت بالثمار والأنغام .
إنه صوت الذات ... إذا ، وهي تستعيد صور أحلامها المنسية أو المتناسية في دهاليز اللاوعي الجمعي ... لذلك فهي تحاول استمداد مصوغات الفعل ( 6 ) من حدث الأسطورة ، متوسلة البعد الجمالي في مواجهة مادية الواقع ...
2) صوت الصورة الثانية :
غير أن موقع صوت ضمير المخاطبة في هذه الصورة ، سيتلوه توصيف يمنحه تحولا في الرؤيا ، وفي هوية المخاطب .. عكس وضعيتها السابقة ، خالقا ، بذلك ، نوعا من التماهي بين " أنتِ " التجربة و " أنتِ " الأسطورة .... تقول :
أيا أنتِ !
أيتها الجميلة شبعاد !
إننا ، هنا ، أمام شعباد التجربة .. لكن على إيقاع شبعاد الأسطورة .. على رنين أوتار قيثارتها الذهبية الذاتية ، التي ستستمد منها ذات الحالة قدرة العزف على إيقاعات شعرية راقية ، تستلهم منها هوية الانتماء إلى واقع أسطوري امتزج فيه السحر بالخيال ، والنغم بالرقص ، علها تمتلك آلتها السحرية لتحوز بذلك مصوغات البوح الجمالي ، قصد محو آثار القبح القيمي والمادي لواقع مهزوم ، هيمنت عليه سلطة الماديات ... تقول :
اِعزفيني على أوتار قيثارتك الذهبية
نغم مسرات لا تباد
زلزلي صمت العيون السجية
إنه عزف سيتولد عن رقص حزين ، على إيقاع حركات ليل كليلٍ... كليلِ امرئ القيس ، ينتجه غياب أحلام موؤودة في زمن الغبن والاستغلال الإنساني ... تقول :
ورقصي على سمونية
هذا الليل الشجي
ليل الأحلام المؤجلة ، جراء واقع امتلأ زيفا وتصنعا ... إنها حالة رقص روحي يحرك شعور حاد بالانتماء الإنساني .. لإعادة صياغة الذات ، واستعادة للهوية ، عبر خلخلة أشباح الوعي القائم ، الذي يجثو تحت وطأة صمت رهيب ، بتحريك إيقاعات اللاوعي الجمالي ... مؤشر ذلك صورة " الليل " الأسطورية بوصفه نمطا( 7 ) يضئ عتماتِه وخزُ الذكرى ، القابعة في اللاوعي الجمعي .. لأن الصمت الأسطوري الذي يخيم على والوقع القائم ، لا يكشف عنه القناع سوى الصوت الأسطوري الشبعادي ... صوت جمال الأنغام ، وسحر الحركات .. الذي يمنح الحياة مسراتها ، ويعيد للكون رونقه ، بما تمتلكه شبعاد التجربة من قدرة على الفعل في الواقع ، بعد مع عجز الفعل المادي على تغيير طبائعه نحو الأفضل ... إنها لحظة استنفار للحواس من أجل استفاقة اللاوعي .. الذي رانت عليه ترسبات وعي مهزوم ... تقول :
الموقظ لذاكرة الظلال
المخضبة بالصمت الأسطوري
مؤشر ذلك مصوغات الفعل الأسطوري التي تمتلكها شبعاد ( اعزفي .. ارقصي .. أعيدي ) .. ففي هذه الصورة تنمو الدلالة على أيقاع تشخيصي ، لمظاهر القدرات والمعارف الاتي يمتلكها حد الأسطورة / شبعاد .. مظاهر ستمل على استحداث تشكيل جمالي قيمي للواقع القائم ، تحقيقا لحلم ذات الحالة.. تنعم فيه الإنسانية بحياة أفضل .. تقول :
أعيدي للكون الظامئ للحرية
أغانيه القدسية
لتقام الطقوس المخملية
ويعود لليل أحلامه ( .. )
كما ستخول لذات الحالة وسيلةَ الكشف عن مظاهر قيم القبح المعنوي والمادي ، ومستنقعات الخبث التي تنخر الواقع القائم .. وذلك ما سيؤشر عليه صوت الثالثة .
3) صوت الصورة الثالثة :
هنا ... ستتولى ذات الحالة ، تحريك مسارات الحدث، على أنغام قيثارة سومرية ،لا ذهبية .. وتوصيف النداء ، هنا ، يؤشر على تحول جديد في الرؤيا .. سفر إلى الزمن السومري .. حيث ستحوز ذات الحالة مصوغات الفعل .. مؤول ذلك ، حدوث تحول في هوية آلة العزف التي كانت ذهبية ، فأصبحت سومرية ، انتقال إلى الانتماء الجماعي .. تقول :
أيا أنتِ !
أيتها الجميلة شبعاد !
شدي على أوتار القيثارة السومرية
واغزلي الألحان
من جدائل الشمس الفضية
لأن ذات الحالة ، وقد حازت مصوغات الفعل ، ستباشر إنجاز الفعل بنفسها ، أحلامها بواقع ممكن ، تسود علاقاته قيم الجمال ، والأمن والسلام ، على إيقاع قيم الحرية والتحرر ، مؤول ذلك حركة الشمس السابحة في فضاء حر طليق .. فضاء تنعم فيه والإنسانية بحرية الحركة ، ليست المادية وحسب ، ولكن الوجدانية والفكرية والتعبيرية أيضا... على أنغام أصوات التحرر الطبيعي ، المتمثلة في حركة العصافير والنوارس وفي امتدادات المدى البحري ... تقول :
ودعيني أشتري من العصافير
أغانيها الوائمة
ومن البحر نوارسه الحالمة
دعيني أحلق بلا أجنحة
لأغلق شقوق بحر هادر
ينذر بالأوبئة
صورة البحر ، بوصفه يمثل هوية في التحول الاجتماعي... آلفت بين هويتين متناقضتين ، وذلك تبعا لتحولات الرؤيا الشعرية ... :
هوية بحر النوارس / الواقع الممكن
هوية بحر الأوبئة / الواقع القائم
تارة بوصفه حاضن لرؤى الجمال والتحرر ، صورة للواقع الممكن / موضوع القيمة ... وأخرى بوصفه فضاء آسن تجثم عليه قيم القبح المادي بمختلف أشكاله ... صورة للواقع القائم ..
فبقيم الأناقة والجمال المحركة لتوترات الإحساس الرهيف ، والمحبة الصادقة ، ستصنع ذات الحالة صورة واقعها الممكن .. قيم تستحيل رؤى شعرية ، تحرك الراكد في قلوب ران على واقعها صمت أسطوري ، ووعي زائف ... صمت الخنوع والخضوع .. واقع فقدت فيه الإنسانية طعم الإحساس بمعاني الحرية والقيم النبيلة .. حالمةً بزمن تتغير فيه وطأت الزمن الشقي ... تقول :
أيتها الجميلة شبعاد !
أبسطى أناقتك على شعاب الفؤاد
لأورض الرياح
وأقود سفينتي للأمان ( ... )
4) الصورة الصوتية الرابعة :
في هذه الصورة تتمسك ، ذات الحالة بفعالية قيم الجمال ، وآثارها السحرية في التغيير السلمي ، الناعم للواقع القائم ، بدل اللجوء إلى وسائل العنف والشدة ... مؤول ذلك ، توسلها لشبعاد رمز الجمال والسحر ، في تولي حركة فعل التحول ، مما يعني ضمنيا ، قوة التأثير السحري للشعر / القصيدة في التهذيب والتوجيه ... وتغيير نمط الحياة ... موظفة علامات تتسم بالرقة والليونة والإيقاع السلس... تقول :
أيتها الجميلة شبعاد !
أمسحي بمندلك السحري
عتمات الأرواح
لتزهر الغيمات
على أجساد الثرى
بسنابل المنى
وتمطر الشمس بالنجوم
نجمة
نجمة
وضياء
ف
ض
ي
ا
ء
حلم إنساني نبيل ، يأمل في انبعاث واقع ممكن ، تتكسر فيه رواسب المادة ، التي رانت على الأرواح ، حتى يستفيق اللاوعي الجمعي القيمي ، لمحو آثار وعي فردي زائف .. حجب فعل الرؤية الروحية في الواقع .. رؤية تهفو نحو مستقبل تنعم فيه الإنسانية بدفء الحرية ...
إنها تجربة شعرية شكلت نموَّ مسارَ الدلالة / السيميوزيس / البنيةُ التكوينية التالية .( 8 ) .
الواقع القائم الواقع الممكن
القبح الجمال
اللاجمال اللاقبح
حيث أوَّلت الصورة الصوتية الأولى والثانية ، هوية الواقع القائم ، الذي خيمت فيه قيم القبح والخبث الإنساني .. بينما، حاولت ذات الحالة عبر الصورة الصوتية الثالثة ، تصوير أحلامها ، قصد المرور من حالة القبح إلى حالة اللاقبح ، حيث الحرية والكرامة الإنسانية ..الذي يقتضي ، طبعا ، فضاء جماليا ، يمثل صورة لهوية الواقع الممكن ، موضوع القيمة البديل ..حيث جمال العلاقات الإنسانية .. .. والتعايش السلمي في أحضان الخصب والعطاء...يبشر بمستقبل مشرق ... وذلك ماجسدهت الصورة الصوتية الرابعة ...
فرغم أن صدى الأسطورة قد اشتغل خلفية مرجيعة لهذه القصيدة .. غير أن المتلقي لها ، سيتملكه إحساس عميق بشاعرية التجربة / العزف ، وبصدق التعبير فيها/ الرقص ....لأن الشاعرة تعاملت معها بإحساس أنساني رهيف ، عمل على إذابة البعد الفكري في الوجداني ...
إحالات :
1) رقص على عزف الغياب : رحيمة بلقاس . الطبعة الأولى . 2020 .منشورات جمعية عالم مبدعات المغرب .
2) ــ La sémiosis et son monde :Elisio Veron . in langages , 14e Année. n/58, 1980…pp :61 /74
3) الشعر العربي المعاصر ... : د.عز الدين إسماعيل . الطبعة. الثالثة .دار الفكر العربي . ص : 213
4) La sémiotique discurcive une analyse de la signification et des fonctionnements : lois panier- sémiotique :fiche de présentation – 2009 .
5) مجلة الآداب : أ. د . الربعي بن سلامة . المنهج الأسطوري بين النظرية والتطبيق : العدد .14 ص 13
6) Pour une théorie des modalités : A .J.Greimas . Langage Année . 1976. N.43 . PP : 90-107.
7) . مجلة الآداب : مرجع سابق... ص : 14 .
8) Carré sémiotique Darrault Ivan. A.-J., Greimas, Maupassant, la sémiotique du texte : exercices pratiques, 1976. In: Pratiques : linguistique,
littérature, didactique, n°11-12, 1976. Récit 1. pp. 197-201;
0 comments:
إرسال تعليق