على ضفاف الأيام، صدر نهاية العام 2019 عن مكتبة كل شيء في حيفا.
وهو ديوان الشعر الأول للشاعرة الفلسطينية نائلة أبو طاحون.
صاغت الشاعرة عواطفها بايقاع متناغم، ولغة شعرية تكللت بالإبداع. ألفاظ قوية جادت بما يعتمل في صدرها، ويجيش في ثنايا ضلوعها، بأسلوب يشد القارئ، ويشحذه بطاقة من الجمال.
بعدما تنتهي من قراءة كل قصيدة يتعالى صوت بداخلك، يربطك بالحياة، تشعر بهمس الشاعرة يلازمك، تنتهي أبيات القصيدة، ولا ينتهي همس القصيدة، هو اللحن الشجي الذي يعلق في خاطرك، لم تبالغ في الحزن رفقا بالقارئ من تداعي حرفها المؤثر .
تبدأ بقافية الغياب ، صور من الآسى على فراق الأم، نغم حزين، كتب الحزن بالدموع لا بالمداد، بيت الشعر يقع في القلب والروح، وما الحسرة إلا لهفة الحزن التي تناجي الشمس؛ لتنير ظلمة قبرها، وترفق بترابه وتعطره، تتداخل صور الأسى لإِتْرَاعُ القَلْبِ بِالأحْزَانِ
لهفي عليكِ وأنتِ طُعم للثّرى ... والموتُ كأسٌ مترعُ الأورادِ
يا قبرها والشمس تلفح الدجى ... هلّا أنرتَ بنوركَ الوقّادِ
هلّا ألنتَ التّرابَ تحتَ وسادها ... ونثرتَ عطرَ الوردِ في الألحادِ
وظفت الشاعرة الخرافة والأساطير " طائر الرعد، والعنقاء " ضمن أبيات قصائدها العامودية، وعنونت إحدى القصائد في الجزء الثاني من الديوان بـ "عنقاء فلسطين" ليكون الفلسطيني هو طائر العنقاء الذي لا يموت
سأتي يومهم حتمًا
وفيهِ أذيقهم عصفي
كعنقاءٍ.
سأصرخ.. من رماد الموت محتجّا
على موتي
واستخدمت التناص الديني "يا صاحبيّ السجّن" لتحضر في قصيدتها النصوص القرآنية في " توأمة"
يا صاحبيّ السّجنَ إن غادرتما ... مُرّا على حبّ يُغرّدُ أوحدا
هذا فؤادي قدّماهُ هديّةً .. واستوثقا منّي العهودَ وأكّدا
هامت الشاعرة بجمال الطبيعة بشقيها الصامتة والصائتة ، استخدمت صور حسية متنوعة ، فها هو الخرير العذب والحان النهر، وأفنان الزهر، والربيع النضر ، أشعار اقرب إلى أشعار البحتري والشعر الأندلسي ، واندمجت عاطفيا مع الطبيعة
أسقني مزن الغياب وخلتني ... جفّت زهوري من معينِ جفاكا
خذني لنهرٍ فيه تُطفيء مهجتي ... جَمر النوى أو أرتوي بنداكا
وما جمال الطبيعة إلا تمجيدا لجمال الوطن وتخليدا لمحاسنه ، الوطن الذي شغف قلبها واغنى قريحتها عبرت عن هذا الشغف شعراً
هذي دماءٌ بأرض القدسِ نازفةٌ ... فما غضبتم ولا ضاقت بكم فسحُ
تبكي القبابُ وأجرسٌ لها انتفضت ... صمت مسامعكم ، غذّت بما نضحوا
تكرار الغياب في القصائد يُظهر إحساسا عاليا، وألما دفينا، وجرح لا يبرأ
وهناك جدّي قد دفن
بقرب مثواه الأخير تطاولت زيتونة
حتى سمت
هل من رفاتٍ أينعت
ام روح جدّي عاندت
وعلى الغياب تمردت؟!
في قصيدة "على شطآن يافا يا أحبّائي" تحاكي قصيدة الشاعرة فدوى طوقان:
على شطآن يافا يا أحبّائي
زرعت الورد صنت العهد
والتاريخ كم قلنا
هنا كنا
هنا سنكون
فلتشهد
ممّا يذكر أنّ الكاتبة نائلة أبو طاحون، تكتب القصيدة الموزونة، والقصّة القصيرة، وسيصدر لها قريبا رواية.
0 comments:
إرسال تعليق